Transcription
الحمد لله الذي جعل في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار عبرة لمن اراد ان يتذكر او اراد شكورا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جعل لعباده احوالا تذكرهم بعظيم قدرته. وكمال حكمته يجعل - 00:00:01ضَ
ذلك الى طاعة ربهم والاستقامة على امره طريقا وسبيلا. واشهد ان نبينا وامامنا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله الذي قام بحق ربه في كل اوقاته. فكان بحق هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. وصلى الله وسلم وبارك - 00:00:27ضَ
عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين. صلاة دائمة بدوام السماوات والاراضين. مقيم عليهم ابدا لا تروم انتقالا ولا تحويلا. اما بعد فاوصيكم ونفسي ايها المسلمون بتقوى الله عز وجل ايها الاخوة ان من علامات صحة القلب ان يكون معتبرا بما يراه من اية - 00:00:57ضَ
كونية او يسمعه من ايات متلوة قرآنية. ترى صاحب القلب الحي اذا قرأ او سمع قول الله عز وجل يقلب الله الليل والنهار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار تراه يتساءل هل انا من هؤلاء؟ هل انا من اهل البصيرة الذين يعتبرون؟ واذا مر بقوله - 00:01:27ضَ
وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يتذكر او اراد شكورا بحث عن اثر هذا في قلبه واثره في زيادة شكره لربه. اما اذا رأوا اما اذا رأوا تقلب الكون - 00:01:57ضَ
وتغير الاحوال ما بين صيف وشتاء وخريف وربيع فان ذلك يحمل اهل القلوب على مزيد من التفكر والتأمل الذي يرجون معه. ان يكونوا من اهل هذه الاية. ان في خلق - 00:02:17ضَ
السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب. من هم؟ الذين يذكرون الله يا من وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض. ربنا ما هذا باطلا سبحانك. سبحانك فقنا عذاب النار. هكذا هم اصحاب القلوب الحية - 00:02:37ضَ
حياتهم بين تأمل وتدبر واعتبار وتفكر. ومن ذلك يا عباد الله ما يراه المؤمن من بالفصول وما فيها من المصالح والحكم. وكيف سيكون الحال لو كان الزمان كله فصلا واحدا - 00:03:07ضَ
وكم سيفوت من مصالح الفصول الباقية؟ ان في زمان الشتاء الذي نعيش اسابيعه الاولى لمواضع من العبر منها انه فصل تغور الحرارة فيه في الاجواف وبطون الارض والجبال. فتتولد مواد الثمار وغيرها. وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهوى. فيحصل باذن الله تعالى السحاب - 00:03:27ضَ
المطر الذي به حياة الارض واهلها. واشتداد ابدان الحيوان وقوتها. وتزايد القوى الطبيعية واستخدام ما حللته حرارة الصيف في الابدان. وفي الربيع مزاياه وللصيف خصائصه. وللخريف منافعه ومن مواطن الاعتبار في هذا الفصل ايها الاخوة ما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يذكر به اصحابه من - 00:03:57ضَ
ان البرودة الشديدة التي يجدها الناس في هذا الفصل انما هي احد نفسي جهنم اعاذنا الله كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه قالت النار ربي اكل بعضي بعضا - 00:04:27ضَ
فاذن لي اتنفس فاذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فما وجدتم من برد او زمهرير فمن نفس جهنم. وما وجدتم من حر او حرور فان نفس جهنم - 00:04:47ضَ
اذا كان من تمام نعيم اهل الجنة جعلني الله واياكم من اهلها انهم وطؤوا اذى الحر والبرد. كما قال سبحانه لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا. بعكس حال اهل النار اجارنا الله واياكم - 00:05:07ضَ
منها الذين يتنوع عليهم العذاب. يجتمع في حقهم يجتمع في حقهم الطعام الحار جدا والبارد جدا. ولان كان هذا مؤذيا في الدنيا. فما ظنك به في الاخرة؟ يقول الله عز - 00:05:27ضَ
وجل لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا الا حميما وغساقا. قال ابن عباس رضي الله الله عنهما الغساق الزمهرير البارد الذي يحرق من شدة برده. وقال تلميذه مجاهد هو الذي لا يستطيعون ان يذوقوه من برده. فمن ذا الذي منا ايها الاخوة اذا لسعه برد الشتاء؟ تذكر - 00:05:47ضَ
وما يعانيه اهل النار من شدة زمهريرها. ومن الذي اذا لسعه برد الشتاء تذكر ما يتجرعه اهل النار من غصص في اكل الغساق. ايها المؤمنون ومن اثار التفكر والاعتبار في تقلب الليل والنهار - 00:06:17ضَ
شكر الواحد القهار. الشكر الذي لا يقتصر على القول فحسب. بل يتبعه ذلك العمل الصالح ففي الشتاء تشتد المؤنة على بعض الناس وتزيد الكلفة عليهم بسبب الحاجة الى التدفئة والرزق الذي لا - 00:06:37ضَ
تهيئ طلبه في غير الشتاء. فمن الموفق الذي يتلمس حاجات المعوزين؟ الذين اجتمع عليهم الشتاء وغلاء الاسعار. وهو ايضا يعبر عن خيرية المجتمع الذي يتفقد احوال الضعفاء فيه من الموفق الذي يجتهد الا يمضي عليه هذا الفصل الا وقد ساهم بتدفئة مسلم واحد او - 00:06:57ضَ
من جوع على الاقل هنا او هناك. حيث يبعثها المنادي. ان اجر ذلك عند الله لعظيم خرج صفوان بن سليم احد ائمة التابعين واحد اكابر شيوخ الامام مالك رحمه الله - 00:07:27ضَ
خرج في ليلة باردة في المدينة من المسجد فرأى رجلا عاريا فنزع ثوبه وكساه اياه. فرأى بعض اهل الشام في منامه ان صفوان بن سليم دخل الجنة دخل الجنة بقميص كساه - 00:07:47ضَ
فقدم هذا الشامي الى المدينة فقال دلوني على صفوان. فاتاه فقص عليه ما رأى. ان لمبشرة ولكن لا ينتظر المؤمن رؤيا تحثه. بل يكفيه يكفيه حاديا لعمل كهذا قول الله عز وجل وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه تجدوه عند الله هو خير - 00:08:07ضَ
هو خيرا واعظم اجرا. ومن مواطن الشكر يا عباد الله في تقليب الليل والنهار وفي فصل الشتاء بالذات صيام ما امكن من الايام التي جاءت السنة ببيان فضلها ومحاولة تخصيص جزء من الليل بالقيام ولو كان - 00:08:37ضَ
يسيرا وقد جاء في الحديث وان كان في سنده ضعف الا ان معناه صحيح ان الشتاء ربيع المؤمن ان الشتاء ربيع المؤمن قام ليل طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه قال بعض اهل العلم - 00:08:57ضَ
انما كان الشتاء ربيع المؤمن لانه يرتع فيه في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الاعمال الميسرة فيه. كما تركع البهائم في مرعى الربيع. فتسمن وتصلح - 00:09:17ضَ
اجسادها فكذلك يصلح دين المؤمن في الشتاء بما يسر الله فيه من الطاعات. فان المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة ولا خلفة تحصل له بسبب الجوع والعطش. اما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن ان - 00:09:37ضَ
تأخذ النفس حظها من النوم. ثم يقوم بعد ذلك الى الصلاة. فيقرأ المصلي ورده كله في القرآن. وقد اخذت النفس حظها من النوم. فيجتمع له نومه المحتاج اليه. مع ادراك ورده من القرآن. فتكمل له - 00:09:57ضَ
مصلحة دينه وراحة بدنه. انتهى كلامه رحمه الله. نعم ايها الاخوة القيام في ليل الشتاء فيه مشقة على النفوس من جهة تألم النفس بالقيام من الفراش الذي في شدة البرد. وبما قد يجده المؤمن - 00:10:17ضَ
احيانا من الم اسباغ الوضوء وهذا من افضل الاعمال. لكن لكن المؤمن وهو يقوم يحدوه امران شكر الرب عز وجل على نعمه الغزاق. ويحذوه امر اخر وهو الرغبة بالتلذذ بمناجاة الله عز وجل بقراءة كلامه وتزكية القلب بتلاوة اياته - 00:10:37ضَ
النفس بالتملق بين يدي الله ودعائه. وسؤاله من فضله. فهذا الله النعيم الذي حرمه اكثر الناس. روي ان الحسن البصري رحمه الله تعالى كان اذا قرأ هذه الاية في صفات عباد الرحمن والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. قال - 00:11:07ضَ
قرأ صفات عباد الرحمن قال هذا وصف نهارهم. ثم قرأ والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما قال هذا وصف ليلهم. فرحم الله عبدا اقتدى بهم. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة. ونفعني واياكم - 00:11:37ضَ
بما فيهما من الايات والحكمة. اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب. فاستغفروا ان ربي رحيم ودود الحمد لله المعبود في السماوات والارض. اما بعد فلان كان الحديث عن مواطن الاعتبار والشكر - 00:11:57ضَ
في هذا الفصل فان الانسان ليحزن من تفريط كثير من الناس تفريطا ظاهرا في شكر هذا النعم الشكر الواجب المترجم بالقول والعمل. ولعل من ابرز صور التقصير التي تتكرر صيفا وشتاء - 00:12:22ضَ
شكوى المساجد من كثرة التخلف عن صلاة الفجر في الجماعة. ولئن سألت عن العذر عند الاكثرين. لوجدت اقبح من فعل. انه السهر. وعلى اي شيء يا ترى؟ اهو على مصالح المسلمين؟ ام هو على ثغر من - 00:12:42ضَ
ثغور الجهاد في سبيل الله؟ ام لمتابعة مريض؟ ام هو على سهر؟ ام هو سهر على بر والد او خدمة ولد او في قضاء حاجة لا تحتمل التأخير. الا يا ايها الاخوة المقصرون في هذا اتقوا الله عز وجل - 00:13:02ضَ
تذكروا وتذكروا ان الموت يأتي بغتة وانتم لا تشعرون. لا يغرنكم ما انتم فيه من ولا ما انتم فيه من امن وامان او شباب وعافية. فوالله ان لم تشكر هذه النعم ليوشع - 00:13:22ضَ
ان تسلب عنا او يسلط بعضنا على بعض وما ربك بظلام للعبيد. ايها المؤمنون ان ليلة الشتاء طويل فلا تقصروه بمنامكم وغفلتكم. ولا تضيعوه بسهركم على تافه القول والعمل. فضلا عن - 00:13:42ضَ
المعاصي واللذات المحرمة. وتشبهوا ولو بجزء يسير من ليلكم بليل المتقين الذاكرين. لعل الله ان يلحقنا واياكم في زمرة الصالحين. لا يقضين عليك ليلة الا وقد ركعت فيها ولو ركعة واحدة - 00:14:02ضَ
لا تمضين عليك ليلة الا وقد ختمتها باستغفار وتسبيح وتهليل لله العظيم الكريم اللهم ارزقنا تعظيم امرك ونهيك. اللهم اللهم ارزقنا الكبار اللهم ارزقنا الشكر والاستغفار اللهم يا حي يا قيوم - 00:14:22ضَ
اعمل نعمك في طاعتك واجعلنا ممن يا رب العالمين - 00:14:47ضَ