قراءة تفسير آضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (832 حلقة) - مشروع كبار العلماء

قراءة تفسير أضواء البيان (811) - ربع يس (223) - للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي - كبار العلماء

محمد الأمين الشنقيطي

يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم. ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقرأ من تتمة اضواء البيان التي وضعها الشيخ عطية محمد سالم - 00:00:03ضَ

قوله تعالى ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية قرأت البرية بالهمزة وبالياء وقرأ بالهمز نافع وابن ذكوان والباقون بالياء واختلف في اخذها - 00:00:28ضَ

قال القرطبي قال الفراء ان اخذت البرية من البراءة بفتح الباء والراء اي التراب فاصله غير مهموز كما تقول منه براه الله يبروه بروا اي خلقه وقيل البرية من بريت القلم اي قدرته - 00:00:52ضَ

قد تضمنت هذه الاية مسألتين الاولى منهما ان اولئك في نار جهنم خالدين فيها ومبحث خلود الكفار في النار تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه وافيا والمسألة الثانية انهم شر البرية - 00:01:21ضَ

والبرية اصلها البريئة قلبت الهمزة ياء تسهيلا وادغمت الياء في الياء والبريئة الخليقة والله تعالى بارئ النسم هو الخالق البارئ المصور جل وعلا ومن البرية الدواب والطير وهنا النص على عمومه - 00:01:44ضَ

فافهم ان اولئك شر من الحيوانات والدواب وقد جاء النص صريحا في هذا المعنى في قوله تعالى ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون وبين ان المراد بهم الكفار - 00:02:12ضَ

في قوله اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم وقال عنهم افانت تسمع الصم او تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فهم لصممهم وعماهم في ضلال مبين وقد ثبت ان الدواب ليست في ضلال مبين - 00:02:33ضَ

لانها تعلم وتؤمن بوحدانية الله كما جاء عن هدهد سليمان اذ انكر على بلقيس وقومها سجودهم للشمس والقمر من دون الله ونص مالك رحمه الله في الموطأ في فضل يوم الجمعة انه ما من دابة الا تصيخ باذنها - 00:02:57ضَ

في الفجر يوم الجمعة الى طلوع الشمس خشية الساعة وهذا كله ليس عند الكافر منه شيء ثم في الاخرة لما يجمع الله جميع الدواب ويقتص للعجماء من القرناء فيقول لها كوني ترابا - 00:03:21ضَ

ويتمنى الكافر لو كان مثلها ترابا فلم يحصل له قال تعالى يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا وذلك والله تعالى اعلم ان الدواب لم تعمل خيرا - 00:03:44ضَ

ستبقى لتجازى عليه ولم تعمل شرا لتعاقب عليه وكانت لا لها ولا عليها الا ما كان فيما بينها بعضها من بعض فلما اقتص لها من ذلك انتهى امرها وكانت نهايتها عودتها الى منبتها وهو التراب - 00:04:05ضَ

بخلاف الكافر فان عليه حساب التكاليف وعقاب المخالفة فيعاقب بالخلود في النار وكان شر البرية قوله تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية الحكم هنا بالعموم كالحكم هناك. ولكنه هنا بالخيرية والتفضيل - 00:04:27ضَ

اما من حيث الجنس فلا اشكال لان الانسان افضل الاجناس كما قال تعالى ولقد كرمنا بني ادم واما من حيث العموم وقال بعض العلماء فيها ان فيها ما يدل على ان صالح المؤمنين - 00:04:54ضَ

افضل من الملائكة ولعل مما يقوي هذا الاستدلال ان بعض افراد جنس الانسان افضل من عموم افراد جنس الملائكة وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم واذا فظل بعظ افراد الجنس - 00:05:13ضَ

فلا يمتنع الفضل في البعض الاخر ولكن هل بعض افراد الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل من عموم الملائكة او من بعض افرادهم هذا هو محل الخلاف - 00:05:35ضَ

وللقرطبي مبحث في ذلك مبناه على اصل المادة وورود النصوص. من جهة اصل المادة ان كانت البرية مأخوذة من البري. وهو التراب فلا تدخل الملائكة تحت هذا التفضيل والا فتدخل - 00:05:55ضَ

واما من جهة النصوص فقال في سورة البقرة عند قوله قال يا ادم انبأهم باسمائهم قال المسألة الثالثة اختلف العلماء في هذا الباب ايهما افضل الملائكة او بنو ادم على قولين - 00:06:13ضَ

فذهب قوم الى ان الرسل من البشر افضل من الرسل من الملائكة والاولياء من البشر افضل من الاولياء من الملائكة وذهب اخرون الى ان الملأ الاعلى افضل واحتج من فضل الملائكة بانهم عباد مكرمون - 00:06:33ضَ

لا يسبقون الله بالقول وهم بامره يعملون ولا يعصونه ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون وبقول الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب - 00:06:56ضَ

ولا اقول لكم اني ملك وبما في البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وهذا نص على ان الملأ الاعلى خير من ملأ الارض - 00:07:15ضَ

واحتج من فظل بني ادم بقول الله تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البريئة بالهمز من برأ الله الخلق وبقوله صلى الله عليه وسلم وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع. اخرجه ابو داوود - 00:07:36ضَ

وبان الله تعالى يباهي باهل عرفات الملائكة ولا يباهي الا بالافضل. والله تعالى اعلم وقال بعض العلماء لا طريق الى القطع بان الملائكة خير منهم لان طريق ذلك خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم - 00:08:01ضَ

او اجماع الامة وليس ها هنا شيء من ذلك خلافا للقدرية والقاضي ابي بكر حيث قالوا ان الملائكة افضل قال واما من قال من اصحابنا والشيعة ان الانبياء افضل لان الله تعالى امر الملائكة بالسجود لادم - 00:08:24ضَ

الى اخره وبعد ما ذكر ذلك رد هذا الاستدلال قال المؤلف اثابه الله وقد سقنا هذا البحث لبيان الخلاف في هذه المسألة المشتمل عليها لفظ البرية قال وارى ان المفاضلة جزئية لا كلية - 00:08:46ضَ

وذلك ان جنس البشر خلاف جنس الملائكة والملائكة فيهم النص بانهم عباد مكرمون والبشر فيهم النص ولقد كرمنا بني ادم والفرق بينهما كالفرق بين الاسم والفعل في الدلالة وفي الملائكة بالاسم - 00:09:07ضَ

مكرمون وهو يدل على الدوام والثبوت وفي بني ادم قال كرمنا وهو يدل على التجدد والحدوث وهذا هو الواقع التكريم ثابت ولازم ودائم للملائكة بخلافه في بني ادم اذ فيهم وفيهم - 00:09:29ضَ

ولا يبعد ان يقال ان التفضيل في الاعمال من حيث صدورها من بني ادم ومن الملائكة اذ الملائكة تصدر عنهم اعمال الخير جبلة او دون نوازع شر بخلاف بني ادم - 00:09:53ضَ

وان اعمال الخير تصدو عنها بمجهود مزدوج حيث ركبت فيهم النفس اللوامة والامارة بالسوء ونحو ذلك من الجانب الحيواني وازدواجية المجهود هو ان ينازع عوامل الشر حتى يتغلب عليها ويبذل الجهد في فعل الخير - 00:10:12ضَ

فهو يجاهد للتخلص من نوازع الشر ويجاهد للقيام بفعل الخير هذا مجهود يقتضي التفضيل على المجهود المبذول من جانب واحد وقد جاء في السنة ما يشهد لذلك لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:10:34ضَ

حين حدث اصحابه ان من ورائهم اياما للعامل فيها اجر خمسين فقالوا خمسين منا او منهم يا رسول الله؟ قال بل خمسين منكم لانكم تجدون اعوانا على الخير وهم لا يجدون - 00:10:56ضَ

وبمثل حديث سبق درهم مائة الف درهم وبين صلى الله عليه وسلم ان الدرهم سبق الاضعاف المضاعفة لانه ثاني اثنين فقط والمئة الف جزء من مجموع كثير النفس التي تجود بنصف ما تملك - 00:11:15ضَ

فلا يتبقى لها الا درهم خير بكثير ممن ينفق جزءا ضئيلا مما يملك ويبقى له المال الكثير فكانت عوامل التصدق ودوافعه مختلفة في منازلها في النفس ومتضادة الدرهم في ذاته وماهيته من جنس الدراهم الاخرى - 00:11:37ضَ

لم تتفاوت المأهية ولا الجنس ولكن تفاوتت الدوافع والعوامل لانفاقه ولعل المفاضلة المقصودة تكون من هذا القبيل اولى. والله تعالى اعلم ايها المستمعون الكرام حسبنا من هذا اللقاء ما مضى - 00:12:02ضَ

وسيكون لنا بعده ان شاء الله لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:12:22ضَ