تفسير سورة الذاريات

تفسير سورة الذاريات ٥ - لفضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ايها الاخوة اخوات نواصل تدبرنا لكلام ربنا جل وعلا. ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه ان يرزقنا بشرى نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم - 00:00:01ضَ

حيث قالوا ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة. وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ذكرهم الله فيمن عنده نسأل الله تعالى من فضله - 00:00:21ضَ

توقفنا في سورة الذاريات في قصة ابراهيم عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن مع ضيوفه من الملائكة عند قول الله تعالى قال فما خطبكم ايها المرسلون وهنا ايضا نستفيد ادبا من اداب الضيافة. كما مرت معنا اداب كثيرة في قصته عليه الصلاة والسلام. فتأملوا ما سألهم - 00:00:40ضَ

عن غرضهم الا بعد ان قرب اليهم الظيافة وبعد ان بشروه ثم بعد ذلك سألهم وهكذا من الاداب انك لا تسأل الضيف مباشرة ما الذي جاء به او ماذا يريد او ما غرضه لا - 00:01:06ضَ

هو الذي يتكلم او تتركه اولا يأكل من الضيافة ويرتاح ثم بعد ذلك تأخذ وتعطي معه في الكلام قال فما خطبكم؟ يعني ان كنتم ملائكة من عند الله فما خطبكم ايها المرسلون؟ لان الملائكة - 00:01:29ضَ

ما يأتون وما ينزلون الا لامر عظيم فعلم ابراهيم انه ما جاءوا لمجرد ان يبشروه بغلام عليم من ورائهم امر عظيم. قال فما خطبكم والخطب هو الامر العظيم؟ قال فما خطبكم ايها المرسلون - 00:01:49ضَ

قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين. وهم قوم لوط اجرامهم بالشرك بالله والفاحشة كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء والعياذ بالله قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين - 00:02:08ضَ

وتأمل كيف قال حجارة من طين قال العلماء هذه الحجارة من طين قد احمي عليه في النار في نار جهنم حتى اشتد وتصلب فاصبح هذا الطين حجارة متصلبة لنرسل عليهم حجارة من طين - 00:02:35ضَ

ولذلك في موضع اخر الله تعالى يقول فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل فالطين هنا هو السجيل. والسجيل هي الحجارة المتصلبة. التي احميت في النار. قال لنرسل عليهم - 00:02:59ضَ

من طين مسومة عند ربك للمسرفين. مسومة يعني عليها علامة باقية الكلمة مأخوذة من الوسم. الوسم معروف اثر الكي. فكذلك هذه الحجارة عليها علامة. قيل كتب عليها اسماؤهم او عليها خطوط قال مسومة عند ربك للمسرفين. لان لانهم هؤلاء اسرفوا - 00:03:19ضَ

على انفسهم في الشهوات حتى تعدوا ما تقتضيه الفطرة البشرية كما قال الله تعالى ولوطا اذ قال لقومه اتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين انكم لتأتون الرجال شهوة - 00:03:47ضَ

من دون النساء بل انتم قوم مسرفون. تجاوزتم الحدود قال مسومة عند ربك للمسرفين. فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين. ام لوط واهله الا امرأته قال فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين. وهو بيت لوط نفسه عليه الصلاة والسلام - 00:04:05ضَ

وقال اولا فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين. ثم اكد فقال فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين لماذا قال في الاولى المؤمنين وفي الثانية المسلمين لان الايمان اخص من الاسلام. الاسلام اعم - 00:04:32ضَ

اول ما يدخل الانسان في الاسلام يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويعرف اركان الاسلام الخمسة يصلي ويؤدي الواجبات هذا مسلم الى الان ما الايمان في قلبه. الايمان اعلى درجة. الايمان ان يكون عنده ايمان عظيم بالله. فيخشى الله ويشتاق للقاء - 00:04:49ضَ

تعظم اه عباداته لله فيرتقي من الاسلام الى الايمان. ثم الاحسان ان تعبد الله كانك ترى فالله تعالى هنا يقول فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين الذين هم الاخص ثم اراد ان يؤكد فقال فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين. يعني - 00:05:12ضَ

ليس فيها مسلم ولا مؤمن الا بيت لوط فهذا لما ينفي الاخص ثم ينفي الاعم هذا من باب التوكيد. كما تقول مثلا مثلا نقول عمارة احترقت وانت تريد ان تخرج كل من فيها من الاحياء او بيت احترق وتريد ان تخرج فيه جاء رجال الانقاذ - 00:05:39ضَ

يريدون ان يخرجوا من فيه من الاحياء. فقالوا اخرجنا من في البيت من الناس ثم قال ما وجدنا في البيت حيوانا يعني اعم من الانسان الاعم حتى الحيوان ما وجدناه - 00:06:02ضَ

يعني بدل دليل هذا انهم ايش اخرجوا من باب اولى الانسان فكذلك يعني هنا لما ذكر الاخص ثم ذكر الاعم هذا يعني من باب التوكيد يعني لو بحثت في هذه القرية حتى على من هو اقل درجة من المؤمن لن تجد المسلم الا في - 00:06:19ضَ

بيت لوط عليه الصلاة والسلام وهو بيت الايمان والاسلام. قال فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آآ اية للذين يخافون العذاب الاليم وتركنا فيها يعني في هذه القصة والعبرة اية وكذلك ايضا - 00:06:40ضَ

يمكن ان يكون الضمير راجعا الى آآ القرية وتركنا فيها اية لان الله تعالى قال فجعلنا عاليها سافلها غارت في الارض واصبح مكانها بحيرة ميتة وهو البحر الميت طبعا البحر الميت بحر كما يذكر بعض العلماء انه يعني كبير ووطويل. واما قرى قوم لوط فهو جزء - 00:07:00ضَ

من هذا البحر ليس كل البحر جزء من هذا البحر. ولذلك ما دام انه لم يعلم المكان المحدد تماما فلا يجزم بالتحريم بتحريم الانتفاع مما فيه. كما ذكر بعض العلماء والله اعلم - 00:07:30ضَ

قال وتركنا فيها يعني في هذا المكان الذي اهلكوا فيه اية. لان الله تعالى جعل مكانه مكان عذابهم بحيرة لا يعيش فيها الاحياء قال وتركنا فيها اية للذين يخافون العذاب الاليم - 00:07:49ضَ

للذين يخافون العذاب الاليم. فاذا رأى الناس مكان عذابهم ارتدعوا وانزجروا من عن هذه الفاحشة وسبحان الله الجزاء من جنس العمل. تأمل كيف ان هؤلاء لما وضعوا ماء الحياة في غير مكانه الله تعالى - 00:08:10ضَ

ماء السماء الذي ينزل من السماء فيه الحياة حوله الى حجارة الاصل ان السماء تمطر مطرا فيه النفع فيه الحياة للناس هؤلاء لما وضعوا ماء الحياة في غير مكانه والعياذ بالله - 00:08:29ضَ

الله تعالى حول ماء السماء الى حجارة تهلكهم. وكذلك لما انتكست فطرهم قلب الله تعالى ديارهم على رؤوسهم الجزاء من جنس العمل ثم قال وفي موسى اذ ارسلناه الى فرعون بسلطان مبين - 00:08:49ضَ

وفي موسى يعني وتركنا في موسى يعني في قصة موسى اية كما قال وتركنا فيها ثم قال وفي موسى يعني وتركنا ايضا في قصة موسى اية حين ارسلناه اذ يعني حين ارسلناه الى فرعون بسلطان مبين بحجة ظاهرة بينة - 00:09:09ضَ

القى عصا فاذا هي ثعبان مبين ونزع يده فاذا بيضاء للناظرين فتولى بركنه تتولى بركنه ثاني عطفه. هذه كلها الفاظ في القرآن تدل على الكبر اذا فتولى بركنه يعني بجانبه هذا تفسير وتفسير اخر ايضا وهو ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما يعني - 00:09:30ضَ

جموعه وجنده. لان الركن هو ما يعتمد عليه ركن البيت. يعتمد عليه بناء البيت. ففرعون كان يعتمد على جنوده فتولى بركنه وقال متكبرا ساحر او مجنون هكذا يطعن في موسى يقول هذا ساحر - 00:09:55ضَ

عندما يحول العصا الى ثعبان وقال ساحر او مجنون. وهذا في الحقيقة تناقض. كيف يكون المجنون هكذا ساحرا قال وقال ساحر او مجنون فاخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم - 00:10:15ضَ

تأمل كيف قال الله تعالى فاخذناه وجنوده كأنهم حصيات ما اهون الخلق على الله ان عصوه وان تكبروا على امره قال فنبذناهم والنبذ هو رمي الشيء الذي تحتقره كما تقول فلان منبوذ - 00:10:35ضَ

يعني محتقر لا قيمة له فنبذناهم اشارة الى احتقارهم فنبذناهم في اليم وهو البحر الاحمر عندما انفلق لموسى فنبذناهم في اليم وهو مليم يعني ملام على ما فعل من الكبر والكفر بالله تعالى - 00:10:56ضَ

قال وهو مليم. ثم انتقل الى قوم عاد وفي عاد اذ ارسلنا عليهم الريح العقيم التي لا خير فيها. لان العقم كلمة تدل على يبس الشيء. وانه لا خير فيه. كما قلنا وقالت عجوز عقيم - 00:11:18ضَ

عجوز عقيم يعني رحمها لا يحمل ولدا ويعني كأنه يبس وليس فيه يعني قدرة على حمل ولد فكذلك الريح العقيم التي لا خير فيها لا تلقح النبات ولا تأتي بالمطر. وانما تأتي بالعذاب. ولهذا قال - 00:11:38ضَ

ما تذر من شيء اتت عليه الا جعلته كالرميم والرميم الشيء المفتت البالي كما قال الله تعالى تدمر كل شيء بامر ربها. فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم. ولذلك قول الله تعالى هنا ما كفروا من شيء ليس المقصود كل شيء - 00:11:58ضَ

وانما المقصود ما تذر من شيء مما تهلكه الريح. والا ديارهم يعني ما ازالتها الريح قال فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم المساكن ما دمرت هالريح حتى تكون اية لمن يراهم ويأتي بعدهم. قال ما تذر من شيء اتت عليه من نخيلهم من - 00:12:22ضَ

اه دنياهم الا جعلته كالرميم ثم انتقل الى من بعدهم وفي ثمود. اذ قيل لهم تمتعوا حتى حين كان نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام ينذرهم اتتركون فيما ها هنا امنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم - 00:12:46ضَ

وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين. فاتقوا الله واطيعون. قالم تمتعوا حتى حين. سيأتيكم العذاب. وحتى لما الناقة قال اعطاهم موعد ثلاثة ايام وقال ذلك وعد غير مكذوب. انذرهم وامهلهم قال لهم العذاب سيأتيكم بعد ثلاثة ايام اذا ما رجعتم - 00:13:08ضَ

ومع ذلك قال الله تعالى فاعتوا عن امر ربهم فعتوا عن امر ربهم يعني عقروا الناقة واذا كان المراد تمتعوا حتى حين بعد عقر الناقة فاتوا عن امر ربهم يعني حتى بعد ان عقروا الناقة وهددهم بالعذاب اصروا - 00:13:32ضَ

وعتوا عتو يعني الصلابة والشدة في الكفر والطغيان فعتوا عن امر ربهم. عتوا واعرضوا عن امر ربهم فاخذتهم الصاعقة وهم ينظرون الصاعقة كلمة صعقة تدل على شدة الصوت الصاعقة هنا هي الصيحة - 00:13:51ضَ

انظر كيف الصاعقة لما تنزل كيف يكون صوت الرعد. هكذا فاخذتهم الصاعقة صاحب يجي بهم جبريل صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر كالنبات اليابس المفتت قال فاخذتهم الصاعقة وهم ينظرون. في طرفة عين وهم ينظرون - 00:14:14ضَ

وهذا اشد في العذاب. لان الذي يقع عليه العذاب اذا وقع عليه عذاب وهو ينظر هذا اشد في يعني في التخويف وفي آآ شدة العذاب عليه قال فاخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام - 00:14:36ضَ

فضلا من ان يهربوا من العذاب حتى ان يقوموا قوم هكذا ما استطاعوا لان الصيحة اخذتهم بغتة في لحظة وفي لحظة واحدة قال فما استطاعوا من قيام ان يقوموا من اماكنهم - 00:14:59ضَ

فضلا ان يهربوا من المكان الذي نزل فيه العذاب. ولهذا قال وما كانوا منتصرين. من ينتصر من عذاب الله ثم يعني رجع الى اول الامم قال وقوم نوح من قبل. من قبل هؤلاء انهم كانوا قوما فاسقين - 00:15:14ضَ

خرجوا عن الصراط المستقيم وفسدوا فأهلكهم الله تعالى مثل ما اهلك هذه الماضية وتلاحظ هنا الايات الله تعالى ذكر فيها اهلاك هؤلاء الاقوام هذا يؤكد اولا مقصود سورة الذاريات من مقاصدها تحقيق الوعد - 00:15:34ضَ

وعيد انما توعدون لصادق وان الدين لواقع. جزاء الله تعالى واقع في الدنيا والاخرة فهؤلاء الامم التي كذبت اهلكها الله تعالى. ان عذاب ربك او انما توعدون لصادق وان الدين لواقع للجزاء واقع. سواء كان في الدنيا او في الاخرة - 00:16:00ضَ

ثم ايضا من الامور اللطيفة في ذكر هذه الامم تأملوا كما عرفنا سورة الذاريات سورة اه ترسخ ان الرزق بيد الله واقسم الله تعالى فيها بشيء من اسباب الرزق والذاريات ذروة. يعني هذه الرياح التي تذرو اه التراب وتذر - 00:16:22ضَ

اه السحاب تجمع السحاب. يتكون المطر. سبحان الله هذه الرياح ممكن ان تكون سبب العذاب. اسباب الرزق ممكن يحولها الله تعالى من كونها اسباب للرزق والخير الى اسباب قابلين العذاب والشر - 00:16:47ضَ

فتأمل هنا كيف ان الله تعالى اهلك قوم لوط بحجارة من طين مع ان الاصل ان ينزل مطر من السماء رزق للعباد لكن تأمل كيف حول الله هذا السبب الى حجارة من طين - 00:17:09ضَ

وتأمل هنا والله اعلم وقع في ذهننا. قال من طين ما قال من سجيل اشارة الى هذا الطين. هذا الطين اصلا فيه رزق للعباد ينبت منه النبات. لكن تحول هنا الى عذاب - 00:17:26ضَ

ثم قوم فرعون اهلكهم الله تعالى بالبحر الماء الذي تجري فيه الجاريات يسرا. الجاريات يسرى تجري في البحر ولكن هنا البحر يتحول الى عذاب على قوم فرعون. ثم قوم عاد اهلكهم الله بالذاريات - 00:17:38ضَ

التي هي من اسباب الرزق تجمع المطر تجمع السحب التي فيها المطر لكن اشتدت عليهم هذه الريح فتحول تحولت الى ريح عاصف اهلكتهم. ريح عقيم ثم ايضا يعني قوم آآ ثمود يعني بالصيحة - 00:17:59ضَ

وقوم نوح ايضا بالماء يعني بالطوفان هكذا والله اعلم يعني فيها يعني هذه الامم اهلكت سبحان الله اسباب هي من اسباب الخير والرزق لكن حولها الله تعالى الى نقمة وعذاب لما لم يقوموا بعبادة الله تعالى وشكره جل جلاله - 00:18:22ضَ

فهنا اذا آآ لعلنا نقف عند هذه الاية ثم يذكر الله تعالى شيئا من الايات الكونية التي على عظمته وانه المعبود الحق تدل على قوته كما تدل على نعمته ايضا كما سيأتي معنا وهكذا - 00:18:47ضَ

ترتبط الايات التاريخية ذكر مصارع الامم الماضية بالايات الكونية. كلها فيها عبرة وتركنا فيها اية. وكذلك هذه ايضا يعني ايات لمن يتذكر والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون الى اخر الايات ان شاء الله ستأتي معنا في مجلس القادم باذن الله نسأل الله - 00:19:07ضَ

ان يغفر لنا ويرحمنا وان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا نسأله تعالى ان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين الاحياء منهم والاموات. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:19:32ضَ