جميع فتاوى نور على الدرب ( القسم الأول ) -الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - مشروع كبار العلماء

4875- عبادة القبور والأضرحة وأثرها في تفرقة المسلمين ودور العلماء ووسائل الإعلام في التحذير منها

صالح الفوزان

00:07:23

"السؤال: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم، شيخ صالح لا تزال عبادة القبور والأضرحة والتبرك بمن يسمونهم الصالحين، لا تزال هذه الأمور مكان فرقة بين المسلمين، ومكان أخذ ورد، والمسلم يأمل أن تستأصل هذه المسببات التي فرَّقت المسلمين، لعل للشيخ صالح كلمة حول هذا؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب: لا شك أن هذه الفتنة العظيمة، وهي الفتنة بالقبور والفتنة بدعاء الصالحين والاستغاثة بهم من دون الله عز وجل، وأنها فتنة عظيمة، هي أعظم الفتن وهي أعظم ما أصاب المسلمين من الفتن، ولكن الحق ولله الحمد واضح والطريق واضح وكتاب الله وسنة رسوله ﷺ قائمان بالدعوة إلى الله وبيان الحق والنهي عن الباطل والدعوة إلى التوحيد والنهي الشرك، هذا موجود في كتاب الله وفي سنة رسول الله ﷺ ، وموجود في كتب أهل العلم وأئمة الدعوة، وهو ولله الحمد يتلى ويقرأ وينشر لإقامة الحجة على المعاند، ولهداية من يريد الله جل وعلا هدايته ممن يقبل الحق، فعلى كل حال هذه الفتنة موجودة ولكن علاجها موجود والحمد لله، والمعالجون لها أيضا موجودون من الدعاة إلى الله عز وجل على بصيرة، والمجددين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة سنة يجددون لهذه الأمة أمر دينها، كل ذلك موجود والحمد لله، وهذا مما يطمئن المؤمن أن الحق باق ولله الحمد مهما كثر الباطل فإن الحق باق ولله الحمد وموجود، و(لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين) كما قال النبي ﷺ (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهم على ذلك).
السائل: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، هل من أمل هل من سبيل حتى تزول هذه الفتنة يا شيخ صالح؟
الشيخ: الأمل والحمد لله موجود، ولا نيأس من رحمة الله، ومن انتصار الحق، ولكن لا بد من بذل العمل بالدعوة والجهاد في سبيل الله عز وجل، حتى يعود للحق مكانته ويزول الباطل، كما قال تعالى ﴿بَلْ ‌نَقْذِفُ ‌بِالْحَقِّ ‌عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: 18]، وقال سبحانه ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ‌وَلَا ‌يَزِيدُ ‌الظَّالِمِينَ ‌إِلَّا ‌خَسَارًا (٨٢)﴾ [الإسراء: 81-82]، فإذا قام أهل الحق بحقهم ودعوا إلى الله وبينوا للناس - وأقصد بذلك أهل العلم والبصيرة - إذا قاموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة والبيان فإن الله سبحانه وتعالى يُهيئ من يناصرهم ومن يعينهم ومن يقبل منهم، وتكون للحق جماعة تقوم عليه وتدعو إليه ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ‌وَتَنْهَوْنَ ‌عَنِ ‌الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]، قال تعالى ﴿‌وَلْتَكُنْ ‌مِنْكُمْ ‌أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]، فإذا قام أهل العلم بما أوجب الله عليهم من الدعوة والبيان وإيضاح الحق ودحض الباطل، فإن الحق سينتصر بإذن الله، والباطل سيضمحل ويزول بإذن الله عز وجل، وإنما يدالُ للباطل أحيانا إذا قَصَّرَ المسلمون وقصر العلماء في القيام بواجبهم، فقد يُدول الباطل، ولكن عندما يقوم الحق فإن الباطل يزول باذن الله.
السائل: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، كيف ندفع بأهل الحق إلى هذا الميدان؟ كيف ندفع بالعلماء، بطلبة العلم، بأهل البصيرة والعلم والخطى النيرة حتى يستأصلوا هذا الشر من بين المسلمين؟
الشيخ: الذي يدفع بالعلماء وطلبة العلم والناصحين الذي يدفع بهم إلى هذا الميدان وهو الدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله بالكلمة وبالموعظة الحسنة وبالبيان الذي يدفع بهم هو الإيمان، والرغبة فيما عند الله، فإذا كان فيهم إيمان وفيهم رغبة فيما عند الله عز وجل وعندهم خوف من الله عز وجل أن يسألهم يوم القيامة عن علمهم وما عملوا به هذا هو الذي يدفعهم، الخوف من الله والخشية من الله عز وجل، وأيضا تذكيرهم، تذكير العلماء وتذكير طلبة العلم بهذا الواجب وتخويفهم بالله عز وجل، فقد يكون بعضهم غافلا أو منشغلا، فإذا ذكر بواجبه وخُوِّف بالله عز وجل فإنه قد يتنبه، فأولا الإيمان الذي يكون في قلوبهم، كما قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ ‌مِنْ ‌عِبَادِهِ ‌الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]، وثانيا تذكيرهم ونصيحتهم بهذا الواجب والتعاون معهم أيضا، التعاون معهم من أهل الحق ومناصرتهم وتأييدهم فإن هذا مما يعينهم ومما ينشطهم على القيام بواجبهم.
السائل: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، ألا يرى الشيخ صالح أنَّ باب التواكل قد انفتح في هذا الباب بالذات؟
الشيخ: لا شك أن سبب الخلل الذي وقع في الأمة هو أعظمه من قبيل التواكل، فقد يكون عند كثير من طلبة العلم ومن العلماء عندهم استعداد وعندهم معرفة يميزون بها الحق من الباطل، ولكنهم يسندون الأمر إلى غيرهم ويعلقون الأمر بغيرهم ويتكلون على ذلك، يأتيهم الشيطان فيقول لهم فيه من هو أولى منكم، ومن هو أدرى منكم، ومن هو ومن هو ...، فيحصل التواكل، وكلٌّ يلقي بالمسؤولية على الآخر، وهذا خطر عظيم، فالواجب أن كل إنسان يقوم بما يستطيع، أن كل إنسان يقوم بما يستطيع، من كان عنده علم فإنه ينشر علمه في الناس ويدعو إلى الله على بصيرة، ومن لم يكن عنده علم وعنده إيمان وغيره فإنه يبلغ هؤلاء العلماء ويتعاون معهم ويذكر لهم ما لم يعلموا من واقع الناس، ليكون ذلك من باب التعاون على البر والتقوى.

تحميل التفريغ
التفريغات الأحاديث الشاملة