(مؤثِّرات صوتيَّة) - 00:00:00

صديق معاويةَ: معاوية. معاوية: نعم. - 00:00:06

صديقه: ماذا تعرف عن هولندا؟ - 00:00:08

معاوية: سيِّدي هولندا عندها فريق كرة قدم... - 00:00:09

صديقه: أقصدُ هولندا بلدًا وليس فريقًا؟ - 00:00:11

معاوية: في الواقع لا أعرف الكثير. - 00:00:13

صديقه: تعرف أنَّ هولندا مساحتها 41543 كيلومترًا مربَّعًا فقط! - 00:00:15

وعدد سكَّانها 17 مليونًا فقط! - 00:00:20

ومع ذلك هي ثاني أكبر بلدٍ تصديرًا للموادِّ الزِّراعيَّة والغذائيَّة في العالم كلِّه! - 00:00:22

معاوية: معقولٌ؟! صديقه: نعم، معقول، وبسنة 2011 - 00:00:28

منظَّمة التَّعاون والتَّنمية صنَّفوها البلد الأكثر سعادة، - 00:00:31

ومن ناحية مستوى دخل الفرد فهي كانت البلد العاشر - 00:00:34

من ناحية مستوى دخل الفرد. - 00:00:38

معاوية: صراحةً أحييك على هذه المعلومات - 00:00:39

صديقه: الله يسعدك -حبيبي-، أنا عشت في هولندا 5 سنين، - 00:00:41

في 5 السنين هذه تعلَّمت لغتهم، - 00:00:43

وقرأت كتبهم، قرأت عن أسرار نجاحهم، - 00:00:45

أي قرأت 12 كتابًا عن نجاحهم وسر الإبداع الذي هم فيه، حقًّا حضارة رائعة. - 00:00:48

معاوية: أنت مبهر صَراحة. صديقه: حبيبي، لكن الفكرة - 00:00:54

أنني لمَّا قرأت هذا الكلام أتيت بنظريَّة. معاوية: نعم. - 00:00:58

صديقه: نظريَّتي تقول أن سر نجاح هولندا هو البندورة. - 00:01:00

معاوية: البندورة؟! صديقه: نعم البندورة لأن... - 00:01:03

معاوية: لم البندورة تحديدًا؟! - 00:01:06

صديقه: هولندا تقوم بربع صادرات العالم من البندورة، - 00:01:07

وفي البندورة يوجدُ فيتامين النَّجاح كله. - 00:01:10

معاوية: نعم، سيدي أنا أحيِّيك لهذه المعلومات، - 00:01:13

صحيح أنا مصدِّقُ معلوماتِك، ولكن استنتاجك في النهاية ليس منطقيًّا. - 00:01:15

صديقه: كيف يكون استنتاجي غير منطقي؟! - 00:01:19

تريَّث قليلًا، - 00:01:22

الآن لمَّا سألتك عن هولندا، لم تكن تعرف عن هولندا شيئًا. - 00:01:24

أعني لأني أعرفُ أكثر منك عن هولندا فاستنتاجي هو الصّحيح. - 00:01:27

وهذا ما يمارِسه مروِّجو خرافة التَّطوُّر بمهارة، - 00:01:32

الخلطُ بين المشاهدات والافتراض بين الحقائق والخرافة، - 00:01:37

ساعاتٌ من الشَّرح المستفيض عن تفاصيل الأحياء والاكتشافات والأبحاث، - 00:01:41

ثُمَّ ذِكْرُ الخرافة في الثَّنايا ليَسهُلَ بلعُها، - 00:01:46

ليبدو وكأنَّ الحقائق المذكورة وخرافةَ التَّطوُّر جزءان لا يتجزءان، - 00:01:49

-(بالإنجليزي) حزمة، لا بدَّ من أخذهما سويَّةً، - 00:01:55

فتقولُ: "هذا الشَّخصُ كَلامُه علمي، ويتكلَّم بتجاربٍ وبملاحظاتٍ دقيقة" - 00:01:58

لكن حقيقةُ الأمر أنه حشر كذبةً أو سوء تفسير، وظَّف به كلَّ هذه المشاهدات - 00:02:02

في الاتِّجاه الخاطئ تمامًا. - 00:02:09

بغضِّ النَّظر عن إذا كان مقتنعًا بهذه الكذبة أم غير مقتنِع، - 00:02:11

لعلك تُناقِش أَحدَهم فيقول لك: ماذا تعرفُ عن طائر البرقش؟ - 00:02:15

ماذا تعرفُ عن سمك الجابي؟ - 00:02:18

عن السَّحالي الإيطاليَّة؟ عن مقاومة البكتيريا للمضادَّات؟ - 00:02:20

وعن البكتيريا الهاضمة للسَّيْترات؟ - 00:02:22

تَسألُه ما لها هذه الأمثلة؟ - 00:02:25

فيقول لك: هذه كلُّها حَصَل لها تطوُّر صغرويٌّ "micro evolution" - 00:02:27

نراه أمام أعيننا، طفرات عشوائيَّة في المادَّة الوراثيَّة - 00:02:32

أنتجت بالصُّدفة صفاتٍ نافعة للبرقش، سمك الجابي، السَّحالي، البكتيريا، - 00:02:35

فأصبحت أكثر قدرة على التَّكيُّف في بيئةٍ ما، - 00:02:41

فحَصَل لها انتخابٌ طبيعيٌ وهذا كلُّه في زمن محدود، - 00:02:44

ومن ثم فمع مئات ملايين السنين يمكن أن تكون البكتيريا - 00:02:48

قد تطوَّرت إلى كل أنواع الكائنات الحيَّة بالطَّفرات العشوائيَّة أيضًا، - 00:02:52

أي إذا أثبتنا حدوث التَّطوُّر الصُّغروي "micro evolution" في بضع سنين، - 00:02:56

فيمكننا تصوُّر أن يحدث التَّطوُّر الكبرويُّ "macro evolution"، - 00:03:01

الذي يَنْتُج عنه أنواعٌ مختلفةٌ من الكائنات في مئات ملايين السنين. - 00:03:05

ويُفيض صاحبنا في شَرْحِ التَّغيُّرات التي حَصَلت في تراكيب هذه الكائنات - 00:03:10

ثُمَّ يقول لك: لا تعرفُ عن هذه الأشياء وتأتي لتُنَاقش في التَّطوُّر يا جاهل! - 00:03:14

حتى تُحِسَّ أنَّك تتضاءل أمام هذا العالِم الذي يعرف أكثر منك بكثير، - 00:03:19

وأنَّه بنى قناعاته على علم. - 00:03:25

وعند التَّفحُّص العلمي تُفَاجَأ أنَّه -وببساطة- يكذبُ أو مكذوبٌ عليه، - 00:03:28

فكلُّ ما حشده من أمثلةٍ ليُوهِمَك أنَّها أمثلة على طفراتٍ عشوائيَّة وافقت البيئة بالصُّدفة، - 00:03:34

إنَّما هو في الحقيقة -حسب الأبحاث العلميّة- - 00:03:41

أمثلةٌ على التَّكيُّفِ بآلياتٍ دقيقة التَّصميم لا مكان فيها للعشوائيَّة أبدًا؛ - 00:03:44

فتجد في هذه الكائنات وفي مادَّتها الوراثيَّة وطريقة قراءتها - 00:03:52

القدرةَ على تغيير خصائصها؛ لتتأقلم مع التَّغيُّرات البيئيَّة - 00:03:57

بطريقةٍ دالةٍ على أنَّها وبيئتَها من تصميم عليمٍ، قديرٍ، حكيمٍ، قيومٍ على خَلْقِه، - 00:04:02

كما رأينا بوضوحٍ -إخواني- في حلقة البكتيريا الهاضمة للسَّيْترات، - 00:04:09

وكما سنشرح أكثر لاحقًا -بإذن الله- عن الأمثلة الأخرى التي يذكرونها. - 00:04:14

في حين يدّعي متَّبع الخرافة أنَّها طفراتٌ عشوائيَّة، - 00:04:19

أي أنه بَهَرَكَ بكثرة الأمثلة، وكذبَ في محلِّ الشَّاهد تحديدًا، - 00:04:23

وحقيقةُ الأمر أنَّ كلَّ ما ذكره من أمثلة حجةٌ لك لا عليك. - 00:04:29

خطأٌ كبيرٌ يقع فيه حتَّى بعضُ المعارضين للخرافة أنَّهم يقولون: - 00:04:34

"نحن لا نُنْكر التَّطوُّر الصُّغروي، - 00:04:39

لكنَّنا نُنْكر التَّطوُّر الكبروي، الذي يحوِّل كائنًا إلى نوعٍ آخر من الكائنات، - 00:04:41

فالبكتيريا تطوَّرت، لكنَّها بقيت بكتيريا، - 00:04:46

وعصافير داروين "Darwin" تطوَّرت، لكنَّها بقيت عصافير" - 00:04:49

لا إخواني، لا، التَّطوُّر هو تغيراتٌ عشوائيَّة وانتخابٌ طبيعيٌّ ترقيعيٌّ أعمىً، - 00:04:52

هكذا يُعرِّفونه، وهذه هي دلالة المصطلَح عند أصحابه، - 00:04:59

فعندما توافقهم على ما يسمُّونه التَّطورَ الصُّغرويَّ، - 00:05:04

أنت تقرُّ بأنَّ العشوائيَّة تُكْسِبُ الكائنات خصائصَ نافعة، - 00:05:08

وهو أمر باطلٌ عقلًا وعِلْمًا، - 00:05:13

وكلُّ الأمثلة التي يوردونها هي على تكيُّفاتٍ بديعةٍ دقيقةٍ لا مكان فيها للعشوائيَّة أبدًا، - 00:05:15

فليست ماكرو ولا مايكرو ولا نانو ولا فيمتو (بالإنجليزية) تطوُّر. - 00:05:23

لا يقال هنا "لا مشاحَّةَ في الاصطلاح"، "لا تهم التَّسميات"، - 00:05:28

بل كهنة الخرافة يراهنون كثيرًا على التَّلاعب بالتَّسميات، - 00:05:32

يريدون أن يبدوا متحرِّري الفكر، - 00:05:36

واسعي الخيال العلمي، - 00:05:38

عميقي النَّظرة حين يقولون: التَّطوُّر الصُّغرويُّ يحصل في سنين، - 00:05:40

فلماذا لا يحصل الكُبرويِّ في مئات ملايين السنين؟! - 00:05:44

لتبدوَ أنت -يا من ينكر قولهم- سطحيًا ضيَّق الأفق، - 00:05:47

في حين أن تسمية التَّكيُّفاتِ بالتَّطوُّر الصُّغرويِّ هي في الواقع قلبٌ للحقائق؛ - 00:05:51

فالتَّكيُّفات حقٌ، والتَّطوُّر الصُّغروي وهمٌ وكذبٌ؛ - 00:05:58

التَّكيُّفات تعني الحكمة والقَصْد والتَّصميم المقدَّر، - 00:06:02

والتَّطوُّر يعني العشوائيَّة والصُّدفيَّة، - 00:06:07

فتسمية التَّكيُّفاتِ التَّطوُّر الصُّغرويِّ هو كتَسْمِية العِلْمِ جهلًا والحكمةِ عبثيَّةً، - 00:06:10

هذا ما نَقْصِدُه بخلط الحقائقِ بالخرافة، - 00:06:17

خلطُ المشاهداتِ بالنَّظريَّة والتَّنبُّه له مهمٌّ جدًّا إخواني، - 00:06:20

مثلما خلط صاحبنا معلوماته الصَّحيحة عن هولندا - 00:06:26

بنظريَّتِه عن فيتامين النَّجاح في البندورة. - 00:06:29

الخلط بين الحقِّ والباطل طريقةٌ قديمةٌ أنكرها الله -تعالى- على أهل الكتاب، - 00:06:33

﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [القرآن 3: 71]. - 00:06:38

وهكذا هؤلاء، يخلِطون الحقائق بباطلِ الخرافة ويكتمون الحقائق التي تهدم خرافتهم، - 00:06:45

بالإضافة إلى ذلك يتمُّ خلط المشاهدات الكونية الدَّالَّةِ على الله بالشَّهوات، - 00:06:53

فلا تكاد ترى فيلمًا وثائقيًّا إلا ويُحشَر فيه مشاهد - 00:06:59

تستدعي الغرائزَ وتَحْرِف العقل، - 00:07:04

وكأنَّه من وحي الشَّيطان إلى أوليائِه؛ حتَّى لا يتسرَّب الإيمان إلى القلوب - 00:07:06

عند مشاهدة بدائع الخلق، - 00:07:11

ولا يتحرَّكَ اللِّسان بقول: - 00:07:13

﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [القرآن 3: 191] - 00:07:15

بل تطغى الشَّهوة وتَسْتَحكِم الغفلة باستحضارِ هذه المشاهد. - 00:07:21

إذن أوَّلُ أسلوبٍ تكلَّمنا عنه -إخواني- هو الخلط بين الحقيقة والخرافة، - 00:07:25

تستمع إلى كلام علمي ممتع تُحِسُّ أنَّه أضاف إلى حصيلتك المعرفيَّة الكثير حقًّا، - 00:07:30

فتنبهر ثُمَّ بلمسة سحرية يُوَظَّفُ هذا الكلام لترويج الخرافة. - 00:07:36

عوِّد نفسك -أخي- أن تَفْرِز بين المعلومة والاستنتاج، - 00:07:42

هذا الذي تُحَدِّثُني عنه -يا من تخاطبني-، هل هو معلومةٌ واقعية أم استنتاجٌ من عندك؟ - 00:07:46

إن كان معلومة فأعطني الدَّليل عليها، - 00:07:52

وإن كان استنتاجًا فعَلَيَّ أن أتحقَّق من صحَّة استنتاجك؛ - 00:07:55

لأن صحَّة المعلومة لا تعني بالضَّرورة صحَّة الاستنتاج. - 00:07:59

كن ناقدًا عميقًا وفرِّق بين الحقيقة والخرافة، - 00:08:04

والسَّلام عليكم. - 00:08:08

(مؤثرات صوتية) - 00:08:10