شرح ألا اعتزليني اليوم خولة أو غضي - طرفة بن العبد

كيف قتل طرفة بن العبد ؟ - ألا اعتزليني اليوم خولة أو غضي

محمد صالح

السلام عليكم موعدنا اليوم مع قصيدة عربية عجيبة وغريبة. جميلة ومؤثرة وقوية قرابتها بسبب الظروف التي احاطت بها والقصة التي حكاها قالها شاب في العشرينيات من عمره وهو في السجن ينتظر القتل بعد ان قبض عليه ولم يكن يتوقع ذلك - 00:00:04ضَ

فجاءت هذه الكارثة لتصيبه بالدهشة وتقسم ظهره بعد ان كان يأمل في حياة طويلة ويرسم الاحلام اخرج لنا كل ما في صدره في هذه الابيات التي لم يقل شيئا بعدها - 00:00:27ضَ

نعود للوراء قليلا حتى نفهم ما حدث كان الطرف شابا من قبيلة بكر ابن وائل. يسكن معهم في اقليم البحرين شرق الجزيرة. وكانوا يتنقلون بينها وبين وسط الجزيرة وحتى العراق - 00:00:43ضَ

ويدينون بالولاء للملك عمرو ابن هند ملك الحيرة. نشأ طرف ابن العبد يتيما لكنه كان ذا نسب ومكانة وغنى كان اسمه عمرو. لكنه عرف باسم شجرة الطرفة وهي الطرفاء الان. شجرة طبيعية في بلاد العرب وتوجد في مصر ايضا - 00:00:58ضَ

بها والتصق معه الاسم. فهذا معنى كلمة طرفة كان شابا تبدو عليه امارات الذكاء. يخالط الكبار ويتناول معهم شؤون القبيلة. ويفد الى الملوك. فاورثه هذا عجبا في وكانت اخلاقه مزيجا من الذكاء النادر والحكمة. وفي نفس الوقت نزق الشباب والطيش والتسرع - 00:01:18ضَ

قال عن نفسه وان تبغني في حلقة القوم تلقني. وان تقتنصني في الحوانيت تصتضي. يعني اذا اردت لقائي ستجدني في حلقة القوم مع الكبار. ويمكن ان تصطاد الاصطيادا عندما امر مع رفاق الشباب على حوانيت اللهو - 00:01:41ضَ

وكان مسرفا في انفاق المال حد اهلاك ثروته وغضب اقاربه عليه ويحب جلسات الخمر والغناء مع ندمائه قال في المعلقة ندى ما يبيض كالنجوم وقينة تروح علينا بين برد ومجسد - 00:01:59ضَ

اما اسباب نهايته المأساوية فقد ذكر ابن الانباري ان صراعا على ملك الحيرة قام بين عمرو بن هند الذي توج ملكا في النهاية وبين عمرو بن امامة وهو اخوه غير الشقيق. انضم طرفه الى حزب عمرو بن امامة الذي لحق باليمن. حاول الحصول على جيش لكنه - 00:02:18ضَ

انقلبوا عليه وقتلوه. وهكذا ثبت عمرو بن هند على الملك وكان يعلم ان طرفه منحاز الى الفريق الاخر ونقم عليه ولم ينتهى له وكان للطرفة قطيع ابل يرعى في ارض قابوس اخي الملك فارسل الملك واخذها منه عقابا له - 00:02:38ضَ

ايضا كان طرفه مندفعا نزقا وقد هجى الملك قبل ذلك بابيات وهجا شخصا من جلساء الملك يسمى عبد عمرو بن بشر وكان هذا الرجل رفيق الملك. فاقاموا شواء وجعل هذا الرجل يشوي ويقدم للملك. وكان ممتلئ الجسد مترهلا. فنظر اليه - 00:02:58ضَ

الملك ضاحكا وقد رأى سنته وقال انه كما وصفه ترفه وكان طرفه قد قال فيه فيا عجبا من عبد عمرو وبغيه لقد رام ظلمي عبد عمرو فانعمه ولا عيب فيه غير ان قيل واحد وان له كشحا اذا قام اهضم - 00:03:18ضَ

تشحن اهضم اي ان جانب جسده غليظ الثنايا اي ان جانب جسده ناعم كالنساء له طبقات من اللحم. وهي سخرية لاذعة فاغتاظ الرجل من هذا وقال ان طرفه قال في الملك اقبح من هذا - 00:03:39ضَ

ندم على فلتة لسانه لكن الملك اصر عليه ان يقول ووعده ان طرفه امن واخبرهم الابيات التي قالها طرفا في الملك اول بيت منها فيا ليت لنا مكان الملك عمرو رغوثا حول قبتنا تخور - 00:03:55ضَ

الرغوث هي الشاة او الحيوان التي تدر لبنا. يقول لو كانت لنا شاة تحلب لنا اللبن وتخور باصواتها حول قبتنا لكان كانت افضى لنا من الملك عمرو وهكذا تلاحظون ان الطرف لم يكن حكيما. وان لسانه اورده المهالك - 00:04:13ضَ

وقد كان يسخر بشدة من كبار القوم حتى جعلهم يتهامسون ويحقدون عليه سمع الملك هذه الابيات واصرها في نفسه وحفظ كلمته فلم يقتل طرفه. لكنه لم ينساها له وبعد ذلك اعتذر طرفا منه وقبل الملك اعتذاره لكنه لم يصف لطرفه - 00:04:31ضَ

ظن طرفه لسذاجته ان الملك قد نسي ما فات ولم يخف على نفسه منه وفي مناسبة اخرى دخل طرفه على الملك عمرو بن هند وهو مختال معجب بنفسه. ودخل معه خاله المتلمس وهو شاعر ايضا - 00:04:51ضَ

وقد هجى عمرو بن هند قبل ذلك وقبيلة بكر التي ينتمي لها طرفه تدين بالولاء للملك. وكان طرفه شابا مندفعا في العشرينيات من عمره فقط. ومن يقرأ المعلقة يعرف ان هذه من صفاته الاصيلة - 00:05:07ضَ

نظر له الملك نظرة غضب فهم الحاضرون انها خطر على طرفه الملك لا يحب ان ينافسه احد في الابهة. وكان عمرو بن الهند باطشا وكانت العرب تهابه وهكذا جمع طرفه ثلاث سيئات عند الملك - 00:05:24ضَ

كان مع حزب عمرو بن امامة وهجا الملك قبل ذلك ودخل عليه يختال معجبا بنفسه وقدر عمرو بن هند ان يتخلص منه كان ما اعترف في هذه الزيارة خاله المتلمس. وهو شاعر ايضا وقد هجا عمرو بن هند كذلك. وكان اكثر خبرة من طرفه - 00:05:41ضَ

وقد جرب الحياة اكثر منه. فحذره من الملك. وقال يا طرفة انك غلام حدث. والملك قد علمته وكلانا لكن طرفه لقلة حرصه وسذاجته لم يعر ذلك اهتماما وبينما هم كذلك اذ ارسل لهم الملك واعطاهم جوابا يوصلونه الى المكعبر - 00:06:04ضَ

وهو عامل الملك على عمان والبحرين كتب لعامله ان يقتلهم. وحملوا الرسائل بايديهم فلما كانوا في احدى البلاد دفع المتلمس رسالته الى صبي يحسن القراءة فقرأها فوجد فيها باسمك اللهم من عمرو بن هند - 00:06:26ضَ

الى المكعبر اذا اتاك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يده ورجله وادفنه حيا فالقى الرسالة في النهر ولحق بالغساسنة في الشام وحذر طرفه وقال له معك والله مثلها. اي ان رسالتك تحمل نفس الامر بالقتل - 00:06:44ضَ

ولكن لغرور طرفة رد عليه انه ما كان ليكتب لي بذلك في عقر دار قومي. وان اجترأ عليك فلا يشترأ علي لمكانة قومي بني بكر بن وائل. لان طرفه من اقليم البحرين. وكانت الرسالة موجهة الى اقليم البحرين - 00:07:02ضَ

فلم يتصور طرفه ان يقتله الملك في بلاده كان يظن انها رسالة ترحيب يأمر فيها الملك باكرامه ودفع هبة له ورفض ان يفتحها وان يفض خاتم الملك فلما وصلت الرسالة لعامل البحرين تبين انها امر بقتله - 00:07:20ضَ

قبض عامل الملك على طرفه وقتله. وقيل انه كان كارها لقتله. فاعطاه فرصة ليذهب. وقيل غير ذلك وحاولت قبيلة بكر انتزاع طرفه من عامل الملك. وكان يحرضهم بهذه القصيدة التي هي موضوعنا - 00:07:38ضَ

غرس الملك عاملا غيره ومعه امر بقتل طرفه ورجل اخر ولما علم انه مقتول لا محالة طلب منهم ان يحسنوا قتلته. بان يسقوه خمرا كثيرا حتى اذا غاب عن وعيه قطعوا عروقه - 00:07:55ضَ

وقتل طرفه ولم يتجاوز عمره ستة وعشرين عاما فقط وقبل ان يموت انشد هذه الابيات يذكر مآثره واخلاقه. ويذكر خلافه مع الملك ويذمه. ويذكر انه لم يرضخ له ويلوم اهله ويحذرهم. ويلوم الحساد وصديق السوء. ابيات حارقة قالها بصدق شديد - 00:08:10ضَ

ومن عجيب امر هذه القصيدة انه قالها في حال صعبة ضيقة. لا تسمح للرجل بقول الشعر واختار لها قافية صعبة هي قافية حرف الضاد ورغم ذلك خرجت مؤثرة جزلة قوية. وهذا امر شديد الصعوبة ويدل على عقل حاضر وموهبة طبيعية. فلو اصيب احدنا - 00:08:33ضَ

بضيق قليل او بمرض فانه يترك عمله حتى يتحسن. اما هو فقد قال ذلك والسيف فوق رأسه تذكرنا هذه القصيدة بقصيدة عبدي يغوث الحارثي المفضلية التي قالها في ظروف تشبه ظروف طرفة تماما - 00:08:58ضَ

وقد كان ايضا محبوسا ينتظر القتل وقتل فعلا في تلك القصيدة التي اولها الا لا تلومان كفى اللوم ما بي وما لك ما في اللوم خير ولا لي. وقد قدمت هذه - 00:09:15ضَ

قصيدة هنا على القناة. ساضع رابطها في الوصف لمن اراد ان يشاهدها ورغم جمال القصيدة وتأثيرها البالغ الا ان ظروفها لم تسمح لها ان تكتمل. وقد وقع طرفه في هذه القصيدة في عيب يسميه - 00:09:30ضَ

في الشعر الايطاء. وهو اعادة كلمة القافية. يقف الشاعر بكلمة ثم يقفي بها في بيت اخر في نفس القصيدة سواء اتفق المعنى ام اختلف يعتبر هذا نوعا من العيب من الشاعر وعجزا عن الاتيان بالفاظ جديدة. اجاز اهل الشعر تكرار القافية بعد سبعة ابيات. فاذا - 00:09:45ضَ

اعاد قبل ذلك عدة عيبا وقع طرفة في هذا العيب اكثر من مرة في هذه القصيدة. حتى انه كرر نفس القافية في بيتين متتاليين. ستلاحظون بعض الكلمات التي تتكرر بشكل كبير في قافية هذه القصيدة. مثلا الدحضي النحضي المحضي والقرض - 00:10:09ضَ

تتكرر كل واحدة من هذه الكلمات اكثر من مرة. على كل حال كانت ظروف انشائها صعبة جدا بل مستحيلة. ولا يطيق الانسان ان نفكر فيها للحظة واحدة. فله كل العذر ان يخطئ كما يشاء. والاهم انه اوصل فكرته - 00:10:31ضَ

وتبقى القصيدة اية من ايات اللغة العربية وقصة جميلة من التاريخ وفيها ابيات تصلح ان تقال كحكم تتناقلها الاجيال سابذل ما في وسعي لتقديم هذه القصيدة في حلقات قصيرة واتمنى ان نوفق في ذلك. رغم قلة المصادر وصعوبة هذا البحث وغموض معنى - 00:10:49ضَ

بعض الابيات. لكنه امر احب ان افعله وانا مقتنع انه ضروري اذا كانت هذه حلقة المقدمة. امل انني احطكم علما بظروف الشاعر والقصيدة. وحمستكم كي تستمعوا الى الابيات بتركيز شكرا لكل المشاهدين الذين وصلوا معي الى هنا. وشكرا للداعمين الذين يدعمون القناة على موقع باتريون وعلى خصائص الدعم والانتساب على يوتيوب - 00:11:09ضَ

لا تنسى ان تضع اعجابا لهذه الحلقة وان تشترك معي على القناة شكرا لكم واراكم قريبا مرة اخرى ان شاء الله. السلام عليكم - 00:11:37ضَ