التفريغ
كم من نفوس قد تقطعت؟ كم من قوافل قد شردت؟ كم من اناس كانوا يتمنون رؤيته في ذلك كل مستطاع. ومع ذلك انقطعوا دونه. واخبار الكثيرين منهم مسطورة محفوظة من - 00:00:00ضَ
من وصل ولكن بشق الانفس. ومنهم من لم يصل وكثيرون الله هو الذي يعلمهم وحده. لقد دونت اخبار بعض هؤلاء ايها الاحبة واخبارهم في ذلك كثيرة. فمن ذلك خبر شيخ منهم - 00:00:20ضَ
قبل نحو خمسين سنة وهو رجل معروف في البلاد الافريقية الغربية وهو الشيخ عثمان دابو من بلاد جامد في اقصى الغرب الافريقي. تحدث مع بعض اصحابه عن حج بيت الله الحرام. وكيف ان الله - 00:00:40ضَ
عز وجل قد عافاهم ثم هم لا يجيبون دعوة ابراهيم صلى الله عليه وسلم. فخرج مع اربعة من صحبه يمشون على الاقدام لا يركبون الا في فترات يسيرة متقطعة على بعض الدواب - 00:01:00ضَ
حتى وصلوا الى البحر الاحمر ثم ركبوا سفينة الى ميناء جدة. استمرت رحلتهم ايها الاحبة مدتان تقرب من السنتين في الطريق الى مكة دون العودة. ينزلون احيانا في بعض المدن - 00:01:20ضَ
يتكسبون ويتروحون ويتزودون لنفقات رحلتهم ثم يواصلون المسير. خرج هؤلاء من دورهم ليس معهم من القوت الا ما يكفيهم لمدة اسبوع واحد واصابهم في طريقهم من المشقات والضيق والكروب ما الله به عليم كما يحدث عن نفسه. فكم من ليلة باتوا فيها على الجوع حتى كادوا يهلكون - 00:01:40ضَ
وكم من ليلة طاردتهم فيها السباع وفارقهم لذيذ المنام. وكم من ليلة احاط بهم الخوف من كل مكان فقطاع الطرق يعرضون للمسافرين في كل واد ومحل يقول لدغت ذات ليلة في اثناء - 00:02:10ضَ
السفر فاصابتني حمى شديدة والم عظيم اقعدني واسهرني وشممت رائحة الموت تسري في عروقي فكان اصحابي يذهبون للعمل وكنت امكث تحت ظل شجرة الى ان يأتوا في اخر النهار. يقول فكان الشيطان يوسوس في صدري - 00:02:30ضَ
اما كان الاولى ان تبقى في ارضك؟ لماذا تتكلف هذا العناء؟ والله لم يفرض عليك هذا الحج. يقول نفسي وكدت ان اضعف فلما جاء اصحابي نظر احدهم الى وجهي وسألني عن حالي فالتفت - 00:02:50ضَ
ومسحت دمعة غلبتني فكأنه احس ما بي فقال قم فتوضأ وصلي ركعتين يقول فقمت فشرح الله صدري وقوى قلبي ايها الاحبة مات ثلاثة منهم في الطريق كان اخرهم موتى مات في لجج البحر الاحمر. يقول الشيخ لما مات صاحبنا الثالث نزلني هم شديد وغم عظيم - 00:03:10ضَ
وخشيت ان اموت قبل ان انعم بالوصول الى المسجد الحرام. فكنت احسب الايام والساعات على احر من الجمر. فلما وصلنا الى جدة مرضت مرضا شديدا وخشيت ان اموت قبل ان اصل الى مكة. فاوصيت اصحابي انني اذا مت - 00:03:39ضَ
ان يكفنوني في احرامي ويقربوني قدر الطاقة الى مكة لعل الله ان يضاعف لي الاجر وان يتقبلني في صالحين يقول بقينا في جدة اياما ثم واصلنا الطريق الى مكة كانت انفاسي تتسارع والبشر يملأ وجهي - 00:03:59ضَ
يهزني ويشدني الى ان وصلنا الى بيت الله الحرام. ثم سكت وهو يحدث صاحبه ويحكي له ما جرى وجعل يكفكف دموعه ثم اقسم انه لم يرى لذة في حياته كتلك اللذة التي عمرت قلبه - 00:04:19ضَ
لما رأى الكعبة المشرفة يقول لما رأيت الكعبة سجدت شكرا لله واخذت ابكي من شدة الرهبة والهيبة كما يبكي الاطفال هذه صورة من صور المعاناة - 00:04:39ضَ