البرنامج الرمضاني || رمضان حكم وأحكام
رمضان حكم وأحكام (11) || الصيام والقرآن || أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
التفريغ
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. اما بعد معشر الصائمين والصائمات لا يخفى على مؤمن الصلة العريقة بين رمضان والقرآن فقد خلدها الله تعالى بقوله شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان - 00:00:00ضَ
تحري بالصائم اللبيب ان يتفطن لهذه العلاقة ويوليها انتباهه ويستثمر شهر رمضان في تلاوة القرآن اعاني وتدبره ومدارسته ذلك ان القرآن العظيم مستودع العلم والايمان ومنبع الهدى والفرقان والتدبر هو الغاية التي لاجلها انزل القرآن كما قال تعالى - 00:00:27ضَ
كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته. وليتذكر اولوا الالباب حين يقبل المؤمن على كتاب الله يتلوه حق تلاوته ويسلم له عقله وقلبه سرعان ما يسري فيه روح عجيبة يعيد تركيب النفس وتنظيم الفكر وضبط الوجدان - 00:00:57ضَ
يجد كلاما جليلا وقولا ثقيلا. ونورا مبينا كما قال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا - 00:01:22ضَ
القرآن حقا معجزة خالدة تذعن له الاعناق. وتطأطأ له الرقاب وتذرف له الدموع. وتخشع له القلوب. وتقشعر منه الجلود ثم تلين لذكر الله بالله عليكم هل يجتمع ذلك التأثير في غير القرآن - 00:01:41ضَ
لا والله. لقد هز اركان العتات وكسر شوكتهم واطفأ فوعتهم فقد روى ابن اسحاق في السيرة ان عتبة ابن ربيعة وكان سيدا قال يوما وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله - 00:02:02ضَ
الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده. يا معشر قريش الا اقوم الى محمد فاكلمه واعرض عليه امورا لعله يقبل بعضها فنعطيه ايها شاء ويكف عنا وذلك حين اسلم حمزة ورأوا اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون - 00:02:19ضَ
فقالوا بلى يا ابا الوليد فقم اليه فكلمه فقام اليه عتبة حتى جلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن اخي انك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب - 00:02:42ضَ
وانك قد اتيت قومك بامر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به احلامهم ولعبت به الهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من ابائهم فاسمع مني اعرض عليك امورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها - 00:03:01ضَ
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا ابا الوليد اسمع قال يا ابن اخي ان كنت انما تريد بما جئت به من هذا الامر مالا جمعنا لك من اموالنا حتى تكون من اكثرنا اموالا - 00:03:23ضَ
وان كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع امرا دونك وان كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الذي يأتيك رأيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك. طلبنا لك الطب وبذلنا فيه اموالنا حتى نبرأك منه. فانه ربما - 00:03:40ضَ
غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. او كما قال له حتى اذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال افرغت يا ابا الوليد؟ قال نعم - 00:04:03ضَ
قال فاستمع مني. قال افعل. قال بسم الله الرحمن الرحيم حا ميم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت اياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فاعرض اكثرهم فهم لا يسمعون - 00:04:17ضَ
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرأها عليه فلما سمع عتبة انصت لها والقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه - 00:04:38ضَ
وسلم الى السجدة منها فسجد. ثم قال قد سمعت يا ابا الوليد ما سمعت فانت وذاك فقام عتبة الى اصحابه فقال بعضهم لبعض اقسم يحلف بالله لقد جاءكم ابو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به - 00:04:54ضَ
فلما جلس اليهم قالوا ما ورائك يا ابا الوليد؟ قال ورائي اني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة. يا معشر قريش اطيعوني واجعلوها لي خلوا بين الرجل وبين - 00:05:13ضَ
كما هو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعته نبأ فان تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم. وان يظهر على العرب وملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم اسعد الناس به. قالوا سحرك والله يا ابا الوليد بلسانه. قال هذا رأيي فيه فاصنعوا - 00:05:33ضَ
ما بدا لكم وقد اخرج الحاكم عن ابن عباس ان الوليد ابن المغيرة جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن وكأنه رقله. فبلغ ذلك ابا جهل فقال له يا عمي ان قومك يريدون ان يجمعوا لك مالا ليعطوك. لان لا تأتي - 00:05:57ضَ
محمدا فتعرض لما قاله. فقال قد علمت قريش اني من اكثرها مالا قال فقل فيه قولا يبلغ قومك انك منكر له وكاره قال وماذا اقول؟ فوالله ما فيكم رجل اعلم بالاشعار مني - 00:06:18ضَ
ولا اعلم برجزها وبقصيدها مني والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا. والله ان لقوله الذي يقول حلاوة وان عليه لطلاوة. وانه لمثمر كن اعلاه مغدق اسفله وانه ليعلى وما - 00:06:35ضَ
وانه ليعلو وما يعلى. قال لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال فدعني حتى افكر فيه فقال هذا سحر يؤثر. يأثره عن غيره. فنزلت فذرني ومن خلقت وحيدا الى اخر الايات - 00:06:55ضَ
معشر المستمعين والمستمعات من الصائمين والصائمات. اذا كان هذا الخضوع للقرآن يقع لهذين العتلين الصنديد من ائمة الكفر وهم ينهون عنه وينهون عنه فكيف باصحاب القلوب الرقيقة والفطر السليمة ولم يزل الناس حتى يومنا هذا يلحقهم لسماعه دهشة وروعة واجلال وانبهار. ولربما سمعه من لا - 00:07:15ضَ
العربية فتأثر به وميزه عن سائر الكلام في قصص مشهورة وذلك لما زينه الله به من الحلاوة والطلاوة الظاهرة. فكيف بمن تدبره وتفكر في معانيه وتأمل اثاره وقد وردت كلمة يعقلون او تعقلون ستا واربعين مرة في القرآن - 00:07:44ضَ
ووردت كلمة يتفكرون او تتفكرون ثلاث عشرة مرة ووردت كلمة يتذكرون وتتذكرون ويتذكرون احدى وعشرين مرة وجاء الامر بالتدبر تصريحا وتلميحا في ايات بينات كقوله افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وقوله افلم يتدبروا - 00:08:08ضَ
القول وقوله افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وبايزاء هذا الحظ والثناء على التدبر والمتدبرين ذم وتسفيه للغافلين المعرضين. كقوله تعالى وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون - 00:08:37ضَ
وقوله وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث الا كانوا عنه معرضين. وقوله ومنهم من يستمع اليك حتى اذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال انفا اولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا اهواءهم وامثال هذا كثير - 00:09:02ضَ
وسنعرض في الحلقات القادمة الى شيء من قواعد التدبر المعينة على الانتفاع بكتاب الله وعمارة شهر رمضان بما به والله المستعان - 00:09:25ضَ