تفسير سورة الذاريات

تفسير سورة الذاريات ١ - فضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ايها الاخوة الاخوات نواصل تدبرنا لكلام ربنا جل وعلا. ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه ان يرزقنا بشرى نبينا محمد صلى الله عليه - 00:00:00ضَ

عليه وسلم حيث قالوا ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة. وذكرهم الله فيمن عنده نسأل الله تعالى من فضله. انتهينا بحمد الله تعالى من جزئه - 00:00:25ضَ

سمع وننتقل الى جزء الذاريات وهذا الجزء برز فيه تحقيق الجزاء والوعد والوعيد كما قال الله تعالى في سورة الذاريات انما توعدون لصادق وان الدين لواقع واقسم ايضا في سورة الطور على قوله ان عذاب ربك لواقع ما له من دافع - 00:00:45ضَ

وجاء في سورة النجم ان وحي الله تعالى حق وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وما جاء في هذا الوحي من الايمان بالبعث ويوم القيامة حق والجزاء حق كما قال الله تعالى - 00:01:16ضَ

وان ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى. وان الى ربك المنتهى ثم جاءت سورة القمر ايضا تنذر بعذاب الله فكيف كان عذابي ونذر؟ فكيف كان عذابي ونذر؟ وفي المقابل جاءت سورة - 00:01:37ضَ

ان تذكر برحمات الله تعالى لا سيما رحمته في الجنة. قال بعد ذلك تأتي سورة الواقعة اذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة الى اخر الايات في هذا الجزء العظيم وهذا - 00:01:56ضَ

من انفع ما يكون لقلب المسلم. لان الانسان اذا تذكر دائما انه سيحاسب في يوم من الايام وسيجازى فيه على كل اعماله هذا يجعله يستعد للقاء الله للدار الاخرة اه نبدأ اليوم بسورة الذاريات - 00:02:14ضَ

وهذه السورة تلاحظ انه برز فيها تحقيق الجزاء كما اقسم الله على هذه الحقيقة انما توعدون يعني من الجزاء والبعث لصادق ان الدين الحساب والجزاء لواقع ولكن ايضا برز في هذه السورة - 00:02:36ضَ

اه قضية عظيمة في حياة الناس وهي مسألة الرزق وكأن السورة تحرر القلوب من التعلق بالرزق واسبابه وهذا له علاقة وطيدة بي موضوع الايمان بالاخرة ما الذي شغل الناس اليوم عن الاستعداد للاخرة - 00:02:58ضَ

من اعظم العوائق والشواغل مسألة الرزق وان الانسان ينشغل برزقه لكن يبالغ في ذلك وفي طلب الرزق والسعي خلف الدنيا حتى ينشغل عن اخرته. فيضيع دينه يضيع صلاته. يقول مشغول مشغول بالوظيفة مشغول بعمله مشغول - 00:03:22ضَ

مشغول برزقي وتأمل كيف برز هذا في هذه السورة كما اقسم الله تعالى في بدايتها باسباب الرزق. فأسباب الرزق بيد الله ثم تأمل في قول الله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون - 00:03:47ضَ

وتأمل كيف خص الله تعالى بالذكر في هذه السورة قصة ابراهيم عندما رزقه الله تعالى الولد مع انقطاع الاسباب حتى تعلم ان الرزق بيد الله ثم تأمل كيف قال الله تعالى في اخرها وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما اريد منهم من رزق وما اريد - 00:04:06ضَ

ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين فلا تنشغل عن الغاية التي خلقت لاجلها عبادة الله تعالى بالامر المظمون وهو الرزق فهذه سورة عظيمة تقرر هذه الحقيقة يقول الله تعالى في بدايتها بسم الله الرحمن الرحيم والذاريات ذروى. والذاريات هي الرياح - 00:04:28ضَ

التي تذرو التراب. يعني تفرقه وتنشره وتذروا الاوراق المفتتة للنبات كما قال الله تعالى فاصبح هشيما تذروه الرياح وتأمل كيف اكد الله تعالى هذا الامر قال والذاريات ذروى كذلك الرياح - 00:05:00ضَ

تذروا السحب يعني تجمع السحب وتبسطها في السماء فينزل المطر فهي سبب نزول المطر فهي من اعظم اسباب الرزق لبني ادم وللخلائق على وجه الارض. فاقسم الله تعالى بها والذاريات ذروة - 00:05:24ضَ

اه ولهذا قال بعدها فالحاملات وقرا. الحاملات وقرا يعني السحب تحمل الامطار الثقيلة وقرا يعني الشيء الثقيل كما قال الله تعالى عن الكفار يقولون في اذاننا وقر يعني ثقل من - 00:05:47ضَ

نستطيع ان نفهم القرآن ونسمعه. فكذلك هذه السحب تحمل آآ امطارا هائلة. كانها ثقيلة قال وينشئ السحاب الثقال قال فالحاملات وقرا قال فالجاريات يسرا. انتقل من السماء الى الارض فالجاريات يسرا - 00:06:04ضَ

كما قال الله تعالى ومن اياته الجواري في البحر كالاعلام السفن التي تجري في البحر فالجاريات يسرا. يعني جريا سهلا يسيرا يسر الله تعالى لهذي السفن وهي بالاطنان تحمل البضائع والامتعة والارزاق للناس تنقلها من اقليم الى اقليم - 00:06:30ضَ

بكل سهولة على هذا البحر اللطيف من ايات الله تعالى العظيمة. قال فالجاريات يسرا ثم اقسم بسبب خفي قال فالمقسمات امرا وهي الملائكة تقسم الارزاق والله تعالى وكل ميكائيل عليه الصلاة والسلام بالقطر والنبات والارزاق. قال فالمقسمات امرا. اذا - 00:06:54ضَ

اقسم الله تعالى بهذه الايات وهي كما ترى من اسباب الرزق ومن اياته الدالة على كمال قدرته ورحمته بعباده. على ماذا؟ يقسم الله بهذه الامور على ماذا قال انما توعدون لصادق وان الدين لواقع. يؤكد هذه الحقيقة انما هذه اداة حصر يعني ماتوا - 00:07:21ضَ

ادونا وعدا من عند الله الا وهو صادق. انما توعدون. توعدون بماذا؟ يعني بالبعث بيوم القيامة انما توعدون لصادق. يعني حق وصدق لا بد من وقوعه. ولذلك اكده فقال وان الدين - 00:07:45ضَ

لواقع الدين يعني الجزاء. كما يقال كما تدين تدان كما تفعل تجاهزا ان الدين يعني الجزاء لواقع. وكلمة الدين تدل على الخضوع. لان الناس يوم القيامة يخضعون لله ما احد يخرج عن ملكه لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. فكلمة الدين تدل على الخضوع. ولذلك الدين - 00:08:05ضَ

من الذي يدين به الانسان يسمى دينا لانه يخضع فيه لله جل وعلا ويوم الدين يوم القيامة لان الناس جميعا يخضعون لله جل وعلا. والدين سمى دينا لان الذي عليه الدين يخضع - 00:08:30ضَ

صاحب الحق قال وان الدين لواقع. واقع حق لا شك فيه. تأمل كيف ربط الله تعالى بهذه الايات وهذه الحقيقة لماذا؟ اولا هذه الايات تدل على كمال قدرة الله الذي ارسل الرياح وحمل السحب - 00:08:45ضَ

والله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله. ثم ايضا الله تعالى سخر هذه الجاريات في البحر بكل سهولة ثم ارسل ملائكته ايضا يقسمون الارزاق فالمقسمات امرا امرا عظيما من الارزاق وغيرها - 00:09:07ضَ

فالقادر على هذا قادر على بعث الناس واحيائهم وخاصة ان هذه الايات فيها آآ شيء من سبب الحياة لان الرياح السحب المحملة بالامطار هي سبب حياة الاراضي والابدان وسبب حياة اه الكائنات الحية على وجه الارض. ثم الجاريات يسرا السفن تنقل ايضا الارزاق التي يكون فيها سبب - 00:09:33ضَ

من اقليم الى اقليم آآ وكذلك في المقسمات امرا والملائكة كما عرفنا آآ جبريل عليه الصلاة والسلام ينزل بالوحي الذي فيه الحياة الحقيقية وميكائيل اه يقسم الارزاق بالمطر والقطر والنبات. سبب في هذا الامر واسرافيل ينفخ في الصور - 00:10:06ضَ

فهو ايضا سبب للحياة يوم القيامة. قال انما توعدون لصادق وان الدين لواقع. ثم ايضا كما عرفنا هذه اهم اسباب الرزق والله تعالى يربط بينها وبين الجزاء والبعث كان الله يقول لنا - 00:10:34ضَ

الذي بيده اسباب الرزق واقسم بها كيف بعد ذلك تغفل ايها الانسان عن لقائه كيف لا تستعد للقاء الله؟ وتنشغل برزقك وباسباب الرزق تنشغل بها عن ربك وعن خالقك فانشغل عن عبادته تنشغل عن لقائه. لا تستعد لهذا اليوم الذي ستلقى فيه ربك جل وعلا وهو لا بد منه. انما - 00:10:54ضَ

توعدون لصادق وان الدين لواقع ثم قال الله تعالى والسماء ذات الحبك. انكم لفي قول مختلف يعني الله تعالى يقسم على ان الجزاء حق لا شك فيه لكن في المقابل - 00:11:27ضَ

هؤلاء يكذبون ولا يؤمنون. حتى اكد الله تعالى ذلك بهذا القسم الاخر. قال والسماء ذات الحبك. ما معنى الحبك تقول ثوب محبك يعني مخطط في زخارف ويقال حبك الرمل اذا هبت الريح على الرمال فيكون لها خطوط - 00:11:47ضَ

جميلة هذي حبك الرمل والشيء المحبك يقال حبكت الثوب يعني اذا آآ احكمت نسجه وزينته فكذلك والسماء ذات الحبك. قال ابن عباس ذات الخلق الحسن بجمالها وارتفاعها وصفائها ونجومها. ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله حبكها بالنجوم. والنجوم - 00:12:11ضَ

طرائق كل نجم يكون في طريقه في مداره. وكل في فلك يسبحون. تخيل هذه النجوم الله بها وكل نجم له طريقة وحبيكة يسير فيها فكأن السماء هكذا يعني طرق كثيرة لا يعلم اولها من اخرها - 00:12:39ضَ

والسماء ذات الحبك وطبعا الان يصورون وكأنها صور خيالية طبعا او تقديرية لمجرات لنجوم اه يعني تتعجب منها والله اعلم. والسماء ذات الحبك انكم لفي قول مختلف. يعني كما ان هذه الطرائق طرائق النجوم مختلفة. لا يعلم اولها من اخرها فكذلك الاختلاف الذي عندكم - 00:13:03ضَ

تارة تقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم ساحر وتارة شاعر تارة مجنون. وهذا ما يمكن ان يجتمع فانكم لفي قول مختلف وتتعجب كيف يقول هؤلاء مثل هذا الكلام؟ قال الله تعالى يؤفك عنه من افك - 00:13:29ضَ

يعني يصرف عن الايمان وعن الحق والهاؤنا تعود على الايمان وان لم يتقدم ذكره لكن السياق اه واضح في المعنى كما جاء عن اه عامة المفسرين قال يؤفك يعني يقلب ويصرف عن الايمان من - 00:13:50ضَ

صرف من افك يعني من علم الله تعالى في القدر السابق انه لن يؤمن كما آآ قال الله تعالى آآ ما انتم عليه بفاتنين الا من هو صال الجحيم فكأن هذا اشارة الى قدر الله السابق وهذا في تعليق القلوب بالله وان الايمان هبة من الله تعالى ويصرف - 00:14:10ضَ

عن القول الحق وعن الايمان الواضح من كتبت عليه الشقاوة من صرف ومن هم هؤلاء؟ هؤلاء الذين يتكلمون الباطل بالكذب والظن قتل الخراسون. قتل هكذا دعاء عليهم بالقتل قتل الخراسون - 00:14:38ضَ

والخرص والتخمين والكذب والظن هكذا المشركون والكفار عندما يكذبون يتكلمون بشبهات لا قيمة لها ولا حقيقة لها ظن وتخمين وافتراء على الله تعالى والا فالفطرة موجودة في النفوس والعقل الله تعالى اعطى كل انسان عقلا وفطرة وبين طريق الخير من طريق الشر وهذه الايات الكونية كتاب الله - 00:15:02ضَ

امام كل انسان كيف بعد ذلك يصرف الانسان الا بسبب خرصه وتكذيبه قال قتل الخراسون الذين هم في غمرة ساهون. في غمرة والغمرة الغمر والماء الكثير الذي يخوض في الغمرة ما يدري اين يضع قدمه فكذلك هؤلاء في غمرة ساهون - 00:15:33ضَ

يعني يخوضون هكذا في الباطل في ضلالتهم الضلالة تسمى غمرة لان الذي يخوض في الظلال هكذا يتكلم بلا ادلة الى براهين الذين هم في غمرة في ضلالتهم ساهون. ساهون عن الحق وساهون عن الاخرة. وهذا السهو المذموم - 00:15:58ضَ

ليس اه يعني مثل الذي يسهو بدون عمد. بل يعني هكذا لا يبالون. يسألون ايام يوم الدين. يعني استهزاء متى يوم الدين استهزاء وتكذيبا ويأتي الجواب يومهم على النار يفتنون يعذبون ويفتنون لان - 00:16:18ضَ

طبعا الفتنة الاختبار عندما تختبر الذهب هل فيه شوائب او لا تدخله في النار؟ فكذلك يعني العذاب يطلق عليه فتنة واسبابه كذلك قال يومهم على النار يفتنون يعني يعذبون فيها ويقال لهم ذوقوا فتنتكم عذابكم هذا الذي كنت - 00:16:40ضَ

به تستعجلون يقولون اي انا يوم الدين متى يوم الدين هذا الذي كنتم به تستعجلون يقال لهم هذا يعني توبيخا وايضا تهكما بهم وسخرية بهم. هذا الذي كنتم به تستعجلوا انتم سألتم هذا العذاب وهذا اليوم - 00:17:05ضَ

فذوقوه الان اذا اه هذه يعني مقدمة لهذه اه السورة. وكما ذكر الله تعالى الخراصين المكذبين سيذكر بعد ذلك المتقين وآآ آآ هذا سيكون معنا ان شاء الله في المجلس القادم نسأل الله تعالى ان - 00:17:24ضَ

يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا نسأله تعالى ان يغفر لنا ويرحمنا والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:17:48ضَ