شرح كتاب رياض الصالحين

شرح رياض الصالحين ١٠١ - فضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ايها الاخوة الاخوات نواصل قراءتنا من كتاب رياض الصالحين الامام النووي رحمه الله تعالى. وبعد ان انتهى المصنف رحمه الله - 00:00:00ضَ

قال من باب الامر بالمحافظة على السنة وادابها اتبعه بباب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وما يقوله من دعي الى ذلك وامر بمعروف او نهي عن منكر وهذا من باب - 00:00:20ضَ

التوكيد لما تقدم المسلم الذي ينقاد للسنة يستسلم لحكم الله تعالى ايا كان هذا الحكم ولو كان لا يناسب حاله ولا يوافق شهوته ولو كان يشعر بشيء من المشقة فيه - 00:00:38ضَ

فعليه ان يستسلم وينقاد الانقياد الكامل لله ورسوله فهذه هي حقيقة الاستسلام انت اسمك مسلم لانك استسلمت لله تعالى. واستسلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا - 00:01:02ضَ

تسليما. وتقدمت هذه الاية معنا في الباب الماظي. وعرفنا ان هذه الاية فيها كمال التسليم بحكم الله ورسوله فلا وربك لا يؤمنون فلا يحقق المسلم الايمان الواجب وكمال الايمان الا اذا استسلم الاستسلام الكامل بهذه المراحل - 00:01:28ضَ

الراتب الثلاث قال حتى يحكموك فيما شجر بينهم. تحكم حكم الله ورسوله في اي مسألة يحصل فيها اختلاف بينك وبين زوجتك بينك وبين اصحابك في عملك في اي حال من الاحوال حتى لو كانت بينك وبين خادمك - 00:01:52ضَ

تحتكم لحكم الله ورسوله. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ممكن الانسان يوافق على حكم الله لكن يجد في صدره حرج وضيق من هذا الحكم فمن تمام الاستسلام ان يذهب هذا الضيق من صدرك وهذا يكون بالايمان بحكمة الله ولطفه ورحمته وان الله لا - 00:02:14ضَ

الا بالعدل ولا يشرع لنا الا ما فيه الخير لنا قال ويسلموا تسليما. هذا فيه توكيد على الاستسلام الكامل لله ورسوله. وقال تعالى انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا. واولئك هم - 00:02:40ضَ

هذي صفة المؤمن اذا دعي الى حكم الله ورسوله قيل له هذا حرام هذا واجب فلا يعارض هذا برأيه ويبدأ يعترض اه يتردد وانما يسلم قال وما قال انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان - 00:03:07ضَ

قولوا سمعنا واطعنا. سمعنا سماع قبول واطعنا واولئك هم المفلحون. ثم ذكر هذا الحديث العظيم في هذا الباب قال عن ابي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لله ما في السماوات وما في الارض. وان تبدوا ما في انفسكم او - 00:03:35ضَ

اخفوا يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير في اخر سورة البقرة لما نزلت هذه الاية قال اشتد ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:04:02ضَ

لماذا كانت هذه الاية شديدة على الصحابة ان الله يقول فيها وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله. فظاهر هذه الاية ان الله تعالى ليحاسبنا على خطرات نفوسنا. كل ما يخطر في نفسك فانت محاسب عليه - 00:04:21ضَ

هذا ظاهر الاية. ولذلك اشتدت على الصحابة قال فاتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب هذي هيئة الانسان المنكسر الذليل بركوا على الركب فقالوا اي رسول الله كلفنا من الاعمال ما نطيق. الصلاة والجهاد والصيام والصدقة - 00:04:45ضَ

هذه الاعمال في وسعنا وطاقتنا وقد انزلت عليك هذه الاية ولا نطيقها فمن يطيق ان يحاسب على خطرات نفسه. يخطر في بالك معصية او تفكر في شهوة فانت محاسب على هذا - 00:05:18ضَ

فصعب جدا فقالوا وقد انزلت عليك هذه الاية ولا نطيقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتريدون ان تقولوا كما قال اهل الكتابين يعني اليهود والنصارى من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا واطعنا - 00:05:39ضَ

انا غفرانك ربنا واليك المصير فما كان من الصحابة رضي الله عنهم الا ان استسلموا لحكم الله ورسوله قالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فلما اقترأها القوم وذلت بها السنتهم - 00:06:01ضَ

ايقنوا وصدقوا وسمعوا واطاعوا تأملوا في بركة الاستسلام لله ورسوله انزل الله تعالى في اثرها الايات المباشرة التي تأتي بعد هذه الاية امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون. كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله. لا نفرق بين احد من - 00:06:24ضَ

وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير. كما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا لان الانسان مهما اجتهد في طاعة الله وسمع واطاع لابد ان يزل - 00:06:51ضَ

فيقول غفرانك ربنا يسأل الله المغفرة غفرانك ربنا واليك المصير فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فانزل الله عز وجل لا يكلف الله نفسا الا وسعها آآ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت. ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. قال الله نعم - 00:07:12ضَ

ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا. النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم عن الله يقول قال الله نعم ربنا ولا وحملنا ما لا طاقة لنا به. قال الله نعم واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين - 00:07:38ضَ

قال الله نعم والحديث رواه مسلم فتأملوا في بركة التسليم لله ورسوله لما سلموا الامر لله ما قالوا لا يا رسول الله هذا امر مستحيل مهما آآ تأمرنا او تقول لنا - 00:07:58ضَ

وتحذرنا من آآ اليهود والنصارى وما كانوا عليه من عدم الاستسلام لكن هذا امر شاق ليس في مقدور الانسان وليس في وسعنا ابدا ما رجعوا الى عقولهم والى ارائهم بل سلموا الامر لله ورسوله - 00:08:21ضَ

حتى ولو كان ظاهر الاية ان الله تعالى يحاسب الانسان على خطرات نفسه فلما استسلموا انزل الله تعالى اية التخفيف في سورة البقرة في اخرها لا يكلف الله نفسا الا وسعها - 00:08:40ضَ

لها ما كسبته وعليه ما اكتسبت قول الله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها هذا يدل على ان الله لا يحاسب الناس على خطرات النفوس لان هذا ليس في وسع الانسان - 00:08:59ضَ

الانسان قلبه يتقلب في الدقيقة الواحدة ممكن تفكر في آآ مسائل كثيرة وهكذا خلق الله تعالى نفس الانسان. ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي والانسان تخطر في باله خطرات سوء. فكر في شهوة يفكر في معصية - 00:09:13ضَ

فاذا حوسب الانسان وجوزي على هذه الخطرات يهلك الانسان ولذلك الله تعالى خفف وقال لا يكلف الله نفسا الا وسعها طبعا بعض العلماء المحققين يقولون قول النبي صلى الله عليه وسلم فلما فعلوا ذلك نسخها الله او قول الراوي ابو هريرة فلما فعلوا ذلك نسخها الله ليس المقصود بالنسخ ابطال حكم - 00:09:38ضَ

الاية الماضية لان الناس لا يدخل في الاخبار. يعني الله يخبر انه يحاسب الناس على كذا فهذا خبر ما يمكن ان يبطل وانما النسخ يدخل الاحكام مثلا يغير الله حكم الى حكم - 00:10:08ضَ

كان الصيام على التخيير ممكن ان تصوم ممكن ان تتصدق ثم نسخ هذا الحكم قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه. ذهب التخيير اما الاخبار يقولون لا يدخلها النسخ. فمعنى فلما فعلوا ذلك نسخها الله يعني بين الله تعالى معنى الاية الماضية - 00:10:29ضَ

لان الاية الماضية قال وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله قال العلماء الحساب لا يلزم منه الجزاء ممكن الله تعالى يحاسب المؤمن على شيء لكن لا يعاقبه عليه - 00:10:52ضَ

مثل ما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى آآ يدني المؤمن منه ويضع عليه كنفه ويستره ويقول اتذكر ذنب كذا؟ اتذكر ذنب كذا؟ يقول نعم يا رب نعم يا رب. طب الان هو يحاسبه - 00:11:14ضَ

لكن الله تعالى لا يعاقبه يقول قد سترت عليك آآ في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم فالحساب لا يلزم منه الجزاء ولذلك هذه الاية يحاسبكم به الله نعم قد يحاسب الله تعالى الانسان على ما قام في قلبه - 00:11:32ضَ

لكن من رحمة الله تعالى انه لا يجازي الانسان على خطرات النفوس كما قال لا يكلف الله نفسا الا وسعها ثم ايضا قال ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. ربنا ولا تحمل علينا اصرا يعني - 00:11:55ضَ

امرا ثقيلا كما حملته على الذين من قبلنا لما شدد اليهود على انفسهم شدد الله عليهم. لما تمردوا على احكام الله كلفهم الله باثار ثقيلة مثل اه قول الله تعالى - 00:12:14ضَ

اه اقتلوا انفسكم يعني في التوبة جعل توبتهم ان يقتلوا انفسهم مثلا هذا اصر كبير قال ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به كأن تجازينا على خطرات نفوسنا. هذا شيء لا طاقة للانسان به - 00:12:35ضَ

الله تعالى يعني خفف هذا وبين ان الله تعالى لا يجازي العباد على خطرات نفوسهم كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح ان الله تجاوز لي عن امتي ما حدثت به انفسها - 00:12:56ضَ

شوف حديث النفس الله تجاوز عنه قال ما لم تعمل او تتكلم متى يجازى الانسان يحاسب؟ اذا تكلم او عمل كذلك يجازى الانسان على اعمال القلوب اذا كانت عزيمة عزيمة صادقة - 00:13:15ضَ

اذا الانسان يحب الخير وعنده عزم على الصدقة عنده عزم على حفظ القرآن ثم حاول واجتهد ومات قبل ان يحفظ ما تدري ربما يكتب الله تعالى له اجر حفظ القرآن كله - 00:13:35ضَ

العزم على العمل هذا يحاسب عليه الانسان. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تعالى له حسنة كاملة فان هم بها وعملها كتبها الله تعالى عشر حسنات الى آآ سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة - 00:13:52ضَ

ومن هم بسيئة فلم يعملها تأمل كتبها الله له حسنة لماذا لان تركها خوفا من الله؟ وهذا عمل قلبي فالله تعالى يجازيه على عمل الخير تأمل قال وان هو هم بها فعملها - 00:14:13ضَ

كتبها الله سيئة واحدة وقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلم ان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ مقتول يعني ما قتل؟ لماذا ايضا هو في النار؟ - 00:14:34ضَ

قال انه كان حريصا على قتل صاحبه اذا هذا الحديث يدل على انه ان الله جازاه بحرصه يعني عنده حرص وعزيمة وتحرك اذا يحاسب حتى لو ما عمل العمل الذي يريده وهو القتل هنا - 00:14:51ضَ

انسان عزم على سرقة مال وخرج من بيته واقترب من البيت الذي يريد ان يسرق المال منه. فرأى لصوص او كذا او جماعة من الناس فرجع هذا اذا لم يتب يحاسب يجازى على هذا العمل. حتى لو ما سرق - 00:15:12ضَ

لان عنده عزيمة في قلبه وتحرك ولا نذهب بعيدا. الله تعالى يحاسب ويجازي الانسان على الرياء. يجازي الانسان على الحسد. يجازي الانسان على البغضاء. مع ان هذا قد تكون في نفسك - 00:15:32ضَ

لكن هذه ليست خطرات هذي خطرات تحولت الى عزائم فرق بين الخاطرة وبين العزيمة. الخاطرة تذهب وما ترسخ في النفس لكن العزيمة هي في البداية كانت خاطرة ثم اصبحت فكرة ثم اصبحت ارادة ثم اصبحت عزيمة - 00:15:49ضَ

جازمة واصبح في قلب هذا الانسان والعياذ بالله انه يتمنى ان تزول النعمة عن فلان ترد عليه خاطره لكن لا يطردها وهكذا يغذيها الشيطان حتى تتحول الى ارادة جازمة يتمنى زوال النعمة عن الناس ويكره الخير للناس فهذا - 00:16:11ضَ

تأصل في نفسه يحاسب عليه حتى لو ما تكلم حتى لو ما عمل لماذا؟ لانه هذا عمل قلبي فاذا هذه الاية عرفنا معناها وان المحاسبة وان تخفوا ما في ان وان تبدوا ما في انفسكم هذا واضح او تخفوه يحاسبكم به الله - 00:16:32ضَ

يعني يحاسبكم على اعمال القلوب التي هي عزائم وايرادات جازمة. لان هذا في وسعكم وقد يحاسب الانسان يعني الله تعالى يحاسب الانسان على الخطرات لكن لا يجازيه عليها من باب يعني تذكيره بنعمة الله تعالى عليه وبعفو الله تعالى ورحمته - 00:16:53ضَ

لأن هذا ليس في وسع الإنسان. كما جاء مبينا في النصوص التي ذكرناها فاذا النووي رحمه الله تعالى اقتصر على هذا الحديث في هذا الباب وهو حديث عظيم يدلنا على بركة الاستسلام. لما سلموا الامر لرسول الله وما ناقشوه وجادلوه في معنى الاية - 00:17:17ضَ

الله تعالى انزل عليهم اخر اية في سورة البقرة التي تدل على التخفيف والتيسير. وان الله تعالى لا يكلفنا ما لا طاعة فقتلنا به فنحمد الله على نعمة الاسلام هذا الدين الذي هو دين اليسر والسماحة - 00:17:39ضَ

وآآ هاتين آآ او هاتان الايتان امن الرسول الى اخر يعني سورة البقرة آآ لهما فضل عظيم كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ الايتين اه من اخر سورة البقرة في ليلة كفتاه - 00:17:57ضَ

يعني كفتاه من كل شر من كل هم لانها يعني ايات فيها كمال الايمان والاستسلام لله جل وعلا. نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ويعفو عنا ويرحمنا نسأله تعالى ان - 00:18:16ضَ

ان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:18:32ضَ