كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي)

كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي) - حلقة (397) -مَا أَجْدَرَ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِي

أيمن العتوم

00:38:58
الشعر

وخرجَ أبو شُجاعٍ يتصيّد ومعه آلةُ الصَّيْد، وكان يسير قُدّامَ الجيشِ يمنةً ويسرة، فلا يرى صيدًا إلاّ صادَه، حتّى وصل إلى دَشْتِ الأرزن، وهو موضعٌ حَسَن، على عشرة فراسخ من شيراز، تحفُّ بهِ الجِبال، وفيه غابٌ ومِياهٌ ومُروج، فكانتِ الوُحوشُ تُصاد، وإذا اعتصمتْ بالجِبال أخذَتِ الرّجالُ عليها المَضايق، فإذا أثخنَها النُّشَّاب هربتْ من رؤوس الجِبال إلى الدَّشْت، فتسقطُ بين يدَيه، فأقامَ بذلك المكان أيّامًا على عين ماءٍ حَسَنة ومعه أبو الطّيّب، فوصف الحال، وأنشده إيّاها في رجب سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمئة، وفي هذه السّنة قُتِلَ أبو الطّيّب:
1. مَا أَجْدَرَ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِي
بِأَنْ تَقُولَ: مَا لَهُ وَمَا لِي؟!
2. لا أَنْ يَكُونَ هَكَذا مَقَالِي
فَتًى بِنِيْرانِ الحُرُوبِ صَالِ
3. مِنْها شَرَابِي وَبِهَا اغْتِسَالِي
لا تَخْطُرُ الفَحْشَاءُ لِي بِبَالِ
4. لَوْ جَذَبَ الزَرَّادُ مِنْ أَذْيَالِي
مُخَيِّرًا لي صَنْعَتَيْ سِرْبالِ
5. ما سُمتُهُ سَردَ سِوى سِروالِ
وَكَيفَ لا وَإِنَّما إِدلالي
6. بِفَارِسِ المَجْرُوحِ وَالشَّمَالِ
أَبِي شُجَاعٍ قَاتِلِ الأَبْطَالِ
7. سَاقِي كُؤُوسِ المَوْتِ وَالجِرْيَالِ
لَمَّا أَصَارَ القُفْصَ أَمْسِ الخَالِي
8. وَقَتَّلَ الكُرْدَ عَنِ القِتَالِ
حَتَّى اتَّقَتْ بِالفَرِّ وَالإِجْفَالِ
9. فَهَالِكٌ وَطائِعٌ وَجَالِي
وَاقْتَنَصَ الفُرْسَانَ بِالعَوَالِي
10. وَالعُتُقِ المُحْدَثَةِ الصِّقَالِ
سَارَ لِصَيْدِ الوَحْشِ في الجِبالِ
11. وَفِي رِقَاقِ الأَرْضِ وَالرِّمالِ
عَلى دِمَاءِ الإِنسِ وَالأَوْصَالِ
12. مُنْفَرِدَ المُهْرِ عَنِ الرِّعَالِ
مِنْ عِظَمِ الهِمَّةِ لا المَلالِ
13. وَشِدَّةِ الضَّنِّ لا الاسْتِبدَالِ
مَا يَتَحَرَّكْنَ سِوَى انْسِلالِ
14. فَهُنَّ يُضْرَبْنَ عَلَى التَّصْهَالِ
كُلُّ عَلِيلٍ فَوقَهَا مُخْتَالِ
15. يُمْسِكُ فَاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ
مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلى الزَّوالِ

Download transcription
Transcriptions Hadiths Shamela