تفسير سورة البقرة

12- تفسير سورة البقرة 15 ربيع أول 1443هـ

سامي بن محمد الصقير

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم. ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين - 00:00:00ضَ

يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون. طيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه. اما بعد فيقول الله عز وجل ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم - 00:00:23ضَ

انذرهم لا يؤمنون لما ذكر الله تعالى في هذه السورة ذكر القسم الاول وهم المؤمنون ذكر او شرع في بيان القسم الثاني الكافرون لان الله عز وجل ذكر ثلاثة اصناف من الناس في هذه السورة المؤمنون الخلص والكافرون - 00:00:43ضَ

ومن يظهرون الايمان ويبطنون الكفر وهم المنافقون وقال عز وجل ان الذين كفروا كفروا اي بما يجب الايمان به والكفر في اللغة بمعنى الستر. والتغطية ومنه الكفر وهو وعاء طلع النخل. لانه يستر ما فيه - 00:01:05ضَ

ووجه المناسبة بين معنى الكفر لغة ومعناه اصطلاحا. ان الكافر ستر وغطى ما يجب لله تعالى من حقه وهو عبادته وقول ان الذين كفروا الكفر نوعان كفر اكبر وكفر اصغر - 00:01:32ضَ

فاما الكفر الاكبر فهو الذي يضاد الايمان بالكلية ويخرج من الملة والكفر الاكبر يرجع الى امرين اما الجحد واما الاستكبار الكفر في الامور العملية الاستكبار كما قال عز وجل الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين - 00:01:57ضَ

والكفر في الامور العلمية بجحدها وتكذيبها كما قال عز وجل وما يجحد باياتنا الا الكافرون اذا الكفر يرجع او مرجعه الى امرين اما الجحد واما الاستكبار وجميع ما قيل في اقسام الكفر انه كفر تكذيب كفر جحد وكفر استكبار وكفر رياء كلها ترجع الى - 00:02:36ضَ

امرين الجحد والاستكبار. فالاستكبار يكون في الامور العملية المطلوب فعلها والاستكبار نعم الكفر في فالكفر في الامور العملية يكون بالاستكبار عنها وفي الامور العلمية بجحدها وتكذيبها. النوع الثاني من انواع الكفر الكفر الاصغر - 00:03:06ضَ

وهو الذي لا يضاد الايمان بالكلية. ولا يخرج من الملة وهو كل ما اطلق الشارع عليه اسم الكفر الا انه لا يخرج من الملة كالحليف بغير الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك - 00:03:34ضَ

وقال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقال اثنتان بالناس هما بهم بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت واعلم ان هناك فرقا بين الكفر المعرف بالالف واللام وبين كفر المنكر - 00:03:59ضَ

فالكفر اذا ورد معرفا بالالف واللام فالمراد به الكفر الاكبر المخرج من الملة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة واما اذا ورد الكفر منكرا - 00:04:27ضَ

فانه لا يخرج من الملة وانما يدل على ان هذه الخصلة او ان هذه الصفة من خصال او من صفات الكفر كما في قوله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. لا ترجعوا بعدي كفارا - 00:04:50ضَ

وبعضكم رقاب بعض اذا خلاصة ان الكفر نوعان كفر اكبر وكفر اصغر والكفر الاكبر ان كان في الامور العملية فانه يكون بالاستكبار. وفي الامور العلمية يكون بجحدها ثم الكفر ايضا يعني الكفر اكبر قد يكون بالاعتقاد وقد يكون بالفعل وقد يكون بالقول - 00:05:11ضَ

وقد يكون بالترك الكفر بالاعتقاد ان كان يعتقد ان مع الله شريكا او ظهيرا او يشك في قدرة الله او يشك في رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم او اي او في اي شيء مما يجب الايمان به مما ورد من الامور القطعية - 00:05:43ضَ

والثاني يكون بالفعل كالذبح لغير الله والسجود لغير الله تعظيما له ويكون ايضا بالقول كالاستهزاء والسخرية بالشريعة او بالقرآن او بالرسول صلى الله الله عليه وسلم او بالصحابة كما قال عز وجل عن المنافقين ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض - 00:06:06ضَ

ونلعب قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ويكون بالترك فيما يكون تركه كفرا وليس ثمة شيء يكون تركه كفرا سوى الصلاة. من من الامور العملية - 00:06:39ضَ

لقول النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. وقال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن ترك انتهى فقد كفر. يقول ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون - 00:07:03ضَ

المستواء عليهم. سواء تلد في اللغة العربية على معنيين. يعني معنيان. المعنى الاول سواء بمعنى مستو. كهذه الاية سواء عليهم يعني مستو في حقهم الانذار او عدم الانذار ومنه ايضا قوله تعالى ليسوا سواء من اهل الكتاب - 00:07:23ضَ

وقوله تعالى في قصة موسى مكانا سوى يعني مكانا ها متساو وتأتي سواء بمعنى الوسط كما كتبت كقوله تعالى في سواء الجحيم اي في وسط الجحيم اذا لها معنيان هما الاشهر - 00:07:54ضَ

سواء بمعنى مستو وسواء بمعنى وسط. ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون الانذار هو الاعلام المقرون بالتخويف. الانذار المعلوم المقرون بالتخويف يقول سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم؟ اانذرتهم؟ الانذار يتعدى يعني انذر - 00:08:17ضَ

تعدى الى مفعولين اثنين كما قال عز وجل انا انذرناكم عذابا قريبا فهنا سواء عليهم اانذرتهم ذكر المفعول الاول والمفعول الثاني محذوف تقديره العذاب. يعني سواء سواء عليهم اانذرتهم العذاب ام لم تنذرهم اياه - 00:08:48ضَ

وقيل انه لا حاجة الى ان يقدر له مفعول لانه معلوم من السياق سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم ام حرف عطف والافصح ان يؤتى بها بعد سواء. الافصح بعد سواء ان يؤتى بان - 00:09:12ضَ

فتقول سواء كان كذا ام كذا. ولا تقل سواء كان كذا او كذا فبعد سواء او ما يكون مغنيا عنها الافصح الاتيان بام. كما قال ابن مالك بها اعطف اثر همز التسوية او همزا او همزة او همز او همز عن لفظ اي مغنية - 00:09:39ضَ

كما لو قلت اعندك زيد ام عمرو اما بعد هل فالأفصح ان تقل او فهمتم؟ اذا بعد سواء الافصح ان وبعد هل الافصح او فتقول هل جاء زيد او عمرو - 00:10:06ضَ

ولا تقل ام عمرو ابو مالك كما قال وانبه اعطف اثر همز التسوية او همزة عن لفظ اي مغريا. يقول سواء عليهم انذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. اي لا يصدقون بما جئت به ولا ينقادون له. كما قال الله تعالى - 00:10:26ضَ

في اية اخرى ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلتك وما انت بتابع قبلتهم وقول لا يؤمنون تقدم لنا ان الايمان في اللغة هو التصديق ومنه قول الله تعالى وما انت بمؤمن لنا اي بمصدق - 00:10:50ضَ

اما في الشرع فهو اعم وهذا من المواضع القليلة التي يكون المعنى الشرعي التي يكون المعنى الشرعي اعم من المعنى اللغوي الغالب ان المعاني اللغوية اعم. فمثلا الصلاة في اللغة بمعنى الدعاء - 00:11:13ضَ

اما شرعا فهي دعاء خاص الصيام في اللغة الامساك. اما في الشرع فهو امساك خاص الحج في اللغة القصد لكنه في الشرع قصد خاص. فالغالب ان المعاني اللغوية تكون اعم من المعاني الشرعية - 00:11:35ضَ

الشرعية تكون اخص لكن قد يكون الامر بالعكس كما هنا. فالايمان في اللغة التصديق اما شرعا فهو اعم. لانه يشمل تصديق القلب واللسان والجوارح. ولهذا نفسر الايمان بانه اعتقاد القلب واللسان والجوارح. فهو اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالاركان. فهو يتعلق بالقلب - 00:11:54ضَ

واللسان والجوارح. والدليل على تعلقه بهذه الثلاثة قول النبي صلى الله عليه وسلم الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله. هذا اعتقاد. وقال الايمان بظع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله. هذا قول وعدناها اماطة الاذى عن الطريق هذا فعل - 00:12:23ضَ

طيب لا يؤمنون ثم قال ثم بين علة عدم عدم ايمانهم فقال ختم الله على قلوبهم الختم الطبل والتغطية والاغلاق. يعني ان الله تعالى طبع على قلوبهم وغطى قلوبهم واغلق قلوبهم - 00:12:51ضَ

عن الانتفاع بالحق قد يسمعون ولكن لا ينتفعون. ختم الله على قلوبهم وانما خص سبحانه وتعالى الختمة على القلوب لان القلب هو الذي عليه المدار فمدار الصلاح والفساد على ما في القلب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة اذا صلع - 00:13:11ضَ

صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. ولذلك ينبغي للمرء ان يعتني بقلبه وصلاحه كما سيأتي. يقول ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم. هذا عطف على قوله ختم الله على قلوبهم - 00:13:37ضَ

اي وختم على سمعهم فلا يسمعون الانذار والايات كما قال قال الله تعالى على قلوبهم اكنة اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم واقرأ قال وعلى ابصارهم غشاوة. الواو هنا استئنافية ولهذا يحسن الوقف ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ثم يستأنف ويقول وعلى ابصارهم غشاوة فالواو - 00:13:57ضَ

استئنافية ويصح ان تكون عاطفة ويكون من باب عطف الجملة على الجملة لكن الاول اولى اعني ان تكون واو استئنافية وقوله على ابصارهم غشاوة. الغشاوة هي الغطاء الذي يحول بين الانسان وبين النظر. يعني ان - 00:14:30ضَ

الله عز وجل جعل على ابصارهم غشاوة اي غطاء. فلا ينظرون في ايات الله الكونية الشرعية ولا يتدبرون ولا يتأملون. قال ولهم عذاب عظيم. لهم عذاب اي عقوبة وصف هذه العقوبة بانها عظيمة. عظيمة من حيث النوع. وعظيمة من حيث الكيفية - 00:14:53ضَ

وعظيمة من حيث الكمية فالعظام هنا يرجع الى النوع. عظم من حيث النوع. وثانيا عظم من حيث الكمية. وثالثا عظم منه حيث الكيفية ثم هذا العذاب عذاب عظيم. هذا العذاب نوعان عذاب حسي لابدانهم بالنار - 00:15:23ضَ

وعذاب معنوي لقلوبهم بالتقريع والاهانة والاذلال. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون. اذا ولهم عذاب عظيم. نقول العظم هنا عظم العذاب من حيث ماذا؟ النوع ومن حيث الكيفية ومن حيث الكمية ثم هذا العذاب على هذه هذه الانواع الثلاثة نوعان عذاب حسي - 00:15:48ضَ

بالنار وعذاب معنوي لقلوبهم في تقريعهم وتوبيخهم واذلالهم اهانتهم ولهم عذاب عظيم. طيب نأخذ نقف على هذا ان شاء الله تعالى نستكمل غدا الفوائد وما بعدها - 00:16:18ضَ