مقاطع مميزة

17- تفسير قوله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر ) (مقطع) (كنوز سورة الكوثر) | د.محمد إسماعيل المقدم

محمد اسماعيل المقدم

ثم نذلف الى تفسير الاية الاولى من سورة الكوثر يقول الله تبارك وتعالى انا اعطيناك الكوثر. انا اصلها ان نا او نحن يعني ايه؟ ان متصلة بضمير الجمع لا الدال على تعظيم الواهب هبة عظيمة - 00:00:00ضَ

وجمع ضمير المتكلم يشعر بعظمة الربوبية اي انا بجلالنا وعظمة قدرنا وقد صدر الله تعالى الجملة بحرف التوكيد ان الجاري مجرى القسم. التوكيد يجري مجرى القسم من اجل تحقيق الخبر ولزيادة تشريفه صلى الله عليه واله وسلم. وكلام الصادق - 00:00:27ضَ

مصون عن الخلف. فكيف اذا بالغ في تأكيد كلامه آآ بنى الفعل هنا على المبتدأ وذلك يفيد التأكيد والدليل عليه انك لما ذكرت الاسم المحدث عنه عرف العقل انه يخبر عنه بامر - 00:01:01ضَ

ان طبعا آآ يعني يجذب انتباهك ان ده فيه خبر خطير حتى يقال ان فيصير مشتاقا الى معرفة انه بماذا يخبر عنه فاذا ذكر ذلك الخبر قبله قبول العاشق لمعشوقه - 00:01:26ضَ

فيكون ذلك ابلغ في التحقيق ونفي الشبهة ومنها هنا تعرف الفخامة في قوله تعالى فانها لا تعمل ابصار فانه اكثر فخامة مما لو قال فان الابصار لا تعمى لكن انظر الى البداءة فانها لا تعمى الابصار - 00:01:45ضَ

ومما يحقق قولنا قول الملك العظيم لمن يعده ويضمن له. انا اعطيك انا اكفيك انا اقوم بامرك. وذلك اذا كان الموعود به امرا عظيما قل ما تقل المسامحة به فعظمه الجائزة كبيرة جدا. فيه شيء يفوق الوصف. عظم الكوثر وعظم هذا الوعد العظيم من الله سبحانه - 00:02:11ضَ

تعالى او عموما اذا وعد واعد يعني بشيء عظيم جدا فعظمه يورث الشك في الوفاء به. تعرفون قصة الرجل الذي يكون اخر اهل الجنة دخولا فحينما يقول الله فلك كذا وكذا من مما يراه من الجنة. فيقول اتسخر مني وانت رب العالمين؟ لانه ايه؟ يستعظم آآ - 00:02:42ضَ

فهذه النعمة العظيمة وطبعا مع الفارق بالنسبة لفضل النبي صلى الله عليه وسلم. فعظم العطية عظم الكوثر يورث الشك في الوفاء به. فاذا اسند هذا الوعد او هذا الخبر الى المتكفل العظيم - 00:03:06ضَ

حينئذ يزول الشك. تكون على يقين من هذه الهبة وهذه المنحة هذه الاية من هذا الباب. لان الكوثر شيء عظيم قل ما تقع به المسامحة فلما قدم المبتدأ وهو قوله تعالى انا تعظيم. الواهب وتعظيم الموهوب صلى الله - 00:03:25ضَ

سلم وتعظيم الهبة اما اسندت الى الله عز وجل. صار ذلك الاسناد مزيلا لذلك الشك. ودافعا لتلك الشبهة قال الالوسي رحمه الله وفي تأكيد الجملة بان ما لا يخفى من الاعتناء بشأن الخبر - 00:03:49ضَ

وقيل لرب استبعاد السامع الاعطاء لما انه لم يعلل والمعطى في غاية الكثرة. يعني الله عز وجل يعطيني كل هذه العطاءات بدون ان يذكر علتها ثم ان هذه العطية في غاية الكثرة - 00:04:12ضَ

فقتل الايه الخبر بالتأكيد الذي يجري مجرى القسم انا اعطيناك الكوثر وقال العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى ان اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر. افتتاح الكلام بحرف التاء اكيد للاهتمام بالخبر - 00:04:31ضَ

والاشعار بانه شيء عظيم. يستتبع الاشعار بتنويه شأن النبي صلى الله عليه وسلم. كما في قوله تعالى انا انزلناه في ليلة القدر او قوله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون - 00:04:51ضَ

الكلام مسوق مساق البشارة وانشاء العطاء. لا مساق الاخبار بعطاء سابق. وضمير العظمة مشعر امتنان بعطاء عظيم. هذا ما ذهب اليه العلماء ابن عاشور. آآ ان الكلام مسوق مساق البشارة فيما آآ يستقبل وليس مساق الاخبار بعطاء سابق خلافا لكثير من المفسرين كما سيأتي. اعطيناك - 00:05:11ضَ

هذا فيما يتعلق بان اعطيناك يا اشرف الخلق صلى الله عليه وسلم خاطب عز وجل خليله صلى الله عليه واله وسلم. الموهوبة بكاف الخطاب مباشرة تشريفا له صلى الله عليه وسلم - 00:05:39ضَ

قال قد اوتيت سؤلك يا موسى بني لغير الفاعل اما مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال ولقد اتيناك وهنا قال اعطيناك هذا آآ اعلى في آآ التشريف. فقوله اعطيناك اي قضينا لك به وخصصناك - 00:06:00ضَ

به وانجزناه لك في علمنا وتقديرنا الازلي وان لم تستولي عليه وتتصرف فيه الا في القيامة. لان الكوثر كما سنأتي في تفسيره آآ هو النهر الذي وعده الله وفي الجنة وهو الحوض. ايضا. فالكوثر سيكون في الاخرة. واضح؟ ومع ذلك عبر عنه بالايه؟ بالماضي - 00:06:21ضَ

العطاء ناجز والتمكن والاستيلاء عليه مستقبل. العطاء ناجز ناجز يعني حاضر آآ عاجل او معجل. كما تقول بعته لاجزا بلاجز. يعني يدا بيد وقد جاء الوعد اعطيناك بالفعل الماضي الدال على التحقيق بان اعطاء الكوثر سابق في القصر - 00:06:48ضَ

الاول منذ قدرت مقادير الخلائق فالنبي صلى الله عليه وسلم مصطفى ومشرف من الله عز وجل قبل ان يخلق الخلائق. قال شيخ الاسلام ابن تيمية الله تعالى جاء الفعل بلفظ الماضي الدال على التحقيق - 00:07:18ضَ

وانه امر ثابت واقع. ولا يدفعه ما فيه من الايذان. بان اعطاء الكوثر سابق في القدر الاول. حيث حيث قدرت مقادير الخلائق قبل ان يخلقهم بخمسين الف سنة وقد بني الفعل على المبتدأ - 00:07:40ضَ

الفعل بني على آآ المبتدأ نحن اننا او انا نحن تأكيدا فدل على خصوصية وتحقيق وقال الامام ابو العباس البسيلي رحمه الله. وفي ذكر الفاعل هنا تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وهو - 00:07:59ضَ

ومحذوف في قوله قد اوتيت سؤلك يا موسى. اما هنا فنسبه الله عز وجل الى نفسه فقال انا اعطيناك وقوله تعالى انا اعطيناك الكوثر يدل على عطية كثيرة صادرة عن معطي كبير - 00:08:22ضَ

غني واسع. وانه تعالى وملائكته وجنده معه صلى الله عليه وسلم ان لفظ الاية الكريمة يشعر بعظمة الواهب عز وجل. والموهوب له صلى الله عليه وسلم والهبة فان الواهب هو جبار السماوات والارض. وفيه تنبيه على عظمة العطية. اذ صدرت من الله تبارك وتعالى - 00:08:42ضَ

وهي الكوثر الذي يفيد المبالغة في الكثرة. والذي وهبه الله هذه الهبة هو عبد الله ورسوله وخليله محمد صلى الله عليه واله وسلم. الذي اشار اليه بكاف الخطاب. انا اعطيناك. كما ذكرنا - 00:09:11ضَ

بني الفعل على المبتدأ انا اعطيناك ففعلا العطية بني على انا نحن لماذا لم يبنى على الفعل وانما بني على المبتدأ لم يقل اعطيناك الكوثر. ماذا قال انا نحن او انا اعطيناك - 00:09:31ضَ

لان الخطاب بالجملة الاسمية المؤكدة بان المشددة اقوى من الخطاب بالجملة الفعلية قال الامام ابو عبدالله جمال الدين محمد بن سليمان البلخي المقدسي الحنفي الشهير بابن النقيب توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة. وله تفسير ضخم جدا في تسعة وتسعين مجلدا - 00:09:54ضَ

يسمى التحرير والتحبير لاقوال ائمة التفسير في معاني كلام السميع البصير. وهذا الامام ابن النقيب من شيوخ الحافظ الذهبي والبرزالي وابي حيان الاندلسي. وكتب مقدمة غاية في الروعة. كلها في علم البلاغة والبيان تسمى بمقدمة علم البيان والمعاني والبديع واعجاز القرآن. هذه المقدمة - 00:10:25ضَ

طبعت مستقلة ونصبت خطأ الى الامام ابن قيم الجوزي. والذي عنده خبرة باسلوب ابن القيم اذا قرأها يعني يحس هذا لا ممكن يكون كلام ابن القيم. هو كلام رائع لكن ابن القيم له ايه؟ بصمته. رحمه الله. مختلفة تماما - 00:10:53ضَ

لكن كتاب مفيد للغاية في قضية اعجاز القرآن الكريم فالمهم هي طبعت آآ بعنوان الفوائد المشوق الى علوم القرآن وعلم البيان وكثير من الناس ينسبونها الى الامام آآ ابن القيم وهذا خطأ. وقد حقق الدكتور زكريا سعيد علي نسبته الى ابن النقيب - 00:11:16ضَ

تفند نسبته الى ابن القيم في مقالة بعنوان مقدمة تفسير ابن النقيب والمطبوع خطأ بعنوان الفوائد المشوق قال ابن النقيب وهو يبين آآ هذا المعنى الذي اشرنا اليه وهي وان آآ بناء الفعل - 00:11:38ضَ

على المبتدأ اقوى من بنائه على آآ على الفعل يقول وذلك كقولنا قام زيد وقولنا ان زيدا قائم وقولنا قام زيد معناه الاخبار عن زيد بالقيام وقولنا ان زيدا قائم اخبار عن زيد بالقيام ايضا. الا ان في الثانية زيادة ليست في الاولى - 00:11:58ضَ

وهي توكيده بان المشددة التي من شأنها الاثبات لما يأتي بعدها من الكلام. ومن هذا النحو قوله تعالى واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا فعلا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا نعم. انما نحن مستهزئون - 00:12:29ضَ

انظر الى الفارق آآ بين الموضعين. يقول فانهم لما خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية. واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية وخاطبه شياطينهم بالجملة الاسمية المحققة بان المشددة. فقالوا في خطاب المؤمنين - 00:12:57ضَ

امنا وقالوا لاخوانهم انا معكم لانهم في مخاطبة اخوانهم بما اخبروا به عن انفسهم من الثبات على اعتقاد الكفر والبعد والبعد من ان ينزلوا عنه على صدق ورغبة ووفور النشاط. وكان ذلك متقبلا منهم ورائجا عند اخوانهم - 00:13:21ضَ

وما قالوه للمؤمنين. انما قالوه تكلفا واظهارا للايمان خزيا ومداجاة والمداجاة ستر العداوة وعدم اظهارها وعدم المكاشفة بها وكانوا يعلمون بانهم لو قالوا باوكد لفظ واشده لما راج لهم عند المؤمنين الا رواجا ظاهرا - 00:13:48ضَ

لا باطن ولانهم ليس لهم من عقائدهم باعث قوي على اه النطق في خطاب المؤمنين بمثل ما خاطبوا به اخوانهم من العبارة المؤكدة. فلذلك قالوا في خطاب المؤمنين امنا بخلاف ما قالوه في خطابي اخوانهم. انا معكم - 00:14:15ضَ

بني على المبتدأ مش على الفعل انا معكم انما نحن مستهزئون. وصرحوا في كلامهم لاخوانهم ان ما خاطبوا به المؤمنين انما هو هزء. انما نحن وهذه نكت دقيقة ولطائف خفية. لا توجد في نوع من الكلام العربي الا في القرآن الكريم - 00:14:38ضَ

وما اكثر ذلك وامسى له في اياته واوفره مودعا في غضونه فاعرفه. وقس عليه ترجو - 00:15:01ضَ