التعليق على تفسير السعدي(مستمر)

1- تفسير السعدي | تفسير آيات الأحكام فقه العبادات | أكاديمية تفسير عام 1435 | الشيخ أ.د يوسف الشبل

يوسف الشبل

بسم الله والحمد لله صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه من اهتدى بهداه الى يوم الدين اما بعد فان العلم بكتاب الله من اشرف العلوم واجلها وهو - 00:00:00ضَ

افضل ما صرفت اليه الهمم وتعبت فيه الخواطر واحق ما تفنى فيه الاعمار وتشغل به الازمان كتاب الله هو الصراط المستقيم والذكر الحكيم والحبل المتين لان موضوعه اساس علوم الاسلام ومدار الاحكام - 00:00:29ضَ

ولان غايته الاعتصام بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ولاجل هذا اهتم صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون ومن جاء بعدهم بالقرآن العظيم وبتفسيره وعلم التفسير كما لا يخفى - 00:00:54ضَ

ملجأ لكل طالب علم في تبيان احكام الشريعة وقد تبلبرت كتب التفسير تحت عناوين عديدة ومنها ما هو متصف بالمأثور ومنها ما هو متصف بالرأي ومنه ما هو متصف باللغة او البلاغة - 00:01:16ضَ

او الاحكام او غير ذلك ولا نكاد نجد تفسيرا جامعا لجميع ابواب قول جميع هذه الجوانب المتعلقة بالتفسير ومن ثم كانت كتب التفسير يكمل بعضها بعضا ويأخذ بعضها برقاب بعض - 00:01:37ضَ

ومن انواع التفسير التي افردت بالتأليف تفسير ايات الاحكام وهذا التفسير له اهمية عظيمة وهو طريق الى فهم ومعرفة ايات الاحكام التي لا بد للمسلم ان يتعلمها وان يتفقه في دين الله - 00:02:02ضَ

وقد جاء عن الامام الشافعي رحمه الله انه قال ان من ان من ان من اه من ادرك علم احكام احكام الله في كتابه نصا واستدلالا وفقه الله للقول والعمل - 00:02:30ضَ

لما علم لما علم منه فاز بالفظيلة في في دينه ودنياه وروي عن الربيع تلميذ الشافعي رحمه الله قال قلما كنت ادخل على الامام الشافعي الا والمصحف بين يديه يتتبع احكام القرآن - 00:02:47ضَ

وايات الاحكام عموما فيها صلاح الناس في انفسهم وفي مجتمعهم وايات الاحكام هي كل ما ورد في القرآن من الايات القرآنية التي تتضمن الاوامر والنواهي والمسائل الفقهية ايات الطهارة والصلاة والزكاة - 00:03:10ضَ

والحج والصوم والمعاملات وغير ذلك وكل اية تتضمن حكما شرعيا بنصها او بدلالتها او بمفهومها فهي تعد من ايات الاحكام واعتنى العلماء بالتأليف في ايات الاحكام خاصة منذ القدم فالف الامام الشافعي - 00:03:37ضَ

ايات الاحكام التي قام بجمعها البيهقي رحمه الله والف القاضي اسماعيل ابن اسحاق البصري المالكي كتابا سماه ايات الاحكام القاضي والجصاص من علماء الحنفية الف كتابا سماه احكام القرآن وكذلك الكيال هراسي من الشافعية - 00:04:05ضَ

وابن العربي وابو يعلى الحنبلي الامام القرطبي الف كتابا ظخما كبيرا سماه الجامع لاحكام القرآن ولا يغيب عن علمائنا المعاصرين هذه المؤلفات التي اضافوا اليها مؤلفات اخرى فالف محمد صديق حسن خان كتابه الشهير - 00:04:33ضَ

نيل المرام من تفسير ايات الاحكام وتفسير ايات الاحكام لمحمد السايس وروائع البيان في تفسير ايات الاحكام الشيخ محمد علي الصابوني وغيرها ممن الف في العصر الحاضر ولا اطيل في هذه المقدمة - 00:05:07ضَ

فاننا نريد الدخول على هذه الايات ودراسة والوقوف مع ايات الاحكام المتعلقة بالعبادات نبدأ بايات الاحكام المتعلقة بالعبادات واولها ما يتعلق بالطهارة والله عز وجل خلق الماء وجعل مدار الحياة في الارض عليه - 00:05:29ضَ

وجعله طهورا وعلق به العديد من العبادات فبالماء يتنظف المسلم ويزيل به نجاسته ويتوضأ ويرفع به جنابته وتكتمل بذلك طهارته من الحدثين كي يتسنى له الوقوف امام ربه في اجل واعظم عبادة وهي الصلاة - 00:06:02ضَ

والطهارة من الحدث والطهارة من الحدث والنجس شرط من شروط صحة الصلاة ولما كانت هذه الصلاة لا تصح الا بالطهارة من الحدث والنجس في بدن المصلي وفي ثوبه وفي مكانه - 00:06:29ضَ

حسب القدرة اعتنى الفقهاء رحمهم الله بكتاب الطهارة واحكامها وقدموها على الصلاة وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال مفتاح الصلاة الطهور الطهارة اوكدوا شروط الصلاة ولا تصح الصلاة مطلقا من غير طهارة الا لعاجز عن الماء - 00:06:50ضَ

او بدنة والمسلم احد اشد حاجة الى تعلم احكام المياه لابد له ان يتعلم احكام المياه قبل غيره من ابواب الطهارة لان ابواب الطهارة ابواب واسعة اولها باب المياه ولذلك يبدأ الفقهاء دائما - 00:07:17ضَ

بباب المياه واحكامه كتاب الطهارة لابد لهذه الطهارة من شيء يتطهر به الانسان وهو الماء او ما يقوم مقامه وهذي الاحكام متعلقة بالمياه من حيث الصحة والبطلان او من حيث الجواز - 00:07:41ضَ

ومن حيث التحريم طريقها كتاب الله سبحانه وتعالى والسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واليك ما جاء في كتاب الله مما يتعلق بالمياه اولا قال سبحانه وتعالى اذ يغشيكم النعاس امنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به - 00:08:05ضَ

ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام هذه الاية وردت في سورة الانفال في رقم احد عشر جاءت في سورة الانفال في سياق تذكير الله جل وعلا - 00:08:37ضَ

نعمته على عباده المؤمنين اهل بدر خاصة محمدا واصحابه بما انعم عليهم بهذه النعم التي اولها نعمة القاء النعاس امانا منه سبحانه وتعالى من خوفهم الذي حصل لهم من رؤية كثرة عدوهم الذي جاء مقبلا عليهم - 00:08:59ضَ

فجاءهم هذا النعاس الذي اراحهم من عناء السير والسفر فارتاحوا ثم النعمة الاخرى نعمة انزال المطر من السماء ليطهرهم به تطهيرا حسيا بالنظافة وتطهيرا شرعيا بالغسل من الجنابة والوضوء وتطهيرا معنويا بإذهاب وسوسة الشيطان ورجزه وتسويلاته - 00:09:33ضَ

ثم الربط على القلوب وتوطين النفس على الصبر وتثبيت الاقدام وقد دلت الاية في قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به على امور عدة اولها ان الماء النازل من السماء - 00:10:03ضَ

وهو المطر ماء طهور باق على خلقته راهن بنفسه مطهر لغيره لقوله تعالى ليطهركم به سواء نزل من السماء مباشرة على الابدان او على الثياب او على الاواني او حفظ - 00:10:25ضَ

في هذه الاواني والحياط او نزل في الاودية واستقر في الابار وهو ماء باق على خلقته طهور طاهر بنفسه مطهر لغيره. لدلالة هذه الاية وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به - 00:10:51ضَ

ثانيا من احكام هذه الاية ان الماء النازل من السماء رافع للحدث رافع للحدث الاصغر بالوضوء وللحالة الاكبر بالاغتسال ومزيل ايضا للنجاسات لقوله تعالى ليطهركم به وهو يرفع الحدث الاصغر - 00:11:14ضَ

والحادث الاكبر ويزيل النجاسات وفي قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجل الشيطان دليل على ان الطهارة من الماء يطهر الانسان طهارة ايضا معنوية فتذهب وسوسة الشيطان - 00:11:41ضَ

وخواطره السيئة وهذا ما يسميه اهل العلم بالطهارة الباطنية المعنوية من احكام الماء النازل من السماء كونهما مباركا كثير البركة والخير قال عز وجل في موضع اخر ونزلنا من السماء ماء مباركا - 00:12:08ضَ

فانبتنا به جنات وحب الحصيد وصف هذا الماء بانه ماء مبارك وهو المنزل في الاية الاولى بقوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهر به فهو الماء المبارك كثير البركة - 00:12:39ضَ

وجاء عن انس رضي الله عنه قال اصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى اصابه من المطر - 00:12:57ضَ

وقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا قال لانه حديث عهد بربه تعالى رواه مسلم في هذا الحديث يدل على انه صلى الله صلى الله عليه وسلم تبرك بالمطر النازل من السماء الحديث - 00:13:11ضَ

في عهد بربه لان الله تعالى قد سماه رحمة وسمى وصفه بانه رحمة. ووصفه بانه مبارك وصفه بانه طهور وجعل سبب سبب وجعله سببا للحياة ومبعدا عن العقوبة هذه هي الآية - 00:13:29ضَ

الاولى وما دلت عليه من الايات الواردة في المياه قوله سبحانه وتعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا - 00:13:51ضَ

لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه مما خلقنا انعاما واناسي كثيرا وهذه الاية وردت او هاتان الايتان وردتا في سورة الفرقان برقم ثمانية واربعين وتسعة واربعين وهاتان الايتان جاءت في سياق ذكر دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى - 00:14:13ضَ

وحدانيته وانه وحده المنفرد بالخلق والتدبير المستحق للعبادة سبحانه وتعالى فمن دلائله وواسع رحمته ان ارسل الرياح والرياح جمع ريح وفي قراءة اخرى ارسل الريح قراءة الريح بالافراد هي قراءة - 00:14:41ضَ

ابن كثير المكي وهي على معنى الجنس لا تختلف الرياح جمع والريح مفرد مراد به الجنس وفي قوله تعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا قرأ الجمهور نشرا او نشرا وقرأ عاصم وحده بشرى - 00:15:14ضَ

من التبشير اي مبشرة بقرب نزول رحمة الله ومن قرأ بنشرا او نشرا فهي بمعنى البسط كما ينشر الرجل ثوبه المطوي لان الرياح تنشر السحاب امامها وفي قوله جل وعلا وانزلنا من السماء ماء - 00:15:40ضَ

طهور فيه وجه بلاغي ملاحظ وهو ان الاية افتتحت بظمير الغيبة وهو الذي ارسل الرياح بشرى بين يدي رحمته ثم التفت وقال وانزلنا وهذا يسميه علماء البلاغة بالالتفات والالتفات في القرآن في القرآن الكريم كثير جدا - 00:16:07ضَ

وله اسرار ولفتات جميلة وهنا التفت الظمير التفتت الاية من ظمير من ظمير الغائب الى ظمير المتكلم وانزلنا وذلك لغرض بلاغي بلا شك وهو اظهار قدرة الله سبحانه وتعالى المشعرة بعظمته - 00:16:34ضَ

وانها لا يمكن ان تتأتى في هذي الاشياء من غيره ولاظهار كمال العناية بشأن من انزل لاجله وهو احياء الارض وبالنبات المختلف الاشكال والاصناف. وسقي الخلق من بهيمة الانعام والاناسي الكثير - 00:16:58ضَ

والاناسي جمع انسي كما يقال كراسي وكرسي هذه الاية دلت على عدة احكام فقهية منها اولا الفرق بين منها اولا المسألة الاولى لو سألك سائل وقال لك ما الفرق بين الطهور والطاهر. هل الطهور هو الطاهر؟ لما تقول هذا ماء طهور - 00:17:22ضَ

وهذا ماء طاهر او كلاهما هذه مسألة. المسألة الثانية ما الفرق بين الطهور بالضم الطاء المشددة او الطهور بفتح الطاء المشددة قال اهل العلم في المسألة الاولى المسألة الثانية وهي - 00:17:53ضَ

فتح الطاء وضمها اما الفرق بين الطاهر والطهور فانه سيأتي تفصيله بعد قليل واما الفرق في فتح الطاء وظمها قال اهل العلم بالفتح اسم لما يحصل به الشيء بالفتح واما بالظم - 00:18:17ضَ

وهو فعل الشيء فهو فعل الشيء والطهور فالطهور بالماء كما في الاية طهورا. الطهور بالماء الطهور هو الماء الذي يتطهر به الانسان يقول اعطني طهورا اي ماء اتطهر به والطهور - 00:18:39ضَ

بالظم فعل الطهارة فعل الطهارة فتقول ظهور ووضوء ووضوء. الوضوء الماء الذي توضأ به والوضوء الفعل بالظم ووصف الله سبحانه وتعالى هذه الاية او هذا وصف الله سبحانه وتعالى الماء في هذه الاية بانه طهور - 00:19:03ضَ

اي ماء طهورا واختلف الناس في معنى وصفه بالطهور على قولي الاول انه طهور اي مطهر لغيره اي مطهر لانه طهور في نفسه. مطهر لغيره وبه قال الامام ما لك - 00:19:28ضَ

والشافعي واحمد وغيرهم والثاني انه طهور اي طاهر وبه قال ابو حنيفة هذي مسألة الفرق بين الطهور والطاهر اولا الرأي الاول وهو مذهب مالك والشافعي ان الاية ان معنى طهور في الاية انه طاهر بنفسه - 00:19:47ضَ

مطهر لغيره والرأي الثاني ان الطهور في الاية هو الطاهر. وهو رأي ابي حنيفة وابو حنيفة تعلق بقوله سبحانه وتعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا اي طاهرا اذ لا تكليف في الجنة حتى يقال الطهور هو فعل - 00:20:18ضَ

الماء او او التطهر لانه ليست هناك تكليف واما الجمهور استدلوا بقوله عز وجل وانزلنا من السماء ماء طهورا وقوله وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم فيه به تبين ان - 00:20:43ضَ

وصف طهور يفيد التطهير وقوله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض مسجدا وطهورا اي مطهرة التيمم ولم يرد جعلت لي الارض مسجدا وطهارة وانما قال طهورا جعلت لي الارض مسجدا - 00:21:05ضَ

وطهورا وان كانت قبل ذلك هي طاهرة وقال صلى الله عليه وسلم في ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته ولو لم يكن معنى الطهور المطهر لما كان جوابا لسؤال السائل عن حكم الماء في البحر - 00:21:26ضَ

وقال ابن العربي في احكام القرآن اجمعت الامة لغة وشرعا على ان وصف طهور مختص بالماء ولا يتعدى الى سائر المائعات وسائل المائعات لا تسمى طهورا وانما تسمى طاهرة اما ما تعلق به ابو حنيفة بشراب الجنة بانه طهور والجنة لا تكليف فيها فلا حاجة لهم فيها لان الله تعالى - 00:21:46ضَ

اراد اراد بذلك المبالغة في صفة ما يشربونه بصفة وظرب المثل بالمبالغة في الدنيا وهو التطهير او ان وصف شراب الجنة بانه طهور يفيد التطهير عن اوظار الذنوب وخسائس الصفات كالغل والحسد ونحو - 00:22:13ضَ

لعلنا نقف عند هذا القدر في هذه الحلقة الاولى ونستكمل ان شاء الله ما في هذه الايات من احكام في الحلقة الثانية. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يفقهنا في الدين وان ينفعنا - 00:22:33ضَ

بما نقول والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:22:51ضَ