قراءة تفسير آضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (832 حلقة) - مشروع كبار العلماء
قراءة تفسير أضواء البيان (034) - البقرة (032) - للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - كبار العلماء
التفريغ
يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه - 00:00:03ضَ
ظاهر هذه الاية الكريمة ان كتابة الدين واجبة لان الامر من الله يدل على الوجوب ولكنه اشار الى انه امر ارشاد لا ايجاب. بقوله وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة. لان الرهن لا - 00:00:27ضَ
اجماع وهو بدل من الكتابة عند تعذرها. في الاية فلو كانت الكتابة واجبة لكان بدلها واجبا وصرح بعدم الوجوب بقوله فان امن بعضكم بعضا فليؤدي الذي اؤتمن امانته التحقيق ان الامر في قوله فاكتبوه للندب والارشاد - 00:00:45ضَ
لان لرب الدين ان يهبه ويتركه اجماعا فالندب الى الكتابة فيه انما هو على جهة الحيطة للناس قاله القرطبي وقال بعضهم ان اشهدت فحزم وان ائتمنت ففي حل وسعة. قاله ابن عطية - 00:01:07ضَ
وهذا القول هو الصحيح. وقاله القرطبي ايضا وقال الشعبي كانوا يرون ان قوله فان امن الاية ناسخ لامره بالكتم. وحكى نحوه ابن جريج وقاله ابن زيد. وروي عن ابي سعيد الخدري - 00:01:24ضَ
وذهب الربيع الى ان ذلك واجب بهذه الالفاظ. ثم خففه الله تعالى بقوله فان امن بعضكم بعضا وتمسك جماعة بظاهر الامر في قوله فاكتبوه وقالوا ان كتب الدين واجب فرض بهذه الاية. بيعا كان او قرضا - 00:01:40ضَ
لئلا يقع فيه نسيان او جحود وهو اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره وقال ابن جريج من ادان فليكتب ومن باع فليشهد انتهى من القرطبي وسيأتي له زيادة بيان ان شاء الله قريبا - 00:02:00ضَ
قال المؤلف رحمه الله تنبيه اخذ بعض العلماء من قوله تعالى وان كنتم على سفر الاية ان الرهن لا يكون مشروعا الا في السفر كما قاله مجاهد والضحاك وداوود والتحقيق جوازه في الحضر. وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة انه صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة عند يهودي. بثلاثين صاع - 00:02:18ضَ
عمي شعير وفي الصحيحين انها درع من حديد. وروى البخاري واحمد والنسائي وابن ماجة. عن انس انه صلى الله عليه وسلم رهن درعا عند يهودي في المدينة واخذ عنه شعيرا لاهله - 00:02:42ضَ
ولاحمد والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس مثل حديث عائشة فدل الحديث الصحيح على ان قوله وان كنتم على سفر لا مفهوم مخالفة له لانه جرى على الامر الغالب اذ الغالب ان الكاتب لا يتعذر في الحظر وانما يتعذر غالبا في السفر - 00:02:57ضَ
والجري على الغالب من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كما ذكرناه في هذا الكتاب مرارا. والعلم عند الله تعالى قوله تعالى واشهدوا اذا تبايعتم ظاهر هذا الامر الوجوب ايضا فيجب على من باع ان يشهد. وبهذا قال ابو موسى الاشعري وابن عمر - 00:03:17ضَ
والضحاك وسعيد ابن مسيب وجابر ابن زيد ومجاهد وداوود ابن علي وابنه ابو بكر وعطاء وابراهيم قاله القرطبي وانتصر له ابن جرير الطبري غاية الانتصار وصرح بان من لم يشهد مخالف لكتاب الله - 00:03:34ضَ
وجمهور العلماء على ان الاشهاد على المبايعة وكتابة الدين امر مندوب اليه لا واجب. ويدل لذلك قوله فان امن بعضكم بعضا الاية وقال ابن وقال ابن العربي للمالكي ان هذا قول الكافة. قال وهو الصحيح - 00:03:52ضَ
ولم يحك عن احد ممن قال بالوجوب الا الضحاك قال وقد باع النبي صلى الله عليه وسلم وكتب قال ونسخ ونسخة كتابه بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشترى العداء ابن خالد - 00:04:10ضَ
ابن هودة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اشترى منه عبدا او امة لا داء ولا غائلة ولا خبيثة. بيع المسلم للمسلم وقد باع ولم يشهد واشترى ورهن درعه عند يهودي ولم يشهد ولو كان الاشهاد امرا واجبا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة - 00:04:24ضَ
قال القرطبي بعد ان ساق كلام ابن العربي هذا ما نصه؟ قلت قد ذكرنا الوجوب عن غير الضحاك. وحديث العداء هذا اخرجه الدارقطني وابو داود. وكان اسلامه بعد الفتح حنين - 00:04:45ضَ
وهو القائل قاتلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم يظهرنا الله ولم ينصرنا. ثم اسلم فحسن اسلامه ذكره ابو عمر وذكر حديثه هذا وقال في اخره قال الاصمعي سألت سعيد بن ابي عروبة عن الغائلة فقال الاباء والسرقة والزنا وسألت - 00:05:01ضَ
عن الخبيثة فقال بيع اهل عهد المسلمين وقال الامام ابو محمد بن عطية والوجوب في ذلك قلق اما في الوثائق فصعب شاق واما ما كثر فربما يقصد التاجر الاستئناف بترك الاشهاد - 00:05:23ضَ
وقد يكون عادة في بعض البلاد وقد يستحي من العالم والرجل الكبير الموقر فلا يشهد عليه. فيدخل ذلك كله في الائتمان ويبقى الامر بالاشهاد ندبا لما فيه من المصلحة في الاغلب ما لم يقع عذر يمنع منه كما ذكرنا - 00:05:40ضَ
وحكى المهدوي والنحاس ومكي عن قوم انهم قالوا واشهدوا اذا تبايعتم منسوخ بقوله فان امن بعضكم بعضا واسنده النحاس عن ابي سعيد الخدري وانه تلا يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه - 00:05:58ضَ
الى قوله فان امن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن امانته قال نسخت هذه الاية ما قبلها قال النحاس وهذا قول الحسن والحكم وعبدالرحمن بن زيد. قال الطبري وهذا لا معنى له - 00:06:17ضَ
لان هذا حكم غير الاول وانما هذا حكم من لم يجد كاتبا. قال الله عز وجل وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة وان امن بعضكم بعضا. اي فلم يطالبه برهن فليؤد الذي اؤتمن امانته - 00:06:32ضَ
قال ولو جاز ان يكون هذا ناسخا للاول لجاز ان يكون قوله عز وجل وان كنت مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط الاية ناسخا لقوله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة الاية - 00:06:47ضَ
ولجاز ان يكون قوله عز وجل فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ناسخا لقوله عز وجل فتحرير رقبة وقال بعض العلماء ان قوله تعالى فان امن بعضكم بعضا لم يتبين باخر نزوله عن صدر الاية المشتملة على الامر بالاشهاد - 00:07:03ضَ
بل ورد معا ولا يجوز ان يرد الناسخ والمنسوخ معا في حالة واحدة قال وقد روي عن ابن عباس انه قال لما قيل له ان اية الدين منسوخة؟ قال لا والله ان اية الدين محكمة ليس فيها نسخ - 00:07:23ضَ
قال والاشهاد انما جعل للطمأنينة. وذلك ان الله تعالى جعل لتوثيق الدين طرقا منها الكتاب ومنها الرهن ومنها الاشهاد ولا خلاف بين علماء الانصار ان الرهن مشروع بطريق الندب لا بطريق الوجوب - 00:07:40ضَ
ويعلم من ذلك مثله في الاشهاد وما زال الناس يتبايعون حظرا وسفرا وبرا وبحرا وسهلا وجبلا من غير اشهاد مع علم الناس بذلك من غير نكير ولو وجب الاشهاد ما تركوا النكير على تاركه - 00:07:56ضَ
قلت هذا كله استدلال حسن واحسن منه ما جاء من صريح السنة في ترك الاشهاد وهو ما اخرجه الدارقطني عن طارق بن عبدالله المحاربي رضي الله عنه قال اقبلنا في ركب من الربذة وجنوب الربذة حتى نزلنا قريبا - 00:08:12ضَ
من المدينة ومعنا ظعينة لنا فبينما نحن قعود اذ اتانا رجل عليه ثوبان ابيضان فسلم فرددنا عليه. فقال من اين القوم وقلنا من الربذة وجنوب الربذة قال ومعنا جمل احمر - 00:08:29ضَ
فقال تبيعونني جملكم هذا؟ فقلنا نعم. قال بكم؟ قلنا بكذا وكذا صاعا من تمر قال فما استوضعنا شيئا وقال قد اخذته. ثم اخذ برأس الجمل حتى دخل المدينة فتوارى عنا. فتلاومنا بيننا وقلنا اعطيتم جملكم من لا تعرفونه - 00:08:45ضَ
وقالت الظعينة لا تلاوموا. فقد رأيت وجه رجل ما كان ليغفركم. ما رأيت وجه رجل اشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه فلما كان العشاء اتانا رجل فقال السلام عليكم انا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليكم وانه امركم ان تأكلوا من هذا حتى - 00:09:05ضَ
اتشبع وتكتال حتى تستوفوا قال فاكلنا حتى شبعنا واكتلنا حتى استوفينا. وذكر الحديث الزهري عن عمارة ابن خزيمة ان عمه حدثه وهو من اصحاب النبي الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من اعرابي. الحديث - 00:09:25ضَ
وفيه فطفق الاعرابي يقول هلم شاهدا يشهد اني بعتك. قال خزيمة ابن ثابت انا اشهد انك بعته فاقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال بما تشهد قال بتصديقك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين - 00:09:45ضَ
اخرجه النسائي وغيره. انتهى من القرطبي بلفظه قال مقيده عفا الله عنه وفيما نقلناه الدلالة الواضحة على ان الاشهاد والكتابة مندوب اليهما لا فرضان واجبان. كما قال جرير وغيره ولم يبين الله تعالى في هذه الاية اعني قوله جل وعلا واشهدوا اذا تبايعتم - 00:10:07ضَ
اشتراط العدالة في الشهود ولكنه بينه في مواضع اخرى كقوله ممن ترضون من الشهداء وقوله واشهدوا ذوي عدل منكم وقد تقرر في الاصول ان المطلق يحمل على المقيد كما بيناه في غير هذا الموضع - 00:10:29ضَ
قوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا لم يبين هنا هل اجاب دعاءهم هذا او لا واشار الى انه اجاب بقوله في الخطأ وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به الاية. واشار الى انه اجاب في النسيان بقوله واما - 00:10:46ضَ
لا ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين فانه ظاهر في انه قبل الذكرى لا اثم عليه في ذلك. ولا يقدح في هذا ان اية واما ينسينك الشيطان مكية. واية لا تؤاخذنا - 00:11:03ضَ
نسينا مدنية اذ لا مانع من بيان المدني بالمكي كعكسه وقد ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا قال قال الله تعالى نعم - 00:11:18ضَ
قوله تعالى ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا لم يبين هنا هل اجاب دعاءهم هذا او لا ولم يبين الاصر الذي كان على من قبلنا - 00:11:34ضَ
وبين انه اجاب دعاءهم هذا في مواضع اخر كقوله ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. وقوله لا يكلف الله نفسا الا وسعها وقوله وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله يريد الله بكم اليسر الاية الى غير ذلك من الايات. واشار الى بعض - 00:11:45ضَ
الذي حمل على من قبلنا بقوله فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم. لان اشتراط قتل النفس في قبول التوبة من اعظم الاصر والاسر الثقل التكليف ومنه قول النابغة يا مانع الظيم ان يغشى سراتهم والحامل الاصرى عنهم بعد ما عرفوا - 00:12:05ضَ
نكتفي بهذا القدر ونكون قد انتهينا من تفسير سورة البقرة والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:12:26ضَ