أضواء من فتاوى ابن تيمية في العقيدة - الشيخ صالح الفوزان - مشروع كبار العلماء

فتاوى ابن تيمية|255 من 287|مرض القلوب وشفاؤها-الجزء الأول|الفوزان|كبار العلماء

صالح الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح ابن فوزان الفوزان اضواء من فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية في العقيدة للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله الدرس الخامس والخمسون بعد المئة الثانية - 00:00:00ضَ

الحمد لله رب العالمين. الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد قال الشيخ رحمه الله في بيان مرض القلوب وشفائها قد ذكرنا في غير موضع ان صلاح حال الانسان في العدل. كما ان فساده في الظلم - 00:00:22ضَ

وان الله سبحانه وتعالى عدله وسواه لما خلقه وصحة جسمه وعافيته من اعتدال اخلاقه واعضائه ومرض ذلك الانحراف والميل. وكذلك استقامة القلب واعتداله واقتصاده وصحته وعافيته وصلاحه متلازمة. قد ذكر الله مرض القلوب وشفائها في مواضع من كتابه - 00:00:42ضَ

وجاء ذلك في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى عن المنافقين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وقال فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيه. قال تعالى ويشفي صدور قوم مؤمنين - 00:01:11ضَ

ويذهب غير قلوبهم وذكر ايات وقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا سألوا اذا لم يعلموا انما شفاء العي السؤال وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود ان احدا لا يزال بخير ما اتقى الله - 00:01:31ضَ

واذا شك في تفسير شيء سأل رجلا فشفاه واوشك الا يجده والذي لا اله الا هو وما ذكر الله من مرض القلوب وشفائها بمنزلة ما ذكر من موتها وحياتها وبصرها وعقلها - 00:01:51ضَ

وصمتها وبكمها وعماها لكن المقصود معرفة مرض القلب فنقول المرض نوعان فساد الحس وفساد الحركة الطبيعية. وما يتصل بها من الارادية. كل منهما يحصل بفقده وكل منهما يحصل بفقده الم وعذاب. فكما انه مع صحة الحس والحركة الارادية والطبيعية تحصل - 00:02:08ضَ

اللذة والنعمة فكذلك يحصل بفسادها الالم والعذاب. ولهذا كانت النعمة من النعيم وهو ما ينعم الله به على عباده مما يكون فيه لذة ونعيم قد قال تعالى ثم لا تسأل ثم لتسألن يومئذ عن النعيم اي عن شكره. فسبب اللذة احساس الملائم - 00:02:37ضَ

وسبب الالم احساس المنافي. ليس اللذة والالم نفس الاحساس والادراك. انما هو نتيجته وثمرته ومقصوده وغايته فالمرض فيه الم لا بد منه وان كان قد يسكن احيانا لمعارض الراجح. فالمقتضي له قائم - 00:03:01ضَ

يهيج بادنى سبب فلا بد فالمقتضي له قائم يهيج بادنى سبب فلا بد في المرض من وجود سبب الالم. وانما يزول الالم بوجود المعارض الراجح ولذة القلب والمه اشد من لذة الجسم والمه - 00:03:24ضَ

اعني المه ولذته النفسانيتان وان كان قد يحصل فيه من الالم من جنس ما يحصل في سائر البدن من مرض الجسم. فذلك شيء اخر ولذلك صار مرض القلب وشفاؤه اعظم من مرض الجسم وشفائه - 00:03:43ضَ

فتارة يكون من جملة الشبهات كما قال تعالى فيطمع الذي في قلبه مرض في قلوب المنافقين المرض من هذا الوجه ومن هذا الوجه من جهة فساد الاعتقادات وفساد الارادات والمظلوم في قلبه مرظ وهو الالم الحاصل من ظلم الغير له - 00:04:01ضَ

فاذا استوفى حقه اشتفى قلبه كما قال تعالى ويشفي صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم. فان غيظ القلب انما هو لدفع الاذى والالم عنه فاذا اندفع عنه الاذى استوفى حقه واستوفى واستوفى حقه زال غيظه. فكما ان الانسان لا - 00:04:25ضَ

تسمع باذنه ولا يبصر بعينه ولا ينطق بلسانه كان ذلك مرضا مؤلما له يفوته من المصالح. ويحصل له من المضار فكذلك اذا لم يسمع ولم يبصر ولم يعلم بقلبه الحق من الباطل. ولم يميز بين بين الخير والشر - 00:04:47ضَ

والغي والرشاد كان ذلك من اعظم امراض قلبه والمه كما انه اذا اشتهى ما يضره مثل الطعام الكثير في الشهوة الكلية ومثل اكل الطين ونحوه كان ذلك مرضا فانه يتألم حتى يزول المه بهذا الاكل الذي يوجد الما اكثر - 00:05:07ضَ

من الاول فهو يتألم ان اكل ويتألم ان لم يأكل. فكذلك اذا بلي بحب من لا ينفعه العشق ونحوه وسواء كان لصورة او لرئاسة او لمال ونحو ذلك فان لم يحصل محبوبه ومطلوبه فهو متألم ومريض سقيم - 00:05:30ضَ

وان حصل محبوبه فهو اشد مرضا والما وسقما. ولذلك كان المريض اذا كان يبغض ما يحتاج اليه من الطعام والشراب كان ذلك الالم حاصلا وان كان دوامه على ذلك يوجب من الالم اكثر من ذلك حتى يقتله حتى يزول - 00:05:50ضَ

فما يوجب بغضه لما ينفعه ويحتاج اليه. فهو متألم في الحال تألمه فيما بعد. ان لم يعافه الله اعظم اكبر فتعلمه فهو متعلم في الحال وتعلمه فيما بعد ان لم يعافه الله اعظم واكبر - 00:06:10ضَ

فبغض الحاسد لنعمة الله على المحسود تبغض المريض كبغض المريض لاكل الاصحاء لاطعمتهم واشربتهم حتى لا يقدر ان يراهم يأكلون ونفرته عن ان يقوم بحقه كنفرة المريض عما يصلح له من طعام وشراب فالحب والبغض الخارج عن الاعتدال والصحة - 00:06:28ضَ

اذا الناس كالشهوة والنفرة الخارجة عن الاعتدال والصحة في الجسم. وعمل قلب وبكمه ان يبصر الحقائق. ويميز جما ينفعه ويضره كعمى الجسم وخراسه عن ان يبصر الامور المترتبة المرتبة ويتكلم بها ويميز - 00:06:52ضَ

بينما ينفعه ويضره. كما ان الظرير اذا ابصر وجد ان الراحة والعافية والسرور امرا عظيما. فبصر القلب الحقائق بينه وبين بصر الراس من التفاوت ما لا يحصيه الا الله. وانما الغرض هنا تشبيه احد المرضين بالاخر - 00:07:12ضَ

فطب الاديان يهتلي حلوى فطب الاديان يحتذي حذو طب الابدان الى ان قال الشيخ رحمه الله فمرظ الجسم يكون بخروج الشهوة والنفرة الطبيعية عن الاعتدال اما شهوة ما لا يحصل او يفقد الشهوة او يفقد الشهوة النافعة. هو ينفر عما يصلح ويفقد - 00:07:32ضَ

النفرة عما يضر كذلك مرض القلب. يكون بالحب والبغض الخارجين عن الاعتدال. وهي الاهواء التي قال الله فيها ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. وقال بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم. كما يكون الجسد خارجا عن الاعتدال - 00:07:59ضَ

اذا فعل ما يشتهيه الجسم بلا قول طبيب. ويكون الضعف ويكون لضعف ادراك القلب وقوته حتى لا يستطيع ان يعلم ويريد ما ينفعه ويصلح له. وكما ان المرظ وكما ان المرظى - 00:08:19ضَ

قال قد يتناولون ما يشتهون فلا يحتمون ولا يصبرون على الادوية الكريهة لما في ذلك من تعجيل نوع من الراحة واللذة ولكن ذلك يعقبهم من الالام ما يعظم قدره او يعجل الهلاك فكذلك بنو ادم هم جهال ظلموا انفسهم يستعجل احدهم ما ترغبه لذته ويترك - 00:08:39ضَ

ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له فيعقبهم ذلك من الالم والعقوبات اما في الدنيا واما في الاخرة. ما فيه عظم العذاب والهلاك والهلاك الاعظم التقوى هي الاحتماء عما يضر بفعل ما ينفعه. فان الاحتماء الضار يستلزم استعمالا نافع. واما استعمال نافع - 00:09:06ضَ

فقد يكون معه استعمال الضار فلا يكون صاحبه من المتقين. واما ترك استعمال الضار والنافع فهذا لا يكون فان العبد اذا عجز عن تناول الغذاء كان مغتديا بما معه من المواد التي تضره حتى يهلك. ولهذا كانت العاقبة - 00:09:31ضَ

وتريد التقوى وللمتقين لانهم المحتمون عما يضرهم. فعاقبتهم السلامة والكرامة. وان وجدوا الما في الابتداء تناول الدواء والاحتماء كفعل الاعمال الصالحة المكروهة. كما قال تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم - 00:09:51ضَ

وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو وهو شر لكم. ولكثرة الاعمال الباطلة كما قال تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى وكما قال وتودون ان - 00:10:11ضَ

ان غير ذات الشوكة تكون لكم. واما من لم يحتمي فان ذلك سبب لضرره في العاقبة. وبهذا تنتهي هذه الحلقة فالى الحلقة القادمة باذن الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:10:31ضَ