قراءة تفسير آضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (832 حلقة) - مشروع كبار العلماء

قراءة تفسير أضواء البيان (433) - الأنبياء (008) - للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - كبار العلماء

محمد الأمين الشنقيطي

يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قوله تعالى خلق الانسان من عجل ساريكم اياتي فلا تستعجلون - 00:00:03ضَ

قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ان من انواع البيان التي تضمنها ان يذكر بعض العلماء في الاية قولا ويكون في نفس الاية قرينة تدل على خلاف ذلك القول - 00:00:29ضَ

واذا علمت ذلك فاعلم ان في قوله تعالى في هذه الاية الكريمة من عجل فيه للعلماء قولان معروفان وفي نفس الاية قرينة تدل على عدم صحة احدهما اما القول الذي دلت القرينة المذكورة - 00:00:49ضَ

على عدم صحته وهو قول من قال العجل الطين وهي لغة حميرية كما قال شاعرهم البيع في الصخرة الصماء منبته والنخل ينبت بين الماء والعجل يعني بين الماء والطين على هذا القول فمعنى الاية خلق الانسان من طين - 00:01:14ضَ

لقوله تعالى ااسجد لمن خلقت طينا وقوله وبدأ خلق الانسان من طين والقرينة المذكورة الدالة على ان المراد بالعجل في الاية ليس الطين قوله بعده فلا تستعجلون وقوله ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين - 00:01:43ضَ

فهذا يدل على ان المراد بالعجل والعجلة التي هي خلاف التأني والتثبت والعرب تقول خلق من كذا يعنون بذلك المبالغة في الاتصاف كقولهم خلق فلان من كرم وخلقت فلانة من جمال - 00:02:11ضَ

ومن هذا المعنى قوله تعالى الله الذي خلقكم من ضعف على الاظهر ويوضح هذا المعنى قوله تعالى ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا ايوة من عجلته دعاؤه على نفسه او ولده بالشر - 00:02:35ضَ

قال بعض العلماء كانوا يستعجلون عذاب الله واياته الملجئة الى العلم والاقرار ويقولون متى هذا الوعد فنزل قوله خلق الانسان من عجل للزجر عن ذلك كانه يقول لهم ليس ببدع منكم ان تستعجلوا - 00:02:58ضَ

فانكم مجبولون على ذلك وهو طبعكم وسجيتكم ثم وعدهم بانه سيريهم اياته ونهاهم ان يستعجلوا بقوله ساريكم اياتي فلا تستعجلون كما قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق - 00:03:25ضَ

وقال بعض اهل العلم المراد بالانسان في قوله خلق الانسان من عجل ادم وعن سعيد بن جبير والسدي لما دخل الروح في عيني ادم نظر في ثمار الجنة فلما دخل جوفه اشتهى الطعام - 00:03:52ضَ

فوثب من قبل ان تبلغ الروح رجليه. عجلان الى ثمار الجنة فذلك قوله خلق الانسان من عجل وعن مجاهد والكلبي وغيره ما خلق ادم يوم الجمعة في اخر النهار فلما احيا الله رأسه - 00:04:15ضَ

استعجل وطلب تتميم نفخ الروح فيه قبل غروب الشمس قال المؤلف اجزل الله مثوبته والظاهر ان هذه الاقوال ونحوها من الاسرائيليات واظهروا الاقوال ان معنا الاية ان جنس الانسان من طبعه العجل وعدم التأني كما بينا - 00:04:37ضَ

والعلم عند الله تعالى وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاية الكريمة والحكمة في ذكر عجلة الانسان ها هنا انه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلى الله عليه وسلم - 00:05:02ضَ

وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك وقال الله تعالى خلق الانسان من عجل لانه تعالى يملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل وينظر ثم لا يؤخر - 00:05:24ضَ

ولهذا قال ساريكم اياتي اي نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني فلا تستعجلون انتهى منه قوله تعالى لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم - 00:05:48ضَ

ولا هم ينصرون الجواب لو في هذه الاية محذوف وقد قدمنا ادلة ذلك وشواهده من العربية في سورة البقرة واشرنا اليه في سورة إبراهيم وسورة يوسف ومعنا الاية الكريمة لو يعلم الكفار الوقت الذي يسألون عنه - 00:06:08ضَ

بقولهم متى هذا الوعد وهو وقت صعب شديد تحيط بهم فيه النار من وراء وقدام فلا يقدرون على منعها ودفعها عن انفسهم ولا يجدون ناصرا ينصرهم لما كانوا بتلك الصفة - 00:06:35ضَ

من الكفر والاستهزاء والاستعجال ولكن جهلهم بذلك هو الذي هونه عليهم وما تضمنته هذه الاية الكريمة من المعاني جاء مبينا في مواضع اخر من كتاب الله تعالى اما احاطة النار بهم في ذلك اليوم - 00:06:57ضَ

وقد جاءت موضحة في ايات متعددة كقوله تعالى انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل. يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا وقوله تعالى لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش. الاية - 00:07:25ضَ

وقوله تعالى لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون وقوله تعالى سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار وقوله تعالى تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون - 00:07:57ضَ

الى غير ذلك من الايات نرجو الله الكريم العظيم ان يعيذنا منها ومن كل ما قرب اليها من قول وعمل انه قريب مجيب وما تضمنته من كونهم في ذلك اليوم ليس لهم ناصر - 00:08:24ضَ

ولا قوة يدفعون بها عن انفسهم جاء مبينا في مواضع اخر كقوله تعالى فما له من قوة ولا ناصر وقوله تعالى ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون والايات في ذلك كثيرة - 00:08:44ضَ

وما اشارت اليه هذه الاية من ان الذي هون عليهم ذلك اليوم العظيم حتى استعجلوه واستهزأوا بمن يخوفهم منه انما هو جهلهم به جاء مبينا ايضا في مواضع اخرى لقوله تعالى - 00:09:08ضَ

يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها. والذين امنوا مشفقون منها ويعلمون انها الحق وقوله تعالى قل ارأيتم ان اتاكم عذابه بياتا او نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون الى غير ذلك من الايات - 00:09:31ضَ

وقوله تعالى في هذه الاية الكريمة لو يعلم قال بعض اهل العلم هو فعل متعد الظاهر انها عرفانية وهي تتعدى الى مفعول واحد كما اشار له في الخلاصة بقوله لعلم عرفان وظن تهمه - 00:09:57ضَ

تعدية لواحد ملتزمة على هذا فالمفعول هنا قوله حين اي لو يعرفون حين وقوع العذاب بهم وما فيه من الفظائع لما استخفوا به واستعجلوا وعلى هذا فالحين مفعول به لا مفعول فيه - 00:10:20ضَ

لان العلم الذي هو بمعنى المعرفة واقع على نفس الحين المذكور وقال بعض اهل العلم العلم في هذه الاية منزل منزلة اللازم وليس واقعا على مفعول وعليه فالمعنى لو كان لهم علم - 00:10:41ضَ

ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين وعلى هذا الاية كقوله تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون والمعنى لا يستوي من عنده علم ومن لا علم عنده وقد تقرر في فن المعاني - 00:11:02ضَ

انه اذا كان الغرض اثبات الفعل لفاعله في الكلام المثبت او نفيه عنه في الكلام المنفي؟ مع قطع النظر عن اعتبار تعلق الفعل بمن وقع عليه فانه يجري مجرى اللازم - 00:11:23ضَ

كقوله قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لانه يراد منه ان من تثبت له صفة العلم لا يستوي هو ومن انتفت عنه ولم يعتبر هنا وقوع العلم على معلومات من اتصف بذلك العلم - 00:11:42ضَ

وعلى هذا القول فقوله حين لا يكفون منصوب بمضمر اي حين لا يكفون عن وجوههم النار يعلمون انهم كانوا على الباطل والاول هو الاظهر واستظهر ابو حيان ان مفعول يعلم محذوف - 00:12:06ضَ

وانه هو العامل في الظرف الذي هو حين والتقدير لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي استعجلوه حين لا يكفون لما كفروا واستعجلوا واستهزأوا واعلم انه لا اشكال في قوله تعالى خلق الانسان من عجل - 00:12:28ضَ

مع قوله فلا تستعجلون فلا يقال كيف يقول ان الانسان خلق من العجل وجبل عليه ثم ينهاه عما خلق منه وجبل عليه بانه تكليف بمحال لانا نقول نعم هو جبل على العجل - 00:12:51ضَ

ولكن في استطاعته ان يلزم نفسه بالتأني كما انه جبل على حب الشهوات مع ان في استطاعته ان يلزم نفسه بالكف عنها كما قال تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى - 00:13:13ضَ

فان الجنة هي المأوى ايها المستمع الكريم حسبنا في هذا اللقاء ما مضى ولنا لقاء اخر ان شاء الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:13:35ضَ