السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ - 00:00:11
أيُّها الأحبَّةُ، سنَبدأُ اليومَ بأصلِ الأصولِ، بإثباتِ وجودِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- - 00:00:13
لِنُؤسِّسَ القاعدةَ الَّتي منها ننطلقُ إلى ما بعدَها - 00:00:18
بدايةً إخوانِي، ما الَّذِي يدُلُّنا على وجودِ اللهِ؟ - 00:00:22
إنَّها الفِطْرةُ والعقلُ - 00:00:25
وسنتكلَّمُ في البدايةِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ - 00:00:26
ما هيَ الفطرةُ؟ - 00:00:30
كثيرًا ما نسمعُ هذهِ الكلمةَ، ماذا تعنِي؟ وكيفَ تدُلُّ على وجودِ اللهِ تعالى؟ - 00:00:31
الفطرةُ هي قُوًىً واندفاعاتٌ مودَعَةٌ في نفسِ الإنسانِ، - 00:00:40
تظهرُ آثارُها أثناءَ نموِّهِ وتفاعلِهِ معَ بيئتِهِ، - 00:00:43
بدءًا مِن الْتِقامِهِ ثديَ أُمِّهِ ليرضعَ، - 00:00:47
ثمَّ انجذابِهِ إلى الحقائقِ والأخلاقِ السَّليمةِ - 00:00:50
يمكنُ تشبيهُ الفطرةِ للإنسانِ بنِظامِ التَّشغيلِ للحاسوب "Operating System" - 00:00:53
نظامُ التَّشغيلِ هذا لهُ مكوِّناتٌ تتعاونُ وتأتلفُ فيما بينَها لتُعطيَ إنسانًا سَوِيًّا - 00:00:58
لاحِظْ قولَ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:01:07
فأحسنُ تقويمٍ يشملُ المكوِّناتِ الفطريَّةَ اللّازمةَ لتحقيقِ الغايةِ مِنْ خلقِ الإنسانِ - 00:01:12
وهيَ تُفهَمُ كذلكَ منْ قولِ اللهِ تعالى، - 00:01:18
حِكايةً عن موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن 20: 50] - 00:01:20
فإنَّ مِمَّنْ هدَى: الإنسان؛ - 00:01:26
فاللهُ تعالى أحسنَ تقويمَ الإنسانِ، وهداهُ بالفطرةِ - 00:01:28
فهداهُ بالفطرةِ إلى: - 00:01:32
1- الإقرارِ بأنَّ لهُ ولهذا الكونِ خالقًا مُدبِّرًا، - 00:01:33
والشُّعورِ بالحاجةِ إلى هذا الخالقِ، وكذلكَ اللُّجوءِ إليهِ عندَ الشَّدائدِ - 00:01:37
2- وهداهُ بالفطرةِ الَّتي ستُكَوِّنُ لديهِ المُسَلَّماتِ العقليَّةَ، - 00:01:42
والَّتي بِها يَفهمُ خطابَ هذَا الخالقِ وتكليفَهُ إِيَّاهُ - 00:01:46
3- وهداهُ إلى السُّؤالِ عنِ الغايةِ منْ وجودِهِ، ومصيرِهِ بعدَ موتِهِ، - 00:01:50
بما يُكَوِّنُ القوَّةَ الدّافعةَ للبحثِ عن أمرِ خالقِهِ، والعملِ بهِ - 00:01:55
4- وهداهُ أيضًا إلى النَّزعةِ الأخلاقيَّةِ مِنْ محبَّةٍ فطريَّةٍ للخيرِ والعدلِ والصَّلاحِ، - 00:02:00
وكراهيةٍ للشَّرِّ والظُّلمِ والفسادِ، بما ينسجمُ معَ أوامرِ الخالقِ الشَّرعيَّةِ، - 00:02:06
فيميلُ إلَيها الإنسان ُويحبُّها - 00:02:11
5- وهداهُ للشُّعورِ بالإرادةِ الحُرَّةِ بما يجعلُهُ مختارًا لأفعالِهِ في طاعةِ الخالقِ أو معْصيَتِهِ: - 00:02:13
«وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» [القرآن 90: 10] - 00:02:20
6- وهداهُ إلى الغرائزِ اللّازمةِ لِمَعيشتِهِ بشكلٍ سَويٍّ، - 00:02:22
ما دامَ في فترةِ الاختِبارِ على هذهِ الأرضِ؛ كغريزةِ الأمومِة، وغريزةِ حُبِّ البقاءِ - 00:02:25
هذا التَّعريفُ المُوَسَّعُ للفطرةِ تجدُ قريبًا منهُ في كلامِ ابنِ عاشورَ في (التَّحريرِ والتَّنويرِ) - 00:02:34
عندَ قولِ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:02:39
فهيَ إذًا حُزْمةٌ فطريَّةٌ تتعاونُ بشكلٍ عجيبٍ لتُنتجَ إنسانًا سوِيًّا يعملُ لغايةٍ - 00:02:43
قد يحجُبُ الفطرةَ ما يحجُبُها أثناءَ مسيرِ الإنسانِ... - 00:02:50
قد يُغالِبُها الإنسانُ، ويَصُمُّ أُذُنَيْهِ عنْ ندائِها، - 00:02:53
بلْ ويكبِتُها ويطمِسُها، فلا يعودُ يسمعُ هذا النِّداءَ العميقَ - 00:02:57
لكنَّ هذا كُلَّهُ لا يُلغي حقيقةَ أنَّها موجودةٌ أصالةً وابتداءً فيهِ، قبلَ هذِهِ المُغالَبةِ - 00:03:01
وتبقى تهجُمُ عليهِ الفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ، - 00:03:08
وتنجذبُ لما ينبشُ عنها وينفضُ الرُّكامَ المُتجمِّعَ عليها - 00:03:11
لذا فالفطرةُ تشكِّلُ مأزقًا كبيرًا للملحدينَ؛ - 00:03:16
فالفطرةُ تشكِّلُ بالنِّسبةِ لهمْ تدخُّلًا خارجيًّا - 00:03:19
من قوَّةٍ مُريدةٍ عليمَةٍ مُتعاليةٍ عن التَّفاعلاتِ الحيويَّة الكيميائيَّةِ العشوائيَّةِ - 00:03:22
وَرْطةُ الملحدينَ هيَ كوَرْطةِ شخصٍ قالَ لكَ: "هذا جهازُ حاسوبٍ تكوَّنَ بِمَحْضِ الصُّدفةِ - 00:03:31
تركَّبتْ أجزاؤُهُ وتناسقَتْ دونَ صانعٍ - 00:03:37
وإنَّما رياحٌ عاصفةٌ هَوْجاءُ جمَّعتْهُ على هذا النَّحْوِ..." - 00:03:40
فتحْنَا الحاسوب - 00:03:43
فإذا فيهِ نظامُ تشغيلٍ كاملٌ متناسقٌ، وبرامجُ لكلٍّ منها غايةٌ - 00:03:45
كيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامِجِ أيُّهَا الملْحِدُ؟ - 00:03:51
إنْ بَلعْنا أُكْذوبَتَكَ المُضحِكةَ عن (بالإنجليزيَّة) الجسمِ الصُّلبِ للحاسوبِ، - 00:03:54
فكيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذا (بالإنجليزيّة) المُحتوَى البرمَجِيِّ في الجهازِ؟ - 00:03:57
التَّفاعلاتُ الحيويَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ... - 00:04:02
لو تجاوزْنَا أنَّها لا يمكِنُها خلقُ إنسانٍ - 00:04:07
وسلَّمْنا لكُم، وقلْنا: خَلقَتْ إنسانًا وبثَّتْ فيه الحياةَ، - 00:04:10
هذهِ المعاني العمياءُ كلُّها - 00:04:14
مِنْ أينَ لها أنْ تودِعَ في عقلِ هذا الإنسانِ ونفسِه هذهِ الحزمةَ المتناسقةَ الموجَّهةَ؟ - 00:04:16
وكيف تُفسِّرونَ تكوُّنَ هذهِ الحُزْمةِ -هِيَ هِيَ- في كلِّ نفْسٍ جديدةٍ تولَدُ؟ - 00:04:23
أقرَّ بعضُ الملحدينَ بالمأزقِ - 00:04:29
ومنهُمُ الفيلسوفُ البريطانيُّ الملحِدُ (توماس نيجل) "Thomas Nagel" في كتابِهِ المعروفِ بعنوانِ: - 00:04:31
Mind and Cosmos: Why the Materialist" Neo-Darwinian Conception Of Nature is - 00:04:37
"؟Almost Certainly False - 00:04:47
(العقلُ والكونُ: - 00:04:49
لماذا التصوُّرُ النِّيو داروِينيُّ للطَّبيعةِ يكادُ يكونُ خطأً قطْعًا؟) - 00:04:50
والكتابُ يستعرضُ ثلاثَ قضَايَا أساسيَّةٍ، موضِّحًا عجزَ المادِّيَّةِ الدَّاروينيَّةِ عن تقديمِ حلٍّ لها - 00:04:58
وهي: الوعيُ، والإدراكُ، والقِيَمُ - 00:05:04
ومعَ ذلِكَ، بقيَ الكاتبُ مُلحدًا! - 00:05:07
أمّا عامَّةُ الملحدينَ فكيفَ تعامَلُوا معَ الورْطَةِ؟ - 00:05:10
تردَّدوا بينَ إنكارِ فِطْريَّةِ هذهِ المُكوِّناتِ؛ - 00:05:13
أيْ أنَّ منهُمْ منْ أنكرَ وجودَ هذهِ المكوِّناتِ في الإنسانِ -ابْتداءً- معَ ولادتِهِ، - 00:05:16
واعتبرَها من تأثيراتِ التَّربيةِ والبيئةِ الاجتماعيَّةِ - 00:05:21
ومنهمْ منْ أقرَّ بوجودِها لكنْ حاولَ إيجادَ تفسيراتٍ ماديَّةٍ لها - 00:05:26
والطَّرفانِ وقَعَا في أعاجيبِ التَّخبُّطِ والتَّناقضِ واللَّا معقولِ -كما سنرى بإذنِ اللهِ- - 00:05:31
كانَ هذا بيانًا لتعريفِ الفطرةِ، ولإشكاليَّةِ الملحدينَ الإجماليَّةِ معَها - 00:05:40
في الحلَقاتِ القادمةِ... - 00:05:45
سنرَى ورَطاتِ الملحدينَ البائسةَ معَ كلِّ مُكوِّنٍ منْ مُكوِّناتِ الفطرةِ المذكورةِ - 00:05:46
لتقولَ بِملءِ فيكَ بعدَها: - 00:05:52
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [القرآن 7: 43] - 00:05:54
ويجدرُ بالذِّكرِ أنِّي في هذهِ الحلَقاتِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ على وجودِ اللهِ تعالى - 00:06:00
قدِ استفدْتُ كثيرًا منْ كتابِ (شُموعِ النَّهارِ) للمهندسِ عبدِ اللهِ العُجَيْرِيِّ -حفظَهُ اللهُ- - 00:06:04
ستكونُ حلَقتُنا القادمةُ -بإذْنِ اللهِ تعالى- عن (نزْعةِ التَّديُّنِ) - 00:06:11
فكونوا معَنا - 00:06:14
والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللّهِ - 00:06:15
Transcription
السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ - 00:00:11
أيُّها الأحبَّةُ، سنَبدأُ اليومَ بأصلِ الأصولِ، بإثباتِ وجودِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- - 00:00:13
لِنُؤسِّسَ القاعدةَ الَّتي منها ننطلقُ إلى ما بعدَها - 00:00:18
بدايةً إخوانِي، ما الَّذِي يدُلُّنا على وجودِ اللهِ؟ - 00:00:22
إنَّها الفِطْرةُ والعقلُ - 00:00:25
وسنتكلَّمُ في البدايةِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ - 00:00:26
ما هيَ الفطرةُ؟ - 00:00:30
كثيرًا ما نسمعُ هذهِ الكلمةَ، ماذا تعنِي؟ وكيفَ تدُلُّ على وجودِ اللهِ تعالى؟ - 00:00:31
الفطرةُ هي قُوًىً واندفاعاتٌ مودَعَةٌ في نفسِ الإنسانِ، - 00:00:40
تظهرُ آثارُها أثناءَ نموِّهِ وتفاعلِهِ معَ بيئتِهِ، - 00:00:43
بدءًا مِن الْتِقامِهِ ثديَ أُمِّهِ ليرضعَ، - 00:00:47
ثمَّ انجذابِهِ إلى الحقائقِ والأخلاقِ السَّليمةِ - 00:00:50
يمكنُ تشبيهُ الفطرةِ للإنسانِ بنِظامِ التَّشغيلِ للحاسوب "Operating System" - 00:00:53
نظامُ التَّشغيلِ هذا لهُ مكوِّناتٌ تتعاونُ وتأتلفُ فيما بينَها لتُعطيَ إنسانًا سَوِيًّا - 00:00:58
لاحِظْ قولَ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:01:07
فأحسنُ تقويمٍ يشملُ المكوِّناتِ الفطريَّةَ اللّازمةَ لتحقيقِ الغايةِ مِنْ خلقِ الإنسانِ - 00:01:12
وهيَ تُفهَمُ كذلكَ منْ قولِ اللهِ تعالى، - 00:01:18
حِكايةً عن موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن 20: 50] - 00:01:20
فإنَّ مِمَّنْ هدَى: الإنسان؛ - 00:01:26
فاللهُ تعالى أحسنَ تقويمَ الإنسانِ، وهداهُ بالفطرةِ - 00:01:28
فهداهُ بالفطرةِ إلى: - 00:01:32
1- الإقرارِ بأنَّ لهُ ولهذا الكونِ خالقًا مُدبِّرًا، - 00:01:33
والشُّعورِ بالحاجةِ إلى هذا الخالقِ، وكذلكَ اللُّجوءِ إليهِ عندَ الشَّدائدِ - 00:01:37
2- وهداهُ بالفطرةِ الَّتي ستُكَوِّنُ لديهِ المُسَلَّماتِ العقليَّةَ، - 00:01:42
والَّتي بِها يَفهمُ خطابَ هذَا الخالقِ وتكليفَهُ إِيَّاهُ - 00:01:46
3- وهداهُ إلى السُّؤالِ عنِ الغايةِ منْ وجودِهِ، ومصيرِهِ بعدَ موتِهِ، - 00:01:50
بما يُكَوِّنُ القوَّةَ الدّافعةَ للبحثِ عن أمرِ خالقِهِ، والعملِ بهِ - 00:01:55
4- وهداهُ أيضًا إلى النَّزعةِ الأخلاقيَّةِ مِنْ محبَّةٍ فطريَّةٍ للخيرِ والعدلِ والصَّلاحِ، - 00:02:00
وكراهيةٍ للشَّرِّ والظُّلمِ والفسادِ، بما ينسجمُ معَ أوامرِ الخالقِ الشَّرعيَّةِ، - 00:02:06
فيميلُ إلَيها الإنسان ُويحبُّها - 00:02:11
5- وهداهُ للشُّعورِ بالإرادةِ الحُرَّةِ بما يجعلُهُ مختارًا لأفعالِهِ في طاعةِ الخالقِ أو معْصيَتِهِ: - 00:02:13
«وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» [القرآن 90: 10] - 00:02:20
6- وهداهُ إلى الغرائزِ اللّازمةِ لِمَعيشتِهِ بشكلٍ سَويٍّ، - 00:02:22
ما دامَ في فترةِ الاختِبارِ على هذهِ الأرضِ؛ كغريزةِ الأمومِة، وغريزةِ حُبِّ البقاءِ - 00:02:25
هذا التَّعريفُ المُوَسَّعُ للفطرةِ تجدُ قريبًا منهُ في كلامِ ابنِ عاشورَ في (التَّحريرِ والتَّنويرِ) - 00:02:34
عندَ قولِ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:02:39
فهيَ إذًا حُزْمةٌ فطريَّةٌ تتعاونُ بشكلٍ عجيبٍ لتُنتجَ إنسانًا سوِيًّا يعملُ لغايةٍ - 00:02:43
قد يحجُبُ الفطرةَ ما يحجُبُها أثناءَ مسيرِ الإنسانِ... - 00:02:50
قد يُغالِبُها الإنسانُ، ويَصُمُّ أُذُنَيْهِ عنْ ندائِها، - 00:02:53
بلْ ويكبِتُها ويطمِسُها، فلا يعودُ يسمعُ هذا النِّداءَ العميقَ - 00:02:57
لكنَّ هذا كُلَّهُ لا يُلغي حقيقةَ أنَّها موجودةٌ أصالةً وابتداءً فيهِ، قبلَ هذِهِ المُغالَبةِ - 00:03:01
وتبقى تهجُمُ عليهِ الفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ، - 00:03:08
وتنجذبُ لما ينبشُ عنها وينفضُ الرُّكامَ المُتجمِّعَ عليها - 00:03:11
لذا فالفطرةُ تشكِّلُ مأزقًا كبيرًا للملحدينَ؛ - 00:03:16
فالفطرةُ تشكِّلُ بالنِّسبةِ لهمْ تدخُّلًا خارجيًّا - 00:03:19
من قوَّةٍ مُريدةٍ عليمَةٍ مُتعاليةٍ عن التَّفاعلاتِ الحيويَّة الكيميائيَّةِ العشوائيَّةِ - 00:03:22
وَرْطةُ الملحدينَ هيَ كوَرْطةِ شخصٍ قالَ لكَ: "هذا جهازُ حاسوبٍ تكوَّنَ بِمَحْضِ الصُّدفةِ - 00:03:31
تركَّبتْ أجزاؤُهُ وتناسقَتْ دونَ صانعٍ - 00:03:37
وإنَّما رياحٌ عاصفةٌ هَوْجاءُ جمَّعتْهُ على هذا النَّحْوِ..." - 00:03:40
فتحْنَا الحاسوب - 00:03:43
فإذا فيهِ نظامُ تشغيلٍ كاملٌ متناسقٌ، وبرامجُ لكلٍّ منها غايةٌ - 00:03:45
كيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامِجِ أيُّهَا الملْحِدُ؟ - 00:03:51
إنْ بَلعْنا أُكْذوبَتَكَ المُضحِكةَ عن (بالإنجليزيَّة) الجسمِ الصُّلبِ للحاسوبِ، - 00:03:54
فكيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذا (بالإنجليزيّة) المُحتوَى البرمَجِيِّ في الجهازِ؟ - 00:03:57
التَّفاعلاتُ الحيويَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ... - 00:04:02
لو تجاوزْنَا أنَّها لا يمكِنُها خلقُ إنسانٍ - 00:04:07
وسلَّمْنا لكُم، وقلْنا: خَلقَتْ إنسانًا وبثَّتْ فيه الحياةَ، - 00:04:10
هذهِ المعاني العمياءُ كلُّها - 00:04:14
مِنْ أينَ لها أنْ تودِعَ في عقلِ هذا الإنسانِ ونفسِه هذهِ الحزمةَ المتناسقةَ الموجَّهةَ؟ - 00:04:16
وكيف تُفسِّرونَ تكوُّنَ هذهِ الحُزْمةِ -هِيَ هِيَ- في كلِّ نفْسٍ جديدةٍ تولَدُ؟ - 00:04:23
أقرَّ بعضُ الملحدينَ بالمأزقِ - 00:04:29
ومنهُمُ الفيلسوفُ البريطانيُّ الملحِدُ (توماس نيجل) "Thomas Nagel" في كتابِهِ المعروفِ بعنوانِ: - 00:04:31
Mind and Cosmos: Why the Materialist" Neo-Darwinian Conception Of Nature is - 00:04:37
"؟Almost Certainly False - 00:04:47
(العقلُ والكونُ: - 00:04:49
لماذا التصوُّرُ النِّيو داروِينيُّ للطَّبيعةِ يكادُ يكونُ خطأً قطْعًا؟) - 00:04:50
والكتابُ يستعرضُ ثلاثَ قضَايَا أساسيَّةٍ، موضِّحًا عجزَ المادِّيَّةِ الدَّاروينيَّةِ عن تقديمِ حلٍّ لها - 00:04:58
وهي: الوعيُ، والإدراكُ، والقِيَمُ - 00:05:04
ومعَ ذلِكَ، بقيَ الكاتبُ مُلحدًا! - 00:05:07
أمّا عامَّةُ الملحدينَ فكيفَ تعامَلُوا معَ الورْطَةِ؟ - 00:05:10
تردَّدوا بينَ إنكارِ فِطْريَّةِ هذهِ المُكوِّناتِ؛ - 00:05:13
أيْ أنَّ منهُمْ منْ أنكرَ وجودَ هذهِ المكوِّناتِ في الإنسانِ -ابْتداءً- معَ ولادتِهِ، - 00:05:16
واعتبرَها من تأثيراتِ التَّربيةِ والبيئةِ الاجتماعيَّةِ - 00:05:21
ومنهمْ منْ أقرَّ بوجودِها لكنْ حاولَ إيجادَ تفسيراتٍ ماديَّةٍ لها - 00:05:26
والطَّرفانِ وقَعَا في أعاجيبِ التَّخبُّطِ والتَّناقضِ واللَّا معقولِ -كما سنرى بإذنِ اللهِ- - 00:05:31
كانَ هذا بيانًا لتعريفِ الفطرةِ، ولإشكاليَّةِ الملحدينَ الإجماليَّةِ معَها - 00:05:40
في الحلَقاتِ القادمةِ... - 00:05:45
سنرَى ورَطاتِ الملحدينَ البائسةَ معَ كلِّ مُكوِّنٍ منْ مُكوِّناتِ الفطرةِ المذكورةِ - 00:05:46
لتقولَ بِملءِ فيكَ بعدَها: - 00:05:52
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [القرآن 7: 43] - 00:05:54
ويجدرُ بالذِّكرِ أنِّي في هذهِ الحلَقاتِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ على وجودِ اللهِ تعالى - 00:06:00
قدِ استفدْتُ كثيرًا منْ كتابِ (شُموعِ النَّهارِ) للمهندسِ عبدِ اللهِ العُجَيْرِيِّ -حفظَهُ اللهُ- - 00:06:04
ستكونُ حلَقتُنا القادمةُ -بإذْنِ اللهِ تعالى- عن (نزْعةِ التَّديُّنِ) - 00:06:11
فكونوا معَنا - 00:06:14
والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللّهِ - 00:06:15