البرنامج الرمضاني || رمضان حكم وأحكام

رمضان حكم وأحكام (2) || حِكَم الصيام || أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي

أحمد القاضي

معشر الصائمين والصائمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شرح الله صدوركم للاسلام ونور الله قلوبكم بالايمان وعمر ايامكم ولياليكم بالصيام والقيام اما بعد فان الله عز وجل حكيم في شرعه كما انه حكيم في قدره - 00:00:00ضَ

فلا يأمر الا بما فيه مصلحة محضة او مصلحة راجحة ولا ينهى الا عن ما فيه مفسدة محضة او مفسدة راجحة وبسط ذلك في كتب الاصول ومقاصد الشريعة والحكمة التشريعية تارة تكون منصوصة وتارة تكون مستنبطة - 00:00:24ضَ

تكون تعبدية غير مدركة والاستنباط يكون حينا جليا ويكون حينا خفية والصيام عموما وصوم رمضان خصوصا قد تضمن العديد من الحكم الالهية المتنوعة منها المنصوص ومنها المستنبط ومنها الخفي ومنها الظاهر - 00:00:47ضَ

فان الصيام في صورته الظاهرة امساك عن المفطرات من طلوع الفجر الى غروب الشمس. وبذلك تبرأ الذمة ويسقط الطلب الا ان هذه الشعيرة المباركة تنطوي على اسرار خفية ونفحات ندية يكتشفها الصائمون في اعطافها ويذوقون حلاوتها - 00:01:13ضَ

فهلم يا عباد الله نستجلي بعض هذه المقاصد ونتدبر في حكم الصيام من منظور الايمان من ابرز هذه الحكم والمقاصد ومن ابرز هذه الحكم والمقاصد اولا تحقيق تقوى الله تعالى - 00:01:37ضَ

كما نص سبحانه على ذلك بقوله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فللكف عن الطعام والشراب والنكاح وسائر المفطرات اثر في تحقيق التقوى من وجهين - 00:01:57ضَ

احدهما وجداني فان شعور المتعبد بالامساك عن المحبوبات تعبدا لله تعالى يذكره بحقيقة عبوديته وانقياده وخضوعه لمعبوده فيزيد ايمانه وتقواه والثاني عضوي وذلك ان قمع البدن عن الشره والنهم في المآكل والمشارب والمناكح يضعف فوعة النفس الامارة ويطالب - 00:02:19ضَ

ويذهب عدوانيتها فتخبث وتستكين وتقوى الله تعالى حالة قلبية قبل ان تكون سلوكا ظاهريا فاذا استقرت فيه انبعثت الجوارح تلقائيا بالاستجابة طواعية وتلذذا بالعبادة والصوم مدرسة الاخلاص فما من عبادة يتحقق فيها الاخلاص لله تعالى كالصيام - 00:02:48ضَ

فلو شاء الصائم لاوصد الابواب وارخى الستور وانقض على الطعام والشراب لكنه لا يفعل لانه اراد الله والدار الاخرة وهذا معنى ما ورد في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله كل عمل ابن ادم له الا الصيام - 00:03:19ضَ

فانه لي وانا اجزي به. متفق عليه ولما كان كذلك ادركته بركة الاخلاص فظوعف ثوابه من غير عد قال صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن ادم يضاعف الحسنة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف. قال الله عز - 00:03:41ضَ

عز وجل الا الصوم فانه لي وانا اجزي به يدع شهوته وطعامه من اجلي. رواه مسلم وهذا العرض المغري يربي المؤمن على تحقيق الاخلاص في جميع العبادات ويحمله على تنقيتها من الشوائب - 00:04:04ضَ

وحبوب النفس لينال الاجر المضاعف كما دل على ذلك قوله لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما - 00:04:24ضَ

الامر الثاني الاستكثار من العمل الصالح يخيل للمرء لاول وهلة ان الصوم يقعد به عن العمل وانه يورث الخمول والكسل والواقع ان الصوم عموما وصوم رمضان خصوصا ينشئ في النفس دافعية ورغبة في العمل الصالح - 00:04:44ضَ

ان تجتمع في رمضان بالاضافة الى الصيام امهات الاعمال الصالحة منها الصلاة ففي الحديث من قام شهر رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه النسائي واصله في الصحيحين - 00:05:07ضَ

الامر الثاني الصدقة الواجبة والمستحبة فقد كان عثمان ابن عفان رضي الله عنه يقول على المنبر هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل اموالكم فتؤدون منه الزكاة. رواه مالك في الموطأ - 00:05:33ضَ

ولم يزل المسلمون يحرصون على اخراج زكواتهم في رمضان تحريا لشرف الزمان واما الصدقة المستحبة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان - 00:05:54ضَ

اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. فلرسول الله الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. متفق عليه ومن العبادات العظمى التي تحصل في هذا الشهر وتستحب الحج الاصغر - 00:06:12ضَ

وهو العمرة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لام سنان الانصارية ما منعك من قالت ابو فلان تعني زوجها. كان له ناضحان حج على احدهما والاخر يسقي ارضا لنا - 00:06:36ضَ

قال فان عمرة في رمضان تقضي حجة او قال حجة معي. رواه البخاري ومن الاعمال الصالحة التي يختص بها هذا الشهر قراءة القرآن. وهو اعظم الذكر ولا اختصاص رمضان بالقرآن. قال تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى - 00:06:57ضَ

والفرقان وقد كان السلف يأتون بالعجب العجاب من كثرة الختمات في رمضان حتى انهم يمسكون عن رواية الحديث وتعليم العلم مقبلون على القرآن ومن حكم الصيام تحقيق الادب والسمت الحسن - 00:07:24ضَ

فان مما ينشره الصوم في نفس الصائم تلك الجلالة والمهابة والحشمة والادب الرفيع الذي يتنزه به الرديء الاخلاق ومهاترات السوقة فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام جنة - 00:07:46ضَ

فلا يرفث ولا يجهل وان امرء قاتله او شاتمه فليقل اني صائم مرتين متفق عليه وان مما يلفت النظر في ذكر فضائل رمضان من صيام وقيام التأكيد على وصفين عظيمين - 00:08:07ضَ

كشرط لحصول المغفرة وهما الايمان والاحتساب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له له ما تقدم من ذنبه - 00:08:26ضَ

ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله اي - 00:08:44ضَ

مؤمنا محتسبا والمراد بالايمان الاعتقاد بحق فرضية صومه وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى وقال الخطابي رحمه الله احتساب اي عزيمة. وهو ان يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه - 00:09:01ضَ

بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لايامه وقال ابن بطال رحمه الله ايمانا واحتسابا يعني مصدقا بفرض صيامه ومصدقا بالثواب على القيامة وصيامه ومحتسبا اي مريدا بذلك وجه الله بريئا من الرياء والسمعة راجيا عليه ثواب - 00:09:22ضَ

ان التحقق بهذين الوصفين يورث التقوى المرجوة ومغفرة الذنب الموعودة. وما احرى المؤمن ان يتمثل هاتين الكلمتين وهو يلحظ الماء النمير يترقرق في شدة الهجير وتداعب انفه رائحة الطعام الشهي وجوفه خلي - 00:09:48ضَ

وما احراه ان يستدعي هذا المعنى حين يصف قدميه في محرابه او خلف امامه رافعا كفيه الى فروع اذنيه مستفتحا قيام الليل. ان ذلك يحيل جوعه وعطشه وتعبه وسهره. حلاوة ايمانية ونعيما روحانيا. وحينما تفتقد هذه المعاني - 00:10:09ضَ

وحينما تفتقد هذه المعاني لا يبقى الا الصورة الظاهرة والجهد الغبين نسأل الله تعالى ان يحبب الينا الايمان وان يزينه في قلوبنا وان يكره الينا الكفر والفسوق والعصيان وان يجعل - 00:10:33ضَ

انا من الراشدين والحمد لله رب العالمين - 00:10:50ضَ