السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ - 00:00:11ضَ

أيُّها الأحبَّةُ، سنَبدأُ اليومَ بأصلِ الأصولِ، بإثباتِ وجودِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- - 00:00:13ضَ

لِنُؤسِّسَ القاعدةَ الَّتي منها ننطلقُ إلى ما بعدَها - 00:00:18ضَ

بدايةً إخوانِي، ما الَّذِي يدُلُّنا على وجودِ اللهِ؟ - 00:00:22ضَ

إنَّها الفِطْرةُ والعقلُ - 00:00:25ضَ

وسنتكلَّمُ في البدايةِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ - 00:00:26ضَ

ما هيَ الفطرةُ؟ - 00:00:30ضَ

كثيرًا ما نسمعُ هذهِ الكلمةَ، ماذا تعنِي؟ وكيفَ تدُلُّ على وجودِ اللهِ تعالى؟ - 00:00:31ضَ

الفطرةُ هي قُوًىً واندفاعاتٌ مودَعَةٌ في نفسِ الإنسانِ، - 00:00:40ضَ

تظهرُ آثارُها أثناءَ نموِّهِ وتفاعلِهِ معَ بيئتِهِ، - 00:00:43ضَ

بدءًا مِن الْتِقامِهِ ثديَ أُمِّهِ ليرضعَ، - 00:00:47ضَ

ثمَّ انجذابِهِ إلى الحقائقِ والأخلاقِ السَّليمةِ - 00:00:50ضَ

يمكنُ تشبيهُ الفطرةِ للإنسانِ بنِظامِ التَّشغيلِ للحاسوب "Operating System" - 00:00:53ضَ

نظامُ التَّشغيلِ هذا لهُ مكوِّناتٌ تتعاونُ وتأتلفُ فيما بينَها لتُعطيَ إنسانًا سَوِيًّا - 00:00:58ضَ

لاحِظْ قولَ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:01:07ضَ

فأحسنُ تقويمٍ يشملُ المكوِّناتِ الفطريَّةَ اللّازمةَ لتحقيقِ الغايةِ مِنْ خلقِ الإنسانِ - 00:01:12ضَ

وهيَ تُفهَمُ كذلكَ منْ قولِ اللهِ تعالى، - 00:01:18ضَ

حِكايةً عن موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [القرآن 20: 50] - 00:01:20ضَ

فإنَّ مِمَّنْ هدَى: الإنسان؛ - 00:01:26ضَ

فاللهُ تعالى أحسنَ تقويمَ الإنسانِ، وهداهُ بالفطرةِ - 00:01:28ضَ

فهداهُ بالفطرةِ إلى: - 00:01:32ضَ

1- الإقرارِ بأنَّ لهُ ولهذا الكونِ خالقًا مُدبِّرًا، - 00:01:33ضَ

والشُّعورِ بالحاجةِ إلى هذا الخالقِ، وكذلكَ اللُّجوءِ إليهِ عندَ الشَّدائدِ - 00:01:37ضَ

2- وهداهُ بالفطرةِ الَّتي ستُكَوِّنُ لديهِ المُسَلَّماتِ العقليَّةَ، - 00:01:42ضَ

والَّتي بِها يَفهمُ خطابَ هذَا الخالقِ وتكليفَهُ إِيَّاهُ - 00:01:46ضَ

3- وهداهُ إلى السُّؤالِ عنِ الغايةِ منْ وجودِهِ، ومصيرِهِ بعدَ موتِهِ، - 00:01:50ضَ

بما يُكَوِّنُ القوَّةَ الدّافعةَ للبحثِ عن أمرِ خالقِهِ، والعملِ بهِ - 00:01:55ضَ

4- وهداهُ أيضًا إلى النَّزعةِ الأخلاقيَّةِ مِنْ محبَّةٍ فطريَّةٍ للخيرِ والعدلِ والصَّلاحِ، - 00:02:00ضَ

وكراهيةٍ للشَّرِّ والظُّلمِ والفسادِ، بما ينسجمُ معَ أوامرِ الخالقِ الشَّرعيَّةِ، - 00:02:06ضَ

فيميلُ إلَيها الإنسان ُويحبُّها - 00:02:11ضَ

5- وهداهُ للشُّعورِ بالإرادةِ الحُرَّةِ بما يجعلُهُ مختارًا لأفعالِهِ في طاعةِ الخالقِ أو معْصيَتِهِ: - 00:02:13ضَ

«وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» [القرآن 90: 10] - 00:02:20ضَ

6- وهداهُ إلى الغرائزِ اللّازمةِ لِمَعيشتِهِ بشكلٍ سَويٍّ، - 00:02:22ضَ

ما دامَ في فترةِ الاختِبارِ على هذهِ الأرضِ؛ كغريزةِ الأمومِة، وغريزةِ حُبِّ البقاءِ - 00:02:25ضَ

هذا التَّعريفُ المُوَسَّعُ للفطرةِ تجدُ قريبًا منهُ في كلامِ ابنِ عاشورَ في (التَّحريرِ والتَّنويرِ) - 00:02:34ضَ

عندَ قولِ اللهِ تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» [القرآن 95: 4] - 00:02:39ضَ

فهيَ إذًا حُزْمةٌ فطريَّةٌ تتعاونُ بشكلٍ عجيبٍ لتُنتجَ إنسانًا سوِيًّا يعملُ لغايةٍ - 00:02:43ضَ

قد يحجُبُ الفطرةَ ما يحجُبُها أثناءَ مسيرِ الإنسانِ... - 00:02:50ضَ

قد يُغالِبُها الإنسانُ، ويَصُمُّ أُذُنَيْهِ عنْ ندائِها، - 00:02:53ضَ

بلْ ويكبِتُها ويطمِسُها، فلا يعودُ يسمعُ هذا النِّداءَ العميقَ - 00:02:57ضَ

لكنَّ هذا كُلَّهُ لا يُلغي حقيقةَ أنَّها موجودةٌ أصالةً وابتداءً فيهِ، قبلَ هذِهِ المُغالَبةِ - 00:03:01ضَ

وتبقى تهجُمُ عليهِ الفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ، - 00:03:08ضَ

وتنجذبُ لما ينبشُ عنها وينفضُ الرُّكامَ المُتجمِّعَ عليها - 00:03:11ضَ

لذا فالفطرةُ تشكِّلُ مأزقًا كبيرًا للملحدينَ؛ - 00:03:16ضَ

فالفطرةُ تشكِّلُ بالنِّسبةِ لهمْ تدخُّلًا خارجيًّا - 00:03:19ضَ

من قوَّةٍ مُريدةٍ عليمَةٍ مُتعاليةٍ عن التَّفاعلاتِ الحيويَّة الكيميائيَّةِ العشوائيَّةِ - 00:03:22ضَ

وَرْطةُ الملحدينَ هيَ كوَرْطةِ شخصٍ قالَ لكَ: "هذا جهازُ حاسوبٍ تكوَّنَ بِمَحْضِ الصُّدفةِ - 00:03:31ضَ

تركَّبتْ أجزاؤُهُ وتناسقَتْ دونَ صانعٍ - 00:03:37ضَ

وإنَّما رياحٌ عاصفةٌ هَوْجاءُ جمَّعتْهُ على هذا النَّحْوِ..." - 00:03:40ضَ

فتحْنَا الحاسوب - 00:03:43ضَ

فإذا فيهِ نظامُ تشغيلٍ كاملٌ متناسقٌ، وبرامجُ لكلٍّ منها غايةٌ - 00:03:45ضَ

كيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامِجِ أيُّهَا الملْحِدُ؟ - 00:03:51ضَ

إنْ بَلعْنا أُكْذوبَتَكَ المُضحِكةَ عن (بالإنجليزيَّة) الجسمِ الصُّلبِ للحاسوبِ، - 00:03:54ضَ

فكيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذا (بالإنجليزيّة) المُحتوَى البرمَجِيِّ في الجهازِ؟ - 00:03:57ضَ

التَّفاعلاتُ الحيويَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ... - 00:04:02ضَ

لو تجاوزْنَا أنَّها لا يمكِنُها خلقُ إنسانٍ - 00:04:07ضَ

وسلَّمْنا لكُم، وقلْنا: خَلقَتْ إنسانًا وبثَّتْ فيه الحياةَ، - 00:04:10ضَ

هذهِ المعاني العمياءُ كلُّها - 00:04:14ضَ

مِنْ أينَ لها أنْ تودِعَ في عقلِ هذا الإنسانِ ونفسِه هذهِ الحزمةَ المتناسقةَ الموجَّهةَ؟ - 00:04:16ضَ

وكيف تُفسِّرونَ تكوُّنَ هذهِ الحُزْمةِ -هِيَ هِيَ- في كلِّ نفْسٍ جديدةٍ تولَدُ؟ - 00:04:23ضَ

أقرَّ بعضُ الملحدينَ بالمأزقِ - 00:04:29ضَ

ومنهُمُ الفيلسوفُ البريطانيُّ الملحِدُ (توماس نيجل) "Thomas Nagel" في كتابِهِ المعروفِ بعنوانِ: - 00:04:31ضَ

Mind and Cosmos: Why the Materialist" Neo-Darwinian Conception Of Nature is - 00:04:37ضَ

"؟Almost Certainly False - 00:04:47ضَ

(العقلُ والكونُ: - 00:04:49ضَ

لماذا التصوُّرُ النِّيو داروِينيُّ للطَّبيعةِ يكادُ يكونُ خطأً قطْعًا؟) - 00:04:50ضَ

والكتابُ يستعرضُ ثلاثَ قضَايَا أساسيَّةٍ، موضِّحًا عجزَ المادِّيَّةِ الدَّاروينيَّةِ عن تقديمِ حلٍّ لها - 00:04:58ضَ

وهي: الوعيُ، والإدراكُ، والقِيَمُ - 00:05:04ضَ

ومعَ ذلِكَ، بقيَ الكاتبُ مُلحدًا! - 00:05:07ضَ

أمّا عامَّةُ الملحدينَ فكيفَ تعامَلُوا معَ الورْطَةِ؟ - 00:05:10ضَ

تردَّدوا بينَ إنكارِ فِطْريَّةِ هذهِ المُكوِّناتِ؛ - 00:05:13ضَ

أيْ أنَّ منهُمْ منْ أنكرَ وجودَ هذهِ المكوِّناتِ في الإنسانِ -ابْتداءً- معَ ولادتِهِ، - 00:05:16ضَ

واعتبرَها من تأثيراتِ التَّربيةِ والبيئةِ الاجتماعيَّةِ - 00:05:21ضَ

ومنهمْ منْ أقرَّ بوجودِها لكنْ حاولَ إيجادَ تفسيراتٍ ماديَّةٍ لها - 00:05:26ضَ

والطَّرفانِ وقَعَا في أعاجيبِ التَّخبُّطِ والتَّناقضِ واللَّا معقولِ -كما سنرى بإذنِ اللهِ- - 00:05:31ضَ

كانَ هذا بيانًا لتعريفِ الفطرةِ، ولإشكاليَّةِ الملحدينَ الإجماليَّةِ معَها - 00:05:40ضَ

في الحلَقاتِ القادمةِ... - 00:05:45ضَ

سنرَى ورَطاتِ الملحدينَ البائسةَ معَ كلِّ مُكوِّنٍ منْ مُكوِّناتِ الفطرةِ المذكورةِ - 00:05:46ضَ

لتقولَ بِملءِ فيكَ بعدَها: - 00:05:52ضَ

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [القرآن 7: 43] - 00:05:54ضَ

ويجدرُ بالذِّكرِ أنِّي في هذهِ الحلَقاتِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ على وجودِ اللهِ تعالى - 00:06:00ضَ

قدِ استفدْتُ كثيرًا منْ كتابِ (شُموعِ النَّهارِ) للمهندسِ عبدِ اللهِ العُجَيْرِيِّ -حفظَهُ اللهُ- - 00:06:04ضَ

ستكونُ حلَقتُنا القادمةُ -بإذْنِ اللهِ تعالى- عن (نزْعةِ التَّديُّنِ) - 00:06:11ضَ

فكونوا معَنا - 00:06:14ضَ

والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللّهِ - 00:06:15ضَ