التفريغ
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له - 00:00:00ضَ
واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد تحدثنا بالليلة الماضية عن قول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي انا عند ظن عبدي بي. وما يستدعيه ذلك من احسان الظن بالله جل جلاله. وتقدست اسماؤه بخلاف - 00:00:18ضَ
حال اولئك من الظانين بالله ظن السوء فقد توعدهم الله تبارك وتعالى بقوله عليهم دائرة السوء. وكما ذم تبارك وتعالى المنافقين الذين قال عنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية - 00:00:46ضَ
فهذه الظنون لا تصدر من اهل الايمان ولا تتفقوا مع ايمانهم وتوكلهم ويقينهم ومعرفتهم بربهم وخالقهم جل جلاله وتقدست اسماؤه ثم قال الله تبارك وتعالى في هذا الحديث وانا معه اذا ذكرني انا معه - 00:01:10ضَ
انا معه بالاجابة انا معه بالتوفيق انا معه اسمع كلامه ودعاءه ونجواه انا معه بالثواب على اعماله التي يعملها من الصالحات او بحسب ما قصده حينما ذكر ربه تبارك وتعالى - 00:01:32ضَ
فهذه المعية هي المعية الخاصة التي تكون لاهل الايمان اذ ان المعية اعني معية الله تبارك وتعالى لخلقه على نوعين فهذا هو النوع الاول وهي المعية الخاصة التي تكون بالنصر والتأييد - 00:01:55ضَ
والرعاية والحفظ والتسديد كل ذلك داخل فيها كما قال الله تبارك وتعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وكما مضى في مناسبات شتى ان الحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه. فيكون للعبد - 00:02:18ضَ
من معية الله تبارك وتعالى بحسب ما يكون عنده من التقوى ان الله مع الذين اتقوا وبحسب ما يكون عليه من الاحسان والذين هم محسنون ومن هذه المعية المعية الخاصة - 00:02:43ضَ
ما ذكره الله تبارك وتعالى عن قول نبيه صلى الله عليه وسلم لصاحبه ابي بكر الصديق رضي الله عنه لا تحزن ان الله معنا. وهكذا في قوله تبارك وتعالى لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام. انني معكما - 00:03:03ضَ
اسمع وارى فهذه معيته لاوليائه وخاصته من خلقه وهذه لا تنافي علوه تبارك وتعالى واستوائه على عرشه. فكل هذا حق والله عز وجل يقول هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش. يعلم ما - 00:03:24ضَ
في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم فذكر استواءه على العرش وذكر ايضا علمه ومعيته فلا منافاة بين هذا وهذا وختم الاية - 00:03:48ضَ
بقوله تبارك وتعالى والله بما تعملون بصير فهو فوق عرشه محيط علمه بخلقه والمعية الاخرى وهي المعية العامة لجميع الخلق بالعلم والاحاطة والاطلاع كما قال الله عز وجل ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم - 00:04:09ضَ
ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا فهذه الاية كما قال الامام احمد رحمه الله افتتحت بالعلم واختتمت بالعلم فدل على ان المراد بهذه المعية المعية بعلمه واحاطته وكما ذكرنا في الاية - 00:04:37ضَ
التي قبلها فهما معيتان. فهنا قوله وانا معه اذا ذكرني هذه هي المعية الخاصة التي تكون مع الذاكرين. ثم قال وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه. والمقصود - 00:04:58ضَ
بالملأ الجماعة ان ذكرني في ملأ يعني ان العبد اذا ذكر ربه ظاهرا بجمع من الناس بحضرة الناس ذكره الله تبارك وتعالى في ملأ في جمع افضل من هذا الجمع - 00:05:18ضَ
الذي ذكره فيهم والمراد بذلك الملأ الاعلى وهم الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام ومن شاء الله تبارك وتعالى وهذا الموضع اخذ منه بعضهم ان الملائكة افضل من صالح البشر لانه قال ذكرته في ملأ خير - 00:05:36ضَ
من ملأه او خير منهم هكذا استدلوا بهذا واستدلوا بادلة اخرى غير هذا والذين يقولون بخلاف هذا ايضا لهم ادلة وهذه المسألة مما لا يترتب عليه عمل. ولذلك فان الاعراض عنها - 00:06:03ضَ
هو الاولى والاكمل والافضل فنحن لا نستفيد شيئا اذا عرفنا من الافضل هل هم الملائكة؟ او الصالحون من البشر ما ينتج عن هذا امر عملي نفعله. ومثل هذا في باب الاعتقاد لا يطلب. يعني لا يطالب المكلف بان يعتقد ايهما - 00:06:22ضَ
افضل الملائكة او الصالحون من البشر. وهنا قد يرد سؤال وهو انه تبارك وتعالى ترى الامرين ان ذكره في نفسه ذكره الله في نفسه. وان ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منه. فقد يفهم - 00:06:44ضَ
ومن ذلك ان الذكر لله عز وجل بالجهر بحضرة الناس افضل من الاسرار. ونحن قد تكلمنا على هذه المسألة ايهما افضل افضل الاسرار بالذكر او الجهر وذكرنا ان الذكر على انواع منه ما يطلب فيه الجهر ومنه ما يطلب فيه الاسرار منه ما يقصد به الاسماع منه ما بين لنا - 00:07:04ضَ
صلى الله عليه وسلم ان المشروع الجهر بهذا الذكر كالتكبير في العشر او ما يقصد به الاسماع كالاذان والسلام وتشميت العاطس وما الى ذلك وهناك الذكر الذي يكون بعد الصلاة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر به كما دل عليه حديث ابن - 00:07:28ضَ
رضي الله تعالى عنهما. ومن الذكر ما يقصد به الاسرار. لكن ما لم يرد عن الشارع الجهر به بالفعل يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم جهر به او انه حث على ذلك او امر به. ايهما افضل - 00:07:53ضَ
المسكوت عنه مضى الكلام على قوله تبارك وتعالى واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة. وما يحتمله من المعاني وكلام المفسرين في هذا على كل حال المقصود هنا انه قال فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم - 00:08:13ضَ
كانه يفهم منه ان ذكر الله في الملأ افضل من ذكره في السر وذلك ان الله يذكره في ملأ من الملائكة. على كل حال هذه المسألة فيها الكلام السابق وقد نقل عن عائشة رضي الله تعالى عنها - 00:08:36ضَ
انها قالت لان اذكر الله في نفسي احب الي من ان اذكره بلساني سبعين مرة ونقل عن غيرها رضي الله عن الجميع نقل عن بعض التابعين انه قال ما دام قلب الرجل يذكر الله تعالى فهو في صلاة - 00:08:57ضَ
ان كان في السوق وان تحرك بذلك اللسان والشفتان فهو اعظم وعلى كل حال من اهل العلم من فصل والصحيح التفصيل في هذا وهذا الحديث ذكر مزية للذي ذكر ربه في الملأ - 00:09:17ضَ
ولكن هل هذا يعني ان الذكر في الملأ افضل باطلاق؟ قد لا يكون كذلك فهذه مزية والقاعدة ان المزية لا تقتضي الافضلية فهذا انما ذكر في بيان وسياق بيان فضل الذكر. لكن اذا ذكره في ملأ وذكره الله في ملأ - 00:09:34ضَ
خير منهم؟ هل هذا يعني ان ذكر الله بحضرة الناس في الجهر افضل مطلقا قد لا يكون كذلك فهذا قد يكون من الاذكار ما يطلب فيه الاسرار. هذه واحدة وقد يكون ذلك بالنسبة للمعين افضل يعني الاصرار - 00:09:54ضَ
لان ذلك ادعى الى اخلاصه. فان خشي الرياء او تغير النية ان يتقلب عليه قصده فان الاصرار في حقه افضل بلا شك وهذا يمكن ان يجمع به بين هذه النصوص - 00:10:14ضَ
والله تبارك وتعالى اعلم. وقوله في هذا الحديث وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا. تقرب الي شبرا الشبر هو من طرف هذا الاصبع الاصغر وهو الخنصر الى طرف الابهام في حال مدهما هكذا. هذا هو الشبر معروف - 00:10:29ضَ
من طرف هذا الى طرف هذا يقال له شبر والذراع من طرف الوسطى هذه الاصبع الى المرفق. يقال له ذراع. واما الباع فيكون بمجموع الذراع مع العضد وما يقابله من الذراع الاخر والعضد وما بينهما من الصدر يعني بهذا المقدار. هذا يقال له - 00:10:54ضَ
الباع قدره بعضهم باربعة اذرع. فهنا في الحديث يقول وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا. ما المقصود بذلك؟ هل هذا التقرب؟ نقول على ظاهره او يقال بان المقصود بذلك امر معنوي من سرعة الاجابة والاثابة واقبال الرب تبارك وتعالى على العبد - 00:11:22ضَ
حال توبته وحال ذكره وحال عبادته فان الله يقبل على عبده اذا قام يصلي يقبل عليه بوجهه كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في هذا الحديث كلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب - 00:11:49ضَ
قربا اليه بمعنى ان الذي يقترب بهذا الاعتبار هو العبد حتى يكون كالمتقرب اليه بذراع يعني انه بهذا التقرب القليل الله يقربه اكثر. فالله ذو فضل عظيم على عباده. ومن اسمائه الشكور الذي يجزي على الحسنة بعشر ويضاعف ذلك الى اضعاف - 00:12:14ضَ
شيخ الاسلام يقول كلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا اليه. يقول حتى يكون كالمتقرب اليه بذراع فكذلك قرب الرب من قلب العبد. هنا انتقل الى موضوع اخر مشابه لهذا قرب الرب من قلب العبد. قال - 00:12:41ضَ
وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والايمان به. يقول فاذا قرب العبد من ربه بالانابة اليه الرب اليه فيدنو قلبه من ربه. وان كان بدنه على الارض. يقول ومتى قرب احد الشيئين من الاخر؟ صار الاخر - 00:13:03ضَ
اليه قريبا بالضرورة. يقول وان قدر انه لم يصدر من الاخر تحرك بذاته. كما ان من قرب من مكة قربت مكة اليه. يعني من كان على مشارف مكة من كان قريبا منها يقال مكة قريب منا. مكة على مقربة منا وانما الذي اقترب هو هذا المنتقل - 00:13:25ضَ
المسافر اليها. ويقول شيخ الاسلام يقول وليس بين الرب والعبد الا محض العبودية. فكلما كمل العبد عبودية ربه قرب اليه تعالى لانه سبحانه بر جواد محسن. يعطي العبد ما يناسبه - 00:13:46ضَ
فكلما عظم فقره اليه كان اغنى له يعني للعبد. وكلما عظم ذله له كان اعز له. فان النفس ما فيها من اهوائها المتنوعة وتسويل الشيطان لها تبعد عن الله تعالى حتى تصير ملعونة بعيدة عن الرحمة. واللعنة هي البعد عن الله ورحمته - 00:14:04ضَ
هذا كلام شيخ الاسلام وفي قوله تبارك وتعالى في هذا الحديث ومن تقرب الي بشبر تقربت اليه ذراعا يقول هذا قربه من عابده واما قربه من داعيه كما في الاية واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان - 00:14:28ضَ
وقربه تعالى من عابده وداعيه قرب خاص اخص من قرب الانابة وقرب الاجابة الذي لم يثبت اكثر المتكلمين سواه. يعني اخص من مجرد القرب المعنوي فهو قرب خاص. يقول فالداعي والساجد تتوجه روحه الى الله تعالى والروح لها عروج يناسبها - 00:14:48ضَ
اقرب من الله تعالى بلا ريب بحسب تخلصها من الشوائب. فيكون الله عز وجل منها قريبا قربا يلزم منه قربها. يعني تعرج اليه ترتفع تحلق كما نعبر اليوم حتى تقترب من ربها - 00:15:13ضَ
وباريها جل جلاله. يقول شيخ الاسلام ويكون منه قرب اخر كقربه عشية عرفة وفي جوف الليل. والى من تقرب منه شبرا قرب منه ذراعا اذا قربه تبارك وتعالى من عبده نوعان. الاول قربه من قلوب المؤمنين وقرب قلوبهم منه. وهذا معلوم. فان القلوب تصعد - 00:15:29ضَ
اليه على قدر ما فيها من الايمان والمعرفة به تعالى وذكره وخشيته والتوكل عليه. يقول شيخ الاسلام وهذا متفق عليه بين الناس لم ينكره منهم احد. الثاني ما دل عليه هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه كقربه ايضا عشية عرفة وقربه - 00:15:53ضَ
اخر الليل كما ثبت بذلك النصوص. وهذا القرب هو الذي ينكره المخالفون من اهل التأويل والبدع. اذا هذا من اهل العلم من فسره قرب الاجابة قرب الاثابة ونحو ذلك يعني بالقرب المعنوي. وشيخ الاسلام رحمه الله فرق بين نوعين من - 00:16:13ضَ
فجعل هذا ونزول الرب تبارك وتعالى عشية عرفة وما اشبه ذلك اما هذا قرب على ظاهره. وعلى كل حال هذا الحديث كغيره من النصوص الدالة على قيام الافعال الاختيارية بالله جل جلاله. من اهل العلم من يرد على هذا سؤالا وهو ان ذلك قد - 00:16:37ضَ
يختص اذا على هذا التفسير الذي ذكرناه قد يختص بنوع من العبادات فيها مشي فيها قرب فيها خطو تقرب الي شبرا ذراعا الى اخره لكن بعض العبادات ليس فيها شيء من هذا كالصيام قراءة القرآن ونحو ذلك. قالوا المعنى اعم من ذلك فكأن - 00:17:02ضَ
بعضهم مال الى انه قرب معنوي لهذا السبب ليعمم المعنى والواقع انه لا يلزم من ذلك ما ذكر. والله تعالى اعلم وانما ذكر الشبر والذراع وليس المقصود الحصر. كذلك ايضا المضاعف - 00:17:22ضَ
رفح تقرب الي شبرا تقربت منه ذراعا. هنا تقرب بهذا المقدار الذراع كذلك هل حسنة تضاعف بعشر والشبر؟ بالنسبة للذراع؟ الذراع ليست عشرة اضعاف الشبر فدل ذلك على ان المقصود بيان ما يفيضه الله ويعطيه للعبد حينما يتقرب اليه سرعة اقبال الرب على - 00:17:38ضَ
عبد اذا اقبل العبد عليه سرعة الاجابة سرعة الاثابة قبول التوبة وما الى ذلك كفرحه تبارك وتعالى بتوبة عبده. وليس المقصود هنا بيان مقدار العطاء والاجر حتى يقال نسبة الذراع الى الشبر او الشبر الى الذراع - 00:18:06ضَ
وكون الحسنة بعشر امثال ذلك هذا لا يرد هنا والله تعالى اعلم. انتهى الوقت اكتفي بهذا القدر والحديث بقي في بقايا واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا - 00:18:26ضَ
وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه - 00:18:43ضَ