سلسلة رحلة اليقين - القناة الرسمية د. إياد قنيبي

رحلة اليقين ٣٦: خنفشار داروين - الإحالة على المجهول

إياد قنيبي

السَّلامُ عليكُم - 00:00:00ضَ

يُحكَى أَنَّّ رَجُلاً لبِسَ لِباس العُلماء - 00:00:01ضَ

ثُمَّ جاء إلى قَريةٍ وقال للنّاس: اسألوني فيما شِئتم وأنا أُجيبُكم - 00:00:03ضَ

وبالفِعل، ما سُئِل سُؤالًا إلاّ أجاب، وبشيءٍ من التفصيل - 00:00:08ضَ

حتَّى شكَّ الناس أنَّه يُؤلِّف أيَّ جَوابٍ من عندِه - 00:00:12ضَ

فقالوا: تعالَوا نسأله عن شيءٍ افتراضيّ نَخترِعُه ، وَلْنُسمِّه (الخُنْفُشَار) - 00:00:15ضَ

فَجاؤوهُ، وقالوا: عالِمَنا الجَليل، ما قولك في الخُنْفُشار؟ - 00:00:21ضَ

فقال: نَعَم، الخُنْفُشَار نباتٌ يَطلُع في أطراف جِبالِ اليمن، - 00:00:25ضَ

إذا أَكلَته الإبلُ انعقدَ لَبنُها، - 00:00:31ضَ

حتّى قال الشاعر اليمنيُّ الكبيرُ: - 00:00:33ضَ

لقد عقَدَتْ محبَّتُكم فُؤادي كما عَقدَ الحليبَ الخُنْفُشَارُ - 00:00:36ضَ

من سيستطيع أن يُثبِت خَطأ نَظَريّة هذا الشّيخ (الخُنْفُشاريّ)؟ - 00:00:42ضَ

من سيستطيع أن يَذهَب إلى أطرافِ جِبال اليمن كلِّها - 00:00:46ضَ

ويُثْبِتَ أنّ الخُنْفُشَار غَيْر موجود؟ - 00:00:49ضَ

من سيستطيع أن يَنفِي أن يكون هذا الاسم الذي ألَّفَه أهلُ القرية - 00:00:52ضَ

موجودًا بالفعل بالصُّدفة؟ - 00:00:56ضَ

أنا ما أخبرتُ أحدًا بهذه القِصّة إلاّ ضَحِك - 00:00:59ضَ

ولكن الغريب أنّ كثيرين يقرأون قِصّةً مشابهةً تمامًا ولا يضحكون - 00:01:01ضَ

إنَّها قصّةُ داروين في كتابه (أصْلُ الأنواع) - 00:01:07ضَ

تَحْت عِنوان: "حوْل عَدَم اكتمال السِجلّ الأُحْفوري" - 00:01:09ضَ

فتابِعوا مَعَنا - 00:01:13ضَ

(مؤثرات صوتية) - 00:01:14ضَ

ادَّعى داروين أنّ نَظَريّته تَتطلَّب ظُهورَأنواعِ الكائنات - 00:01:21ضَ

بِشكلٍ تدريجيٍّ بطيءٍ جدًّا - 00:01:24ضَ

وأنْ تَكُون طبقاتُ الأرض مليئةً بعددٍ لا حَصْرَ له من الكائنات الانتقالية - 00:01:27ضَ

وأنا أقولُ: (ادّعى) لأنّنا بيَّنّا بالتَّفصيل في حَلَقة (من سَرَق المَليُون) - 00:01:33ضَ

أَنَّ عِبَارة (لا حَصْر لها) قاصرةٌ عن وصْف العَدَد الخَيَاليّ الفَلَكيّ - 00:01:38ضَ

الّذي سيَنتُجُ دُوْن أن يَتَحوّل كائنٌ إلى كائنٍ آخر. - 00:01:42ضَ

على كلٍّ فَلْنَفترِض أنّه يُمْكن -بعددٍ لا حَصْر له من الكائناتِ الانتقاليّة- - 00:01:46ضَ

أنْ تَتَحقّّقَ خيالاتُ داروين. - 00:01:51ضَ

هذا يعني أنّ الكائنات سَتَظهر في طبقات الأرض بتدرّج - 00:01:53ضَ

وليس بشكلٍ فُجائيّ - 00:01:59ضَ

لأنّ ظُهورها بشكل فُجائيّ يعني أنَّها لَمْ تَتَطوَّر عن شيءٍ قَبْلها، - 00:02:01ضَ

لذلك قال داروين في الفَصْل العاشر مِنْ كتابه (أصلُ الأنواع): - 00:02:06ضَ

"إذا ظَهرَت بالفعل أنواعٌ كثيرةٌ من الكائنات للحياة في وقْت واحد - 00:02:09ضَ

فإنّّ هذا سيكون قاتلًا لنَظَريَّة التطوُّر بالانتقاء الطبيعيّ". - 00:02:15ضَ

بتَعبِيره: - 00:02:19ضَ

Would be fetal to the theory of" evolution through natural selection" - 00:02:20ضَ

حسنا يا داروين، أنت تَعْلم مِن أيّامِك أنَّ أنواعاً كثيرةً ظهرت فجأةً - 00:02:24ضَ

بَدءًا مِن طَبَقات العَهْد الكَامْبِري - 00:02:28ضَ

وتَعْلمُ أنَّ هذه الظّاهرة تَكرَّرت في طَبَقات أخرى - 00:02:30ضَ

حيثُ نرى أنواعًا عديدة تَظْهرُ فجأةً في نفسِ الطَّبقة - 00:02:34ضَ

غيْرَ مسبوقةٍ بكائناتٍ وسيطة -على حدِّ تعبيرِك - 00:02:38ضَ

أَقرَّ داروين أنَّ هذه الصُّعوبة تُواجهُ نَظَريَّته - 00:02:43ضَ

بَدَل أن يُقِرَّ بأنَّها حقيقةٌ تَهدِم خُرافَته - 00:02:47ضَ

وذَكَر أنّ بَعْض أَقْرانه اعتَرَض عليه بهذه الحقيقة - 00:02:50ضَ

تُرى هل أَقَرّ داروين من قَبِيل الموضوعيَّة والنَّزاهة كما يَظُنّ البعض؟ - 00:02:54ضَ

أم ليُمارِس بعدها (خُنْفُشاريَّته) المعتادة؟ - 00:02:59ضَ

تعالوا نرى - 00:03:02ضَ

حَضْرةَ العالِمِ الكبير داروين، أين الخُنْفُشار؟ - 00:03:04ضَ

أين الكائنات الانتقاليّة التي لا حَصْر لها - 00:03:07ضَ

والتي تَسبِق ظهورَ أنواعٍ كثيرة من الكائنات دَفعةً واحدة في طبقةٍ من الطبقات؟ - 00:03:09ضَ

يُجيبك داروين: - 00:03:16ضَ

"نحن نَجْهل طبقات الأرض فيما وراء حدود أمريكا وأوروبا" - 00:03:17ضَ

يعني، رُبَّما توجد الكائنات الانتقاليّة التي لا حصْر لها -حسْب داروين - 00:03:22ضَ

والتي تعجُّ بها طبقات الأرض- هناك - 00:03:25ضَ

في أطراف جبال اليمن، والصين وموزمبيق، وهونولولو، والواقواق - 00:03:28ضَ

يقول لك داروين: "نَحْن ننسى كم العالم فسيح، - 00:03:32ضَ

فقد يكون الذي حصل تاريخيًّا هو أن الكائنات تطوّرت تدريجيًّا - 00:03:36ضَ

"else where" في مكان ما - 00:03:40ضَ

في مكان ما، وبالصُدْفة -بطريقةٍ ما- - 00:03:41ضَ

انتقلت نُسَخٌ من بعض الكائنات إلى أرض أمريكا وأوروبا - 00:03:45ضَ

ومؤكدٌ -إخواني- حتّى يُضبَط هذا التصوُّر (السيناريو)- - 00:03:49ضَ

علينا أن نفترض أنّ هذه الكائنات - 00:03:52ضَ

-لسببٍ ما- لَمْ تُتَابع عمليّة التطوُّر - 00:03:54ضَ

في أرض أمريكا وأوروبا، بل استمر التطوُّر خارج أمريكا وأوروبا - 00:03:57ضَ

وكُلَّ فترةٍ تنتقل نُسَخٌ من كائناتٍ أخرى -بطريقة ما- إلى أمريكا وأوروبا ولا تَتَطوَّر - 00:04:01ضَ

وبالتالي فطبقات الأرض في مكان ما خارج أمريكا وأوروبا - 00:04:08ضَ

يجب أن تَعُجَّ بالكائنات الانتقاليّة - 00:04:12ضَ

بِمِثل هذا التصوُّر (السيناريو) الواهي جدا تَفْهم قول داروين في خِتام مُنَاقشته - 00:04:15ضَ

"أنَّنا لا نمتلك إلاّ ما يُشبه المجلَّد الأخير لتاريخ السِجلّ الأُحْفوريّ - 00:04:20ضَ

محدوداً بِبلدين أو ثلاثة - 00:04:25ضَ

ومن هذا المجلّد لم يُحفظ إلاّ فصلٌ واحد - 00:04:27ضَ

ومن هذا الفصل لم تُحفَظ إلاّ سطورٌ قليلة من بعض صفحاته" - 00:04:30ضَ

حسنا يا داروين، إذا قبِلنا تفسيرك هذا للطبقات العليا - 00:04:35ضَ

فما ردُّك على طبقاتِ العهْد الكامبري السَحِيقة العَمِيقةِ في الأرض، - 00:04:38ضَ

هذه الطبقات ظهرت فيها أنواعٌ من الكائنات فجأةً أيضا، فيما يُعرف بـ(الانفجار الكامبري) - 00:04:42ضَ

دون وجود (كائناتٍ انتقاليّة لا حصْر لها) تحْتها - 00:04:48ضَ

فلا يُتصوَّر أن تُوجَد لهذه الكائناتِ كائناتٌ انتقاليّة سبقتها في مكان ما؛ - 00:04:53ضَ

لأنّها أعمقُ الطّبقات عمليًّا وليس تحتها طبقاتٌ ذات شأن. - 00:04:59ضَ

يقول لك داروين: - 00:05:04ضَ

"رُبَّما قبل أن تترسّبَ طبقاتُ العهد الكامبري السحيقة العميقة في الأرض، - 00:05:06ضَ

رُبَّما كانت هناك فتراتٌ من الزمن طويلةٌ جداً بطول الزمن - 00:05:11ضَ

من العهد الكامبري حَتَّى الآن أو أَطْول، وهذه الفترات كانت تعُجُّ بالكائنات الحيّة" - 00:05:15ضَ

- لكن يا داروين هل يُعقَل أنَّ هذه الفتراتِ الزمنية الطويلة - 00:05:21ضَ

كانت تَعُجُّ بالكائنات الحيّة المتنوِّعة ولم نجد من هذه الكائنات شيئًا يُذكَر؟ - 00:05:26ضَ

- هل تستطيع أن تُثبِت خطئي؟ - 00:05:32ضَ

هل نَزلْتَ عميقاً، وثَقَبتَ الأرض - 00:05:33ضَ

إلى أن وَصَلتَ إلى النّاحية الثانية من الكرة الأرضية، - 00:05:36ضَ

لتُثبتَ أنَّه ليس هناك طبقاتٌ كهذه؟ - 00:05:39ضَ

- بصراحة، لا - 00:05:42ضَ

- إذًا، اسْكت - 00:05:44ضَ

بل ولَدَى داروين رَدٌّ ثالثٌ، يقول لك فيه: - 00:05:45ضَ

- "رُبَّما في الزّمان السَحِيق كانت الظُروف البيئيّةُ عنيفةً - 00:05:49ضَ

بحيث أنتجت تَغيّراتٍ سريعة في الكائنات الحيّة؛ - 00:05:53ضَ

فلم يَلحَق السّجلّ الأحفوريّ أن يحتفِظ بالكائنات الوسيطة". - 00:05:56ضَ

إذًا، أحالَك داروين على المجهولِ جغرافيًّا خارج حدود أمريكا وأوروبا في مكانٍ ما، - 00:06:02ضَ

وعلى المجهول في أعماق الأرض وعلى المجهول في عُمْق التّاريخ، - 00:06:09ضَ

ولسان حاله: - 00:06:14ضَ

(أتحدّاك أن تُثبت خطأ نظريّتي) - 00:06:15ضَ

إذًا، أحالك داروين على المجهول جغرافيًّا - 00:06:17ضَ

خارج حدود أمريكا وأوروبا في مكان ما - 00:06:21ضَ

وإلى المجهول في أعماق الأرض وإلى المجهول في عُمْق التّاريخ - 00:06:24ضَ

ولسان حاله: - 00:06:29ضَ

"أتحدّاك أن تُثبت خطأ نظريّتي". - 00:06:31ضَ

النّاسُ يضحكون من العالِم (الخُنْفُشاري) الذي أحالَ على أطراف جبال اليمن، - 00:06:34ضَ

في نبتة غير موجودة، - 00:06:38ضَ

ولا يَضحكون من داروين الذي يُحيل على مَجاهيل الزّمان والمكان، - 00:06:40ضَ

في كائنات يقولُ هو أنّه يجب أن تكون لا حصر لها، - 00:06:44ضَ

وأن تَعُجَّ بها طبقات الأرض كلّها، - 00:06:48ضَ

بل وأن تمتلئَ بها الحياة على سطح الأرض. - 00:06:51ضَ

لا عَجَب، فنُكتة داروين قد وُضع قبلها - 00:06:55ضَ

كلمة (بالإنجليزية) نظرية - 00:06:58ضَ

إذًا، فبمِثل هذا اللّفّ والدوران عالَج داروين قضيةَ السّجلِّ الأُحفوري - 00:07:00ضَ

في 11 ألف و 660 كلمةً من كتابه (أصل الأنواع)، - 00:07:05ضَ

ليخلُص في آخر هذا الفصل إلى عبارته: "بهذا المنطق، فإنّ الصّعوبات - 00:07:09ضَ

التي تمّ نِقاشها أعلاه، تَتَضاءل بشكل كبير أو أنّها تختفي تمامًا". - 00:07:15ضَ

تختفي. - 00:07:21ضَ

تختفي كما يُخفِي الساحر الأشياء بعصاه السحريّة. - 00:07:22ضَ

هذا درسٌ جيّدٌ جدًّا -إخواني- لمن يظنُّ أنّ داروين كان عالمًا موضوعيًّا يَعترف - 00:07:27ضَ

في كتابه بالصّعوبات التي تواجه نظريّته. - 00:07:32ضَ

فرقٌ بين عالمٍ يطرح نظريّةً مُتماسكة، لها أساسٌ تقومُ عليه، - 00:07:35ضَ

ثمّ يَعترفُ بنقاط الضّعف، ويناقشُها بموضوعيَّة، - 00:07:40ضَ

وفي المقابل من يطرح خًرَافات، - 00:07:43ضَ

ثمّ يَنزِع فتيل الاعتراض بتهزيل الحقائق المًصَادمةِ لخًرَافاته - 00:07:46ضَ

والالتفافِ عليها. - 00:07:51ضَ

فقد تعامل داروين أوّلاً مع الكائنات كلُعبةٍ مَعجًونيَّة، - 00:07:53ضَ

ثمّ أحال على مجاهيل الزّمان والمكان تصوُّرات (سيناريوهات) مُضحِكة عند التحقيق، - 00:07:57ضَ

ثم خَلُصَ إلى أنّ مناقشته هذه حَلَّت الإشكال بشكلٍ كامل، أو شبه كامل. - 00:08:02ضَ

لكن لاحظوا إخواني أنّه كان في خنفشاريّة داروين ثَغرة. - 00:08:08ضَ

من المستحيل الوصول إلى أعماقِ أعماقِ الأرض ومن المستحيل العودة إلى الزّمان السّحيق، - 00:08:13ضَ

لكن ليس مستحيلًا أن نبحثَ عن الكائنات الانتقاليّة خارج أمريكا وأوروبا. - 00:08:21ضَ

وبالفعل، انطلق أتباع داروين بحثًا عن هذه الكائنات التي تَكلّم عنها أستاذهم، - 00:08:27ضَ

عن (الخُنْفُشار)، - 00:08:34ضَ

لِيُثبتوا صِحَّةَ تنبّؤات عالِمِهم الكبير. - 00:08:35ضَ

مَهمَّةٌ لا بُدَّ وأن تكون ليست بالصّعبة جدًّا؛ لأنّ طبقاتٍ من الأرض في مكان ما - 00:08:38ضَ

يجب أن تعُجّ بخُنْفُشار داروين، وإنْ خَلَت منه أميركا وأوروبا لأسبابٍ مجهولة. - 00:08:44ضَ

في الوقت الذي كان أبطالُ الأفلام، ورسوم الكرتون - 00:08:49ضَ

يبحثُ أحدُهم عن أمِّه في كلِّ مكان، أو عن الكنز المفقود، أو عن بطلةِ الفيلم - 00:08:52ضَ

أنفق أتباع داروين 170 عامًا في البحث عن الخُنْفُشار في كلّ مكان. - 00:08:58ضَ

وصلوا في رِحلتهم هذه إلى الصّين فما وجدوا غيرَ عِظامٍ مُلَفّقةٍ مُلَزّقةٍ - 00:09:03ضَ

سَمَّوها حَفريّة الأركيورابتور (Archaeoraptor)، - 00:09:08ضَ

والتي ما لبِثت أنْ تَبيَّن أنّها مُزَيَّفة، كما شرحنا في حلقة (نظريّة البانكيك) - 00:09:11ضَ

وصلوا فيها أُثيوبيا في عُمق إفريقيا فوجدوا فيها بقايا عظامٍ تَهَشَّمتْ أجزاءٌ - 00:09:16ضَ

منها تحت أيديهم، فكادت قلوبهم تَتَهشَّم معها وسارعوا إلى لَمْلَمَتها، وسَمُّوها - 00:09:22ضَ

حفريّة آردي (Ardi) - 00:09:28ضَ

و اعتبروها أهمَّ اكتشافاتِ القرن في عالم تطوُّر الإنسان، - 00:09:29ضَ

وأيقونةً من أيقونات تطوِّر الإنسان الكبرى. - 00:09:33ضَ

ثمّ عادت كُبْريات مجلاّتهم مثل نيتشر "Nature"، وسَيَنْس "Science" - 00:09:37ضَ

وكِبار مواقعهم مثْل سَيَنتيفك أميركان "Scientific American" - 00:09:41ضَ

فشكَّكَت في أن يكون لـ (آردي) أيَّة علاقة بالإنسان أصلاً، - 00:09:43ضَ

وهم الآن مختلفون في تفسيرها. - 00:09:48ضَ

ولك أخي أن تَتَصوَّر حَجْم المأساة والوَضع المُزري لأتباع الخُرافة - 00:09:51ضَ

عندما يحتفلون ببقايا حفريّةٍ مُهترِئة، وينشرون أبحاثًا كثيرةً عنها - 00:09:56ضَ

ثُمَّ يختلفون حَوْلها، مع أنَّ خُرافَتهم تَتَطلَّبُ أعدادًا - 00:10:03ضَ

لا حَصْر لها من المراحل الانتقاليّة، حتّى لو تنازلنا لهم كثيرًا - 00:10:07ضَ

وغيرُها من القِصَص البائسة التي ذَكَرنا عدداً منها في حلقة - 00:10:14ضَ

(في سبيل الخُرافة) - 00:10:18ضَ

ومع ذلك كلِّه لا زال ريتشارد دوكينز يقول "بأنّ التّطوّر لا بدّ وأن يكون قد حصل - 00:10:20ضَ

وأنّ علينا أن نحفرَ بحثًا عن الكائنات الانتقاليّة في مكان ما آخر" - 00:10:25ضَ

"on the other side of the mountain" على النّاحية الأخرى من الجبل - 00:10:31ضَ

تذكّروا الخنفشار الذي في أطراف جبال اليمن - 00:10:36ضَ

إذًا، أين خنفشارك يا داروين؟ - 00:10:41ضَ

لَمْ نجده خارج أوروبا وأمريكا بأعدادٍ لا حَصْر لها كما عشَّمتنا - 00:10:44ضَ

كانت هذه ثغرةً لا أقول في نظريّة دارون، بل في خنفشاريّة نظريّته، - 00:10:49ضَ

ثغرةٌ تَعلَّم منها أتباعُه، فسَعوا إلى سدّ الثّغرات من بعده. - 00:10:54ضَ

لذلك عندما تسمع أنّ العلماء من بَعْد داروين يسدُّون الثّغرات، - 00:10:58ضَ

فهذا صحيح، - 00:11:02ضَ

لكنّهم لا يسدُّون ثغرات النَّظريّةٍ بل يسدّون ثغرات خُنفشاريّة النَّظريّة، - 00:11:04ضَ

يعني يحاولون (خَنْفشة) التّنبّؤات بحيث لا يتكرّرالإحراج الذي أوقعهم فيه داروين - 00:11:09ضَ

فيما يتعلّق بالحفريات خارج أمريكا وأوروبا. - 00:11:15ضَ

فعندما ترى فرانسيس كريك ثُمَّ ريتشارد دوكينز - 00:11:18ضَ

يقولان لك: - 00:11:20ضَ

"ربّما كائناتٌ فضائيّة، هي التي بَذَرت بذْرة الحياة على الأرض" - 00:11:41ضَ

فهُم، لم يحيلوك على أطراف جبال اليمن، ولا على خارج أمريكا وأوروبا في مكان ما، - 00:11:45ضَ

بل على أطراف الكون، - 00:11:50ضَ

وما أدراك؟ - 00:11:52ضَ

ألا يمكن أن تكون الكائنات الفضائيّة التي بَذَرَت الحياة، - 00:11:53ضَ

تبعد عنّا (تريليونات) السّنوات الضوئيّة في زاوية ما من زوايا الكون؟ - 00:11:56ضَ

هل تستطيع أن تُثبت خلاف ذلك؟ - 00:12:02ضَ

فلا تستغربوا إن قال أتباع داروين في المستقبل أنّ التّطوّر حصل في كوكبٍ آخر، - 00:12:05ضَ

ثمّ جاءتنا الكائنات -التي نعرف- بالأطباق الفضائيّة، - 00:12:10ضَ

وبَقِيَت الكائنات في الكوكب X، يعُجّ بأعدادٍ -لا حصر لها- منها - 00:12:14ضَ

ثمّ تتطوّر الخنفشاريّة وتدخل عالم الفيزياء والفلك، لتنقل الخنفشار - 00:12:20ضَ

لا إلى أطراف جبال اليمن، ولا إلى أطراف الكون، - 00:12:26ضَ

بل إلى خارج الكون كله. - 00:12:29ضَ

حتّى يقول لك هوكينغ: - 00:12:31ضَ

- هناك أكوانٌ لا حصر لها، ممّا يُفسّر - 00:12:32ضَ

الضّبط الدّقيق في معايير كَوْننا الفيزيائية - 00:12:35ضَ

- لكن أين هذه الأكوان يا هوكينغ؟ - 00:12:38ضَ

- هل خَرَجْتَ من كوننا لتثبت أنّ نظريّتي خطأ؟ وأنّه ليست هُناك أكوانٌ متعددة؟ - 00:12:41ضَ

- حسنًا، كيف نراها بالعلم التجريبيّ؟ - 00:12:47ضَ

- في المستقبل، ربّما الثّقب الأسود سينقلنا إلى هذه الأكوان الأخرى. - 00:12:50ضَ

إحالةٌ على مجهول المستقبل، كما أحالوا على مجهول الماضي. - 00:12:55ضَ

بل وهذه المرّة خارج حدود الكون كلّه. - 00:12:58ضَ

إذًا إخواني، هذا هو أسلوب الخَنْفَشة، - 00:13:01ضَ

الإحالة على المجهول الذي لا يمكن التحقق منه، - 00:13:04ضَ

أسلوبٌ يستخدمه أتباع الخُرَافات كثيرًا وفي مجالاتٍ كثيرةٍ، - 00:13:08ضَ

فانتبهوا له في مناقشاتكم. - 00:13:12ضَ

والسلامُ عليكُم. - 00:13:15ضَ