مجالس في تدبر القرآن

مجالس في تدبر القرآن | (014) من قوله تعالى اشتروا الضلالة بالهدى إلى قوله تعالى ذهب الله بنورهم ..

خالد السبت

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نواصل الحديث ايها الاحبة فيما يمكن استخراجه من الهدايات من هذه الايات الكريمة من هذه السورة العظيمة سورة - 00:00:00ضَ

البقرة فالله تبارك وتعالى يذكر فيها اوصاف المنافقين وبعد ان تم ذكر تلك الاوصاف بين الله تبارك وتعالى حقيقة الحال التي اختاروها لانفسهم وان هؤلاء الذين كانوا يعتقدون انهم على - 00:00:23ضَ

شيء من الحصافة والفطنة وان اهل الايمان هم السفهاء انؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون فالله تبارك وتعالى يقول عنهم هنا اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى - 00:00:47ضَ

فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين هؤلاء اهل النفاق باعوا انفسهم بصفقة خاسرة فاختاروا الكفر وتركوا الايمان وكانت صفقتهم في غاية الخسارة والغبن وهذا هو الخسران الحقيقي وهؤلاء ابعد ما يكون الواحد منهم عن الاهتداء - 00:01:09ضَ

وهذه حاله تأمل قول الله تبارك وتعالى اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى جاء هنا الاشارة الى البعيد لبعد حال هؤلاء عن الهدى ليه انهم في منزلة من السفول والانحطاط سحيقة - 00:01:41ضَ

فجاءت الاشارة بذلك كما يقول بعض اهل العلم والعلم عند الله تعال ثم تأمل كيف عبر عن هذه الحال ب انهم اشتروا فالله تبارك وتعالى قد سمى المعاملة معه تجارة - 00:02:10ضَ

فما ربحت تجارتهم هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم وسمى ذلك بيعا فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وسماه تجارة وسماه شراء اشتروا الضلالة اشتروا الكفر بالايمان وكذلك ايضا - 00:02:34ضَ

سمى الخسارة في هذه المعاملة سماها خسارة وسمى يوم الجزاء والحساب بيوم التغابن والغبن في الاصل انما يكون في البيع والشراء ونحوهما فهؤلاء كانوا في غاية الغبن وذلك ان ربنا تبارك وتعالى اعطى كل واحد رأس مال - 00:03:01ضَ

هذه الانفاس هذا العمر ليتجر مع ربه تبارك وتعالى بالاعمال الصالحة فهؤلاء جدوا واجتهدوا في تحصيل المنازل في الدرك الاسفل من النار واهل الايمان جدوا واجتهدوا في تحصيل المنازل العالية في الجنة - 00:03:34ضَ

فوافى فدخل اهل الايمان الجنة وايضا اورثهم الله تبارك وتعالى منازل اهل النار التي في الجنة واولئك ادخلهم الله النار واورثهم ايضا منازل اهل الجنة التي في النار فهذا لا شك انه - 00:03:57ضَ

غاية بي الغبن فهؤلاء اهل النفاق رغبوا في الضلالة رغبة المشتري بالسلعة الذي يكون من رغبته فيها انه يبذل فيها الاثمان والاموال وهذا تصوير شدة اقبالهم على الضلال والكفر والانحراف - 00:04:18ضَ

فجعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن فما ربحت تجارتهم اشتروا الضلالة بالهدى مع ان هؤلاء ما كانوا على هدى فبذلوه مقابل - 00:04:46ضَ

اخذ الضلالة ولكن من اهل العلم من يقول ان ذلك بتركهم نور الفطرة فكل مولود يولد على الفطرة واحسن من هذا والله تعالى اعلم ان يقال ان ايثارهم الضلالة على الهدى - 00:05:09ضَ

وبهذه المثابة اشتروا الضلالة ب الهدى فهذا الاختيار منهم والايثار للضلالة هو بمنزلة الاشتراك وانما يشتري الانسان ما يرغب فيه فهؤلاء لما كانت فطرهم قد تدنست وفسدت نفوسهم تقبل على - 00:05:25ضَ

القبائح والرذائل كالجعلان تدفع بالافها امة فهذا حيث تنتكس الفطر كما ان هذه الاية ايضا تدل على ان الانسان قد يتصور انه على حال من التمام والكمال والاستقامة في الحال والعمل - 00:05:50ضَ

ولا يشعر بما هو فيه من الاساءة والضياع فانظر الى هؤلاء كيف اشتروا الضلالة بالهدى ظنا منهم انهم على على صواب وانهم رابحون ولهذا قال الله تبارك وتعالى فما ربحت تجارتهم. وما كانوا مهتدين - 00:06:14ضَ

ما ربحت تجارتهم ومثل هذا التركيب يدل على العموم ما ربحت بحال من الاحوال وبصورة من الصور فهم خاسرون خسارة محققة من كل وجه حتى في الدنيا حيث ظنوا انه قد احرزوا اموالهم - 00:06:37ضَ

وحقنوا دماءهم طم ينغمسون في الضلالة وهم متحققون بالخسارة وكذلك ايضا وما كانوا مهتدين. يعني بحال من الاحوال ما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فهم لم يكونوا على شيء من الاهتداء لا في هذا الاختيار - 00:06:58ضَ

ولا فيما هم عليه من الاعتقاد ومع ذلك يرون انهم اهل معرفة وحسن نظر في الامور ويصفون اهل الايمان بالسفهاء فهكذا ايها الاحبة اذا طمست البصائر يختار الانسان ما يضره - 00:07:24ضَ

كما قال الله تبارك وتعالى ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم واذا انسى الله تبارك وتعالى العبد نفسه صار اقباله على ما يضره فيبذل الاموال فيما يكون فيه ضرره المحقق - 00:07:46ضَ

ويكون عمله على غير اهتداء وسعيه في غي وانظر بما تراه وما تشاهده في هذه الاوقات وفي غيرها من الاوقات كيف تعمى البصائر فيقدم الانسان على اعمال واحوال لا يمكن ان يقبل عليها من فتح الله بصيرته - 00:08:07ضَ

وانار الله قلبه. فقد يبذل مهجته ونفسه ويكون في حال من كراهة المنظر وسوء المنقلب نسأل الله العافية وهو يظن انه على على حق وعلى اهتداء وفعله هذا في غاية - 00:08:32ضَ

الفساد والافساد والشر وقد يكون ذلك سببا لفتنة نائمة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الفتنة نائمة قد يكون سببا لفتنة نائمة فيوقظها الفتنة نائمة لعن اي الله من ايقظها ويظن انه على خير - 00:08:51ضَ

وعلى هدى وتسمع بالعجايب والغرائب الله تبارك وتعالى يهدي من يشاء ويوفق من شاء ويضل من يشاء. لكن انظروا الى اثر طمس البصائر كيف يصنع باهله واصحابه ثم بعد ذلك هو لا يتردد - 00:09:12ضَ

في كونه على صواب وهدى وحق ويرى اهل الحق والايمان انهم في غاية السفه ثم ضرب لهم المثل وقد تكلمنا على هذا المثل تفصيلا في الفاظه ومضامينه ومراميه ولكن في مثل هذه المجالس انما يشار الى - 00:09:32ضَ

بعض الفوائد والهدايات التي تستخرج من الايات مثلهم كمثل الذي استوقد نارا. فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون اذى مثل ضربه الله عز وجل لهؤلاء المنافقين بعد ان بين حالهم - 00:09:55ضَ

وما هم فيه من الخسارة المحققة وما هم فيه من مجانبة الاهتداء والمثل تكلمنا عليه تفصيلا في مجالس وان عامة موارد هذه المادة ترجع الى معنى الشبه بل ان بعض اهل العلم اعاد ذلك في جميع موارده الى معنى الشبه - 00:10:20ضَ

كما فعل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله خلق من اهل العلم قبله وبعده. ولكن على كل حال ليس هذا محل اتفاق الا انه الغالب في الاستعمال مثلهم كمثل الذي استوقد نارا وهذا من الامثال الصريحة - 00:10:46ضَ

في القرآن فان الامثال في القرآن منها ما هو صريح مصرح فيه بلفظ المثل ومنه ما يذكر فيه اداة شبه اداة التشبيه ومنه ما لا يذكر فيه هذا فهنا صرح الله تبارك وتعالى - 00:11:05ضَ

بان ذلك من قبيل المثل وهذا المثل هو احد المثلين الناريين في كتاب الله تبارك وتعالى وهذا الذي في سورة البقرة مثلهم كمثل الذي استوقد نارا والمثل المائي هو الذي بعده او كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد - 00:11:23ضَ

وبرق الى اخر ما ذكر الله عز وجل وذكر المثلين ايضا الماء والنار في قوله انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ثم ذكر المثل الناري بعده - 00:11:47ضَ

ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فهذا في ضرب الحق والباطل وما هنا في سورة البقرة وفي بيان حال هؤلاء - 00:12:07ضَ

المنافقين على خلاف بين المفسرين هل هذان المثلان لطائفة واحدة في احوال مختلفة او ان ذلك لنوعين وفئتين من المنافقين فالله تبارك وتعالى يقول مثلهم حال هؤلاء الذين اظهروا الايمان ولم - 00:12:26ضَ

يكن ذلك في قلوبهم بانهم بهذه المثابة كمثل الذي استوقد نارا استوقد نارا هذا انسان في مكان مظلم فاستعار نارا استوقدها ثم بعد ذلك فلما اضاءت ما حوله وانتفع بهذه الاضاءة - 00:12:53ضَ

ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون فبقوا في الظلام بعد ان انتفعوا بهذا النور شيئا من الوقت تأمل في هذا المثل المضروب لهؤلاء مثلهم كمثل الذي استوقد نارا استوقد - 00:13:16ضَ

السين والتاء للطلب يعني كأن هذا قد استعاره من غيره فهو لا لا يكون نابعا من داخله وانما هو شيء اجتنبه استوقد نارا فهؤلاء اهل النفاق هم لا يملكون الايمان ولم يتحققوا به وانما هو شيء - 00:13:39ضَ

ادعوه فهو خارج عن ذواتهم استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم فلما اضاءت ما حوله لاحظ ما اضاءت قلوبهم ونفوسهم ودواخلهم وانما اضاءت ما حوله فجعل هذا الضوء خارجا - 00:14:00ضَ

عنهم منفصلا عن ذواتهم. ولو اتصل الضوء بهم ولبسهم فانه يبقى ويستنير به القلب ويتحقق بذلك الايمان ولكنه ضوء مجاورة لا ملابسة ومخالطة فهو ضوء عارظ والظلمة اصلية ثابتة في نفوس - 00:14:25ضَ

هؤلاء وقلوبهم فلما انكشفت الحقائق رجع الضوء الى معدنه والظلمة الى معدنها فذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات بقوا على الاصل انتفعوا بعض الوقت بهذه الدعوة دعوى الايمان فحصل لهم من حقن الدماء - 00:14:50ضَ

احراز الاموال فذهب ذلك النور وبقيت الظلمة. وتأمل التنكير في قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا قد يفهم من هذا التنكير التعظيم استوقد نارا عظيمة فانتفع بي. فدعوى الايمان هذه التي ادعوها هي دعوة كبيرة - 00:15:12ضَ

لكنها لا تمثل حقيقة في نفوس هؤلاء ثمان ذلك ايضا يدل على ان الايمان له نور لكن هذا النور لم يكن في نفوس هؤلاء وانما كان من حولهم فان الايمان يحصل به استنارة القلب ويحصل به من المنافع - 00:15:33ضَ

في الحياة الدنيا وفي البرزخ وفي القيامة وفي الجنة ويكفي ما جاء في ذلك من انه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان وفي بعض الاحاديث - 00:15:54ضَ

ان ذلك من كان في قلبه ذرة من ايمان هذا الايمان الصحيح المنجي فهنا هؤلاء ليس في قلوبهم شيء من الايمان فلما اضاءت ما حوله اضاءت ما حوله اذا لم يكن ذلك في قلوبهم ذهب الله بنورهم. لاحظ استوقد نارا - 00:16:12ضَ

ثم قال ما قال ذهب الله بنارهم قال فلما اضاءت ما حوله ما قال ذهب بضوئهم وانما قال ذهب بنورهم فهذه ثلاثة اشياء النار التي استوقدوها فالنار فيها الاحراق وفيها ايضا الضياء - 00:16:37ضَ

فهذا النور الذي يكون معه حرارة يقال له ضوء هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا. فهذا النور الذي يكون من الشمس يقال له ضياء. لماذا؟ لان معه حرارة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الصبر ضياء - 00:16:57ضَ

والصلاة نور. الصبر لما فيه من الحرارة واما الصلاة فهي نور ليس فيها حرارة وجعلت قرة عيني في الصلاة قرة العين قرة البرودة قرة عينه كما ذكرنا في بعض المناسبات انه حينما يفرح الانسان - 00:17:17ضَ

يحصل له بسبب ذلك شيء من برودة القلب والجوف وتكون دموع الفرح باردة واما اذا كان الانسان في حالة من الحزن فانه يشعر بحرارة في جوفه وتكون دموع الحزن ساخنة - 00:17:37ضَ

بل انه يجد مع الحزن السخونة في نفس العين يجد فيها حرارة فهنا استوقد نارا فلما اضاءت اثر هذه النار هو الضوء لان فيه حرارة ما الذي ذهب؟ لم تذهب النار - 00:17:57ضَ

ولم يذهب الضوء وانما ذهب النور فقط. فالنور من غير حرارة ولا احراق. فذهب النور وبقيت الحرارة والاحراق نسأل الله العافية انظر الى حال هؤلاء وهذا من استهزاء الله تبارك وتعالى - 00:18:17ضَ

بهم يذهب النور وتبقى الحرارة لو قال ذهب الله بضوئهم فانه يذهب الحرارة وكذلك ايضا النور لو قال ذهب الله بنارهم تذهب الحرارة ويذهب النور ولكنه قال ذهب الله بنورهم. اذا ما الذي بقي حينما ذهب النور - 00:18:35ضَ

بقي الاحراق والحرارة وهكذا كل من تمتع بشيء يبذل في سبيله دينه ولكنه يكون من سخط الله تبارك وتعالى ومحادته وحرب اوليائه فانه يتمتع به قليلا بمال او وظيفة او جاه او نحو ذلك لكن سرعان ما - 00:18:57ضَ

يذهب هذا النور ثم بعد ذلك تبقى الحرارة والاحراق يبقى عليه ذلك سبة في الدنيا وعذابا في الاخرة ان لم يغفر الله عز وجل له ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات - 00:19:23ضَ

لا يبصرون. ولاحظ هنا ان الله تبارك وتعالى قال ذهب الله بنورهم فوحد النور لكن الظلمات وتركهم في ظلمات لا يبصرون. تركهم في ظلمات جمع الظلمات لان الحق واحد والضلالات كثيرة جدا - 00:19:41ضَ

ومن ازاغ الله تبارك وتعالى قلبه لم يبالي به باي واد هلك فقد يركب اي ملة او نحلة او ضلالة لكنه في النهاية سالك طريق الغواية والشر والضلال والانحراف الذي يؤدي به الى سخط الله عز وجل - 00:20:03ضَ

وعذابه وطرق الضلال كثير وتركهم في ظلمات لا يبصرون. وبهذا نعرف ان الطريق الموصل الى الله واحد. ومن اراده فعليه ان يتبع ويلزم الصراط المستقيم الذي رسمه الله عز وجل لعباده من اجل - 00:20:24ضَ

سلوكه وتركهم في ظلمات لا يبصرون وتأمل في قوله تبارك وتعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات ثم ايضا - 00:20:45ضَ

تأمل ما ذكره الله تبارك وتعالى هنا وتركهم في ظلمات لا يبصرون. قد يكون الانسان في ظلمه لكنه يبصر معها ابصارا ضعيفا. اما هؤلاء في عمى تام نفى عنهم الابصار بالكلية - 00:21:07ضَ

يعني الا يتوهم ان هذه الظلمات يكون معها شيء من الابصار وهذا يبين حال هؤلاء اهل النفاق وكذلك ايضا حال اهل الكفر فهم يتخبطون في ظلمات وقد ضرب الله المثل - 00:21:24ضَ

لهذه الظلمات كما في سورة النور او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها هذي ظلمة القلب وظلمة الكفر وظلمة الطبع - 00:21:39ضَ

وظلمة المعاصي هي ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها. وهكذا بقي على كل حال في هذه الاية بقية اترك ذلك الليلة الاتية ان شاء الله تعالى واسأل الله ان ينفعنا واياكم - 00:22:00ضَ

بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه - 00:22:19ضَ