تفسير ابن كثير | سورة فاطر

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 14- سورة فاطر من الآية (41) إلى الآية (43).

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ولان زالتا ان امسكهما من احد من بعده - 00:00:00ضَ

انه كان حليما غفورا واقسم بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدا لا يكونن احدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا استكبار في الارض ومكر السيء - 00:00:32ضَ

ولا يحيق المكر السيء الا باهله فهل ينتظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلات هذه الايات الكريمة من سورة فاطر قوله جل وعلا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا - 00:01:06ضَ

ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده جاءت لبيان كمال قدرة الله جل وعلا بعد بيان ضعف الالهة وعجزها التي تعبد من دون الله الاية التي قبلها قوله جل وعلا - 00:01:54ضَ

قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله اروني ماذا خلقوا من الارض امنهم شرك في السماوات ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل ان يعد الظالمون بعظهم بعظا الا غرورا - 00:02:33ضَ

ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا الالهة من دون الله عاجزة لم تخلق شيئا في الارض وليس لها مشاركة في السماء ولم يأذن الله جل وعلا في كتاب سابق او مع او - 00:03:04ضَ

من رسول سابق بانها تعبد من دون الله. بل هي عاجزة ضعيفة اما مخلوق ضعيف او جماد لا حراك به ولا ينفع ولا يضر بخلاف القادر العظيم جل وعلا. ان الله يمسك السماوات والارض ان - 00:03:27ضَ

السماوات والارض قائمة بامر الله جل وعلا وهو الذي يمسكها كما في قوله تعالى ويمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه لو اراد ذلك لوقعت وكقوله تعالى ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره - 00:03:56ضَ

ثم اذا دعاكم دعوة من الارض انتم تخرجون ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا فهو جل وعلا هو الذي يمسك السماوات والارض وهو الذي يبقيهما وهو الذي يمنعهما يمنع السماء من ان تسقط على الارض - 00:04:33ضَ

وقيل المعنى ايها المشركون تكاد السماوات منه ان تنزل وتزول عن مكانها من عظم الشرك لولا ان الله جل وعلا يمسكها كما في قوله جل وعلا تكاد السماوات يتفطرن منه - 00:05:13ضَ

وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا يعني شرككم بفظاعته وعظمه تكاد السماوات ان تسقط منه لولا ان الله جل وعلا يمسكها ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده - 00:05:51ضَ

ولانزالتا ولئن هذه فيها وفيها شرط ولان زالتا ان امسكهما من احد من بعده اي لا يستطيع احد ان يمسكها لو اراد الله جل وعلا زوالها فهل يستطيع احد من المخلوقين - 00:06:41ضَ

ان يمسكها او ان يمنعها من الزوال والقسم متقدم والشرط متأخر والجملة في قوله ان امسكهما من احد من بعده اي ماي امسكهما احد من بعده هذه سادة مسدة هذه جواب الشرط - 00:07:19ضَ

والجملة من الشرط وفعله وجوابه شدة مشدة جواب القسم لانه اذا اجتمع شرط وقسم ويأتي الجواب للمتأخر ويكون المتأخر وما معه من جواب مشد الجواب المتقدم الذي هو القسم هنا - 00:07:57ضَ

ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده ان هنا نافية اي ما يمسكهما احد من بعده ومن الاولى في قوله من احد هذه يسميها العلماء من الزائدة وليس المقصود انها زائدة لا معنى لها اطلاقا. بل هي للتأكيد يستفاد منها فائدة عظيمة فليس في القرآن شيء - 00:08:39ضَ

زائد لا فائدة فيه ولكن قالوا زائدة اي انها ليست لم تأتي لحرف للجر ليس لها محل من الاعراب والثانية تسمى ابتدائية من من بعده انه كان حليما غفورا ومن حلمه جل وعلا - 00:09:12ضَ

امهاله للمشركين فهو جل وعلا يرى من عباده الشرك والكفر وانتهاك الحرمات ويمهل جل وعلا بلا اهمال ولكنه امهال لحلمه جل وعلا وهو جل وعلا حليم ومن حلمه الامهال وامهاله لا يفوت شيئا - 00:09:42ضَ

ان الشيء في قبضته جل وعلا بخلاف امهال المخلوق فهو لا يمهلك كثيرا يخشى من الفوات فهو جل وعلا يمهل ولا يخشى من الفوات لان الشيء في قبضته وبين يديه جل وعلا - 00:10:22ضَ

انه كان حليما غفورا اي كثير المغفرة والرحمة وهو جل وعلا يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل وهو جل وعلا اذا اتاه عبده تائبا قبله وان عظمت ذنوبه - 00:10:51ضَ

وهو غفور اي كثير المغفرة غفور هذه تسمى صيغة مبالغة يعني كثير المغفرة جل وعلا وكما في قوله تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب - 00:11:24ضَ

انه هو الغفور الرحيم وكما في الحديث القدسي من تقرب الي شبرا تقربت اليه باعا ومن تقرب الي من تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا. ومن تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا. ومن اتاني يمشي - 00:11:48ضَ

هرولة انه كان حليما غفورا. ومن حلمه وغفرانه جل وعلا. ان المشرك اذا تاب الى الله جل وعلا تاب عليه وان التوبة تجب ما كان قبلها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم التائب من الذنب كمن لا - 00:12:11ضَ

يا ثاب العبد من ذنبه ايا كان مهما عظم اعظم الذنوب الشرك بالله اذا تاب منه العبد تاب الله عليه وغفر له انه كان حليما غفورا ترغيب من الله جل وعلا لعباده بان يتعرضوا لمغفرته ورحمته ويتقرب اليه - 00:12:43ضَ

يتقرب اليه فلا ييأس العبد ولا يقول ذنب عظيم لا يغفره الله او انا كبرت وشبت فكيف اتوب وانا في وقت القوة والقدرة كنت منهمك في المعاصي لو تبت لا يقبل مني - 00:13:14ضَ

ولو لم اتب ما استطيع ان اعمل شيء الان وتوبتي توبة عاجز اقول هذا يقول الله جل وعلا لا يقبل الله جل وعلا توبة العبد ما لم يغرغر اذا عاين الملائكة بين يديه لقبض روحه - 00:13:40ضَ

حينئذ خلاص هذه ما تنفع لان هذه التوبة كتوبة فرعون حينما قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل. قيل له الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ما ينفع - 00:14:04ضَ

قبل ان يعاين الملائكة فالله جل وعلا يقبل توبة العبد اقسم بالله جهد ايمانهم لان جاءهم نذير ليكونن اهدا من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا واقسموا بالله من هم - 00:14:26ضَ

كفار قريش يهدأ ايمانهم يعني منتهى قدرتهم في اليمين لانهم كانوا اذا اهتموا باليمين حلفوا بالله واقسم بالله يهدأ ايمانهم كفار قريش مشرقوا قريش اعقل واحكم من مشركي زماننا على ما فيهم - 00:15:04ضَ

من الشرك والكفر بالله اولئك اذا ارادوا اليمين المؤكدة حلفوا بالله وهؤلاء اذا ارادوا اليمين المؤكدة حلفوا بمن يعبدونه ويعظمونه من دون الله. وتجده يحلف بالله ولا يبالي لانه ليس - 00:15:44ضَ

في قلبه شيء من محبة الله جل وعلا وخوفه تجد خوفهم ووجلهم ومحبتهم لالهتهم فقط مشرفو زماننا لو طلبت منه ان يحلف بالله على امر من الامور حلف ولا يبالي لكن تقول احلف بكذا الذي هو يعظمه - 00:16:09ضَ

سيده واله من دون الله ما حلف الا عن يقين واولئك كفار قريش اذا ارادوا اليمين المؤكدة حلفوا بالله واذا ارادوا غيرها وقل منها حلفوا باللات والعزى ومنات يقول الله يقول الله جل وعلا واقسموا بالله جهد ايمانهم - 00:16:34ضَ

لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم كانوا قبل ان يبعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم يغبطون اليهود والنصارى يقول اليهود والنصارى يأتيهم رسل ويأتيهم انبياء لعنة الله عليهم تأتيهم الرسل من الله وما يتبعونهم وما يصدقونهم - 00:17:04ضَ

حلفوا بالله لو جاءهم رسول من الله لكانوا اهدى واكثر استقامة من اولئك اليهود والنصارى واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم اهدى من اليهود والنصارى - 00:17:35ضَ

او اهدى من اي امة من الامم يشار اليها بالبنان قال الله جل وعلا فلما جاءهم نذير جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم جاءهم نذير منهم يعرفونه يعرفون صدقه وامانته - 00:18:02ضَ

واستقامته يعرفون اخلاصه يعرفون محبته للخير يعرفون نسبه يعرفون انه شريف من شرفاء ما زادهم ذلك الا نفورا. كان عندهم نفور من الحق فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم زاد نفورهم - 00:18:31ضَ

كفرا بالله واستكبار وكان الاجدر بهم ان يفرحوا بذلك ان يأتيهم رسول من الله جل وعلا من بينهم من عندهم من اخوانهم من اسرتهم يعرفون نسبه يفرحون بذلك خير من ان يتبعوا اليهود او يتبعوا النصارى - 00:19:05ضَ

اذا حزبهم امر كانوا يجهزون من يذهب الى المدينة الى اليهود هناك ليسألهم واليهود عليهم لعنة الله تغرهم وتغشهم مع ما عندهم من العلم فهم خونة لما دعاهم محمد صلى الله عليه وسلم الى الهدى - 00:19:30ضَ

ارسلوا وفدا من عندهم من كفار قريش الى المدينة ليسأل اليهود هل طريقتنا اسلم ام طريقة محمد؟ الذي فعل وفعل وفعل قالت اليهود عليهم لعنة الله طريقتكم احسن واكمل فلا تتبعوه - 00:20:02ضَ

وهم يعرفون اليهود يعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم انه خاتم المرسلين كما يعرفون ابناءهم فلما جاءهم نذير اي ما تمنوه وطلبوه اود ان يكون ما زادهم الا نفورا يعني لما جاءهم النذير - 00:20:22ضَ

ازدادوا نفورا عن الحق وبعدا عاندوا الرسول وزاد نفورهم والا مجيء الرسول ليس نفورا وانما معاندتهم للرسول وردهم لقوله ازدادوا به ظلالا الى ظلالهم. وازدادوا به كفرا الى كفرهم كما قال الله جل وعلا فزادتهم رجسا الى رجسهم - 00:20:52ضَ

استكبارا في الارض تكبر وتعاظم اتبع محمد صلى الله عليه وسلم او ان يجلسوا معه وحوله الضعفاء والفقراء والغرباء تكبر حتى ان بعضهم قال يا محمد انا نحب ان نجلس معك ولكن حولك هؤلاء - 00:21:43ضَ

الفقراء والضعفاء رائحتهم قبيحة ما نستطيع ان نجلس معهم ونستحي ان نجلس مع هؤلاء. اطردهم وانا اجلس معك ونسمع منك انزل الله جل وعلا ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه - 00:22:10ضَ

ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ما زادهم الا نفورا اي بعدا عن الحق قالوا نفر بمعنى ابعد اكبارا في الارض - 00:22:32ضَ

اي لاجل الكبر الذي في نفوسهم وفي قلوبهم ومكر السيء ومكر السيء اي لاجل المكر اي لاجل المكر السيء هم مكرة يريدون ان يمكروا والاسلام يمنعهم من ذلك وهم يخادعون كما قال الله جل وعلا - 00:22:54ضَ

يخادعون ويغرون الضعفاء والمساكين الذين يتبعونهم والرعاة ومكر السيء المكر قد يكون خفيف وقد يكون مكر سيء اشد فهذا من اضافة الشيء الى صفته كما يقال مسجد الجامع وصلاة الاولى - 00:23:29ضَ

يعني يصح اضافة الشيء الى صفته استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء الا باهله المكر السيء عاقبته تعود لمن مكر ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين من مكر مكر الله به - 00:23:59ضَ

قال محمد ابن كعب القرظي ثلاث من فعلهن لم ينجوا حتى ينزل به من مكر او بغى او نكث مكر وبغي ونكث نكث العهد يقول وتصديقها في كتاب الله ولا يحيق المكر السيء الا باهله. هذه الاية التي معنا - 00:24:42ضَ

انما بغيكم على انفسكم ومن نكث فانما ينكث على نفسه ولا يحيق المكر السيء يحيق بمعنى يحيط. وبمعنى ينزل يعني ينزل المكر بصاحبه يحيط المكر بصاحبه يعود عليه لا يسلم منه ابدا - 00:25:19ضَ

فهل فهل ينظرون الا سنة الاولين ماذا ينتظر كفار قريش هل ينتظرون ما ينتظرون الا سنة الاولين سنة الله جل وعلا في الاولين معلومة ان الله يؤيد من اطاعه ويخذل من عصاه - 00:25:48ضَ

يؤيد رسله والذين امنوا ويهلك الظالمين انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد فهل ينتظرون الا سنة الاولين يعني سنة الله في الامم السابقة. ماذا كانت؟ اهلكهم الله جل وعلا الظالمين. استأصلهم ولم يبقهم - 00:26:18ضَ

فلن تجد لسنة الله تبديلا. اي لا احد يستطيع ان يبدل سنة الله الله جل وعلا سن سنة بان يخذل ويهلك ويستأصل من عصاه وعسى رسله هل احد يستطيع ان يبقي ما اراد الله اهلاكه - 00:26:49ضَ

ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. لا احد يستطيع ان يحولها. الله جل وعلا اراد ان يهلك هؤلاء الظالمين. فهل يستطيع احد ان يحول الهلاك من هؤلاء الى اولئك الاخرين - 00:27:18ضَ

الذين هم اصلح لا احد ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولن تجد لسنة الله تحويلا لا احد يستطيع ان يبدل سنة الله تبديل ولا احد يستطيع ان يحول سنة الله - 00:27:41ضَ

تبديل كأن يجعل لهم النصر بدل الهلاك. لا احد يستطيع ان يبدل يجعل النصر بدل الهلاك تحويل لا احد يستطيع ان يحول الهلاك من هؤلاء الى اخرين فمن اراد الله جل وعلا اهلاكه لا يستطيع احد ان يرده - 00:28:08ضَ

لا ان يمنعه ولا ان يحوله الى جهة اخرى وفي هذا تحذير للظالمين وتخويف لهم وبيان للمآل قبل ان يكون حتى يكونوا على بصيرة وقد امهل الله جل وعلا كفار قريش - 00:28:32ضَ

واطال في مهلتهم مع تكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم ومع شدة اذاهم له امهلهم الله جل وعلا ثم استأصل من استأصل منهم في موقعة بدر العظمى والله جل وعلا - 00:29:02ضَ

يبين المآل للعباد قبل وجوده حتى يكونوا على بصيرة من امرهم ويستدرك من اراد الاستدراك من اراد الخير يتوب الى الله جل وعلا ومن اعمى الله بصيرته فقد قامت عليه الحجة - 00:29:25ضَ

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:29:51ضَ