المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الحادي والاربعون في الاشارة الى البراهين العقلية والفطرية على ربوبية الله والاهيته. اعلم ان هذه المسألة اعظم المسائل على الاطلاق واكبرها وافضلها واوجبها وانفعها واوضحها وعليها اتفقت جميع الكتب المنزلة وجميع الرسل - 00:00:02
وهي اول واهم ما دعت اليه الرسل اممهم. واول ما يدعون قومهم يقولون اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. ويغفر كورونا لهم من اسمائه واوصافه ونعمه والائه والطافه ما به يعرفون ربهم ويخضعون له ويعبدونه. والقرآن العظيم - 00:00:32
بينوا هذه المسألة ويذكر لها البراهين المتنوعة ويصرف لها الايات والسنة كذلك. وليس القصد في هذا الفصل ذكرى الادلة العقلية عليها فانها واضحة جلية متكررة عند الخواص والعوام. وهي وحدها كافية وافية بالمقصود معرفة - 00:00:52
بالله جملة وتفصيلا. ولكن نريد ان نشير اشارة يسيرة الى ادلتها وبراهينها العقلية التي يخضع لها كل عاقل للمنصف وينكرها كل مستكبر مكابر مباهت وهذه المسألة اوضح واظهر من ان يحتج لها وتذكر براهينها. ولكن كلما - 00:01:12
عرف المؤمن براهينها قويت في قلبه وازداد ايمانه ونمى ايقانه فحمد الله على هذه النعمة التي هي اعظم المنن واجلها ولهذا قالت الرسل عليهم السلام لاممهم افي الله شك فاستفهموهم استفهام تقرير وانه متقرر في قلوب جميع العقلاء - 00:01:32
الاعتراف بالله وبربوبيته وتوحيده. اعلم رحمك الله انك اذا نظرت الى هذا العالم العلوي والسفلي. وما اودع فيه من المخلوقات مقاتل متنوعة والحوادث المتجددة. فتأمل تأملا صحيحا ان الامور الممكنة تقسيمها في العقل ثلاثة. واحد اما ان توجد هذه - 00:01:52
المخلوقات بنفسها من غير محدث ولا خالق فهذا محال ممتنع. يجزم العقل ببطلان ضرره. ويعلم يقينا ان من ظن ذلك هو الى الجنون اقرب منه الى العقل. لان كل من له عقل يعرف انه لا يمكن ان يوجد شيء من غير موجد ولا محدث. اثنان - 00:02:12
اما ان تكون هي المحدثة لنفسها الخالقة لها. فهذا ايضا محال ممتنع بضرورة العقل. لكل عاقل يجزم ان الشيء لا يحدث نفسه واذا بطل هذان القسمان عقلا وفطرة تعين القسم الثالث وهو ان هذه المخلوقات والحوادث لها خالق خلقها ومحدث - 00:02:32
احدثها وهو الرب العظيم الخالق لكل شيء. المتصرف في كل شيء المدبر للامور كلها. ولهذا نبه الله على هذا التقسيم العقلي قليل واضح لكل عاقل فقال ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون ام خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون - 00:02:52
المخلوق لابد له من خالق والاثر لابد له من مؤسر والمحدث لابد له من محدث والموجد لابد له من موجد. والمصنوع لا مد له من صانع والمفعول لا بد له من فاعل. هذه قضايا بديهية جلية تشترك في العلم بها جميع العقلاء. وهي اعظم - 00:03:12
القضايا العقلية فمن ارتاب فيها فمن ارتاب فيها او شك في دلالتها فقد برهن على اختلال عقله وضلاله تفكر في نفسك وانظر في مبدأ خلقك من نطفة الى علقة الى مضغة حتى صرت بشرا كامل الاعضاء الظاهرة والباطنة. اما يضطرك هذا الى الاعتراف - 00:03:32
الرب القادر على كل شيء العليم الذي احاط علمه بكل شيء. الحكيم في كل ما خلقه وصنعه. فلو اجتمع الخلق كلهم على النطفة التي جعلها الله مبدأ خلقك على ان ينقلوها من تلك الاطوار المتنوعة ويحفظوها في ذلك القرار المكين ويجعلوا لها سمعا وبصرا - 00:03:52
وقوى باطنة وظاهرة وينموها هذه التنمية العجيبة ويركبوها هذا التركيب المنظم ويرتب الاعضاء هذا الترتيب كم لو اجتمعوا على ذلك فهل في علومهم؟ وهل في اقتدارهم؟ وهل في استطاعتهم الوصول الى ذلك؟ فهذا نظر يوصلك الى الاعتراف بعظمة - 00:04:12
الله واقتداره والخضوع له والتصديق بكتبه ورسله فهو دليل وبرهان عقلي وفطري اضطرت فيه الفطر الى معرفة ربها عبوديته. تأمل في حفظ الله للسموات والارض وما فيهما من العوالم وما في ابقائها وامدادها بكل ما تحتاج اليه في بقائها من - 00:04:32
الاسباب المتنوعة. اما يدل كذلك على كمال الرب وكمال قيومته وربوبيته. وقد نبه تعالى على ذلك بقوله ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره. وقوله سبحانه ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. ولئن زالتا ان - 00:04:52
امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا. تدبر يا اخي في هذا الفلك الدوار وفي تعاقب الليل والنهار في تصريف الاوقات بفصولها ومنافعها. وفي كمال انتظامها لمصالح الخلق التي لا يمكن احصاؤها. هل ذلك صدفة الطبيعة؟ وهل هذا - 00:05:12
حصل اتفاقا ام الذي خلق ذلك ودبره ذلك التدبير المتقن الذي احسن كل شيء خلقه. صنع الله الذي اتقن كل شيء. انظر جزاك الله الى انه اعطى كل شيء خلقه اللائق به ثم هدى كل مخلوق الى مصالحه وحوائجه وضروراته. حتى البهائم العجمى - 00:05:32
صغيرها وكبيرها قد الهمها وهداها لكل امر فيه نفعها. ويسر لها ارزاقها واقواتها. فمن نظر في هدايته العامة وبثه في كل مخلوق الهاما عجيبا اهتدي به الى منافعه وضروراته علم بذلك عنايته العظيمة وعلم انه الرب لكل مربوب - 00:05:52
الخالق لكل مخلوق الذي علم المخلوقات واعطاها من الاذهان ما يصلحها ويدفع عنها المضار وذلك برهان عقلي عظيم على وحدانية الله وكماله. لذلك لما انكر فرعون رب العالمين وقال فمن ربكما يا موسى؟ قال ربنا الذي اعطى كل شيء - 00:06:12
ثم هدى فاستدل عليه بهذا البرهان المشاهد لكل احد. فهل في طبيعة الحيوانات كلها هذه الهداية الى مصالحها التي لا انواعها وحنوها على اولادها وقيامها بهم حتى يستقلوا بانفسهم. وهل هذا الحنان والرحمة الا من اكبر الادلة على عظمته - 00:06:32
رحمته التي وسعت كل شيء. ثم انظر رحمك الله الى سعة رحمة الله التي ملأت اقطار العالم وشملت كل مخلوق في كل احواله رحمته اوجد المخلوقات وشملت كل مخلوق في كل احواله برحمته اوجد المخلوقات وبرحمته حفظها وامدها بكل ما تحتاج - 00:06:52
واسبغ عليها النعم الظاهرة والباطنة التي لا يمكن لمخلوق ان يخلق منها طرفة عين وهي متنوعة عليه من كل وجه. نعم العلم والتعليم لامور الدين والدنيا ونعم العافية للابدان عموما وللاعضاء كلها على وجه الخصوص ونعم الارزاق ونعم الاولاد والاتباع - 00:07:12
ونعم الحروف والزروع والثمار ونعم المواشي واصناف الامتعة ونعم الدور والقصور ونعم اللذات والحبور. النعم التي فيها المنافع كلها والنعم التي فيها دفع المضاد كلها. تدل اكبر دلالة على وحدانية مسديها والمنعم بها. وعلى وجوب شكره - 00:07:32
والاخلاص له. افمن يخلق كمن لا يخلق افمن منه النعم كلها كمن هو فقير محتاج مضطر. ثم انظر احوال المضطرين الواقعين المهالك والمشرفين على الاخطار والبائسين من فقرهم المفظع او مرضهم الموجع. وكيف تضطرهم الضرورات وتلجئهم الحاجات الى - 00:07:52
بهم والههم داعين ومفتقرين وسائلين له مستعطين. فيجيب دعواهم ويكشف كرباتهم ويرفع ضروراتهم. اليس في هذا اكبر برهان على وحدانيته وسعة علمه وشمول رحمته وكمال عطفه ودقيق لطفه. قال سبحانه امن يجيب - 00:08:12
المضطر اذا دعاه ويكشف استووا ويجعلكم خلفاء الارض االه مع الله قليلا ما تذكرون. وقال سبحانه هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهن بريح طيبة - 00:08:32
وجرين بهن بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاص اذ وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين. دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من - 00:09:02
ان هذه لنكونن من الشاكرين. فلما انجاهم اذاهم في الارض بغير الحق. فهذا قد شاهده الخليقة ورأوا باعينهم من الوقائع ما لا يعد ولا يحصى. وهذا يضطر الى الاعتراف بالله وبوحدانيته. فانظر الى حالة المضطرين اذا كربتهم الشدائد. كيف تجد قلوبهم متعلقة بالله - 00:09:32
ملحة في سؤاله وافئدتهم مستشرفة لنواله. لا تلتفت عن الله يمنة ولا يسرة. لعلمها الضروري انه كاشف الشدائد جالب الخيرات والفوائد لا ملجأ منه الا اليه ولا معول للخليقة في جميع امورها الا عليه. فهل هذه الامور الا لان - 00:10:02
الخليقة مفطورة على الاعتراف بوحدانية ربها. وانه النافع الضار وان ملكوت كل شيء بيديه الا من فسدت فطرته بالعقائد الفاسدة والارادات السيئة. وانظر الى فقر الخلائق كلهم الى الله في كل شيء. الفقراء اليه في الخلق والايجاد وفقراء - 00:10:22
اليه في البقاء والرزق والامداد. وفقراء اليه في جلب المنافع ودفع المضار. فهم يسألون الله بلسان المقال ولسان الحال. اسأله من من في السماوات والارض فيعطيهم مطالبهم ويسعفهم في كل مآربهم. ان رغبوا لم يرغبوا الا اليه. وان مستهم الضراء لم يلجأوا - 00:10:42
والا اليه. فكم كشف الظر والكروب؟ وكم جبر الكسير ويسر المطلوب. وكم اغاث ملهوفا؟ وكم انقذ هالك. ففقرهم اليه في كل احوالي ظاهر مشاهد وغناه عنهم في جميع الامور لا ينكره الا مكابر جاحد. ومن براهين وحدانية الباري وربوبيته. اجابته للدعوات - 00:11:02
في جميع الاوقات فلا يحصي الخلق ما يعطيه السائلين وما يجيب به ادعية الداعين من بر وفاجر ومسلم وكافر. تحصل المطالب الكثيرة ولا يعرفون لها سببا من الاسباب سوى الدعاء والطمع في فضل الله والرجاء لرحمته. وهذا برهان مشاهد محسوس لا ينكره - 00:11:22
الا مباهت مكابر يدعونه في مطالب دينهم فيجيبهم وفي مطالب دنياهم فيجيبهم. فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا وماله في الاخرة من خلاق. ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة - 00:11:42
حسنة وقنا عذاب النار. اولئك لهم نصيب مما كسبوا. ومن براهين وجود الله ووحدانيته وربوبيته ما يجريه الله على ايدي انبيائه من خوارق الايات والمعجزات والبراهين القاطعات. وما يكرمهم به في الدنيا وينصرهم - 00:12:02
تجعل لهم العواقب الحميدة ويخذل اعدائهم ويعذبهم باصناف العذاب. وهذا قد تواتر تواترا لا يتواتر شيء مثله. وكل احد يعرف ذلك وايات الانبياء ومعجزاتهم وكرامات الله لهم نقلتها القرون والاجيال. وصارت اعظم من برهان الشمس والقمر وهي كل - 00:12:22
براهين على ربوبية من ارسلهم وعظمة سلطانه وكمال قدرته وسعة علمه وحكمته وما ينكرها الا كل منكر متكبر جبار ومن اعظم براهين وحدانيته ما انزله على انبيائه عموما من الكتب والشرائع العظيمة التي فيها صلاح الخلق وبها استقام دينهم - 00:12:42
مم وصلحت دنياهم وخصوصا هذا القرآن الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم خاتمهم وامامهم. وفيه من البراهين والايات ما لا يعبر عنه المعبرون ولا يقدر ان يصفه الواصفون. واياته قائمة في جميع الاوقات. متحدية للخلق كلهم على اختلاف اصنافهم - 00:13:02
وقد تبين عاجزهم ووضح غيهم قال سبحانه سنريهم اياتنا في الافاق وفيها انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. ويقول سبحانه ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليه من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء - 00:13:22
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدوا ورحمة وبشرى للمسلمين. فمن نظر الى ما احتوى عليه القرآن من الاخبار الصادقة الاحكام العادلة والشرائع المحكمة والصلاح العام وجلب المنافع الدينية والدنيوية ودفع المضار والخير العظيم اضطر الى الاعتراف - 00:13:52
بانه تنزيل من حكيم حميد ورب كريم. وكذلك من نظر الى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرع الكامل والدين قويمي والصراط المستقيم في كل شؤونه اضطره بعض ذلك فكيف بكله الى الاعتراف بوحدانية الله؟ وان الذي شرعه هو الرب - 00:14:22
عظيم الحكيم في شرعه ودينه كما هو حكيم في خلقه وتقديره. ومن براهين وحدانية الله ان الفطر والعقول مضطرة الى معرفة كباريها والاعتراف بوحدانيته. فان الخلق مفطورون على جلب المنافع ودفع المضار. ومن المعلوم لكل عاقل ان حاجة النفوس الى خالقها - 00:14:42
والهها اعظم من جميع الحاجات وضروراتها اليه تفوق كل الضرورات. فهي مضطرة الى علمها بانه خالقها وحده مالكها وحده ومبقيها وحده وممدها بمنافعها وحده فطرة الله التي فطر الناس عليها ذلك الدين القيم. ولم يخرج عنها - 00:15:02
هذه الفطرة الا من اجتالتهم الشياطين وحولت فطرهم وغيرتها بالعقائد الفاسدة والخيالات الضالة والاراء الخبيثة والنظريات فلو خلوا وفطرهم لم يميلوا لغير ربهم منيبين اليه في جلب المنافع ودفع المضار ومنيبين اليه في التأله والانكسار. قال - 00:15:22
صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة مع هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا انتم تجدعونها. ومن براهين وحدانيته وكرمه ما هو مشهور في حوادث لا تعد ولا تحصى - 00:15:42
من اكرام الله تعالى للواصلين لارحامهم. وخالفه العاجل على المحسنين على المضطرين والمنفقين لاجله على المحتاجين. وتعويضه وفتحي لهم ابوابا واسبابا وطرقا بسبب ذلك الاحسان الذي له الموقع الطيب. قد علم الخلق ان ذلك سببه تلك الاعمال الصالحة - 00:16:02
والمقدمات الحسنة الا يدل كذلك على ان الله قائم على كل نفس بما كسبت وان هذا جزاء معجل وثواب حاضر نموذج لثواب بالاخرة وافراد ذلك وانواعه لا تدخل تحت الحصر هذا الامر لا يمتري فيه احد. قد رأى الناس من هذا عجائب. ونظير هذا البرهان العقوبات - 00:16:22
التي يعجلها الله للباغين والظالمين والمجرمين بحسب جرائمهم. عقوبات يشاهدها الناس رأي العين ويعلمون ويتيقنون ان ذلك جزاء لتلك الجرائم. فمن تأمل وسمع الوقائع وايام الله في الخلق. وعلم ارتباطها باسبابها الحسنة او السيئة. علم بذلك وحداني - 00:16:42
فالله وربوبيته وكمال عدله وسعة فضله فضلا عن وجوده ووجوب وجوده فان كل ما دل على شيء من اوصافه او افعاله فانه يتضمن اثبات ذاته ووجوب وجوده وعلم استناد العوالم العلوية والسفلية اليه في ايجادها وابقائها وحفظها وامدادها وجميع احوالها - 00:17:02
واعلم ان طرق معرفة الله واسعة جدا بحسب حاجة الخلق وضرورتهم اليها. وكل يعبر عنها بعبارات اما كلية واما جزئية بحسب الحال التي تحضره وبحسب الامور التي تغلب عليه. والا فكل ما خطر في القلوب وشاهدته الابصار وادركته المشاعر. وكل - 00:17:22
تحرك وساكن ادلة وبراهين على وحدانية الله. وفي كل شيء له اية تدل على انه الواحد. ولكن جزئيات تسبق الى الاذهان وتفهمها القلوب ويحصل بها النفع العاجل بسهولتها وبساطتها. وكونها تدرك بالبديهة. فلنذكر امثلة - 00:17:42
وحكايات من هذا النوع للمتقدمين ولاهل هذا العصر. سئل بعضهم بما عرفت ربك؟ فقال ان البعرة تدل على البعير واثار السير تدل على المسير. فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج. الا تدل على اللطيف الخبير؟ واجتمع طائفة - 00:18:02
من الملاحدة ببعض اهل العلم اظنه ابا حنيفة فقالوا له ما الدلالة على وجود الصانع؟ فقال لهم دعوني فخاطري مشغول بامر الغريب قالوا له ما هو؟ قال بلغني ان في دجلة سفينة بلغني ان في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من اصناف الامتعة العجيبة وهي ذاهبة - 00:18:22
هبة وراجعة من غير احد يحركها لا يقوم عليها. فقالوا له امجنون انت؟ قال وما ذاك؟ قالوا ان هذا ليصدقه عاقل. فقال قال لهم فكيف صدقت عقولكم ان هذا العالم بما فيه من الانواع والاصناف والحوادث العجيبة. وهذا الفلك الدوار السيارة تجري تحدث هذه - 00:18:42
الحوادث بغير محدث وتترك هذه المتحركات بغير محرك. فرجعوا على انفسهم بالملام. وقيل لبعضهم بما عرفت ربك. فقال هذه التي يلقيها الفحل برحم الانثى فيطورها الله من نطفة الى علقة الى مضغة الى اخر اطوارها فيكون بشرا سويا كامل - 00:19:02
الظاهرة والباطنة له سمع يسمع به المسموعات وبصر يبصر به وعقل يهتدي به الى مصلحة ويدان يبطش بهما ورجلان يمشي في بهما وله منافذ يدخل فيها ما يغذي البدن وينفعه ومنافذ اخرى يخرج منها ما يضره. وقد ركب هذا التركيب العجيب الذي لو اجتمع - 00:19:22
الخلق كلهم من اولهم الى اخرهم على ايجاد شخص واحد على هذا الوصف المحكم الغريب لعجزت معارفهم وقدرهم عن ذلك ليس ذلك دليلا وبرهانا على وجود الخالق وعظمته وكبريائه. وقد كرر الله هذه الاية في كتابه في اساليب متنوعة. وقيل لبعضهم - 00:19:42
بما عرفت ربك؟ فقال بنقض العزائم. ومعنى ذلك ان العبد يعزم عزما مصمما على امر من الامور. وليس عنده فيه ادنى تردد ثم بعد ذلك تنتقض همته ثم بعد ذلك تنتقد همته وعزمه الى امر اخر قد يرى فيه مصلحته. وما ذلك الا لان الله على - 00:20:02
كل شيء قدير يصرف القلوب عما يدبر للابدان. وانه لطيف بعبده فيصرفه عما يضره الى ما ينفعه. ويدبر قلبه الى ذلك سئل بعضهم بما عرفت ربك؟ فقال كنت مكروبا فدعوته ففرج كربتي. وكنت فقيرا فسألته فاغناني. وكنت مريضا فدعوته فشفاني - 00:20:22
وكنت ضالا عن الهدى فلطف بي وهداني. وليس هذا الامر لي وحدي. فكم له على عباده من اصناف النعم المشاهدة المحسوسة؟ ومن هذه بالانواع شيء كثير. وهذا يضطر الى معرفته والاعتراف بربوبيته. وسئل اخر بما يعرف الله فقال قد رأينا ورأى الناس في الدنيا - 00:20:42
مصارع البغاة المجرمين وعواقبهم الوخيمة كما رأوا حسن عواقبه في المحسنين. وقيل لاخر بما يعرف الله؟ فقال بايصاله النعم الى خلقه وقت الحاجة والضرورة اليها. هذا الغيث ينزله وقت الحاجة ويرفعه اذا خيف منه الضرر وهذا الفرج يأتي بعد الشدة - 00:21:02
والمطالب بعد الاضطرار اليها وهذه اعضاء الانسان وقواه يعطيه الله اياها شيئا فشيئا بحسب حاجته اليها. فهل يمكن ان تكون فهذه الامور صدفة بغير اتفاق. ام يعلموا بذلك علم اليقين ان الذي اعطاهم اياها وقت الحاجة والضرورة هو الرب المعبود الملك المقصود - 00:21:22
قلت ومن هذا الباب ما نحن فيه انه لما كانت معرفة الله يضطر اليها العباد ويحتاجونها في كل وقت فوق جميع الحاجات فسرها الله لعباده طرقها واوضح لهم ادلتها وليست حاجتهم اليها من الحوائج العارضة وانما هي من الحوائج الملازمة لهم في كل لحظة - 00:21:42
ساعة فنسأله ان يمن علينا بمعرفته وبالايمان الكامل انه جواد كريم. وقيل لبعضهم باي شيء يعرف الله فقال يعرف الله بانه علم الانسان ما لم يعلم خرج من بطن امه لا يعلم شيئا. فاعطاه الات العلم ويسر له اسباب العلم. فلم يزل يتعلم امور دينه - 00:22:02
حتى صار عالما ربانيا ولم يزل يتعلم امور دنياه حتى صار ماهرا مخترعا للعجائب ويسر له كل لسبب يوصله الى ذلك. ومن عجيب الامر ان اللوح اذا كتب فيه وشغل بشيء لم يسع غيره. ولم يمكن ان - 00:22:27
يكتب فيه شيء اخر قبل محو ما كتب فيه اولا. وقلب الانسان لا يزال يحفظ ويعقل من العلوم والمعارف المتنوعة وكلما توسعت معارفه قويت حافظته واشتدت ذاكرته وتوسعت افكاره فهل هذه الامور في طوق البشر - 00:22:47
ام هذا اكبر برهان على عظمة الله ووحدانيته وكماله وسعة رحمته. وقيل لبعضهم بما يعرف الله. فقال فهذه النواة يغرسها الناس ياتي منها النخيل والاشجار وتخرج من الثمار العظيمة ما به ينتفع الخلق. وهذه الحبوب تلقى في الارض فتخرج اصناف - 00:23:07
فالزروع التي هي مادة اقوات العباد. ثم لا تزال تعاد وتغل كل عام. اليس هذا اكبر برهان ودليل على وجود الله وقدرته ايته ورحمته قلت وقد نبه الله على هذا المعنى الجليل في عدة ايات مثل قوله فالق الحب والنوى. وقوله سبحانه - 00:23:27
افرأيتم ما تحرثون. اانتم تزرعونه ام نحن الزارين وقيل لمن بادر الى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لم فعلت ذلك؟ فقال رأيته ما امر بشيء فقال العقل ليت لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته امر به فاستدل بنور عقله وقوة بصيرته على صدق الرسول بصلاح ما جاء به وموافقته - 00:23:47
للعقول السليمة وللحكمة. وقيل لاخر من العارفين باي شيء يعرف الله؟ فقال بذوق حلاوة الطاعات وهذا استدلال برهاني وجداني يضطر العبد الى كمال الايمان واليقين. فان من وجد حلاوة الايمان وذاق لذة اليقين. وقد بلغ الذروة العليا في الايمان. وقيل لاخر - 00:24:17
باي شيء يعرف الله؟ قال بانتظام الاسباب ثم بتحويله الاسباب ومنع مسبباتها وبايجاده الاشياء بغير اسباب يعقلها الخلق وهذا صحيح فانه اجرى الامور على اسبابها ومسبباتها قدرا وشرعا في حكمة بالغة ومنع بعض الاسباب في ترتب اثارها عليها - 00:24:37
كما في معجزات الانبياء وكرامات الاولياء. وكذلك يوجد كثيرا من الاشياء بغير الاسباب المعهودة. كما اوجد عيسى من ام بلا اب ويحيى بين ابوين لا يولد لمثلهما واشياء كثيرة من هذا النوع ليعرف العباد انه المتصرف التصرف المطلق وانه كما يتصرف في الاشياء - 00:24:57
اسباب مربوطة معلومة كذلك يتصرف فيها بغير المعهودة. ولذلك كان جمهور هذا النوع من المعجزات والكرامات وهي كلها براهين على الله والهيته وربوبيته. وقيل لبعضهم بما يعرف الله؟ قال انظر في مواد الرزق. وتأمل حالة من لهم موجودات - 00:25:17
تارات وغلات كثيرة ولكنهم اتكلوا عليها فضاقت عليهم الامور وركبتهم الديون وجاءت الامور على خلاف ما يؤملون. ثم انظر الى اناس كثير ليس لهم عقارات ولا غلات وانما عندهم اسباب بسيطة. قد بارك الله لهم وبسط لهم الرزق. وذلك بان قلوبهم على - 00:25:37
متطلعة الى ما عند الله راجية منه تسهيل الرزق. متوكلين عليه حق التوكل. بذلك يعرف الله وبذلك يعلم ان الامر فكن له لله كما ننظر الى القوي من الناس الذي جمع بين القوة والذكاء وبين السعي الحثيث ورزقه مقتر ونرى الضعيف البليد الذي ليس عنده - 00:25:57
من الذكاء والقوة عشر معشار ما عند الاول. والله قد بسط له الرزق ويسر له امره. وهذه امور مشاهدة محسوسة. فاضطر العاقل الى الاعتراف بوحدانية الله وقيامه على كل نفس بما كسبت. وقيل لاخر باي شيء تعرف ربنا؟ قال بمداولته الايام بين - 00:26:17
عبادك العز والذل والغنى والفقر باسباب وبغير اسباب. وقيل لاخر باي شيء يعرف الله؟ فقال بقوله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. فننظر مصداقها بين الخليقة - 00:26:37
وان كل احد قد يسر الله له من اسباب الرزق ما به يعتاش. هذا بتجارته وهذا بصناعته وهذا بحراثته. وهذا بخدمته وهذا بمخلفات من قبله وهذا بتنميته للمواشي وهذا باحسان غيره عليه وهذا بكد غيره الى اخر الاسباب التي قدرها العزيز - 00:26:57
الحكيم ونوعها العليم الرحيم. فسبحان من وصل رزقه الى الذرات في مهامه البراري وقعور المظلمات. قلت وهذه الاجوبة كلها عن الكليات والجزئيات صحيحة تضطر العقول الى الاعتراف بربها وبوحدانيته. ويمكن مضاعفتها الى اضعاف اضعاف كثيرة فانك - 00:27:17
اذا نظرت نظرة عمومية الى العالم العلوي والسفلي وعظم هذه المخلوقات وانتظامها العجيب وترتيبها المحكم وما يترتب على ذلك ينتج عنه من مصالح العالم او المخلوقات. علمت ان لهذا العالم ربا عظيما وملكا كبيرا قادرا مقتدرا. قد خضعت له الاكوان - 00:27:37
كانت له الخليقة واخذ بنواصي العباد. وعلمت ان هذه النيرات وما يتبعها مدبرات ليس لها من الامر شيء. وانما هي عبيد لله صخرات بتسخيره مدبرات بتدبيره. ثم اذا نظرت لكل مخلوق على حدته وتأملت في ابتداء خلقته وفي بقية صفاته واحواله - 00:27:57
وتنقلاته. دل كذلك على ان له الها مدبرا وربا متصرفا. وان جميع ما هو عليه من الوجود والصفات. ليس من نفسه ولا من ايجاده وانما ذلك خلق رب عظيم وتدبير ملك كريم. ثم اذا تأملت في احوال نفسك وفي صفات بدنك الظاهرة والباطنة وفي محسوساتك - 00:28:17
مقولاتك علمت بلا ريب انك مخلوق عبد فقير الى ربك في كل امورك فقير اليه في الايجاد وفقير اليه في الامداد بالقوة والعقل والارزاق وفقير اليه في حفظك وبقائك. وفقير اليه في ابتدائك وانتهائك. ثم اذا نظرت في خوارق العادات وفي معجزات - 00:28:37
بياء وكرامات الاولياء التي لا يحصي عددها العادون. علمت بذلك عظمة الباري وانه مقدر الامور ومسبب الاسباب. ورب كل شيء ومليكه. وكذلك اذا نظرت كثرة اجابته للداعين وكشفه الضر عن المضطرين واغاثته للملهوفين. وهي وقائع كثيرة لا - 00:28:57
صار لها اضطرك الامر الى الاعتراف بالربوبية والوحدانية ثم اذا نظرت الى ايامه تعالى في الناس وقيامه بالعدل والفضل وتعجيله ثواب محسنين وعقوبات المجرمين علمت انها براهين محسوسة وادلة مشاهدة تشهد لله بانه قائم على كل نفس بما كسبت - 00:29:17
جاز كل عامل بعمله ثم اذا نظرت في دينه وشرعه وما فيه من الخير العظيم. والمصالح الظاهرة والثمرات الجليلة وانه مصلحة قائد مصلح للاخلاق مصلح للاعمال مصلح للدنيا والدين. محكم الاصول ثابت القواعد لا يمكن عقلاء الامم اجمعين ان يأتوا - 00:29:37
وبمثله في اصلاح احوال البشر ودفع الشرور عنهم وانه لم يأت ولن يأتي علم صحيح يناقض شيئا من اخباره بل كلها مطابقة طول وفيها تفصيلات لا تهتدي اليها العقول الا بارشاده وهدايته. وشاهدت احكامه في العبادات والمعاملات وغيرها. وما فيها من الخير - 00:29:57
والصلاح المتنوع وشاهدت كل نفع واصلاح وجد ويوجد. موجودة اصوله واسسه في هذا الدين. وعلمت انه عصمة للبشر عن والمضار عرفت بذلك وحدانية الله في اسمائه وصفاته وافعاله وانه شرع شرعه العزيز المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا - 00:30:17
فمن خلفه تنزيل من حكيم حميد. واذا علمت اخبارا كثيرة اخبر بها الله ورسوله. فشاهد الخلق وقوعها جهرا طبق خبر الله وخبر دل كذلك على الاعتراف بالله وعظمته وكمال سلطانه وكبريائه. فهذه كلها ادلة عقلية ضرورية. وهي براهين قاطعة على - 00:30:37
اوجود الله ووجوبه ووحدانيته. وهي في الحقيقة اعظم الحقائق الصحيحة التي تتفق عليها العقول الصحيحة والفطر السليمة وكلها تنبيهات واشارات لو بسطت بعض البسط لبلغت مجلدات. والمؤمن يزداد بها ايمانا ويقينا. والا فهو مكتف غاية الاكتفاء. ومستغن غاية - 00:30:57
في هذه المسألة الكبيرة وغيرها بخبر الله ورسوله. ويعتقد بلا ريب انه لا اصدق من الله قيلا ولا اصدق من الله حديثا. ربنا ان اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فامنا. ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا - 00:31:17
مع الشاهدين ولكن العقل مؤيد للشرع ومعترف بكمال الشرع وهدايته وانه مضطر الى الشرع ومتكمل بارشاداته بانواره فالعقول لا تستنير ولا تستقيم حق الاستقامة الا بالدين والشرع. ولهذا يكثر تعالى من قوله لايات لقوم يعقلون - 00:31:37
ويأمر بالتفكر والتدبر لاياته المشهودة والله اعلم - 00:31:57
التفريغ
المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الحادي والاربعون في الاشارة الى البراهين العقلية والفطرية على ربوبية الله والاهيته. اعلم ان هذه المسألة اعظم المسائل على الاطلاق واكبرها وافضلها واوجبها وانفعها واوضحها وعليها اتفقت جميع الكتب المنزلة وجميع الرسل - 00:00:02
وهي اول واهم ما دعت اليه الرسل اممهم. واول ما يدعون قومهم يقولون اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. ويغفر كورونا لهم من اسمائه واوصافه ونعمه والائه والطافه ما به يعرفون ربهم ويخضعون له ويعبدونه. والقرآن العظيم - 00:00:32
بينوا هذه المسألة ويذكر لها البراهين المتنوعة ويصرف لها الايات والسنة كذلك. وليس القصد في هذا الفصل ذكرى الادلة العقلية عليها فانها واضحة جلية متكررة عند الخواص والعوام. وهي وحدها كافية وافية بالمقصود معرفة - 00:00:52
بالله جملة وتفصيلا. ولكن نريد ان نشير اشارة يسيرة الى ادلتها وبراهينها العقلية التي يخضع لها كل عاقل للمنصف وينكرها كل مستكبر مكابر مباهت وهذه المسألة اوضح واظهر من ان يحتج لها وتذكر براهينها. ولكن كلما - 00:01:12
عرف المؤمن براهينها قويت في قلبه وازداد ايمانه ونمى ايقانه فحمد الله على هذه النعمة التي هي اعظم المنن واجلها ولهذا قالت الرسل عليهم السلام لاممهم افي الله شك فاستفهموهم استفهام تقرير وانه متقرر في قلوب جميع العقلاء - 00:01:32
الاعتراف بالله وبربوبيته وتوحيده. اعلم رحمك الله انك اذا نظرت الى هذا العالم العلوي والسفلي. وما اودع فيه من المخلوقات مقاتل متنوعة والحوادث المتجددة. فتأمل تأملا صحيحا ان الامور الممكنة تقسيمها في العقل ثلاثة. واحد اما ان توجد هذه - 00:01:52
المخلوقات بنفسها من غير محدث ولا خالق فهذا محال ممتنع. يجزم العقل ببطلان ضرره. ويعلم يقينا ان من ظن ذلك هو الى الجنون اقرب منه الى العقل. لان كل من له عقل يعرف انه لا يمكن ان يوجد شيء من غير موجد ولا محدث. اثنان - 00:02:12
اما ان تكون هي المحدثة لنفسها الخالقة لها. فهذا ايضا محال ممتنع بضرورة العقل. لكل عاقل يجزم ان الشيء لا يحدث نفسه واذا بطل هذان القسمان عقلا وفطرة تعين القسم الثالث وهو ان هذه المخلوقات والحوادث لها خالق خلقها ومحدث - 00:02:32
احدثها وهو الرب العظيم الخالق لكل شيء. المتصرف في كل شيء المدبر للامور كلها. ولهذا نبه الله على هذا التقسيم العقلي قليل واضح لكل عاقل فقال ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون ام خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون - 00:02:52
المخلوق لابد له من خالق والاثر لابد له من مؤسر والمحدث لابد له من محدث والموجد لابد له من موجد. والمصنوع لا مد له من صانع والمفعول لا بد له من فاعل. هذه قضايا بديهية جلية تشترك في العلم بها جميع العقلاء. وهي اعظم - 00:03:12
القضايا العقلية فمن ارتاب فيها فمن ارتاب فيها او شك في دلالتها فقد برهن على اختلال عقله وضلاله تفكر في نفسك وانظر في مبدأ خلقك من نطفة الى علقة الى مضغة حتى صرت بشرا كامل الاعضاء الظاهرة والباطنة. اما يضطرك هذا الى الاعتراف - 00:03:32
الرب القادر على كل شيء العليم الذي احاط علمه بكل شيء. الحكيم في كل ما خلقه وصنعه. فلو اجتمع الخلق كلهم على النطفة التي جعلها الله مبدأ خلقك على ان ينقلوها من تلك الاطوار المتنوعة ويحفظوها في ذلك القرار المكين ويجعلوا لها سمعا وبصرا - 00:03:52
وقوى باطنة وظاهرة وينموها هذه التنمية العجيبة ويركبوها هذا التركيب المنظم ويرتب الاعضاء هذا الترتيب كم لو اجتمعوا على ذلك فهل في علومهم؟ وهل في اقتدارهم؟ وهل في استطاعتهم الوصول الى ذلك؟ فهذا نظر يوصلك الى الاعتراف بعظمة - 00:04:12
الله واقتداره والخضوع له والتصديق بكتبه ورسله فهو دليل وبرهان عقلي وفطري اضطرت فيه الفطر الى معرفة ربها عبوديته. تأمل في حفظ الله للسموات والارض وما فيهما من العوالم وما في ابقائها وامدادها بكل ما تحتاج اليه في بقائها من - 00:04:32
الاسباب المتنوعة. اما يدل كذلك على كمال الرب وكمال قيومته وربوبيته. وقد نبه تعالى على ذلك بقوله ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره. وقوله سبحانه ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. ولئن زالتا ان - 00:04:52
امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا. تدبر يا اخي في هذا الفلك الدوار وفي تعاقب الليل والنهار في تصريف الاوقات بفصولها ومنافعها. وفي كمال انتظامها لمصالح الخلق التي لا يمكن احصاؤها. هل ذلك صدفة الطبيعة؟ وهل هذا - 00:05:12
حصل اتفاقا ام الذي خلق ذلك ودبره ذلك التدبير المتقن الذي احسن كل شيء خلقه. صنع الله الذي اتقن كل شيء. انظر جزاك الله الى انه اعطى كل شيء خلقه اللائق به ثم هدى كل مخلوق الى مصالحه وحوائجه وضروراته. حتى البهائم العجمى - 00:05:32
صغيرها وكبيرها قد الهمها وهداها لكل امر فيه نفعها. ويسر لها ارزاقها واقواتها. فمن نظر في هدايته العامة وبثه في كل مخلوق الهاما عجيبا اهتدي به الى منافعه وضروراته علم بذلك عنايته العظيمة وعلم انه الرب لكل مربوب - 00:05:52
الخالق لكل مخلوق الذي علم المخلوقات واعطاها من الاذهان ما يصلحها ويدفع عنها المضار وذلك برهان عقلي عظيم على وحدانية الله وكماله. لذلك لما انكر فرعون رب العالمين وقال فمن ربكما يا موسى؟ قال ربنا الذي اعطى كل شيء - 00:06:12
ثم هدى فاستدل عليه بهذا البرهان المشاهد لكل احد. فهل في طبيعة الحيوانات كلها هذه الهداية الى مصالحها التي لا انواعها وحنوها على اولادها وقيامها بهم حتى يستقلوا بانفسهم. وهل هذا الحنان والرحمة الا من اكبر الادلة على عظمته - 00:06:32
رحمته التي وسعت كل شيء. ثم انظر رحمك الله الى سعة رحمة الله التي ملأت اقطار العالم وشملت كل مخلوق في كل احواله رحمته اوجد المخلوقات وشملت كل مخلوق في كل احواله برحمته اوجد المخلوقات وبرحمته حفظها وامدها بكل ما تحتاج - 00:06:52
واسبغ عليها النعم الظاهرة والباطنة التي لا يمكن لمخلوق ان يخلق منها طرفة عين وهي متنوعة عليه من كل وجه. نعم العلم والتعليم لامور الدين والدنيا ونعم العافية للابدان عموما وللاعضاء كلها على وجه الخصوص ونعم الارزاق ونعم الاولاد والاتباع - 00:07:12
ونعم الحروف والزروع والثمار ونعم المواشي واصناف الامتعة ونعم الدور والقصور ونعم اللذات والحبور. النعم التي فيها المنافع كلها والنعم التي فيها دفع المضاد كلها. تدل اكبر دلالة على وحدانية مسديها والمنعم بها. وعلى وجوب شكره - 00:07:32
والاخلاص له. افمن يخلق كمن لا يخلق افمن منه النعم كلها كمن هو فقير محتاج مضطر. ثم انظر احوال المضطرين الواقعين المهالك والمشرفين على الاخطار والبائسين من فقرهم المفظع او مرضهم الموجع. وكيف تضطرهم الضرورات وتلجئهم الحاجات الى - 00:07:52
بهم والههم داعين ومفتقرين وسائلين له مستعطين. فيجيب دعواهم ويكشف كرباتهم ويرفع ضروراتهم. اليس في هذا اكبر برهان على وحدانيته وسعة علمه وشمول رحمته وكمال عطفه ودقيق لطفه. قال سبحانه امن يجيب - 00:08:12
المضطر اذا دعاه ويكشف استووا ويجعلكم خلفاء الارض االه مع الله قليلا ما تذكرون. وقال سبحانه هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهن بريح طيبة - 00:08:32
وجرين بهن بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاص اذ وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين. دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من - 00:09:02
ان هذه لنكونن من الشاكرين. فلما انجاهم اذاهم في الارض بغير الحق. فهذا قد شاهده الخليقة ورأوا باعينهم من الوقائع ما لا يعد ولا يحصى. وهذا يضطر الى الاعتراف بالله وبوحدانيته. فانظر الى حالة المضطرين اذا كربتهم الشدائد. كيف تجد قلوبهم متعلقة بالله - 00:09:32
ملحة في سؤاله وافئدتهم مستشرفة لنواله. لا تلتفت عن الله يمنة ولا يسرة. لعلمها الضروري انه كاشف الشدائد جالب الخيرات والفوائد لا ملجأ منه الا اليه ولا معول للخليقة في جميع امورها الا عليه. فهل هذه الامور الا لان - 00:10:02
الخليقة مفطورة على الاعتراف بوحدانية ربها. وانه النافع الضار وان ملكوت كل شيء بيديه الا من فسدت فطرته بالعقائد الفاسدة والارادات السيئة. وانظر الى فقر الخلائق كلهم الى الله في كل شيء. الفقراء اليه في الخلق والايجاد وفقراء - 00:10:22
اليه في البقاء والرزق والامداد. وفقراء اليه في جلب المنافع ودفع المضار. فهم يسألون الله بلسان المقال ولسان الحال. اسأله من من في السماوات والارض فيعطيهم مطالبهم ويسعفهم في كل مآربهم. ان رغبوا لم يرغبوا الا اليه. وان مستهم الضراء لم يلجأوا - 00:10:42
والا اليه. فكم كشف الظر والكروب؟ وكم جبر الكسير ويسر المطلوب. وكم اغاث ملهوفا؟ وكم انقذ هالك. ففقرهم اليه في كل احوالي ظاهر مشاهد وغناه عنهم في جميع الامور لا ينكره الا مكابر جاحد. ومن براهين وحدانية الباري وربوبيته. اجابته للدعوات - 00:11:02
في جميع الاوقات فلا يحصي الخلق ما يعطيه السائلين وما يجيب به ادعية الداعين من بر وفاجر ومسلم وكافر. تحصل المطالب الكثيرة ولا يعرفون لها سببا من الاسباب سوى الدعاء والطمع في فضل الله والرجاء لرحمته. وهذا برهان مشاهد محسوس لا ينكره - 00:11:22
الا مباهت مكابر يدعونه في مطالب دينهم فيجيبهم وفي مطالب دنياهم فيجيبهم. فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا وماله في الاخرة من خلاق. ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة - 00:11:42
حسنة وقنا عذاب النار. اولئك لهم نصيب مما كسبوا. ومن براهين وجود الله ووحدانيته وربوبيته ما يجريه الله على ايدي انبيائه من خوارق الايات والمعجزات والبراهين القاطعات. وما يكرمهم به في الدنيا وينصرهم - 00:12:02
تجعل لهم العواقب الحميدة ويخذل اعدائهم ويعذبهم باصناف العذاب. وهذا قد تواتر تواترا لا يتواتر شيء مثله. وكل احد يعرف ذلك وايات الانبياء ومعجزاتهم وكرامات الله لهم نقلتها القرون والاجيال. وصارت اعظم من برهان الشمس والقمر وهي كل - 00:12:22
براهين على ربوبية من ارسلهم وعظمة سلطانه وكمال قدرته وسعة علمه وحكمته وما ينكرها الا كل منكر متكبر جبار ومن اعظم براهين وحدانيته ما انزله على انبيائه عموما من الكتب والشرائع العظيمة التي فيها صلاح الخلق وبها استقام دينهم - 00:12:42
مم وصلحت دنياهم وخصوصا هذا القرآن الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم خاتمهم وامامهم. وفيه من البراهين والايات ما لا يعبر عنه المعبرون ولا يقدر ان يصفه الواصفون. واياته قائمة في جميع الاوقات. متحدية للخلق كلهم على اختلاف اصنافهم - 00:13:02
وقد تبين عاجزهم ووضح غيهم قال سبحانه سنريهم اياتنا في الافاق وفيها انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. ويقول سبحانه ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليه من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء - 00:13:22
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدوا ورحمة وبشرى للمسلمين. فمن نظر الى ما احتوى عليه القرآن من الاخبار الصادقة الاحكام العادلة والشرائع المحكمة والصلاح العام وجلب المنافع الدينية والدنيوية ودفع المضار والخير العظيم اضطر الى الاعتراف - 00:13:52
بانه تنزيل من حكيم حميد ورب كريم. وكذلك من نظر الى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرع الكامل والدين قويمي والصراط المستقيم في كل شؤونه اضطره بعض ذلك فكيف بكله الى الاعتراف بوحدانية الله؟ وان الذي شرعه هو الرب - 00:14:22
عظيم الحكيم في شرعه ودينه كما هو حكيم في خلقه وتقديره. ومن براهين وحدانية الله ان الفطر والعقول مضطرة الى معرفة كباريها والاعتراف بوحدانيته. فان الخلق مفطورون على جلب المنافع ودفع المضار. ومن المعلوم لكل عاقل ان حاجة النفوس الى خالقها - 00:14:42
والهها اعظم من جميع الحاجات وضروراتها اليه تفوق كل الضرورات. فهي مضطرة الى علمها بانه خالقها وحده مالكها وحده ومبقيها وحده وممدها بمنافعها وحده فطرة الله التي فطر الناس عليها ذلك الدين القيم. ولم يخرج عنها - 00:15:02
هذه الفطرة الا من اجتالتهم الشياطين وحولت فطرهم وغيرتها بالعقائد الفاسدة والخيالات الضالة والاراء الخبيثة والنظريات فلو خلوا وفطرهم لم يميلوا لغير ربهم منيبين اليه في جلب المنافع ودفع المضار ومنيبين اليه في التأله والانكسار. قال - 00:15:22
صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة مع هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا انتم تجدعونها. ومن براهين وحدانيته وكرمه ما هو مشهور في حوادث لا تعد ولا تحصى - 00:15:42
من اكرام الله تعالى للواصلين لارحامهم. وخالفه العاجل على المحسنين على المضطرين والمنفقين لاجله على المحتاجين. وتعويضه وفتحي لهم ابوابا واسبابا وطرقا بسبب ذلك الاحسان الذي له الموقع الطيب. قد علم الخلق ان ذلك سببه تلك الاعمال الصالحة - 00:16:02
والمقدمات الحسنة الا يدل كذلك على ان الله قائم على كل نفس بما كسبت وان هذا جزاء معجل وثواب حاضر نموذج لثواب بالاخرة وافراد ذلك وانواعه لا تدخل تحت الحصر هذا الامر لا يمتري فيه احد. قد رأى الناس من هذا عجائب. ونظير هذا البرهان العقوبات - 00:16:22
التي يعجلها الله للباغين والظالمين والمجرمين بحسب جرائمهم. عقوبات يشاهدها الناس رأي العين ويعلمون ويتيقنون ان ذلك جزاء لتلك الجرائم. فمن تأمل وسمع الوقائع وايام الله في الخلق. وعلم ارتباطها باسبابها الحسنة او السيئة. علم بذلك وحداني - 00:16:42
فالله وربوبيته وكمال عدله وسعة فضله فضلا عن وجوده ووجوب وجوده فان كل ما دل على شيء من اوصافه او افعاله فانه يتضمن اثبات ذاته ووجوب وجوده وعلم استناد العوالم العلوية والسفلية اليه في ايجادها وابقائها وحفظها وامدادها وجميع احوالها - 00:17:02
واعلم ان طرق معرفة الله واسعة جدا بحسب حاجة الخلق وضرورتهم اليها. وكل يعبر عنها بعبارات اما كلية واما جزئية بحسب الحال التي تحضره وبحسب الامور التي تغلب عليه. والا فكل ما خطر في القلوب وشاهدته الابصار وادركته المشاعر. وكل - 00:17:22
تحرك وساكن ادلة وبراهين على وحدانية الله. وفي كل شيء له اية تدل على انه الواحد. ولكن جزئيات تسبق الى الاذهان وتفهمها القلوب ويحصل بها النفع العاجل بسهولتها وبساطتها. وكونها تدرك بالبديهة. فلنذكر امثلة - 00:17:42
وحكايات من هذا النوع للمتقدمين ولاهل هذا العصر. سئل بعضهم بما عرفت ربك؟ فقال ان البعرة تدل على البعير واثار السير تدل على المسير. فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج. الا تدل على اللطيف الخبير؟ واجتمع طائفة - 00:18:02
من الملاحدة ببعض اهل العلم اظنه ابا حنيفة فقالوا له ما الدلالة على وجود الصانع؟ فقال لهم دعوني فخاطري مشغول بامر الغريب قالوا له ما هو؟ قال بلغني ان في دجلة سفينة بلغني ان في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من اصناف الامتعة العجيبة وهي ذاهبة - 00:18:22
هبة وراجعة من غير احد يحركها لا يقوم عليها. فقالوا له امجنون انت؟ قال وما ذاك؟ قالوا ان هذا ليصدقه عاقل. فقال قال لهم فكيف صدقت عقولكم ان هذا العالم بما فيه من الانواع والاصناف والحوادث العجيبة. وهذا الفلك الدوار السيارة تجري تحدث هذه - 00:18:42
الحوادث بغير محدث وتترك هذه المتحركات بغير محرك. فرجعوا على انفسهم بالملام. وقيل لبعضهم بما عرفت ربك. فقال هذه التي يلقيها الفحل برحم الانثى فيطورها الله من نطفة الى علقة الى مضغة الى اخر اطوارها فيكون بشرا سويا كامل - 00:19:02
الظاهرة والباطنة له سمع يسمع به المسموعات وبصر يبصر به وعقل يهتدي به الى مصلحة ويدان يبطش بهما ورجلان يمشي في بهما وله منافذ يدخل فيها ما يغذي البدن وينفعه ومنافذ اخرى يخرج منها ما يضره. وقد ركب هذا التركيب العجيب الذي لو اجتمع - 00:19:22
الخلق كلهم من اولهم الى اخرهم على ايجاد شخص واحد على هذا الوصف المحكم الغريب لعجزت معارفهم وقدرهم عن ذلك ليس ذلك دليلا وبرهانا على وجود الخالق وعظمته وكبريائه. وقد كرر الله هذه الاية في كتابه في اساليب متنوعة. وقيل لبعضهم - 00:19:42
بما عرفت ربك؟ فقال بنقض العزائم. ومعنى ذلك ان العبد يعزم عزما مصمما على امر من الامور. وليس عنده فيه ادنى تردد ثم بعد ذلك تنتقض همته ثم بعد ذلك تنتقد همته وعزمه الى امر اخر قد يرى فيه مصلحته. وما ذلك الا لان الله على - 00:20:02
كل شيء قدير يصرف القلوب عما يدبر للابدان. وانه لطيف بعبده فيصرفه عما يضره الى ما ينفعه. ويدبر قلبه الى ذلك سئل بعضهم بما عرفت ربك؟ فقال كنت مكروبا فدعوته ففرج كربتي. وكنت فقيرا فسألته فاغناني. وكنت مريضا فدعوته فشفاني - 00:20:22
وكنت ضالا عن الهدى فلطف بي وهداني. وليس هذا الامر لي وحدي. فكم له على عباده من اصناف النعم المشاهدة المحسوسة؟ ومن هذه بالانواع شيء كثير. وهذا يضطر الى معرفته والاعتراف بربوبيته. وسئل اخر بما يعرف الله فقال قد رأينا ورأى الناس في الدنيا - 00:20:42
مصارع البغاة المجرمين وعواقبهم الوخيمة كما رأوا حسن عواقبه في المحسنين. وقيل لاخر بما يعرف الله؟ فقال بايصاله النعم الى خلقه وقت الحاجة والضرورة اليها. هذا الغيث ينزله وقت الحاجة ويرفعه اذا خيف منه الضرر وهذا الفرج يأتي بعد الشدة - 00:21:02
والمطالب بعد الاضطرار اليها وهذه اعضاء الانسان وقواه يعطيه الله اياها شيئا فشيئا بحسب حاجته اليها. فهل يمكن ان تكون فهذه الامور صدفة بغير اتفاق. ام يعلموا بذلك علم اليقين ان الذي اعطاهم اياها وقت الحاجة والضرورة هو الرب المعبود الملك المقصود - 00:21:22
قلت ومن هذا الباب ما نحن فيه انه لما كانت معرفة الله يضطر اليها العباد ويحتاجونها في كل وقت فوق جميع الحاجات فسرها الله لعباده طرقها واوضح لهم ادلتها وليست حاجتهم اليها من الحوائج العارضة وانما هي من الحوائج الملازمة لهم في كل لحظة - 00:21:42
ساعة فنسأله ان يمن علينا بمعرفته وبالايمان الكامل انه جواد كريم. وقيل لبعضهم باي شيء يعرف الله فقال يعرف الله بانه علم الانسان ما لم يعلم خرج من بطن امه لا يعلم شيئا. فاعطاه الات العلم ويسر له اسباب العلم. فلم يزل يتعلم امور دينه - 00:22:02
حتى صار عالما ربانيا ولم يزل يتعلم امور دنياه حتى صار ماهرا مخترعا للعجائب ويسر له كل لسبب يوصله الى ذلك. ومن عجيب الامر ان اللوح اذا كتب فيه وشغل بشيء لم يسع غيره. ولم يمكن ان - 00:22:27
يكتب فيه شيء اخر قبل محو ما كتب فيه اولا. وقلب الانسان لا يزال يحفظ ويعقل من العلوم والمعارف المتنوعة وكلما توسعت معارفه قويت حافظته واشتدت ذاكرته وتوسعت افكاره فهل هذه الامور في طوق البشر - 00:22:47
ام هذا اكبر برهان على عظمة الله ووحدانيته وكماله وسعة رحمته. وقيل لبعضهم بما يعرف الله. فقال فهذه النواة يغرسها الناس ياتي منها النخيل والاشجار وتخرج من الثمار العظيمة ما به ينتفع الخلق. وهذه الحبوب تلقى في الارض فتخرج اصناف - 00:23:07
فالزروع التي هي مادة اقوات العباد. ثم لا تزال تعاد وتغل كل عام. اليس هذا اكبر برهان ودليل على وجود الله وقدرته ايته ورحمته قلت وقد نبه الله على هذا المعنى الجليل في عدة ايات مثل قوله فالق الحب والنوى. وقوله سبحانه - 00:23:27
افرأيتم ما تحرثون. اانتم تزرعونه ام نحن الزارين وقيل لمن بادر الى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لم فعلت ذلك؟ فقال رأيته ما امر بشيء فقال العقل ليت لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته امر به فاستدل بنور عقله وقوة بصيرته على صدق الرسول بصلاح ما جاء به وموافقته - 00:23:47
للعقول السليمة وللحكمة. وقيل لاخر من العارفين باي شيء يعرف الله؟ فقال بذوق حلاوة الطاعات وهذا استدلال برهاني وجداني يضطر العبد الى كمال الايمان واليقين. فان من وجد حلاوة الايمان وذاق لذة اليقين. وقد بلغ الذروة العليا في الايمان. وقيل لاخر - 00:24:17
باي شيء يعرف الله؟ قال بانتظام الاسباب ثم بتحويله الاسباب ومنع مسبباتها وبايجاده الاشياء بغير اسباب يعقلها الخلق وهذا صحيح فانه اجرى الامور على اسبابها ومسبباتها قدرا وشرعا في حكمة بالغة ومنع بعض الاسباب في ترتب اثارها عليها - 00:24:37
كما في معجزات الانبياء وكرامات الاولياء. وكذلك يوجد كثيرا من الاشياء بغير الاسباب المعهودة. كما اوجد عيسى من ام بلا اب ويحيى بين ابوين لا يولد لمثلهما واشياء كثيرة من هذا النوع ليعرف العباد انه المتصرف التصرف المطلق وانه كما يتصرف في الاشياء - 00:24:57
اسباب مربوطة معلومة كذلك يتصرف فيها بغير المعهودة. ولذلك كان جمهور هذا النوع من المعجزات والكرامات وهي كلها براهين على الله والهيته وربوبيته. وقيل لبعضهم بما يعرف الله؟ قال انظر في مواد الرزق. وتأمل حالة من لهم موجودات - 00:25:17
تارات وغلات كثيرة ولكنهم اتكلوا عليها فضاقت عليهم الامور وركبتهم الديون وجاءت الامور على خلاف ما يؤملون. ثم انظر الى اناس كثير ليس لهم عقارات ولا غلات وانما عندهم اسباب بسيطة. قد بارك الله لهم وبسط لهم الرزق. وذلك بان قلوبهم على - 00:25:37
متطلعة الى ما عند الله راجية منه تسهيل الرزق. متوكلين عليه حق التوكل. بذلك يعرف الله وبذلك يعلم ان الامر فكن له لله كما ننظر الى القوي من الناس الذي جمع بين القوة والذكاء وبين السعي الحثيث ورزقه مقتر ونرى الضعيف البليد الذي ليس عنده - 00:25:57
من الذكاء والقوة عشر معشار ما عند الاول. والله قد بسط له الرزق ويسر له امره. وهذه امور مشاهدة محسوسة. فاضطر العاقل الى الاعتراف بوحدانية الله وقيامه على كل نفس بما كسبت. وقيل لاخر باي شيء تعرف ربنا؟ قال بمداولته الايام بين - 00:26:17
عبادك العز والذل والغنى والفقر باسباب وبغير اسباب. وقيل لاخر باي شيء يعرف الله؟ فقال بقوله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. فننظر مصداقها بين الخليقة - 00:26:37
وان كل احد قد يسر الله له من اسباب الرزق ما به يعتاش. هذا بتجارته وهذا بصناعته وهذا بحراثته. وهذا بخدمته وهذا بمخلفات من قبله وهذا بتنميته للمواشي وهذا باحسان غيره عليه وهذا بكد غيره الى اخر الاسباب التي قدرها العزيز - 00:26:57
الحكيم ونوعها العليم الرحيم. فسبحان من وصل رزقه الى الذرات في مهامه البراري وقعور المظلمات. قلت وهذه الاجوبة كلها عن الكليات والجزئيات صحيحة تضطر العقول الى الاعتراف بربها وبوحدانيته. ويمكن مضاعفتها الى اضعاف اضعاف كثيرة فانك - 00:27:17
اذا نظرت نظرة عمومية الى العالم العلوي والسفلي وعظم هذه المخلوقات وانتظامها العجيب وترتيبها المحكم وما يترتب على ذلك ينتج عنه من مصالح العالم او المخلوقات. علمت ان لهذا العالم ربا عظيما وملكا كبيرا قادرا مقتدرا. قد خضعت له الاكوان - 00:27:37
كانت له الخليقة واخذ بنواصي العباد. وعلمت ان هذه النيرات وما يتبعها مدبرات ليس لها من الامر شيء. وانما هي عبيد لله صخرات بتسخيره مدبرات بتدبيره. ثم اذا نظرت لكل مخلوق على حدته وتأملت في ابتداء خلقته وفي بقية صفاته واحواله - 00:27:57
وتنقلاته. دل كذلك على ان له الها مدبرا وربا متصرفا. وان جميع ما هو عليه من الوجود والصفات. ليس من نفسه ولا من ايجاده وانما ذلك خلق رب عظيم وتدبير ملك كريم. ثم اذا تأملت في احوال نفسك وفي صفات بدنك الظاهرة والباطنة وفي محسوساتك - 00:28:17
مقولاتك علمت بلا ريب انك مخلوق عبد فقير الى ربك في كل امورك فقير اليه في الايجاد وفقير اليه في الامداد بالقوة والعقل والارزاق وفقير اليه في حفظك وبقائك. وفقير اليه في ابتدائك وانتهائك. ثم اذا نظرت في خوارق العادات وفي معجزات - 00:28:37
بياء وكرامات الاولياء التي لا يحصي عددها العادون. علمت بذلك عظمة الباري وانه مقدر الامور ومسبب الاسباب. ورب كل شيء ومليكه. وكذلك اذا نظرت كثرة اجابته للداعين وكشفه الضر عن المضطرين واغاثته للملهوفين. وهي وقائع كثيرة لا - 00:28:57
صار لها اضطرك الامر الى الاعتراف بالربوبية والوحدانية ثم اذا نظرت الى ايامه تعالى في الناس وقيامه بالعدل والفضل وتعجيله ثواب محسنين وعقوبات المجرمين علمت انها براهين محسوسة وادلة مشاهدة تشهد لله بانه قائم على كل نفس بما كسبت - 00:29:17
جاز كل عامل بعمله ثم اذا نظرت في دينه وشرعه وما فيه من الخير العظيم. والمصالح الظاهرة والثمرات الجليلة وانه مصلحة قائد مصلح للاخلاق مصلح للاعمال مصلح للدنيا والدين. محكم الاصول ثابت القواعد لا يمكن عقلاء الامم اجمعين ان يأتوا - 00:29:37
وبمثله في اصلاح احوال البشر ودفع الشرور عنهم وانه لم يأت ولن يأتي علم صحيح يناقض شيئا من اخباره بل كلها مطابقة طول وفيها تفصيلات لا تهتدي اليها العقول الا بارشاده وهدايته. وشاهدت احكامه في العبادات والمعاملات وغيرها. وما فيها من الخير - 00:29:57
والصلاح المتنوع وشاهدت كل نفع واصلاح وجد ويوجد. موجودة اصوله واسسه في هذا الدين. وعلمت انه عصمة للبشر عن والمضار عرفت بذلك وحدانية الله في اسمائه وصفاته وافعاله وانه شرع شرعه العزيز المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا - 00:30:17
فمن خلفه تنزيل من حكيم حميد. واذا علمت اخبارا كثيرة اخبر بها الله ورسوله. فشاهد الخلق وقوعها جهرا طبق خبر الله وخبر دل كذلك على الاعتراف بالله وعظمته وكمال سلطانه وكبريائه. فهذه كلها ادلة عقلية ضرورية. وهي براهين قاطعة على - 00:30:37
اوجود الله ووجوبه ووحدانيته. وهي في الحقيقة اعظم الحقائق الصحيحة التي تتفق عليها العقول الصحيحة والفطر السليمة وكلها تنبيهات واشارات لو بسطت بعض البسط لبلغت مجلدات. والمؤمن يزداد بها ايمانا ويقينا. والا فهو مكتف غاية الاكتفاء. ومستغن غاية - 00:30:57
في هذه المسألة الكبيرة وغيرها بخبر الله ورسوله. ويعتقد بلا ريب انه لا اصدق من الله قيلا ولا اصدق من الله حديثا. ربنا ان اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فامنا. ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا - 00:31:17
مع الشاهدين ولكن العقل مؤيد للشرع ومعترف بكمال الشرع وهدايته وانه مضطر الى الشرع ومتكمل بارشاداته بانواره فالعقول لا تستنير ولا تستقيم حق الاستقامة الا بالدين والشرع. ولهذا يكثر تعالى من قوله لايات لقوم يعقلون - 00:31:37
ويأمر بالتفكر والتدبر لاياته المشهودة والله اعلم - 00:31:57