السَّلام عليكم - 00:00:07
في هذه الحلقة نُقيِّم معًا أهمَّ أركان ما يُعرَف بنظريَّة التَّطور لداروين - 00:00:08
تشارلز داروين "Charles Darwin"هو باحثٌ إنجليزيٌّ في تاريخ الأحياء الطَّبيعيِّ، - 00:00:13
ذكَر مشاهداتٍ كثيرةً جَمَعها في رحلاته ونقلها عن آخرين؛ - 00:00:17
كالتَّشابه الشَّكليِّ والتَّشريحيِّ بين أنواعٍ مختلفةٍ من الكائنات، - 00:00:21
وأنماطِ توزُّعها الجغرافيِّ، - 00:00:25
وبنى عليها افتراض أنَّ كلَّ الكائنات الحيَّة أتت من أصلٍ مشتركٍ؛ - 00:00:27
مرَّ بعمليَّات تطوُّرٍ وتنوُّعٍ، - 00:00:31
بحيث يتغيَّر الكائن تغيُّراتٍ بسيطةً متراكمةً، ثُمَّ الطَّبيعةُ تُغربِل؛ - 00:00:33
فالتَّغيُّراتُ المفيدة تُبقيها الطَّبيعة وينتُج عنها نوعٌ جديدٌ من الكائنات - 00:00:38
بمرور آلافِ السّنين وملايينها! - 00:00:43
بينما قَضَتِ الطَّبيعة -حسب داروين- على عددٍ لا حصر له من الكائنات الانتقاليَّة - 00:00:45
الَّتي حدثت فيها تغيُّراتٌ ضارَّةٌ أو غير نافعةٍ - 00:00:51
بالإضافة إلى دور الغربلة، - 00:00:55
افترض داروين أنَّ الطَّبيعة أسهمت في إحداث صفاتٍ جديدةٍ في الكائنات؛ - 00:00:57
بحيث عندما يكتسب الحيوان صفاتٍ مُعيَّنةً نتيجة بيئته - 00:01:02
فإنَّه يُورِّث هذه الصِّفات إلى أولاده، مُتَّفقًا بذلك مع افتراض لامارك "Lamarck" - 00:01:06
أنَّ الزَّرافة الَّتي تمتاز برقبةٍ طويلةٍ جدًّا - 00:01:11
كانت في يوم من الأيَّام برقبةٍ قصيرةٍ، - 00:01:14
ولكن مع تغيُّر الظُّروف الطَّبيعيَّة من حولها - 00:01:18
واضطرارها لمدِّ عنقها حتَّى تأكل من أعلى الشَّجر - 00:01:21
ظلَّ عنقها يستطيل جيلًا من بعد جيلٍ، حتَّى صارت إلى ما صارت إليه اليوم - 00:01:25
أهمُّ ما في الموضوع - 00:01:31
أنَّ داروين افترض أنَّ الكائنات الحيَّة - 00:01:33
إنّما نتجت عن هذه التَّغيُّرات بمجموع الصُّدف؛ - 00:01:36
يعني دون قصد، دون قصد! - 00:01:39
وبتعبيره: "لم يكن هناك خطَّةٌ للخَلْق" - 00:01:42
"plan of creation" - 00:01:44
في إيجاد هذه الأنواع الكثيرة، وهو ما أكَّده في مواضع عديدةٍ من كتاباته - 00:01:48
نشر داروين أفكاره هذه عام (1859) م - 00:01:54
في كتابٍ بعنوان: (حول أصل الأنواع) (On the Origin of Species) - 00:01:58
ثمَّ أراد أن يُعطي آليَّةً تفصيليَّةً لتوارثِ الصِّفات المكتسَبة - 00:02:03
فنشر بعد أعوامٍ من كتابه (أصل الأنواع) - 00:02:06
فرضيَّته الَّتي سمَّاها "بان جينيسس" شموليَّة التَّخلُّق "pangenesis"؛ - 00:02:09
والَّتي افترض فيها أنَّ الطَّبيعة عندما تؤثِّر على خلايا الكائن - 00:02:12
فإنَّ هذه الخلايا الجسميَّة تُفرز موادَّ صغيرةً سمَّاها داروين جيميولز "Gemmules" - 00:02:16
والَّتي تتركَّز في الأعضاء التَّناسليَّة للكائن لتنتقل إلى ذرِّيَّته - 00:02:21
ومن أين جاء الأصل المشترك يا داروين؟! - 00:02:26
من أين جاء الكائن الأوَّل؛ الَّذي بَنَيْتَ عليه أفكارك، - 00:02:29
ونَسبت إليه الكائنات الحيَّة كلَّها؟! - 00:02:32
لم يُبيِّن داروين في كتابه! - 00:02:34
لكنَّه نصَّ في مراسلاته مع عالِم النَّبات جوزيف دالتون هوكر "Joseph Dalton Hooker" - 00:02:36
على أنَّ رؤيته هي: - 00:02:41
أنَّ أوَّل كائنٍ نشأ في بِركةٍ دافئةٍ من عوامل كالضُّوء والحرارة والكهرباء - 00:02:44
يعني داروين اتَّفق بذلك مع فكرة "التَّوالُد الذَّاتي" - 00:02:48
الَّتي كانت شائعةً في عصره؛ - 00:02:51
حيث كان يُظَنُّ أنَّ الكائنات الحيَّة يمكن أن تتشكَّل تلقائيًّا من الجمادات - 00:02:54
كان يُظَنُّ -مثلًا- أنَّ الحشرات تنشأ من بقايا الطَّعام، - 00:03:00
وأنَّ يَرَقات الذُّباب تنشأ من قِطع اللَّحم المتعفِّنة. - 00:03:03
هذه باختصارٍ هي أركان نظريَّة التَّطوُّر لداروين: - 00:03:08
كائنٌ حيٌّ تولَّد بطريقةٍ ما من الجمادات، - 00:03:13
طبيعةٌ تُكسِب الكائن صفاتٍ جديدةً يمكن أن تحوِّلَه من نوعٍ لآخر، - 00:03:17
الصِّفات المكتسَبة تُورَّث، - 00:03:24
والطَّبيعة تَنتخِب بشكلٍ تراكميٍّ؛ وصولًا إلى كائناتٍ أرقى، - 00:03:26
فتُركِّب نُظُمًا حيويَّةً معقَّدةً من تغيُّراتٍ بسيطةٍ متعاقِبةٍ، - 00:03:31
والاستنتاج أنَّ الكائنات الحيَّة نشأت (بالإنجليزية) "evolved" - 00:03:37
دون قصدٍ ولا إرادةٍ مِن فاعلٍ مُريدٍ مختارٍ يعلم ما يفعل - 00:03:42
وعلى هذه الطَّاولة حمَّل داروين كلَّ ما في الكون من كائناتٍ حيَّةٍ - 00:03:47
والآن، ما هو التَّقييم العام لتلك الأركان الَّتي بنى عليها داروين هذه النَّتيجة؟ - 00:03:53
أمَّا تولُّد الكائنات الحيَّة تلقائيًّا من الجمادات؛ فخرافةٌ سقطت بتجارب - 00:03:59
أشهرُها تجربة فرانسيسكو ريدي "Francesco Redi" قبل داروين بقرنين، - 00:04:05
وتجربة لويس باستور "Louis Pasteur" الَّتي نُشرت بعد كتاب داروين بخمس سنواتٍ، - 00:04:09
والَّتي أثبت فيها أنَّ الكائنات - 00:04:13
الَّتي كان يُعتقد أنَّها تولَّدت ذاتيًّا من الجمادات كبقايا الطَّعام - 00:04:16
إنَّما أتت من خارج الموادِّ الغذائيَّة مع الهواء الملوَّث بها - 00:04:21
وإلى باستور هذا تُنسب عمليَّة التَّعقيم "البَسْتَرة"، والحليب المبْستَر - 00:04:25
والحقيقة أنَّ التَّولُّد الذَّاتيَّ ساقطٌ عقلًا أصلًا؛ - 00:04:29
أن تتصوَّر كائنًا حيًّا ينشأ هكذا تلقائيًّا من الجمادات! - 00:04:33
ومع ذلك أصرُّوا أن يجرِّبوا! - 00:04:38
جرَّبوا، فسقطت الخرافة بالعلم التَّجريبيِّ، بالإضافة إلى العقل - 00:04:40
وأمَّا إحداث الطَّبيعة لصفاتٍ جديدةٍ في الكائن عن طريق الاستعمال والإهمال - 00:04:46
كمثال رقبة الزَّرافة؛ فخرافةٌ سقطت أيضًا باكتشافات غِريغور مندل "Gregor Mendel" - 00:04:51
والَّذي أثبت بعد داروين بسنواتٍ - 00:04:56
أنَّ الصِّفات الوراثيَّة للأبناء مهما تعدَّدت - 00:04:59
فهي لن تَخرُج عن الموجود أصلًا في الآباء - 00:05:02
وسقطت كذلك باكتشافات الوراثة فوق الجينيَّة (بالإنجليزية) "epigenetics"؛ - 00:05:07
الَّتي بيَّنت أنَّ العوامل الخارجيَّة والبيئيَّة - 00:05:11
يمكن أن تُغيِّر طريقة قراءة المادَّة الوراثيَّة في كائنٍ ما؛ - 00:05:14
لتفعيل صفةٍ كانت كامنةً أو إخماد صفةٍ كانت منشَّطةً، - 00:05:18
لكنَّها لا تُضيف مادَّةً وراثيَّةً لم تكن موجودةً أصلًا. - 00:05:23
وأمَّا توريث الصِّفات المكتسَبة؛ فخرافةٌ ساقطةٌ بالمشاهدة العاديَّة؛ - 00:05:29
فعضلات الحدَّاد والنَّجَّار-مثلًا- والَّتي اكتسباها في حياتهما؛لا تُورَّث إلى الأبناء - 00:05:34
ومع ذلك؛ أصرَّ أتباع داروين أن يجرِّبوا! - 00:05:39
جرَّبوا، وظلَّ فايزمن "Weismann" يقطع ذيول 19 جيلًا من الفئران - 00:05:43
ليُفاجأَ المسكين بعد طولِ تعبٍ، بولادة أبنائها كلَّ مرَّةٍ بذيولٍ من جديد! - 00:05:48
يعني لم تنتقل الصِّفة المكتسبة وهي الذَّيل المقطوع إلى الأبناء. - 00:05:55
ماذا بقي من نظريَّة داروين إذن؟! - 00:06:01
ستقول: "الانتخاب الطَّبيعيُّ صحيح!" - 00:06:04
فأقول لك: القَدْرُ الصَّحيح منه ليس من اختراع داروين، ولا من بنات أفكاره؛ - 00:06:07
فالكلُّ يعلم أنَّ الحيوان الأضعف سيكون من الصَّعب عليه - 00:06:13
التَّكيُّف مع الظُّروف البيئيَّة الصَّعبة! - 00:06:17
لكنَّ الانتخاب الطَّبيعيَّ عند داروين تجاوز ذلك - 00:06:20
ليعني أيضًا إحداث نُظمٍ حيويّةٍ معقَّدةٍ - 00:06:23
من تغيُّراتٍ بسيطةٍ متعاقبةٍ صُدفيَّةٍ. - 00:06:27
وحتَّى تفهم ماذا يعني الانتخاب الطَّبيعيُّ لداروين؟ - 00:06:31
فإنَّ خيال داروين الواسع جاء له بفكرة - 00:06:34
أنَّ الطَّبيعة والاستعمال والإهمال؛ أنتجت للكائنات القديمة تراكيب جسميَّةً بسيطة - 00:06:38
يمكن أن تكون خدمت الكائن في شيءٍ ما، - 00:06:44
فأبقى عليها الانتخاب الطَّبيعيُّ والَّذي لم يكن يعلم أنَّ تراكم هذه التَّراكيب - 00:06:48
سيُنتج عضوًا كاملًا متكاملًا كالجناح للطَّائر، أو العين للحيوان. - 00:06:53
حتَّى تفهم منطق داروين في ذلك تصوَّر أرضًا مليئةً بالمهملات، - 00:06:59
يمرُّ عليها أعدادٌ كبيرةٌ من العُميان، ويلتقط كلٌّ منهم قطعةَ مهملات عشوائيًّا، - 00:07:04
ثمَّ يدخل إلى مبنًى كبيرٍ يُغلَق بابه بعد كلِّ داخل. - 00:07:11
مرَّت ملايين السِّنين، والعُميان يلتقطون المهملات، ويموتون فيُدفنون تحت أرض المبنى. - 00:07:16
فتحتَ أنت بوَّابة المبنى يومًا ما، فاندفعت من البوَّابة طائرة بوينج "Boeing" عملاقة - 00:07:24
يقودها أحد العميان وحلَّق بها في السَّماء! - 00:07:30
تساءلْتَ أنت: كيف تمكَّن الأعمى من صُنع الطَّائرة؟! - 00:07:34
فقيل لك: لم يقصد أن يصنعها! - 00:07:38
إنَّما الَّذي حصل مع العميان قبله - 00:07:40
أنَّ مَن التقط منهم قطعة مهملات نافعةٍ له؛ صَمَد وورَّثها لمن خَلْفه! - 00:07:43
فمنهم من التقط قماشةً التحف بها من البرد، - 00:07:48
وآخر التقط مسطَّحًا حديديًّا استظلَّ به من الشَّمس، - 00:07:51
وثالثٌ التقط من المهلات مِقوَد طائرةٍ حرَّك بها طعامه أثناء طبخه، - 00:07:55
ورابعٌ التقط زجاجةً اتَّخذها درعًا في حربه مع أعدائه من العميان! - 00:08:00
وهؤلاء جاؤوا على أزمنةٍ متعاقبةٍ، وورَّثوا قِطَعَهم لمن خلفهم، - 00:08:04
وكانت القِطَع تتركَّب من غير قصدٍ، ولا بفِعل فاعلٍ، - 00:08:09
حتَّى تشكَّلت منها هذه الطَّائرة العظيمة الَّتي رأيت! - 00:08:13
فإيَّاك، ثمَّ إيَّاك أن تتوهَّم أنَّ أحدًا قصد أن تتشكَّل طائرةٌ أو تطير! - 00:08:17
بنفس المنطق؛ اعتبر داروين أنَّ الانتخاب الطَّبيعيَّ - 00:08:24
رقَّع تراكيب الكائنات الحيَّة على عمًى؛ - 00:08:28
فأجنحة الطُّيور -مثلًا- - 00:08:32
مُساعَدتُها للطَّير على الطَّيران؛ (بالإنجليزية) "pseudopurpose" - 00:08:33
يعني هدفٌ وهميٌّ، وليس حقيقيًّا! - 00:08:36
والعين إبصارها هدفٌ وهميٌّ؛ - 00:08:39
لأنَّه ليس هناك فاعلٌ مريدٌ مختارٌ قَصَد أن تُبصِر العين، أو يُرفرِف الجناح، - 00:08:41
بل جاء هذا كلُّه بتراكمات الصُّدف العمياء! - 00:08:47
هذه هي نُكتة الانتخاب الطَّبيعيِّ الأعمى الَّتي خرج علينا بها داروين، - 00:08:50
وهي -بالإضافة إلى سخافتها لكلِّ عقلٍ سليم- - 00:08:55
فإنَّ الاكتشافات العلميَّة أثبتت استحالتها مع وجود التَّعقيد غير القابل للاختِزال - 00:08:59
أو ما يُعرف (بالإنجليزية) بال"irreducible complexity" - 00:09:05
في كلِّ تفاصيل الكائنات وعلاقاتها؛ - 00:09:08
أي أنَّ تراكيب وأعضاء الكائنات الحيَّة بالغةُ التَّعقيد والتَّكامل، - 00:09:12
بحيث لا يمكنها أن تتواجَد إلَّا بتوافُر أجزائها في وقتٍ واحدٍ - 00:09:17
وإلَّا لن تؤدِّي وظيفتها، - 00:09:22
وبذلك فهي غير قابلةٍ لفكرة التَّكوُّن بتدرُّجٍ أبدًا، - 00:09:25
حتَّى على مستوى أصغر وِحدةٍ حيَّة؛ - 00:09:30
الخليَّة الَّتي لم يكن داروين يراها تحت المجهر -في أيَّامه- إلَّا كلَطْخةٍ بسيطةٍ! - 00:09:33
إذن؛ فالانتخاب الطَّبيعيُّ كما يصوِّره داروين هو أيضًا خرافةٌ. - 00:09:40
على هذه الخرافات السَّاقطة عقلًا وحسًّا وتجربةً - 00:09:45
أقام داروين أسخف وأغبى فكرةٍ في التَّاريخ، - 00:09:48
أنَّ كلَّ ما نرى من إحكامٍ وإتقانٍ في هذا الخَلْق؛ إنَّما جاء بالصُّدَف دون قصدٍ - 00:09:53
ولا يحتاج علمًا ولا حكمةً! - 00:09:59
ماذا بقي من نظريَّة داروين إذن؟! - 00:10:01
بقيت خيالاتُه الَّتي تُشبه أن تكون مساهَمةً منه في مسابقةٍ بعنوان: أوسع خيالٍ - 00:10:04
يتبارى فيها علماء الطَّبيعة في إضحاك المستمِعين. - 00:10:11
بقي خياله الَّذي يُشبه قصص ما قبل النَّوم عن الأمير الضِّفدع والأميرة البجعة، - 00:10:14
وفئران سندريلَّا الَّذين تحوَّلوا إلى حُصُنٍ جميلةٍ! - 00:10:20
لكن مع إضافةٍ واحدةٍ أنَّ ذلك احتاج وقتًا طويلًا جدًّا! - 00:10:24
الخيال الَّذي يضع ريشًا على الدَّيناصورات وهي تُطارد البعوض فتطير. - 00:10:30
والخيال الَّذي قفز إلى ذهن داروين حول الدُّبِّ الأسود وهو يسبح لساعاتٍ في المياه - 00:10:35
فاتحًا فمه ليُدخِل أكبر عددٍ ممكنٍ من الحشرات فيه، - 00:10:40
فذكَّره بالحوت الَّذي يفتح فمه لتدخل فيه الأسماك، - 00:10:44
وما دام هناك شبهٌ؛ فيبدو أنَّ الحوت تطوَّر عن الدُّبِّ في منطق داروين! - 00:10:49
كما في نسخة "الفاكس ميلي" لطبعته الأولى من كتابه (أصل الأنواع) صفحة 184. - 00:10:55
سيقول قائلٌ: لكن ماذا عن عِلم داروين؟! - 00:11:01
ماذا عن المشاهَدات الكثيرة الَّتي جمعها في كتابه، وعن دقَّة ملاحظته؟! - 00:11:04
فنقول: داروين كان أشبه ببرنامج، فيه الكثير من المدخَلات، - 00:11:09
إنَّما المعادلة الَّتي تربط بين هذه المدخلات خاطئةٌ، فتعطيَ نتيجةً خاطئةً؛ - 00:11:15
لذلك لم ينفع داروين كثرة معلوماته، ولا سعة اطّلاعه. - 00:11:21
من المهمِّ جدًّا -إخواني- - 00:11:26
أن نفهم أنَّ هذه المشاهدات للطُّيور والزَّواحف والحشرات وغيرها - 00:11:27
ليست جزءًا من نظريَّة التَّطوُّر، - 00:11:31
إنَّما كلامنا عن النَّظريَّة الَّتي ادَّعى داروين أنَّها تفسيرٌ لهذه المشاهدات. - 00:11:34
فيما عدا المشاهَدات، وصياغته لمصطلح الانتخاب الطَّبيعيِّ -خاطئ الدَّلالة عنده- - 00:11:40
فإنَّ جديد داروين ليس صحيحًا، وصحيحه ليس جديدًا. - 00:11:45
نعم؛ جديد داروين ليس صحيحًا وصحيحه ليس جديدًا. - 00:11:50
لذلك -إخواني- فمن الخطأ أن يُقال: "نظريَّة داروين كان فيها أخطاء"؛ - 00:11:56
بل نظريَّة داروين هي أصلًا مجموعةٌ من الأخطاء؛ - 00:12:01
خرافاتٌ أبطَلَها العقل والعلم، ومغالطاتٌ منطقيَّةٌ، وخيالاتٌ سخيفةٌ - 00:12:04
للتَّوصُّل إلى نتيجة أنَّ الإتقان والإحكام في الكائنات - 00:12:10
لا يحتاج قصدًا ولا إرادةً ولا علمًا! - 00:12:13
أُعيد التَّذكير -إخواني- بأنَّ حلقاتنا هي حلقاتٌ منهجيَّةٌ لضبط البوصلة، - 00:12:18
قاعدةٌ منهجيَّةٌ تعلَّمناها اليوم: أنَّ الباطل لا يقوم إلَّا على باطل، - 00:12:23
ولا يمكن أن يستند إلى علمٍ صحيحٍ أو عقلٍ سليمٍ، - 00:12:27
وحيثما طبَّقتَ هذه القاعدة فستجدها منطبِقةً؛ - 00:12:31
رأينا نموذجًا منها اليوم مع خرافة داروين "أنَّ الكائنات جاءت بالصُّدف"! - 00:12:35
سيتساءل البعض: لكنْ ألم يَسُدَّ مَن بعدَ داروين ثغرات النظريَّة، ويصحِّحوا أخطاءها؟! - 00:12:41
ما ردُّك على الأدلَّة من الأحافير؟! من البيولوجيا الجُزيئيَّة؟! - 00:12:49
من علم الأجِنَّة؟! من الأعضاء الضَّامرة؟! - 00:12:53
ألا يمكن التَّوفيق بين النَّظريَّة ووجود الله؟ - 00:12:56
إن كانت خرافةً -كما تقول- فلماذا يؤمن بها أكثر العلماء الغربيِّين؟! - 00:12:59
سنُجيب -إخواني- وبشكلٍ منهجيٍّ بإذن الله، - 00:13:05
وسنبدأ بدعوى سدِّ الثَّغرات وتصحيح الأخطاء - 00:13:08
وهو موضوع حلقتنا القادمة المهمَّة، - 00:13:12
فتابعوا معنا، - 00:13:14
وبالله وحده التَّوفيق. - 00:13:16
والسَّلام عليكم ورحمة الله.. - 00:13:17
Transcription
السَّلام عليكم - 00:00:07
في هذه الحلقة نُقيِّم معًا أهمَّ أركان ما يُعرَف بنظريَّة التَّطور لداروين - 00:00:08
تشارلز داروين "Charles Darwin"هو باحثٌ إنجليزيٌّ في تاريخ الأحياء الطَّبيعيِّ، - 00:00:13
ذكَر مشاهداتٍ كثيرةً جَمَعها في رحلاته ونقلها عن آخرين؛ - 00:00:17
كالتَّشابه الشَّكليِّ والتَّشريحيِّ بين أنواعٍ مختلفةٍ من الكائنات، - 00:00:21
وأنماطِ توزُّعها الجغرافيِّ، - 00:00:25
وبنى عليها افتراض أنَّ كلَّ الكائنات الحيَّة أتت من أصلٍ مشتركٍ؛ - 00:00:27
مرَّ بعمليَّات تطوُّرٍ وتنوُّعٍ، - 00:00:31
بحيث يتغيَّر الكائن تغيُّراتٍ بسيطةً متراكمةً، ثُمَّ الطَّبيعةُ تُغربِل؛ - 00:00:33
فالتَّغيُّراتُ المفيدة تُبقيها الطَّبيعة وينتُج عنها نوعٌ جديدٌ من الكائنات - 00:00:38
بمرور آلافِ السّنين وملايينها! - 00:00:43
بينما قَضَتِ الطَّبيعة -حسب داروين- على عددٍ لا حصر له من الكائنات الانتقاليَّة - 00:00:45
الَّتي حدثت فيها تغيُّراتٌ ضارَّةٌ أو غير نافعةٍ - 00:00:51
بالإضافة إلى دور الغربلة، - 00:00:55
افترض داروين أنَّ الطَّبيعة أسهمت في إحداث صفاتٍ جديدةٍ في الكائنات؛ - 00:00:57
بحيث عندما يكتسب الحيوان صفاتٍ مُعيَّنةً نتيجة بيئته - 00:01:02
فإنَّه يُورِّث هذه الصِّفات إلى أولاده، مُتَّفقًا بذلك مع افتراض لامارك "Lamarck" - 00:01:06
أنَّ الزَّرافة الَّتي تمتاز برقبةٍ طويلةٍ جدًّا - 00:01:11
كانت في يوم من الأيَّام برقبةٍ قصيرةٍ، - 00:01:14
ولكن مع تغيُّر الظُّروف الطَّبيعيَّة من حولها - 00:01:18
واضطرارها لمدِّ عنقها حتَّى تأكل من أعلى الشَّجر - 00:01:21
ظلَّ عنقها يستطيل جيلًا من بعد جيلٍ، حتَّى صارت إلى ما صارت إليه اليوم - 00:01:25
أهمُّ ما في الموضوع - 00:01:31
أنَّ داروين افترض أنَّ الكائنات الحيَّة - 00:01:33
إنّما نتجت عن هذه التَّغيُّرات بمجموع الصُّدف؛ - 00:01:36
يعني دون قصد، دون قصد! - 00:01:39
وبتعبيره: "لم يكن هناك خطَّةٌ للخَلْق" - 00:01:42
"plan of creation" - 00:01:44
في إيجاد هذه الأنواع الكثيرة، وهو ما أكَّده في مواضع عديدةٍ من كتاباته - 00:01:48
نشر داروين أفكاره هذه عام (1859) م - 00:01:54
في كتابٍ بعنوان: (حول أصل الأنواع) (On the Origin of Species) - 00:01:58
ثمَّ أراد أن يُعطي آليَّةً تفصيليَّةً لتوارثِ الصِّفات المكتسَبة - 00:02:03
فنشر بعد أعوامٍ من كتابه (أصل الأنواع) - 00:02:06
فرضيَّته الَّتي سمَّاها "بان جينيسس" شموليَّة التَّخلُّق "pangenesis"؛ - 00:02:09
والَّتي افترض فيها أنَّ الطَّبيعة عندما تؤثِّر على خلايا الكائن - 00:02:12
فإنَّ هذه الخلايا الجسميَّة تُفرز موادَّ صغيرةً سمَّاها داروين جيميولز "Gemmules" - 00:02:16
والَّتي تتركَّز في الأعضاء التَّناسليَّة للكائن لتنتقل إلى ذرِّيَّته - 00:02:21
ومن أين جاء الأصل المشترك يا داروين؟! - 00:02:26
من أين جاء الكائن الأوَّل؛ الَّذي بَنَيْتَ عليه أفكارك، - 00:02:29
ونَسبت إليه الكائنات الحيَّة كلَّها؟! - 00:02:32
لم يُبيِّن داروين في كتابه! - 00:02:34
لكنَّه نصَّ في مراسلاته مع عالِم النَّبات جوزيف دالتون هوكر "Joseph Dalton Hooker" - 00:02:36
على أنَّ رؤيته هي: - 00:02:41
أنَّ أوَّل كائنٍ نشأ في بِركةٍ دافئةٍ من عوامل كالضُّوء والحرارة والكهرباء - 00:02:44
يعني داروين اتَّفق بذلك مع فكرة "التَّوالُد الذَّاتي" - 00:02:48
الَّتي كانت شائعةً في عصره؛ - 00:02:51
حيث كان يُظَنُّ أنَّ الكائنات الحيَّة يمكن أن تتشكَّل تلقائيًّا من الجمادات - 00:02:54
كان يُظَنُّ -مثلًا- أنَّ الحشرات تنشأ من بقايا الطَّعام، - 00:03:00
وأنَّ يَرَقات الذُّباب تنشأ من قِطع اللَّحم المتعفِّنة. - 00:03:03
هذه باختصارٍ هي أركان نظريَّة التَّطوُّر لداروين: - 00:03:08
كائنٌ حيٌّ تولَّد بطريقةٍ ما من الجمادات، - 00:03:13
طبيعةٌ تُكسِب الكائن صفاتٍ جديدةً يمكن أن تحوِّلَه من نوعٍ لآخر، - 00:03:17
الصِّفات المكتسَبة تُورَّث، - 00:03:24
والطَّبيعة تَنتخِب بشكلٍ تراكميٍّ؛ وصولًا إلى كائناتٍ أرقى، - 00:03:26
فتُركِّب نُظُمًا حيويَّةً معقَّدةً من تغيُّراتٍ بسيطةٍ متعاقِبةٍ، - 00:03:31
والاستنتاج أنَّ الكائنات الحيَّة نشأت (بالإنجليزية) "evolved" - 00:03:37
دون قصدٍ ولا إرادةٍ مِن فاعلٍ مُريدٍ مختارٍ يعلم ما يفعل - 00:03:42
وعلى هذه الطَّاولة حمَّل داروين كلَّ ما في الكون من كائناتٍ حيَّةٍ - 00:03:47
والآن، ما هو التَّقييم العام لتلك الأركان الَّتي بنى عليها داروين هذه النَّتيجة؟ - 00:03:53
أمَّا تولُّد الكائنات الحيَّة تلقائيًّا من الجمادات؛ فخرافةٌ سقطت بتجارب - 00:03:59
أشهرُها تجربة فرانسيسكو ريدي "Francesco Redi" قبل داروين بقرنين، - 00:04:05
وتجربة لويس باستور "Louis Pasteur" الَّتي نُشرت بعد كتاب داروين بخمس سنواتٍ، - 00:04:09
والَّتي أثبت فيها أنَّ الكائنات - 00:04:13
الَّتي كان يُعتقد أنَّها تولَّدت ذاتيًّا من الجمادات كبقايا الطَّعام - 00:04:16
إنَّما أتت من خارج الموادِّ الغذائيَّة مع الهواء الملوَّث بها - 00:04:21
وإلى باستور هذا تُنسب عمليَّة التَّعقيم "البَسْتَرة"، والحليب المبْستَر - 00:04:25
والحقيقة أنَّ التَّولُّد الذَّاتيَّ ساقطٌ عقلًا أصلًا؛ - 00:04:29
أن تتصوَّر كائنًا حيًّا ينشأ هكذا تلقائيًّا من الجمادات! - 00:04:33
ومع ذلك أصرُّوا أن يجرِّبوا! - 00:04:38
جرَّبوا، فسقطت الخرافة بالعلم التَّجريبيِّ، بالإضافة إلى العقل - 00:04:40
وأمَّا إحداث الطَّبيعة لصفاتٍ جديدةٍ في الكائن عن طريق الاستعمال والإهمال - 00:04:46
كمثال رقبة الزَّرافة؛ فخرافةٌ سقطت أيضًا باكتشافات غِريغور مندل "Gregor Mendel" - 00:04:51
والَّذي أثبت بعد داروين بسنواتٍ - 00:04:56
أنَّ الصِّفات الوراثيَّة للأبناء مهما تعدَّدت - 00:04:59
فهي لن تَخرُج عن الموجود أصلًا في الآباء - 00:05:02
وسقطت كذلك باكتشافات الوراثة فوق الجينيَّة (بالإنجليزية) "epigenetics"؛ - 00:05:07
الَّتي بيَّنت أنَّ العوامل الخارجيَّة والبيئيَّة - 00:05:11
يمكن أن تُغيِّر طريقة قراءة المادَّة الوراثيَّة في كائنٍ ما؛ - 00:05:14
لتفعيل صفةٍ كانت كامنةً أو إخماد صفةٍ كانت منشَّطةً، - 00:05:18
لكنَّها لا تُضيف مادَّةً وراثيَّةً لم تكن موجودةً أصلًا. - 00:05:23
وأمَّا توريث الصِّفات المكتسَبة؛ فخرافةٌ ساقطةٌ بالمشاهدة العاديَّة؛ - 00:05:29
فعضلات الحدَّاد والنَّجَّار-مثلًا- والَّتي اكتسباها في حياتهما؛لا تُورَّث إلى الأبناء - 00:05:34
ومع ذلك؛ أصرَّ أتباع داروين أن يجرِّبوا! - 00:05:39
جرَّبوا، وظلَّ فايزمن "Weismann" يقطع ذيول 19 جيلًا من الفئران - 00:05:43
ليُفاجأَ المسكين بعد طولِ تعبٍ، بولادة أبنائها كلَّ مرَّةٍ بذيولٍ من جديد! - 00:05:48
يعني لم تنتقل الصِّفة المكتسبة وهي الذَّيل المقطوع إلى الأبناء. - 00:05:55
ماذا بقي من نظريَّة داروين إذن؟! - 00:06:01
ستقول: "الانتخاب الطَّبيعيُّ صحيح!" - 00:06:04
فأقول لك: القَدْرُ الصَّحيح منه ليس من اختراع داروين، ولا من بنات أفكاره؛ - 00:06:07
فالكلُّ يعلم أنَّ الحيوان الأضعف سيكون من الصَّعب عليه - 00:06:13
التَّكيُّف مع الظُّروف البيئيَّة الصَّعبة! - 00:06:17
لكنَّ الانتخاب الطَّبيعيَّ عند داروين تجاوز ذلك - 00:06:20
ليعني أيضًا إحداث نُظمٍ حيويّةٍ معقَّدةٍ - 00:06:23
من تغيُّراتٍ بسيطةٍ متعاقبةٍ صُدفيَّةٍ. - 00:06:27
وحتَّى تفهم ماذا يعني الانتخاب الطَّبيعيُّ لداروين؟ - 00:06:31
فإنَّ خيال داروين الواسع جاء له بفكرة - 00:06:34
أنَّ الطَّبيعة والاستعمال والإهمال؛ أنتجت للكائنات القديمة تراكيب جسميَّةً بسيطة - 00:06:38
يمكن أن تكون خدمت الكائن في شيءٍ ما، - 00:06:44
فأبقى عليها الانتخاب الطَّبيعيُّ والَّذي لم يكن يعلم أنَّ تراكم هذه التَّراكيب - 00:06:48
سيُنتج عضوًا كاملًا متكاملًا كالجناح للطَّائر، أو العين للحيوان. - 00:06:53
حتَّى تفهم منطق داروين في ذلك تصوَّر أرضًا مليئةً بالمهملات، - 00:06:59
يمرُّ عليها أعدادٌ كبيرةٌ من العُميان، ويلتقط كلٌّ منهم قطعةَ مهملات عشوائيًّا، - 00:07:04
ثمَّ يدخل إلى مبنًى كبيرٍ يُغلَق بابه بعد كلِّ داخل. - 00:07:11
مرَّت ملايين السِّنين، والعُميان يلتقطون المهملات، ويموتون فيُدفنون تحت أرض المبنى. - 00:07:16
فتحتَ أنت بوَّابة المبنى يومًا ما، فاندفعت من البوَّابة طائرة بوينج "Boeing" عملاقة - 00:07:24
يقودها أحد العميان وحلَّق بها في السَّماء! - 00:07:30
تساءلْتَ أنت: كيف تمكَّن الأعمى من صُنع الطَّائرة؟! - 00:07:34
فقيل لك: لم يقصد أن يصنعها! - 00:07:38
إنَّما الَّذي حصل مع العميان قبله - 00:07:40
أنَّ مَن التقط منهم قطعة مهملات نافعةٍ له؛ صَمَد وورَّثها لمن خَلْفه! - 00:07:43
فمنهم من التقط قماشةً التحف بها من البرد، - 00:07:48
وآخر التقط مسطَّحًا حديديًّا استظلَّ به من الشَّمس، - 00:07:51
وثالثٌ التقط من المهلات مِقوَد طائرةٍ حرَّك بها طعامه أثناء طبخه، - 00:07:55
ورابعٌ التقط زجاجةً اتَّخذها درعًا في حربه مع أعدائه من العميان! - 00:08:00
وهؤلاء جاؤوا على أزمنةٍ متعاقبةٍ، وورَّثوا قِطَعَهم لمن خلفهم، - 00:08:04
وكانت القِطَع تتركَّب من غير قصدٍ، ولا بفِعل فاعلٍ، - 00:08:09
حتَّى تشكَّلت منها هذه الطَّائرة العظيمة الَّتي رأيت! - 00:08:13
فإيَّاك، ثمَّ إيَّاك أن تتوهَّم أنَّ أحدًا قصد أن تتشكَّل طائرةٌ أو تطير! - 00:08:17
بنفس المنطق؛ اعتبر داروين أنَّ الانتخاب الطَّبيعيَّ - 00:08:24
رقَّع تراكيب الكائنات الحيَّة على عمًى؛ - 00:08:28
فأجنحة الطُّيور -مثلًا- - 00:08:32
مُساعَدتُها للطَّير على الطَّيران؛ (بالإنجليزية) "pseudopurpose" - 00:08:33
يعني هدفٌ وهميٌّ، وليس حقيقيًّا! - 00:08:36
والعين إبصارها هدفٌ وهميٌّ؛ - 00:08:39
لأنَّه ليس هناك فاعلٌ مريدٌ مختارٌ قَصَد أن تُبصِر العين، أو يُرفرِف الجناح، - 00:08:41
بل جاء هذا كلُّه بتراكمات الصُّدف العمياء! - 00:08:47
هذه هي نُكتة الانتخاب الطَّبيعيِّ الأعمى الَّتي خرج علينا بها داروين، - 00:08:50
وهي -بالإضافة إلى سخافتها لكلِّ عقلٍ سليم- - 00:08:55
فإنَّ الاكتشافات العلميَّة أثبتت استحالتها مع وجود التَّعقيد غير القابل للاختِزال - 00:08:59
أو ما يُعرف (بالإنجليزية) بال"irreducible complexity" - 00:09:05
في كلِّ تفاصيل الكائنات وعلاقاتها؛ - 00:09:08
أي أنَّ تراكيب وأعضاء الكائنات الحيَّة بالغةُ التَّعقيد والتَّكامل، - 00:09:12
بحيث لا يمكنها أن تتواجَد إلَّا بتوافُر أجزائها في وقتٍ واحدٍ - 00:09:17
وإلَّا لن تؤدِّي وظيفتها، - 00:09:22
وبذلك فهي غير قابلةٍ لفكرة التَّكوُّن بتدرُّجٍ أبدًا، - 00:09:25
حتَّى على مستوى أصغر وِحدةٍ حيَّة؛ - 00:09:30
الخليَّة الَّتي لم يكن داروين يراها تحت المجهر -في أيَّامه- إلَّا كلَطْخةٍ بسيطةٍ! - 00:09:33
إذن؛ فالانتخاب الطَّبيعيُّ كما يصوِّره داروين هو أيضًا خرافةٌ. - 00:09:40
على هذه الخرافات السَّاقطة عقلًا وحسًّا وتجربةً - 00:09:45
أقام داروين أسخف وأغبى فكرةٍ في التَّاريخ، - 00:09:48
أنَّ كلَّ ما نرى من إحكامٍ وإتقانٍ في هذا الخَلْق؛ إنَّما جاء بالصُّدَف دون قصدٍ - 00:09:53
ولا يحتاج علمًا ولا حكمةً! - 00:09:59
ماذا بقي من نظريَّة داروين إذن؟! - 00:10:01
بقيت خيالاتُه الَّتي تُشبه أن تكون مساهَمةً منه في مسابقةٍ بعنوان: أوسع خيالٍ - 00:10:04
يتبارى فيها علماء الطَّبيعة في إضحاك المستمِعين. - 00:10:11
بقي خياله الَّذي يُشبه قصص ما قبل النَّوم عن الأمير الضِّفدع والأميرة البجعة، - 00:10:14
وفئران سندريلَّا الَّذين تحوَّلوا إلى حُصُنٍ جميلةٍ! - 00:10:20
لكن مع إضافةٍ واحدةٍ أنَّ ذلك احتاج وقتًا طويلًا جدًّا! - 00:10:24
الخيال الَّذي يضع ريشًا على الدَّيناصورات وهي تُطارد البعوض فتطير. - 00:10:30
والخيال الَّذي قفز إلى ذهن داروين حول الدُّبِّ الأسود وهو يسبح لساعاتٍ في المياه - 00:10:35
فاتحًا فمه ليُدخِل أكبر عددٍ ممكنٍ من الحشرات فيه، - 00:10:40
فذكَّره بالحوت الَّذي يفتح فمه لتدخل فيه الأسماك، - 00:10:44
وما دام هناك شبهٌ؛ فيبدو أنَّ الحوت تطوَّر عن الدُّبِّ في منطق داروين! - 00:10:49
كما في نسخة "الفاكس ميلي" لطبعته الأولى من كتابه (أصل الأنواع) صفحة 184. - 00:10:55
سيقول قائلٌ: لكن ماذا عن عِلم داروين؟! - 00:11:01
ماذا عن المشاهَدات الكثيرة الَّتي جمعها في كتابه، وعن دقَّة ملاحظته؟! - 00:11:04
فنقول: داروين كان أشبه ببرنامج، فيه الكثير من المدخَلات، - 00:11:09
إنَّما المعادلة الَّتي تربط بين هذه المدخلات خاطئةٌ، فتعطيَ نتيجةً خاطئةً؛ - 00:11:15
لذلك لم ينفع داروين كثرة معلوماته، ولا سعة اطّلاعه. - 00:11:21
من المهمِّ جدًّا -إخواني- - 00:11:26
أن نفهم أنَّ هذه المشاهدات للطُّيور والزَّواحف والحشرات وغيرها - 00:11:27
ليست جزءًا من نظريَّة التَّطوُّر، - 00:11:31
إنَّما كلامنا عن النَّظريَّة الَّتي ادَّعى داروين أنَّها تفسيرٌ لهذه المشاهدات. - 00:11:34
فيما عدا المشاهَدات، وصياغته لمصطلح الانتخاب الطَّبيعيِّ -خاطئ الدَّلالة عنده- - 00:11:40
فإنَّ جديد داروين ليس صحيحًا، وصحيحه ليس جديدًا. - 00:11:45
نعم؛ جديد داروين ليس صحيحًا وصحيحه ليس جديدًا. - 00:11:50
لذلك -إخواني- فمن الخطأ أن يُقال: "نظريَّة داروين كان فيها أخطاء"؛ - 00:11:56
بل نظريَّة داروين هي أصلًا مجموعةٌ من الأخطاء؛ - 00:12:01
خرافاتٌ أبطَلَها العقل والعلم، ومغالطاتٌ منطقيَّةٌ، وخيالاتٌ سخيفةٌ - 00:12:04
للتَّوصُّل إلى نتيجة أنَّ الإتقان والإحكام في الكائنات - 00:12:10
لا يحتاج قصدًا ولا إرادةً ولا علمًا! - 00:12:13
أُعيد التَّذكير -إخواني- بأنَّ حلقاتنا هي حلقاتٌ منهجيَّةٌ لضبط البوصلة، - 00:12:18
قاعدةٌ منهجيَّةٌ تعلَّمناها اليوم: أنَّ الباطل لا يقوم إلَّا على باطل، - 00:12:23
ولا يمكن أن يستند إلى علمٍ صحيحٍ أو عقلٍ سليمٍ، - 00:12:27
وحيثما طبَّقتَ هذه القاعدة فستجدها منطبِقةً؛ - 00:12:31
رأينا نموذجًا منها اليوم مع خرافة داروين "أنَّ الكائنات جاءت بالصُّدف"! - 00:12:35
سيتساءل البعض: لكنْ ألم يَسُدَّ مَن بعدَ داروين ثغرات النظريَّة، ويصحِّحوا أخطاءها؟! - 00:12:41
ما ردُّك على الأدلَّة من الأحافير؟! من البيولوجيا الجُزيئيَّة؟! - 00:12:49
من علم الأجِنَّة؟! من الأعضاء الضَّامرة؟! - 00:12:53
ألا يمكن التَّوفيق بين النَّظريَّة ووجود الله؟ - 00:12:56
إن كانت خرافةً -كما تقول- فلماذا يؤمن بها أكثر العلماء الغربيِّين؟! - 00:12:59
سنُجيب -إخواني- وبشكلٍ منهجيٍّ بإذن الله، - 00:13:05
وسنبدأ بدعوى سدِّ الثَّغرات وتصحيح الأخطاء - 00:13:08
وهو موضوع حلقتنا القادمة المهمَّة، - 00:13:12
فتابعوا معنا، - 00:13:14
وبالله وحده التَّوفيق. - 00:13:16
والسَّلام عليكم ورحمة الله.. - 00:13:17