السّلام عليكم - 00:00:06
تعالوا -إخواني- أقصُّ عليكم قصَّة مَن يريدون إثبات باطلهم بأيَّة طريقةٍ - 00:00:07
كم يبدون بائسين وهم ينتقلون من فشلٍ إلى فشلٍ، والحقيقةُ تُطاردهم - 00:00:11
لكنْ لا تخافوا، لن نَبتَئِس معهم، - 00:00:17
بل في قصَّتهم كثيرٌ مِن الفُكاهة، فاركبوا معنا - 00:00:19
في الحلقتين الماضيتين، - 00:00:23
رأينا كيف أسَّس داروين عناصر خُرافته على شفا جرُفٍ هارٍ، - 00:00:24
وبنى عليها أنصارهُ من بعده؛ فَانْهار بهم في مزيدٍ من مصادمة العقل والعلم - 00:00:28
فالمسألة ليست أخطاءً صُحِّحت وثغراتٍ سُدَّت، بل خروقٌ وُسِّعت، و(عنزةٌ ولو طارت) - 00:00:33
وما زادتِ التَّعديلاتُ النَّظريَّةَ إلَّا خُرافيَّةً ومصادمةً للاكتشافات - 00:00:40
يقولون لك: لكنْ، هذه النَّظريَّة عليها أدلَّةٌ، - 00:00:46
وقد جاء مَنْ بعد داروين ليحشدوا المزيد مِن الأدلَّة - 00:00:48
تعالوا نرَى مجموعات (الأدلَّة المزعومة) - 00:00:52
أولًا: الأحافير - 00:00:56
حسب داروين، فإنَّ الكائنات الحيَّة تطوَّرت من أصلٍ مشتَرَكٍ -أو أصولٍ قليلةٍ- بتدرُّجٍ بطيءٍ، - 00:00:58
وبالتَّالي فيُفترَض أن نرى ذلك التَّدرُّج على أرض الواقع - 00:01:04
لكنَّنا نجد بينها -في الحقيقة- تمايزًا كبيرًا، وفجَواتٍ هائلةً، وحدودًا عازِلةً - 00:01:08
فأين الكائنات الانتقاليَّة بين الزَّواحف والطُّيور مثلًا؟ - 00:01:14
لا وجود لها على أرض الواقع - 00:01:18
أَقرَّ (داروين) بأنَّ هذا يناقض خيالاته، - 00:01:20
فعوَّض عن ذلك بتخيُّل أنَّ هذا التَّدرُّج والكائنات الانتقاليَّة كانت موجودةً في الماضي، - 00:01:23
وبالتَّالي فيجب أنَّ نجد أحافيرها وأجسامها المتحجِّرة تحت الأرض - 00:01:31
ليس هناك أيُّ مبرِّرٍ لهذا الانتقال، والتَّهرُّبِ مِن سطح الأرض إلى ما تحتها، - 00:01:37
لكن لا بأس، تعالوا ننزِل مع (داروين) إلى ما تحت الأرض - 00:01:41
ماذا تخيَّل (داروين) أنَّنا سنجد؟ - 00:01:46
تخيَّلَ أنَّنا سنجدُ في طبقات الأرض العميقة أحافيرَ لكائناتٍ بدائيِّةٍ بسيطة التَّركيب، - 00:01:48
وكلَّما صعدنا في طبقات الأرض إلى الأعلى، سنجد أحافير لكائناتٍ مُنقَرِضةٍ - 00:01:55
أَعْقَدَ تركيبًا تمثِّل المراحل الانتقاليَّة، - 00:02:00
إلى أن نجد في الطَّبقات الأعلى والأعلى أحافيرَ لكائناتٍ موجودةٍ بيننا - 00:02:04
على أرض الواقع - 00:02:09
وخَرْبَشَ (داروين) خيالاتِه هذه في كُتُبه - 00:02:10
وتنبَّأ بأنَّه يجب أن يكون هناك عددٌ (لا حصر له) - 00:02:14
من الكائنات الانتقاليَّة المنُقرِضَة مدفونةً في طبقات الأرض - 00:02:19
أيْ: هنا كائنٌ بسيطٌ - 00:02:24
بدأت به الحياة، سنجده في الطَّبقات العميقة - 00:02:27
وكلُّ نقطةٍ على هذا الخطِّ تمثِّل كائنًا منقرضًا - 00:02:30
هنا كائنٌ، كائنٌ، كائنٌ، وهكذا... - 00:02:34
ثمَّ هنا كائنٌ متطوِّرٌ (كالديناصور مثلًا) - 00:02:37
لكنَّه انْقرضَ قديمًا، فسنجدهُ في طبقات الأرض العميقة جدًّا - 00:02:40
بينما سنَجدُ كائناتٍ انتقاليَّةً لا حصر لها بين الدَّيناصور والطُّيور، - 00:02:45
إلى أن نرى الكائنات الَّتي بيننا اليوم في طبقاتٍ أعلى، وهكذا... - 00:02:51
كانت هذه أحلام (داروين) - 00:02:56
كان هذا ما يتمنَّى أن يراه حتَّى يدَّعيَ أنَّ نظريَّته صحيحةٌ، - 00:02:58
فماذا وجد داروين في الحقيقة؟ - 00:03:03
وجد كلَّ شيءٍ يخيِّب أحلامه، - 00:03:06
فأولًا: عددٌ كبيرٌ من الكائنات المعقَّدة للغاية - 00:03:09
ظهر فجأةً فيما يعرف بطبقة (العهد الكامبري) العميقة في الأرض - 00:03:14
حتَّى سمَّوا هذا الظُّهور المفاجئ (بالانفجار الكامبري) - 00:03:18
هذه الكائنات لم يظهر أصلٌ مشتَرَكٌ لها أبسطُ منها -كما حلم (داروين) - 00:03:23
ولم تَنقرض، ولا تطوَّرت إلى كائناتٍ أعقد، - 00:03:30
بل هي نفسُها -كما هي- إلى يومِنا هذا - 00:03:33
وحتَّى تُدرك مدى التَّعقيد في كائنات (العهد الكامبري) - 00:03:37
فيكفيك مثلًا أن تتأمَّل عين متحجِّرات كائن الترايلوبايت "Trilobite" - 00:03:40
المكوَّنة من مئات العُوَيْنات الصَّغيرة المعقَّدة الَّتي تعمل بشكلٍ متكاملٍ، - 00:03:44
وهي نفسُها -كما هي- إلى يومنا هذا - 00:03:50
ثانيًا: وجد (داروين) أنَّ الكائنات الانتقاليَّة ليست (لا حصر لها) كما تُحتِّم خُرافته؛ - 00:03:53
بل لا وجود لها - 00:04:00
وبالتَّالي فكلُّ الأدلِّة كانت ضدَّ افتراضات (داروين) - 00:04:03
هل جَهل (داروين) ذلك؟ لَمْ يجهله - 00:04:07
ولعلَّ البعض يظنُّ أنَّ هذه الاكتشافات جاءت بعد (داروين) - 00:04:09
والحقُّ أنَّها مِن أيَّامه - 00:04:13
وقد تكلَّم باستفاضةٍ عن كائنات (العهد الكامبري) - 00:04:15
وتساءل أيضًا عن غياب الكائنات الانتقاليِّة قائلًا: "بما أنَّه -حَسْبَ هذه النَّظريَّة- - 00:04:19
فإنَّه لا بدَّ أن تكون قد وُجِدت في الماضي أشكالٌ لا حصر لها مِن الكائنات الانتقاليَّة، - 00:04:26
فلماذا لا نجدها مدفونةً بأعدادٍ لا حصر لها في طبقات الأرض؟" - 00:04:32
ممتازٌ، إذن، استيقظتَ مِن أحلامك يا (داروين)؟ - 00:04:38
لا، بل لا بدَّ للخرافة أنْ تستمرَّ - 00:04:42
بدل أن يُعنوِنَ (داروين) اعترافاته هذه بعنوان: - 00:04:46
(السجلُّ الأحفوريُّ يخيِّب أحلامي كما خيَّبها ما فوق الأرض) - 00:04:50
عَنْوَنها في كتابه بعنوان: - 00:04:54
(عدمُ اكتمالِ السِّجلِّ الأحفوريِّ) - 00:04:56
عدم اكتمال؟! - 00:05:02
حسنًا، لو اكتشفنا أيَّة حفريَّةٍ بعد هذا، - 00:05:03
ألا يقولُ العقل -يا داروين- أنَّ علينا تفسيرها حسب المُحكَمات الواضحات الّتي تبيَّنت لنا؟ - 00:05:06
لا، بل كأنَّ داروين يقول لمَن بعده: - 00:05:14
ابحثوا عن أيّ شيءٍ يحتمل تفسيراتٍ متعدّدةً لتضربوا به هذه المُحكَمات الواضحات، - 00:05:16
هاتوا أيَّة قشَّةٍ نحجِب بها نور الشَّمس عن عيون النَّاس - 00:05:22
وبالفعل - 00:05:27
انطلق جنود (داروين) الأوفياء مِن بعدِه يبحثون عن الكائنات الانتقاليّة المزعومة، - 00:05:28
مُتجاهِلين أنَّ خُرافة أستاذهم تُحَتّم عددًا (لا حصر له) - 00:05:33
فراحوا يبحثون عن عنزةٍ طائرةٍ -ولو واحدة- في أيِّ مكانٍ ليتعلّقوا بها، - 00:05:39
وانتقلوا مِن قصّة فشلٍ إلى أخرى - 00:05:45
كلّما ادّعَوا أنّهم وجدوا كائنًا انتقاليًّا، - 00:05:47
جاءت أبحاثٌ تبيّن أنَّ هذا كان تزييفًا أو كذبًا أو سوء تفسيرٍ، بشكلٍ مضحكٍ - 00:05:51
كقصّة الدّيناصور الطّائر أركيورابتور "Archaeoraptor" - 00:05:58
وأركيوبتركس "Archaeopteryx" - 00:06:01
وسمك السّليكانث "Coelacanth"، ثمّ التّكتاليك "Tiktaalik" - 00:06:02
وجمجمة إنسان بِلداون "Piltdown" - 00:06:05
وعظام إنسان جاوة "Java Man" - 00:06:08
ثمّ أحفورة لوسي "Lucy" - 00:06:10
ثمّ صديقتها أحفورة إيدا "Ida" - 00:06:13
ثم أحفورة آردي "Ardipitheus" - 00:06:17
وغيرها الكثير الكثير - 00:06:20
لسان حالهم: لا تَسْمَعوا لأدلّة الكونِ على الله، والْغَوا فيها لعلّكم تَغْلِبون - 00:06:22
كلّ هذه وغيرها -وكما سنُبيُّن بالتّفصيل بإذن الله- - 00:06:28
ظهر زيفها وغشّها المتعمَّد، أو تحريفُ دلالتها الواحدة تلو الأخرى - 00:06:32
لكنْ بعدما وُظِّفت كلّ كذبةٍ لفترة من الزّمن في إنعاش الخرافة - 00:06:38
حتّى لا تكتئبوا -إخواني- مِن هذا المشهد البائس، وقصص الفشل، - 00:06:44
تعالوا نشاهد بعض المشاهد الكوميديّة الّتي يؤدّيها أبطال مسلسل خُرافة (داروين) - 00:06:48
عام (1922) وجد عُشَّاق الُخرافة ضِرسًا في (نبراسكا) في الولايات المتّحدة - 00:06:54
نعم، ضرسٌ - 00:07:01
فاعْتَبروه دليلًا مهمًّا على التَّطوُّر - 00:07:03
ورسموا عليه شِبه إنسانٍ قالوا أنّه عاش قبل (6) ملايين سنةٍ - 00:07:05
وأعطوه اسمًا علميًّا - 00:07:10
ونشرت مجلّة سَيَنْسْ "Science" -المعروفة- - 00:07:11
مقالًا علميًّا مُحكَّمًا عن هذا الاكتشاف العظيم - 00:07:14
لكن، بعد (5) سنواتٍ - 00:07:18
تبيَّن أنَّ هذا السَّنّ هو سنُّ خنزيرٍ - 00:07:20
وعادت مجلّة "سَيَنْسْ" نفسُها فنشرت نفيًا لما جاء في مقالها السّابق - 00:07:23
ثمّ عام (1979) عثر عُشَّاق الخرافة على عظمةٍ - 00:07:29
قالوا: وجدنا الدّليل، إنّها ترقوة شِبه إنسانٍ عاش في الزّمان البعيد - 00:07:34
ثمّ تبيّن أنّها جزءٌ من ضلع دولفين كما نشرت مجلة نيو سَيَنْتست "New Scientist" - 00:07:41
بعد (4) سنواتٍ - 00:07:46
ثمّ عام (1984) - 00:07:48
وجد ثلاثةٌ مِن العلماء -عُشَّاق الخرافة- - 00:07:50
جزءًا مِن جمجمة - 00:07:54
طاروا بها فرحًا، ها هو الدليل أخيرًا - 00:07:55
رسموا على هذا الجزء من الجمجمة شِبه إنسانٍ - 00:07:58
قالوا أنَّه مات وهو في (17) من عمره - 00:08:00
وقدّروا أنَّه عاش قبل (900) ألفٍ إلى (1.6) مليون سنةٍ - 00:08:03
وسَمَوهُ إنسان أورس (Orce Man) - 00:08:09
وحدّدوا له مكانًا في سُلَّم التَّطوّرِ المزعوم - 00:08:12
وسُمِّيَ هذا الاكتشاف (اكتشاف القرن) - 00:08:15
وأُقيم له مؤتمرٌ صحفيٌّ حضره كبار الشّخصيّات، وعمّت الأفراح والّليالي المِلاح - 00:08:19
لكنَّها فرحةٌ ما تمَّت - 00:08:25
تبيَّن بعد ذلك أنها جمجمةُ حمارٍ صغيرٍ، - 00:08:28
وأصبح هؤلاء سخريةً للمجلّات السّاخرة، - 00:08:32
وهكذا يسير عُشَّاق الخرافة في السّهول وفي الجبال والمزابِل والمقابر - 00:08:36
يبحثون عن أصولهم في كلِّ شيءٍ تَطؤُهُ أقدامهم؛ - 00:08:40
في أضراس الخنازير، وأضلاع الدّلافين، وجماجم الحمير - 00:08:44
كمفلسٍ ملتاثٍ يحسب البَصْقةَ قِرْشًا - 00:08:49
كلُّ هذا في سبيل الخُرافة - 00:08:53
هذه -باختصار- قصَّة دليل الأحافير - 00:08:55
وأذكّركم -إخواني- أنّ هذه الحلقة هي استعراضٌ سريعٌ لما سنفصّله في حلقاتٍ قادمةٍ -بإذن الله- - 00:08:58
الدّليل الثّاني: بصمات الصُّدفة في أعضاءٍ لا فائدة منها - 00:09:06
كان داروين في كتابه (تحدّر الإنسان) والّذي نشره بعد (أصلِ الأنواع) - 00:09:11
قد ذكر أمثلةً عديدةً - 00:09:16
على أعضاء ضامرةٍ غير مفيدةٍ في جسم الإنسان - 00:09:18
كدليلٍ على التّطوُّر - 00:09:21
وسمّاها (بالإنجليزية) الأعضاء الأثريَّة - 00:09:23
مَنْطِقُهُ في ذلك: أنَّ هذا الإنسان ما دام قد جاء بمجموع الصُّدف، - 00:09:26
فإنّ الصُّدف ستكون قد تركت بَصْمَتَها في منتجاتها: - 00:09:30
بقايا تطوّريّةً، - 00:09:34
وآثارًا مِن الأسلاف والجدود الحيوانيّة الّتي لم يَعُد لها وظيفةٌ في جسد الإنسان، - 00:09:36
وكأنّ (داروين) قد فتح بذلك بابًا فأسرع أنصارهُ يتدافعون فيه - 00:09:43
يُنقّبون جسم الإنسان - 00:09:48
ويمحِّصُونه جزءًا جزءًا - 00:09:49
بحثًا عن ماذا؟ - 00:09:51
بحثًا عن أخطاء - 00:09:53
حتى أَعلن عَالِمُ التّشريِح الألماني الدّارويني روبرت ويدرزهايم "Robert Wiedersheim" - 00:09:55
عام (1893) - 00:09:59
عن قائمته ذات الـ(86) عضوًا ضامرًا في جسد الإنسان لا فائدة لها - 00:10:02
وحتّى تدرك أخي حجم الجهل الّذي جعلهم أضحوكةً، فمن ضمن هذه القائمة: الغدد الصّمّاء - 00:10:09
مثل الغدّة النّخاميَّة، والصّنوبريّة - 00:10:16
لأنهم -في وقتها- لم يكونوا يعرفون شيئًا عن الغُدد الصّمّاء والهرمونات - 00:10:20
منطقهم في ذلك: الاحتجاج بالجهل؛ - 00:10:26
نحن نجهل وظيفة هذا العضو من جسم الإنسان أو ذاك، - 00:10:28
إذن، فليست له وظيفةٌ، - 00:10:32
إذن، لا بدّ أنّه جاء بطريقةٍ تطوُّريّةٍ مِن غير قصدٍ - 00:10:33
نفس الطّريقة التي استخدموها في الأحافير؛ - 00:10:38
مُحكماتٌ واضاحاتٌ يَتَعَامَونَ عنها - 00:10:41
كلّ ما في الجسم من إتقانٍ وإبداعٍ لا يَعْنِيهم، - 00:10:44
بل ويبحثون عن أيّة قشّةٍ يتعلَّقون بها - 00:10:48
ومع ذلك تقدَّمت العلوم وتكشَّفت وظائف هذه الأعضاء عضوًا عضوًا - 00:10:52
فلا الفقرات العُصعُصيَّة بلا فائدةٍ، ولا الزّائدةُ الدوديَّةُ زائدةٌ، - 00:10:58
والغدّة النخاميّة -مثلًا- تتحكَّم بأكثر هرمونات الجسم، - 00:11:04
ولو فقَدَها مَن وصفوها بأنّها (بالإنجليزية) لا وظيفية، لماتوا - 00:11:08
فراحوا يبحثون في الكائنات الأخرى عن أعضاء لا فائدة منها؛ - 00:11:12
في استدلالٍ مبنيٍّ على افتراضهم أنّ الطّبيعة تَسْتَبقي ما يلزم للبقاء فقط، - 00:11:17
وهو استدلالٌ مَشينٌ؛ لأنَّه استدلالٌ بنفس ما يريدون إثباتهُ - 00:11:23
بينما نحن نُؤمن بخالقٍ بثَّ في خَلْقِه الجَمَال - 00:11:28
فحتّى لو لم تساعد بعض الأعضاء على البقاء أو التَّزاوج - 00:11:32
فيكفي أنَّها تساعد -غير الحمقى- على إدراك أنَّ للجمال خالقًا - 00:11:36
ومع ذلك لازالوا يُنقِّبون في كلِّ شيءٍ - 00:11:42
حتّى في ثوابت الكون الفيزيائيّة المضبوطة لأبعد حدٍّ بشكلٍ يُثيرُ عَجَبَهُم - 00:11:46
كأنَّهم يقولون: أيَّتها الصُّدفة العمياء، أسعفينا ببصمةٍ لكِ في أيّةِ زاويةٍ مِن زوايا الكون - 00:11:52
فيأتيهم الردُّ مِن كتاب الله: - 00:11:59
<<فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ - 00:12:02
يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ>> [القرآن 67 : 3-4] - 00:12:07
فنقِّبوا عن خطأٍ كما تشاؤون - 00:12:11
فشلوا مع ما تحت الأرض، وما فوق الأرض - 00:12:14
فراحوا ينقِّبون في المادّة الوراثيّة لعلّهم يجِدون فيها ضالَّتهم - 00:12:18
أنا شخصيًّا مِن أكثر ما دلَّني على عظَمَةِ الله تعالى؛ - 00:12:23
تأمُّلُ الآليَّات البديعة في عالَم النَّواة في المادّة الوراثيّة - 00:12:26
لكنْ هكذا الآياتُ الكونيّةُ، كالآيات القرآنيّةِ؛ - 00:12:32
<<فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ - 00:12:36
وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ>> [ القرآن 9 : 124-125] - 00:12:40
قال عُشّاق الُخرافة: وجدناها، المادّة الوراثيّة "DNA" ليس منها -إلا قسمًا قليلًا- مورِّثاتٌ عاملةٌ - 00:12:46
بينما أكثرها "Junk" أي: مُهمَلةٌ، بلا وظيفةٍ، بقايا تطوُّرٍ عشوائيٍّ - 00:12:53
فإنْ كان هناك خالقٌ خَلَق الإنسان فلماذا يضع فيه حمضًا نوويًا مُهمَلًا؟! - 00:12:59
ثمّ لمّا تمّ اكتشاف الوظائف الكثيرة جدًّا -والّتي لا غِنًى عنها أبدًا- لهذا الحمض النوويِّ - 00:13:05
الّذي وصفوه سابقًا بأنّه (مهملٌ) - 00:13:11
وظهر أنّه مَنْبعُ كنوزٍ كما عبّر عنه البروفسور إيوان بيرني "Ewan Birney" - 00:13:14
رئيس مشروع الـ(إن كود) "in code" الّذي ضمّ (400) عَالِم جيناتٍ - 00:13:18
وظهر أنَّ (المُهْمَلة) هي في الحقيقة أفهامُ الدارونيّين، وتعامُلهم مع َخلقِ اللهِ المُحكَم - 00:13:24
قالوا: - 00:13:30
[لقد لاحظتُ بأنَّ المؤمنين بالخَلْق فرِحون بهذا، ويظنُّون أنَّ هذا يدحض الداروينيَّة - 00:13:31
لا، بالعكس؛ هذا بالضبط ما يأمل الدَّاروينيُّ أن يراه] - 00:13:38
يقول لك دوكينز: أبدًا أبدًا، هذا ما كانت الدّارونيّة تأملهُ بالضّبط - 00:13:41
إنّها المُكابرة في سبيل الخُرافة - 00:13:45
وسنفصِّل لكم في الحلقات القادمة -بإذن الله- في دعواهم الكاذبة في المادّة الوراثيّة - 00:13:48
مثل: نسبة التّشابه بين المادّة الوراثيّة للإنسان والشّامبانزي، - 00:13:54
وكذبة التحام (الكروموسومين)؛ لتعلموا كيف أساء هؤلاء إلى العلم، - 00:13:58
أساؤوا إلى العقل، أساؤوا إلى أنفسهم، في سبيل الخرافة - 00:14:03
الدّليل الرّابع إخواني -والّذي اعتمد عليه داروين كثيرًا: - 00:14:10
وجود بعض التّشابهات الشَّكليَّة - 00:14:13
في الشّكل الخارجيّ، والتّشابهات التشريحيّة بين بعض الكائنات الحيّة - 00:14:15
اعتبار الشَّبَه دليلًا على وَحْدة الأصل ليس مقدّمةً علميّةً، ولا منطقيّةً - 00:14:21
ويكفي في إبطال دلالته ظاهرة التَّشابهات الشّديدة - 00:14:26
بين الحيوانات (المشيميّة) وشبيهاتها (الجِرابيّة) - 00:14:30
الحيوان (المشيميُّ) هو الّذي يكمل جنينه النمّو في مشيمة الرّحِم - 00:14:34
بينما الجِرابيُّ يكمل نموّه في جِراب (كالكنغر) - 00:14:37
حسب الدّاروينيّين، فإنّ الحيوانات الجرابيّة انفصلت عن المشيميّة في قديم الزّمان - 00:14:41
بحيث تَكوَّن لدى كلٍّ منهما طريقة حَمْلٍ ورَضَاعٍ، وأجهزة جسمٍ داخليّةٍ مختلفةٍ بشكلٍ كبيرٍ عن الآخر - 00:14:46
لذلك فإنَّ السّنجاب المشيميَّ مثلًا - 00:14:54
أقربُ في التّفرّع والتّصنيف وشجرة القرابة التّطوريّة، - 00:14:57
للحوت والفيل والغزال -وكلّ الثّديّات المشيميّة المعروفة- - 00:15:01
مِن قرابته لزميله السّنجاب الجرابيّ، - 00:15:06
والسّنجاب الجرابيّ أكثر قرابةً - 00:15:10
للكنغر والكوالا، مِن قرابته للسّنجاب المشيميّ المماثِل له في الشّكل - 00:15:12
وقل مثل ذلك في الذّئب، والخُلْد، والوُمْبَات المشيميّة والجرابيّة، وغيرها وغيرها... - 00:15:17
ماذا يعني هذا؟ - 00:15:23
يعني أنّ التّشابه الشكليَّ، والتّقارب التّشريحيَّ - 00:15:25
ليس له أيّة دلالةٍ تطوّريّةٍ - 00:15:28
فالحيوانات المتشابهة في الشكل، مختلفةٌ جدًّا في أجهزتها العضوية (الفسيولوجيّة) وحَمْلِها، - 00:15:32
والمتشابهة عضويًا (فسيولوجيًّا) مختلفةٌ جدًّا في أشكالها - 00:15:38
ماذا فعل الدّاروينيّون للخروج من هذه الورطة؟ - 00:15:43
اقترحوا نموذج التّطوُّر المتقارِب - 00:15:46
أو التّطوُّر المتوازي - 00:15:51
أسماءٌ فخمةٌ، أليس كذلك؟ - 00:15:56
ما دُمنا قد أعطينا الهَذَيَان اسمًا، فقد أضفينا عليه شرعيَّةً علميَّةً - 00:15:58
لكنْ لحظةً، هذا يَهْدِمُ نَظَريَّتكم من الأساس - 00:16:04
لا، لقد انتهى الأمر، - 00:16:08
فنحن قد عدّلنا في النّظريّة، وأعطيناها اسمًا - 00:16:09
على مبدأ: (أعطِهِ اسمًا، دَعْهُ يمرّ) - 00:16:12
احفظوها جيّدًا -إخواني- لأنّ ذلك سيتكرّر معنا كثيرًا - 00:16:15
ظاهرة تُبْطِلُ نظريَّتك؟ - 00:16:18
لا بأس، أَعْطِ للنَّظريّة اسمًا جديدًا، لُتشْعِرَ السّامع أنّك على وعيٍ بوجود هذه الظّاهرة، - 00:16:20
ولكنَّك لا ترى فيها أيّ تهديدٍ لنظريّتك، بل عدَّلتَ النَّظريَّة، ووجدتَ حلًّا - 00:16:27
وحقيقة الأمر أنّك لم تجد حلًّا - 00:16:32
بل اخترعت اسمًا زائفًا جديدًا في سبيل الخُرافة - 00:16:35
فما فكرة التّطوّر المتقارِب؟ - 00:16:39
هي فكرةٌ مُضحكةٌ، مَفادُها أنَّ الطّفرات العشوائيّة الّتي خَلَقَت الكائناتِ (المشيميَّة) - 00:16:42
تكرَّرت بنفس العشوائيَّة والتّفاصيل فخَلَقت الكائنات (الجِرابيَّة) - 00:16:47
عشوائيَّةٌ بنفس المسار والتّرتيب، - 00:16:52
وبنفس التّنظيم، مع أنّه لا حصر لعددها - 00:16:55
لا تعليق - 00:17:00
فعندما يقولون لك: "المُكْتَشَفاتُ الحديثة، هي تحدِّياتٌ - 00:17:01
يمكن تعديل نظريّة التّطوّر لتستوعِبها وتتواءَم معها، - 00:17:05
دون نقد الهيكل العامّ للنظريّة" فعن مثل هذه التّعديلات يتكلَّمون - 00:17:09
تعديلاتٌ في ثقب إبرة الخُرافة في محاولةٍ لإدخال الكون الفسيح فيها - 00:17:16
الدّليل الخامس: التّشابه الجنينيُّ - 00:17:22
عام (1868) بدأ عالم الحيوان الألماني إرنست هِيكِلْ "Ernst Haeckel" - 00:17:25
بنشر رسوماتٍ ادّعى أنَّه رصدها تحت المِجهر - 00:17:29
لأجنّةٍ بشريّةٍ، وأخرى حيوانيّةٍ يُظْهِرُ فيها تشابهًا كبيرًا بينها - 00:17:33
في مراحل ادَّعى أنَّها مبكِّرةٌ مِن الحَمْل - 00:17:38
وقد فرح (داروين) بهذا الاكتشاف، ونسب الفضل إلى (هِيكِلْ) في انتشار فكرة التّطوُّر في ألمانيا - 00:17:42
كما في "Encyclopedia Britannica" - 00:17:48
ومع أنَّ التَّشابه لا يعني وَحْدَة الأصل أبدًا، فحبلُ الكذب قصيرٌ أيضًا - 00:17:51
وليس (هِيكِل) وحده من يمتلك مجهرًا، - 00:17:56
لذلك فقد شكَّك علماء آخرون في رسومات (هِيكِل) وأثاروا ضجّة عليه - 00:17:59
حتّى اضطُرَّ للاعتراف عام (1909) - 00:18:04
بوقوع التّزويرات في هذه الرّسومات في رسالة إلى "Allegemeine Zeitung" - 00:18:07
وحتّى في اعترافه يكذب (هِيكِل) - 00:18:13
إذْ قال: إِنّ نسبةً صغيرةً مِن صوره (6-8%) فقط هي بالفعل مزوَّرةٌ، - 00:18:16
وأنّ الّذي اضطرّه لذلك هو ملء الفراغات، - 00:18:23
لتعذُّر الحصول على صورٍ دقيقةٍ مكتملةٍ للأجنّة - 00:18:26
العجيب أنَّه قد مرَّ على كذبة (هِيكِل) المفضوحة حوالي قرنٍ ونصفٍ - 00:18:31
والكذبةُ لا يزال يُعاد تَدويرها بلا كللٍ ولا مللٍ - 00:18:35
في آلاف الكتب المدرسيّة والجامعيّة والعلميّة، كما هي بلا ذرَّة حياءٍ - 00:18:40
"Biology by Raven and Johnson" - 00:18:46
"Biology by Starr and Taggart" - 00:18:48
Evolutionary Biology" "by Futuyma - 00:18:52
وغيرها الكثير - 00:18:54
حتّى الدّارويني ستيفن غولد "Stephen Gould" قال في كتابه نيتشرال هيستوري "Natural History" - 00:18:56
"ينبغي أن نشعر بالاستغراب والخجل بسبب قرنٍ من إعادة التّدوير الغبيِّ، - 00:19:01
والّذي أدّى إلى استمرار هذه الرسوم في عددٍ كبيرٍ -إنْ لم يكن الأغلبيَّة- مِن الكتب الحديثة" - 00:19:07
هذه الكتب والمراجع -إخواني- هي نفسها الّتي تصدر منها طبعةٌ كلَّ عامٍ أو عامين، - 00:19:15
حرصًا على تحديث المعلومات - 00:19:20
ونحن في مساقَاتِنا نجِدُ أنَّ مِن خيانة العلم - 00:19:22
أن ندرّس طلّابنا الإرشادات العلاجيّة -مثلًا- لعام (2015) - 00:19:25
إن كانت هناك إرشاداتٌ جديدةٌ صدرت عام (2018) - 00:19:30
بينما يبقى هؤلاء على كذبةٍ فاحَتْ رائحتها مِن زمنٍ طويلٍ في سبيل الخُرافة - 00:19:34
ولنا أنْ نسأل: إنْ كان التّطوّر هو سرَّ الحياة بالفعل، - 00:19:42
فلماذا لا يجدُ أنصاره إلّا الكذب وإعادة اجترار الكذب لدعمه؟! - 00:19:45
لماذا يطبّقون معه مقولة جوزيف غوبلز "Joseph Goebbels" وزير الدّعاية النّازي: - 00:19:51
"اكذب واكذب ثمّ اكذب حتى يصدّقك النّاس، ثم اكذب أكثر حتّى تصدِّق نفسك" - 00:19:56
عندما يردِّد بعض أبناء المسلمين -كالببَّغاوات للأسف- أنّ هناك آلاف الأدلّة على التّطوّر، - 00:20:03
فعَنْ مثل هذه الأدلّة يتكلَّمون - 00:20:09
لكن -ومِن قَبيل الأمانة العلميّة- - 00:20:12
بقي أنْ نذكُر خطًّا واحدًا مَن الاكتشافات يتوافق بالفعل مع الداروينيَّة: - 00:20:15
إنَّها اكتشافات (الفوتوشوب) والتّصوير السّينمائيّ في هوليوود، - 00:20:22
والّتي لجأ إليها الدّاروينيُّون كما يلجأ الفاشلُ إلى المخدرات، - 00:20:26
ليعيش معها عالمه الوهميَّ الخاصَّ - 00:20:31
الاكتشافات الّتي تنسِجُ على بضعة عظامٍ - 00:20:34
كائنًا كاملًا: بشحمه، ولحمه، وعينيه وشعره، وتجاعيد وجهه، - 00:20:38
ثمّ تُمارس التّطبيع مع الخُرافة في الإعلام والمناهج الدّراسيّة، - 00:20:42
لتُشْعِرك أنّك أمام حقائق تاريخيّةٍ - 00:20:47
الشّاب الّذي يبحث عن فتاةٍ بمواصفاتٍ معيّنةٍ فلا يجدها، - 00:20:51
تصوَّره وهو يعود بعد سنواتٍ من البحث إلى بيته، - 00:20:54
فيرسم فتاةَ أحلامه، ويتغزّل بالصّورة متحسِّرًا - 00:20:59
مَهمّة هؤلاء أصعب؛ لأنّ فتاة أحلامهم (العنزةُ الطائرة) - 00:21:03
لجأوا إلى (الفوتوشوب) بعدما صرخ كلّ شيءٍ في الكون في وجوههم: يا فاشلين - 00:21:09
لم يستطيعوا أن يَسْنُدوا الأرجُلَ المُنهارة لطاولة (داروين) وقد حمَّل عليها حِملًا ثقيلًا جدًّا: - 00:21:16
حمّل عليها الكائنات الحيّة كلّها - 00:21:22
فحاولوا عبثًا أن يأخذوا مِن مُشاهدات الكون المحمَّلة على الطاولة، - 00:21:25
ليحوِّلوها إلى قوائم تسندُ طاولتهم - 00:21:29
لكنَّ العلم الصحيح في كلِّ مرَّةٍ يَلْسَع أيديهم، ويقول: لا تحاولوا يا فاشلين - 00:21:33
هذه المشاهدات عليكم لا لكم - 00:21:39
قد تقول أخي: إن كانت خُرافة التّطوّر فاشلةً بهذا الشّكل - 00:21:42
أمام أوضح حقيقةٍ كونيّةٍ: أنَّ للكائنات الحيّة خالقًا عليمًا - 00:21:46
إن كان الأمر كذلك، فلماذا يقتنع بها كثيرون؟ - 00:21:52
هذا هو موضوع حلقاتنا القادمة - 00:21:56
مع التَّذكير بأنَّ خُرافة التَّطوّر هي نموذجٌ لموضوعٍ أكبر - 00:21:58
نموذجٌ للإجابة عن تساؤل: كيف يستطيع كَهَنةُ العلم الزّائفِ - 00:22:04
غسل العقول؛ لضرب الإيمان بأوضح الحقائق، وإقناع النّاس بأسخف الخرافات؟ - 00:22:09
فتابعوا معنا -إخواني- والسّلام عليكم - 00:22:16
Transcription
السّلام عليكم - 00:00:06
تعالوا -إخواني- أقصُّ عليكم قصَّة مَن يريدون إثبات باطلهم بأيَّة طريقةٍ - 00:00:07
كم يبدون بائسين وهم ينتقلون من فشلٍ إلى فشلٍ، والحقيقةُ تُطاردهم - 00:00:11
لكنْ لا تخافوا، لن نَبتَئِس معهم، - 00:00:17
بل في قصَّتهم كثيرٌ مِن الفُكاهة، فاركبوا معنا - 00:00:19
في الحلقتين الماضيتين، - 00:00:23
رأينا كيف أسَّس داروين عناصر خُرافته على شفا جرُفٍ هارٍ، - 00:00:24
وبنى عليها أنصارهُ من بعده؛ فَانْهار بهم في مزيدٍ من مصادمة العقل والعلم - 00:00:28
فالمسألة ليست أخطاءً صُحِّحت وثغراتٍ سُدَّت، بل خروقٌ وُسِّعت، و(عنزةٌ ولو طارت) - 00:00:33
وما زادتِ التَّعديلاتُ النَّظريَّةَ إلَّا خُرافيَّةً ومصادمةً للاكتشافات - 00:00:40
يقولون لك: لكنْ، هذه النَّظريَّة عليها أدلَّةٌ، - 00:00:46
وقد جاء مَنْ بعد داروين ليحشدوا المزيد مِن الأدلَّة - 00:00:48
تعالوا نرَى مجموعات (الأدلَّة المزعومة) - 00:00:52
أولًا: الأحافير - 00:00:56
حسب داروين، فإنَّ الكائنات الحيَّة تطوَّرت من أصلٍ مشتَرَكٍ -أو أصولٍ قليلةٍ- بتدرُّجٍ بطيءٍ، - 00:00:58
وبالتَّالي فيُفترَض أن نرى ذلك التَّدرُّج على أرض الواقع - 00:01:04
لكنَّنا نجد بينها -في الحقيقة- تمايزًا كبيرًا، وفجَواتٍ هائلةً، وحدودًا عازِلةً - 00:01:08
فأين الكائنات الانتقاليَّة بين الزَّواحف والطُّيور مثلًا؟ - 00:01:14
لا وجود لها على أرض الواقع - 00:01:18
أَقرَّ (داروين) بأنَّ هذا يناقض خيالاته، - 00:01:20
فعوَّض عن ذلك بتخيُّل أنَّ هذا التَّدرُّج والكائنات الانتقاليَّة كانت موجودةً في الماضي، - 00:01:23
وبالتَّالي فيجب أنَّ نجد أحافيرها وأجسامها المتحجِّرة تحت الأرض - 00:01:31
ليس هناك أيُّ مبرِّرٍ لهذا الانتقال، والتَّهرُّبِ مِن سطح الأرض إلى ما تحتها، - 00:01:37
لكن لا بأس، تعالوا ننزِل مع (داروين) إلى ما تحت الأرض - 00:01:41
ماذا تخيَّل (داروين) أنَّنا سنجد؟ - 00:01:46
تخيَّلَ أنَّنا سنجدُ في طبقات الأرض العميقة أحافيرَ لكائناتٍ بدائيِّةٍ بسيطة التَّركيب، - 00:01:48
وكلَّما صعدنا في طبقات الأرض إلى الأعلى، سنجد أحافير لكائناتٍ مُنقَرِضةٍ - 00:01:55
أَعْقَدَ تركيبًا تمثِّل المراحل الانتقاليَّة، - 00:02:00
إلى أن نجد في الطَّبقات الأعلى والأعلى أحافيرَ لكائناتٍ موجودةٍ بيننا - 00:02:04
على أرض الواقع - 00:02:09
وخَرْبَشَ (داروين) خيالاتِه هذه في كُتُبه - 00:02:10
وتنبَّأ بأنَّه يجب أن يكون هناك عددٌ (لا حصر له) - 00:02:14
من الكائنات الانتقاليَّة المنُقرِضَة مدفونةً في طبقات الأرض - 00:02:19
أيْ: هنا كائنٌ بسيطٌ - 00:02:24
بدأت به الحياة، سنجده في الطَّبقات العميقة - 00:02:27
وكلُّ نقطةٍ على هذا الخطِّ تمثِّل كائنًا منقرضًا - 00:02:30
هنا كائنٌ، كائنٌ، كائنٌ، وهكذا... - 00:02:34
ثمَّ هنا كائنٌ متطوِّرٌ (كالديناصور مثلًا) - 00:02:37
لكنَّه انْقرضَ قديمًا، فسنجدهُ في طبقات الأرض العميقة جدًّا - 00:02:40
بينما سنَجدُ كائناتٍ انتقاليَّةً لا حصر لها بين الدَّيناصور والطُّيور، - 00:02:45
إلى أن نرى الكائنات الَّتي بيننا اليوم في طبقاتٍ أعلى، وهكذا... - 00:02:51
كانت هذه أحلام (داروين) - 00:02:56
كان هذا ما يتمنَّى أن يراه حتَّى يدَّعيَ أنَّ نظريَّته صحيحةٌ، - 00:02:58
فماذا وجد داروين في الحقيقة؟ - 00:03:03
وجد كلَّ شيءٍ يخيِّب أحلامه، - 00:03:06
فأولًا: عددٌ كبيرٌ من الكائنات المعقَّدة للغاية - 00:03:09
ظهر فجأةً فيما يعرف بطبقة (العهد الكامبري) العميقة في الأرض - 00:03:14
حتَّى سمَّوا هذا الظُّهور المفاجئ (بالانفجار الكامبري) - 00:03:18
هذه الكائنات لم يظهر أصلٌ مشتَرَكٌ لها أبسطُ منها -كما حلم (داروين) - 00:03:23
ولم تَنقرض، ولا تطوَّرت إلى كائناتٍ أعقد، - 00:03:30
بل هي نفسُها -كما هي- إلى يومِنا هذا - 00:03:33
وحتَّى تُدرك مدى التَّعقيد في كائنات (العهد الكامبري) - 00:03:37
فيكفيك مثلًا أن تتأمَّل عين متحجِّرات كائن الترايلوبايت "Trilobite" - 00:03:40
المكوَّنة من مئات العُوَيْنات الصَّغيرة المعقَّدة الَّتي تعمل بشكلٍ متكاملٍ، - 00:03:44
وهي نفسُها -كما هي- إلى يومنا هذا - 00:03:50
ثانيًا: وجد (داروين) أنَّ الكائنات الانتقاليَّة ليست (لا حصر لها) كما تُحتِّم خُرافته؛ - 00:03:53
بل لا وجود لها - 00:04:00
وبالتَّالي فكلُّ الأدلِّة كانت ضدَّ افتراضات (داروين) - 00:04:03
هل جَهل (داروين) ذلك؟ لَمْ يجهله - 00:04:07
ولعلَّ البعض يظنُّ أنَّ هذه الاكتشافات جاءت بعد (داروين) - 00:04:09
والحقُّ أنَّها مِن أيَّامه - 00:04:13
وقد تكلَّم باستفاضةٍ عن كائنات (العهد الكامبري) - 00:04:15
وتساءل أيضًا عن غياب الكائنات الانتقاليِّة قائلًا: "بما أنَّه -حَسْبَ هذه النَّظريَّة- - 00:04:19
فإنَّه لا بدَّ أن تكون قد وُجِدت في الماضي أشكالٌ لا حصر لها مِن الكائنات الانتقاليَّة، - 00:04:26
فلماذا لا نجدها مدفونةً بأعدادٍ لا حصر لها في طبقات الأرض؟" - 00:04:32
ممتازٌ، إذن، استيقظتَ مِن أحلامك يا (داروين)؟ - 00:04:38
لا، بل لا بدَّ للخرافة أنْ تستمرَّ - 00:04:42
بدل أن يُعنوِنَ (داروين) اعترافاته هذه بعنوان: - 00:04:46
(السجلُّ الأحفوريُّ يخيِّب أحلامي كما خيَّبها ما فوق الأرض) - 00:04:50
عَنْوَنها في كتابه بعنوان: - 00:04:54
(عدمُ اكتمالِ السِّجلِّ الأحفوريِّ) - 00:04:56
عدم اكتمال؟! - 00:05:02
حسنًا، لو اكتشفنا أيَّة حفريَّةٍ بعد هذا، - 00:05:03
ألا يقولُ العقل -يا داروين- أنَّ علينا تفسيرها حسب المُحكَمات الواضحات الّتي تبيَّنت لنا؟ - 00:05:06
لا، بل كأنَّ داروين يقول لمَن بعده: - 00:05:14
ابحثوا عن أيّ شيءٍ يحتمل تفسيراتٍ متعدّدةً لتضربوا به هذه المُحكَمات الواضحات، - 00:05:16
هاتوا أيَّة قشَّةٍ نحجِب بها نور الشَّمس عن عيون النَّاس - 00:05:22
وبالفعل - 00:05:27
انطلق جنود (داروين) الأوفياء مِن بعدِه يبحثون عن الكائنات الانتقاليّة المزعومة، - 00:05:28
مُتجاهِلين أنَّ خُرافة أستاذهم تُحَتّم عددًا (لا حصر له) - 00:05:33
فراحوا يبحثون عن عنزةٍ طائرةٍ -ولو واحدة- في أيِّ مكانٍ ليتعلّقوا بها، - 00:05:39
وانتقلوا مِن قصّة فشلٍ إلى أخرى - 00:05:45
كلّما ادّعَوا أنّهم وجدوا كائنًا انتقاليًّا، - 00:05:47
جاءت أبحاثٌ تبيّن أنَّ هذا كان تزييفًا أو كذبًا أو سوء تفسيرٍ، بشكلٍ مضحكٍ - 00:05:51
كقصّة الدّيناصور الطّائر أركيورابتور "Archaeoraptor" - 00:05:58
وأركيوبتركس "Archaeopteryx" - 00:06:01
وسمك السّليكانث "Coelacanth"، ثمّ التّكتاليك "Tiktaalik" - 00:06:02
وجمجمة إنسان بِلداون "Piltdown" - 00:06:05
وعظام إنسان جاوة "Java Man" - 00:06:08
ثمّ أحفورة لوسي "Lucy" - 00:06:10
ثمّ صديقتها أحفورة إيدا "Ida" - 00:06:13
ثم أحفورة آردي "Ardipitheus" - 00:06:17
وغيرها الكثير الكثير - 00:06:20
لسان حالهم: لا تَسْمَعوا لأدلّة الكونِ على الله، والْغَوا فيها لعلّكم تَغْلِبون - 00:06:22
كلّ هذه وغيرها -وكما سنُبيُّن بالتّفصيل بإذن الله- - 00:06:28
ظهر زيفها وغشّها المتعمَّد، أو تحريفُ دلالتها الواحدة تلو الأخرى - 00:06:32
لكنْ بعدما وُظِّفت كلّ كذبةٍ لفترة من الزّمن في إنعاش الخرافة - 00:06:38
حتّى لا تكتئبوا -إخواني- مِن هذا المشهد البائس، وقصص الفشل، - 00:06:44
تعالوا نشاهد بعض المشاهد الكوميديّة الّتي يؤدّيها أبطال مسلسل خُرافة (داروين) - 00:06:48
عام (1922) وجد عُشَّاق الُخرافة ضِرسًا في (نبراسكا) في الولايات المتّحدة - 00:06:54
نعم، ضرسٌ - 00:07:01
فاعْتَبروه دليلًا مهمًّا على التَّطوُّر - 00:07:03
ورسموا عليه شِبه إنسانٍ قالوا أنّه عاش قبل (6) ملايين سنةٍ - 00:07:05
وأعطوه اسمًا علميًّا - 00:07:10
ونشرت مجلّة سَيَنْسْ "Science" -المعروفة- - 00:07:11
مقالًا علميًّا مُحكَّمًا عن هذا الاكتشاف العظيم - 00:07:14
لكن، بعد (5) سنواتٍ - 00:07:18
تبيَّن أنَّ هذا السَّنّ هو سنُّ خنزيرٍ - 00:07:20
وعادت مجلّة "سَيَنْسْ" نفسُها فنشرت نفيًا لما جاء في مقالها السّابق - 00:07:23
ثمّ عام (1979) عثر عُشَّاق الخرافة على عظمةٍ - 00:07:29
قالوا: وجدنا الدّليل، إنّها ترقوة شِبه إنسانٍ عاش في الزّمان البعيد - 00:07:34
ثمّ تبيّن أنّها جزءٌ من ضلع دولفين كما نشرت مجلة نيو سَيَنْتست "New Scientist" - 00:07:41
بعد (4) سنواتٍ - 00:07:46
ثمّ عام (1984) - 00:07:48
وجد ثلاثةٌ مِن العلماء -عُشَّاق الخرافة- - 00:07:50
جزءًا مِن جمجمة - 00:07:54
طاروا بها فرحًا، ها هو الدليل أخيرًا - 00:07:55
رسموا على هذا الجزء من الجمجمة شِبه إنسانٍ - 00:07:58
قالوا أنَّه مات وهو في (17) من عمره - 00:08:00
وقدّروا أنَّه عاش قبل (900) ألفٍ إلى (1.6) مليون سنةٍ - 00:08:03
وسَمَوهُ إنسان أورس (Orce Man) - 00:08:09
وحدّدوا له مكانًا في سُلَّم التَّطوّرِ المزعوم - 00:08:12
وسُمِّيَ هذا الاكتشاف (اكتشاف القرن) - 00:08:15
وأُقيم له مؤتمرٌ صحفيٌّ حضره كبار الشّخصيّات، وعمّت الأفراح والّليالي المِلاح - 00:08:19
لكنَّها فرحةٌ ما تمَّت - 00:08:25
تبيَّن بعد ذلك أنها جمجمةُ حمارٍ صغيرٍ، - 00:08:28
وأصبح هؤلاء سخريةً للمجلّات السّاخرة، - 00:08:32
وهكذا يسير عُشَّاق الخرافة في السّهول وفي الجبال والمزابِل والمقابر - 00:08:36
يبحثون عن أصولهم في كلِّ شيءٍ تَطؤُهُ أقدامهم؛ - 00:08:40
في أضراس الخنازير، وأضلاع الدّلافين، وجماجم الحمير - 00:08:44
كمفلسٍ ملتاثٍ يحسب البَصْقةَ قِرْشًا - 00:08:49
كلُّ هذا في سبيل الخُرافة - 00:08:53
هذه -باختصار- قصَّة دليل الأحافير - 00:08:55
وأذكّركم -إخواني- أنّ هذه الحلقة هي استعراضٌ سريعٌ لما سنفصّله في حلقاتٍ قادمةٍ -بإذن الله- - 00:08:58
الدّليل الثّاني: بصمات الصُّدفة في أعضاءٍ لا فائدة منها - 00:09:06
كان داروين في كتابه (تحدّر الإنسان) والّذي نشره بعد (أصلِ الأنواع) - 00:09:11
قد ذكر أمثلةً عديدةً - 00:09:16
على أعضاء ضامرةٍ غير مفيدةٍ في جسم الإنسان - 00:09:18
كدليلٍ على التّطوُّر - 00:09:21
وسمّاها (بالإنجليزية) الأعضاء الأثريَّة - 00:09:23
مَنْطِقُهُ في ذلك: أنَّ هذا الإنسان ما دام قد جاء بمجموع الصُّدف، - 00:09:26
فإنّ الصُّدف ستكون قد تركت بَصْمَتَها في منتجاتها: - 00:09:30
بقايا تطوّريّةً، - 00:09:34
وآثارًا مِن الأسلاف والجدود الحيوانيّة الّتي لم يَعُد لها وظيفةٌ في جسد الإنسان، - 00:09:36
وكأنّ (داروين) قد فتح بذلك بابًا فأسرع أنصارهُ يتدافعون فيه - 00:09:43
يُنقّبون جسم الإنسان - 00:09:48
ويمحِّصُونه جزءًا جزءًا - 00:09:49
بحثًا عن ماذا؟ - 00:09:51
بحثًا عن أخطاء - 00:09:53
حتى أَعلن عَالِمُ التّشريِح الألماني الدّارويني روبرت ويدرزهايم "Robert Wiedersheim" - 00:09:55
عام (1893) - 00:09:59
عن قائمته ذات الـ(86) عضوًا ضامرًا في جسد الإنسان لا فائدة لها - 00:10:02
وحتّى تدرك أخي حجم الجهل الّذي جعلهم أضحوكةً، فمن ضمن هذه القائمة: الغدد الصّمّاء - 00:10:09
مثل الغدّة النّخاميَّة، والصّنوبريّة - 00:10:16
لأنهم -في وقتها- لم يكونوا يعرفون شيئًا عن الغُدد الصّمّاء والهرمونات - 00:10:20
منطقهم في ذلك: الاحتجاج بالجهل؛ - 00:10:26
نحن نجهل وظيفة هذا العضو من جسم الإنسان أو ذاك، - 00:10:28
إذن، فليست له وظيفةٌ، - 00:10:32
إذن، لا بدّ أنّه جاء بطريقةٍ تطوُّريّةٍ مِن غير قصدٍ - 00:10:33
نفس الطّريقة التي استخدموها في الأحافير؛ - 00:10:38
مُحكماتٌ واضاحاتٌ يَتَعَامَونَ عنها - 00:10:41
كلّ ما في الجسم من إتقانٍ وإبداعٍ لا يَعْنِيهم، - 00:10:44
بل ويبحثون عن أيّة قشّةٍ يتعلَّقون بها - 00:10:48
ومع ذلك تقدَّمت العلوم وتكشَّفت وظائف هذه الأعضاء عضوًا عضوًا - 00:10:52
فلا الفقرات العُصعُصيَّة بلا فائدةٍ، ولا الزّائدةُ الدوديَّةُ زائدةٌ، - 00:10:58
والغدّة النخاميّة -مثلًا- تتحكَّم بأكثر هرمونات الجسم، - 00:11:04
ولو فقَدَها مَن وصفوها بأنّها (بالإنجليزية) لا وظيفية، لماتوا - 00:11:08
فراحوا يبحثون في الكائنات الأخرى عن أعضاء لا فائدة منها؛ - 00:11:12
في استدلالٍ مبنيٍّ على افتراضهم أنّ الطّبيعة تَسْتَبقي ما يلزم للبقاء فقط، - 00:11:17
وهو استدلالٌ مَشينٌ؛ لأنَّه استدلالٌ بنفس ما يريدون إثباتهُ - 00:11:23
بينما نحن نُؤمن بخالقٍ بثَّ في خَلْقِه الجَمَال - 00:11:28
فحتّى لو لم تساعد بعض الأعضاء على البقاء أو التَّزاوج - 00:11:32
فيكفي أنَّها تساعد -غير الحمقى- على إدراك أنَّ للجمال خالقًا - 00:11:36
ومع ذلك لازالوا يُنقِّبون في كلِّ شيءٍ - 00:11:42
حتّى في ثوابت الكون الفيزيائيّة المضبوطة لأبعد حدٍّ بشكلٍ يُثيرُ عَجَبَهُم - 00:11:46
كأنَّهم يقولون: أيَّتها الصُّدفة العمياء، أسعفينا ببصمةٍ لكِ في أيّةِ زاويةٍ مِن زوايا الكون - 00:11:52
فيأتيهم الردُّ مِن كتاب الله: - 00:11:59
<<فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ - 00:12:02
يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ>> [القرآن 67 : 3-4] - 00:12:07
فنقِّبوا عن خطأٍ كما تشاؤون - 00:12:11
فشلوا مع ما تحت الأرض، وما فوق الأرض - 00:12:14
فراحوا ينقِّبون في المادّة الوراثيّة لعلّهم يجِدون فيها ضالَّتهم - 00:12:18
أنا شخصيًّا مِن أكثر ما دلَّني على عظَمَةِ الله تعالى؛ - 00:12:23
تأمُّلُ الآليَّات البديعة في عالَم النَّواة في المادّة الوراثيّة - 00:12:26
لكنْ هكذا الآياتُ الكونيّةُ، كالآيات القرآنيّةِ؛ - 00:12:32
<<فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ - 00:12:36
وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ>> [ القرآن 9 : 124-125] - 00:12:40
قال عُشّاق الُخرافة: وجدناها، المادّة الوراثيّة "DNA" ليس منها -إلا قسمًا قليلًا- مورِّثاتٌ عاملةٌ - 00:12:46
بينما أكثرها "Junk" أي: مُهمَلةٌ، بلا وظيفةٍ، بقايا تطوُّرٍ عشوائيٍّ - 00:12:53
فإنْ كان هناك خالقٌ خَلَق الإنسان فلماذا يضع فيه حمضًا نوويًا مُهمَلًا؟! - 00:12:59
ثمّ لمّا تمّ اكتشاف الوظائف الكثيرة جدًّا -والّتي لا غِنًى عنها أبدًا- لهذا الحمض النوويِّ - 00:13:05
الّذي وصفوه سابقًا بأنّه (مهملٌ) - 00:13:11
وظهر أنّه مَنْبعُ كنوزٍ كما عبّر عنه البروفسور إيوان بيرني "Ewan Birney" - 00:13:14
رئيس مشروع الـ(إن كود) "in code" الّذي ضمّ (400) عَالِم جيناتٍ - 00:13:18
وظهر أنَّ (المُهْمَلة) هي في الحقيقة أفهامُ الدارونيّين، وتعامُلهم مع َخلقِ اللهِ المُحكَم - 00:13:24
قالوا: - 00:13:30
[لقد لاحظتُ بأنَّ المؤمنين بالخَلْق فرِحون بهذا، ويظنُّون أنَّ هذا يدحض الداروينيَّة - 00:13:31
لا، بالعكس؛ هذا بالضبط ما يأمل الدَّاروينيُّ أن يراه] - 00:13:38
يقول لك دوكينز: أبدًا أبدًا، هذا ما كانت الدّارونيّة تأملهُ بالضّبط - 00:13:41
إنّها المُكابرة في سبيل الخُرافة - 00:13:45
وسنفصِّل لكم في الحلقات القادمة -بإذن الله- في دعواهم الكاذبة في المادّة الوراثيّة - 00:13:48
مثل: نسبة التّشابه بين المادّة الوراثيّة للإنسان والشّامبانزي، - 00:13:54
وكذبة التحام (الكروموسومين)؛ لتعلموا كيف أساء هؤلاء إلى العلم، - 00:13:58
أساؤوا إلى العقل، أساؤوا إلى أنفسهم، في سبيل الخرافة - 00:14:03
الدّليل الرّابع إخواني -والّذي اعتمد عليه داروين كثيرًا: - 00:14:10
وجود بعض التّشابهات الشَّكليَّة - 00:14:13
في الشّكل الخارجيّ، والتّشابهات التشريحيّة بين بعض الكائنات الحيّة - 00:14:15
اعتبار الشَّبَه دليلًا على وَحْدة الأصل ليس مقدّمةً علميّةً، ولا منطقيّةً - 00:14:21
ويكفي في إبطال دلالته ظاهرة التَّشابهات الشّديدة - 00:14:26
بين الحيوانات (المشيميّة) وشبيهاتها (الجِرابيّة) - 00:14:30
الحيوان (المشيميُّ) هو الّذي يكمل جنينه النمّو في مشيمة الرّحِم - 00:14:34
بينما الجِرابيُّ يكمل نموّه في جِراب (كالكنغر) - 00:14:37
حسب الدّاروينيّين، فإنّ الحيوانات الجرابيّة انفصلت عن المشيميّة في قديم الزّمان - 00:14:41
بحيث تَكوَّن لدى كلٍّ منهما طريقة حَمْلٍ ورَضَاعٍ، وأجهزة جسمٍ داخليّةٍ مختلفةٍ بشكلٍ كبيرٍ عن الآخر - 00:14:46
لذلك فإنَّ السّنجاب المشيميَّ مثلًا - 00:14:54
أقربُ في التّفرّع والتّصنيف وشجرة القرابة التّطوريّة، - 00:14:57
للحوت والفيل والغزال -وكلّ الثّديّات المشيميّة المعروفة- - 00:15:01
مِن قرابته لزميله السّنجاب الجرابيّ، - 00:15:06
والسّنجاب الجرابيّ أكثر قرابةً - 00:15:10
للكنغر والكوالا، مِن قرابته للسّنجاب المشيميّ المماثِل له في الشّكل - 00:15:12
وقل مثل ذلك في الذّئب، والخُلْد، والوُمْبَات المشيميّة والجرابيّة، وغيرها وغيرها... - 00:15:17
ماذا يعني هذا؟ - 00:15:23
يعني أنّ التّشابه الشكليَّ، والتّقارب التّشريحيَّ - 00:15:25
ليس له أيّة دلالةٍ تطوّريّةٍ - 00:15:28
فالحيوانات المتشابهة في الشكل، مختلفةٌ جدًّا في أجهزتها العضوية (الفسيولوجيّة) وحَمْلِها، - 00:15:32
والمتشابهة عضويًا (فسيولوجيًّا) مختلفةٌ جدًّا في أشكالها - 00:15:38
ماذا فعل الدّاروينيّون للخروج من هذه الورطة؟ - 00:15:43
اقترحوا نموذج التّطوُّر المتقارِب - 00:15:46
أو التّطوُّر المتوازي - 00:15:51
أسماءٌ فخمةٌ، أليس كذلك؟ - 00:15:56
ما دُمنا قد أعطينا الهَذَيَان اسمًا، فقد أضفينا عليه شرعيَّةً علميَّةً - 00:15:58
لكنْ لحظةً، هذا يَهْدِمُ نَظَريَّتكم من الأساس - 00:16:04
لا، لقد انتهى الأمر، - 00:16:08
فنحن قد عدّلنا في النّظريّة، وأعطيناها اسمًا - 00:16:09
على مبدأ: (أعطِهِ اسمًا، دَعْهُ يمرّ) - 00:16:12
احفظوها جيّدًا -إخواني- لأنّ ذلك سيتكرّر معنا كثيرًا - 00:16:15
ظاهرة تُبْطِلُ نظريَّتك؟ - 00:16:18
لا بأس، أَعْطِ للنَّظريّة اسمًا جديدًا، لُتشْعِرَ السّامع أنّك على وعيٍ بوجود هذه الظّاهرة، - 00:16:20
ولكنَّك لا ترى فيها أيّ تهديدٍ لنظريّتك، بل عدَّلتَ النَّظريَّة، ووجدتَ حلًّا - 00:16:27
وحقيقة الأمر أنّك لم تجد حلًّا - 00:16:32
بل اخترعت اسمًا زائفًا جديدًا في سبيل الخُرافة - 00:16:35
فما فكرة التّطوّر المتقارِب؟ - 00:16:39
هي فكرةٌ مُضحكةٌ، مَفادُها أنَّ الطّفرات العشوائيّة الّتي خَلَقَت الكائناتِ (المشيميَّة) - 00:16:42
تكرَّرت بنفس العشوائيَّة والتّفاصيل فخَلَقت الكائنات (الجِرابيَّة) - 00:16:47
عشوائيَّةٌ بنفس المسار والتّرتيب، - 00:16:52
وبنفس التّنظيم، مع أنّه لا حصر لعددها - 00:16:55
لا تعليق - 00:17:00
فعندما يقولون لك: "المُكْتَشَفاتُ الحديثة، هي تحدِّياتٌ - 00:17:01
يمكن تعديل نظريّة التّطوّر لتستوعِبها وتتواءَم معها، - 00:17:05
دون نقد الهيكل العامّ للنظريّة" فعن مثل هذه التّعديلات يتكلَّمون - 00:17:09
تعديلاتٌ في ثقب إبرة الخُرافة في محاولةٍ لإدخال الكون الفسيح فيها - 00:17:16
الدّليل الخامس: التّشابه الجنينيُّ - 00:17:22
عام (1868) بدأ عالم الحيوان الألماني إرنست هِيكِلْ "Ernst Haeckel" - 00:17:25
بنشر رسوماتٍ ادّعى أنَّه رصدها تحت المِجهر - 00:17:29
لأجنّةٍ بشريّةٍ، وأخرى حيوانيّةٍ يُظْهِرُ فيها تشابهًا كبيرًا بينها - 00:17:33
في مراحل ادَّعى أنَّها مبكِّرةٌ مِن الحَمْل - 00:17:38
وقد فرح (داروين) بهذا الاكتشاف، ونسب الفضل إلى (هِيكِلْ) في انتشار فكرة التّطوُّر في ألمانيا - 00:17:42
كما في "Encyclopedia Britannica" - 00:17:48
ومع أنَّ التَّشابه لا يعني وَحْدَة الأصل أبدًا، فحبلُ الكذب قصيرٌ أيضًا - 00:17:51
وليس (هِيكِل) وحده من يمتلك مجهرًا، - 00:17:56
لذلك فقد شكَّك علماء آخرون في رسومات (هِيكِل) وأثاروا ضجّة عليه - 00:17:59
حتّى اضطُرَّ للاعتراف عام (1909) - 00:18:04
بوقوع التّزويرات في هذه الرّسومات في رسالة إلى "Allegemeine Zeitung" - 00:18:07
وحتّى في اعترافه يكذب (هِيكِل) - 00:18:13
إذْ قال: إِنّ نسبةً صغيرةً مِن صوره (6-8%) فقط هي بالفعل مزوَّرةٌ، - 00:18:16
وأنّ الّذي اضطرّه لذلك هو ملء الفراغات، - 00:18:23
لتعذُّر الحصول على صورٍ دقيقةٍ مكتملةٍ للأجنّة - 00:18:26
العجيب أنَّه قد مرَّ على كذبة (هِيكِل) المفضوحة حوالي قرنٍ ونصفٍ - 00:18:31
والكذبةُ لا يزال يُعاد تَدويرها بلا كللٍ ولا مللٍ - 00:18:35
في آلاف الكتب المدرسيّة والجامعيّة والعلميّة، كما هي بلا ذرَّة حياءٍ - 00:18:40
"Biology by Raven and Johnson" - 00:18:46
"Biology by Starr and Taggart" - 00:18:48
Evolutionary Biology" "by Futuyma - 00:18:52
وغيرها الكثير - 00:18:54
حتّى الدّارويني ستيفن غولد "Stephen Gould" قال في كتابه نيتشرال هيستوري "Natural History" - 00:18:56
"ينبغي أن نشعر بالاستغراب والخجل بسبب قرنٍ من إعادة التّدوير الغبيِّ، - 00:19:01
والّذي أدّى إلى استمرار هذه الرسوم في عددٍ كبيرٍ -إنْ لم يكن الأغلبيَّة- مِن الكتب الحديثة" - 00:19:07
هذه الكتب والمراجع -إخواني- هي نفسها الّتي تصدر منها طبعةٌ كلَّ عامٍ أو عامين، - 00:19:15
حرصًا على تحديث المعلومات - 00:19:20
ونحن في مساقَاتِنا نجِدُ أنَّ مِن خيانة العلم - 00:19:22
أن ندرّس طلّابنا الإرشادات العلاجيّة -مثلًا- لعام (2015) - 00:19:25
إن كانت هناك إرشاداتٌ جديدةٌ صدرت عام (2018) - 00:19:30
بينما يبقى هؤلاء على كذبةٍ فاحَتْ رائحتها مِن زمنٍ طويلٍ في سبيل الخُرافة - 00:19:34
ولنا أنْ نسأل: إنْ كان التّطوّر هو سرَّ الحياة بالفعل، - 00:19:42
فلماذا لا يجدُ أنصاره إلّا الكذب وإعادة اجترار الكذب لدعمه؟! - 00:19:45
لماذا يطبّقون معه مقولة جوزيف غوبلز "Joseph Goebbels" وزير الدّعاية النّازي: - 00:19:51
"اكذب واكذب ثمّ اكذب حتى يصدّقك النّاس، ثم اكذب أكثر حتّى تصدِّق نفسك" - 00:19:56
عندما يردِّد بعض أبناء المسلمين -كالببَّغاوات للأسف- أنّ هناك آلاف الأدلّة على التّطوّر، - 00:20:03
فعَنْ مثل هذه الأدلّة يتكلَّمون - 00:20:09
لكن -ومِن قَبيل الأمانة العلميّة- - 00:20:12
بقي أنْ نذكُر خطًّا واحدًا مَن الاكتشافات يتوافق بالفعل مع الداروينيَّة: - 00:20:15
إنَّها اكتشافات (الفوتوشوب) والتّصوير السّينمائيّ في هوليوود، - 00:20:22
والّتي لجأ إليها الدّاروينيُّون كما يلجأ الفاشلُ إلى المخدرات، - 00:20:26
ليعيش معها عالمه الوهميَّ الخاصَّ - 00:20:31
الاكتشافات الّتي تنسِجُ على بضعة عظامٍ - 00:20:34
كائنًا كاملًا: بشحمه، ولحمه، وعينيه وشعره، وتجاعيد وجهه، - 00:20:38
ثمّ تُمارس التّطبيع مع الخُرافة في الإعلام والمناهج الدّراسيّة، - 00:20:42
لتُشْعِرك أنّك أمام حقائق تاريخيّةٍ - 00:20:47
الشّاب الّذي يبحث عن فتاةٍ بمواصفاتٍ معيّنةٍ فلا يجدها، - 00:20:51
تصوَّره وهو يعود بعد سنواتٍ من البحث إلى بيته، - 00:20:54
فيرسم فتاةَ أحلامه، ويتغزّل بالصّورة متحسِّرًا - 00:20:59
مَهمّة هؤلاء أصعب؛ لأنّ فتاة أحلامهم (العنزةُ الطائرة) - 00:21:03
لجأوا إلى (الفوتوشوب) بعدما صرخ كلّ شيءٍ في الكون في وجوههم: يا فاشلين - 00:21:09
لم يستطيعوا أن يَسْنُدوا الأرجُلَ المُنهارة لطاولة (داروين) وقد حمَّل عليها حِملًا ثقيلًا جدًّا: - 00:21:16
حمّل عليها الكائنات الحيّة كلّها - 00:21:22
فحاولوا عبثًا أن يأخذوا مِن مُشاهدات الكون المحمَّلة على الطاولة، - 00:21:25
ليحوِّلوها إلى قوائم تسندُ طاولتهم - 00:21:29
لكنَّ العلم الصحيح في كلِّ مرَّةٍ يَلْسَع أيديهم، ويقول: لا تحاولوا يا فاشلين - 00:21:33
هذه المشاهدات عليكم لا لكم - 00:21:39
قد تقول أخي: إن كانت خُرافة التّطوّر فاشلةً بهذا الشّكل - 00:21:42
أمام أوضح حقيقةٍ كونيّةٍ: أنَّ للكائنات الحيّة خالقًا عليمًا - 00:21:46
إن كان الأمر كذلك، فلماذا يقتنع بها كثيرون؟ - 00:21:52
هذا هو موضوع حلقاتنا القادمة - 00:21:56
مع التَّذكير بأنَّ خُرافة التَّطوّر هي نموذجٌ لموضوعٍ أكبر - 00:21:58
نموذجٌ للإجابة عن تساؤل: كيف يستطيع كَهَنةُ العلم الزّائفِ - 00:22:04
غسل العقول؛ لضرب الإيمان بأوضح الحقائق، وإقناع النّاس بأسخف الخرافات؟ - 00:22:09
فتابعوا معنا -إخواني- والسّلام عليكم - 00:22:16