تفسير ابن كثير | سورة فاطر

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 13- سورة فاطر من الآية (39) إلى الآية (40).

عبدالرحمن العجلان

الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم هو الذي جعلكم خلائف في الارض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا - 00:00:00ضَ

ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله اروني اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات لهم شرك في السماوات ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه - 00:00:31ضَ

بل ان يعد الظالمون بعضهم بعضا الا غرورا هذه الايتان الكريمتان من سورة فاطر يقول تعالى عن نفسه وعن كمال قدرته جل وعلا هو الذي جعلكم خلائف في الارض والذي جعلكم - 00:01:06ضَ

قذائف جمع خليفة ويصح ان يكون جمع المستخلف مفرده خليفة وخليفة ويجمع خلع ويجمع خليفة على خلائف ويجمع خليف كثيرا على خلفاء اي جعلكم يا هذه الامة سلفا من بعد امة - 00:01:53ضَ

او امم مضت وانتهت فلستم الاولون لا تدرون ماذا يحصل بل انتم خلف او خلفاء او خلائف لامم قبلكم وقد علمتم ورأيتم يا عيونكم وبقلوبكم ما حصل لمن اطاع الله - 00:02:45ضَ

جل وعلا من النصر والتعييد والتمكين في الارض والغلبة على العدو كما علمتم خذلان الله جل وعلا لمن عصاه وعصى رسله من الهلاك والتدمير والعذاب الذي علمتم عنه فانتم تعلمون حال من قبلكم من قبلكم - 00:03:34ضَ

المرء هو الاول قال ما يدري ما النتيجة وما رأى شيئا يخوفه وما رأى شيئا يبشره فهو لا يدري لكن الله جل وعلا يمتن على هذه الامة لانها كانت خلفا - 00:04:27ضَ

لامم سبقت وقيل جعلكم خلائف الارض يعني جعلكم خلفاءه في الارض جعلكم خلفاء الله الارض يعملون بما يأمر الله به وتنتهون عما ينهى الله عنه وتحكمون بما يرضي الله وتجتنبون ما يسخطه - 00:05:05ضَ

وقيل جعلكم خلفاء جعلكم خلائف في الارض اي بعضكم يخلف بعضا الاباء اذا كبروا الابناء ثم اذا كبروا خلفهم الابناء وهكذا ما تنقطعون وما تنتهون امتن الله على هذه الامة - 00:06:02ضَ

في هذه المنة وكلا المعاني الثلاثة صحيحة فهذه الامة خلف عن امم مضت وهذه الامة خلفاء الله في الارض وهذه الامة يخلف بعضها بعضا جعلها الله جل وعلا هي الباقية - 00:06:45ضَ

الى قيام الساعة حتى يأذن الله بزوال الدنيا نهائيا فهذه منة ومن ونعمة على هذه الامة نحمد الله عليها وقوموا بحقها ثم ان الناس ينقسمون تجاه هذه النعمة الى قسمين - 00:07:25ضَ

قسم يكفر وقسم يشكر فهل الاولون الكفار يضرون الله جل وعلا ام يضرون المؤمنين فمن كفر فعليه كفره عقوبة كفره عليه وكما قال الله جل وعلا ولا تزر وازرة وزر اخرى - 00:08:03ضَ

وقد امن بعض الاباء وكفر بعض الابناء وقد امن بعض الابناء وكفر بعض الاباء فالكافر لا يظير المؤمن سواء كان المؤمن اباه او اخاه او زوجه لا يضيره ومن كفر - 00:08:45ضَ

فعليه كفره هذا فيه وعيد لمن كفر بالله بان عقوبة كفره عليه وفيه تأنيس وتبشير للمؤمنين لان المؤمن لا يتضرر من كفر ابيه او كفر اخيه او كفر ابنه او كفر زوجته - 00:09:23ضَ

لا يضيره يحسن العمل هو فيما بينه وبين الله ولا عليه من كفر من كفر فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا اي غضب وبغض - 00:10:04ضَ

الكافر كلما عمر وطال عمره لا يفرح بل ذلك يزيده من الله بغضا يزيده من الله غضبا يزيده من الله مقتا يزيده من الله خسارا فهو لا يظن ان تعميره - 00:10:43ضَ

وبقاءه في الدنيا وطول عمره خير له. لا بل هو شر له ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم عند الله جل وعلا الا وقتا اي غضبا وبغضا والمؤمن بخلاف ذلك - 00:11:20ضَ

كلما زاد عمره وطال وذلك خير له كما قال عليه الصلاة والسلام خيركم من طال عمره وحسن عمله وطول العمر خير للمؤمن حتى وان قصر في الاعمال في اخر عمره - 00:11:58ضَ

او ضعف عن العمل او اصبح في مرض او في غيبوبة لا يدري ما العمل فذلك خير له لانه يجرى له ما كان يعمل صحيحا مقيما وقال عليه الصلاة والسلام - 00:12:29ضَ

الكافر كلما طال عمره فهو في شر وبغض والمؤمن كلما طال عمره في خير قد يظن بعض الناس ان المؤمن اذا كبر واصبح لا يدرك او ضعف عن كثير من الاعمال وصار لا يؤدي الا الفرائض - 00:12:58ضَ

او ربما يقصر في الفرائض لضعف عقله وادراكه من الشيخوخة والكبر ان ذلك ربما يضره في سوء الخاتمة لا ليس الامر كذلك ما دام انه في حال الصحة والقدرة كان قادر ويعامل ومجتهد - 00:13:29ضَ

واجتهاده وعمله يجرى له بفضل الله ورحمته لا يساء به الظن او يظن ان تقصيره في العمل في حال الشيخوخة ضرر عليه ليس كذلك بل حتى لو اصبح لا يدرك ولا يعي من الامر شيء ولا يصلي ولا يصوم لفقد العقل - 00:13:55ضَ

فعمله السابق يجرى له المؤمن يوعى له رصيد عند الله ويحرص عليه ان رصيده مضاعف في حال الكبر يكتب له وان لم يعمله فضل من الله واحسان بخلاف الكافر فهو كلما - 00:14:29ضَ

ازداد في الكفر ازداد من الله بغضا. وازداد من الله بعدا وازداد من الله غضبا ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا ثم كرر جل وعلا فقال ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا - 00:14:55ضَ

نقصا وهلاك الخسارة النقص يقال خسر في تجارته بمعنى نقصت ونقص رأس ماله وحتى اذا كبر ولم يعمل ولم يوصيك عشاءته السابقة فهو يزداد من الله بعدا لانه لم يقدم خيرا يحسب له - 00:15:27ضَ

والله جل وعلا سجل عليهم الكفر التوبيخ وتشكيل هذا الوصف الشنيع عليهم وقال ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا. ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا وتكراره لتشكيل هذا الشنيع - 00:16:12ضَ

الذي هو الكفر عليهم وان هذا هو السبب في بعدهم وخسارتهم وان المقت جاء بسبب الكفر وان الخسارة جاءت بسبب الكفر وهم خاسرون ممقوتون مبغضون عند الله وفي هذا تحذير - 00:16:47ضَ

لمن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم في وقته وبعده حتى قيام الساعة ثم ان الله جل وعلا امر عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بان يقول للكفار قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله - 00:17:19ضَ

اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه هؤلاء الالهة اللات والعزى ومنات والاشجار والاحجار وما عبد من دون الله من اصنام - 00:17:59ضَ

جمادات او حيوانات ارواح او غير ذوات ارواح اروني ماذا خلقوا من الارض قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون شركاءكم يعني الذين جعلتموهم شركاء لله يصلح هذا او الذين جعلتموهم شركاء لكم - 00:18:33ضَ

في اموالكم وما خولكم الله يقولون هذا لنا وهذا للالهة ويعزلون من اموالهم نصيبا لالهتهم فهم جعلوا الالهة شركاء لهم فيما اعطاهم الله او شركاء لله في العبادة ماذا خلقوا من الارض؟ يعني هل - 00:19:13ضَ

هم يستحقون العبادة هل خلقوا شيئا من الارض البحار والله خلق الانهار خلق الماء والله خلق الارض خلقوا الجبال والله خلق الاشجار ماذا خلقوا حتى يمكن ان نقول ان له قدرة - 00:19:53ضَ

اروني ماذا خلقوا من الارض ما يستطيعون ان يقولوا ان الهتنا انطلقت الجبال او خلقت الاشجار او خلقت الحيوانات او خلقت الماء لا يستطيعون ذلك ما اجابوا بشيء ثم ان الله جل وعلا اضرب عن هذا وقال - 00:20:25ضَ

ما دام ما لهم شيء في الارض ام لهم شرك في السماوات هل السماء الدنيا لهم؟ والسماء الثانية لله؟ تعالى الله ام هم اعانوا الله على خلق السماء ام لهم تصرف في السماوات - 00:20:57ضَ

ام لهم شرك يعني مشاركة في خلق السماوات او في رفع السماوات او في ايجاد السماوات ما لهم شيء من ذلك ما يستطيعون ان يقول اولوا ان لالهتنا السماء الدنيا والسماء الرابعة والسماء الخامسة لا - 00:21:24ضَ

يعرفون ذلك ام اتيناه كتابا فهم على بينة منه ام اتيناهم اعطيناهم او انزلنا عليهم كتابا ابحنا فيه الشرك او اجزنا لهم الشرك او افهمناهم بان هذه الالهة تنفع يقولون جاءنا كتاب من قبل من الله - 00:21:49ضَ

ولا نقبل ما تقول يا محمد. عندنا حجة عندنا برهان عندنا كتاب نازل من قبل يقول لنا تقربوا الى فلان وعلان فانهم ينفعون عند الله. ما جاءهم شيء من ذلك - 00:22:30ضَ

ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه. بينة فيها قراءتان بينة مفردة فهم على بينات منه الافراد والجمع وهم على بينة منه يعني انتم ايها المشركون عبدتم هذه الالهة لماذا - 00:22:50ضَ

هل لها خلق في الارض هل لها مشاركة في السماء هل جاءكم كتاب من الله يقول لكم انها تنفع او تقربوا اليها كل هذا منفي وما حصل وما جاء وليس لهم شيء في ذلك وهم يعرفون هذا موقنين - 00:23:19ضَ

فاضرب جل وعلا عن هذا كله بانه ليس لهم شيء من ذلك وقال بل ان يعد الظالمون بعضهم بعضا الا غرورا بل هذه نافية بمعنى ماء بل ما يعد الظالمون بعظهم بعظا الا غرور - 00:23:51ضَ

الظالمون والكبراء في الشر والشرك يقولون للعامة الاسلام اتباعه قليل واتباعه الضعفاء واتباعه الفقراء ونحن الاغنياء ونحن يعطينا الله ما نحب وهؤلاء محرومون يقولون هؤلاء الذين اتبعوا محمد نلتفت عليهم في ساعة من ليل او نهار فنقضي عليهم - 00:24:20ضَ

هؤلاء لا قيمة لهم عند الله ولا عند الناس هؤلاء ضعفاء فقراء وهكذا وهم يعدون اتباعهم وعدن غرر لا صدق فيه وهكذا الكبرى في الظلال يمنون ويرجون اتباعهم بامور يعرفون انها لن توجد ولن تتحقق. لكن من باب التغرير بهم - 00:25:06ضَ

اصبروا وسيكون كذا سنعطيكم كذا وسيوجد كذا وسنعمل لكم كذا الى اخره ولا يحصل شيء من ذلك ولهذا قال جل وعلا بل ان يعد الظالمون بعظهم بعظا كلهم متصفون بالظلم - 00:25:50ضَ

التابع والمتبوع الرؤسا والقادة والعامة والرعاة كلهم ظالمون واكثر ما ظلموا ظلموا انفسهم بل ان يعد الظالمون بعضهم بعضا الا غرورا ما يعدهم ما يعد بعضهم بعضا الا الغرور الكذب - 00:26:15ضَ

والتمويه ولا حقيقة لما يقولونه لهم والضمير في قوله ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه يصلح ان يكون للالهة التي التي هي الشركاء ويصلح ان يكون للكفار للمشركين انفسهم - 00:26:39ضَ

ام اتيناهم يعني اتينا الالهة والشركاء كتابا اجزنا فيه عبادتهم ويصح ان يكون عائدا الى المشركين وفي هذا تنبيه للكفار انهم ليسوا على شيء وانهم على غرر وجهالة وضلالة وان من توجه الى غير الله - 00:27:15ضَ

طالبا منه النفع او كشف الضر انه خاسر وهالك ومبعد من الله جل وعلا ومبغض وكان الكفار الاولون عندهم شيء من العقل اكثر من كفار متأخر الازمان وكان الاولون اما كفار - 00:27:53ضَ

واما مؤمنون وفيهم المنافقون الذين هم على الكفر حقيقة وهم في الظاهر مع المؤمنين لكن المصيبة ان كثيرا ممن ينتسب الى الاسلام في هذه العصور هو واقع في الشرك الاكبر - 00:28:32ضَ

والشرك الاكبر مخرج من الملة المشركون الاولون مشركون ويعرفون ذلك ومعادون للنبي صلى الله عليه وسلم ويردون دعوته ومشركوا هذا الزمان ومن قبله يدعون الاسلام وربما حجوا وزكوا وصلوا وهم على الكفر المحظ - 00:28:57ضَ

الكفر البين اذا توجهوا الى ضريح من الاضرحة يطلبون منه الغوث او المدد او النصر او الولد او المال او الصحة اورد الغائب او كشف السوء او نحو ذلك بهذا يخرج من الملة وما يبقى معه من الاسلام شيء - 00:29:39ضَ

حتى وان امضى الليل والنهار راكعا وساجدا لله ما ينفعه ذلك لان الشرك محبط للعمل والدعاء مخ العبادة فاذا دعا غير الله فقد صرف شيئا من العبادة لغير الله فحبط عمله - 00:30:04ضَ

كثير ممن ينتسب الى الاسلام وواقع في الشرك الاكبر فلا ينفعه انتسابه ولا عمله لان الله جل وعلا حذر من الشرك قال تعالى لعبده ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - 00:30:28ضَ

ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك ولا تكونن من الخاسرين والله جل وعلا يعلم اجلا بان محمدا صلى الله عليه وسلم لا يقع في الشرك - 00:30:53ضَ

لكن هذا تنبيه للامة ما فيش شرك حبط عمله فما بالك بغيره من باب اولى اذا وقع في الشرك اذا طلب من غير الله ما لا يطلب الا من الله فقد كفر بالله - 00:31:13ضَ

واشرك وحبط عمله وفي هذا تحذير للامة من الوقوع في الشرك والتنبه والحذر من ان يقع الانسان في شيء يحبط عمله وهو لا يشعر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:31:51ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:32:18ضَ