التفريغ
أَليسَ مِنَ الإنصافِ أنْ نعترفَ بِأنَّ المنهجَ المادّيِّ - 00:00:00ضَ
-وإنْ كانَ يستثنِي وُجودَ اللهِ مِن تفسيرِ الكونِ والحياةِ- - 00:00:04ضَ
إلّا أنّهُ حقَّقَ لِلبشريّةِ نفعًا كبيرًا مِنْ خِلالِ العلمُ التجريبيُّ - 00:00:07ضَ
والاكتشافاتِ المتنوّعةِ؟ - 00:00:12ضَ
إذا كانَ كذلكَ، فَهَلْ حاجتُنا لِلإقرارِ بوجودِ الخالقِ هيَ إذنْ ببساطةٍ - 00:00:14ضَ
لإشباعِ حاجاتِنا الروحيّةِ، وتنظيمِ علاقاتِنا الاجتماعيّةِ، وإصلاحِ آخرتِنا؟ - 00:00:20ضَ
إذا أَثبتْنَا أنَّ أكثرَ العلماءِ في زمانٍ ما مادّيّونَ في تفسيراتِهِم، - 00:00:27ضَ
ألا يدلُّ ذلكَ على أنَّ الإقرارَ بوجودِ خالقٍ للكونِ - 00:00:32ضَ
لا يَلزَمُنا لتحقيقِ التقدّمِ في العلومِ والاكتشافاتِ؟ - 00:00:35ضَ
بَلْ ألَمْ يَتقدّمِ الغربيّونَ بعدَ أنْ حَجَّموا الدِينَ في حياتهِم؟ - 00:00:41ضَ
مما يَدُلُّ على أنَّ الدِينَ بشكلٍ عامٍ يُعيقُ التقدّمَ في العلومِ. - 00:00:45ضَ
أمْ أنَّ هُناكَ خَللًا جَوهريًّا في هذِه الأفكارِ كُلِّها، بِكذبةٍ كبيرةٍ تَشرَّبْناها ونحنُ لا نَشعرُ؟ - 00:00:50ضَ
هذِه الأسئلةُ وغيرُها الكثيرُ، نُجيبُ عَنها في هذِه الحلقةِ، فتابِعوا مَعَنا. - 00:01:00ضَ
السّلامُ عليكمْ. - 00:01:11ضَ
جالسونَ في أمانِ الله، فإذا بِنا نَسمعُ ضَجيجًا، تَوجَّهنا نحوَ مَصدرِ الضجيجِ، فرأينَا هذا المشهدَ: - 00:01:13ضَ
ولدٌ جميلٌ اسمُهُ العلم التجريبي، وجهُهُ ملطّخٌ بالسّوادِ. - 00:01:19ضَ
يُمسِكُ بِهِ شخصٌ مقنَّعٌ يُريدُ أنْ يَهرُبَ بهِ، - 00:01:24ضَ
ويَدَّعي أنَّهُ أبو الولدِ، وشخصٌ آخرَ يَتَّهمُ المقنَّعَ بأنَّهُ اِختطفَ الولدَ مِنْه. - 00:01:27ضَ
استمعْنَا لكلٍّ منهُما، أَحسَسْنَا أنَّ صوتَ المقنَّعِ مألوفٌ لَدَينا لكنَّنَا لَمْ نَعرفْ بدايةً مَن هُوَ. - 00:01:33ضَ
في هذِهِ الحلقةِ نُجري فُحوصاتِنا لتصحيحِ النَّسبِ - 00:01:41ضَ
لنُسلِّمَ الولدَ إلى أبيهِ الحقيقيِّ، ونُسقطَ القناعَ عَنِ المقنَّعِ، ونَتعرّفَ على هُويَّتِه. - 00:01:45ضَ
تعالَوْا نُجر فحصَ (بالإنجليزيّة) الحمضِ النوويِّ لنَعرفَ الصَّادقَ مِن الكاذبِ. - 00:01:52ضَ
إذاً هُما مُدَّعيانِ لأبوّةِ العلم التجريبي. - 00:01:56ضَ
الأوّلُ اسمُه (المنهجُ المُقِرُّ بالخالِقيَّة) - 00:01:58ضَ
المنهجُ الذِي يَعترفُ بأنّهُ لا بُدَّ لِهذا الكونِ والحياةِ مِن خالقٍ يَحتاجُ إليهِ كُلُّ شيءٍ، - 00:02:02ضَ
وهوَ غيرُ مُحتاجٍ إلى غيرِهِ. - 00:02:08ضَ
أَخذْنا عَيِّنةً مِن منهجِ الخالقيِّة فوَجدْنا المعرفةَ فيهِ مُعتمدةً على أربعِ قواعدٍ - 00:02:11ضَ
مِثلَ القواعدِ النيتروجينيّةِ في المادّةِ الوراثيّةِ. - 00:02:17ضَ
هذِه القواعدُ هي: الفِطرةُ، والعَقلُ، والخَبرُ، والِحسُّ. - 00:02:20ضَ
فمنهجُ الخالقيِّة يُفسِّر الكونَ والحياةَ تفسيراتٍ تَنبني على هذِه القواعدِ الأربعةِ، - 00:02:25ضَ
وهذِه التفسيراتُ تَشملُ فيما تشملُهُ غيبيَّاتٍ دَلَّ تفاعلُ هذِه القواعدَ على صحّتِها. - 00:02:30ضَ
التَفتْنا إلى المقنَّع، قَبلَ أنْ نفحصَ مادّتَه الوراثيّةِ. سألناهُ: مَن أنتَ؟ - 00:02:37ضَ
قالَ: أنا اسمي المنهجُ المادِّيُّ (بالإنجليزيّة) المنهجُ المادّيُّ، - 00:02:43ضَ
ويُطلقونَ عليَّ أحيانًا اسمَ المنهجِ الطَبيعي (بالإنجليزيّة) المنهجِ الطبيعيِّ. - 00:02:47ضَ
ماذا يعني مادّيٌّ أو الطبيعي؟ - 00:02:51ضَ
قالَ: يَعني أني لا أَعترفُ بِغيرِ المحسوساتِ في تفسيرِ الكونِ والحياةِ. - 00:02:54ضَ
بَلْ أرُدُّ كُلَّ شيءٍ إلى المادّةِ، وأُفسِّرُ الكونَ والحياةَ على أساسِهَا دونَ غيرِهَا. - 00:02:59ضَ
وبفضلِ ذلكَ استطعتُ أنْ أُنجبَ اِبني هَذا العلمَ التجريبي، - 00:03:06ضَ
لذلكَ تستطيعُ أَنْ تقولَ أنَّني أبو العلمَ التجريبي أَوْ أُمُّه كما يقولُ "Manbendra N. Roy" مَانبِندرا رُويْ: - 00:03:10ضَ
"المفهومُ المادّيُّ عَن منشَأِ وتطوّرِ الكونِ هوَ أُمُّ العلمَ التجريبي." - 00:03:15ضَ
لحظة! لا تعترفُ بالغيبيَّاتِ! إذن هل أنتَ الإلحادُ؟ - 00:03:20ضَ
قالَ: لا، من الإلحادُ! - 00:03:25ضَ
أنا لا علاقةَ لِي بالإلحادِ، ولا علاقةَ لِي بالصّراعِ الدّائرِ بينَ الدِّينِ والإلحادِ، - 00:03:27ضَ
بَلْ سَأُحاكمُ كُلَّ شيءٍ بموضوعيَّةٍ، الإلحاد مَوقفٌ عَقَدِيٌّ مٌسبَقٌ، أمَّا أنا فَليسَ عِندي مواقفُ مسبقةٌ. - 00:03:32ضَ
لكنَّكَ قُلتَ أنَّك تَنطلقُ مِن عَدمِ الاعترافِ بالغيبِ، أَليسَ هذا مَوقِفًا عَقَدِيًّا؟ - 00:03:41ضَ
قال لَنَا: لا لا، أنا استثنيتُ الغيبَ لأنَّ هذا ما دَلَّني عليهِ العلمَ التجريبي، - 00:03:48ضَ
العلمَ التجريبي أَثبتَ لِي أنَّه لا داعيَ للغيبِ. - 00:03:53ضَ
يا رَجُل! أنتَ قُلتَ أنَّكَ أَنجبتَ العلمَ التجريبي لَمَّا استثنيتَ الغيبَ مِنْ تفسيرِ الكونِ والحياةِ، - 00:03:57ضَ
والآنَ تقولُ أنَّكَ استثنيتَ الغيبَ لأنَّ هذَا ما دَلَّكَ عَليهِ العلمَ التجريبي. - 00:04:02ضَ
إذن تعال نَفْهمْ، العلمَ التجريبي أمُقدِّمةٌ هو أَم نتيجةٌ؟ - 00:04:07ضَ
أهو ناتجٌ عنِ استثناءِ الغيبياتِ أَم أَنتَجَ هذا الاستثناءَ؟ أهو الأبُ وأنتَ الابنُ أَمِ العكسُ؟ - 00:04:11ضَ
قالً المقنّعُ: بَلْ أنا والعلم التجريبي شيءٌ واحدٌ، - 00:04:18ضَ
كما في قَناعةِ كثيرٍ مِنَ العلماءِ. - 00:04:21ضَ
يَبدو أنَّنا أمامَ ثالوثٍ آخرَ... - 00:04:24ضَ
أنتَ الأبُ، والسَّيَنْسْ الإبنُ، والعكسُ، وكِلاكُما شيءٌ واحدٌ. - 00:04:26ضَ
ألا تُلاحظُ أيُّها المقنَّعُ ارتباكَكَ في تحديدِ علاقتكَ بالعلم التجريبي؟ - 00:04:30ضَ
قالَ لنَا المقنَّعُ: بإمكانِكَ أنْ تقولَ أنِّي والعلمَ التجريبي أُصولُنا مُشترَكة، - 00:04:35ضَ
أَدورُ معَ العلمِ التجريبي حيثُ دارَ، - 00:04:41ضَ
وإذا العلم التجريبي دَلَّني على شيءٍ جديدٍ، فسأقبلُه مَهما كانَ - 00:04:42ضَ
كما في هذِه الورقةِ الحديثةِ في 2018 بعنوانِ (طبيعيَّة العلم التجريبي) - 00:04:47ضَ
ألا أحكامَ مسبقةٌ؟ قالَ: نَعم! - 00:04:54ضَ
مُستعدٌّ تُغيِّرَ بحسبِ ما يَدُلُّك عليهِ العلم التجريبي؟ - 00:04:56ضَ
قالَ: نَعم! - 00:04:59ضَ
مُتأكّدٌ؟ قالَ: طبعًا! ولذلك يُسمّونَني: (بالإنجليزيّة) المادِّيّةُ العِلميَّةُ التجريبيّةُ، - 00:05:00ضَ
فأنا والعلم التجريبي شيءٌ واحدٌ. - 00:05:08ضَ
قالَ لنا المقنَّعُ ليُظهِرَ حِياديَّتهُ وتَجرُّدَهُ: ليسَت مَهمّتي إنكارَ أو إثباتَ وجودِ إلَه، - 00:05:11ضَ
هذا الموضوعُ لا يَعنيني لأنه لا يُسمح للعلم التجريبي أنْ يَأخذَ هذا الموضوعَ بِعينِ الاعتبارِ أصلًا، - 00:05:17ضَ
كما قالَ الدّكتور تود "Scott C. Todd" في مجلّةِ نِيتشر "Nature". - 00:05:22ضَ
المهمُّ أنَّي لا أقرُّ بالخالقيَّةِ، - 00:05:25ضَ
لا أُقرُّ بأنَّه لا بُدَّ مِن خالقٍ خَلَقَ الكونَ والحياةَ، قيُّومٍ على خَلقِه يُدبِّر أَمْرَهُم، - 00:05:27ضَ
بَلْ أنا سَأعطيكُم تفسيرًا مستقلًّا للكونِ والحياةِ، - 00:05:33ضَ
كما رَأينا في كلامِ الدّكتور فرانكلين هارولد "Franklin M. Harold" حينَ قالَ: - 00:05:36ضَ
"دَعُوني أُبيِّنُ بشكلٍ لا غموضَ فيهِ أنَّني مِثلَ الغالبيِّة العُظمى مِن العلماءِ المعاصرينَ - 00:05:39ضَ
أرى العالَم الحيَّ مُنتَجًا بشكلٍ حَصريٍّ مِن أسبابٍ طبيعيّةٍ". - 00:05:46ضَ
قالَ المقنَّعُ: سأعطيكم تفسيرًا مُبَرهنًا كما لا يستطيعُ غيري، وذلكَ مِن خِلالِ وَلدي العلمِ التجريبي، - 00:05:52ضَ
وبَعد ذلكَ إذا أردتَ أنْ تلجأَ إلى الدّينِ لإشباعِ حاجاتِكَ النّفسيّةِ وما تُسمّيهِ الرّوحيّةِ، فأنتَ حرٌّ. - 00:05:59ضَ
علمًا بأنَّني في طريقِ حلِّ - 00:06:06ضَ
المشاكلِ بِما فيها النفسيّةِ - 00:06:08ضَ
مِن خلالِ التحكّمِ في بَيو-كيميائيّةِ الدّماغِ. - 00:06:10ضَ
هل ستُعطينا أيُّها المقنَّعُ تفسيرًا مستقلًّا لا يَحتاجُ إلى وجودِ خالقٍ؟ نعم! أكيدٌ؟ طبعًا! - 00:06:14ضَ
المقنَّعُ لم يكُن يَعلمُ أنَّنا نسجِّلُ لهُ هذِه التصريحاتِ والوعودِ. - 00:06:22ضَ
تذكَّروها جيدًا -إخواني-، سنأتي عَليها واحدةً واحدةً. - 00:06:26ضَ
مِثلما فَعلنا معَ منهجِ الخالقيَّةِ حينَ أَخذنا عيّنةً فوجدناهُ يقومُ على أربعِ قواعدٍ، - 00:06:31ضَ
أَخذنا عيّنةً مِن المقنَّعِ، فَحَصناها لِنَرى قُدرتُه على الإنجابِ، وتَفاجأنا بِما رَأينا. - 00:06:37ضَ
أوّلًا: استثناءُ الغيبِ أدَّى إلى استثناءِ الفطرةِ؛ عَدَمِ الاعترافِ بِها أو الطّعنِ في موثوقِيَّتِها، - 00:06:44ضَ
لأنَّ وجودَ فطرةٍ موثوقةٍ يعني وجودَ خالقٍ كامِلِ الصّفاتِ فَطَرَ النّاسَ عَليها، - 00:06:51ضَ
كما بيَّنَّا في الحلقةِ الخامسةِ، وهذا غيبٌ لا يَعترِفُ المقنَّعُ بِه، - 00:06:56ضَ
وبِهذا فَقدنا في عيِّنةِ المقنَّعِ -أي المنهجَ المادِّيَّ- - 00:07:01ضَ
العنصرَ الأوّلَ الموجودَ في منهجِ الخالقيَّةِ، ألا وَهو الفطرةُ. - 00:07:04ضَ
ثانيًا: الفطرةُ هي الأساسُ للبَدَهيَّاتِ العقليَّةِ كالتّسليمِ بأنَّ لكلِّ شيءٍ حادثٍ سببًا. - 00:07:09ضَ
هذه البدهيَّاتُ هيَ التي نَبني مِنها عادةً الدّليلَ العقليَّ في مُناقشاتِنا حينَ ننطلقُ مِن بَدَهِيَّاتٍ - 00:07:15ضَ
وصولًا إلى استنتاجاتٍ عقليّةٍ. - 00:07:24ضَ
لا فِطرة؟ إذًا لا بَدَهِيَّاتٍ عقليَّةً كَحقٍّ مطلقٍ، وهذا يهدمُ الدّليلَ العقليَّ. - 00:07:26ضَ
كذلكَ -وكما رَأينا مِرارًا- عندما حاولَتِ الماديَّةُ أنْ تَسُدَّ فجوةَ الغيبِ الذي أنكرَتْه، - 00:07:32ضَ
جاءَتْ بخرافاتٍ مصادِمةٍ لأبسطِ البدهيَّاتِ والمسلَّماتِ التي يتّفقُ عليها العقلاءُ، - 00:07:38ضَ
فحاولَتْ إقناعَ النّاسِ أنَّ العيبَ ليس في خُرافاتِها - 00:07:44ضَ
بَلْ في عقولهِم وما يَعتبرونَه هُمْ بدهيَّاتٍ - 00:07:48ضَ
كما فعل ريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" ولورنس كراوس "Lawrence Krauss" في جلستِهما - 00:07:51ضَ
التي يُبرّرانِ فيها فكرةَ نشوءِ الكونِ تلقائيًّا مِن لاشيءٍ. يقول دوكينز: - 00:07:55ضَ
هذا يعارض بالفعل (بالإنجليزية) المنطق السليم - 00:08:00ضَ
لكن كما قلت سابقا، لا يمكنك الاعتماد على المنطق السليم؛ - 00:08:03ضَ
لو كان بإمكانك فعل الأشياء بالمنطق السليم لما احتجنا الفيزيائين - 00:08:07ضَ
إذن، يُقلّلونَ مِن شأنِ (بالانجليزية) المنطق السليم - 00:08:10ضَ
وهوَ مصطلحٌ ليسَ لهُ تعريفٌ منضبطٌ متّفقٌ عليهِ، - 00:08:13ضَ
لكنَّه يأتي في سياقاتٍ بِمعنى المسلَّماتِ، ما يَتّفقُ عليهِ العقلاءُ. - 00:08:16ضَ
فيقولُ لكَ دوكينز عَن نشأةِ الكونِ تلقائيًّا مِن لاشيءٍ: - 00:08:20ضَ
هذا يعارضُ بالفعلِ (بالإنجليزيّة) المنطقَ السليمَ، - 00:08:23ضَ
لكن كما قُلتُ سابقًا لا يمكنكُ الاعتمادَ على (بالانجليزيّة) المنطقِ السليمِ، - 00:08:26ضَ
لو كان بإمكانِك فِعْلُ الأشياءِ (بالانجليزية) بالمنطقِ السليمِ لَما احتجْنا الفيزيائيّينَ. - 00:08:29ضَ
نفسُ منطقِ البروفّيسّور ريتشارد ليونتن "Richard Lewontin" - 00:08:34ضَ
حين برَّر قَبولَ الإدِّعاءاتِ العِلميَّة المتعارِضةِ معَ (بالانجليزيّة) المنطقِ السليمِ - 00:08:37ضَ
مهما بدَت سخيفةً، - 00:08:41ضَ
وحينَ قالَ: إنَّنا نحنُ مدفوعونَ بالتزامِنا المسبقِ بالأسبابِ المادّيَّةِ إلى - 00:08:43ضَ
أنْ نُنشئَ منظومةَ استكشافٍ ومجموعةَ مفاهيمٍ تُنتِجُ تفسيراتٍ ماديَّةٍ - 00:08:49ضَ
مهما كانَت هذهِ التفسيراتُ مصادمةً للبديهةِ (بالإنجليزية) مصادمةً للبديهةِ. - 00:08:55ضَ
هذا منطقهُم إذن: - 00:09:02ضَ
المادّيَّةُ والعلم التجريبي متلازمان، العلم التجريبي مقدَّس، - 00:09:03ضَ
العلم التجريبي يخالفُ البدهيًّاتِ العقليَّةِ، كلُّ ما خالفَ العلم التجريبي يجبُ أنْ يسقطَ. - 00:09:08ضَ
إذنْ، فلتسقطِ البدهيَّاتُ العقليةُ. - 00:09:13ضَ
أيضًا حَسَبَ المنهجِ المادِّيَّ المعتمِدِ على التطوُّرِ في تفسيرِ نشأةِ الكائناتِ الحيَّةِ، - 00:09:16ضَ
فإنَّ العقلَ البشريَّ تطوَّر بمجموعِ الصُدفِ العشوائيَّةِ، فلا ضمانةَ أنْ يهتديَ إلى الحقِّ، - 00:09:21ضَ
وهو الأمرُ الذي عبَّرَ داروين عن انزعاجِه منْهُ حينَ قالَ: - 00:09:27ضَ
"ينتابُني دائمًا شكٌّ فظيعٌ حولَ ما إذا كانت - 00:09:31ضَ
قناعاتُ عقلِ الإنسانِ، والذي بدورِه تطوَّرَ مِن عُقولِ كائناتٍ أدنى، - 00:09:34ضَ
تتمتّعُ بأيّةِ قيمةٍ أو تستحقُّ أدنى ثقةً". - 00:09:40ضَ
وهو ما يؤكّدُه دوكينز أيضًا إذْ يقول: - 00:09:44ضَ
طبعا البداهة العقلية جاءت مما كان ضروريا لبقائنا في أفريقيا. - 00:09:46ضَ
كان عليهم أن يعيشوا، أن يعرفوا كيف يصطادون جواميس البفالو كيف يجدون نبع ماء - 00:09:55ضَ
كيف يتسلقون شجرة عندما يهاجمهم أسد أو ما شابه. - 00:09:59ضَ
وبالتالي فالانتخاب الطبيعي لم يشَّكل عقولنا لتفهم نظرية الكم أو النظرية النسبية. - 00:10:03ضَ
وإنه لإنجاز مدهش للعقل البشري أن يكون بعض البشر على الأقل قادرين على الفهم. - 00:10:15ضَ
إذنْ يقولُ لكَ: طبعًا البداهةُ العقليَّةُ جاءَت ممّا كانَ ضروريًّا لبقائِنا في إفريقيا، - 00:10:24ضَ
كانَ عليهِم أنْ يعيشوا، أنْ يعرفوا كيفَ يصطادونَ جواميسَ البافلو، - 00:10:30ضَ
كيفَ يجدونَ نَبعَ ماءٍ، كيفَ يتسلّقونَ شجرةً عندما يواجِههُم أسدٌ أو ما شابه، - 00:10:34ضَ
وبالتّالي، فالانتخابُ الطبيعيُّ لم يُشكِّلْ عقولَنا أبدًا لتفهمَ نظريّةَ الكَمِّ أو النّظريّةَ النّسبيّةَ، - 00:10:40ضَ
وإنَّه حقيقةً لَإنجازٌ مدهشٌ للعقلِ البشريِّ أنْ يكونَ بعضُ البشرِ على الأقلِّ قادرينَ على الفهمِ. - 00:10:46ضَ
إذن ببساطةٍ يريدُ أنْ يقولَ لكَ: إذا رأيتَ كلامَنا عن كَونٍ مِن لاشيءٍ وما شابَه، - 00:10:53ضَ
يُصادمُ عقلَكَ وبدهيَّاتِه، - 00:10:58ضَ
فهذا لأنَّ عقلكَ تطوَّرَ فقطْ بالمقدارِ الذي يسمحُ لكَ بالبقاءِ كباقي البهائمِ، لا لِيُدركَ الحقائقَ - 00:11:00ضَ
فعَليكَ أنْ تثقَ بِمَن تطوَّرَ عقلُهم أكثرَ - 00:11:07ضَ
بدرجةٍ سمحتْ لهم أنْ يفهموا ما لم تفهَمْهُ أنتَ مِن نظريّاتٍ، - 00:11:10ضَ
وبالتّالي يستنتجُ عنِ الكونِ والحياةِ ما تظنُّه أنتَ جنونًا أو مصادِمًا لبدهيَّاتِ العقلِ. - 00:11:14ضَ
ويؤيّده كراوس على ذلكَ. لسانُ حالِهم: - 00:11:20ضَ
لا تقرَأوا كتابَ الكونِ المقدَّسِ، لستُم مؤهَّلينَ لفهمِهِ، نحنُ أذكى منكم وسنقرأُه نيابةً عنكُم. - 00:11:23ضَ
لذلكَ لا تستغربْ عندما نقولُ أنَّ المادّيَّةَ تُلغي العقلَ والدليلَ العقليَّ، - 00:11:30ضَ
فلها معَ العقلِ ثلاثةُ مآزق: - 00:11:35ضَ
ليسَ هناكَ أساسٌ تقومُ عليهِ البدهيَّاتُ العقليَّةُ ما دامَت المادّيَّةُ تُنكرُ الفطرةَ. - 00:11:38ضَ
البدهيَّاتُ العقليَّةُ تَمنعُ مِن قَبولِ التفسيراتِ التي تَسدُّ بها المادّيَّةُ فجوةَ الغيبِ. - 00:11:43ضَ
والعقلُ لا مصداقيَّةَ له ما دامَ تَطوَّرَ بالصُّدَفِ والعشوائيَّةِ ولم يُصَمَّمْ لمعرفةِ الحقيقةِ. - 00:11:49ضَ
وقد بيّنّا تفاصيلَ مهمّةً لهذه النقطةِ في الحلقةِ الخامسةِ من السلسلةِ - 00:11:56ضَ
بعنوانِ: "كيفَ يهدمُ الإلحادَ العقلَ والعلمَ" وننصحُ جدًّا بمراجعةِ الحلقةِ. - 00:12:02ضَ
وبهذا فَقدْنا في المادّيَّةِ المولِّدَ الثّاني للمعرفةِ، - 00:12:08ضَ
والموجودَ في منهجِ الإقرارِ بالخالقيّةِ ألا وهوَ العقلُ والدليلُ العقليُّ. - 00:12:12ضَ
ثالثًا، حمَّى التنكّرِ والتشكيكِ المادِّيِّ وَصلتْ إلى الَخبرِ، المولِّدِ الثالثِ للمعرفةِ - 00:12:18ضَ
فمشاهداتُ النّاسِ وتجاربُهم لها قيمةٌ - 00:12:24ضَ
إذا أَقررْنا أنَّ الكونَ والحياةَ هما في حالةٍ مِنَ الانتظامِ محكومانِ بقوانينَ وسننٍ ثابتةٍ. - 00:12:27ضَ
إذا أقررْنا أنَّ هناكَ انتظامًا في السّلوكِ (بالانجليزية) تناسق، - 00:12:34ضَ
وثباتًا في القوانين (بالانجليزية) ثباتية - 00:12:38ضَ
بما يُمكّنُنا مِن تعميمِ نتائَج التّجربةِ أو المشاهدةِ الواحدةِ - 00:12:40ضَ
على كلِّ ما عداها مِن حالاتٍ في نفسِ سياقِها رغمَ عدمِ معاينتِها بعد، - 00:12:44ضَ
فَتنبني الخبراتُ البشريّةُ بشكلٍ تراكميٍّ. - 00:12:50ضَ
بينما صاحبُنا المقنَّعُ لمَّا أنكرَ الغيبَ اضطُرَّ إلى القَولِ بأنَّ الكونَ جاءَ بالصّدفةِ، - 00:12:53ضَ
كما في كتابِ: الكونُ الصُّدَفيُّ: العالَمٌ الذي ظننتَ أنّكَ عرفتَهُ. - 00:12:58ضَ
حيثُ يقولُ مؤلّفُه الدّكتور آلن لايتمن "Alan Lightman": - 00:13:03ضَ
كَونُنا هو مجرد سحبة محظوظة من الطاقية، بمعنى أننا صدفة؛ كَونَنا صدفة. - 00:13:05ضَ
إذن يقولُ لكَ: كَونُنا هذا كُلُّه جاءَ بالصّدفةِ - 00:13:17ضَ
وبالتّالي فكيفَ للعشوائيَّةِ والصّدفةِ أنْ يَسُنَّا سننًا ثابتةً أو نظامًا أو قوانينَ. - 00:13:21ضَ
لذلكَ إذا قمتَ أنتَ بتجربةٍ وخرجتَ بمشاهدةٍ فمشاهدتُكَ وتجاربُكَ لا تعنيني، - 00:13:27ضَ
إذْ ما الذي يَضمنُ أنّي لو قمتُ وأعدتُ تجربتكَ فسأخرجُ بالمشاهداتِ نفسِها؟ - 00:13:33ضَ
هذا الادِّعاءُ يَفترضُ أنَّ هناكَ سننًا، قوانينَ، نظامًا... - 00:13:39ضَ
وصُدفُ المادّيَّةِ لا تُؤدّي إلى شيءٍ مِن هذا كلِّه - 00:13:42ضَ
وبالتّالي، فأخبارُ الآخرينَ عن تجاربهِم ومشاهداتِهم لا قيمةَ لها - 00:13:46ضَ
مهما كانوا موثوقينَ ومهما تكرَّرَتْ مشاهداتُهم، وبالتّالي، فلا مجالَ لتراكميَّةِ المعرفةِ. - 00:13:51ضَ
لذلك عندما تسمعُ من الماديِّينَ مَن يقولُ لا أقتنعُ حتى أرى بِنفسي - 00:13:57ضَ
فهو يحاولُ أنْ ينسجمَ مع مادّيّتِه. - 00:14:02ضَ
لكنْ لحظة! توقُّعُ الانتظامِ الكونيِّ هو فطرةٌ مغروسةٌ في الإنسانِ بلْ وفي الحيوانِ أيضًا، - 00:14:06ضَ
ويمكنُ ملاحظةُ ذلكَ بوضوحٍ في - 00:14:11ضَ
تجنّبِ كُلٍّ مِنهما لمواضعِ الأذى بمجرّدِ وقوعِه في إحداها ولَو مرّةً واحدةً. - 00:14:13ضَ
فكيفَ يلزمُ مِن المادّيّةِ عدمُ الانتظامِ؟ فطرة؟ - 00:14:19ضَ
ألم نَقُلْ لكَ أنَّ المادّيَّةَ لا تعترفُ أصلًا بالفطرةِ لأنَّها غيبٌ. - 00:14:24ضَ
أيضًا المادّيَّة تُعطِبُ عنصرَ الَخبرِ الصّادقِ لأنَّ القيَم الأخلاقيَّةَ كالصّدقِ والأمانةِ العلميَّةِ - 00:14:28ضَ
لا يعودُ لها أيَّةُ قيمةٍ في ظلِّ استثناءِ الخالقِ مِن تفسيرِ الكونِ والحياةِ، - 00:14:35ضَ
إذْ ليسَت هناكَ تجربةٌ مخبريَّةٌ على أسسٍ مادّيَّةٍ تُثبتُ أنَّ الأمانةَ خلُقٌ حسنٌ مطلوبٌ - 00:14:39ضَ
وبالتّالي فليسَ هناكَ دافعٌ غيرُ مادّيٍّ للباحثينَ الماديِّينَ - 00:14:45ضَ
حتى يَكونوا صادقينَ فيما يدَّعونَه مِن نتائِج أبحاثِهم، وهذا يُسمِّمُ آبارَ البحثِ العلميِّ. - 00:14:49ضَ
وبهذا فَقدْنا في عيِّنةِ المقنَّعِ أي المنهجَ المادّيَّ، العنصرَ الثالثَ الموجودَ - 00:14:56ضَ
في منهجِ الخالقيِّةِ، ألا وهو الدّليلُ الخبريُّ. - 00:15:01ضَ
لعلَّكَ ستقولُ: إذًا وَجدتُم الحسَّ فقطْ؟ وهذا يَنسجمُ معَ تسميةِ المقنَّعِ نفسَه بالماديَّةِ. - 00:15:05ضَ
فأقولُ لكَ: الحسُّ ليسَ مقصورًا على الإحساسِ بالأشياءِ، بل وبآثارِها أيضًا. - 00:15:12ضَ
كثيرٌ من علماءِ الفيزياءِ يقولون: - 00:15:17ضَ
بأنَّ ما نراهُ ونُحسُّه مِن مادّةٍ وطاقةٍ لا يُشكِّل إلا 4% مِن مادّةِ الكونِ، - 00:15:18ضَ
وأن 96% مِن الحقيقةِ الفيزيائيَّةِ للكونِ مجهولةٌ بمعنى الكلمةِ، - 00:15:25ضَ
ويسمُّونها المادّةَ المظلمةَ والطّاقةَ المظلمةَ. - 00:15:30ضَ
رأيتمُوها؟ لا. حسنًا لماذا تَعتبرونَ القولَ بوجودِها علمًا؟ - 00:15:34ضَ
قالوا: مِن آثارِها، ما نراهُ مِن سلوكِ المحسوساتِ يُحتِّم وجودَ هذه المادّة، - 00:15:39ضَ
فالكونُ يتوسَّعُ بشكلٍ مُتسارعٍ، وهذا لا بدَّ له مِن طاقةٍ سمّيناها الطّاقةَ المظلمةَ. - 00:15:43ضَ
كما في هذا المقطعِ للفيزيائيّ هاري كليف "Harry Cliff" - 00:15:49ضَ
ولكن في عام 1998 توصل علماء الفلك إلى اكتشاف مذهل، - 00:15:52ضَ
وهو أن تمدد الكون في الواقع آخذٌ في التسارع - 00:15:56ضَ
الكون يتمدد ويتمدد وبشكلٍ أسرع وأسرع - 00:15:58ضَ
مدفوعا بقوة غامضة طاردة، تدعى الطاقة المظلمة. - 00:16:01ضَ
الآن، متى ما سمعت "مظلم" في الفيزياء، - 00:16:06ضَ
فعليك أن تشك كثيرًا؛ لأنها قد تعني أنَّنا لا نعرف ما نتحدث عنه. - 00:16:08ضَ
إذًا يقولُ لكَ: عندما تَسمعُ كلمةَ (مظلم) في الفيزياءِ - 00:16:12ضَ
فعليكَ أنْ تشكَّ كثيرًا لأنَّها قدْ تعني أنَّنا لا ندري عن ماذا نتحدّثُ. - 00:16:16ضَ
لا يدرونَ أيَّ شيءٍ عنها، ومعَ ذلكَ يؤمنونَ بها مِن آثارِها - 00:16:21ضَ
بغضِّ النّظرِ عن حقيقةِ وجودِ أو عدمِ وجودِ هذه المادّةِ أو الطّاقةِ، - 00:16:25ضَ
لكنْ ما يعنينا هُنا أنَّ الوسطَ العلميَّ يَتقبَّلُ تمامًا الاقتناعَ بوجودِ شيءٍ مِن آثارِه. - 00:16:29ضَ
بينما صاحِبُنا المقنَّعُ لمَّا انطلقَ مِن استثناءِ وجودِ خالقٍ للكونِ، معَ أنَّ كلَّ شيءٍ يدلُّ عليه، - 00:16:36ضَ
فكأنَّهُ يقولُ لنا: الآثارُ غيرُ مُعتبَرةٍ عِندي، لا بُدَّ أنْ أرى الشيءَ بذاتِه؛ أنْ أُحسَّهُ مُباشرةً. - 00:16:42ضَ
في المُقابلِ عندما جاءَ المقنَّعُ ليسُدَّ فجوةَ الغيبِ التي أحدثَها، فصارَ يحدِّثُنا عَن - 00:16:50ضَ
كائناتٍ فضائيّةٍ بَذَرَتِ الحياةَ على الأرضِ، وعن أكوانٍ متعدّدةٍ تُفسِّرُ الضّبطَ الدّقيقَ، وغيرِ ذلكَ. - 00:16:56ضَ
فهو قدْ جاءَنا بما لم يُحسَّهُ أحدٌ ولا له أثرٌ، مخالفًا بذلكَ قواعدَ وتعريفَ الحسِّ السليمِ. - 00:17:03ضَ
فالماديَّةُ تُخالفُ تعريفَ الحسِّ الذي تعارفَتْ عليهِ البشريّةُ مِن أنَّه الإحساسُ بالشّيءِ أو آثارِه، - 00:17:11ضَ
وتأتي في المُقابِلِ بأوهامٍ تصادمُ الحسَّ. - 00:17:18ضَ
وبِهذا فقدْنا في عيِّنةِ المقنَّعِ المولِّدَ الرّابعَ والأخيرَ للمعرفةِ، والموجودَ في منهجِ الخالقيَّةِ - 00:17:21ضَ
ألا وهو الدّليلُ الحسّيُّ. - 00:17:29ضَ
وبِهذا لم نجدْ في عيِّنةِ المقنَّعِ أيَّ مولِّدٍ للمعرفةِ، بَل وجدْناه عقيمًا تمامًا - 00:17:32ضَ
لا يمكنهُ أنْ يُنجِبَ هذا الولدَ الجميلَ: العلم التجريبي، والذي يدَّعي هذا المقنَّعُ أُبوَّته. - 00:17:41ضَ
إذًا تمَّ فحصُ كُلٍّ مِن منهجِ الإقرارِ بالخالقيَّةِ، والمقنَّع. - 00:17:48ضَ
قَبْلَ أنْ نُصدرِ حُكمنَا النّهائيَّ، تعالَوا نأخذُ عيِّنةَ (بالانجليزيّة) الحمضِ النوويِّ - 00:17:53ضَ
مِن الولدِ: العلمِ التجريبي - 00:17:57ضَ
ونَرى أيَّ مَلامَح المدَّعِيَيْنِ موجودةٌ فيهِ. - 00:17:59ضَ
حتَّى الآن، سمَّيناهُ سَيَنْس "Science" بالاسمِ الأجنبيِّ اختصارًا، لأنَّ ترجمتَهُ ليسَت في كلمةٍ واحدةٍ، - 00:18:04ضَ
فهو "العلمُ التجريبيُّ الرَّصديُّ"، وهذا العلمُ موجودٌ قَبْلَ أنْ يُصَكَّ مُصطلحُ سَيَنْسْ "Science"، - 00:18:10ضَ
وعندَ غيرِ الأمَّةِ التي صَكَّتْ هذا المصطلحَ، كما سَنرى. - 00:18:17ضَ
فسواءً قُلنا مِن الآنِ فصاعدًا سَيَنْسْ أو علمٌ تجريبيٌّ، فنحنُ نتحدّثُ عنِ الشّيءِ نفسِه. - 00:18:20ضَ
أخذْنا عيِّنةً مِن العلم التجريبي، وسألْنا أنفُسَنا: ما هو العلم التجريبي؟ - 00:18:26ضَ
المجلسُ العلميُّ البَريطانيُّ وبعدَ عامٍ مِن العملِ على صياغةِ تعريفٍ، - 00:18:30ضَ
خَرَجَ لنا بتعريفٍ قالَ عنه أنَّهُ قدْ يكونُ أوّلَ تعريفٍ رسميٍّ للعلم التجريبي يُنشر في التاريخ. - 00:18:35ضَ
ما هو هذا التعريفُ؟ قالُوا: - 00:18:41ضَ
العلم التجريبي هو متابعةُ المعرفةِ والفهمِ للعالَمِ الطّبيعيِّ والاجتماعيِّ - 00:18:44ضَ
مِن خلالِ اتّباعِ منهجيَّةٍ مُنتظمةٍ مستندةٍ إلى الدّليلِ. - 00:18:49ضَ
المعرفةُ، الفهمُ، الدليلُ، كُلُّها مفاهيمٌ معتمدةٌ على العقلِ، - 00:18:55ضَ
والعقلُ لا موثوقيَّةَ لهُ حَسْبَ الأُسُسِ المادّيَّةِ. - 00:19:01ضَ
عالِمُ الأحياءِ البَريطانيّ تُوماس هَكسلي "Thomas Henry Huxley" - 00:19:05ضَ
والذي كان يُطلقُ عليهِ اسمُ (بالانجليزية) كلبُ البولدوغ الخاصّ بداروين، - 00:19:07ضَ
يَعني كلبُ البولدوغ الخاص بداروين لشدّةِ حماستِه وتبعيّتِه لداروين. - 00:19:11ضَ
كيفَ عرَّفَ العلم التجريبي؟ قالَ: - 00:19:17ضَ
العلم التجريبي هو ببساطةٍ (بالانجليزية) المنطق السليم بأفضل أشكالها، - 00:19:19ضَ
بمعنى أنَّه دقيقٌ بشكلٍ حازمٍ في المشاهدةِ، وعديمُ الرّحمةِ معَ المُغالطةِ في المنطقِ. - 00:19:23ضَ
(بالانجليزيّة) المنطقُ السليمُ، والتي رَأَيْنا كيفَ انتهى بِهمُ الأمرُ إلى إسقاطِه. - 00:19:30ضَ
أمَّا المغالطاتُ المنطقيَّةُ، فقَدْ رَأَينا كيفَ أنَّ خرافةَ التّطوّرِ المادّيّةَ - 00:19:35ضَ
هيَ أفضلُ مثالٍ على خرافةٍ تجمعُ كلَّ أشكالِ المغالطاتِ المنطقيَّةِ، - 00:19:40ضَ
عِلمًا بأنَّنا لم ننتهِ بَعْدُ مِن القائمةِ، والتي وصَلْنا فيها المغالطةَ الثالثةَ عشرة. - 00:19:45ضَ
العلمُ التجريبيُّ يَقومُ بصياغةِ فرضيَّاتٍ وتأسيسِ قوانينٍ ونظريّاتٍ، - 00:19:51ضَ
كما قالَ دومينيك لوكور "Dominique Lecourt" في فلسفةِ العلومِ. - 00:19:56ضَ
نظريّات، ما هو تعريفُ النظريّةِ العلميّةِ؟ - 00:20:00ضَ
تعالَوا نر تعريفَها لدَى الأكاديميَّةِ الوطنيَّةِ الأمريكيَّةِ للعلومِ. - 00:20:02ضَ
"في العلم التجريبي، النظريّةُ هيَ تفسيرٌ مُدَعَّمٌ بالدليلِ لجانبٍ مِن العالَمِ الطبيعيِّ، - 00:20:07ضَ
والذي يَدمُج ما بينَ الحقائقِ، والقوانينِ، والاستنتاجاتِ، والفرضيّاتِ المُختَبرِةِ. - 00:20:13ضَ
وقفاتٌ سريعةٌ معَ التعريفِ: "النظريَّةُ هيَ تفسيرٌ مُدَعَّمٌ بالدّليلِ" - 00:20:20ضَ
لا بُدَّ هنا مِن إعمال العقل لمعرفة أنَّه دليل، - 00:20:25ضَ
"لجانبٍ من العالَمِ الطّبيعيِّ والذي يَدمُج ما بينَ الحقائقِ" - 00:20:29ضَ
وقدْ بيَّنا في حلقةِ (كيف يَهدم الإلحادُ العقلَ والعلمَ) - 00:20:33ضَ
أنَّهُ لا حقيقةَ مطلقة إلَّا بالاعترافِ بوجودِ خالقٍ، - 00:20:37ضَ
وأنَّ إنكارَهُ يُؤدِّي إلى القولِ بنسبيَّةِ الحقيقةِ وعدمِ وجودِ حقيقةٍ مطلقةٍ، - 00:20:41ضَ
"والقوانينِ"، والتي تَفترضُ حالةَ انتظامٍ، وسننًا كونيةً ثابتةً، - 00:20:47ضَ
لا توجِدُها العشوائيَّةُ والصُدفيَّةُ، - 00:20:53ضَ
"والاستنتاجاتِ"، والتي تحتاجُ إعمالَ العقلِ، - 00:20:56ضَ
كما تحتاجُ دلالةَ الأثرِ المحسوسِ على ما ليسَ بمحسوسٍ، - 00:20:59ضَ
"والفرضيّاتِ المُخْتبَرَة"، والتي نعلمُ نتائجَها بالدّليلِ الخَبريِّ مِنَ الباحثينَ الّذينَ اختبروها - 00:21:04ضَ
تعريفٌ مشحونٌ بالفطرةِ، والعقلِ، والخبرِ، والحسِّ بتعريفِهِ الشاملِ لأثرِ غيرِ المحسوساتِ. - 00:21:11ضَ
حتَّى لا يبقى كلامُنا نظريًّا -إخواني- تعالَوا نتناولْ نموذجًا مِن نماذجِ العلمِ التجريبيِّ، - 00:21:20ضَ
وأثناءَ استعراضِهِ نتأمَّلُ في وجهِ هذا الولدِ، - 00:21:26ضَ
هل نَجِدُ فيه ملامَح المنهجِ المقرِّ بالخالقيَّةِ أَم المنهجِ المادّيِّ؟ - 00:21:29ضَ
عام 2007 بدأتُ معَ زملاءَ في الأردنِ رحلةً بحثيّةً في مجالِ اِلتئامِ الجروحِ، - 00:21:34ضَ
كانَت بدايتُها دراسةَ التركيبِ الجُزَيْئيِّ لمادّتَيْن، لكنْ لحظة! - 00:21:39ضَ
هل رَأينا نحنُ أو غيرُنا التركيبَ الجُزَيْئيَّ لهاتَين المادّتَين بأعينِنَا؟ لا، - 00:21:44ضَ
وإنَّما يَتمُّ استنتاجُ التركيبِ الجُزَيْئيِّ لمادّةٍ ما - 00:21:51ضَ
مِن خلالِ آثارِها المحسوسةِ حتَّى لو لم تُحَسَّ هي نفسُها، - 00:21:55ضَ
وذلكَ مِن خلالِ فحوصاتِ الكيمياءِ التحليليَّةِ والعضويَّةِ. - 00:22:01ضَ
حسنًا، أشارَت أبحاثٌ عديدةٌ إلى قدرةِ هاتَين المادّتينِ على المساعدةِ في اِلتئامِ الجروحِ. - 00:22:04ضَ
ولضَعفِ الأبحاثِ المنشورةِ عن أحدِهما، تحقَّقْنا مِن هذهِ الخاصيَّةِ بأنفُسِنا، - 00:22:10ضَ
وِفْقَ منهجيّةٍ صارمةٍ في نموذجٍ حيوانيٍّ، ونشَرْنا نتائجَنا في مجلَّةٍ علميَّةٍ عالميَّةٍ. - 00:22:16ضَ
لاحَظْنا بتفاعلِ الِحسِّ والعقلِ وجودَ جزءٍ مشتركٍ بينَ المُركَّبَينِ. - 00:22:22ضَ
فاستنتَجْنا بعقولِنَا، أنَّ هذا الجزءَ قَد يكونُ هوَ السّببَ في المساعدةِ على التئامِ الجروحِ. - 00:22:28ضَ
لأنَّنا نُؤمنُ بمبدأِ السببيَّةِ الفطريِّ: أنَّ الخالقَ جَعَلَ لِكُلِّ حادثٍ سببًا. - 00:22:35ضَ
استنتَجْنا بعقولِنا أنَّ المُركَّباتِ الأخرى المحتويةَ على هذا الجزءِ المشتركِ، - 00:22:42ضَ
سيكونُ لِبَعضِها هيَ الأُخرى خاصِّيةُ المساعدةِ في التئامِ الجروحِ. - 00:22:47ضَ
قدْ تكونُ في بعضِها خصائصُ أُخرى، تعملُ على تعطيلِ أو إضعافِ هذه الخاصّيةِ. - 00:22:52ضَ
صحيح... لكِنَّ وجودَ هذا الجزءِ يجعلُ هذهِ المُرَكَّباتِ أحرَى بالتجربةِ. - 00:22:58ضَ
استخدَمْنا برنامجًا لتحديدِ الشّكلِ ثلاثيِّ الأبعادِ للمُرَكَّباتِ، - 00:23:04ضَ
أدخَلْنا عليهِ حوالي أربعينَ مُرَكَّبًا دوائيًّا، - 00:23:07ضَ
فرتَّبَها بِحَسْبِ قُربِها مِنَ الجزءِ المُشتَرَكِ الذي لاحظناهُ في المُركَّبينِ الأوَّلينِ. - 00:23:11ضَ
وبَدأْنا بتجريبِ المُرَكَّباتِ بحسبِ أولويّتِها على جُروحٍ أحدَثْناها في الحيواناتِ. - 00:23:16ضَ
الفحوصاتُ الكيميائيّةُ والمجهريّةُ والميكانيكيّةُ التي استخدَمْناها في ذلكَ كلِّه، - 00:23:22ضَ
ما الذي أدْرَانا بفائدتِها؟ تَجَارِبُ مَنْ قَبْلَنا. - 00:23:27ضَ
وبما أنَّ الكونَ يسيرُ حسبَ سُنَنٍ ثابتةٍ، - 00:23:32ضَ
فإنَّ بإمكانِنا توقُّعَ نفعِها في حالتِنا، فنبنيَ عليها وتتراكمُ المعرفةُ. - 00:23:36ضَ
وبعد رحلةٍ طويلةٍ، أثبَتْنا أنَّ اثنين مِن هذه المُرَكَّباتِ يُساعدانِ بالفعلِ - 00:23:42ضَ
على تحسينِ نوعيّةِ الجروحِ الملتئمةِ. - 00:23:47ضَ
ونشَرْنا هذه النتائَج في مجلّةٍ أمريكيّةٍ، وحصَلْنا على براَءَتيِ اختراعٍ فيهِما. - 00:23:50ضَ
لكنْ لحظة... لماذا تنشرُ المجلّاتُ نتائجَ تجاربَ كهذهِ؟ - 00:23:55ضَ
ماذا تعني هذهِ النّتائجُ لِسائرِ البشريّةِ؟ - 00:24:00ضَ
لأنَّ جميعَ المجلّاتِ تنطلقُ مِن مبدأِ انتظامِ سلوكِ الأشياءِ باضّطراد، (بالانجليزيّة) تناسق، - 00:24:03ضَ
وثباتِ السُننِ، (بالانجليزية) ثبات، بحيثُ يبني الآخرونَ على نتائَج التّجربةِ، ويستفيدونَ مِنها. - 00:24:09ضَ
وإلَّا فإنَّ الإحالةَ على الأبحاثِ السّابقةِ (بالانجليزية) إقتباس، - 00:24:17ضَ
وقائمةَ المَراجِعَ (بالانجليزية) مراجع، في أسفلِ كلِّ بحثٍ علميٍّ - 00:24:20ضَ
لا قيمةَ لها إذا لمْ يكُنْ هناكَ انتظامٌ في السُّننِ، - 00:24:25ضَ
وإذا كان الدّليلُ الخبريُّ (مِنْ ثَمَّ) مطعوناً في فائدتِه كما تستلزمُ المادّيّةُ. - 00:24:28ضَ
كُلُّ بحثٍ علميٍّ حقيقيٍّ فإنّهُ يقومُ على رصدِ علاقاتٍ سببيّةٍ بينَ الموجوداتِ أو آثارِها، - 00:24:34ضَ
مُنْطَلِقاً من قناعةٍ بوجودِ حقائقَ وسُننًا في هذا الكونِ ومُستَنِدًا إلى أخبارِ باحثينَ - 00:24:40ضَ
آخرينَ بعدَ تصحيحِ ما يلزمُ مِنها، - 00:24:47ضَ
واستخدامِ العقلِ في ذلكَ كلِّه... - 00:24:50ضَ
سببيّةٌ، فِطرةٌ، عقلٌ، خبرٌ، تحرِّي صحّةَ الخبرِ، - 00:24:53ضَ
سُننٌ ثابتةٌ، حِسٌّ، أثرٌ حِسّيٌّ، تجربةٌ. - 00:24:59ضَ
هل رأيتُم في هذا كلِّه ملامَح المنهجِ المُقِرِّ بالخالقيّةِ؟ أمْ المنهجِ المادّيِّ؟ - 00:25:03ضَ
إذن، صدرَ الحكمُ باستردادِ الولدِ المخطوفِ، السَّيّنْسْ "Science"، العلمُ التجريبيُّ، - 00:25:10ضَ
مِنَ المُقَنَّعِ المُسَمَّى بالمادِّيّةِ، ورَدِّهِ إلى أبيهِ الحقيقيّ، إلى المَنهجِ المُقرِّ بالخالقيّةِ - 00:25:16ضَ
فَعلْنا ذلكَ بعدَ أربعِ خَطواتٍ: بعدَما بيَّنَّا مصادرَ المعرفةِ في المَنهجِ المُقرِّ بالخالقيّةِ - 00:25:24ضَ
ثمّ بيَّنَّا اضطرابَ المادّيّةِ في بيانِ علاقتِها بالعلم التجريبي، - 00:25:31ضَ
ثم بيَّنَّا عطبَ مصادرَ المعرفةِ في المادّيّةِ، - 00:25:35ضَ
ثم بيَّنَّا اعتمادَ العلم التجريبي بشكلٍ كاملِ على مصادرِ المعرفةِ في مَنهجِ الخالقيّةِ. - 00:25:38ضَ
لكنْ لحظة... كيُفَ استطاعَ المُقَنَّعُ أنْ يخدعَ كثيرًا مِن النّاسِ ويُقْنِعَهم، - 00:25:45ضَ
-على عُقْمِه- بأنّهُ الأبُ الحقيقيُّ للعلم التجريبي؟ - 00:25:50ضَ
ستعرفُ الجوابَ إذا نظرْتَ إلى ما تفعلُه الكائناتُ شديدةُ الشَّبهِ بِه ألا وهيَ الفيروسات. - 00:25:54ضَ
الفايروسُ المُمْرِضُ لا يُقَدِّمُ أيّةَ مَنفعةٍ، وليسَ لديهِ أسبابُ البقاءِ والتوالُدِ، - 00:26:01ضَ
وهوَ، بعيدًا عن الأجسامِ الحيّةِ، لا يُصَنَّفُ ضمنَ الكائناتِ الحيّةِ. - 00:26:08ضَ
ماذا يعملُ حتى يتكاثَرَ؟ يَتقرْصَنُ على الخلايا الحيّةِ - 00:26:13ضَ
يعني يعملُ (بالانجليزيّة) قَرصنةً يَبُثُّ مادّتَهُ الوراثيّةَ في الخليّةِ الحيّةِ. - 00:26:17ضَ
هذهِ المادّةُ يَنتجُ مِنها ما يُشبِهُ نُسخةً تَحشرُ نفسَها في مادّةِ الخليّةِ الوراثيّةِ. - 00:26:23ضَ
تأتي قارئاتُ المادّةِ الوراثيّةِ - 00:26:36ضَ
فتَنخدِعُ بالنّسخةِ الفيروسيّةِ وتَقرؤها كما تقرأُ مادّةَ الخليّةِ الوراثيّةِ. - 00:26:38ضَ
وتُنْتِجُ مِنها المزيدَ مِنْ هذا الفيروس - 00:26:48ضَ
والذي ينطلقُ إلى خلايا أُخرى ليغزوَها ويُفْسِدَها ولا يُقدِّمُ لها أيّةَ منفعةٍ. - 00:26:51ضَ
وهكذا المنهجُ المادّيُّ بالضّبطِ! - 00:26:59ضَ
عندما ألزَمْناهُ بالمُنطلقِ الذي انطلقَ مِنه، ألا وهوَ إنكارُ الغيبِ، - 00:27:02ضَ
انهارَتْ مِن تحتِه مُولِّداتُ المعرفةِ كُلُّها وبقِيَ مُعلَّقًا في الهواءِ، - 00:27:06ضَ
وكانَ لا بدَّ لهُ مِن أنْ يتقرصَنَ على منهجٍ متكاملٍ. - 00:27:10ضَ
حقنَ فيروسُ المادّيّةِ مادّتَهُ الوراثيّةَ المؤذيةَ في نفوسِ البشريّةِ. - 00:27:15ضَ
هذهِ النّفوسُ هيَ مِثْلُ الخلايا، ومنهجُ الخالقيّةُ هو المادّةُ الوراثيّةُ الأصليّةُ في هذه الخلايا - 00:27:20ضَ
معَ ما يَلزمُ من قارئاتٍ تُتَرجِمُ المادّةَ الوراثيّةَ إلى بروتيناتٍ. - 00:27:28ضَ
النّفوسُ مُزوَّدةٌ بمنهجِ الخالقيّةِ بفِطرَتِها، - 00:27:33ضَ
لَدَيها هذا الإقرارُ الفِطريُّ ابتداءً بطبيعتِها الخَلْقِيّةِ. - 00:27:36ضَ
فيروسُ المادّيّةِ حشرَ مادّتَهُ الوراثيّةَ بطريقةٍ مراوغةٍ في هذه النّفوسِ. - 00:27:41ضَ
جاءِت القارئاتُ فقرأَتْ المادّةَ الوراثيّةَ المحتويةَ على مُولِّداتِ المعرفةِ في هذه النّفوسِ، - 00:27:48ضَ
ومعها مادّةُ الفيروسِ، فيروسُ المادّيّةِ. - 00:27:54ضَ
فخرجَ النّاتُج مُختَلِطًا بينَ بروتيناتٍ نافعةٍ، ونُسَخٍ جديدةٍ ضارّةٍ من الفيروسِ. - 00:27:58ضَ
حينَ نظرَ السُّذَّجُ مِن النّاسِ لهذا المُصابِ بفيروسِ المادّيّةِ فرأَوْه يُنتِجُ علمًا نافعًا - 00:28:05ضَ
ظنّوهُ من نَتاجِ الفيروسِ، خاصَّةً وأنَّ علمهُ هذا مُختَلِطٌ بالهذيانِ المادّيِّ - 00:28:12ضَ
اختلاطَ نتاجِ الفيروساتِ بنتاجِ المادّةِ الوراثيّةِ الأصليّةِ في الخليّةِ. - 00:28:18ضَ
بينما عندَ التحقيقِ، ستجدُ أنّهُ ما مِن خيرٍ أنتجهُ المصابُ بفيروسِ المادّيّةِ، - 00:28:23ضَ
إلّا بفضلِ منهجِ الخالقيّةِ الموجودِ أصالةً في نفسِهِ، - 00:28:29ضَ
بينّما شرُّهُ وفسادُهُ هوَ مِن فيروسِ المادّيّةِ. - 00:28:33ضَ
أيَّةُ نظريّةٍ أو اكتشافٍ لهُ فائدةٌ فيستحيلُ أنٍ يكونَ مبنيًّا على المادّيّةِ - 00:28:37ضَ
بلْ ما كانَ له فائدةً فهو مبنيٌّ على مخالفةِ المادّيّةِ بالتطبيقِ العمليِّ، - 00:28:42ضَ
يعني على السّرقةِ من منهجِ الإقرارِ بالخالقيّةِ. - 00:28:48ضَ
ليسَت طريقةً علميّةً أن تأتيَ لي بأسماءِ علماءَ مادّيّينَ، فَأرُدَّ عليكَ بأسماءِ العلماءِ المسلمينَ - 00:28:53ضَ
بلْ وغيرِ المسلمينَ مِمَّن آمنَ بالخالقيّةِ مثل (بيكون) و(غاليليو) - 00:29:00ضَ
و(كيبلر) و(نيوتن) و(ماكسويل) و (ماكس بلانك). - 00:29:04ضَ
بلِ البحثُ الصحيحُ هوَ أن نبحثَ عن مُولِّداتِ العلمِ النّافعِ - 00:29:08ضَ
سواءً في الشّخصِ المادّيِّ، أو المُقِرِّ بالخالقيّةِ. - 00:29:12ضَ
هاتِ لي بحثًا واحدًا نافعًا انطلقَ مِن القناعةِ بعشوائيّةِ الكونِ وعدمِ وجودِ سُننٍ فيهِ. - 00:29:15ضَ
هاتِ ليَ اكتشافًا يعودُ الفضلُ فيه للتنَكُّرِ للمبادئِ الفطريّةِ والبَدهيّاتِ العقليّةِ. - 00:29:23ضَ
قدْ تقولُ: "نَعم! الغربيّونَ تقدَّموا لمَّا تحرَّروا مِن الدِّينِ"، فأقولُ لكَ: أيُّ دِينٍ؟ - 00:29:30ضَ
هم تحرَّروا من غيبيّاتٍ باطلةٍ معارضةٍ للعقلِ والفطرةِ، ومنقولةٍ بالخبرِ غيرِ الصّادقِ. - 00:29:36ضَ
تحرّروا من الحَجْرِ على العقلِ بالباطلِ. - 00:29:43ضَ
تحرّروا من طريقةِ إلَهِ الفجواتِ التي كانَت تَستخدِمُها الكنيسةُ. - 00:29:46ضَ
هذا التحرّرُ ساعدَهم بالفعلِ، لكنّهم انطلقوا بعدَ تحرُّرِهم هذا مِن مُسَلَّماتٍ فطريّةٍ، - 00:29:50ضَ
ومُقَدِّماتٍ عقليّةٍ هيَ مِن منهجِ الخالقيّةِ، حتى لو تَنَكَّروا له بألسِنَتِهم، - 00:29:57ضَ
وبنَوْا على إنجازاتِ مَنْ قبلَهُم مِن علماءِ القرونِ الّذينَ سَلِموا مِن فيروسِ المادِّيِّة. - 00:30:04ضَ
الأشخاصُ -يا إخواني- أوعيةٌ، تختلطُ فيها مُدخلاتٌ كثيرةٌ ويَخرجُ مُنْتَجٌ، - 00:30:10ضَ
وقدْ تتناقضُ هذهِ المُدْخَلاتُ فيما بينها. - 00:30:14ضَ
قدْ تجدُ شخصًا يُعلنُ مادِّيّتَه، ومعَ ذلكَ فكلُّ ممارساتِه في الاستكشافِ العلميِّ - 00:30:17ضَ
معارضةٌ للمادّيّةِ ولِلوازمِ المادِّيّةِ مِن إسقاطِ الفطرةِ والعقلِ. - 00:30:22ضَ
قدْ يكونُ إنسانًا نشيطًا في الرّصدِ والتّجريبِ - 00:30:27ضَ
فهلْ إذا كانَ المُخْرَجٌ النّهائيِّ اكتشافًا أو إنجازًا، - 00:30:30ضَ
يُعْزَى هذا الإنجازُ إلى المادِّيّةِ التي يَدَّعِيها بلسانِه ويَتَنكَّرُ لها بسلوكِه العلميِّ؟ - 00:30:34ضَ
تصَّورْ لَو أنَّ باحثًا خرجَ علينا ببحثٍ يقولُ: - 00:30:41ضَ
"بعدَ استقصاءٍ لأشْهَرِ علماءِ الأحياءِ، وَجدْتُ أنَّ أكثرَهم يكذبونَ في حياتِهمُ اليوميّةِ، - 00:30:45ضَ
وهذا يدلُّ على أنّ الكذبَ يؤدّي إلى النّجاحِ والتمُّيزِ العلميِّ." - 00:30:51ضَ
هل هذا مَنْطِقٌ علميٌّ؟ أمْ مَسْخرةٌ؟ - 00:30:56ضَ
فقطْ عندَ عرَّابي المادّيّةِ تصبحُ المسخرةُ علمًا - 00:30:59ضَ
حيثُ استغفالُ النّاسِ واغتيالُ إدراكِهم لِيُفَكِّروا بسطحيّةٍ ساذَجةٍ. - 00:31:03ضَ
فنحنُ لا نقولُ أنّ العلمَ التّجريبيَّ نَتاجُ علماءٍ مقرّينَ بالخالقيّةِ - 00:31:09ضَ
ولا يَعنينا رصدُ نسبةِ المُقِرِّينَ مِن المُنكِرِين، - 00:31:14ضَ
ولكنّنا نقولُ أنَّ العلمَ النّافعَ في أيّ عالِمٍ، - 00:31:18ضَ
هو نَتاجُ التزامِه في بحثِه بمولِّداتِ المعرفةِ في منهجِ الإقرارِ بالخالقيّةِ، - 00:31:22ضَ
سواءً اعترفَ بهذا الالتزامِ أمْ أنكرَهُ، لاحظَهُ أمْ لم يلاحِظه. - 00:31:29ضَ
تصَّورْ لَو أنَّ السَّاذجَ الذي يقولُ: - 00:31:35ضَ
"أكثرُ العلماءِ مادِّيِّونَ ممّا يدلُّ على أنَّ المادّيّةَ هيَ سببُ التّقدّمِ في العلم التجريبي!" - 00:31:37ضَ
تصَّورْ لَو أنَّه عاشَ في تلكَ القرونِ حيثُ كانَ المسلمونَ قادةَ العلم التجريبي، - 00:31:42ضَ
بينَما أوروبا تَغرقُ في الجهلِ والتّخلفِ. ماذا كانَ صاحبُنا سيقولُ؟ - 00:31:47ضَ
ماذا كانَ سيقولُ لو أنّهُ قرأَ تفنيدَ روبرت بريفولت "Robert Briffault" - 00:31:52ضَ
في كتابِه "صناعةُ الإنسانيّةُ"، لادِّعاءِ أنَّ بيكون هوَ مَن وضعَ أُسُسَ العلمِ التجريبيِّ؟ - 00:31:55ضَ
يقولُ بريفولت: "إنَّ روجر بيكون درَسَ اللغةَ العربيّةَ والعلمَ العربيَّ في مدرسةِ أوكسفورد" - 00:32:01ضَ
"على يدِ خلفاءِ مُعَلِّمِي العربِ المسلمينَ في إسبانيا" - 00:32:08ضَ
"وليسَ لروجر بيكون، ولا لسمِيِّهِ الذي جاءَ بعدَه، الحقَّ في أنْ يُنْسَبَ إليهِما الفضلُ" - 00:32:13ضَ
"في ابتكارِ المنهجِ التّجريبيِّ." - 00:32:19ضَ
"فلم يكُنْ روجر بيكون إلّا رسولًا من رُسُل العلمِ التّجريبيِّ والمنهجيّةِ" - 00:32:22ضَ
"لدى المسلمينَ إلى أوروبا المسيحيّةِ." - 00:32:27ضَ
نحنُ في هذِه الحلقةِ لم يكُنْ عملُنا نِسبةَ العلم التجريبي إلى الأشخاصِ، - 00:32:30ضَ
بلْ إلى منهجِ الخالقيّةِ، الموجودِ أصالةً في نفوسِ هؤلاءِ الأشخاصِ، - 00:32:33ضَ
وإنْ أثَّر فيروسُ المادِّيّةِ عليهم حتى أَنطقَهُم بالهذيانِ. - 00:32:37ضَ
قدْ تقولُ لي: - 00:32:42ضَ
"لماذا تجمعُ لي شواذَّ الأقوالِ مِن كلامِ ليونتن ودوكينز وكراوس وأمثالِهم؟" - 00:32:43ضَ
"أنتم، كمؤمنينَ، عندكُم أقوالٌ شاذَّةٌ لشيوخِكُم، وبإمكاني أنْ أجمعَها لكُم!" - 00:32:48ضَ
فأقولُ لكَ: هذهِ الأقوالُ التي نحشِدُها للمادِّيِّينَ هي النَّتاجُ الطبيعيُّ لمادِّيّتهِم، - 00:32:54ضَ
فهيَ ليسَت شذوذًا عَن مادِّيِّتهم بلْ تجسيدٌ لهُ. - 00:33:00ضَ
بينما ما ستحشدُه لي مِن أقوالِ بعضِ المُنتَسِبينَ للمنهجِ الإيمانيِّ، هو شذوذٌ عن هذا المنهجِ، - 00:33:04ضَ
فيُمَثِّلُهم ولا يُمَثِّلُ المنهجَ. - 00:33:10ضَ
كذلكَ إذا قالَ لنا أحدُ العلماءِ المادِّيِّينَ: - 00:33:13ضَ
أنا لا أنكرُ البَدَهِّياتِ العقليّةِ ولا أشكُّ في موثوقيَّةِ العقلِ - 00:33:16ضَ
فإنَّا نقولُ له: جميلٌ، لكنِ اعترفْ - 00:33:20ضَ
بأنَّ هذا تناقضٌ مع قواعدِكَ المادّيّةِ التي تؤدّي حتمًا إلى إنكارِ هذا كلِّه. - 00:33:23ضَ
عَرَفنا إذن كيفَ استطاعَ المُقنَّعُ أنْ يوهِمَ النّاسَ بأنّ العلمَ التّجريبيَّ هو ولدُهُ، - 00:33:30ضَ
تَقرصَنَ كالفيروسِ، وحتّى يزيدَ التّمويهَ، - 00:33:36ضَ
لطَّخَ وجهَ الولدِ وسوَّدهُ بالشحبارِ ليُخفِيَ معالِمَهُ وملامِحَهُ الحقيقيّةَ، - 00:33:39ضَ
فيُصدِّقَ النّاسُ دعوى الأُبوَّةِ المُفتراةِ، لذلكَ تَراهُم يُكثِرونَ مِنَ استخدامِ عِباراتٍ - 00:33:45ضَ
تَخلطُ حقائقَ العلم التجريبي بتخريفاتٍ مادِّيّةٍ، كأنّهما شيءٌ واحدٌ. - 00:33:51ضَ
فتجدُ في هذه الورقةِ مثلًا، تَجِدهُم يَذكرونَ ضمنَ افتراضاتِ العلمِ التجريبيِّ الغربيِّ - 00:33:55ضَ
أنَّ الكونَ تَشكَّل بالصُّدفةِ مِن أصغرِ إلى أكبرِ تركيبٍ فيهِ، - 00:34:01ضَ
مِن خلالِ قوانينَ طبيعيّةٍ قابلةٍ للاكتشافِ. - 00:34:06ضَ
جملةٌ يَنقضُ آخرُها أوَّلَها... - 00:34:10ضَ
فالتَّشكّلُ بالصّدفةِ هو هذيانُ المادّيّةِ. - 00:34:13ضَ
بينما القوانينَ القابلةِ للاكتشافِ هيَ مِن العلمِ التَجريبيِّ وليدِ المنهجِ المُقِرِّ بالخالقيّةِ - 00:34:16ضَ
الذي يؤمنُ بالسُّنَنِيَّةِ والثّباتِ. - 00:34:23ضَ
لذلكَ كلِّه -إخواني-، فالمنهجُ المادّيُّ ليسَ إلا كِذبةً كبرى. - 00:34:26ضَ
وما كنتُ أقولُ عنه "منهج" حتّى الآن إلّا تنزُّلًا وإلّا فهوَ ليسَ منهجًا ولا له كيانٌ مُستَقِلٌّ، - 00:34:30ضَ
وإنّما الوصفُ الدّقيقُ لهُ هوَ "فيروسُ المادّيّةِ". - 00:34:37ضَ
لم يُقدِّمْ فيروسُ المادّيّةِ للعلم التجريبي إلّا كما ُتقدِّمُه الفيروساتُ الضّارَّةُ. - 00:34:41ضَ
فهوَ قدْ أفسدَ أماناتِ كثيرٍ مِن الباحثينَ المادِّيِّينَ حتّى خرجوا عَلينا بنتائجَ مُزَوَّرةً، - 00:34:46ضَ
كَلَّفتْ البشريّةَ أرواحًا وأوقاتًا وجهودًا - 00:34:52ضَ
وأفسدَ تفسيرَ نتائَج العلم التجريبي، ليُسخِّرَها لخدمةِ هدفِهِ المحدَّدِ مُسبقًا - 00:34:56ضَ
في إنكارِ الغيبيّاتِ الصّحيحةِ - 00:35:01ضَ
وقدْ رأينا نماذجَ صارِخةً لذلك في حلقةِ "تزويرُ العلمِ، الشّذوذُ الجنسيُّ مثالًا" - 00:35:03ضَ
وفي نماذجِ العلمِ الزّائفِ (بالانجليزيّة) العلمُ الزّائفُ، - 00:35:09ضَ
التي استعرضناها حتّى الآنَ في السّلسلةِ، - 00:35:11ضَ
ثم سخَّر فيروسُ المادّيّةِ جانبًا من العلم التجريبي للدّمارِ والعُدوانِ، - 00:35:14ضَ
ولم يسلمْ مِن فيروسِ المادّيّةِ ولا حتّى الحِسَّ إذْ لم يُحرِّمْ حرامًا ولم يُحِلَّ حلالًا، - 00:35:18ضَ
فتَعاطى النّاسُ المُسكِراتِ والمُخدِّراتِ والمُهَلْوِساتِ، فرَأَوْا وسَمعوا أوهامًا وخيالاتٍ، - 00:35:24ضَ
فلا سلِمَ في ظلِّ المادّيّةِ دِينٌ، ولا فطرةٌ، ولا عقلٌ، ولا خَبرٌ، ولا حِسٌّ، ولا تجريبٌ - 00:35:30ضَ
ولا سلِم منهجٌ متناسقٌ يتعاملونَ به معَ الوجودِ، وانفرطَ عليهِم عِقْدُ كلِّ شيءٍ. - 00:35:38ضَ
عُدْ بعدَ ذلكَ كلِّه إلى الآيةِ العظيمةِ ليتشرَّبَها قلبُكَ كلمةً كلمةً: - 00:35:46ضَ
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [القرآن 28:18 ] - 00:35:54ضَ
إذَنْ، فكلُّ دعاوى صاحبِنا المُقنَّعِ كانت كذبًا. - 00:36:03ضَ
فلا هو أنتَجَ العلم التجريبي، ولا السَّيَنْسْ أنتَجَه ودلَّ عليهِ، - 00:36:06ضَ
ولا هما شيءٌ واحد، ولا أصولهما مشتركة، - 00:36:11ضَ
لا هوَ مِن العلم التجريبي في شيءٍ، ولا السَّيَنْسْ منهُ في شيءٍ - 00:36:15ضَ
ولا بإمكانِهِ أن يُفسِّرَ الكونَ والحياةَ تفسيرًا مستقلًّا عَنْ أيِّ منهجٍ آخرٍ، - 00:36:18ضَ
كما ادَّعى لنا في البدايةِ. - 00:36:22ضَ
وبإمكانكَ -أخي- أن تقومَ بهذهِ التّجربةِ بنفسِك - 00:36:25ضَ
اسألْ أيَّ "مادِّيٍّ" عَن طبيعةِ العلاقةِ بينَ المادِّيّةِ والعلمِ التّجريبيِّ، - 00:36:28ضَ
وانظُرِ الكذبَ أوِ التخبُّطَ وكيفَ أنّ هؤلاءِ يفشلونَ في التفريقِ بينَ فيروسِ المادّيّةِ الذي أصابَهم - 00:36:33ضَ
والمادّةِ الوراثيّةِ لمنهجِ الخالقيّةِ المركوزةِ في نفوسِهِم. - 00:36:40ضَ
بعدَ أن فَصَلْنا العلمَ التّجريبيَّ عنِ المادِّيّةِ، - 00:36:45ضَ
بعدَ أنِ استردَدْنا الولدَ الجميلَ مِن خاطِفِه المُقنَّعِ، - 00:36:49ضَ
بقي علينا أنْ نُزيَح القناعَ عنِ المُقنَّعِ. - 00:36:53ضَ
أنتَ أيّها المُقنَّعُ ادَّعيتَ أنَّكَ انطلقْتَ من إنكارِ الغيبِ، - 00:36:56ضَ
ما بالُنا نراكَ إذَن وصلْتَ إلى غيبيّاتٍ مُفْتَرَضَةٍ غبيّةٍ تسدُّ بها فجوةَ الغيبِ الحقيقيِّ! - 00:37:01ضَ
ما بالُنا نراكَ تحدّثُنا عَن كائناتٍ فضائيّةٍ بذَرَتْ بذرةَ الحياةِ، - 00:37:08ضَ
وعن وجودِ العقلِ والإرادةِ للميكروباتِ، - 00:37:13ضَ
وعن أكوانٍ صُدَفيّةٍ لا حصرَ لها، تفسِّرُ الضّبطَ الدّقيقَ لكونِنا، - 00:37:16ضَ
وعن أنَّ الكونَ أوجدَ نفسَه بنفسِه - 00:37:21ضَ
بلْ ونُكتةٌ أخرى: - 00:37:24ضَ
[البدايةُ لا تدلُّ على وجودِ إلَهٍ] - 00:37:25ضَ
[هيَ كذلكَ، إنْ كانتِ المقدّمةُ الأولى صحيحةً] - 00:37:28ضَ
[ما لهُ وجودٌ فلا بدَّ من سببٍ لوجودِه] - 00:37:30ضَ
[ولكن لا يجبُ أن يكونَ السّببُ هو الإلَه] - 00:37:34ضَ
[تذكّر أنّي ذكرتُ حجَّة بأنَّ ذلكَ السّببَ غيرُ وقتيٍّ، - 00:37:36ضَ
ولا مكانيٍّ وغيرُ مادِّيٍّ، - 00:37:40ضَ
وذو قوّةٍ ضخمةٍ، وغيرُ شخصيٍّ] - 00:37:42ضَ
[أعتقدُ أنّ السّببَ هو كمبيوتَر] - 00:37:44ضَ
[حسناً، الكمبيوترات يصمِّمُها النّاسُ] - 00:37:46ضَ
[كلّا،كلّا، هذا كمبيوتر ذاتيُّ التصميِم] - 00:37:49ضَ
إذنْ، يقولُ لكَ هذا المادِّيّ أنَّ الذي خلقَ الكونَ هوَ كومبيوتر ذاتيُّ التّصميمِ. - 00:37:52ضَ
هذهِ كلُّها أمورٌ مُدَّعَاةٌ غيبيّةٌ لكنَّها غبيّةٌ. - 00:37:57ضَ
لا بدّ من الوصولَ إلى الغيبَ إذنْ لأنَّ القصّةَ لا تكتملُ إلّا بالغيبِ، - 00:38:02ضَ
والقولُ بأنَّ المادِّيّةِ لا تعترفُ بالغيبيّاتِ قولٌ باطلٌ. - 00:38:07ضَ
إذن فقدْ كذبْتَ علينا أيّها المُقنَّعُ حتّى في هذهِ، وأنتَ في الحقيقةِ مستعِدٌّ للإيمانِ بالغيبِ، - 00:38:11ضَ
فما رأيُكَ أنٍ تُسَلِّمَ بالغيبِ الذي دلَّتْ عليهِ مُولِّداتُ المعرفةِ كلُّها؟ - 00:38:19ضَ
ما رأيُكَ أنٍ تُسَلِّمَ بالغيبِ الذي نتَوصَّلُ إليهِ من خلالِ منهجٍ مُحكَمٍ مُنضَبطٍ - 00:38:24ضَ
بدلًا من غيبيَّاتٍ غبيّةٍ متفلّتةٍ لا ضابطَ لها ولا رابطَ؟ - 00:38:30ضَ
أنتَ ادَّعيتَ لنا في البدايةِ أنّكَ موضوعيٌّ محايدٌ، ليسَت لديكَ مقرَّراتٌ مُسبقةٌ، - 00:38:36ضَ
بلْ تدورُ معَ العلم التجريبي حيثُ دارَ، - 00:38:42ضَ
ما رأيُكَ إذنْ أنْ تُسَلِّمَ بوجودِ الخالقِ الّذي دلَّ عليه العلم التجريبي ومُولِّداتُ العلم التجريبي؟ - 00:38:44ضَ
هنا، ارتعدَ المُقنَّعُ واهتزَّ هزَّةً أسقطَتِ القناعَ، وكشفَتِ الوجهَ الحقيقيَّ، - 00:38:50ضَ
وقالَ على لسانِ ليونتن: "علينا ألّا نسمحَ لأيّ قَدمٍ إلهيّةٍ بالولوجِ منَ البابِ" - 00:38:57ضَ
وقالَ على لسانِ هارولد: "يجبُ علينا أنْ نرفضَ كمسألةِ مبدأ - 00:39:03ضَ
خيارَ التصميمِ الذّكيِّ كبديلٍ عن الصُّدفةِ". - 00:39:07ضَ
وقالَ على لسانِ تود: "حتى لو دلَّتْ كلُّ الأدلّةِ على وجودِ مُصَمِّمٍ ذكيٍّ، فإنَّ هذهِ الفرضيّةَ - 00:39:10ضَ
تُستَبْعَدُ من العلم التجريبي؛ لأنّها ليست ضمن الطّبيعةِ". - 00:39:16ضَ
وقالَ على لسانِ دانيال دِنيت "Daniel Dennett" "إنّي أتبنَّى ما يظهرُ كموقفٍ عَقَديٍّ أنَّ علينا - 00:39:20ضَ
تجنُّبَ الاعترافِ (بالانجليزية) بالثُّنائيّةِ يعني وجودَ حقائقَ غيرِ المادّةِ بأيِّ ثَمَنٍ كان!" - 00:39:26ضَ
بالحرفِ، بأيِّ ثَمَنٍ كان! آها! - 00:39:34ضَ
ظهرَ الوجهُ الحقيقيُّ أخيرًا. - 00:39:38ضَ
إذنْ أنتَ أيّها المُقنَّعُ ما أنتَ إلّا الإلحادُ - 00:39:40ضَ
طرَدناكَ منَ البابِ فعُدتَ إلينا منَ الشبّاكِ مُقنَّعًا وواضعًا الولدَ المُختَطفَ في واجِهَتِكَ، - 00:39:43ضَ
لتُجَمِّلَ بهِ قُبحَكَ. - 00:39:50ضَ
وعودُ الحياديّةِ وعدمُ الدّخولِ في صراعِ الدِّينِ والإلحادِ، هذهِ كلُّها كانت كذبًا - 00:39:51ضَ
تغطِّي بهِ حقيقتَك. - 00:39:57ضَ
آمنْتَ أيُّها المُقنَّعُ بالغيبِ الباطلِ، وكفرْتَ بالغيبِ الحقِّ، فكنتَ ممّن قالَ اللهُ فيهِم: - 00:39:59ضَ
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [القرآن 29 :52] - 00:40:05ضَ
تَنكَّرْتَ أيها المُقنَّعُ للفطرةِ، طعنْتَ في العقلِ، أنكرْتَ البَدَهيِّاتِ، كذَّبْتَ بالسُّنَنِ، - 00:40:10ضَ
عطَّلتَ دلالةَ الأثرِ المحسوسِ، كلّ هذا، في سبيلِ أنْ تُنكرَ الخالقَ. - 00:40:16ضَ
عرَفناكَ منَ البدايةِ مِن صوتِك، لكنْ أمهلْناكَ واستدرجْناكَ، حتى شهِدتَ على نفسِك - 00:40:22ضَ
﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْل﴾ [القرآن 47: 30] - 00:40:28ضَ
نَعم، المادّيّةُ ما هيَ إلّا إعادةُ تدويرٍ للإلحادِ - 00:40:30ضَ
إذن في هذه الحلقةِ -إخواني- بيَّنَّا حقائقَ في غايةِ الأهميّةِ: - 00:40:36ضَ
صحَّحْنا نَسَبَ العلم التجريبي وحكَمنا بهِ لوالدهِ الحقيقيِّ، لمنهجِ الإقرارِ بالخالقيّةِ - 00:40:41ضَ
الذي يعتمدُ في بناءِ المعرفةِ على كُلٍّ من الفطرةِ والعقلِ والخبرِ والحِسِّ. - 00:40:47ضَ
واكتشفنا أنّ نسبةَ العلمِ التّجريبيِّ إلى المنهجِ المادّيِّ أُكذوبةٌ كبرى. - 00:40:52ضَ
بل، والمنهجُ المادّيُّ نفسُه أُكذوبةٌ كبرى. - 00:40:57ضَ
إلحادٌ مُقنَّعٌ لايقومُ بذاتِه ولا يُقدِّمُ أيّةَ منفعةً بل هو فيروسٌ تقرصنَ على منهجِ الخالقيّةِ. - 00:41:01ضَ
أما وقد اكتشفنا هذا كلّهُ، - 00:41:11ضَ
فإن هناكَ إجراءاتٍ كثيرةٍ، ينبغي اتخاذُها تصويبًا للأوضاعِ. - 00:41:13ضَ
إجراءاتُ تصويبِ الأوضاعِ هذهِ سنتركُها للحلقةِ القادمةِ والمُهِمّةِ أيضًا. - 00:41:17ضَ
فتابِعوا معنا، والسّلامُ عليكُم. - 00:41:22ضَ