شرح ألا اعتزليني اليوم خولة أو غضي - طرفة بن العبد
Transcription
السلام عليكم. مرحبا بكم على قناة مدرسة الشعر العربي كيف يفكر الرجل اذا حكم عليه بالموت وتيقن انه سيفارق الحياة بعد قليل هل يستطيع ان يفكر اصلا؟ ام انه سيأتي بكلام مشوش - 00:00:03ضَ
بين يدينا اليوم قصيدة قيلت في ظروف استثنائية قالها الشاب العربي الصغير طرفة ابن العبد عندما علم بمصيبة الموت التي حلت عليه فجأة. ولم يكن يتوقعها بهذا الشكل قال هذه الابيات يبث فيها همومه وينفث ما يشعر به من وطأة مصيبة الموت - 00:00:21ضَ
علمنا من الحلقة السابقة ان الملك عمرو بن هند قد حكم على طرفه بالموت. وعلمنا القصة بالتفصيل وكيف وقع طرفه في هذا بطريقة عجيبة وساذجة. ولم يكن ينتظر مثل هذا - 00:00:43ضَ
بالطبع حنوا هذا سينسيه مباهج الدنيا. ولن يشتاق لحبيبته في مثل هذه الظروف. ولن يفكر في خيالها مثلما يتغنى الشعراء عادة بل سيشغل نفسه بالتأمل في مصيبته. ستهون عليه نفسه في ذكر مآثره القديمة. لنعلم كيف كانت مكارم اخلاقه. وكيف - 00:00:58ضَ
كان عزيزا شامخا مترفعا عن دميم الاخلاق التي يحتقرها ويذم اصحابها. وسيذكر الناس بقيمته ولم يكن طرفه قد فقد الامل تماما في الحياة. لهذا حاول في الابيات اللاحقة من القصيدة تحريض قومه علهم ينقذوه. لكن - 00:01:20ضَ
ماذا لم يحدث وهجى الملك عمرو بن هند وحقره بسبب ظلمه وامعانه في الدم وهدده بقبيلته وبعاقبة افعاله. لكن هذا في اخر الابيات احاطة الموت بطرفة وهذا الموقف العصيب يشبه ما حدث لشخص اخر هو عبد يغوث الحارثي. الذي كان قائدا لقبيلته - 00:01:39ضَ
في معركة لكنه اسر وصمم اعداؤه على قتله. فقال قصيدة قبل قتله يرثي فيها نفسه ويخبر ما جرى له وهي ايضا قصيدة مؤثرة بالغة التأثير وقد قدمتها على القناة في حلقتين - 00:02:02ضَ
وطبعا هذه القصائد تمثل جزءا مهما من التراث العربي الذي نريد ان نعيد اكتشافه ونتعرف عليه. وهذا امر بالغ الاهمية وبما ان الشيء بالشيء يذكر قبل ان ابدأ اليوم سأذكركم سريعا وباختصار لماذا ندرس هذه القصائد العربية الاصيلة - 00:02:21ضَ
وما فائدة دراسة الادب العربي بشكل عام اولا الشعر العربي هو فن ادبي بالغ الجمال. يقص علينا اكثر المشاعر الانسانية تأثيرا. ويحتوي على تجارب الحياة والحكمة الخالصة المصفاة. سماعه وتأمل معانيه يعطي متعة ونشوة عقلية لمن يتأمل. ويرفع الذائقة الادبية - 00:02:41ضَ
حس الجمالي عند الانسان. الادب بوجه عام يخرج الانسان من حالة الغلظة والغوغائية الى حالة من الرقي ودماثة الاخلاق ثانيا يرفع الشعر العربي مستوانا في اللغة العربية بطريقة المحاكاة والتعلم من اهل اللغة الاصليين. وهذا ينطبق - 00:03:05ضَ
وبشكل خاص على الشعر الجاهلي. شعر عصر النقاء اللغوي. كما نتعلم من هؤلاء الشعراء البلاغة والفصاحة والقدرة على تعبير عن انفسنا بشكل افضل ثالثا نحن نريد احياء القديم. ليس هروبا من الحاضر بل لتأكيد هويتنا كعرب في هذا العصر الذي فتح بعضه على - 00:03:25ضَ
واصبح كقرية صغيرة كل من فيها يعرف الاخر ويتواصل مع الاخر. والذي تذوب فيه الفوارق بين الشعوب وتنتشر بين عادات واخلاقيات تصنعها امم غيرنا وتفرضها علينا انا اؤمن ان الرجل الذي يتشبع بالتراث العربي الاصيل سيكتسب اخلاقيات العرب. فلن يتأثر بكل ناعق اجنبي. وسيدرك انه - 00:03:48ضَ
لامة عظيمة لها ثقافتها وطريقتها في الحياة. ولن يتقبل كل ما يقذف عليه من اخلاق وعادات لا تمت لنا بصلة هذه باختصار بعض فوائد دراستنا للادب العربي نحصل فيه المتعة والفائدة في نفس الوقت - 00:04:14ضَ
لهذا يجب ان نجتهد قليلا في محاولة احياءه. حتى لو اخطأنا وتعثرنا. فهذه ضرورة يفرضها علينا الواقع قصيدة اليوم تقع في ديوان طرفة ابن العبد بشرح الاعلم الشنتمري تحقيق الاستاذة درية الخطيب والاستاذ لطفي - 00:04:32ضَ
سقال تقع في صفحة مائة وستة وستين. وهي مقسمة الى عدة اقسام يتكلم فيها عن مواضيع مختلفة يربطها الشاعر ويقدمها لنا بتسلسل يوصل لنا فكرته. اليوم سنتكلم في القسم الاول من هذه القصيدة وهو يبث احزانه ويذكر - 00:04:55ضَ
واثره. سوف نقرأها معا ونوضح معاني المفردات ونقف على مواطن الجمال. واتمنى ان اوفق في عرضها عليكم لا تنسى ان تضع علامة اعجاب لهذه الحلقة وان تشترك معي على القناة. ويمكنك دعم القناة لنستمر في انتاج المحتوى المجاني بدعم القناة - 00:05:15ضَ
على موقع باتيون او الانتساب على يوتيوب قال طرف ابن العبد قال اعتزليني اليوم خولة او غضي. فقد نزلت حدباء محكمة العض اعتزليني اعتزل اي تنحى وابتعد المعنى اتركيني لحالي - 00:05:34ضَ
خولة هي حبيبته التي كان يتغزل بها في مطلع المعلقة. عندما قال لخولة اطلال ببرقة فهمدي. لكن اليوم يوم اخر غض غض الطرف هو صرف النظر عن الامر. وغض البصر هو عدم النظر الى الحرام - 00:05:56ضَ
حدباء يقصد مصيبة شديدة. الحدبة هي الجزء البارز الظاهر من اي شيء. الرجل الاحدب هو الذي له نتوء في ظهره. والحطب من الارض هو ما ارتفع من الارض وغلوضه ومنه امرأة حدباء اي ارتفع ظهرها من العجز وتقوس - 00:06:15ضَ
والسعة الحباء هي السنة الشديدة الجافة وحالة حدباء اي لا يطمئن لها صاحبها. كأن لها حدبة محكمة العض شبه قوة التصاق المصيبة به. كمن وقع في فم اسد واحكم العضة عليه بشدة فلا يضع فريسته تفلح - 00:06:37ضَ
منه ابدا يقول لها اتركيني لحالي اليوم يا خولة او حولي نظرك عني. لا تطمعي الان في شيء. فقد نزلت علي مصيبة قصمت ظهري وهي ممسكة بتلابيب. ويبدو انني لن اقدر على الافلات منها - 00:06:57ضَ
خولة هي نفس الفتاة التي فكر فيها وتغزل فيها في المعلقة. عندما قال لها لخولة اطلال ببرقة تهمدي. حين كان مزاجه يسمح بالغزل اما الان فلا مكان لمثل هذا. بل لا مكان للحياة. فهو مكبل مأسور ومقدم الى القتل. يتحسر ويفكر في حالة - 00:07:15ضَ
التي وجد نفسه فيها نلاحظ ان الشاعر يوجه الكلام الى الانثى حسب حالته النفسية. اذا كان منشرح الصدر تغزل فيها. واذا كان في حرب بحث عنها وبكى على اطلالها. والان يقول لها ابتعدي عني - 00:07:38ضَ
دائما يتخيل الرجل حبيبته ويفضي لها بمشاعره حسب الحالة النفسية ثم يقول ازالت فؤادي عن مقر مكانه. واضحى جناحي اليوم ليس بذي نهضي الفؤاد هو القلب وهو العقل المقر هو المكان الذي يستقر به الشيء. اي يستكن ويثبت. النهض من النهوض وهو القيام والارتفاع - 00:07:57ضَ
النهوض بالعمل هو القيام به خير قيام واستنهض همته اي حاول رفع همته ليتحمس للامر. والناهض هو فرخ الطائر الذي اصبح يقدر على الطيران ومنها كلمة النهضة وهي الحضارة اي القفزة والارتفاع في مستوى الحضارة - 00:08:27ضَ
يقول لها هذه المصيبة قد خلعت قلبي من مكانه الذي كان ثابتا ومستقرا فيه ذهب الاطمئنان والثقة اللذان كانا يميزان طرفا. فلم يعد الان قادرا على فعل شيء وبعد ان كان كالصقر المحلق وكانت امامه الحياة طويلة. وكان الطرف في مستهل الحياة. فقد كان فقط في السادسة والعشرين - 00:08:48ضَ
في اول حياته مثل الضحى في اول النهار اسر جناحه ولم يعد الان قادرا على النهوض والارتفاع وقد كنت جلدا في الحياة مدرئا. وقد كنت لباس الرجال على البغض جلدا الرجل الجلد هو القوي على مواجهة الشدائد - 00:09:14ضَ
واظهر جلدا اي اظهر قوة واستماتة وممانعة لرأى الامر اي دفعه وابعده. بمعنى حمى نفسه منه والدرء هو الحفاظ والمنعة والقوة المدراء اسمه الة لما يدفع به كالدرع ونحو ذلك. ويقال اللهم اني ادرأ بك اي ادفع بك واحتمي بك - 00:09:36ضَ
مدرئا تعني كنت منيعا ادفع عن نفسي ويحتمي بي الناس. في عزة من قومي لبس الناس عاش معهم وعاشرهم ولبس فلانا على ما فيه اي تحمل عيبه فلباس تعني خبير بامور التعاملات مع الناس ويعرف كيف يخالطهم - 00:10:00ضَ
يذكر مآثره ويذكرنا بنفسه. يقول انه كان رجلا صلبا قويا ومنيعا في الحياة وصعب المنال. بل ويحتمي الناس لعزته. فهو كالدرع لقومه. بسبب صفاته الشخصية. وبسبب مكانته في قومه. قال نفس هذا المعنى في المعلقة - 00:10:22ضَ
عندما قال ولو كنت وغلا في الرجال لضرني عداوة ذي الاصحاب والمتوحدين ولكن نفى عني الرجال جراءتي عليهم. واقدامي وصدقي ومهتدي يضيف هنا ايضا انه كان يعامل الرجال ويختلط بهم كما يقتضي تصريف امور الحياة. على ما يعلم في صدورهم من بغض - 00:10:42ضَ
نحو وربما رغم انه يبغض بعض اخلاقهم. لكن هذا ما تقتضيه الحياة ويتغاضى عن التوافه والامور الصغيرة ولا شك ان التغافل عن الصغائر من الاخلاق الرزينة الطيبة. ومن كمال العقل في الوقت نفسه - 00:11:08ضَ
من منا الا وله مؤاخذات على سلوك ابنه او اخيه او صديقه. وربما يكون لهم مؤاخذات على صفة فينا. ولو دقق الانسان في كل صغيرة وكبيرة في سلوك من حوله لن يصفو لاحد ولن يصفو له احد - 00:11:25ضَ
كذلك التعامل بين الزوج وزوجته. التدقيق الشديد في كل شيء ينفر الاخر لهذا فتجاوز الامور الصغيرة من علامات الحكمة. وهو ما يخبر به طرفه عن نفسه ولا تنسوا انه كان يبلغ ستة وعشرين عاما فقط. وكونه مدركا لهذه الدقائق في فهم النفس. مما يؤكد على النضج المبكر - 00:11:42ضَ
الذي كان عنده واني لحلو للخليل وانني لمر لذي الاضغام ابدي له بغضي الخليل هو الصديق الخالص صافي النية. وهي اعلى درجات الصدقة الاضغان جمع ضغن وهي الاحقاد الشديدة والحسد - 00:12:06ضَ
قال عمرو ابن كلثوم في المعلقة وان الضغن بعد الضغن يبدو عليك ويخرج الداء الدفين يقول انه حسن المعاشرة مع الذين تصفوا صداقتهم وتثبت محبتهم عنده. وهم خلانه. يرون منه وجها - 00:12:29ضَ
وطيب معشر ولا يغدر بهم. شبه نفسه معهم بانه حلو المذاق كالعسل وفي نفس الوقت هو شديد المرارة كطعم الحنضل في وجه من يظهر حقده على وجهه. ولا يخفي كراهيته. يعني لا يجامله - 00:12:48ضَ
يعلمهم في وجههم انه لا يحبهم. وهذا هو الوجه الاخر عند طرفه. الاندفاع الذي يظهر بسبب صغر سنه وشخصيته في البيت السابق كان يقول انه يتغافل عن بعض الاشياء تكرما وتعقلا. ربما هذا في العموم - 00:13:05ضَ
لكن عندما يجد من يكرهه فعلا فانه يظهر العداوة. وهذا التقلب في الشخصية حسب الاحوال موجود عند طرفه وقد كان يجمع بين الحكمة والنضج مع تهور الشباب فينتج عنه هذه الشخصية - 00:13:24ضَ
ثم يعدد لنا صفات اخرى من مآثره احوال الانسان تتقلب بين الغنى والفقر. يكون معه فائض من الاموال فترة من الوقت ثم تنقص ولا تكاد تكفيه فماذا يقول طرف عن ذلك؟ - 00:13:40ضَ
يقول واني لاستغني فما ابطر الغنى. وابذل ميسوري لمن يبتغي قرضي بطر الشيء اي كرهه دون ان يستحق الكراهة. وابطره المال اي جعله متكبرا طاغيا. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم الكبر هو بطر الحق. اي التكبر على الحق وكراهيته - 00:13:56ضَ
وبطل الرجل اي وقع في الكبرياء. وغلا في المرح والزهو بذل بماله اي جاد به وتكرم عن طيب خاطر فرض فلانا اي جزاه. القرض ما يقدم من عمل يلتمس منه الجزاء. وليس فقط ما يدفع من المال - 00:14:21ضَ
يقول ان المال لا يغير اخلاقه عندما يتوفر معه. فلا يتكبر على الناس ولا يتبختر بنفسه. بل يضع ما له سهلا متاحا لمن يطلب معروفا سواء كان عملا او مالا - 00:14:41ضَ
طبعا طرفة يقول ذلك مع ان ذلك فيه نظر. فقد كان طرفه معجبا بنفسه بوضوح. ويظهر ذلك في المعلقة ثم يكمل واعصر احيانا فتشتد عسرتي وادرك ميسور الغنى ومعي عرضي - 00:14:56ضَ
اعسر عسر الزمان اي اصبح صعبا. وعصر الانسان اي افتقر. والعسرة هي الصعوبة وضدها اليسر هذا البيت معناه جميل جدا. فلنتأمل فيه تتقلب احوال الانسان في الدنيا. فكما يستغني احيانا وتتيسر حياته يقل ماله في وقت اخر وتتعسر الدنيا. وترى الغني - 00:15:14ضَ
تتدهور مكانته والفقير يصبح غنيا انظروا الى استعمال كلمة احيانا. فالاصل عند طرفه انه غني ذو مكانة. لكن احيانا فقط على سبيل استثناء وليس الاصل تغير الامور كل هذا لا يعيب الرجل الحر. لكن ما يعيب الرجل هو ان يبيع كرامته - 00:15:38ضَ
او اذا تغيرت مبادئه عندما تتعسر الاحوال. يقول طرفه ان اموره تتعسر احيانا وتشتد عليه لكنه لا يذل نفسه وعندما تعود له اوقات الخير واليسر تعود وتجده محتفظا بكرامته. لانه قد احتفظ بها في وقت الازمة - 00:16:01ضَ
فلم يتزلف ولم يتذلل لاحد والنظر الى الظروف التي قيلت فيها القصيدة فهو يؤكد انه لم يتذلل للملك عمرو بن هند ولا لغيره. وظل محتفظا بكرامته لاخر لحظة اذا في البيتين السابقين ذكر لنا طيب اخلاقه عندما يكون معه مال وعندما يفتقر - 00:16:21ضَ
وبين كيف يتصرف في الحالتين كما ينبغي ان يتصرف الرجل حب الكريم الذي يحافظ على مبادئه سوف اتوقف هنا اليوم كي لا تطول الحلقة اكثر من ذلك. واستكمل في الحلقة القادمة مباشرة - 00:16:42ضَ
سيواصل عرض مآثره ليؤكد على حجم خسارتهم شكرا لكم على متابعة الحلقة. لا تنس ان تضع علامة الاعجاب وان تشترك معي على قناة مدرسة الشعر العربي ويمكنك دعم القناة لنستمر في تقديم المحتوى المجاني عن طريق دعم القناة على موقع باتريون او الانتساب لها على يوتيوب - 00:17:01ضَ
ولا يتبقى الان الا ان اعيد الابيات التي ذكرتها اليوم متصلة ليسهل حفظها قال طرف ابن العبد قال اعتزليني اليوم خولة او غضي وقد نزلت حدباء محكمة العض ما زالت فؤادي عن مقر مكانه. واضحى جناحي اليوم ليس بذي نهض - 00:17:24ضَ
وقد كنت جلدا في الحياة مدرءا. وقد كنت لباس الرجال على البغض واني لحلو للخليل وانني لمر لذي الاضغان ابدي له بغضي واني لاستغني فما ابتر الغنى وابذل ميسوري لمن يبتغي قرضي - 00:17:49ضَ
واعصر احيانا فتشتد عسرتي وادرك ميسور الغنى ومعي عرضي شكرا لكم على المتابعة. اراكم في الحلقة القادمة ان شاء الله. السلام عليكم - 00:18:11ضَ