التفريغ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته مرحبا بكم جميعا ايها الاحبة واسأل الله تبارك وتعالى ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته - 00:00:01ضَ
وان يهدي قلوبنا ويسدد السنتنا وان يتقبل منا ومنكم اجمعين بهذه المجالس التي نبتدئها في هذه الليلة وتتكرر في مثلها من كل اسبوع ان شاء الله تعالى اريد من التاريخ - 00:00:23ضَ
ما فيه معتبر ساذكر ايها الاحبة في هذه المجالس من الوقائع والاحداث ما يصح به الاتعاظ والاعتبار وسيرتكز الهدف في الاساس على تكفير الفضائل لتجتلب وعلى بيان اسباب الشرور فتجتنب - 00:00:45ضَ
هذا هو الهدف ولن اذكر شيئا يخرج عن ذلك ما سنذكره اما ان يكون مما يعين على الكمالات وتحصيلها مما ينفعنا معاشر المستمعين او يكون ذلك من قبيل الفتن والمفاسد - 00:01:17ضَ
ومراكب الشر فنجتنب ذلك من اجل الا تتكرر المصائب ولا يكون الواحد منا حطبا وحممة في تلك الفتن التي جرت عبر التاريخ وتجري وتتكرر فالاحداث ايها الاحبة تتشابه والله تبارك وتعالى يعيد التاريخ - 00:01:46ضَ
وانه ليخيل للمرء احيانا ان الحدث هو الحدث وان الاسباب هي الاسباب وان المقالات هي المقالات الا ان الاسماء تغيرت ومن هنا ايها الاحبة جاء جرد هذه الكتب وهي الاصول الكبار - 00:02:21ضَ
في هذا الباب التاريخ الكتب الاربعة التي اولها تاريخ ابي جعفر ابن جرير رحمه الله الموسوم بتاريخ الامم والملوك ويقع في ثلاثة عشر جزءا والكتاب الاخر وهو كتاب المنتظم في تاريخ الامم - 00:02:49ضَ
والملوك للحافظ ابن الجوزي ويقع في عشرة مجلدات والكتاب الثالث وهو كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ويقع في اربعة عشر جزءا والكتاب الرابع وهو كتابي الكامل لابن الاثير وهو ايضا في مجلدات - 00:03:17ضَ
هذا بالاضافة الى تقييدات من كتب متفرقة في التواريخ والتراجم وغيرها مما فيه الوان العبر والعظات فالتاريخ ايها الاحبة هو علم يدرس وليس مجرد اخبار تسرد وتقضى بها الاوقات وانما هو علم - 00:03:48ضَ
فيه معتبر فمن اخذه من مأخذه الصحيح فانه ينتفع بذلك غاية الانتفاع وقد ذكر ابن خلدون رحمه الله بتاريخه الذي قدم له بمقدمة شهيرة بان هذا الفن اعني فن التاريخ - 00:04:20ضَ
ومن الفنون التي تتداولها الامم والاجيال وتشد اليه الركائب والرحال وتسمو الى معرفته السوقة والاغفال وتتنافس فيه الملوك والاقيال وتتساوى في فهمه العلماء والجهال يقول اذ هو في ظاهره لا يزيد على اخبار - 00:04:46ضَ
عن الايام والدول والسوابق من القرون الاول تنمو فيها الاقوال وتضرب فيها الامثال وتطرف بها الاندية اذا غصها الاحتفال وتؤدي لنا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الاحوال واتسع للدول فيها النطاق والمجال - 00:05:17ضَ
وعمروا الارض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال هذا في ظاهره الكل يسوقه والكل يورده والكل يتحدث عنه من العامة والخاصة ولكنه يذكر امرا وراء ذلك يقول وفي باطنه نظر وتحقيق - 00:05:40ضَ
وتعليل للكائنات ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع واسبابها عميق فهو لذلك اصيل في الحكمة عريق وجدير بان يعد في علومها وخليق وعلم من اجل العلوم ويذكر ان فحول المؤرخين في الاسلام - 00:06:02ضَ
قد استوعبوا اخبار الايام وجمعوها وانهم سطروا ذلك وانه جاء من بعدهم واتبعوا اثارهم واقتفوها ولم يلاحظوا اسباب الوقائع والاحوال ولم يراعوها اضافة الى ما داخل تلك الكتابات من الاغاليط - 00:06:28ضَ
والاخبار المدسوسة مما لا يثبت بحال الى ان يذكر ان فن التاريخ انه فن عزيز المذهب كم الفوائد شريف الغاية اذ هو يوقفنا على احوال الماضيين من الامم واخلاقهم والانبياء في سيرهم - 00:06:49ضَ
والملوك في دولهم وسياساتهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في احوال الدين والدنيا فهو محتاج الى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما الى الحق - 00:07:13ضَ
يقول لان الاخبار اذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم اصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والاحوال في الاجتماع الانساني ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم - 00:07:33ضَ
والحيض عن جادة الصدق. يقول هناك معايير يعرف بها المقبول والمردود وقد ذكرت في مجلس قديما في الكلام على المبالغات فذكرت بعض ما يعرف به هذه المبالغات وزيف تلك الاخبار - 00:07:57ضَ
الملفقة الحاصل ان ابن خلدون رحمه الله يذكر ان من رزقه الله تبارك وتعالى هذه المعرفة وهذا الفهم فهو بذلك يعتبر وينتفع وقد ذكر هذا المعنى ابن الاثير رحمه الله في كتابه - 00:08:19ضَ
الكامل وبذلك يقف على انواع الفوائد الدنيوية والاخروية والله تبارك وتعالى قد قص علينا اخبار الماضين من الامم كقوم نوح وهود ومدين وثمود وقص خبر موسى مع بني اسرائيل وذكر خبر قارون - 00:08:40ضَ
وكذلك ايضا ذكر اصحاب الكهف والرقيم وذكر خبر النمرود وابراهيم عليه الصلاة والسلام وقال الله تعالى وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين - 00:09:04ضَ
فهذه القصص التي قصها الله تبارك وتعالى في كتابه لم تكن بحال من الاحوال لمجرد التسلية وقد احصيت قبل ايام من فوائد القصص في القرآن ما يبلغ ثلاثين فائدة كما احصيت من فوائد - 00:09:27ضَ
تكرار بعض القصص في كتاب الله عز وجل ما يزيد على عشر فوائد فهذه حينما يقصها الله تبارك وتعالى علينا كل ذلك من اجل ان نتعظ ونعتبر وقد ذكر بعض اهل العلم في سبب - 00:09:50ضَ
كثرة وطول ما قصه الله تبارك وتعالى من خبر بني اسرائيل على هذه الامة وكرر ذلك في صيغ متعددة قال بعض اهل العلم وذلك لقرب العهد ولاجل وجود المشابهة بين هذه - 00:10:10ضَ
الامة وتلك الامة من جهة الكثرة ولكثرة ما لقي موسى صلى الله عليه وسلم من بني اسرائيل من الوان العنت وكان بنو اسرائيل يسوسهم الانبياء عليهم الصلاة والسلام فلما كانت هذه الامة هي اخر الامم كانت بحاجة الى الوان العظات والعبر مما جرى على غيرها - 00:10:31ضَ
فقص الله اخبار بني اسرائيل التي فيها من الوان العبر ما فيه معتبر هكذا ذكر بعض اهل العلم وعلى كل حال يمكن ان نجمل بعض الفوائد التي تجتنى من دراسة التاريخ - 00:10:57ضَ
ومعرفته والوقوف على وقائعه وذلك يكون في جملة فوائد دنيوية بالاضافة الى فوائد اخروية فمن الفوائد الدنيوية ايها الاحبة ان الانسان يحب البقاء وطول المكث في هذه الحياة يؤثر ان يكون في زمرة - 00:11:19ضَ
الاحياء ومن نظر في التاريخ الممتد ووقف على الاحوال والوقائع والاخبار لهؤلاء الماضيين وما جرى لهم من المسار والمضار من المكاره والمحاب فكأنه عاصرهم اذا وقف عليها يكون كانه قد حاظرهم - 00:11:47ضَ
وعاش بينهم وما الفرق بين من عاش في هذه القرون الممتدة وبين من اطلع على احوالهم فيكون كانه قد جلس معهم كما يقول بعضهم على نمارق الاسرة واتكأ بينهم على وسائل الارائك - 00:12:15ضَ
واستجلى اقمار وجوههم اما في هالات الطيالس او في دارات الترائك وشاهد من اشرارهم شرر الشياطين وفض له فضل اخيارهم في ملأ الملائك واعطاهم سلافة عصرهم في عصرهم السالف ورآهم في معاركهم - 00:12:37ضَ
ينتشقون رياحين السيوف ويستظلون القنا الراعف فكأنما اولئك القوم لذاته واترابه ومن ساءه منهم اعداءه ومن سره احبابه لكنهم درجوا في الطليعة من قبله واتى هو بعد بعد ذلك فهو جالس - 00:13:01ضَ
في حال من الراحة والدعة يقف على هذه الاهوال والاوجال والاخبار والعبر والعظات كأنما عاصرها وشاهدها من الفوائد الدنيوية ايضا وهي الثانية ان اصحاب الولايات اذا وقفوا على ما في التاريخ - 00:13:26ضَ
من سيرة اهل الجور والعدوان ويرون ذلك مدونا يتناقله الناس ومسطرا لا يمحى ويرويه الرواة الخلف عن السلف واذا نظروا الى ما اعقب ذلك من سوء الذكر وقبيح الاحدوثة اضافة الى خراب البلاد - 00:13:54ضَ
وهلاك العباد وذهاب الاموال وفساد الاحوال فان ذلك يبعثهم الى استقباح هذه المزاولات والاعمال المفضية الى هذه النهايات فيكون ذلك سببا لمزيد من الرشد والسداد فاذا رأوا في سير اهل العدل - 00:14:24ضَ
وما يحصل لهم وما حصل من الذكر الجميل بعد ذهابهم وتخليد ذكرهم وما حصل لهم ولاقوامهم من الوان العمران وما حصل من نماء الاموال والاقتصاد الاموال الضارة والخيرات القارة فانهم يستحسنون ذلك - 00:14:53ضَ
ويكون سببا باعثا الى مزيد من السداد والرشاد والعدل وسلوكي الجادة التي رسمها الشرع وامر بسلوكها وهكذا ايضا ايها الاحبة يتعرفون بذلك على الاراء الصائبة السديدة التي دفعت بها مضرات الاعداء وكيد - 00:15:20ضَ
الكائدين فيتخلصون من الوان المهالك وبهذا تصان البلاد و نفوس العباد تصان الاموال وتصان الاعراض تصان الضرورات الخمس وما يجب ان يحافظ عليه هذه ايها الاحبة حينما يطلع على سير اهل الحزم - 00:15:50ضَ
وما ال اليه امرهم على سير اهل التدبير الحسن وما صارت اليه عواقبهم وكذلك ايضا حينما يطلع على احوال اهل التضييع والتفريط فيحصل بذلك الارعواء احضار العقول واضطراح الغفلة والتفريط - 00:16:22ضَ
والتواني ومن هذه الفوائد الدنيوية ايها الاحبة ما يحصل للانسان من الوان التجارب والمعرفة بالحوادث وما تصير اليه عواقبها فانه كما قيل لا يحدث امر الا قد تقدم هو او نظيره - 00:16:53ضَ
كما ذكرت انفا فيزداد المرء بذلك عقلا ويكون بذلك اهلا للاقتداء ولقد احسن من قال رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع فلا ينفع مسموع اذا لم يك مطبوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع - 00:17:14ضَ
يعني العقل منه ما هو غريزي فطري جبلة منحة الهية ومنه ما يكون مقتبسا بحسب ما يحصل للانسان من التجارب والخبرات التي عايشها لكنه ماذا عسى ان يعايش في هذا العمر - 00:17:41ضَ
القصير فاذا امتد نظره واعمل فكره وعقله فيما وقع من الاحداث والوقائع والاخبار وما الى ذلك فانه يضم ذلك الى عقله فيكون واسع الادراك بعيد النظر قد حنكته التجارب ولا يكون غرا - 00:18:02ضَ
يجرب على نفسه فينطح هذه السارية فتدميه ثم ينطح الاخرى فتدميه ثم ينطح الثالثة فتدميه وقد ينطح الرابعة فترديه قبل ان يصل الى بغيته ومطلوبه. ومن الناس من قد يصل لكن بعد حين - 00:18:28ضَ
بعد ان جرب وضاع شبابه في تجارب لربما اضاعت عليه الزمان وجنا فيها انواع الجنايات التي ان سلم معها لم يحمد ولم يكن مأجورا لانه لم يستوفي الة الاجتهاد التي تؤهله الى ذلك - 00:18:47ضَ
وكذلك من اطاع الاغرار واتبع الاشرار واقتدى بمن لا يصلح للاقتداء فانه يصير ولا بد الى حال من الضياع فيحتاج العبد الى حنكة والى روية والى حسن نظر ولاستجماع الفكر - 00:19:10ضَ
والخبرات والمعارف ومن اعظم هذه المعارف الاطلاع والوقوف على تلك الوقائع كل شيء يتكرر ايها الاحبة من هذه الوقائع انه ليخيل للانسان ان الوقائع تعود من جديد. الا انها باسماء باسماء جديدة - 00:19:32ضَ
فالمقصود ايها الاحبة ان هذا العقل المسموع الذي ينضاف الى العقل المطبوع هو الذي يسمونه بالعقل الثاني وهو عقل التجارب فهذا وهذا لا بد منهما. العقل المطبوع هو كنور العين - 00:19:56ضَ
والعقل المسموع هو كضوء الشمس فكما ان نور العين لا يحصل به الابصار اذا لم يوجد الضياء فكان الانسان في ظلمة فكذلك فان ضوء الشمس لا ينفع ولا يحصل الابصار معه - 00:20:13ضَ
اذا كان اذا كان نور العين معطلا فهذا امر معلوم لا يخفى فمن ليس له عقل ولا لب اذا نظر في وقائع التاريخ لم ينتفع بل قد يجني من ذلك - 00:20:35ضَ
نتائج مقلوبة معكوسة وكذلك اصحاب العقول الفطرية فان هؤلاء تبقى عقولهم قاصرة ناقصة اذا لم يكن لهم اطلاع على ما جرى لغيرهم. ولهذا قالوا العاقل من وعظ بغيره والشقي من وعظ - 00:20:53ضَ
بنفسه فكم نوعظ ايها الاحبة بانفسنا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ونحن نشاهد في احوال المسلمين في عصرنا هذا انهم يلدغون من الجحر الواحد مرات وكرات - 00:21:17ضَ
ومع ذلك قل لا من يعتبر ويتعظ ولذلك اقول ايها الاحبة بان هذه المجالس لن اذكر فيها شيئا يمكن ان يوظف فيستغل في تأييد باطل او هوى او انحراف ضلالة - 00:21:40ضَ
وانما ساذكر ما يحصل به السداد والرشد والنفع بحسب حالنا فالمقصود ايها الاحبة ان الاطلاع على احوال الماضيين يكون ايقاظا وتبصرة لاهل العقول لاولي الالباب فاذا تأملوها حصل لهم بسبب ذلك - 00:22:07ضَ
الوان العبر والعظات ولهذا نقل عن الشافعي رحمه الله الامام الشافعي انه قال بان علم التاريخ يزيد العقل وهذا ذكره الصفدي رحمه الله في كتابه الوافي فائدة رابعة وهي من جملة الفوائد الدنيوية - 00:22:36ضَ
اننا ايها الاحبة في التاريخ نطلع على عجائب الامور وتقلبات الزمن وتصاريف القدر والنفس تجد بذلك سلوة وسيأتي ان شاء الله تعالى في هذه الوقائع التي نذكرها مما ينتخب من هذه التواريخ - 00:23:06ضَ
ما يحصل به للعاقل اللبيب البصير الاتزان والاعتدال في حال الشدة والرخاء بحال السراء والضراء فيلزم الجادة الصحيحة ولا يكون في حال من الجزع اذا مسه الضر ولا يكون في حال - 00:23:30ضَ
من الهلع اذا مسه الخير ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا. فلا يكون في حال من الهلع اذا مسه او تضر ولا يكون في حال - 00:23:56ضَ
من البطر اذا مسه الخير كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى سنذكر ايها الاحبة احداثا ووقائع في تقلب الدنيا باهلها كيف يتحول هؤلاء من العز الى الذل وكيف يتحول هؤلاء من الغنى والبطر - 00:24:15ضَ
الى الفقر والمسغبة كيف كان اولئك وما جرى عليهم وما جرى على غيرهم من الوان البأساء والضراء وماذا كانت احوالهم حينما كانوا يتقلبون فيها التاريخ فيه عجائب ايها الاحبة وفيه من البلايا - 00:24:40ضَ
ما الله به عليم. الوان الابتلاءات وقعت لاقوام منهم من صبر ومنهم من انكسر ونكص على عقبيه امور عجيبة مذهلة ويذكرها بعض اهل العلم بالاسانيد الثابتة الصحيحة وبعضهم يتحدث عما شاهد - 00:25:04ضَ
شاهد ذلك وقف عليه مباشرة وهناك فوائد اخروية منها هذا الذي تطرقت في الحديث اليه اخرا وهو ان اللبيب اذا تفكر في هذه الدنيا ورأى تقلبها باهلها وتتابع النكبات على اعيان - 00:25:26ضَ
وكبراء وفقراء اهلها كيف سلبت نفوسهم وذخائرهم واموالهم واعدمت اصاغرهم واكابرهم فلم تبقي على جليل ولا حقير ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير فان العاقل يزهد فيها فلا يتعلق بهذه - 00:25:52ضَ
الدنيا وذيولها وانما يكون اقباله ووجهته الى الله تبارك وتعالى والى الدار الاخرة فيجمع همه طلبا لي حظه من الاخرة من النعيم المقيم والجنات فهذه الدنيا ايها الاحبة لا يمكن - 00:26:18ضَ
ان تبقى على حال والله تبارك وتعالى قد لخص لنا هذه القضية بقوله لقد خلقنا الانسان في كبد وصورها بانها كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما - 00:26:45ضَ
تذروه الرياح هكذا تترحل اللذات والمسرات ويرحل الشباب ويرحل المال ويرحل المنصب والمرتبة ولا يبقى الا وجه الله تبارك وتعالى. قد تكلمنا على شيء من ذلك في بداية هذا الاسبوع بالكلام على اسماء الله عز وجل - 00:27:03ضَ
جل الاول والاخر فلا يبقى الا وجهه اذا اذا كانت الحياة بهذه المثابة فان العاقل لا يغتر بها وببهرجها وبزينتها وزخارفها. ولتذهب نفسه عليها حسرات يتحسر على ما فات ومن قضى منها وما خسر - 00:27:29ضَ
وانما يبقى الوجهة والعمل الاكيد والحرص الشديد على المستقبل الحقيقي هناك ان لا يظيع اما هذه فلا يبقى فيها شيء والكل سيرحل. هناك في التاريخ كان اقوياء. كان خلفاء كان كبراء كان اغنياء - 00:27:52ضَ
ملك كثيرا من الدنيا فرحلوا وذهبت قوافلهم وتجارتهم واسواقهم وبضايعهم وثيابهم وسررهم وفروشهم وزوجاتهم واولادهم قم كل ذلك قد تقشع وتصرم ونحن سنتصرم وسنذهب ولابد فيكون الهم واحدا ان يبحث الانسان - 00:28:14ضَ
ان ما يخلص رقبته عند الله تبارك وتعالى. فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور فهي لم يسلم من نكدها ايها الاحبة هذه الدنيا - 00:28:42ضَ
غني ولا فقير فيزهد المؤمن فيها ويرغب في تلك الدار التي قد تنزهت من هذه النقائص والمكدرات والعلل والامراض والفقر والهموم والموت هناك لا الم ولا مرض والاهم ولا خسارة - 00:29:01ضَ
ولا ظيق ولا شقاء ولا بؤس انما اللذات الكاملة والشباب الذي لا يبلى والنعيم الذي لا يفنى فائدة اخرى من الفوائد الاخروية الدينية الشرعية وانترطاب النفوس على الصبر الصبر والتأسي الحياة كلها ايها الاحبة من اولها الى اخرها صبر ساعة - 00:29:25ضَ
هذه القرون التي نقلبها عبر التاريخ تمر اسماء كثيرة جدا وفيات هؤلاء كانهم لم يوجدوا صبروا صبر منهم من صبر على طاعة الله عز وجل وصبر من صبر عن معصيته - 00:29:57ضَ
وانقطع صبر اخرين فذهب هؤلاء بالاجر وذهب اولئك بالوزر والاخرة هي دار التغابن. ذلك يوم التغابن اعطاهم الله عز وجل رؤوس الاموال وهي هذه الانفاس والاعمار فارتحلوا بما ارتحلوا به. هذا حصل اعلى المنازل وهذا - 00:30:16ضَ
اشترى برأس هذا المال منزلا في دركات النار اعاذنا الله واياكم واخواننا المسلمين منها فهنا ايها الاحبة من نظر في التاريخ فانه يوطن نفسه على الصبر والتحلي بالمحاسن والمكارم ويجاهد نفسه - 00:30:39ضَ
ويروضها على ذلك ويعلم ان مصائب هذه الحياة الدنيا لم يسلم منها نبي ولم يسلم منها كبير فاذا نابه شيء فانه يرضى ويسلم لاقدار الله عز وجل ويوطن نفسه على - 00:31:01ضَ
الرضا والصبر والتسليم غير معترض على اقدار الله جل جلاله وتقدست اسماؤه يعيش نظيفا ويخرج من هذه الحياة الدنيا نقيا لم يتلوث بشيء من مظالم الناس وحقوقهم ولم يضيع حدود الله - 00:31:23ضَ
تبارك وتعالى والله تبارك وتعالى حينما قص اخبار الاولين قال ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ذكرى لمن كان له قلب يعني وقاد. حي - 00:31:48ضَ
او القى السمع وهو شهيد احضر سمعه مع احضار قلبه فينتفع بهذه الاخبار. والحافظ ابن القيم رحمه الله يقول بان قوله ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ان الاتعاظ يحصل لهذا النوع من الناس لانه جعلهم على نوعين وفئتين - 00:32:09ضَ
يقول من كان له قلب حي وقاد فانه ينتفع ويتعظ بمجرد الاشارة بمجرد ما يقف على احوال هؤلاء واخبارهم وما جرى لهم يحصل له الاتعاظ اما الاخر فهو يحتاج الى مزيد من الجهد والقاء السمع واحضار القلب - 00:32:32ضَ
ثم بعد ذلك يجيل فكره فيحصل له الانتفاع. والمقصود ايها الاحبة ان هذا التاريخ تذكر فيه اخبار الكبار من الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وما كانوا عليه وكذلك اخبار العلماء والحكماء - 00:32:51ضَ
والعباد ويذكر فيه جمل من الامور التي يصح ايحسن ويجمل الاقتداء بها وباهلها ويذكر فيه ما يحصل به العمران يتحقق به المعاش للناس في هذه الحياة الدنيا ويذكر فيه اسباب - 00:33:12ضَ
القوة والتمكين والنصر والعز ويذكر فيه اسباب الضعف والانحطاط والتراجع والهزيمة يذكر فيه الوان التدبير الصحيح ويذكر فيه ايضا الوان التضييع والتفريط فمن عرف التاريخ فانه يكون كالمجرب لهذه الامور - 00:33:38ضَ
باسرها كما ذكرنا يكون كانه قد باشر تلك الاحوال بنفسه فيغزر عقله ويصير غير غر ولا غمر وانما يكون محنكا حصيفا اذا نظر في اخبار واحوال الاجواد واصحاب المروءات ومن اتصفوا بالوفاء - 00:34:04ضَ
والمكارم اصحاب الشجاعة فانه يرفع بذلك من همته وتزيد مروءاته وفضائله فان الانسان قد يبقى في مكان او في بيئة لربما لا يجد فيها من يقتدي به على الوجه الاكمل فاذا نظر في احوال هؤلاء وفي اخبارهم وجد القدوات الكبار فيتشبه بهم - 00:34:26ضَ
لي يكون على شاكلتهم يكون بذلك من اهل الكمال من اهل الخبرة والنظر الصحيح في الامور وهكذا ايها الاحبة مع التأسي يحصل ايضا المنافع الاخرى من الاعتبار بما جرى على الاقوام والامم قبلنا - 00:34:55ضَ
وما اوقع الله عز وجل بهم من الوان المثلات وما وضع عليهم من الاسار والاغلال وكيف خص الله عز وجل هذه الامة بالالطاف والرحمات وخفف عنها فيحصل بذلك الشكر ويعرف الانسان قدر ما هو فيه - 00:35:25ضَ
من النعم سيحافظ عليها فان الشيء انما يعرف بضده اينما يفقد الناس نعمة من النعم التي لا يستشعرونها كالماء فانهم يكونون في حال من الاختلال والحيرة والضيق لكنهم في سالف ايامهم ما كانوا - 00:35:47ضَ
يستشعرون ذلك وهكذا حينما يجرب الانسان الجوع يعرف قيمة هذه النعم والاطباق والوان المطعومات الشرقية والغربية التي تقدم في موائدنا من منا ايها الاحبة اليوم الذي يبيت هو وعياله في حال من الجوع - 00:36:09ضَ
فهذه لا يعرف قدرها ايها الاحبة الا عند فقدها الامن لا يعرف قدره الا في حال الخوف لو كان الانسان ايها الاحبة في سفر او في خيمة في الصحراء او نحو ذلك ويتخوف - 00:36:35ضَ
من امور ومن اشياء فانه يعد الثواني متى يطلع الصبح ولا يمكن ان يهنأ بنوم ولا تطلب نفسه الطعام والشراب ولا يأنس ولو كان في المروج يتقلب ويطلب النجاة والسلامة - 00:36:51ضَ
لنفسه انما يحصل للناس الوان المخاوف على انفسهم وعلى اعراضهم فانهم بذلك يعرفون قدر النعمة التي هم فيها. تمشي المرأة في ساعات متأخرة من الليل وحدها في طريق مظلم بوسط حي او في طريق عام - 00:37:12ضَ
لا تخاف الا الله ويسافر الرجل مع اهله اولاده حيث شاء لا يخاف الا الله في حال من التفقه والرغد من العيش يقف حيث شاء ويبيت حيث شاء ويمشي متى شاء - 00:37:33ضَ
لا يعترضه احد هذه نعمة ايها الاحبة بخلاف من يسير وهو يتوقع المكروه في كل لحظة فاذا رأى شيئا ظنه عدوا يلاحقه ويطارده هذه لا يعرفها ايها الاحبة الا من جرب - 00:37:53ضَ
وفقد هذه النعم. ففي التاريخ اشياء من هذا القبيل كثيرة جدا حيث وجد في بعض البيئات ان الناس لا يأمنون في بيوتهم ولا يأمنون على اعراضهم وجد في بعض البيئات ان الحاج لم يصل - 00:38:14ضَ
الى مكة من العراق في ذلك العام او من بلد اخر بسبب ما حصل من قطاع الطرق وجراءة العربان على قوافل الحجيج ولربما يدهن بعض الطوائف الضالة كالحشاشين والقرامطة وما اشبه ذلك من طوائف الباطنية البلد فتكبس ليلا - 00:38:32ضَ
فيستحر القتل باهلها فلا يكاد يبقى منهم احد على قيد الحياة سوى النساء يفجر بهن ولا تسمع في ذلك الليل الا الصياح والعويل هذا موجود في التاريخ وموجود في التاريخ ايها الاحبة اشياء - 00:38:58ضَ
من الزعامات والرؤوس رؤوس الضلالات التي تعجب غاية العجب كيف يكون لهذا اتباع انسان في غاية الانحطاط كيف يكون له اتباع على كل حال هذه كلها من العبر والعظات فتلقح بها الافهام - 00:39:17ضَ
وتصقل الاذهان وتكون رياضة لهذه العقول كما انه ايضا يبعث على توحيد الله عز وجل وتعظيمه فهو الذي يقلب الامور ويملك ازمتها وتلك الايام نداولها بين الناس فلا يبقى الا وجهه - 00:39:40ضَ
ولهذا قالوا في من اطلع على التاريخ اذا علم الانسان اخبار من مضى توهمته قد عاش من اول الدهر وتحسب قد عاش اخر عمره اذا كان قد ابقى الجميل من الذكر فقد عاش كل الدهر من كان عالما حليما كريما فاغتنم - 00:40:01ضَ
اطول العمر قل ربما افاد التاريخ ايضا علوما و مواعظ وهمما تذهب الهم ويرث البيان الذي يزيل الوهن وكذلك ايضا يكون ذلك سببا الى نيل الخيرات وتوقي المضرات والاحتساب غير ذلك - 00:40:21ضَ
من الامور ولهذا قال بعضهم بان تعلم التاريخ من فروض الكفايات لما يرثه من هذه المنافع هذا صحيح لان الامة بحاجة الى ذلك هذا ما قصدت ذكره واراده في هذا المجلس - 00:40:53ضَ
ان يكون مقدمة بين يدي العظات والعبر التي نذكرها وسابدأ ان شاء الله تعالى في المجلس القادم بذكر نوع من العظات والعبر مما يتعلق بالفتن ونحن في هذه الاوقات احوج ما نكون - 00:41:13ضَ
الى ذلك ثم ننتقل منها ان شاء الله تعالى الى غيرها والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه - 00:41:31ضَ