شرح كتاب الموطأ للإمام مالك معالي الشيخ د سعد الشثري
شرح كتاب الموطأ (للإمام مالك) لمعالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري الدرس-107
Transcription
والان مع الدرس التاسع بعد المئة. الحمدلله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد فلا زلنا في سياق قراءة كتاب الموطأ للامام مالك رحمه الله وهو كتاب عظيم النفع كثير - 00:00:01ضَ
فيه من الحكم والاحكام ما يغني الانسان في حياته عن كثير من الكتب. واذا جمع الانسان هذا كتاب مع كتاب الله عز وجل حصل على كنز عظيم يفيده في الدنيا والاخرة - 00:00:35ضَ
وفي هذا الكتاب توجيهات متعلقة بسائر مناحي الحياة. ومن ذلك ما يتعلق بتصرف الانسان في كلامه ومن ذلك ايضا ما يتعلق بصلة الانسان بربه وعلاقته بغيره. ومنها هذا ما ذكره المؤلف هنا فقد قال باب ما جاء في اضاعة المال وذي الوجهين. المراد باضاعة المال - 00:00:54ضَ
انفاقه في الوجوه التي لا تعود على الانسان بالنفع لا في الدنيا ولا في الاخرة. واما المراد بذي جهين فهو ذلك المنافق الذي يأتي بها هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه فان المؤمن مطلوب منه ان يكون صادقا - 00:01:24ضَ
فيكون وجهه مماثلا فيكون وجهه واحدا لا يختلف باختلاف موطن جلوسه. اما ان يتلون الانسان ما بين موقف وموقف ويغير طريقته وهيئته حسب ما فهذا مذموم شرعان. روى المؤلف عن سهيل عن ابيه ان عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - 00:01:44ضَ
ان الله تعالى يرظى لكم ثلاثا. اي يرظى ثلاثة افعال تفعلوها. واذا فعلتموها رظي الله عز وجل عنكم ورضا الله مطلب عظيم ينبغي بالعقلاء ان يسعوا اليه. وقال ويسخط لكم - 00:02:14ضَ
ثلاثة اي ان هناك ثلاثة افعال يسخطها الله ولا يرظى بها. ويمقتكم على فعلها. ما هي هذه افعال الثلاثة التي يرضى بها الله. قال يرظى لكم ان تعبدوه. اي ان تتقربوا اليه بانواع العبادات - 00:02:34ضَ
بذل وخضوع ومحبة ورجاء وخوف. ولا تشركوا به شيئا فلا تصرفوا شيئا من العبادات غير الله فصلاتكم اجعلوها كلها لله وسجودكم كله لله وهكذا ايضا دعاؤكم كونوا لله عز وجل كما قال وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا. وهكذا ينبغي بكم في احوالكم القلب - 00:02:54ضَ
لا تعبدوا بها الا الله فخوفكم ينحصر في الله عز وجل. فانتم تخافون من الله ان يسلط عليكم هم عباده ولا تخافون من اولئك العباد مهما بلغوا من قوة وافتراس وغير ذلك من الصفات - 00:03:24ضَ
هكذا في الرجاء وهكذا ايضا في المراقبة ونحو ذلك من الاعمال التي يتقرب بها لله عز وجل. اذا هذه الخصلة الاولى عبادة الله وعدم الشرك به. هذا مما يرضى الله عز وجل عنكم به - 00:03:44ضَ
واما الصفة الثانية فان تعتصموا بحبل الله جميعا. اي ان تتمسكوا بدينه وتكونون حال تمسككم جماعة متآلفين يعين بعضكم بعضا. لا ان تكونوا متفرقين يعادي بعضكم بعضا واما الصفة الثالثة التي يرضى الله عنكم بها ان تناصحوا من ولاه الله امركم. النصح في - 00:04:04ضَ
الاصلي يطلق على ثوب البياظ. والمراد به هنا ان تسمعوا وتطيعوا لهم. وان ترشدوهم الى ما فيه مصلحة هاتوهم وان تجعلوهم يحبون الناس ويحبوه ويحبهم الناس. قال وان تناصحوا من ولاه الله - 00:04:34ضَ
امركم ويسخط لكم قيل وقال اي ان من الاسباب التي تكون آآ مؤدية لسخط عليكم قيل وقال والمراد به اكثار الانسان من الكلام ونقله لكلام الاخرين بدون ان اكد من صحته وخوض الانسان في بالكلام فيما لا ينبغي له ان يتكلم به ووصف الاخرين - 00:04:54ضَ
المنكرات والمعاصي فهذا مما يسخطه الله عز وجل. وكذلك مما يسخط الله جل وعلا اضاعة المال ببذله فيما لا منفعة فيه في الدنيا والاخرة. واما الصفة الثالثة التي يسخط الله بها على العبد - 00:05:24ضَ
فكثرة السؤال. قيل المراد بهذا سؤال اموال الاخرين بدون ان يكون عند الانسان حاجة بك السؤال وقيل المراد به اختبار الاخرين بالاسئلة التي لا محل لها او تغليط الاخرين بمثل هذه الاسئلة. ثم روى عن ابي هريرة روى مالك عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله - 00:05:44ضَ
وعليه وسلم قال من شر الناس ذو الوجهين من هو ذو الوجهين؟ فسره صلى الله عليه وسلم بقوله الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه. فالمؤمن فالمؤمن صادق في معاملته. لا يكذب بحيث لا - 00:06:14ضَ
تلون مع الناس كلما جاء مع اناس سار معهم على طريقتهم التي يخالف بها طريقته الاولى. ليس هذا من شأن اهل الايمان وانما هذا من شأن شر الناس كما اخبر صلى الله عليه وسلم. ثم روى المؤلف - 00:06:34ضَ
على المؤلف باب ما جاء في عذاب العامة بعمل خاصة. الذنب اذا كان خفيا لا يطلع عليه الاخرون لم يعذب به الا صاحبه. اما اذا انتشر الذنب ولم يوجد من يحذر من ذلك - 00:06:54ضَ
الذنب فانه حينئذ يعاقب الجميع بمثل بعقوبة ذلك الذنب. واذا وجد الذنب وانتشر في الناس فلا ينبغي بالواعظ ان ينسب ذلك الذنب الى زيد او فلان او الى الخاص وانما يبين ان ذلك الذنب معصية وانه مما يسخط الله عز وجل ويذكر الاخبار والاحاديث - 00:07:14ضَ
الواردة في التحذير من ذلك الذنب والواردة في بيان العقوبات المرتبة على اصحاب ذلك الذنب. اما ان يذكر انتساب الذنب الى فلان او فلان فهذا لا يقطع ذلك الذنب بل - 00:07:44ضَ
قالوا الناس يقدمون عليه ويهونوا في قلوبهم. وقد قال الله عز وجل واتقوا فتنة لا تصيب ان الذين ظلموا منكم خاصة. متى يكون ذلك؟ اذا انتشرت الذنب في الناس. ولم - 00:08:04ضَ
احد منهم بان يحذر منه ويبين انه مخالف للشرع. اما وصف الاخرين بانهم يفعلوه فهذا بانهم يفعلونه فهذا ليس من التحذير منه. بل هو تسهيل له. ثم روى عن ام سلمة - 00:08:24ضَ
النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله انهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم اذا كثر الخبث اي انتشر الفسق والفجور والشر. ثم روى عن اسماعيل انه سمع عمر بن عبد العزيز - 00:08:44ضَ
اذ يقول كان يقال ان الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة. ولكن اذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم. اما اذا كان هناك من ينكر ذلك الذنب. ويبين انه معصية - 00:09:04ضَ
لله وانه تترتب عليه العقوبات فحين اذ ينجي الله عز وجل اه الذين ينهون عن السوء جل وعلا ولكن لا ينبغي ان يظن ان من انكار المنكر وصف الاخرين بانهم يفعلونه. فهذا ليس انكار - 00:09:24ضَ
ارا للمنكر بل هذا تسهيل لفعل المنكر. ثم قال المؤلف باب ما جاء في التقى المراد بالتقى خصلة تنبثق من قلب الانسان. الى جميع جوارحه تجعله او يبتعد عن عقوبة الله وعن الاسباب المؤدية الى سخط الله عز وجل. مثال هذا مثل - 00:09:44ضَ
من يلبس الواقي عن الرصاص فهذا يقيه آآ ذلك الرصاص وهكذا في البيوتات نتخذ وسائل للسلام تقي باذن الله عز وجل من الشرور التي نخشى من وقوعها. ثم روى الامام ما لك عن اسحاق بن عبدالله - 00:10:14ضَ
ابن ابي طلحة عن انس ابن مالك قال سمعت ابن سمعت عمر ابن الخطاب وخرجت معه حتى اذا دخل حائطا اي بستانا فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط في جوف البستان - 00:10:34ضَ
عمر امير المؤمنين يعني كأنه يستنقص نفسه بخ بخ والله يا عمر لتتقين الله او ليعذبنك. تقوى الله فيها خير عظيم. وهي من اسباب سعادة الناس في الدنيا والاخرة. فان الله عز - 00:10:54ضَ
وجل قد اخبر عن الجنة بانها اعدت للمتقين. واخبر ان المتقين في جنات وعيون وفي جنات ونهر وعد على التقوى الاجر العظيم في الدنيا والاخرة. فالمتقون عندهم يعطيهم والله من العقول ما يدركون به حقائق الامور. كما قال ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - 00:11:14ضَ
متقون هم الذين يهتدون به. وقال يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. اي قدرة تميزون بها بين الحق والباطل. وتقوى الله لا يطالب بها صغار الناس دون كبارهم. بل الجميع يطلب - 00:11:44ضَ
منهم تقوى الله. فان اتقوا الله وقاهم الله الشرور. وامنوا وان اجتنبوا تقوى الله فانه يخشى عليهم من نزول العذاب في الدنيا والاخرة. ولا يغترن مغتر بمكانته. او بمنزلته او بماله - 00:12:04ضَ
ويظن ان الله عاجز عنه فانك متى ابتعدت عن تقوى الله فان الله عز وجل قد ينزل بك عقوبات في الدنيا. قال ما لك بلغني ان القاسم ابن محمد كان يقول ادركت الناس وما يعجبون بالقول. لا تهم - 00:12:24ضَ
الاقوال قال مالك يريد بذلك العمل. انهم انما يعجبون بالاعمال التي يؤدون. انما ينظر والى عمله ولا ينظر الى قوله. ثم قال المؤلف باب القول اذا سمعت الرد الرعد صوت صوت السحاب عندما يلتقي بعضه مع بعض الصوت العظيم. كان ابن عن عامر - 00:12:44ضَ
قال كان اذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان اي انزه ربي سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول ان هذا لوعيد لاهل الارض شديد. كان الله عز وجل يحذرهم من - 00:13:14ضَ
نفسه بهذا الصوت العظيم الذي يكون في الرعد. قال المؤلف باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم من الاموال قليل. ولذا كان صلى الله عليه وسلم ولذا كان - 00:13:34ضَ
النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته قد رهن درعه عند يهودي في شعير اخذه لطعام اهله ولكن ما تركه الانبياء فان الله عز وجل قد اخبر بانه لا يورث عنهم ارثا - 00:13:54ضَ
اه اه المواريث والفرائض المعتادة. ثم روى المؤلف عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اردن ان يبعثن عثمان بن عفان الى ابي بكر الصديق فيسألنه - 00:14:14ضَ
وميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة اليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما تركنا فهو صدقة. وبالتالي لا حق لكن في مثل هذه المطالبة. ثم روى عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة ان - 00:14:34ضَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقتسم ورثتي دنانير ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي وهو صدقة ثم تكلم المؤلف عن امر خطير ينبغي بنا ان نحذره الا وهو نار - 00:14:54ضَ
وجهنم اعاذنا الله واياكم منها. فان الله عز وجل اعد دارا اخرة. اعد دارا اخرة فيها لاولياءه المتقين. وفيها نار لاعدائه المخالفين لامره. وما ذاك الا الا لان طه عادل ومن عدله سبحانه الا يساوي بين المحسنين والمسيئين. قال المؤلف باب ما - 00:15:14ضَ
وجاء في صفة جهنم ثم روى عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نار بني ادم التي يوقدون يعني هذه النار التي عندنا وبين ايدينا نار بني ادم التي يوقدون جزء من سبع - 00:15:44ضَ
ان جزءا من نار جهنم لو وضعت اصبعك في هذا اصبعك في هذه النار التي بين ايدينا لاحرقتها. قدر ان تلك النار العظيمة التي يوم القيامة تكون سبعين ظعفا من هذه النار. فقالوا يا رسول الله ان كانت لك - 00:16:04ضَ
يعني ان نار الدنيا تكفي. فقال صلى الله عليه وسلم ان نار جهنم فضلت على نار الدنيا بتسع وستين جزءا. وفي هذا حث اهل الايمان الى الحذر من الاعمال التي تؤدي بهم الى - 00:16:24ضَ
نار جهنم اعاذنا الله واياكم منها. ثم روى الامام مالك عن عمه ابي سهيل بن مالك عن ابيه عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اترونها حمراء كناركم هذه؟ اي هل تظنون ان لون نار جهنم احمر - 00:16:44ضَ
قال له اسود من القار والقار الزفت وما ذاك الا لان تلك النار شديدة الاحراق فانتقلت من اللون الاحمر الى ان اصبحت ذات لون اسود. وقد ورد في صفة النار وفي التحذير منها نصوص كثيرة في - 00:17:04ضَ
بكتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولذا ينبغي بنا ان نضع الدار الاخرة بين اعيننا قبل ان نقدم على اي عمل ننظر هل ينفعنا في تلك الدار او انه يكون ضارا لها - 00:17:24ضَ
ذلك ننجو. قال الله عز وجل من كان يريد العاجلة يعني الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد. ثم جعلنا له وجهنم يصلاها مذموما مدحورا. ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن. فاولئك كان سعيهم - 00:17:44ضَ
مشكورا وقال من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك كالذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون. ومما ينجي الانسان من - 00:18:04ضَ
من تلك النار كثرة الاعمال الصالحة. ومنها الصدقة بان يبذل المال الذي يحبه فيما يحبه ربه جل وعلا كما قال تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. ولذا رغبت الشريعة في الصدقة - 00:18:24ضَ
لان الله عز وجل يرضى عن العبد بذلك. وقد وعد الله المتصدقين بالثواب الجزيل في الاخرة ما وعدهم بالخلف في الدنيا. قال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. ثم - 00:18:44ضَ
قال المؤلف باب الترغيب في الصدقة. وروى عن يحيى عن عن سعيد ابن يسار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تصدق بصدقة من كسب طيب فيه الترغيب ان يكون كسب الانسان كسبا طيبا والكسب الطيب هو الكسب من - 00:19:04ضَ
مجالات الكسب الحلال. واما الكسب الخبيث فهو مجالات الكسب المحرم. قال من تصدق بصدقة من اسم طيب ولا يقبل الله الا طيبا. كان انما يضعها في كف الرحمن يربيها اي - 00:19:24ضَ
يتولى آآ تعظيمها وآآ العناية بها كما يربي احدكم فلوه او فصيله الفلو ابن الخيل والفصيل ابن البقر حتى تكون تلك الصدقة مثل الجبل. اسأل الله جل وعلا ان يعيننا ويعينكم على انفسنا - 00:19:44ضَ
وان يجعلنا وان يجعلنا ممن عرف اجر الاخرة فهانت عليه الدنيا. اللهم يا حي يا قيوم اصلح شأننا كله هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى - 00:20:04ضَ
يوم الدين - 00:20:24ضَ