العقيدة الميسرة

العقيدة الميسرة || الحلقة 18 ||

أحمد القاضي

بسم الله الرحمن الرحيم الصمد لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:00:02ضَ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسعد الله اوقاتكم معشر المؤمنين والمؤمنات في حلقة جديدة من سلسلة دروس العقيدة الاسلامية وسوف نتحدث في هذه الحلقة عن موضوع شريف ومقام رفيع الا وهو الحديث عن حقيقة الايمان - 00:00:54ضَ

ذلكم الوصف الذي يتشرف المؤمنون به ويخاطبهم الله تعالى باسمه فاذا تحبب الله تعالى الى عباده قال يا ايها الذين امنوا اذا استجاش سبحانه ما في نفوسهم للاستجابة لامره والانتهاء عن نهيه قال يا ايها الذين امنوا - 00:01:14ضَ

فما الايمان الايمان يرعاكم الله هو الدين كله ولهذا عرفه اهل السنة والجماعة بانه قول وعمل وقالوا ايضا هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالاركان فجعلوا حقيقة الايمان مركبة من القول والعمل - 00:01:38ضَ

فليس القول وحده هو الايمان فليس القول وحده هو الايمان وليس العمل بمفرده هو الايمان بل هو مجموع القضيتين ولاجلنا قال نبينا صلى الله عليه وسلم ولاجل ذا قال الله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله - 00:02:02ضَ

الهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح ولما ذكر الله تعالى بعثة نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وكيف كانت فرجا لاهل الارض جميعا قال لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة - 00:02:28ضَ

رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة - 00:02:50ضَ

وصار دين القيمة مجموع الامرين مجموع العقائد الباطنة والاعمال الظاهرة عقيدة اهل السنة والجماعة في حقيقة الايمان انه قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالاركان ويعبرون عنها بطريقة اخرى فيقولون الايمان قول وعمل - 00:03:10ضَ

قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح. فيجعلون حقيقة الايمان مركبة من القول والعمل ثم ينسدل من هذين الاصلين العظيمين بنود خمسة فيقولون قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح - 00:03:34ضَ

ولننظر يرعاكم الله في كل من هذه المفردات الخمس فاما قول القلب المراد به اعتقاده وما ينطوي عليه القلب من المعارف الصحيحة والعلوم اليقينية في اعتقاد الانسان بان الله واحد احد فرد صمد. له الاسماء الحسنى والصفات العلى. وانه ارسل رسلا وانه جعل يوما - 00:03:56ضَ

يجازى الناس فيه على اعمالهم ان خير فخير وان شر فشر. ذلكم هو قول القلب اي اعتقاده واما قول اللسان فالمراد به الاستعلان بالشهادتين والتلفظ بكلمة الاسلام فانه لا يحكم بايمان امرئ حتى ينطق بهاتين الشهادتين لانهما بوابة الاسلام - 00:04:26ضَ

لهذا كان الذين يفدون على نبينا صلى الله عليه وسلم لا يدخلون في عقد الايمان حتى يقول قائلهم اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله واما عمل اللسان - 00:04:51ضَ

وهو قدر زائد على قول اللسان اذ ان قول اللسان يعني الاستعلان بالشهادتين واما عمل اللسان فيراد به ما يلهج به اللسان من العبادات القولية كالذكر والتلاوة والدعاء والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله وعموم الكلم الطيب - 00:05:09ضَ

من الاوراد والاذكار وغيرها واما عمل القلب فهو ايضا قدر زائد على قول القلب فلان كان قول القلب يراد به المعارف اليقينية والعلوم الصحيحة التي ينعقد عليها القلب فان عمل القلب هو ما يتحرك به القلب من - 00:05:32ضَ

ايرادات والنيات المحبة والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والاستغاثة والانس بالله والشوق اليه فان هذه وظائف قلبية تنبعث من القلب وليست مجرد عقائد بقي الامر الخامس وهو عمل الجوارح والمقصود بالجوارح اركان البدع - 00:05:54ضَ

اي ما تتحرك به الاعضاء من العبادات البدنية القيام والركوع والسجود واماطة الاذى عن الطريق والطواف بالبيت والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار واعانة الضعيف والمسكين وحمله على دابته وما اشبه ذلك - 00:06:20ضَ

فصار الايمان بهذا المعنى شاملا لجميع خصال الدين وهو بهذه الصورة يكون ايمانا كاملا كما قال الله عز وجل انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم هذا عمل القلب - 00:06:44ضَ

اي الخشية واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون التوكل ايضا من اعمال القلوب الذين يقيمون الصلاة وهذا من اعمال الجوارح ومما رزقناهم ينفقون وهي عبادة مالية اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم - 00:07:05ضَ

ويقول الله عز وجل انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اذا قلوبهم مصدقة لا يتطرق اليها الريب وفوق ذلك ضموا اليها اعمال البدن - 00:07:30ضَ

من الجهاد في سبيل الله والروحة والغدوة في سبيل الله والانفاق من المال ولهذا قال في اخر الاية اولئك هم الصادقون وقال صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة - 00:07:49ضَ

فاعلاها قول لا اله الا الله. وهذا يدل على اعتقاد القلب وقول القلب معا وهذا يدل على اعتقاد القلب وقول اللسان وادناها اماطة الاذى عن الطريق. وذلك يدل على عمل الجوارح - 00:08:05ضَ

والحياء شعبة من الايمان وهذا دليل على عمل القلب والحديث متفق عليه فتبين بهذا يرعاكم الله ان للايمان حقيقة مركبة من القول والعمل وانه مجموع الامرين معا فليس الايمان القول فقط ولا العمل فقط - 00:08:29ضَ

ومما يتعين العلم به في هذا المقام ان نعرف الفرق بين الايمان والاسلام فان الايمان والاسلام يجتمعان في الدلالة على الدين كله عند الافتراق فاذا جاء ذكر الايمان في نص مستقل عن الاسلام او جاء ذكر الاسلام في نص مستقل - 00:08:53ضَ

عن الايمان فان كلا منهما حينئذ يدل على الدين كله كما قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام واما اذا اجتمع في نص واحد فان الاسلام يدل على الاعمال الظاهرة والايمان تراد به العقائد الباطنة - 00:09:20ضَ

ومما يدل على الفرق بين الاصطلاحين بجلاء قول الله تعالى قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم فهؤلاء طائفة من الاعراب ادعوا الايمان - 00:09:42ضَ

وكأنما زعموا لانفسهم الايمان الكامل او الايمان الواجب. وكانوا حديث عهد باسلام الله سبحانه وتعالى لم يقرهم على دعواهم تلك بل امرهم ان يعدلوا العبارة بان يقولوا اسلمنا اي انه حصل منا الاستسلام الظاهر والانقياد الظاهر - 00:10:00ضَ

اما حقيقة الايمان التي تباشر القلب فبعد لم تكتمل بدليل قوله ولما والتعبير بلمة ليس كالتعبير بلم فان لم تفيد النفي وهو ما قد يشعر ان القوم منافقين والامر ليس كذلك - 00:10:24ضَ

انهم ليسوا منافقين وانما عبر بلمة اي كان الامر وشيك ان يحصل ومما يدل على انفراد كل منهما بمعنى يختص به عند الاجتماع حديث جبريل عليه السلام فانه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام فسره بالاعمال الظاهرة فقال الاسلام - 00:10:42ضَ

ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا ففسر الاسلام بالاعمال الظاهرة ولما سأله عن الايمان قال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره - 00:11:11ضَ

ففسر الايمان بالعقائد الباطنة فدل ذلك على انهما عند الاجتماع يفترق معناهما وهذا هو معنى قول بعض اهل العلم عن الاسلام والايمان اذا افترقا واذا افترقا اجتمعا ومعنى ذلك انهما اذا اجتمعا في نص واحد افترقا معناهما فاختص الاسلام بالاعمال الظاهرة والايمان بالعقائد الباطنة - 00:11:36ضَ

واذا افترقا اجتمعا اي اذا ورد كل منهما في نص مستقل فانه يدل على صاحبه يدل على الدين كله دون تفريق وينبغي ان يعلم ايها الكرام ويا ايتها الكريمات ان هذا الايمان الذي نتحدث عنه يزيد وينقص - 00:12:03ضَ

وقد جاء ناطق الكتاب في نحو ستة مواضع في كتاب الله باثبات الزيادة في الايمان قال الله عز وجل في سورة ال عمران الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل - 00:12:30ضَ

وقال في مستهل سورة الانفال فيما تلون انفا واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا بل قد قال قبل ذلك في سورة براءة قال واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا - 00:12:50ضَ

فاما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون فهذان موضعان في اية واحدة ومما ذكر الله تعالى به زيادة الايمان صريحا قوله سبحانه وتعالى في سورة الفتح هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم - 00:13:08ضَ

واما الموضع السادس ففي قول الله تعالى في سورة المدثر وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا الذين كفروا ليستيقن الذين اوتوا الكتاب ويزداد الذين امنوا ايمانا - 00:13:32ضَ

فكان من معتقد اهل السنة والجماعة ان الايمان يزيد واي امر قابل للزيادة فهو قابل للنقصان قطعا. فان الزيادة والنقصان بينهما تلازم عقلي. فكل شيء قابل للزيادة فهو قابل للنقصان - 00:13:49ضَ

لانه اذا زاد صار ازيد منه قبل وكل امر قابل للزيادة فهو قابل للنقصان. لان بين الزيادة والنقصان تلازم عقلي وكل امر قابل للزيادة فهو قابل للنقصان ايضا وزيادة الايمان ونقصانه تتعلق بامور متنوعة - 00:14:10ضَ

وذلك ان الايمان يزيد بالتفكر في مخلوقات الله تعالى كما قال ربنا عز وجل قل انظروا ماذا في السماوات والارض. وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون وتزيد ايضا بتدبر كتاب الله تعالى - 00:14:41ضَ

فان تدبر كتاب الله تعالى من اعظم اسباب زيادة الايمان كما ان الايمان ايضا يزيد بفعل الطاعة تقربا الى الله تعالى ويزيد ايضا بترك المعصية خوفا من الله تعالى وابداد هذه الخصال تؤدي الى نقصان الايمان - 00:15:00ضَ

الغفلة عن النظر في ملكوت السماوات والارض تؤدي الى البلادة ونقصان الايمان والاعراب عن تدبر كتاب الله تعالى يضع على القلب اقفالا فينقص الايمان بسببه كما ان غشيان المعاصي سبب لنقص الايمان - 00:15:22ضَ

وترك الطاعات سبب لنقص الايمان فعلمنا بذلك ان للايمان اسبابا تزيده واسبابا تنقصه ومما ينبغي ايضا ان نعلمه في هذا المقام ان الايمان يتفاضل فخصال الايمان ليست على حد سواء - 00:15:43ضَ

بل بعضها افضل من بعض كما في الحديث المتفق عليه من قول النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة فاعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. اذا قوله - 00:16:06ضَ

اعلاها وادناها يدل على ان خصال الايمان تتفاوت. وهذا كثير يسأل النبي صلى الله عليه وسلم اي الايمان افضل؟ اي الاعمال احب الى الله؟ فلا ريب ان خصال الايمان تتفاوت - 00:16:26ضَ

ومما ينبغي ايضا ان نعلمه في هذا المقام ان اهل الايمان يتفاضلون فيه وبعضهم اكمل ايمانا من بعض. كما قال تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا منهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله. ذلك هو الفضل الكبير. فجعل الله تعالى المؤمنين ثلاثة اطباق - 00:16:44ضَ

وهم الظالم لنفسه وهو الذي فعل بعض المعاصي وترك بعض الواجبات مع بقاء اصل الايمان عنده ومنهم المقتصد وهو الذي اقتصر على فعل الواجبات دون المستحبات والشنب المحرمات دون المكروهات - 00:17:09ضَ

واعلى هذه الطبقات السابقون بالخيرات وهم الذين فعلوا الواجبات وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات ومما يدل ايضا على هذا التفاضل قول النبي صلى الله عليه وسلم اكمل المؤمنين - 00:17:27ضَ

اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا كما رواه الامام احمد وابو داوود والترمذي هذا وللحديث صلة ان شاء الله تعالى. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم - 00:17:49ضَ

الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد - 00:18:17ضَ