البرنامج الرمضاني || رمضان حكم وأحكام
رمضان حكم وأحكام (12) || القواعد العلمية في تدبر القرآن || أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
التفريغ
معشر الصائمين والصائمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تقدم في حديث الامس بيان العلاقة بين رمضان والقرآن واهمية تدبر القرآن ومدارسته في هذا الشهر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس - 00:00:00ضَ
وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. متفق عليه - 00:00:25ضَ
قال ابن القيم رحمه الله فلا شيء انفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فانه جامع لجميع للسائلين واحوال العاملين ومقامات العارفين وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والانابة والتوكل - 00:00:44ضَ
والرضا والتفويض والشكر والصبر. وسائر الاحوال التي بها حياة القلب وكماله وكذلك يزجر عن جميع الصفات والافعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها - 00:01:04ضَ
فاذا قرأه بتفكر حتى مر باية وهو محتاج اليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو فقراءة اية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وانفع للقلب وادعى الى حصول الايمان وذوق حلاوة القرآن وهذه كانت عادة السلف. يردد احدهم الاية - 00:01:27ضَ
الى الصباح انتهى كلام ابن القيم رحمه الله وما كان الله ليأمر عباده بامر الا وهو تحت الطوق والقدرة والا قد فتح لهم من الاسباب والابواب ما يمكنهم من بلوغه - 00:01:56ضَ
وقد اعتنى المتقدمون والمتأخرون من اهل العلم ببيان تلك الطرائق في التدبر واسبابه ومفاتيحه والمتأمل فيها يجد انها تؤول الى نوعين علمية وعملية. فلنبتدأ بذكر القواعد العلمية فاولها العلم بان القرآن - 00:02:13ضَ
كلام الله ان امتلاء القلب بهذه العقيدة ويقينه الراسخ ويقينه الراسخ بان هذا الكلام المتلو هو كلام رب العالمين الذي نزل به الروح الامين. على قلب سيد المرسلين لا يهيئه احسن تهيئة ويكيفه ادق تكييف لاستقباله وتلقيه وتدبره - 00:02:36ضَ
ان هذه العقيدة العتيدة القرآن كلام الله التي نافح السلف الكرام في سبيل تقريرها والذب عنها لها من الاثار العظيمة في منهج التلقي والاستدلال والتأثر والقبول ما لا يحيط به وصف - 00:03:01ضَ
فهي تورث القلب اجلالا واكبارا واحتفاءا بهذا القول الكريم وتفتح منافذ السمع والبصر والفؤاد للتدبر والاستبصار قال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد - 00:03:19ضَ
ان علم العبد مصدر هذا القرآن العلوي ووصفه الرباني ليوجب له تأثرا ظاهرا وباطنا. ويستدعي فهما ووعيا. قال تعالى ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا. ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا - 00:03:38ضَ
ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ومن صور استشعار هذا المعنى العظيم ما رواه الحاكم والدارمي والبيهقي عن ابن ابي مليكة قال كان عكرمة بن ابي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويبكي ويقول كلام ربي - 00:04:02ضَ
كتاب ربي والى جانب ما يثمره العلم بان القرآن كلام الله من المعاني القلبية والايمانية فانه يسدد العقل ويضبط مساره فيمتلئ قناعة بان كل حرف من حروف هذا القرآن وكل جملة وكل اية مقصودة لقائلها معبرة - 00:04:24ضَ
عمعناها ليس فيه حشو ولا تزيد لكونه من حكيم حميد قال تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقال ومن اصدق من الله حديثا وقال ومن اصدق من الله قيلا وقال ولو كان من عند غير الله لوجدوا - 00:04:46ضَ
فيه اختلافا كثيرا فلما اعتصم المسلمون بهذه العقيدة فتح الله عليهم كنوزه وعصمهم الله من مزالق التعطيل والتأويل والتمثيل والتجهيل في كلام الله وسلموا من اخضاعه لمطارق النقد التي يضرب بها اللاهوتيون التوراة والانجيل ويتدسس بها المتكلمون - 00:05:09ضَ
لتحريف النصوص على ما يوافق اهواءهم فينبغي لمن استفتح كلام الرحمن ان يستشعر جلالة المقام ويضع نفسه في موضع العبودية يروى عن مسلم الخواص قال كنت اقرأ القرآن فلا اجد له حلاوة. فقلت لنفسي اقرئي كانك سمعتيهم - 00:05:34ضَ
من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاءت حلاوة قليلة. ثم قلت لنفسي اقرئي كانك سمعتيه من جبريل عليه السلام حين اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قال فازدادت الحلاوة. ثم قلت لنفسي اقرئي كانك سمعتيه من الله سبحانه - 00:05:57ضَ
وتعالى حين تكلم به قال فجاءت الحلاوة كلها. انتهى من حلية الاولياء القاعدة الثانية العلم باللغة قد انزل الله القرآن بلسان عربي مبين لان العربية لغة ذات دلالات واشتقاقات واسعة لا تدانيها لغة من لغات بني ادم - 00:06:20ضَ
وقد جعل الله رسوله من افصح الناس لسانا وابينهم بيانا. قال تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه بين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء. وهو العزيز الحكيم. وقال وكذلك اوحينا اليك قرآنا - 00:06:47ضَ
عربية لتنذر ام القرى ومن حولها. وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه. فريق في الجنة وفريق في السعير فكان لزاما على من اراد فهم مراد الله ان يعرف معاني الفاظها وتراكيبها ويتذوق اساليبها ويحسن اعرابها. ويحصل ذلك رأسا بمطالعتكم - 00:07:07ضَ
كتب التفسير التي تعنى باللغة والبيان والاعراب. حتى ينشأ لدى المتدبر ذائقة رائقة تستطعم المعاني القاعدة الثالثة من القواعد العلمية العلم بمقاصد القرآن العامة لابد للمتدبر ان يستصحب الغايات العظمى التي لاجلها نزل القرآن. من توحيد الله ونبذ الشرك واتباع - 00:07:31ضَ
والايمان بالمعاد والعمل الصالح. فلا يستقيم للمتدبر ان يتصور القرآن كتاب لغة. او كتاب فقه او كتاب اصول او تاريخ او علوم كونية. وان كان ذلك يحصل تبعا. لكن الاصل العظيم الذي لاجله نزل القرآن - 00:07:59ضَ
اخراج الناس من الظلمات الى النور قال تعالى الف لام راء كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد القاعدة الرابعة العلم بالتاريخ - 00:08:19ضَ
نزل القرآن الكريم في ظرف زماني ومكاني معين ونزلت اياته منجمة على الوقائع والاحداث تمهيدا ومواكبة وتعقيبا اخبارا وانشاء ولا يتم للمتدبر تملي معاني الايات بمعزل عن ادراك الواقع التاريخي. والاجتماعي والسياسي للبشرية عامة - 00:08:38ضَ
وعرب الجزيرة خاصة وقت تنزل القرآن بل معايشة وقائع السورة بل معايشة وقائع السيرة النبوية. وهذا ما عرف لدى المشتغلين بعلوم القرآن بعلم اسباب النزول ان على المتدبر العميق الدقيق ان ينغمس في احداث تلك الفترة المميزة - 00:09:04ضَ
ويتصور نفسه في شعاب مكة وحرار المدينة ويتقمص شخصية من شهد بدرا وتذوق النصر وتذوق النصر العظيم ويتلبس بشعور من حضر احدا وتلقى الدرس البليغ ورابط على حافة الخندق يرشق الاحزاب بالنبل - 00:09:27ضَ
كي لا يقتحموه وزلزل زلزالا شديدا. هذا العلم بالتاريخ ينشأ تكيفا نفسيا منفتحا لتدبر الايات واستنباط المعاني والفوائد والعبر. لا يقع لمن جهل ولا يقدح زناد فكره اللهم انفعنا بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين والحمدلله رب العالمين - 00:09:46ضَ