شرح كتاب رياض الصالحين

شرح رياض الصالحين ٢٣٣ - لفضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ايها الاخوة والاخوات نواصل قراءتنا من كتاب رياض الصالحين الامام النووي رحمه الله تعالى. يقول في باب - 00:00:00ضَ

فضل البكاء. قال الله تعالى ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا تأمل الامام النووي رحمه الله تعالى بعد ان ذكر باب الرجاء وفضله جمع بين الخوف والرجاء اتبع ذلك بباب فضل البكاء. فهذه ثمرة هذه العبادات القلبية - 00:00:20ضَ

لانه اذا انصلح القلب بحب الله تعالى والخوف منه. والرجاء فيما عنده تدمع العين. ولهذا البكاء له فضل عظيم. البكاء من خشية الله شوقا للقاء الله فهو علامة على صلاح القلب. لان القلب اللين آآ يتأثر منه - 00:00:50ضَ

البدن كله فتدمع العين وتخضع الجوارح. اما القلب القاسي تجمد معه العين ولا تبكي. ولذلك قال بعض السلف علامة الخذلان ترك البكاء البكاء من خشية الله له فضل عظيم. وكما سيذكر المؤلف بعض الاحاديث في هذا - 00:01:20ضَ

عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كان دأب الصحابة رضي الله عنهم. كان حالهم يختلف تماما عن حالنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه كان اذا قام يريد ان يصلي بالناس لا يملك - 00:01:50ضَ

معه من البكاء كان رجلا اسيفا رقيق القلب. بمجرد ان يقرأ القرآن يبكي. وكان عمر رضي الله عنه وهو اه القوي في دين الله كان تحت عينيه خطان من البكاء. خطان اسودان من البكاء رضي الله عنه. وقام - 00:02:10ضَ

يقرأ بسورة يوسف في صلاة الفجر. فلما بلغ قول الله تعالى عن نبيه يعقوب عليه الصلاة والسلام انما اشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون. سمع نشيجه من وراء الصفوف رضي الله عنه - 00:02:33ضَ

هكذا كان سلفنا رحمهم الله تعالى. ابو حنيفة رحمه الله جاء عنه انه كان قبل الصلاة المفروضة يدعو الله تعالى ويكثر من البكاء حتى اذا رآه الرائي قال هذا يخشى الله. يبكي بين يدي مناجاة الله. والامام مالك رحمه الله - 00:02:51ضَ

دخل عليه احد اصحابه المغيرة رحمه الله قال خرجت عند هجعة الناس يعني في بداية الليل عند نوم الناس قال الى الامام ما لك قال فرأيته يقوم يصلي من الليل فافتتح سورة التكاثر قرأ - 00:03:15ضَ

التكاثر حتى زرتم المقابر فلما بلغ قول الله تعالى ثم لتسألن يومئذ عن النعيم بكى. واخذ يرددها ويبكي قال حتى طلع الفجر الله اكبر. وهذا الامام الشافعي رحمه الله تعالى كان في مجلس سفيان بن عيينة شيخه - 00:03:40ضَ

فقرأ حديث في الرقاق في التذكير بالاخرة وما يرقق القلوب. فغشي على الشافعي رحمه الله تعالى. فقيل لسفيان لقد غشي على محمد بن ادريس رحمه الله فقال ان مات فقد مات خير اهل زمانه - 00:04:02ضَ

وهذا الامام احمد رحمه الله تعالى في مرض موته جيء له بالطبيب فلما رأى بوله رآه قد فسد واختلط بالدم. فقال هذا بول رجل قد فتت البكاء قلبه يعني من خشية الله جل وعلا وهكذا كان سلفنا رحمهم الله تعالى - 00:04:25ضَ

نحن الواحد منا اليوم يسأل نفسه منذ متى منذ متى منذ متى ما بكيت من خشية الله تمر علينا الايام الطويلة والاسابيع بل الشهور ما تذكر الواحد منا متى بكى من خشية الله - 00:04:46ضَ

هذا ان دل يدل على قسوة القلوب ما اقول موت القلوب؟ ان شاء الله يكون في القلوب حياة المسلم فيه خير لكن لا شك ان هذا من علامة قسوة القلب - 00:05:05ضَ

ولذلك على العبد ان يخلو بنفسه وان يبكي لربه جل وعلا حتى ان لم يأتيه البكاء يتباكى ليس امام الناس ولكن فيما بينه وبين الله كما جاء عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه - 00:05:22ضَ

قال ابكوا فان لم تبكوا فان لم تبكوا فتباكوا يتباكى يذكر نفسه بعظمة الله عندما تتذكر عظمة الله تعالى يدخل في قلبك الهيبة من الله جل وعلا. ثم تتذكر تقصيرك مع الله. تتذكر سوء ادبك مع الله - 00:05:38ضَ

تتذكر معاصيك كيف تعصي هذا الاله العظيم فتبكي عندما تتذكر نعم الله عليك وانك ستسأل عنها وانك ما شكرت الله عليها تبكي عندما تتذكر شوق للقاء الله تبكي عندما تتذكر الموت وماذا اعددت للاخرة تبكي - 00:05:59ضَ

عندما تتذكر النبي صلى الله عليه وسلم والشوق للقائه تبكي. وهكذا عندما تتذكر النار تبكي. عندما تتذكر الجنة تشتاق اليها تبكي هكذا يجعل المسلم له وردا من البكاء في يومه حتى لا يقسو قلبه - 00:06:19ضَ

فقال النووي رحمه الله تعالى هنا باب فضل البكاء. قال الله تعالى ويخرون للاذقان يبكون زيدهم خشوعا. هذي علامة اهل العلم بالله. قال الله تعالى في بداية هذه الايات ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى - 00:06:41ضَ

لا عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا. ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وهذا انفع ما يكون من البكاء ممكن بعض الناس اعطاه الله تعالى قلبا رقيقا فيبكي سريعا - 00:07:01ضَ

وقد يبكي ليس عن خوف لله يبكي هكذا تأثرا لكن انفع ما يكون البكاء ان يبكي خوفا لله محبة لله شوقا لله فينزجر عن المعاصي ويسارع الى الطاعات هذا انفع ما يكون من البكاء - 00:07:30ضَ

ليس المراد ان يبكي الانسان ثم بعد ذلك يقع في المحرمات والمعاصي وكأنه ما تأثر بشيء وانما المراد ان يبكي بعمله قبل عينه ان يخشى الله تعالى بعمله انفع ما يكون البكاء عند سماع القرآن الكريم - 00:07:53ضَ

ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا ويقولون سبحان ربنا يعظمون الله تعالى اذا سمعوا ايات الله تعالى - 00:08:18ضَ

ينبعث في قلوبهم الخوف من الله وهيبته ويخرون يسجدون لله ويقولون سبحان ربنا تعظيما لله ان كان وعد ربنا لمفعولا ودي ليست شرطية هذه ان مخففة من الثقيلة من باب التوكيد وتفخيم الامر. يعني انه ان الامر ماذا؟ كان وعد ربنا لمفعولا - 00:08:37ضَ

انظر اليقين بوعد الله. اليقين بما عند الله هذا يجعل القلب ينكسر خشية لله وشوقا للقاء الله ان كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للاذقان يبكون وهذه اشد التأثرات الفعلية والنفسية للانسان - 00:09:08ضَ

اذا نظرت الى حال الانسان كيف يتأثر اشد تأثر للانسان ان يبكي بعينيه ويخر على وجهه على الارض. ليس بعد هذا تأثر هذا اعظم تأثر للعبد ان يسجد بين يدي الله ويبكي لله تعالى - 00:09:35ضَ

ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وهكذا وصف الله تعالى انبيائه عليهم الصلاة والسلام كما ذكر عدة من الانبياء في سورة مريم ثم قال اذا تتلى عليهم ايات الرحمن خروا سجدا وبكيا - 00:10:00ضَ

وقال تعالى افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وانتم صامدون فاسجدوا لله واعبدوا افمن هذا الحديث تعجبون تعجبون عجب استنكار للقرآن ان يكون حقا وتضحكون ولا تبكون كما كان يفعل المشركون - 00:10:21ضَ

وما كان صلاة عند البيت الا مكاء وتصبية اذا سمعوا القرآن يصفقون ويصفرون قال وتضحكون ولا تبكون فالذي ينبغي على المسلم اذا سمع القرآن ان يبكي لله لذلك لا يليق انك اذا سمعت ايات الله تعالى تتحدث وتضحك وكأنك ما سمعت شيئا - 00:10:48ضَ

تخشع مع ايات الله الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد. فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون - 00:11:16ضَ

فاذا سمع المسلم كلام الله تعالى يتأثر ويخشى الله تعالى. الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم. ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله. اسمع ايات القرآن فيخشع قلبه - 00:11:33ضَ

شعر جلده فتدمع عينه ثم يتذوق العبد برد اليقين حتى اذا لان جلده ازداد ايمانا انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم ترجف قلوبهم بذكر الله واذا تليت عليهم ايات زادتهم ايمانا - 00:11:53ضَ

قال وتضحكون ولا تبكون وانتم سامدون؟ وانتم سامدون يعني غافلون او تغنون او مستكبرون كل هذه معاني صحيحة وانتم سامدون. يقال سمدة الابل يعني اذا مدت اعناقها في سيرها لا تلوي على احد - 00:12:16ضَ

وهكذا الانسان اذا تكبر او غفل وكأنه لا يلتفت الى احد لا يلتفت الى وعظ واعظ ولا الى نصيحة ناصح وانتم سامدون والغناء من اعظم اسباب الغفلة وقسوة القلب الذي يستمع الى الغناء لا يمكن ان يبكي من خشية الله - 00:12:38ضَ

ما يمكن لمن يدمن سماع الغناء او يستمع الغناء والموسيقى ان يتلذذ بالقرآن الكريم وان يخشع قلبه اذا سمع ايات الله تعالى ويبكي منها لان الغناء ينبت الغفلة وسكرة في القلب - 00:13:01ضَ

كما ان الخمر سكرة للعقل. فالغناء سكرة للقلب يجعل العبد غافلا بعيدا عن ذكر الله فيجعله يقسو قلبه ولا تدمع عينه وهذه من ابر الامور على العبد اذا سمع الغناء - 00:13:21ضَ

فقال وانتم سامدون. لان فسرها السلف بالغناء في هذه الاية قال فاسجدوا لله واعبدوا. بهذا ترق القلوب تخشع القلوب وتدمع العيون بالسجود لله وعبادة الله تعالى. والايات في هذا كثيرة ثم ذكر النووي رحمه الله تعالى - 00:13:47ضَ

بعض الاحاديث قال وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي قرآن تعجب ابن مسعود رضي الله عنه قلت يا رسول الله اقرأ عليك وعليك انزل - 00:14:10ضَ

قال اني احب ان اسمعه من غيري. فسماع القرآن له لذته كما ان تلاوته لها لذتها فما اجمل ان تستمع لقارئ اذا سمعته حسبت انه يخشى الله ليس المقصود قراءة القرآن باصوات جميلة وفيها ترنم. وانما المقصود - 00:14:30ضَ

انك اذا سمعت القرآن من قارئ كما قال بعض السلف احسن الناس قراءة للقرآن من اذا سمعته حسبت انه يخشى الله. وجاء مرفوعا في بعض الاحاديث لكن لعله موقوف على بعض الصحابة او السلف رحمهم الله تعالى - 00:15:02ضَ

هذا سبحان الله تجده تجد انك تتأثر اذا سمعت بعض القراء وان لم يترنم بصوته لكنه يقرأ القرآن من قلبه فهكذا النبي صلى الله عليه وسلم يريد ان يتلذذ بسماع القرآن من غيره. قال اقرأ علي القرآن. اني احبك - 00:15:22ضَ

ونسمعه من غيري. قال فقرأت عليه سورة النساء. حتى جئت الى هذه الاية فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا - 00:15:42ضَ

قال حسبك الان فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان متفق عليه هكذا الله اعلم ما الذي قام في قلب نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يسمع هذه الاية وهذا الموقف الرهيب - 00:16:06ضَ

المهيب من مواقف يوم القيامة. فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد برسول يشهد على امته انه قد بلغهم دين الله. ثم الامم تنكر ويقولون نريد شهيدا يشهد لك على صدقك - 00:16:25ضَ

ستأتي امة محمد وتشهد اه الانبياء والرسل ويشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. قال وجئنا بك شهيدا على هؤلاء. الله اكبر. يقيمن الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم هذا المقام العظيم - 00:16:45ضَ

المهيب كيف سيكون حاله؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يتقطع قلبه اذا رأى الناس يعرضون عن دين الله. اذا رأى الناس يوقعون انفسهم في الكفر في النار. فهكذا اذا قام - 00:17:05ضَ

في مثل هذا المقام كيف سيكون حاله بكى تعظيما لله وخشية لله تعالى. قال وجئنا بك على هؤلاء شهيدا بكى تعظيما لله بكى خشية لله بكى. لعله ايضا من عظم هذا الموقف وشرف - 00:17:25ضَ

صافي كيف ان الله يشرف نبيه ويكرمه ويرفعه حتى يجعله شهيدا على الامم كلها الله اكبر. قال وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا. قال فالتفت اليه - 00:17:51ضَ

فاذا عيناه تذرفان. صلى الله عليه وسلم. قال فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان متفق عليه. وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم. نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ويرحمنا نسأله تعالى ان يرقق قلوبنا وان يزكي نفوسنا نسأله تعالى ان يغفر - 00:18:17ضَ

لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. نسأله تعالى ان يكون لاخواننا المستضعفين. اللهم كن لاخواننا المستضعفين. اللهم كن لهم عونا ونصيرا وهاديا ومعينا. اللهم احفظهم من بين ايديهم من خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم. اللهم احفظهم في نسائهم واطفالهم وشيوخهم وشبابهم. الله - 00:18:47ضَ

اللهم احفظ اخواننا بغزة اللهم احفظهم. اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. والحمدلله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:19:17ضَ