تفسير ابن كثير | جزء المجادلة

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 5- سورة الطلاق | الأية 7

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد سم الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ينفق ذو سعة من من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاهم الله - 00:00:00ضَ

فلينفق مما اتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا هذه الاية الكريمة من سورة الطلاق جاءت بعد قوله جل وعلا - 00:00:29ضَ

اسكنوهن من حيث سكنتم من وجودكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وان كن اولات حمل فانفقوا فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان ارضعلكم فاتوهن اجورهن بينكم بمعروف وان تعاشرتم فسترضعوا له اخرى - 00:01:00ضَ

لينفق ذو ساعة من سعته لما بين الله جل وعلا عدة المطلقات وما يجب لهن من النفقة والسكنى وما يجب لهن بعد الوضع ان كنا حوامل من اجرة الارضاع قال جل وعلا - 00:01:36ضَ

امرا عباده بسلوك الطريق الوسط والاقتصاد في الامور كلها والتوسط فلا يزيدوا في الانفاق من غير حاجة فيرهقوا انفسهم الديون ولا يقتر على نفسه من وسع الله عليه فان الله جل وعلا - 00:02:16ضَ

يحب ان يرى اثر نعمته على عبده لا يكن الغني والفقير في النفقة سواء ولا يقطر الغني على نفسه ويحرم نفسه الاستفادة مما اعطاه الله لان المرء اذا اعطي من الدنيا - 00:02:58ضَ

فاستعان به على طاعة الله نفعه في الدنيا والاخرة وكان حقا ماله فان اعطي فقد ترى على نفسه ومنع حق الله فيه فقد حرم الاستفادة منه في الدنيا والاخرة وكان محروما يوفره لوارثه - 00:03:35ضَ

ثم وارثه حسب ما يهيئه الله جل وعلا. قد يتعب المرء به في الدنيا فلا يستفيد منه وانما يستفيد منه من بعده. فينال به الدرجات العلى بما يبذل في مرضاة الله - 00:04:10ضَ

وقد يتعب المرء في الدنيا بجمعه ثم يتركه لمن خلفه فيستعين به على معصية الله وانما على المرء ان يحرص على الاستفادة مما اعطاه الله وينفق منه على نفسه ولا يبخل على نفسه - 00:04:33ضَ

فيما يوفره له في الدار الاخرة وقد كان بعض السلف اذا اتاه طالب صدقة. قال مرحبا لمن جاء ليرحل لنا مال دنيانا لاخرتنا كأنه حوالة كأنه شيك يسلمه اياه تجده - 00:05:01ضَ

في وقت انت احوج ما تكون اليه يقول مرحبا بمن جاء ليرحل لنا مال دنيانا لاخرتنا نعطيه في الدنيا ونجده عند الله جل وعلا في الدار الاخرة قال الله جل وعلا لينفق ذو سعة من سعته - 00:05:31ضَ

ينفق حسب ما عنده ومن قدر قدر بمعنى ضيق قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله يعطي وينفق حسب حاله فلا يكلف الفقير بان ينفق مثل الغني قد تكون المرأة - 00:06:00ضَ

اختين تحت رجلين رجل غني يعطيها ورجل فقير ما يستطيع فلا يكلف الفقير بان ينفق على زوجته مثل ما ينفق زوج الاخت على اختها لا يقاس هذا بهذا لان لكل - 00:06:33ضَ

الغني ينفق بقدر غناه والفقير ينفق بقدر فقره ولا يكلف نفسه الديون التي لا يستطيع سدادها ولا ينبغي للمرء ان يستدين وانما ينفق على قدر استطاعته واذا استدعينا لضرورة فيحرص على الوفاء - 00:07:03ضَ

بعض الناس قد يستدين لضرورة او لغير ظرورة ثم يأتيه سعة فيؤخر القضاء ويتوسع بما اتاه ولا يسدد ما عليه وهذا قد يؤاخذ ويحرم من السعة فيما بعد ويحرم من الاستطاعة في سداد الدين - 00:07:38ضَ

لانه كما جاء في الحديث من اخذ اموال الناس يريد اداءها اداها الله عنه ومن اخذ اموال الناس يريد اتلافها اتلفه الله وجاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله - 00:08:02ضَ

ارأيت ان قتلت في سبيل الله تسقط عني جميع التبعات يغفر لي جميع الذنوب وقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ثم استدرك ورده وقال ماذا قلت؟ فاعاد عليه القول الذي قاله - 00:08:26ضَ

فقال نعم الا الدين اخبرني بذلك جبريل انفا الدين حق من حقوق العباد ما يسقط لابد من الوفاء وحقوق العباد مبنية على المشاحة حقوق الله جل وعلا قد يغفرها بالصلاة - 00:08:55ضَ

والزكاة والصيام والحج والخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة والمحافظة على الجمعة والاعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد الى الله اما حقوق العباد فلا بد من ادائها لابد من قضائها - 00:09:25ضَ

فلا ينبغي للمرء ان يتوسع في نفقته على حساب حقوق العباد لانها تؤخذ من حسناته فان لم يكن له حسنات اخذ من سيئاتهم فطرحت عليه فطرح في النار والعياذ بالله - 00:09:55ضَ

اما اذا كان لحاجة وهو عازم على القضاء متى ما تيسر له بادر فلا بأس لهذا لان النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي في اصع من شعير اخذ - 00:10:21ضَ

لاهله عليه الصلاة والسلام اخذ لاهله الشعير لان ما عنده شيء يسدد لهم الشيء الثمين والغالي والبر والعسل وانما الشرى الشعير يكتفون به وضرورة ولم يكن عنده سداد عليه الصلاة والسلام - 00:10:47ضَ

وهو اذا وجد عنده المال اعطى عطاء من لا يخشى الفقر ومات عليه الصلاة والسلام ودرعه عند اليهودي مرهونة سدد الدين عنه ابو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم - 00:11:15ضَ

الدين اذا كان لحاجة وبقدر الضرورة فلا بأس بهذا لان الله جل وعلا شرعه توسعة للعباد يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة - 00:11:37ضَ

يقول الله جل وعلا لينفق ذو ساعات من سعته ينفق على نفسه ينفق على زوجته ينفق على ولده ينفق على مطلقته التي تجب لها النفقة ينفق في استئجار المرظعة لولده - 00:12:06ضَ

لينفق ذو سعة يعني يصاحب سعة من سعته على قدر سعته ومن قدر عليه رزقه ضيق يعني كان رزقه قليل فلينفق مما اتاه الله من جاء بكلمة من جل وعلا لكن لا يعطي كل ما عنده - 00:12:32ضَ

حتى لو لم يكن عنده الا شيء يسير ينفق منه يلقي شيئا ما لما هو اهم من هذا فلينفق مما اتاه الله من التبعيظية لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها - 00:12:57ضَ

لا يكلف الله نفسا بنفقة لا تستطيعها الزوجة قد تشتكي زوجها تريد نفقة فيفرض لها الحاكم على قدر حال زوجها قد يكون في مجلس واحد امام القاضي هذه يفرض لها في الشهر مئة ريال وهذه يفرغ لها في الشهر الف ريال - 00:13:22ضَ

وهذه يفرغ لها في الشهر الفي ريال وهكذا كل على حسبه والنظر في حال الزوج لان هو المنفق لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها ثم وعد جل وعلا عبادة - 00:13:52ضَ

ووعده حق لا يخلف لكن على الانسان ان يتقيد حتى يصدق فيه وعد الله لكن من الناس من يتجاوز الحد فلا يعطيه الله جل وعلا لانه ما تقيد ما التزم - 00:14:16ضَ

اخذت ديون راكم الديون بعضها على بعض يأتي من هذا ويأخذ ويأتي الى هذا ويأخذ منه ويأتي الى هذا ويأخذ منه ويتوسع على حساب قال الناس ما اقتصد وما اقتصر على ما عنده او ما يستطيع سداده - 00:14:38ضَ

بل توسع كثيرا فلينفق مما اتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها عمر بن الخطاب رضي الله عنه امير المؤمنين يتفقد احوال رعيته وصغارهم رجالهم ونساءهم وعجائزهم والقادمين الى المدينة غرباء وغيرهم - 00:14:59ضَ

ممن تفقد ابا عبيدة عامر بن الجراح الذي قاد الجيوش الاسلامية للفتوحات العظيمة وكان بين يديه الاموال العظيمة والغنائم ما اخذ منها لنفسه شيئا ولا يسير مما لا يحل له. يأخذك اي واحد من افراد المسلمين - 00:15:39ضَ

سأل عنه عمر رضي الله عنه وحقا سماه الصادق المصدوق امين هذه الامة امينها ابو عبيدة ابن الجراح سأل عنه عمر فقيل انه يلبس الخشن من من يلبس الخشن من الثياب - 00:16:08ضَ

ويأكل الخشن من الطعام ما عنده شيء انه يلبس الغليظ من الثياب ويأكل اخشن الطعام ابعث اليه بالف دينار وقال للرسول انظر ماذا يصنع بها اذا اخذها. لانه يحتمل ان يردها - 00:16:35ضَ

ما يريدها ويحتمل ان يكون في حاجة وجاءته بدون طلب وبدون تحري فيأخذها ويتوسع بها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبدالله بن عمر ما اتاك من هذا المال بدون ان تستشرف نفسك فخذه - 00:17:01ضَ

وما لا فدعه يعني لا تتبع نفسك وتبحث وتسأل وتتعرض للناس لا ما اتاك بدون مسألة فخذه وما لا فلا كما نبس رضي الله عنه من لبس الين الثياب واكل اطيب الطعام - 00:17:22ضَ

وسع على نفسه حينما اتاه المبلغ من عمر امير المؤمنين رضي الله عنه فجاء الرسول فاخبر عمر فيما رأى من ابي عبيدة وقال رحمه الله تأول هذه الاية لينفق ذو سعة من سعته - 00:17:45ضَ

يقول عمر ان ابا عبيدة كاول يعني طبق على نفسه هذه الاية لما كان ما عنده شيء لبس الغليظ من الثياب واكل الخشن من الطعام فلما وسع الله عليه ساق الله له هذا الرزق - 00:18:14ضَ

من يد امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسع وقال انه يتأول هذه الاية وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم يطبقون القرآن على انفسهم وهكذا كانت نظرة بعضهم الى بعض - 00:18:37ضَ

نظرة عمر رضي الله عنه الى ابي عبيدة واحسان الظن به قال ابو عبيدة يطبق الاية لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. يعني بقدر ما اعطاها ثم وعد جل وعلا سيجعل الله بعد عسر يسرا - 00:19:00ضَ

وقد تحقق وعد الله جل وعلا للصحابة رضي الله عنهم فكانوا في شدة وفي ضيق من العيش ووسع الله جل وعلا عليهم بالفتوحات الاسلامية والمغانم العظيمة فتوسعوا بها فاستعانوا بها - 00:19:27ضَ

على طاعة الله وكانوا رضي الله عنهم ممن اذا ابتلي صبر واذا اعطي شكر رضي الله عنهم وارضاهم في حال الضيق والفقر والحاجة كان الواحد منهم يربط على بطنه الحجر - 00:19:47ضَ

من الجوع فلما وسع الله عليهم الفتوحات الاسلامية كما وعدهم ربهم جل وعلا ان يجعل بعد العسر يسر توسعوا واستعانوا بها على طاعة الله. وكانوا في حال العسر لا ينسوا حق الله - 00:20:10ضَ

كان الرجل منهم يقول كنا نحامل لما نزلت اية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا ونأكل ونتصدق ما يقول هذا المبلغ اخذته اجرة احتفظ به لنفسي يأكل منه حاجته ويتصدق ويرزقه الله بدله - 00:20:35ضَ

ويخلف الله عليه لان من انفق في طاعة الله لا بد وان يخلف الله عليه في الدنيا والاخرة كنا نحامل ونتصدق يعني نأخذ الاجرة فنأكل منها ونتصدق ومع حاجتهم وفقرهم - 00:21:03ضَ

يواسون من هو احوج منهم لان من الناس من هو فقير لكن يستطيع ان يعمل ومنهم من هو فقير ولا يستطيع ان يعمل بسبب من الاسباب مما يعود الى بدنه او يعود الى غير ذلك - 00:21:27ضَ

بما يتيسر يواسيه من هو اقدر منه وان كان فقيرا مثله قوله تعالى ينفق ذو ساعة من سعته اي لينفق على المولود والده او وليه بحسب قدرته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها - 00:21:47ضَ

كقوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها روى ابن جرير عن ابي سنان قال سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ابي عبيدة فقيل انه يلبس الغليظ يلبس يلبس الغليظ من من الثياب - 00:22:17ضَ

ويأكل اخشن الطعام فبعث اليه بالف دينار وقال للرسول انظر ما يصنع اذا هو اخذها فما لبث من لبس اللين من من الثياب واكل اطيب الطعام فجاءه الرسول فاخبره فقال رحمه الله تعالى تأول هذه الاية لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه - 00:22:37ضَ

فلينفق مما اتاه الله وقال الحافظ ابو القاسم الطبراني عن ابي مالك الاشعري واسمه الحارث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر كان لاحدهم عشرة دنانير وتصدق منها بدينار - 00:23:03ضَ

وكان لاخر عشر اواقم فتصدق منها باوقية وكان لاخر مائة اوقية فتصدق منها بعشر اواق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الاجر سواء كل قد تصدق بعشر ما له - 00:23:25ضَ

كل قد تصدق بعشر ما له قال تعالى لينفق ذو سعة من من سعته هذا حديث غريب من هذا الوجه ولان المرء قد ينفق النفقة اليسيرة فيجعل الله جل وعلا ثوابها - 00:23:44ضَ

مثل النفقة الكبيرة العظيمة لان هذا انفق منشأته من قدرته هذا ما ينفع ما يملك الا ثلاثة دنانير انفق دينار والاخر يملك مئة اوقية انفق منها عشر عواقب كل واحد منهم انفق بحسب ماله - 00:24:06ضَ

بحسب قدرته والله جل وعلا يرفع ثواب من انفق النفقة اليسيرة على حسب ماله يجعلها مثل من انفق الشيء الكثير بحسب قدرة المرء يأجره الله جل وعلا فاذا اعطى المرء الشيء اليسير مثلا - 00:24:34ضَ

من قدرته قد يجعل الله جل وعلا ثوابه عظيما مثل من اعطى الالاف لانك انت ما تملك مثلا الا ثلاثة دراهم اعطيت واحدا وابقيت لنفسك وعيالك اثنين. انفقت الثلث الاخر يملك ثلاثة الاف انفق الف وانت لم تملك تنفق الا درهم - 00:25:02ضَ

اجركما سواء يرفع الله جل وعلا ثوابك فيجعله مثل ذلك ولا ينقص ثواب هذا. ما ينقص ثوابه وانما يزيد في ثوابك انت وكلما كان المرء اعطى شيئا وهو محتاج اليه. فالله جل وعلا يثيبه اكثر - 00:25:28ضَ

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:54ضَ