التفريغ
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة. قالوا اتجعلون فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء. ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. قال اني اعلم ما لا تعلمون - 00:00:00ضَ
وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة. فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين. فبسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله. وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه - 00:00:20ضَ
اما بعد تقدم الكلام على اول الاية وهي قول الله عز وجل واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة وسبق الكلام على الملائكة وما يتعلق بهم من الايمان - 00:00:39ضَ
اي ما يتضمنه الايمان بالملائكة وقوله اني جاعل في الارض خليفة. جاعل اي مصير ومستخلف في الارض خليفة والخليفة هو من يخلف غيره وينوب عنه اي ان الله عز وجل - 00:00:57ضَ
جاعل في الارض خليفة يقيم شرع الله في ارض الله ويخلفه من بعده قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما قال الله عز وجل يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض - 00:01:20ضَ
تحكم بين الناس وقال عز وجل ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون وقوله نعم ثم قال قالوا اتجعل فيها لما قال الله عز وجل اني جاعل في الارض خليفة. قال الملائكة - 00:01:40ضَ
قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء اي قالت الملائكة لله عز وجل اتجعل فيها من يفسد فيها وهذا اعني قول اتجعل هذا استفهام وهذا الاستفهام ليس اعتراضا على الله عز وجل - 00:02:02ضَ
وعلى حكمه ولا حسدا لبني ادم وانما هو استفهام للاستعلام وبيان الحكمة في جعل هذا الخليفة في الارض وذلك لان الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام يعلمون يقينا ان الله تعالى لا يفعل شيئا الا لحكمة - 00:02:23ضَ
وان المقصود من جعل الله عز وجل لهذا الخليفة في الارض هو اصلاحها وعمارتها ولهذا قال قالوا اتجعل فيها من يفسد من اسم موصول اي اتجعل في الارض الذي يفسد فيها - 00:02:50ضَ
والفساد في الارض نوعان فساد حسي وفساد معنوي ان الفساد الحسي سيكون بتخريب الارض في القتل حجم البناء وحرق الاشجار وتدمير ما ما عليها من الممتلكات واما الفساد المعنوي فيكون بالكفر والمعاصي - 00:03:09ضَ
اذا ويفسد فيها اي افسادا حسيا وافسادا معنويا. قال ويسفك الدماء اي يريق الدماء واراقة الدماء من اعظم الفساد وفي قوله ويسفك الدماء هذا من باب عطف الخاص على العام - 00:03:43ضَ
لان سفك الدماء داخل في الفساد في الارض وهذا القول من الملائكة انما كان بحسب ظنهم اعني قولهم ويفسد قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ انما قالوا ذلك ظنا منهم بان - 00:04:06ضَ
هذا الخليفة سيحدث منه ذلك ولهذا قالوا بعد ذلك ونحن تسبح بحمدك. الواو هنا للحال. اي والحال اننا نسبح بحمدك اي نجمع بين تسبيحك وحمدك ونقرن بينهما والتسبيح هو تنزيه الله تعالى - 00:04:29ضَ
عن كل ما لا يليق بعظمته وجلاله والله تعالى ينزه عن امور ثلاثة اولا عن صفات النقص مطلقا فلا يوصف بالظلم ولا بالعجز ولا بالزنا ولا بالنوم ولهذا قال الله عز وجل ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام - 00:04:56ضَ
وما مسنا من لغوب وقال عز وجل ولا يظلم ربك احدا وقال لا تأخذه سنة ولا نوم ثانيا مما ينزه الله عز وجل عنه عن النقص في صفات كماله وصفاته سبحانه وتعالى كاملة - 00:05:28ضَ
من كل وجه لا نقص فيها فعلمه كامل وحياته كاملة. وسمعه كامل وبصره كامل الى غير ذلك من الصفات ثالثا مما ينزه الله تعالى عنه عن مماثلة المخلوقين فلا يجوز ان يمثل الله تعالى ان نمثل الله تعالى بخلقه - 00:05:50ضَ
قال الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال عز وجل فلا تضربوا لله الامثال وقال تعالى ولله المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم ولان تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصا - 00:06:17ضَ
كما قال الشاعر المتر ان السيف ينقص قدره اذا قيل ان السيف امضى من العصا هذه هي الامور الثلاثة التي ينزه الله عز وجل عنها وقوله ونحن نسبح بحمدك الباء هنا في قول بحمدك المصاحبة - 00:06:40ضَ
اي نسبحك تسبيحا مصحوبا ومقرونا بالحمد والحمد هو وصف المحمود بالكمال حبا وتعظيما والله تعالى يوصف بالحمد بامرين اولا بما له من كمال الصفات وثانيا بما له من جزيل الهبات - 00:07:05ضَ
فهو يحمد سبحانه وتعالى على كمال صفاته وعلى جزيل هباته وعطاياه ونقدس لك التقديس هو التعظيم ويطلق على التطهير وفي قولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك جمعوا بين تنزيه الله عز وجل - 00:07:34ضَ
عن النقائص والعيوب وعن ووبين عبادته وبين اثبات الكمال له بالحمد فجمعوا بين تنزيه الله عن صفات النقص والعيب وبين اثبات صفات الكمال له سبحانه وتعالى. وذلك بتعظيمه وتطهيره وتأمل هنا قولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك - 00:08:02ضَ
عبروا بالجملة الاسمية لدلالتها على الثبوت والاستمرار كما قال الله عز وجل عنهم يسبحون الليل والنهار لا يفطرون وقال فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون وقول الملائكة عليهم الصلاة والسلام هنا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك - 00:08:35ضَ
ليس هذا تزكية لانفسهم ليس هذا من باب التزكية منهم لانفسهم. لان الله عز وجل نهى عن ذلك فقال فلا تزكوا انفسكم وانما كان هذا القول من باب الاخبار انهم يقومون بعبادته وتسبيحه وتحميده وتقديسه - 00:09:07ضَ
قال الله عز وجل قال اني اعلم ما لا تعلمون قال هذا جوابا على قول الملائكة اتجعل في اتجعل فيها من يفسد فيها؟ فاجابهم بقوله اني اعلم يعني اي اني اعلم اي من امر هذا الخليفة وما في خلقه واستخلافه من الحكم العظيمة ما لا تعلمون - 00:09:33ضَ
فبين سبحانه وتعالى انه اعلم منهم بما في خلق هذا الخليفة واستخلافه في الارض من المصالح الدينية والدنيوية والاخروية فيستفاد من هذه الاية الكريمة فوائد اولا اثبات كلام الله عز وجل - 00:09:59ضَ
وانه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام مسموع بحرف وصوت والكلام بالنسبة لله عز وجل وصفة ذاتية وفعلية وباعتبارين فباعتباري انه سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متكلما هو صفة ذاتية وهو صفة فعلية اي انه متعلق بمشيئته متى شاء سبحانه وتعالى تكلم - 00:10:26ضَ
ومنها ايضا اثبات ربوبية الله عز وجل الخاصة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في قوله واذ قال ربك الربوبية هنا اضافها الله عز وجل الى النبي عليه الصلاة والسلام - 00:11:03ضَ
من باب التشريف ومنها ايضا اثبات الملائكة لقوله واذ قال ربك للملائكة وتقدم الكلام عليهم وما يتعلق بهم من من وجوب الايمان بهم ويستفاد ايضا من هذه الاية الكريمة. اثبات الافعال - 00:11:25ضَ
الاختيارية لله تعالى وانه سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء متى يشاء بقوله اني جاعل في الارض خليفة ومنها ايضا بيان حاجة الخلق الى خليفة يقيم شرع الله عز وجل ويخلفه من بعده - 00:11:52ضَ
في قوله اني جاعل في الارض خليفة فهذا الخليفة انما جعله الله تعالى وسيره باقامة شرع الله في ارض الله ولاجل ان يخلفه من بعده في ذلك ومنها ايضا ذم الفساد في الارض - 00:12:23ضَ
وانه سبب لكل بلاء ولهذا كرهت الملائكة ذلك بقولهم اتجعل فيها من يفسد فيها الفساد في الارض بنوعيه سواء كان فسادا حسيا هل فسادا معنويا هو سبب كل بلاء وفتنة - 00:12:48ضَ
ومن فوائد هذا الحد ومن فوائد الاية الكريمة ايضا بيان ما عليه الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام من تسبيح الله وتعظيمه وتقديسه والقيام بعبادته في قولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك - 00:13:13ضَ
ويستفاد ايضا من هذه الاية الكريمة جواز الاخبار بما يفعله الانسان من العبادة والخير اذا كان ذلك على سبيل الخبر لا بقصد الرياء او او تزكية النفس فيجوز الانسان ان يخبر عما عمله من عمل صالح - 00:13:36ضَ
اذا كان ذلك على وجه الخبر وكان فيه مصلحة ايضا ولم يكن ذلك على سبيل الرياء او تزكية النفس في قولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك الاخبار بالعمل الصالح يجوز اذا كان هناك مصلحة - 00:14:05ضَ
ولهذا قال الله تعالى ان تبدوا الصدقات فلعما هي وان تؤتوها وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم واظهار الصدقة الافضل اخفاؤه. لانه اقرب الى الاخلاص ولكن قد يكون الاظهار - 00:14:29ضَ
قد يكون الاظهار اولى بما فيه من المصلحة اولا ان يعلم ان يعلم الناس ان هذا المتصدق عليه انه فقير ومحتاج او ليدفع التهمة عن نفسه فمن المصالح في اظهار الصدقة اولا ليعلم الناس ان هذا الشخص المتصدق عليه فقير - 00:14:52ضَ
ومن المصالح ايضا ان يقتدوا به ويتأسوا به ومن المصالح ان يدفع التهمة عن نفسه كما لو اتهم انه لا يزكي ولا يخرج الزكاة فاظهرها دفعا للتهمة. فهنا الاظهار فيه خير - 00:15:22ضَ
واما اذا لم يكن هناك مصلحة فان الاخفاء هو المشروع. لانه اقرب الى الاخلاص وابعد عن الرياء ومنها ايضا من فوائد الاية بيان علم الله عز وجل التام في قوله اني اعلم ما لا تعلمون - 00:15:41ضَ
فهو سبحانه وتعالى عالم بكل شيء جملة وتفصيلا يعلم ما كان وما يكون لو كان كيف يكون فلا تخفى عليه سبحانه وتعالى خافية الله اعلم - 00:16:03ضَ