الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه. بعدما يزيد على عشر سنوات على مبعث الرسول صلى الله الله عليه وسلم وهو في مكة وبعد تلك الليالي المتهجمة والاقبية الموحشة والاغلال المسعورة. وبعد الذكريات الاليمة - 00:00:00ضَ

الطويلة والانين المتقطع بعد سنوات من الجوع والخوف والظرب والقتل والتهجير والحصار كل ذلك بسبب ايمان والثبات على الايمان. بعد ذلك كله اكتمل عقد المهاجرين الى مدينة الانصار بقدوم سيدهم محمد صلى الله عليه - 00:00:20ضَ

عليه وسلم. وعندها استطاعوا ان يبنوا مسجدا وان يظهروا دينهم وان يناجزوا عدوهم. وان يفرضوا حكمهم على اهل الكتاب في المدينة فهل انتهى زمن الالام والانين؟ وهل انتهى عصر الاقبية والحديد؟ وهل انقضت فترة التعذيب والايذاء والتخويف - 00:00:40ضَ

هل حقا لن ترجع تلك المعاناة وذلك الابتلاء هل كانت الهجرة الى المدينة نهاية الابتلاء؟ كلا لم تنتهي المعاناة قال عطاء لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه المدينة اشتد عليهم الضر لانهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم واموالهم - 00:01:00ضَ

قال هم بايدي المشركين واثروا رضا الله ورسوله. واظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واسر قوم النفاق فانزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم ام حسبتم؟ اخرجه البغوي. لقد اجابت سورة البقرة عن ذلك السؤال بشكل صريح. قال - 00:01:20ضَ

الا يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين. ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين - 00:01:40ضَ

الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك اولئك هم المهتدون قال البغوي ولنبلونكم اي ولنختبرنكم يا امة محمد واللام لجواب القسم تقديره والله لنبلونه - 00:02:01ضَ

وقال السعدي اخبر تعالى انه لابد ان يبتلي عباده بالمحن ليتبين الصادق من الكاذب والجازع من الصابر وهذه سنته تعالى في عباده. لان السراء لو استمرت باهل الايمان ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد. وحكمة الله تقتضي - 00:02:22ضَ

تمييز اهل الخير من اهل الشر. هذه فائدة المحن. واجابت السورة في موطن اخر بقوله تعالى ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولم ما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا. حتى يقول الرسول والذين امنوا معهم متى - 00:02:42ضَ

الله الا ان نصر الله قريب. والبأساء افات المال والضراء افات البدن والزلزلة شدة الخوف قال ابن كثير وقد حصل من هذا جانب عظيم للصحابة رضي الله عنهم في يوم الاحزاب. كما قال الله تعالى اذ جاءوكم من فوقكم ومن - 00:03:02ضَ

اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا. واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا. انتهى كلامه. وقد ضربت سورة البقرة - 00:03:21ضَ

مثالين للابتلاء في بني اسرائيل احدهما مجمل في قوله تعالى واذ نجيناكم من ال فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون ابناءكم ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. وهو ابتلاء امة بمجموعها وهم بنو اسرائيل - 00:03:41ضَ

اذ يسلط عليهم القبط بحكامهم الفراعنة. حتى انقضى اجل البلاء العظيم بغرق فرعون وجنوده في البحر ونجاة بني اسرائيل في العاشر من محرم. والابتلاء الاخر الذي ذكرته سورة البقرة كان مفصلا. وهو ما حدث للملأ من بني اسرائيل من بعد موسى عليه - 00:04:01ضَ

عليه السلام بدهر طويل في زمن داوود بنص الاية. قال ابن كثير وكان بين داوود وموسى ما ينيف عن الف سنة والله اعلم الم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله. قال هل عسيتم ان - 00:04:21ضَ

فعليكم القتال الا تقاتلوا. قالوا وما لنا الا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وابنائنا. فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم والله عليم بالظالمين. وخلاصة القصة ان بني اسرائيل كانوا في حال مغلوبين - 00:04:41ضَ

اه مقهورين فيها ومكثوا على ذلك دهرا بلا ملك يقود جيوشهم ضد عدوهم. فطلبوا من احد انبيائهم ان يقيم لهم ملك يقاتلون معه اعداءهم. فقال لهم نبيهم هل عسيتم ان اقام الله لكم ملكا الا تفوا بما التزمتم به من القتال معه - 00:05:01ضَ

اكدوا له عزيمتهم. فكان الامتحان الاول ان الله عين لهم ملكا هو طالوت. وطالوت لم يكن من بيوت الملوك ولا الوجهاء من الاغنياء بل كان فقيرا فاعترض بنو اسرائيل على تعيينه ملكا فكان اول اخفاق في هذا الامتحان - 00:05:21ضَ

قال نبيهم ان الله هو الذي اختاره لكم ولست انا. والله يعلم انه افضل منكم في العلم والمعرفة والقوة البدنية وبهاء المنظر وان هذا حكم الله فاصبح طالوت ملكا عليهم وايده الله بالايات فلما عبأ الجيش لم يخرج معه الا القليل. اذ لم يوفي - 00:05:40ضَ

جميع بما وعدوا به قال الله فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم. وكان عداد جيش طالوت الذي خرج معه ثمانين الفا كما ذكر السدي. فلما مروا على نهر الشريعة بين الاردن وفلسطين قال لهم طالوت مختبرا عزائمهم. ان الله - 00:06:00ضَ

مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه الا قليلا منهم. وهذا ابتلاء السراء الذي تتزلزل عنده العزائم وترتخي له المشاعر. وقد روى البخاري عن البراء قال كنا اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - 00:06:20ضَ

نتحدث ان عدة اصحاب بدر على عدة اصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر ولم يجاوز معه النهر الا مؤمن بضعة عشر وثلاث مئة. وقال السدي وابن عباس بل جاز معهم اربعة الاف - 00:06:40ضَ

فلما نظروا الى جالوت وجنوده قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده. ورجع منهم ثلاثة الاف وستمائة وبضعة ولجأ طالوت ومن معه من القلة الصابرة الثابتة الى التضرع الى الله بان ينصرهما. وان يرزقهم الصبر والثبات. ذلك ان - 00:06:56ضَ

تتزلزل امام طوفان القوة المادية. فنصر الله هذه الفئة القليلة التي نجحت في كل الامتحانات. وثبتت في المعركة ولم انهزم ولم تجزع من سطوة الابتلاء. وقتل داوود وكان حينها جنديا في جيش طالوت قتل جالوت زعيم عدوهم. ولما برز - 00:07:16ضَ

جالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم باذن الله داوود جالوت واتاه الله الملك والحكمة. وفي هذا التفصيل لما حدث من ابتلاء في بني اسرائيل درس لاصحاب محمد - 00:07:36ضَ

بان التمحيص لا يقف عند زمان معين. بل هي سنة ماضية جارية وفي كل مرة يتمحص المؤمنون. وتظهر معادنهم للعيان ويظهر المنافقون والكاذبون والمدعون ويظهر الضعفاء والعاجزون والمنهزمون الذين يلهيهم النهر حيث كانوا ويخيفهم لما - 00:07:56ضَ

معاني السيوف لابد من ذلك واصحاب محمد يستوعبون الدرس فيقارنون هذه القصة بما جرى في بدر. وفي تعقيب الاية اشارة عظيمة اذ يقول الله تعالى تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق وانك لمن المرسلين. قال ابن عطية وفي هذه القصة بجملتها - 00:08:16ضَ

مثال عظيم للمؤمنين ومعتبر وقد كان اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معدين لحرب الكفار. فلهم في هذه النازلة معتبر يقتضي تقوية النفوس والثقة بالله وغير ذلك من وجوه العبرة. انتهى كلامه. لابد لاهل الاسلام في كل مراحل دعوتهم من ابتلاء - 00:08:36ضَ

ان يرفع الله به درجات الصابرين الثابتين. وينقي صفهم من الدخلاء والعاجزين والمنافقين. وتظهر فيه معادن كلا الفريقين فواها لمن ثبت الله اقدامهم ونور بصائرهم. فاللهم ارزقنا الصبر عند المدلهمات. ووفقنا للثبات حين تطيش العيون - 00:08:56ضَ

قول - 00:09:16ضَ