Baheth

يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قوله تعالى فان احصرتم فما استيسر من الهدي - 00:00:03ضَ

اختلف العلماء في المراد بالاحصار في هذه الاية الكريمة فقال قوم هو صد العدو المحرم ومنعه اياه من الطواف بالبيت وقال قوم المراد به ما يشمل الجميع من عدو ومرض ونحو ذلك - 00:00:25ضَ

ولكن قوله تعالى بعد هذا فاذا امنتم يشير الى ان المراد بالاحصار هنا صدوا العدو للمحرم لان الامن اذا اطلق في لغة العرب انصرف الى الامن من الخوف لا الى الشفاء من المرض ونحو ذلك - 00:00:44ضَ

ويؤيده انه لم يذكر الشيء الذي منه الامن فدل على ان المراد به ما تقدم من الاحصار فثبت انه الخوف من العدو وما اجاب به بعض العلماء من ان الامن يطلق على الامن من المرض - 00:01:04ضَ

كما في حديث من سبق العاطس بالحمد امن من الشوس واللوص والعلوص اخرجه ابن ماجة في سننه وهو ظاهر السقوط لان الامن فيه مقيد بكونه من المرض فلو اطلق لانصرف الى الامن من الخوف - 00:01:22ضَ

وقد يجاب ايضا بانه يخاف وقوع المذكور من الشوس الذي هو وجع السن. واللوص الذي هو وجع وجع الاذن. والعيلوس الذي هو وجع البطن فانه قبل وقوعها به يطلق عليه انه خائف من وقوعها - 00:01:42ضَ

فاذا امن من وقوعها به فقد امن من خوف اما لو كانت وقعت به بالفعل فلا يحسن ان يقال امن منها لان الخوف في لغة العرب هو الغم من امر المستقبل - 00:02:03ضَ

لا واقع بالفعل فدل هذا على ان زعم امكان اطلاق الامن على الشفاء من المرض خلاف الظاهر وحاصل تحرير هذه المسألة في مبحثين الاول في معنى الاحصار في اللغة العربية - 00:02:19ضَ

الثاني في تحقيق المراد به في الاية الكريمة. واقوال العلماء وادلتها في ذلك. ونحن نبين ذلك كله ان شاء الله تعالى اعلم ان اكثر علماء العربية يقولون ان الاحصار هو ما كان عن مرض او نحوه. قالوا تقول العرب - 00:02:36ضَ

احصره المرض يحصره بضم الياء وكسر الصاد احصارا واما ما كان من العدو فهو الحصر يقول العرب حصره العدو يحصره بفتح الياء وضم الصاد حصرا بفتح فسكون ومن اطلاق الحصر في القرآن - 00:02:57ضَ

على ما كان من العدو قوله تعالى فخذوهم واحصروهم ومن اطلاق الاحصار على غير العدو كما ذكرنا عن علماء العربية قوله تعالى للفقراء الذين احصروا في سبيل الله الاية. وقول ابن ميادة - 00:03:17ضَ

وما هجر ليلى ان تكون تباعدت عليك ولا ان احصرتك شغول وعكس بعض علماء العربية فقال الاحصار من العدو والحصر من المرض قاله ابن فارس في المجمل نقله عنه القرطبي - 00:03:35ضَ

ونقل البغوي نحوه عن ثعلب وقال جماعة من علماء العربية ان الاحصار يستعمل في الجميع. وكذلك الحصر وممن قال باستعمال الاحصار في الجميع الفراء وممن قال بان الحصر والاحصار يستعملان في الجميع - 00:03:54ضَ

ابو نصر القشيري قال مقيده عفا الله عنه لا شك في جواز اطلاق الاحصار على ما كان من العدو كما سترى تحقيقه ان شاء الله هذا حاصل كلام اهل العربية في معنى الاحصار - 00:04:14ضَ

واما المراد به في الاية الكريمة فقد اختلف فيه العلماء على ثلاثة اقوال الاول ان المراد به حصر العدو خاصة دون المرض ونحوه وهذا قول ابن عباس وابن عمر وانس وابن الزبير - 00:04:32ضَ

وهو قول سعيد ابن المسيب وسعيد ابن جبير رضي الله عنهم وبه قال مروان واسحاق وهو الرواية المشهورة الصحيحة عن احمد بن حنبل وهو مذهب مالك والشافعي رحمهم الله وعلى هذا القول ان المراد بالاحصار ما كان من العدو خاصة - 00:04:51ضَ

فمن احصر بمرض ونحوه لا يجوز له التحلل حتى يبرأ من مرضه ويطوف بالبيت ويسعى ليكون متحللا بعمرة وحجة هذا القول متركبة من امرين الاول ان الاية الكريمة التي هي قوله تعالى فان احصرتم فما استيسر من الهدي - 00:05:14ضَ

نزلت في صد المشركين النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وهم محرمون بعمرة عام الحديبية عام ست باطباق العلماء وقد تقرر في الاصول ان صورة سبب النزول قطعية الدخول فلا يمكن اخراجها بمخصص - 00:05:36ضَ

وشمول الاية الكريمة لاحصار العدو الذي هو سبب نزولها قطعي فلا يمكن اخراجه من الاية بوجه وروي عن ما لك رحمه الله ان سورة سبب النزول ظنية الدخول لا قطعيته وهو خلاف قول الجمهور - 00:05:57ضَ

واليه اشار في مراقي ال سعود بقوله واجزم بادخال ذوات السبب واروي عن الامام ظنا تصبي وبهذا تعلم ان اطلاق الاحصار بصيغة رباعي على ما كان من عدو صحيح في اللغة العربية بلا شك كما ترى - 00:06:16ضَ

وانه نزل به القرآن العظيم الذي هو في اعلى درجات الفصاحة والاعجاز الامر الثاني ما ورد من الاثار بان المحصر بمرظ ونحوه لا يتحلل الا بالطواف والسعي فمن ذلك ما رواه الشافعي في مسنده والبيهقي عن ابن عباس انه قال لا حصر الا حصر العدو - 00:06:36ضَ

قال النووي في شرح المهذب اسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم وصححه ايضا ابن حجر ومن ذلك ما رواه البخاري والنسائي عن ابن عمر انه كان يقول اليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:07:01ضَ

ان حبس احدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا فيهدي او يصوم ان لم يجد هديا ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي عن ابن عمر انه قال - 00:07:20ضَ

المحصر بمرظ لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فاذا اضطر الى لبس شيء من الثياب التي لابد له منها او الدواء صنع ذلك وافتدى ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي ايضا. عن ايوب السختياني عن رجل من اهل البصرة. كان قديما - 00:07:39ضَ

انه قال خرجت الى مكة حتى اذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي فارسلت الى مكة وبها عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر والناس فلم يرخص لي احد ان احل فاقمت على ذلك الماء سبعة اشهر حتى احللت بعمرة. والرجل البصري المذكور الذي ابهمه مالك - 00:08:01ضَ

قال ابن عبد البر هو ابو قلابة عبد الله ابن زيد الجرمي شيخ ايوب ومعلمه كما رواه حماد بن زيد عن ايوب عن ابي قلابة ورواه ابن جرير من طرق - 00:08:26ضَ

وسمى الرجل يزيد ابن عبدالله ابن الشخير ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي ايضا عن سليمان ابن يسار ان سعيد ابن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم - 00:08:39ضَ

فسأل على الماء الذي كان عليه عن العلماء فوجد عبد الله ابن عمر وعبدالله ابن الزبير ومروان ابن الحكم فذكر لهم الذي عرض له فكلهم امره ان يتداوى بما لابد له منه - 00:08:57ضَ

ويفتدي فاذا صح اعتمر فحل من احرامه. ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي وقال مالك وعلى هذا الامر عندنا في من احصر بغير عدو وقد امر عمر بن الخطاب ابا ايوب الانصاري - 00:09:12ضَ

وهبارة ابن الاسود حين فاتهما الحج واتيا يوم النحر ان يحلا بعمرة ثم يرجعها حلالا ثم يحج عاما قابلا ويهديا فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجع الى اهله - 00:09:31ضَ

ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي ايضا عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تقول المحرم لا يحله الا البيت والظاهر انها تعني غير المحصر بعدو. كما جزم به الزرقاني في شرح الموطأ - 00:09:51ضَ

هذا هو حاصل ادلة القول بان المراد بالاحصار في الاية هو ما كان من خصوص العدو دون ما كان من مرض ونحوي ونأتي في الحلقة القادمة ان شاء الله على القول الثاني والثالث - 00:10:10ضَ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:10:26ضَ