مجالس في تدبر القرآن

مجالس في تدبر القرآن | (016) من قوله تعالى أو كصيب من السماء إلى قوله تعالى إن الله على كل شيء قدير

خالد السبت

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا هو المثل الثاني الذي ضربه الله تبارك وتعالى للمنافقين وهو المثل الماء بهذه السورة الكريمة - 00:00:01ضَ

سورة البقرة والمثل الذي قبله وهو المثل الناري وقوله تبارك وتعالى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي - 00:00:25ضَ

فهم لا يرجعون ثم قال او كصيد من السماء به ظلمات ورعد وبرق يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فيه - 00:00:45ضَ

واذا اظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم ان الله على كل شيء قدير فهذا المثل ايها الاحبة الذي صدر بهذا الحرف او فان او هذه يحتمل ان تكون - 00:01:09ضَ

للتنويع بمعنى ان المثل الاول الناري قد ضرب لفئة من المنافقين لنوع من المنافقين وهذا المثل المائي يكون قد ضرب لي فئة اخرى وطائفة اخرى من المنافقين فحال هؤلاء المنافقين منهم - 00:01:32ضَ

من يكون كذاك الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم الاية ويكون حال طائفة اخرى كاولئك الذين ذكر الله وصفهم هنا في هذا المثل وضربه لهم كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد - 00:01:58ضَ

وبرق وعلى هذا مشى جمع من المفسرين سلفا وخلفا وممن قال بان او لي التنويع شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله والحافظ ابن كثير وجماعة واما الذين قالوا انا او هنا بمعنى الواو - 00:02:24ضَ

وان هذين المثلين مضروبان للمنافقين فحالهم تكون كذاك الذي استوقد نارا وان شئت تمثل حالهم بذاك الصيب الذي يسير فيه هؤلاء في هذه الظلمات مع البرق والرعد الى اخر ما ذكره الله تبارك وتعالى في هذا المثل المضروب. بمعنى ان او هنا بمعنى الواو - 00:02:51ضَ

ان تكون او هذه للتخيير كما يقولون صاحب الحسن او ابن سيرين يعني انت مخير بين هذا وهذا فيكون ذلك كله مما ضربه الله تبارك وتعالى للمنافقين وهذا كأنه هو الاقرب والله اعلم - 00:03:29ضَ

فيكون المعنى في المثل الاول ان مثل حال هؤلاء في دعوى الايمان وما حصل لهم من الانتفاع المؤقت بذلك كذاك الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله انتفع بهذه الدعوة فحقن دمه - 00:03:55ضَ

واحرز ما له وحصل له ما حصل من المكاسب القريبة العاجلة المتقضية وحال هؤلاء مع القرآن ومع براهينه ووعده ووعيده كمثل حالي هذا الصيد الذي ينزل ويصوب بشدة وقوة مع ما يحتف بذلك من الرعد والبرق - 00:04:15ضَ

وهؤلاء يسيرون بهذه الصفة من التردد في سيرهم والخوف وما الى ذلك وقد مضى الكلام مفصلا على هذين المثلين بالكلام على الامثال في القرآن وليس هذا موضع الحديث عن التفسير - 00:04:51ضَ

والمعاني لكن لابد من كلمة تقرب المراد من اجل ان يحصل التدبر والتفهم لكتاب الله تبارك وتعالى فهذا يصور حالهم حينما يظهر لهم الحق تارة ويشكون فيه تارة حينما تظهر لهم براهين - 00:05:14ضَ

الحق او كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. فهذه الظلمات ظلمات الكفر ظلمات الجهل ظلمات المعاصي ظلمات النفاق ظلمات كظلمة الليل وظلمة المطر وظلمة السحاب فهي ظلمة مستحكمة يسيرون في هذه الظلمات التي يكون بعضها - 00:05:37ضَ

فوق بعض انسان يسير في طريق يكون فوقه يكون في ليل بهيم وفوقه سحاب مع مطر يصوب والبرق صوته يملأ المكان والبرق يظهر الابصار فيكادوا ان يخطفها هذا يكون في حال من - 00:06:08ضَ

التردد في هذا السير فهم كما قال الله تبارك وتعالى فيه ظلمات هذه الظلمات الحسية هي ظلمة السحاب والليل كذلك ايضا المطر والمعنوية الكفر والنفاق والمعاصي والجهل وهي ظلمة قلوب ونفوس واعمال - 00:06:32ضَ

واحوال من تلون وتقلب وهنا فيه ظلمات ورعد وبرق. وهذا الرعد المقصود به زواجر القرآن فاذا سمعوا هذه الزواجر والوعيد فانه لا تتمالك نفوسهم من الخوف والهلع واما البرق فتلك براهينه وحججه القوية التي تكاد - 00:06:58ضَ

ان تخطف ابصارهم وتذهب بها فهم اصحاب بصائر خفاشية ضعيفة لا تحتمل هذه الحجج القوية الباهرة التي تكاد ان تأتي على تلك البصائر او الابصار الضعيفة التي لا تحتمل هذا - 00:07:24ضَ

النور الشديد وهؤلاء المساكين في هذه الحال يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت ولاحظ التعبير هنا يجعلون اصابعهم. هم يجعلون رؤوس الاصابع في الاذان فكأنهم لشدة خوفهم كانهم جعلوا الاصابع باكملها - 00:07:45ضَ

الاذان لشدة ما ينتابهم من الخوف والهلع فهذا يصور ما هم فيه يجعلون اصابعهم ثم انظر الى هذا الفعل الذي لا غناء فيه ولا دفع فهذا الذي يحذر الصواعق ويكون غاية ما هنالك من الجهد - 00:08:10ضَ

والدفع والامتناع والتحصن هو ان يضع اصبعيه في اذنيه فهذه الاصابع لا ترد الصاعقة ولا ترد عنه المكروه هذا مثل الانسان الذي يركب في سيارة في مركبة ثم بعد ذلك اذا - 00:08:30ضَ

كان في حال من الشعور الخوف وانه امام مفاجأة وهو لا يقود هذه المركبة وانما يركب فيها فتجد انه يضرب برجله وليس تحت رجله شيء. يعني ليس هو الذي يقودها - 00:08:51ضَ

ودفعه برجله بقوة لن يدفع عنه شيئا. ولن يغير من الامر شيئا ولن يوقف هذه المركبة ولن يدفع تلك التي قد اقبلت مندفعة اليها. وهكذا حينما يكون خائفا فانه يقبض - 00:09:07ضَ

على ما استطاع من مقابضها بقوة حتى ان يديه تكادان تجفان وتيبسان بهذه الحال من القبض مع ان قبضه ويشعر انه لو انه اطلقها لانفلتت وذهبت كل مذهب ولهلكت وهلك من فيها مع ان قبضه عليها - 00:09:22ضَ

لا يغير من الامر شيئا ولذلك تجد الانسان احيانا حينما يفجؤه ما يخاف منه لربما قال بيديه هكذا مع ان قوله بيديه هكذا لن يغير من الامر شيئا ولكنها تلك المشاعر المختزنة في - 00:09:47ضَ

الانسان يفرغها بحركات لا غناء فيها ولا دفع. لو انه تبصر وتفكر. فهؤلاء يخافون من الصواعق فيكون غاية الجهد في التحصن منها ان يضع الواحد اصبعيه في اذنيه محتميا بذلك وذلك لا يغني عنه شيئا ولا يدفع عنه - 00:10:03ضَ

الهلاك يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت فهذا الوضع اصابع في الاذان خوفا من الهلاك يخشون ان تنزل الصاعقة والصاعقة ذكر المفسرون فيها معان من اقربها انها ما قد علم - 00:10:28ضَ

مما ينزل من السماء يكون كما يقول المعاصرون بانها شحنة كهربائية قوية السابقون كانوا يعبرون عنها بنار محرقة الواقع ان ذلك تفسير باثرها والله اعلم. لان من اصابته هذه الصاعقة فانه - 00:10:49ضَ

يحترق ففسروها باثرها والا فان اصلها حينما تنزل هذه الصاعقة هي لا ترى نار في السماء وانما هي شحنة فاذا نزلت وفرغت لقوتها فان ما وقعت عليه يحترق من انسان او بهيمة - 00:11:09ضَ

او غير ذلك يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين. محيط بهم علما وقدرة فهم لا يستطيعون ان ينفذوا من اقطار السماوات والارض ولا ان يردوا عنهم من قدر الله تبارك وتعالى شيئا - 00:11:26ضَ

وهم لا يعجزونه ولا يفوتونه تأمل في هذه الاية او كصيد من السماء حيث نكر الصيب هنا وهذا التنكير قد يشعر بي التعظيم. هناك مثلهم كمثل الذي استوقد نارا تنكرت النار. قال بعض اهل العلم هذا يدل على التعظيم - 00:11:48ضَ

دعوى الايمان هذه الكبيرة التي ادعوها هي بمنزلة هذه النار التي استضاءوا بها استضاءة مؤقتة. هنا او كصيد من السماء الشيء النازل يقال له فقيل للمطر صيد كما ذكرنا في الكلام - 00:12:12ضَ

على تفسير ابن جزي في الجزء المتصل بالغريب منه ان ذلك باعتبار النزول فما ينزل من اعلى الى اسفل يقال صاب يصوب فهو صيد وذلك يقال للمطر الكثير الشديد كصيد من السماء - 00:12:29ضَ

فنكره هنا وذلك يشعر التعظيم لان المطر الخفيف لا يتأذى منها الناس ولا ينزعجون ولا يحصل معه عادة مثل هذه المخاوف فهذا مطر شديد هائل ثم ايضا تأملوا او كصيد من السماء يصوب من السماء ينزل من السماء فيه ظلمات - 00:12:50ضَ

هنا جمعت الظلمات ورعد وبرق. افرد الرعد والبرق فبعض اهل العلم يقول ذلك باعتبار ان المقتضي للرعد والبرق واحد وهو السحاب واما المقتضي للظلمة فهو متعدد فهناك الليل وهناك السحاب وهناك المطر فهذه الظلمة قد اجتمعت من هذه الامور جميعا - 00:13:15ضَ

فجمعت او كظلمات كما قال الله تبارك وتعالى في سورة النور لما ذكر الظلمات ايضا في بحر لجي او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب - 00:13:45ضَ

ظلمات بعضها فوق بعض فهنا يقول الله تبارك وتعالى فيه ظلمات ورعد وبرق. يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين. يكاد البرق يعني يقارب من شدة لمعانه وبريقه - 00:14:04ضَ

ان يسلب ابصار هؤلاء من ذوي البصائر الخفاشية ومع ذلك يكاد البرق يخطف ابصارهم. كلما اضاء لهم مشوا فيه يمشون في ضوئه واذا ذهب اذا اظلم وقفوا قاموا قام بمعنى وقف هنا - 00:14:25ضَ

الماشي اذا قام يقال بمعنى ذلك بمعنى الوقوف. يقومون في اماكنهم ولولا امهال الله لهم لسلب سمعهم وابصارهم وهو قادر على ذلك كله فهو على كل شيء قدير يكاد البرق يخطف ابصارهم - 00:14:47ضَ

هذه حجج القرآن لقوتها براهين القرآن تكاد تخطف ابصار هؤلاء لشدتها كلما اضاء لهم مشوا فيه اضاء لهم اتضح لهم الطريق استنارت نفوسهم وبصائرهم استنارة محدودة مؤقتة لشدة بريقه ولا معانه - 00:15:06ضَ

فانهم يمشون على قول بعض المفسرين والقول الاخر انه كلما اضاء لهم مشوا فيه اذا وجدوا فيه ما يلائمهم ويناسبهم فانهم يسلكون وينقادون ويستجيبون ويقبلون واذا جاء وهو الغالب ما يكون على خلاف - 00:15:32ضَ

نفوسهم المظلمة فانهم يتوقفون ويتحيرون فهم ليسوا على سير متحد وسلوك الصراط المستقيم وانما ذلك يصور احوالهم مع الوحي المنزل وما فيه من الحجج والبراهين والوعد والوعيد وما اشبه ذلك. فاذا جاء الوعد - 00:15:59ضَ

انتظمت نفوسهم معه واستروحت له واذا جاء الوعيد او جاءت حجج القرآن حصل لهم الانقباض والانكماش والخوف والتحيض ولاحظوا هنا ان الله تبارك وتعالى يقول ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم - 00:16:22ضَ

ان الله على كل شيء قدير هذا يؤخذ منه ان العبد ينبغي له ان يسأل ربه تبارك وتعالى ان يمتعه بسمعه وبصره وان يجعل ذلك هو الوارث منه ثم ايضا - 00:16:47ضَ

قد خص الله تبارك وتعالى هنا ذكر السمع والبصر. انه لو شاء لاذهبها مع ان الله لو شاء لاهلكهم لكنه خص السمع والبصر دون سائر المنافع والاعضاء والابعاض وذلك انه ذكر ما - 00:17:03ضَ

يرتبط به قال يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت وقال يكاد البرق يخطف ابصارهم فذكر ما يتعلق بالسمع وما يتعلق بالبصر ولهذا قال ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم والا فان الله قادر - 00:17:21ضَ

على اذهابهم مع سمعهم وابصارهم ثم ايضا تأمل وصف الله تبارك وتعالى نفسه بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع وذلك لانه حذر المنافقين بأسه وسطوته واخبرهم بانه محيط بهم وانه قادر على - 00:17:39ضَ

اذهاب سمعهم وابصارهم ان الله على كل شيء قدير. فمن متعه الله تبارك وتعالى بالسمع والبصر فهذه نعمة تستوجب الشكر ومن متعه الله تبارك وتعالى بالبصيرة فان ذلك اعظم النعم - 00:18:01ضَ

فبها يعرف مراد الله تبارك وتعالى وبها يميز بين الحق والباطل وبها ينكشف له معدن الحق من معدن الشبهات فلا يكون الحق ملتبسا عليه فيضل هذه البصيرة اذا رزقها العبد - 00:18:20ضَ

فانه ينتفع بالوحي ومواعظ القرآن والامثال المضروبة في ذلك وما يتبع ذلك من الهداية والعمل والايمان والاستقامة على امر الله جل جلاله وتقدست اسماؤه هذا ما يتعلق بهاتين الايتين واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بالقرآن العظيم وان يجعلنا واياكم هداة - 00:18:42ضَ

اللهم ارحم موتانا اشف مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه. اذا كان لديكم اضافات تفضلوا صاحب البصيرة يدرك المآلات يكون له فقه بالمآلات - 00:19:09ضَ

مآلات الامور وهذا الكلام على ايضا التدبر لانه يتصل بدبر الشيء ومؤخر الشيء وعاقبة الشيء سواء كان التدبر في الامور العادية الدنيوية او كان ذلك فيما يتصل بالقرآن فهو يقرأ ما وراء الالفاظ - 00:19:28ضَ

هو ينظر الى الهدايات والعبر التي جاءت في هذه القوالب من الالفاظ. وهذا كله يدخل فيه التدبر ولذلك الناس يقولون في كلامهم وامثالهم وما الى ذلك حينما يذمون قوما بانهم لا يعرفون - 00:19:49ضَ

الامر الا من دبر يعني اذا انتهى وانقضى وعرف كل احد وطاف عرفوا بعد ذلك جوانب الخطأ والتقصير والخلل اما اهل البصائر فانهم يرون ذلك يلوح باقباله لا حال ادباره - 00:20:08ضَ

نعم كيف فضل التمسك بالقرآن على كل حال هذا كلام عام يقال في كل شيء. لكن يقال تقريب الحقائق والمعاني بالصور المحسوسة كانك تشاهدها الله يقرب هذه الاحوال بهذه الامثال المضروبة - 00:20:28ضَ

احوال المنافقين وما الى ذلك ويؤخذ منه ايضا حسن الترتيب فذكر الله اهل الايمان ثم ذكر ما يقابلهم وهم الكفار ثم بعد ذلك انتقل الى ذكر المنافقين وهم الذين قد ترددوا بين الفئتين - 00:20:47ضَ

في الباطن كفار وفي الظاهر من اهل الايمان اخذوا من الايمان دعوا ظاهرة واخذوا من الكفر حقيقة باطنة فذكرهم بعدهم نعم هو هذا وكذلك نعم وهذا في تحيرهم وترددهم وعدم استقامتهم في سيرهم - 00:21:06ضَ

على الحق والصراط المستقيم كهذا الماشي بهذه الحال تارة يمشي وتارة يقف فهم في حيرة وتردد نعم كيف على الصراط ذاك باعتبار يعني يقوم ويكبو بحسب اعماله ليس بحسب ما ذكر هنا من التحير والتردد - 00:21:32ضَ

وانما لضعف ايمانه وعمله طيب في سؤال نعود كيف ذكرت هذا من قبل الثاني في سورة الرعد انزل من السماء ماء هذا الماء وسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا - 00:21:58ضَ

والنار ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل واما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض نعم سلام عليكم - 00:22:22ضَ