تفسير ابن كثير | سورة العنكبوت
تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 6- سورة العنكبوت من الآية (36) إلى الآية (37).
Transcription
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم والى مدين اخاهم شعيبا وقال يا قومي اعبدوا الله وارجوا اليوم الاخر ولا تعثوا - 00:00:00ضَ
ولا تعثوا في الارض مفسدين وكذبوه فاخذتهم الرجفة واصبحوا في دارهم جاثمين والى مدين اخاهم شعيبا تقدم بعضا من قصص الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وما حصل لهم من الرد - 00:00:33ضَ
من قومهم ثم كانت العاقبة لهم والنصر والتأييد من الله جل وعلا وفي هذه الايات يقص الله جل وعلا علينا قصة شعيب مع مدين والى مدين اخاهم شعيبا وارسلنا الى مدين - 00:01:21ضَ
اخاهم شعيبا ارسل الله جل وعلا الى اهل مدين على انها بقعة او الى ذرية على انه رجل قولان للعلماء رحمهم الله ارسل اليهم شعيبا عليه السلام وقال جل وعلا - 00:02:06ضَ
والى مدين اخاهم اي انه منهم من جنسهم ويعرفونه يعرفون نسبه والصدقة فهو اخ لهم لانه منهم والله جل وعلا يرسل الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم من اشراف قومهم ليكون - 00:02:52ضَ
ادعى لقبول دعوته وتصديقه واتباعه لانه شريف فيهم وشعيب عليه السلام يسمى خطيب الانبياء بفصاحته وقوة بيانه صلوات الله وسلامه عليه حينما جاءهم ماذا قال لهم انا راهم باربع بثلاث كلمات - 00:03:39ضَ
فقال لهم يا قومي اعبدوا الله وارجو اليوم الاخر الثانية ولا تعثوا في الارض مفسدين كلمات قليلة جامعة اعبدوا الله نرجو اليوم الاخر ولا تفسدوا في الارض امرهم بما ينفعهم - 00:04:39ضَ
في الدنيا والاخرة عبادة الله وحده والخوف من يوم القيامة الاستعداد له وعدم الافساد في الارض الاذية الى الخلق اعبدوا الله هذه دعوة الرسل من اولهم الى ان ختمهم الله جل وعلا بمحمد صلى الله عليه وسلم - 00:05:20ضَ
وكلهم يدعون الى عبادة الله والشرك محرم في جميع الشرائع والله جل وعلا ما خلق الخلق الا لعبادته وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ولذا ارسل الرسل وانزل الكتب من اجل - 00:06:07ضَ
عبادته وحدة لا شريك له وقال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وكل الرسل من اولهم الى اخرهم - 00:06:44ضَ
يدعون الى عبادة الله وحده واذا عبد المرء ربه وحده لا شريك له انتفع بذلك في الدنيا والاخرة وان قل عمله واذا حرم التوحيد فاشرك مع الله غيره بطل عمله - 00:07:13ضَ
وان كان مثل الجبال كثافة وعظما اذا حرم التوحيد بطل العمل قال الله جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا قد يكون التنوين للتعظيم للكثرة من عمل - 00:07:56ضَ
كثير عظيم بالاحسان الى الخلق او الصدقة وفعل المعروف او اي نوع من انواع العمل التي يحبها الله اذا حرم التوحيد بطل العمل وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. لا قيمة له - 00:08:31ضَ
العمل النافع للخلق يثاب عليه المرء في الدنيا فقط اذا لم يكن موحدا لان الله جل وعلا لا يضيع اجر عامل فاذا كان المرء مشركا يحسن الى الخلق او فيه رقة ولطافة بالناس - 00:09:08ضَ
عنده مروءة واحسان يتصدق ينفع هذه الامور يجازى عليها في الدنيا ويقدم على الله جل وعلا في الاخرة ولا حسنة له ما دام انه مشرك كل عمله لا قيمة له في الدار الاخرة وانما قيمته في الدنيا فقط - 00:09:38ضَ
والله جل وعلا ارسل الرسل وانزل الكتب من اجل افراده بالعبادة وحده لا شريك له قد يتلاعب الشيطان العبد ويحثه على الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وصلة الرحم وبر الوالدين - 00:10:16ضَ
وغير ذلك من الاعمال الحسنة الا انه يأتيه من ناحية واحدة يفسد عليه كل هذا يأتيه من ناحية الشرك بالله يقول له ان الولي الفلاني ينفع او ان صاحب الضريح جرب نفعه - 00:11:01ضَ
ويسأله امرا لا يقدر عليه الا الله جل وعلا لا يحبط عمله كله لان الشيطان اللعين ذكي عفريت يحاول ان يهدم العمل من اساسه وان كان ظاهر عمل المرء انه صالح - 00:11:24ضَ
وانه يفعل ويفعل من الافعال الحسنة لكن يأتيه من ناحية الاساس فيهدم كل ما بنى هذا العبد المسكين بان يجره الى الشرك من حيث لا يشعر كما هو حال كثير ممن يدعي الاسلام - 00:11:59ضَ
باللجوء الى الاضرحة والمشاهد والقبور وسؤال اصحابها امرا من الامور يحبط يحبط العمل كله وهذا العمل منتشر في كثير من البلاد الا ان الله جل وعلا وله الفضل والاحسان طهر هذه البلاد - 00:12:25ضَ
ببركة دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب امام الدعوة رحمه الله وجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء والا فالتوجه الى اصحاب القبور منتشر في كثير من بلاد المسلمين وذلك محبط للعمل - 00:12:54ضَ
من اساسه فاسد وان صلى صاحبه وصام وزكى وحج واعتمر وتصدق وعمل الاعمال الصالحة اذا اوتي من ناحية التوحيد والاخلاص لله جل وعلا ودخل عليه الشيطان من هذا المدخل احبط عمله - 00:13:25ضَ
فاساس الملة التوحيد وسعادة المرء في دنياه واخرى بافراد الله جل وعلا بالعبادة وحده لا شريك له والى مدينة اخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له - 00:13:58ضَ
والدعوة الى عبادة الله جل وعلا وحده نهي عن عبادة ما سواه وارجو يوم الاخر اوقنوا بالبعث واحذروا اهواله استعدوا لذلك اليوم العظيم لان من امن باليوم الاخر حقا عمل له - 00:14:43ضَ
اخلص العمل لله جل وعلا واستعد لذلك اليوم وعلم ان الحياة الحقيقية الباقية هي الحياة الاخروية وهي المستمرة واما الحياة الدنيا زمن يسير ينقضي تنتهي الاجال فمن خاف يوم القيامة - 00:15:24ضَ
استعد له وعمل له ومن تناشه وتشاغل عنه لم يهتم العمل الذي ينفعه في ذلك اليوم وانما يهتم في العمل الذي هو هو فيه وهو معه نريد اليوم الا غدا - 00:16:11ضَ
وارجو يوم الاخر الايمان بالبعث احد اركان الايمان الستة ولا يتم ايمان العبد بالله وملائكته وكتبه ورسله حتى يؤمن باليوم الاخر الذي هو يوم القيامة وبالقدر خيره وشره ولا تعثوا في الارض مفسدين - 00:16:51ضَ
يقال عسى يعث وعسى يعفي لا تفسدوا في الارض والإفساد في الأرض بمعصية الله جل وعلا لان المعصية افشاد في الارض الله جل وعلا خلق العباد وجعل لهم الارض ليعبدوا الله فيها - 00:17:35ضَ
فعمارة الارض بالطاعة وافسادها بالمعصية وكلما كانت المعصية اعظم وهي اشد فسادا في الارض واعظم الفساد الشرك بالله ثم يليه هذا الخلق ان تؤذي عباد الله وكلما كانت المعصية اشد تعدي - 00:18:19ضَ
وضرر على الناس كانت اعظم اثما عند الله جل وعلا ولذا اذا ظهرت المعصية فلم تغير عمت الصالح والطالح نال الظرر منها الجميع واذا خفيت المعصية فلا تضر الا صاحبها - 00:19:19ضَ
اذا خفيت المعصية عمل بها العبد سرا لم يطلع على ذلك ما ضرت الاخرين وانما تضر صاحبها ويؤخذ من هذه الاية ان الافساد في الارض قرين للشرك بالله جل وعلا - 00:19:55ضَ
وعمارة الارض وجمالها بطاعة الله جل وعلا وافسادها وتخريبها في معصية الله جل وعلا ولا تعثوا في الارض مفسدين لا تفسدوا في الارض لا توقعوا الفساد في الارض بقطع السبيل - 00:20:35ضَ
او سلب الاموال او التعدي على الحقوق او سفك الدماء كل هذا من الافساد في الارض الذي نهى الله جل وعلا عنه قال الله جل وعلا فكذبوا كذبوه هل اخبرهم خبرا - 00:21:10ضَ
محتمل للصدق والكذب ام دعاهم وامرهم بامر ونهاهم عن نهي قال العلماء رحمهم الله الامر والناهي لا يكذب اما ان يطاع واما ان يعصى والله جل وعلا قال هنا فكذبوه - 00:21:53ضَ
من هو الذي قوله يحتمل الصدق والكذب هو المخبر المرء اذا اخبر بخبر وان كان موافقا للحقيقة والصواب قيل صادق وان كان مخالف للحقيقة والصواب قيل له كاذب المخبر واما الامر - 00:22:22ضَ
والناهي وهو اما ان يطاع واما ان يعصى والله جل وعلا قال في هذه الاية الكريمة فكذبوا وما دعا اليه شعيب امر ونهي قال لهم اعبدوا الله هذا امر وارجو يوم الاخر هذا امر - 00:22:52ضَ
ولا تعثوا في الأرض مفسدين هذا نهي نعم يقال هذه الاوامر والنواهي مشتملة على الاخبار وهم كذبوه لان امره ونهيه اشتمل على خبر قال يا قومي اعبدوا الله وارجو اليوم الاخر - 00:23:31ضَ
كأنه قال الله واحد لا يعبد سواه وارجو يوم الاخر البعث كانه قال البعث واقع وهم كذبوه في هذه ولا تعثوا في الارض مفسدين لانه قال الافساد في الارض حرام - 00:24:19ضَ
كذبوه قالوا لا ليس بحرام فهذه الاوامر والنواهي مشتملة على اخبار ظمنا ولذا وقع التصديق او التكذيب فيها قال الله جل وعلا فكذبوا يعني لم يقبلوا منه ولم يطيعوه وكأنهم قالوا - 00:24:55ضَ
ما تخبر به من وحدانية الله ومن البعث والنشور ليس بصحيح وما تنهى عنه من الافساد ليس بصحيح انت تخبر تقول ان الافساد في الارض حرام ليس الامر كذلك قال الله جل وعلا - 00:25:33ضَ
فكذبوه فاخذتهم الرجفة بسبب كذبهم وعنادهم وعدم قبولهم للحق عاقبهم الله جل وعلا اخذتهم الرجفة رجفت بهم الارض فخرجت قلوبهم من افواههم. فماتوا الرجفة الحركة الشديدة القوية رجفت بهم الارض - 00:26:05ضَ
والله جل وعلا قال هنا فاخذتهم الرجفة وكذلك في سورة الاعراف وقال في سورة هود عليه السلام واخذتهم الصيحة اخذتهم الصيحة وقال هنا وفي سورة الاعراف فاخذتهم الرجفة قال العلماء رحمهم الله - 00:27:10ضَ
يجوز انهم اهلكوا بسببين الرجفة والصيحة صاح بهم جبريل ورجفت بهم الارض وقيل انها حصلت واحدة ثم حصلت الثانية فماتوا كانت الصيحة من جبريل عليه السلام فرجفت بهم الارض فماتوا هلكوا عن اخرهم - 00:27:43ضَ
فاخذتهم الرجفة والرجفة هي الزلزلة الشديدة والصيحة هي الصوت القوي المهلك فاصبحوا في دارهم جاثمين اصبحوا وقد امسوا بخير وسلامة فاصبحوا في دارهم ياسمين يعني جثم بعضهم على بعض سقط بعضهم على بعض - 00:28:29ضَ
موتى صرعى هالكين وذلك بسبب تكذيبهم لرسولهم شعيب عليه الصلاة والسلام والله جل وعلا يخص هذه الايات هذه القصص الواضحة البينة للنضارة لكفار قريش لانكم اذا كذبتم محمدا صلى الله عليه وسلم - 00:29:09ضَ
اتاكم ما اتى غيركم اتاكم ما اتى غيركم من الامم وفي هذا تحذير وتخويف وبيان لاخذ الله جل وعلا لمن عصاه وانه سبحانه وان اهمله وقتا ولا فلا يهمله اذا امهله - 00:29:51ضَ
فلا يطول في الامهال فهو يمهل لعل العبد يتوب او يرجع الى الله فاذا لم يرعوي اخذه الله جل وعلا اخذ عزيز مقتدر فكذبوه فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين - 00:30:25ضَ
والفاء هنا للتعقيب لما دعاهم كذبوه جاء التكذيب بعد الدعوة فلما كذبوا جاء العذاب بعد ذلك مباشرة واخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:30:54ضَ