تفسير ابن كثير | سورة الأنبياء

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 5- سورة الأنبياء | من الأية 30 إلى 33

عبدالرحمن العجلان

وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اولم يرى الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون وجعلنا في الارض رواسي ان تميل بهم - 00:00:00ضَ

وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن اياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل كل في فلك يسبحون يقول الله جل وعلا - 00:00:37ضَ

اولا يرى الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما اولا هنا همزة والواو حرف عطف الهمزة للاستفهام والمراد بالاستفهام هنا الانكار على الكفار والواو حرف عطف عطفت الجملة التي بعدها - 00:01:12ضَ

على جملة مقدرة وهذا كثير في القرآن العظيم والتقدير يتفكر ويروا ان السماوات والارض كانتا رطقا ففتقناهما اولا الم يتفكر ويروا والرؤية هنا علمية وليست بصرية لانهم ما ادركوا ذلك - 00:01:58ضَ

بابصارهم فلم يروه اولم يرى الذين كفروا وهذه استدلالات ستة ادلة متوالية على كمال قدرة الله جل وعلا وانفراده سبحانه وتعالى بالتصرف اذا وهو المستحق وحده للعبادة دون سواه اولم يرى الذين كفروا - 00:02:59ضَ

او لم يعلموا ما دام قلنا هذه علمية وليست بصرية اولم يعلم الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا رتقا بمعنى ملتصقة السماوات والارض كانتا ملتصقة بعضها ببعض وفتقهما الله جل وعلا - 00:03:55ضَ

ورفع السماء وابقى الارض مكانها وفتقهما ان فتق السماء المطر وفتق الارض النبات وامطرت السماء وانبتت الارض او كانتا رتقا اي السماوات كلها ملتصق بعظها ببعظ والاراضين ملتصق بعظها ببعظ - 00:04:40ضَ

ففتقهما الله جل وعلا والفتق الفصل والفك بين متلاصقين وكانتا الظمير يعود الى السماوات والى الى الصنفين صنف السماء وصنف الارض وفتق الله جل وعلا ما بين السماء والارض في الهواء - 00:05:27ضَ

وما بين السماوات بعضها مع بعض وكانت ملتصقة ففصل ما بينهما جل وعلا ففتقناهما دليل على كمال قدرة الله جل وعلا الدليل الثاني وجعلنا من الماء كل شيء حي فحياة - 00:06:14ضَ

كل شيء لابد لها من الماء والى انقطع عنها الماء هلكت احيا الله جل وعلا الخلق بالماء حيوانا كان او نبات وكل حياته بحسبه فحياة النبات بحسبه وحياة الادميين والجن والانس والحيوانات - 00:06:50ضَ

بحسبها هذا قول لبعض المفسرين ان المراد بالماء الماء العام ماء المطر وماء العيون قال بعضهم المراد بالماء هنا ماء نطفة ماء الذكر جعله سببا في وجود المخلوق ماء الذكر هذا الماء المهين - 00:07:32ضَ

جعله سببا لحياة ووجود هذا المخلوق وذلك دال على كمال قدرته تعالى ثم قال جل وعلا افلا يؤمنون الهمزة هنا للانكار افلا يؤمنون يصدقون بوحدانية الله جل وعلا ويفردوه بالعبادة - 00:08:13ضَ

ما دام انه هو القادر على هذه الاشياء وحده دون سواه فهذا دليل واضح على قدرته والمقتدر على هذه الاشياء هو المستحق للعبادة افلا يصدقون بذلك ويفردوه بالعبادة وحده لا شريك له - 00:08:50ضَ

والادلة المقتضية والدالة على وحدانيته واضحة جلية تستوجب الايمان به تعالى دليل ثالث على قدرته جل وعلا وجعلنا في الارض رواسيا وجعلنا في الارض الارض مخلوقة بقدرة الله جل وعلا على البحر - 00:09:21ضَ

على الماء وكانت وتتحرك كما تتحرك السفينة في البحر ولو استمر الامر على ذلك لتعطلت مصالح الناس والله جل وعلا ثبت العرض والمراد بها الجبال وجعلنا في الارض رواسيا جبالا ثابتة - 00:09:59ضَ

راسية وكما قال الله جل وعلا في الاية الاخرى والجبال اوتادا وجعلنا في الارض رواسي ان تميد بكم لئلا تميت وتميد بمعنى تتحرك الا تتحرك بكم فلا تستطيعون الاستقرار عليها - 00:10:49ضَ

وجعلنا فيها فجاجا سبلا الفجاج الطريق بين الجبلين والمسلك بين الجبلين قد يكون صالحا للسير معه وقد يكون غير صالح فلا تتم النعمة قال جل وعلا وجعلنا فيها فجاجا سبلا - 00:11:21ضَ

هذه الفجاج سبيل فريق يشار معها ومن نعمته تعالى من لم يجعل هذه الجبال حواجز بعيدة المدى لا يوصل الى ما بين ما كان امامها وخلفها فجعل فيها مسالك وجعل هذه المسالك - 00:11:58ضَ

سبل جعل فيها طرق يسير معها الدواب ووسائل النقل لعلهم يهتدون لعلهم يهتدون في هذه السبل الى ما يريدون ومن ثم يستدلون بذلك على قدرة الله جل وعلا فيعبدونه وحده لا شريك له - 00:12:36ضَ

لعلهم يهتدون الى مصالحهم ولعلهم يهتدون الى ما يترتب على ذلك من الادلة على قدرة الله جل وعلا واستحقاقه للعبادة وحده لا شريك له وجعلنا فيها رواسي وجعلنا فيها فجاجا سبلا - 00:13:15ضَ

لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا سقفا مضلا للارض فوق الارض محفوظا من ان يوصل اليه الا باذن الله فلا تصل اليه الشياطين محفوظا بالنجوم والشهب من الشياطين او محفوظا - 00:13:46ضَ

من السقوط بقدرة الله جل وعلا واحكام صنعته وقيل محفوظ بمعنى مرفوع لا يوصل اليه بعلوه وقيل محفوظ لا يعصى الله جل وعلا فيه فهو محفوظ من المعاصي والسيئات الملائكة - 00:14:31ضَ

الذين عصمهم الله جل وعلا عن فعل السوء وكل هذه المعاني صحيحة فهو محفوظ بعلوه ومحفوظ عن السقوط ومحفوظ عن الشياطين ومحفوظ من ان يقع فيه معصية وهم عن اياتها هم اي الكفار - 00:15:09ضَ

عن اياتها الايات اضيفت الى السماء اياتها الظمير يعود الى السمع وهذه ايات الله جل وعلا الدالة على قدرته لما اضيفت الى السماء هنا لانه مكانها وكانوا الايات السمع واياتها الشمس - 00:15:49ضَ

والقمر والنجوم وغير ذلك مما اودع الله جل وعلا فيها من الادلة الدالة على قدرته وكمال عظمته وحسن تصرفه تعالى ومعنا معرضون منصرفون عن التأمل والا لو اعمل الانسان ذهنه وفكره - 00:16:21ضَ

لاستدل بما يرى على وحدانية الله جل وعلا كما قال الشاعر وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد تعالى وتقدس معرضون منصرفون عن التأمل والتدبر والله جل وعلا - 00:16:58ضَ

امر عباده بالتفكر في مخلوقاته والتأمل فيها فيتدبر ويتأمل المرء في مخلوقات الله جل وعلا ليزداد بذلك ايمانه وتصديقه الوحدانية الله سبحانه وتعالى والغفلة والاعراض والانصراف صفات مذمومة موقوتة والله جل وعلا - 00:17:26ضَ

وهب عبادة العقل ليدركوا به وليتأملوا وليتفكروا وليتدبروا يقوموا بما اوجب الله عليهم وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر الليل ليسكن فيه العباد ويستريحوا وينام والنهار للمعاش والعمل والكسب - 00:18:10ضَ

والتصرف والشمس ليستدل بها على النهار والقمر يستدل به على الليل ولكل فوائد عظيمة جعلها الله جل وعلا فلو استمر الليل لتضرر الناس ولو استمر النهار لتضرر الناس ولو استمر النهار - 00:18:56ضَ

اياما او اسابيع لتعب الخلق ولو استمر الليل كذلك اياما وليالي لتعب الخلق ومن قدرته جل وعلا الليل يستمر في بعض المناطق وجعل النهار يستمر فترات طويلة في بعض المناطق - 00:19:39ضَ

ليدرك الناس بذلك عظيما نعمة الله جل وعلا عليهم في انتظام الليل والنهار في سائر الاقطار ونلاحظ هذا اذا اختفت الشمس اياما تبرر الناس بذلك وجأروا الى الله جل وعلا وسألوه - 00:20:09ضَ

ان تطلع عليهم وفرحوا بطلوعها بعدما كانوا يتمنون ويمرعون الى الله جل وعلا بطلب السحاب والمطر اذا استمر فترة ولو قصيرة شعر الناس الى الله جل وعلا بان يطلع عليهم الشمس - 00:20:37ضَ

وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون كل اي الليل والنهار والشمس والقمر تتقلب وتتحرك وجاء جل وعلا بجمع العقلاء يسبحون لانه وصفها بالسباحة والسباحة في الماء من صفات - 00:21:01ضَ

العاقل ولم يقل جل وعلا يسبحن او تسبح قال يسبحون كانها جمع مذكر سالم وهذه ادلة على قدرته تعالى وقلت انها ستة ادلة في هذه الايات واليك بيانها اجمالا اولم يروا - 00:21:38ضَ

اولم يرى الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما هذا واحد ففتقناهما الثاني وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون الثالث وجعلنا في الارض رواسيا تميد بهم الرابع - 00:22:19ضَ

وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون الخامس وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن اياتها معرضون السادس والاخير هنا وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون هذه الادلة الستة - 00:22:50ضَ

والادلة في القرآن كثيرة جدا والواحد منها كاف في اثبات قدرة الله جل وعلا وكمال تصرفه وما اشتمل عليه من حكمة وفوائد عظيمة جعلها الله جل وعلا لعباده ليعرفوه بذلك - 00:23:22ضَ

وليستدلوا على وحدانيته باياته ومخلوقاته جل وعلا ويعبدوه حق العبادة وحده لا شريك له ولا يصرفوا شيئا من حقه لغيره تعالى وتقدس فمن صرف شيئا من حق الله لغير الله فقد ظلم نفسه - 00:23:50ضَ

واهلك نفسه والله جل وعلا غني عن عبادة الخلق فلا تنفعه سبحانه طاعة المطيع ولا تضره تعالى معصية العاصي وانما اعمال العباد لهم والسعيد من عمل صالحا يجد ثمرة وفائدته - 00:24:29ضَ

وجائزته يوم يلقى ربه جل وعلا في الدار الاخرة والشقي والعياذ بالله من اعرض عن طاعة الله يجد مغبة هذا الاعراب وهذا الشقاء حينما يلقى ربه جل وعلا في الدار الاخرة - 00:25:05ضَ

فلا يقيم له وزنا ويكون مآله الى جهنم وبئس المصير العاقل من تدبر في امره وتفكر فيما خلق له واستعد لكن الاستعداد يختلف وكثير من النفوس مجبولة على التسويف والتأخير - 00:25:28ضَ

لانها ستستعد الى قرب الرحيل وهل يدري العبد متى يقرب رحيله هل معه صك من ربه بانه يعمر كذا وكذا سنة حتى اذا قرب رحيله استعد الم يأخذ الموت الصغير والكبير - 00:26:02ضَ

والشاب والشيخ والطفل الرضيع فلما لا يستعد العاقل من وفق للاستعداد وسأل الله جل وعلا باستمرار التوفيق للاستعداد للقائه جل وعلا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:26:28ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:26:56ضَ