قراءة تفسير آضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (832 حلقة) - مشروع كبار العلماء

قراءة تفسير أضواء البيان (018) - البقرة (016) - للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - كبار العلماء

محمد الأمين الشنقيطي

يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل في هذه الحلقة الحديث حول بقية المسائل المتعلقة بالاضطرار الى اكل الميتة - 00:00:03ضَ

قال المؤلف رحمه الله المسألة الخامسة اذا كان المضطر الى الميتة محرما وامكنه الصيد. فهل يقدم الميتة او الصيد اختلفت العلماء في ذلك فذهب مالك وابو حنيفة واحمد رحمهم الله - 00:00:28ضَ

والشافعي في اصح القولين الى انه يقدم الميتة وعن الشافعي رحمه الله تعالى قول بتقديم الصيد وهو مبني على القول بان المحرم ان ذكى صيدا لم يكن ميته والصحيح ان زكاة المحرم للصيد لغو - 00:00:47ضَ

ويكون ميتة والميتة اخف من الصيد للمحرم لانه يشاركها باسم الميتة ويزيد بحرمة الاصطياد وحرمة القتل وسيأتي لهذه المسألة زيادة بيان ان شاء الله في سورة المائدة وممن قال بتقديم الصيد للمحرم على الميتة ابو يوسف - 00:01:07ضَ

والحسن والشعبي واحتجوا بان الصيد يجوز للمحرم عند الضرورة ومع جوازه والقدرة عليه تنفى الضرورة فلا تحل الميتة واحتج الجمهور بان نحل اكل الميتة عند الظرورة منصوص عليه واباحة الصيد للضرورة مجتهد فيها. والمنصوص عليه اولى - 00:01:31ضَ

فان لم يجد المضطر الا صيدا وهو محرم فله ذبحه واكله وله الشبع منه على التحقيق لانه بالضرورة وعدم وجود غيره صار مذكا ذكاة شرعية طاهرا حلالا فليس بميتة ولذا تجب ذكاءته الشرعية ولا يجوز قتله - 00:01:53ضَ

والاكل منه بغير ذكاة ولو وجد المضطر ميتة ولحم خنزير او انسانا ميتا الظاهر تقديم الميتة على الخنزير ولحم الادمي قال الباجي ان وجد المضطر ميتة وخنزيرا فالاظهر عندي ان يأكل الميتة - 00:02:15ضَ

لان الخنزير ميتة ولا يباح بوجه وكذلك يقدم الصيد على الخنزير والانسان على الظاهر ولم يجز عند المالكية اكل الانسان للضرورة مطلقا وقتل الانسان الحي المعصوم الدم لاكله عند الضرورة حرام اجماعا. سواء كان مسلما او ذميا - 00:02:36ضَ

وان وجد انسان معصوم ميتا فهل يجوز لحمه عند الضرورة او لا يجوز منعه المالكية والحنابلة واجازه الشافعية وبعض الحنفية واحتج الحنابلة لمنعه لحديث كسر عظم الميت ككسر عظم الحي - 00:03:01ضَ

واختار ابو الخطاب منهم جواز اكله وقال لا حجة في الحديث هنا لان الاكل من اللحم لا من العظم والمراد بالحديث التشبيه في اصل الحرمة لا في مقدارها بدليل اختلافهما في الظمان - 00:03:21ضَ

والقصاص ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت. قاله في المغني ولو وجد المضطر اديميا غير معصوم الحربي والمرتد فله قتله والاكل منه عند الشافعية وبه قال القاضي من الحنابلة واحتجوا - 00:03:38ضَ

بانه لا حرمة له. فهو بمنزلة السباع. والله تعالى اعلم المسألة السادسة هل يجوز للمضطر ان يدفع ضرورته بشرب الخمر فيه للعلماء اربعة اقوال الاول المنع مطلقا الثاني الاباحة مطلقا. الثالث الاباحة في حالة الاضطرار الى التداوي بها - 00:04:00ضَ

دون العطش الرابع عكس واصح هذه الاقوال عند الشافعية المنع مطلقا قال مقيده عفا الله عنه الظاهر ان التداوي بالخمر لا يجوز لما رواه مسلم في صحيحه من حديث وائل ابن حجر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله طارق بن سويد - 00:04:27ضَ

الجعفي عن الخمر فنهاه او كره ان يصنعها فقال انما اصنعها للدواء وقال انه ليس بدواء ولكنه داء والظاهر اباحتها لاساغة غصة خيف بها الهلاك وعليه جل اهل العلم والفرق بين اساغة الغصة - 00:04:51ضَ

وبين شربها للجوع او العطش ان ازالتها للغصة معلومة وانها لا يتيقن ازالتها للجوع او العطش قال الباجي وهل لمن يجوز له اكل الميتة ان يشرب لجوعه او عطشه الخمر - 00:05:12ضَ

قال مالك لا يشربها ولن تزيده الا عطشا وقال ابن القاسم يشرب المضطر الدم ولا يشرب الخمر ويأكل الميتة ولا يقرب ضوال الابل وقاله ابن وهب وقال ابن حبيب من غص بطعام وخاف على نفسه فان له ان يجوزه بالخمر - 00:05:28ضَ

وقاله ابو الفرج اما التداوي بها فمشهور المذهب انه لا يحل واذا قلنا انه لا يجوز التداوي بها ويجوز استعمالها لاساغة الغصة الفرق ان التداوي بها لا يتيقن به البرء من الجوع والعطش - 00:05:49ضَ

انتهى بنقل المواق في شرح قول خليل وخمر لغصة وما نقلنا عن ما لك من ان الخمر لا تزيد الا عطشا نقل نحوه النووي عن الشافعي قال وقد نقل الروياني ان الشافعي رحمه الله نص على المنع من شربها للعطش - 00:06:08ضَ

معللا بانها تجيع وتعطش وقال القاضي ابو الطيب سألت من يعرف ذلك فقال الامر كما قال الشافعي انها تروي في الحال ثم تثير عطشا عظيما وقال القاضي حسين في تعليقه قالت الاطباء الخمر تزيد في العطش واهل الشرب يحرصون على الماء البارد - 00:06:29ضَ

وحصل بما ذكرناه انها لا تنفع في دفع العطش وحصل بالحديث الصحيح السابق في هذه المسألة انها لا تنفع في الدواء فثبت تحريمها مطلقا. والله تعالى اعلم. انتهى من شرح المهذب - 00:06:54ضَ

وبه تعلم ان ما اختاره الغزالي وامام الحرمين من الشافعية والابهري من المالكية من جوازها للعطش خلاف الصواب وما ذكره امام الحرمين والابهري من انها تنفع في العطش خلاف الصواب ايضا. والعلم عند الله تعالى - 00:07:10ضَ

ومن مر ببستان لغيره فيه ثمار وزروع او بماشية فيها لبن فان كان مضطرا اضطرارا يبيح الميتة فله الاكل بقدر ما يرد جوعه اجماعا ولا يجوز له حمل شيء منه - 00:07:29ضَ

وان كان غير مضطر وقد اختلف العلماء في جواز اكله منه فقيل له ان يأكل في بطنه من غير ان يحمل منه شيئا وقيل ليس له ذلك. وقيل بالفرق بين المحوط عليه فيمنع - 00:07:46ضَ

وبين غيره فيجوز وحجة من قال بالمنع مطلقا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عموم قوله ان دماءكم واموالكم واعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا - 00:08:01ضَ

وعموم قوله تعالى لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ونحو ذلك من الادلة وحجة من قال بالاباحة مطلقا اخرجه ابو داوود عن الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم - 00:08:17ضَ

قال اذا اتى احدكم على ماشية فان كان فيها صاحبها فليستأذنه فان اذن فليحتلب وليشرب وان لم يكن فيها فليصوت ثلاثة. فان اجاب فليستأذنه فان اذن له والا فليحتلم وليشرب ولا يحمل. انتهى - 00:08:36ضَ

وما رواه الترمذي عن يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من دخل حائطا فليأكل ولا يتخذ خبنة قال هذا حديث غريب لا نعرفه الا من حديث يحيى بن سليم. وما رواه الترمذي ايضا من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده - 00:08:55ضَ

ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق. فقال من اصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه قال فيه حديث حسن وما روي عن عمر رضي الله عنه - 00:09:18ضَ

انه قال اذا مر احدكم بحائط فليأكل منه ولا يتخذ قال ابو عبيدة قال ابو عمرو وهو يحمل الوعاء الذي يحمل فيه الشيء فان حملته بين يديك فهو ذبان. يقال قد تثبنت ثبانا. فان حملته على ظهرك - 00:09:33ضَ

وهو الحال يقال منه قد تحولت كسائي اذا جعلت فيه شيئا ثم حملته على ظهرك فان جعلتهم في حضنك فهو خبنة ومنه حديث عمرو بن شعيب المرفوع ولا يتخذ خبلة - 00:09:52ضَ

يقال فيه خبنت اخبروا خبنة قاله القرطبي وما روي عن ابي زينب التيمي قال سافرت مع انس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وابي بردة فكانوا يمرون بالثمار فيأكلون بافواههم. نقله صاحب المغني وحمل اهل القول الاول هذه الاحاديث والاثار على حال الضرورة - 00:10:08ضَ

ويؤيده ما اخرجه ابن ماجد باسناد صحيح عن عباد ابن شرحبيل اليشكلي الغبري رضي الله عنه قال اصابتنا عاما مخمصة فاتيت المدينة فاتيت حائطا من حيطانها فاخذت سنبلا ففركته اكلته وجعلته في كسائي - 00:10:32ضَ

فجاء صاحب الحائط فضربني واخذ ثوبي فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرته فقال ما اطعمته اذ كان جائعا او ساغبا ولا علمته اذ كان جاهلا فامره النبي صلى الله عليه وسلم فرد اليه ثوبه. وامر له بوثق من طعام او نصف وسق - 00:10:52ضَ

فان في هذا الحديث الدلالة على ان نفي القطع والادب انما هو من اجل المخمصة وقال القرطبي في تفسيره عقب نقله لما قدمنا عن عمر رضي الله عنه قال ابو عبيدة وانما يوجه هذا الحديث انه رخص فيه للجائع المضطر الذي لا شيء معه يشتري به - 00:11:12ضَ

الا يحمل الا ما كان في بطنه قدر قوته. ثم قال قلت لان الاصل المتفق عليه تحريم مال الغير الا بطيب نفس منه فان كانت هناك عادة بعمل مثل ذلك كما كان في اول الاسلام او كما هو الان في بعض البلدان فذلك جائز - 00:11:33ضَ

ويحمل ذلك على اوقات المجاعة والضرورة كما تقدم. والله اعلم. انتهى منه وحجة من قال بالفرق بين المحوط وبين غيره ان احرازه بالحائط دليل على شح صاحبه به. وعدم مسامحته فيه - 00:11:53ضَ

وقول ابن عباس ان كان عليها حائط فهو حريم فلا تأكل وان لم يكن عليها حائط فلا بأس نقله صاحب المغني وغيره وما ذكره بعض اهل العلم من الفرق بين مال المسلم - 00:12:10ضَ

فيجوز عند الضرورة وبين مال الكتابي الذمي فلا يجوز بحال غير ظاهر ويجب حمل حديث العرباض بن سارية عند ابي داوود الواردي في المنع من دخول بيوت اهل الكتاب ومنع الاكل من ثمارهم الا باذن - 00:12:26ضَ

على عدم الضرورة الملجئة الى اكل الميتة. والعلم عند الله تعالى بهذا تنتهي المسائل المتعلقة بالاضطرار الى اكل الميتة مما ذكره المؤلف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والى لقاء قادم ان شاء الله - 00:12:43ضَ