التفريغ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته لما ذكر الله تبارك وتعالى هذا الفريق الثالث بصدر هذه السورة الكريمة سورة البقرة وهم اهل النفاق - 00:00:01ضَ
ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون فهم انما قالوا امنا بالله وباليوم الاخر مخادعة من غير ايقان - 00:00:23ضَ
ولا اذعان ولا اقرار ولا تصديق حقيقي يقوم في قلوبهم ثم ذكر العلة العليلة التي اوقعتهم في هذا كله فقال في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا - 00:00:43ضَ
يكذبون في قلوبهم مرض هذا المرض مرض النفاق الذي مبناه على الكذب الذي يحصل به المخالفة بين الظاهر والباطن وهو منشأ هذه العلل والاوصاب التي مني بها هؤلاء وقلوبهم منطوية على الكفر - 00:01:05ضَ
والشك وفساد الباطن في قلوبهم مرض المرض غالبا يطلق في كتاب الله تبارك وتعالى ويراد به النفاق وقد يذكر ويراد به ضعف الايمان وهو احد القولين في قوله تبارك وتعالى - 00:01:28ضَ
واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض وبعضهم يقول هذا من باب عطف الاوصاف والموصوف واحد فالمنافقون هم الذين في قلوبهم مرض وبعضهم يقول ان هؤلاء الذين عطفوا على المنافقين والاصل ان - 00:01:51ضَ
العطف يقتضي المغايرة ان هؤلاء هم ضعفاء الايمان فئة اخرى ولكنه في موضع واحد اطلق المرض واريد به الميل المحرم الى النساء. مرض الشهوات وذلك في اية الاحزاب في قوله تبارك وتعالى - 00:02:12ضَ
فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. مريض القلب. بالميل المحرم الى النساء. فهذه امراض فالقلب يصح بالايمان اذا كان معمورا بتقوى الله تبارك وتعالى ويمرض بالشهوات والشبهات وما يتفرع عنهما من العلل والادواء - 00:02:35ضَ
وكذلك القلب ايضا يموت اذا كان خاليا من الايمان والتقوى والعمل الصالح فهؤلاء عاقبهم الله تبارك وتعالى فزادهم مرضا اذ الجزاء من جنس العمل اذى في الدنيا وتوعدهم بالاخرة بالعذاب المؤلم - 00:03:01ضَ
الموجع فقوله تبارك وتعالى في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا المريض ايها الاحبة يجد طعم الطعام على خلاف ما هو عليه ويرى الحامض حلوا والحلوة مرا وكذلك هؤلاء يرون الحق باطلا والباطل - 00:03:27ضَ
حقا فكما ان المرض الذي يقع للجسد يكون باختلال مزاج البدن كما هو معروف فتتحول عافية الانسان فلا يجد طعوم الاشياء كما يجدها الاصحاء ولا يجد مذاق الطعام كما يجده الصحيح - 00:03:53ضَ
وكذلك ايضا هذا الذي قد اصيب في دينه وايمانه وقلبه فصار قلبه مريضا هذا المرض المعنوي تتحول عنده الاشياء بحسب هذا المرض فيرا الباطل حقا لان بصيرته قد تحولت فهذه البصيرة ايها الاحبة كالمنظار الذي يكون - 00:04:17ضَ
على العين فانه يرى الاشياء بحسب هذه الزجاجة بحسب لونها بحسب هذه العدسة فيرى الاشياء صغيرة او كبيرة او يراها ذات الوان على غير حقيقتها والعلة ليست في الاشياء وانما العلة في هذا النظر - 00:04:43ضَ
وهذا هو مكمن الخطورة ان الانسان حينما يضعف ايمانه ويقل يقينه بسبب ما يعافس من الشهوات والاهواء او ما يصل الى قلبه من الشبهات التي تورث الشك وتزعزع اليقين تتحول - 00:05:07ضَ
بصيرته فيرى الاشياء على غيري حقيقتها. فيتغير المعيار عنده والميزان فيستحسن ما كان يستقبح ويستقبح ما كان يستحسن ثم بعد ذلك يزين الشر الباطل والمنكر بل والكفر والضلال بعيني هذا الانسان نسأل الله العافية - 00:05:28ضَ
فهذا خطير فاذا رأيته وجدته على خلاف ما عهدته من حسن النظر في الامور ومحبة الخير والحق والهدى والنور فتحول الى خفاش اعشاه النهار بضوئه فما عاد يرى الحقائق كما كان - 00:05:53ضَ
يبصرها وما عدا يستحسن الحق ويقبله بل تحول الحق عنده الى باطل كريه مر المذاق فهذه مصيبة اذا وقعت في قلب الانسان تحولت عنده المقاييس والموازين ولذلك ينبغي على الانسان ان يتعاهد قلبه دائما - 00:06:15ضَ
ولهذا جاء عن بعض السلف في معيار الفتنة اذا فتن الانسان ان يستحسن ما كان يستقبح وان يستقبح ما كان يستحسن يعني كيف يعرف الانسان انه مفتون فتن امور كان ينكرها وكان يستقبحها ثم بعد ذلك صار يستحسنها. هي هي لم تتغير - 00:06:40ضَ
كان يذم اشياء من الاعمال والاوصاف والاشخاص ثم بعد ذلك صار يستحسن ذلك كله ولم يتغير من ذلك شيء يعني لم يتحول هذه الاعمال او الاوصاف او الاشخاص الى شيء اخر الى خير او نحو هذا - 00:07:04ضَ
فهذا هو الخطير. هذه هي الفتنة. هذا هو المفتون الذي قد نكس قلبه ثم ايضا هذا الانسان ايها الاحبة اذا لم يكن له اقبال على الحق وكان قلبه مريضا فان الجزاء من جنس العمل - 00:07:23ضَ
فان الله يعاقبه نكاية به فيزداد مرض قلبه. ويبقى من انتكاسة الانتكاسة ومن حفرة الى هوة. ولهذا يحتاج العبد دائما يجدد التوبة وان يسأل ربه ان يلطف به وان يغفر له زلله وان يريه الحق حقا وان يرزقه اتباعه ان يريه الباطل باطلا وان يرزقه - 00:07:43ضَ
اجتنابه. يخاف على نفسه ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب طاف الانسان من ان يزيغ قلبه فهذا في عالم الانتكاسات التي - 00:08:10ضَ
تسمعون وتشاهدون عبر الايام والشهور والسنين او ليه ما الذي غيرهم وما الذي حولهم؟ كيف كانوا؟ والى اي شيء صاروا؟ ماذا كانوا يقولون ثم بعد ذلك ماذا صاروا يفعلون غيرت - 00:08:28ضَ
قد يبقى للانسان ظاهر من الصلاح قشرة لا زالت تغلفه ولكنه منخور من الباطن يغشى القبائح والكبائر ويتكلم ويتفوه لسانه بكل منكر وقبيح بعدما كان يلهج بذكر الله عز وجل - 00:08:45ضَ
بعدما كان قلبه رقيقا شفافا بعد ما كان وجهه مشرقا بالطاعة تحول الى وجه مظلم فهذا يخاف العبد دائما من مثل هذه العاقبة وهذه الحال ونحن ندعو ربنا لا تجعل مصيبتنا في ديننا - 00:09:04ضَ
هذي المصيبة في الدين ان يصاب الانسان في دينه اذا اصيب الانسان بادنى علة في بدنه ذهب وطلب الاطباء وبدأ الناس يتفقدونه ويسألون عنه وعن علته ما فعل الله به وبها - 00:09:25ضَ
ولكنه اذا اصيب في ايمانه اذا اصيب في دينه لربما لا يسأل لا هو ولا يسأل غيره عن ذلك ولربما يكره ويشنأ ويبغض من تعاهده من اجل ذلك ونصحه بان يعالج قلبه - 00:09:42ضَ
وايمانه. اسباب الضلال ايها الاحبة ظلال العبد. نأخذ من هذه الاية ان منشأها منه وان الله تبارك وتعالى حكم عدل فهؤلاء لما كان المرض في قلوبهم زادهم الله مرضا. كما قال الله تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم - 00:10:01ضَ
وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون والله يقول وما كان الله ليضيع ايمانكم الصلاة الى بيت المقدس وكذلك ايضا سائر الاعمال فالعبرة بعموم اللفظ والمعنى لا بخصوص السبب. فالله بالناس رؤوف - 00:10:24ضَ
رحيم ولكن العبد يجني على نفسه ثم ايضا تأمل قوله تبارك وتعالى في قلوبهم مرض هذا المرض كما يقول القرطبي بسكونهم الى الدنيا وحبهم لها غفلتهم عن الاخرة واعراضهم عنها - 00:10:43ضَ
لان المنافقين كما ذكرت في بعض المناسبات ان الذي اوقعهم في هذا هو هذا الحرص الشديد على استبقاء المهجة واحراز المال فيبيع دينه ومبادئه من اجل هذا الهدف الحقير ليس له مبدأ - 00:11:02ضَ
فالتعلق الشديد في الدنيا اوقعهم في ذلك فزادهم الله مرضا. وكلهم الى انفسهم وجمع عليهم هموم الدنيا فلم يتفرغوا من ذلك الى اهتمام بالدين الدين لا يرفعون به رأسا ولا يعنون به ولهم عذاب اليم - 00:11:22ضَ
عذاب اليم وقد نقل عن الجنيد قوله علل القلوب من اتباع الهوى كما ان علل الجوارح من مرض البدن ثم قال الله تبارك وتعالى واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون - 00:11:46ضَ
اذا نصحوا اذا وجه اليهم الخطاب من قبل اهل النصح والشفقة لا تفسدوا في الارض كفوا عن الفساد والافساد بالارض بالكفر والمعاصي افشاء اسرار المؤمنين وموالاة الكافرين قالوا كذبا وزورا وجدالا بالباطل. انما نحن مصلحون بهذه الصيغة - 00:12:04ضَ
التي تفيد الحصر حصروا انفسهم في الصلاح. مصلحون مصلحون وهم اهل الفساد حقيقة كما سيأتي وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اخذا من هذه الاية ان كل من عمل بمعصية الله فهو مفسد. قال والمحرمات معصية لله - 00:12:29ضَ
فالشارع ينهى عنه ليمنع الفساد ويدفعه ولا يوجد قط في شيء من صور النهي. صورة ثبتت فيها الصحة بنص ولا اجماع. يعني فيما نهى الله عنه لا يوجد في شيء نهى الله عنه - 00:12:54ضَ
ما ثبت فيه الصحة لا بنص ولا اجماع. هذا اللي نهى الله عنه هو شر وفساد فهذه المعاصي هي فساد والوالغون فيها والغون في الفساد والمذيعون لها والناشرون لها هم مذيعون للفساد. هؤلاء دهاقينته ومروجوه في - 00:13:12ضَ
المجتمع. ومن اعظم البلوى ايها الاحبة ان يزين للانسان الفساد حتى يرى انه اصلاح. انظروا الى هؤلاء انما نحن مصلحون. ويؤخذ من هذه الاية انه ليس كل من ادعى شيئا يصدق في دعواه - 00:13:39ضَ
او لادعوا هذه الدعوة العريضة وبهذا الاسلوب الذي يفيد الحصر بانما وهي من اقوى صيغ الحصر الله كذبهم الا انهم هم المفسدون رد عليهم اكذبهم بهذه الصيغة القوية ايضا التي تنادي عليهم بالفساد. الا - 00:13:55ضَ
وجاء بان المؤكد انهم وجاء بهم ضمير الفصل الذي يفيد تقوية النسبة بين طرفي الجملة طرفي الكلام هم وادخل على المفسدون كان هؤلاء قد حصلوا الوصف الكامل من الافساد كانه لا مفسد الا الا هؤلاء. الا انهم هم المفسدون - 00:14:17ضَ
فهذا رد من الله تبارك وتعالى عليهم ليس بقول احد من البشر يخطئ ويصيب او يتحامل او نحو ذلك او بينه وبينهم سوء في فهم او في معاملة او في علاقة او غير ذلك - 00:14:40ضَ
فليس كل ما زينته النفس لصاحبها يكون حسنا والله يقول افمن زين له سوء عمله فرآه حسنة فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء. اذا القضية لا ترجع الى الاذواق - 00:14:57ضَ
كما لا ترجع الى الدعاوى العريظة التي يدعيها المفسد ويقول انا مصلح وانما المعيار والميزان هو هذا الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هذا القرآن وما يشرحه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبه توزن الاعمال - 00:15:13ضَ
والاقوال والاحوال ويتبين المحق من المبطل والمصلح من المفسد ثم تأمل ايضا هذه الصيغة التي عبروا بها انما نحن مصلحون صيغة الحصر والقصر قصر الموصوف على الصفة فهذا كانهم يقولون ان شأننا ليس الا الاصلاح. وان حالنا متمحضة عن شوائب الفساد. وهم اكثر الناس - 00:15:35ضَ
فسادا وافسادا وقد احسن من قال اصعب الحرام اوله ثم يسهل ثم يستساغ ثم يؤلف ثم يحلو ثم يطبع على القلب ثم يبحث عن حرام اخر وهكذا نسأل الله العافية - 00:16:09ضَ
الا انهم هم المفسدون. ولكن لا يشعرون. هذا الذي يفعلونه ويزعمون انه اصلاح هو عين الفساد والافساد. لكن مكابرتهم وطمس بصائرهم لا يشعرون لا يحسون فهنا اكد على هذا الوصف الذي وصفهم به الا انهم هم المفسدون - 00:16:31ضَ
فرد بهذا الرد البليغ على قولهم انما نحن مصلحون حيث قصروا انفسهم على هذا الوصف وجاء الرد فبدأ بجملة استئنافية اسمية للدلالة على الثبوت ان هذا الوصف ثابت فيهم الافساد المفسدون. الا انهم هم المفسدون - 00:16:55ضَ
حيث جاء بهذه الصيغة وافتتحها الا التي تفيد التنبيه الى تحقق ما بعدها وان التي للتأكيد تقرير النسبة واتى بظمير الفصل كما سبق كل هذا من اجل التأكيد على ان هؤلاء هم اهل الشر - 00:17:18ضَ
والفساد والافساد كذلك ايضا نأخذ من هذه الاية ان العمل السيء يعمي البصيرة فلا يشعر الانسان بالامور الظاهرة نسأل الله العافية لقوله تعالى وما يشعرون يعني هو مفسد ولا يشعر انه مفسد - 00:17:36ضَ
يكابر في هذه القضية مع ان الافساد امر واقع متحقق في الخارج يراه كل احد وهؤلاء لا يشعرون لما حصل عندهم من التبلد التام والعمى الكامل للبصائر فانعدم الشعور عندهم - 00:17:57ضَ
ولذلك تجد الانسان احيانا يمعن واهل القلوب الحية يعجبون من جرأته على ربه تبارك وتعالى وكيف لا يرعوي ولا يتوب ولربما كان في حال من المرض المشفي على الهلكة او كان في حال من الضعف والعجز وتقادم العمر - 00:18:18ضَ
الذي قد انقرض بالفساد والافساد والنفاق ومحادة الله تبارك وتعالى. وتقول الا يتوب هذا ماذا بقي الا يرجع الى الله تبارك وتعالى في لحظاته الاخيرة وفي ايامه الاخيرة. هو يعلم انه سيموت الاطباء يقولون لم يبقى لك شيء - 00:18:41ضَ
والاعمار بيد الله وتقول ما يتوب ما يحاسب نفسه ما يراجع هو عدم الشعور عنده خلاص هذا يتحدث عن اصحاب القلوب الحية يقولون الا يتوب لكن هو ما عاد يشعر فما لي جرح بميت ايلام - 00:19:01ضَ
انسان قد مات عضو من اعضائه وهذا العضو يصيبه الجدار ويصيبه كل شيء يدميه او يجرحه او غير ذلك ولا يتحرك تقول اما يشعر هو لا يشعر لان هذا العضو ميت - 00:19:18ضَ
فكيف اذا كان الموت في القلب فهذا نسأل الله العافية يلهم المنكر والمال الحرام ويفعل انواع القبائح والفجور والكبائر والفواحش وهو يضحك بملئ فيه والمؤمن لربما وقعت منه الزلة او الكلمة او النظرة او غير ذلك ويشعر انه جبل يكاد يسقط عليه ولا يدري العقوبة تأتي من وين - 00:19:36ضَ
من اين تقع العقوبة؟ من اين تأتيه؟ من هنا او من هناك ينتظر بس العقوبة متى تصل؟ ومن اي نوع تكون؟ وذاك فواحش وكبائر ومصائب ويضحك بملئ فيه نسأل الله العافية يشرب الاسطال ويأكل الارطال وقلب ميت - 00:20:03ضَ
يتقلب في نعم الله عز وجل ويرعى كالبهيمة ويتكلم بالكفر والاستهزاء والسخرية من ايات الله تبارك وتعالى وهو يضحك لا يشعر فهذا حينما يموت القلب ينتفي الشعور بل ويتعجب ويقول ماذا ترى؟ ماذا ترى؟ لانه لا يرى شيئا ماذا ترون - 00:20:21ضَ
فانتم شايفين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه - 00:20:44ضَ