تفسير ابن كثير | سورة الجاثية

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 7- سورة الجاثية | من الأية 27 إلى 29

عبدالرحمن العجلان

رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون وترى كل امة جافية كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم - 00:00:00ضَ

هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق كنا نستنسخ ما كنتم تعملون هذه الايات الكريمة من سورة الجاثية يقول الله جل وعلا ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون - 00:00:38ضَ

جاءت بعد قوله جل وعلا واذا تتلى عليهم اياتنا بينات ما كان الا ان قالوا الا ان قالوا ائتوا بابائنا ان كنتم صادقين قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه - 00:01:10ضَ

ولكن اكثر الناس لا يعلمون ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون يبين جل وعلا انه المالك المتصرف في الكون المالك للامور كلها هو المتصرف في عباده - 00:01:36ضَ

بالاحياء والاماتة بهؤلاء المذكورين المتكلم فيهم وبغيرهم من غير هؤلاء المخاطبين وانه المالك جل وعلا ليوم القيامة الذي هو يوم البعث والمالك المتصرف في عباده كلهم جل وعلا ولله ملك السماوات والارض - 00:02:07ضَ

هو المالك الوحيد جل وعلا ويومئذ يخسر المبطلون. ويومئذ ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون يوم ظرف العامل فيه يصح ان يكون قبله ويصح ان يكون بعده قال بعض المفسرين - 00:02:47ضَ

العامل ويوم تقوم الساعة يوم قوله يخسر المبطلون يخسر المبطلون يوم تقوم الساعة ويصح ان يكون العامل فيه ما قبله ولله ملك السماوات والارض يوم تقوم الساعة ملك السماوات والارض لله في ذلك اليوم - 00:03:18ضَ

او يخسر المبطلون في ذلك اليوم ولعل الاقرب والله اعلم ان يكون العامل فيه يخسر لانه في ذلك اليوم يخسر المبطلون وملك السماوات والارض هو لله جل وعلا دائما وابدا هي ذلك - 00:03:50ضَ

يوم وفي غيره وما قبله وما بعده ويوم تقوم الساعة يومئذ يوم الثانية بدل من الاولى والتنوين في اذا بدل من الاظافة الموجودة في الاول يوم قيام الساعة يومئذ يعني يوم قيام الساعة - 00:04:11ضَ

يخسر المبطلون والمراد بالمبطلين المكذبون الكافرون وذلك انه يظهر الخسران جليا في الدنيا قد ينعم فيها الكافر والمبطل والفاجر وينال من الدنيا مناه لان الله جل وعلا يعطي الدنيا من يحب - 00:04:36ضَ

ومن لا يحب وانما تظهر خسارة الكافر جلية واضحة متى يوم القيامة يوم قيام الساعة ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر يظهر الخسران وذلك في شوقهم الى النار والعياذ بالله وذلك ان يوم قيام الساعة - 00:05:04ضَ

هو يوم الجزاء والحساب المحسن لا يظلم شيئا يوفى اعماله ويزال فيها والمسيء لا يظلم شيئا ولا يزاد في سيئاته. وانما يجازى بها وما دام كافرا فانه لا نصيب له ولا حظ له في المغفرة ولا في دخول الجنة - 00:05:32ضَ

لان المسيء الموحد في الدار الاخرة ان تاب من ذنبه قبل ان يموت الله جل وعلا يتوب عليه وان مات على ذنبه مع توحيده وايمانه بالله يقول اهل السنة والجماعة مآله الى الله يقولون تحت المشيئة ان شاء الله جل وعلا غفر له بتوحيده - 00:06:05ضَ

واعماله الصالحة وتجاوز عن سيئاته وان شاء جل وعلا عذبه بسيئاته ثم مآله الى الجنة اما الكافر والمبطل والمنافق فهؤلاء مآلهم الى النار ولابد ولا حظ لهم في المغفرة ولهذا يظهر خسرانهم جليا - 00:06:36ضَ

واضحة ولذا قال الله تعالى ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون يخبر تعالى انه مالك السماوات والارض الحاكم فيهما في الدنيا والاخرة ولهذا قال ويوم تقوم الساعة - 00:07:00ضَ

اي يوم القيامة يخسر المبطلون وهم الكافرون بالله الجاحدون ما انزله على رسوله من الايات البينات والدلائل الواضحات ثم قال وترى كل امة جاثية كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون - 00:07:26ضَ

ترى هذه الخطاب قال بعض المفسرين للنبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل هو لكل من يتأتى خطابه. يعني لكل عاقل وترى هذه يصح ان تكون بصرية وان تكون علمية - 00:07:57ضَ

بصرية يعني مما يدرك بالبصر مثل ما تقول رأيت محمدا يعني رأيته ببصرك او علمية يعني ادركت ذلك بعلمي يقول رأيت الله اكبر كل شيء رأيت الله اكبر ورأى البصرية تنصب مفعولا واحدا - 00:08:24ضَ

ورأى العلمية تنصب مفعولين فاذا كانت هذه بصرية ويكون مفعولها وترى كل كل امة وجاسية حال وان كانت علمية وهي تنصب مفعولين كل المفعول الاول وجاسية المفعول الثاني. وترى كل امة جاثية - 00:08:54ضَ

والمراد بالامة الجماعة من الناس او اهل الدين الواحد اهل الملة الواحدة ترى جميع الامم والجثو هو ان يجلس الانسان على ركبتيه وعلى اطراف قدميه يقول جثا على ركبتيه الركبتان على الارض واطراف القدمين - 00:09:29ضَ

وهذه جلسة المتحفز المهتم ليست جلسة المطمئن المستريح وترى كل امة جاثية هذا الجثو عن الاهتمام والتحفظ والهم لما يحصل لانه لا يدري كل امرئ ماذا يكون مآله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:10:08ضَ

كاني اراكم دون جهنم جاثين يتصورهم صلى الله عليه وسلم يقول كاني اراكم وهذا الجثول لجميع الامم وقيل المراد الامم الكافرة فقط والاول اقرب والله اعلم لان الله جل وعلا قال - 00:10:41ضَ

وترى كل امة جاثية كل امة تدعى الى كتابها ادعى الى كتابها المؤمنة والكافرة وقال فيما بعد بالتفصيل فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين. واما الذين كفروا افلم تكن اياته تتلى عليكم فاستكبرتم؟ وكنتم قوما مجرمين - 00:11:10ضَ

فالجثو اذا لجميع الامم كما سيأتينا بما ورد ان منهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام وترى كل امة جاثية كل امة تدعى الى كتابها. المراد بهذا الكتاب الكتاب المنزل عليهم من الله - 00:11:41ضَ

امة الاسلام القرآن اليهود التوراة النصارى الانجيل وهكذا كل امة حسب ما نزل على نبيهم وقيل المراد بكتابها كتاب اعمالها ينشر لكل امة ولكل فرد كتاب عمله كما قال الله جل وعلا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا - 00:12:11ضَ

حاسب نفسك بنفسك كل شيء مسجل حسناتك محفوظة وسيئاتك واعمالك محفوظة تدعى الى كتابها للحكم فيها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ما قال تجزون بسيئاتكم ولا تجزون بحسناتكم تجزون بما كنتم تعملون - 00:12:51ضَ

العامل خيرا يجده والعامل سوءا يجده وكما قال الله جل وعلا في الحديث القدسي يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله. الذي وفقه للخير - 00:13:19ضَ

ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه هذا عملك اليوم تجزون ما كنتم تعملون. تجزون باعمالكم وبحسب ما قدمتم ان كنتم قدمتم خيرا وجدتموه عند الله جل وعلا ان الله لا يظلم الناس شيئا. ولكن الناس انفسهم يظلمون - 00:13:44ضَ

ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها والله جل وعلا من جوده وكرمه لا يزيد في في السيئات وانما يزيد في الحسنات يزيد في الحسنات ولا يزيد في السيئات - 00:14:10ضَ

لان الزيادة في الحسنات تكرم وجود وفضل واحسان والله جل وعلا اهل الكرم والجود والزيادة في السيئات ظلم والله جل وعلا منزه عن الظلم يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا - 00:14:30ضَ

اليوم تجزون ما كنتم تعملون. بحسب اعمالكم وترى كل امة امة جافية اي على ركبها من الشدة والعظمة ويقال ان هذا يكون اذا جيء بجهنم فانها تزفر زفرة لا يبقى احد الا جثا على الا جثا لركبتيه - 00:14:57ضَ

حتى ابراهيم الخليل ويقول ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام نعم ويقول نفسي نفسي لا اسألك اليوم الا نفسي مواقف يوم القيامة متفاوتة كما قال الله جل وعلا يوم يفر المرء من اخيه - 00:15:22ضَ

وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه كل واحد مشغول بنفسه. تلحقه امه تسأله شيئا لا يلتفت لها. يلحقه ابوه لا يلتفت له يلحق امه يلحق اباه لا يلتفتان له. كل واحد مشغول بنفسه - 00:15:48ضَ

فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ويأتي مواقف يسأل بعضهم عن بعض كما قال الله جل وعلا والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم - 00:16:12ضَ

اذا دخل اهل الجنة الجنة سأل بعضهم عن بعض ومن كان منهم من اهل الجنة ورتبته نازلة وابواه فوقه في المنزلة فالله جل وعلا يشفع الابوين للاولاد في رفعهم الى المنزلة العالية لتقر اعين الاباء بالابناء والاولاد - 00:16:40ضَ

وحتى ان عيسى ليقول لا اسألك اليوم الا نفسي لا احد يسأل الا عن نفسه. نعم لا اسألك اليوم مريم التي ولدتني قال مجاهد وكعب الاحبار والحسن البصري كل امة جافية اي على الركب - 00:17:06ضَ

وقال عكرمة جاثية متميزة على ناحيتها وليس على الركب والاول اولى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون يقول الله جل وعلا للخلق اليوم تجزون ما كنتم تعملون - 00:17:27ضَ

على ماذا يقول جل وعلا هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق كتاب اعمالكم كتاب حسناتكم كتاب سيئاتكم كله مكتوب قد يقول قائل قال الله جل وعلا كل امة تدعى الى كتابها - 00:17:55ضَ

ثم قال جل وعلا هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق اولا اضافه الى الامم ثم اضافه اليه جل وعلا هل فيه تعارض ومن المعلوم قطعا انه لا تعارض بين ايات القرآن اطلاقا. لانها تنزيل من حكيم حميد - 00:18:19ضَ

ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا كل امة تدعى الى كتابها على انه كتاب الاعمال نسب اليها لان فيه حسناتها وسيئاتها. مسجل فيه حسنات وسيئاته هذا كتابنا لان الله جل وعلا هو الذي امر به - 00:18:42ضَ

فهو جل وعلا امر الملائكة بكتابة الاعمال بهذا الكتاب. فاظافه جل وعلا الى نفسه. هذا كتاب هنا ينطق عليكم بالحق كما قال الله جل وعلا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها - 00:19:10ضَ

ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق. يبين لكم ما حصل منكم سجل لكم اعمالكم دون الحسنات ودون السيئات هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق - 00:19:33ضَ

يجوز انه يتكلم بامر الله جل وعلا ويجوز ان المراد بالنطق كتابة الشيء وايظاحه. يعني يبين كل شيء مكتوب انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون لا تظنوا انا كنا تركناكم في الدنيا هملا - 00:19:56ضَ

لا كما قال الله جل وعلا ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ملك على الجانب الايمن يكتب الحسنات وملك على الجانب الايسر يكتب السيئات ومن جود الله جل وعلا وكرمه ومحبته للتجاوز - 00:20:18ضَ

ان جعل ملك الحسنات اميرا على ملك السيئات فكلما عمل المسلم حسنة سجلها الملك مباشرة بدون الرجوع الى احد واذا عمل المسلم سيئة استأذن الملك الملك الاخر. هل يكتبها؟ قال انتظر - 00:20:42ضَ

لعله ان يستغفر او يتوب لعله ثم يستأذن فيقول انتظر لعله ان يستغفر ويتوب فان لم يستغفر ولم يتب قال اكتبها اراحنا الله منه فبئس القرين هو اشغلنا بكتابة سيئاته - 00:21:09ضَ

لان الملك يشر في كتابة الحسنات ويسارع ويسوءه ان يعصى الله جل وعلا هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون يعني نسجل كل اعمالكم ورد ان الملائكة يسجلون كل ما يصدر فاذا ارتفعوا الى الله جل وعلا - 00:21:30ضَ

امرهم باثبات ما فيه حسنات يجازى بها وما فيه سيئات كذلك وما كان مباحا لا ثواب ولا عقاب عليه محي باذن الله وقيل المراد انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون - 00:22:00ضَ

يعني انكم تعملون في الدنيا وعملكم فيه مطابق لما كتب في علم الله ازلا جل وعلا لان الانسان يعمل في هذه الدنيا حسب ما في علم الله جل وعلا لان الله جل وعلا علم ما العباد عاملون قبل ان يخلقهم - 00:22:23ضَ

وقال عليه الصلاة والسلام لما قال لهم ذلك قالوا اذا ففيم العمل يا رسول الله ما دام كل انسان معروف مآله معروف عند الله جل وعلا. قال عملوا فكل ميسر لما خلق له - 00:22:49ضَ

واهل السعادة يسرون لعمل السعادة باذن الله واهل الشقاوة والعياذ بالله ييسرون لعمل اهل الشقاوة فالملائكة تكتب الحسنات والسيئات وتسعد الى الله جل وعلا وتقابلها بما في اللوح المحفوظ فتجدها سواء بسواء - 00:23:06ضَ

لان المرء لا يخرج عما اراده الله جل وعلا له انا كنا نستنسخ يعني نثبت او نقابل عملكم في الدنيا بما سجل عليكم في اللوح المحفوظ. انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون اعمالكم - 00:23:29ضَ

سنجازيكم بها. فالجزاء على العمل ان خيرا فخير وان شر فشر والعياذ بالله والمؤمن ييسر لعمل اهل السعادة ويسأل الله جل وعلا الثبات والاستقامة والكافر والفاجر والمنافق والفاسق والعياذ بالله ييسر لعمل اهل الشقاوة والعياذ - 00:23:50ضَ

هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق اي استحضروا جميع اعمالكم من غير زيادة ولا نقص لقوله تعالى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها - 00:24:13ضَ

ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا وقوله انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون اي انا كنا نأمر الحفظة ان تكتب اعمالكم عليكم قال ابن عباس وغيره تكتب الملائكة اعمال العباد - 00:24:38ضَ

ثم تصعد بها الى السماء. فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الاعمال على ما بايديهم مما قد ابرزوا لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر مما كتبه مما كتبه الله في القدم على العباد قبل ان يخلقهم - 00:25:01ضَ

ولا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ثم قرأ انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:21ضَ