شرح قصيدة (على قدر أهل العزم)

كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي) - حلقة (413) - عَلى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِي العَزَائِمُ

أيمن العتوم

00:43:55
الشعر

وسار سيفَ الدّولة نحو ثَغْر الحدث، (والحدث: قلعة حصينة بين مَلَطْية وسُمَيْساط ومرعش من الثّغور، ويُقال لها الحمراء لحُمرة تُربتها، وقلعتُها على جبلٍ يُقال له الأُحَيْدب). إذًا سار سيف الدّولة إليها لبنائِها، وكانَ أهلُها أسلَمُوها بالأمان إلى الدُّمُستُق سنة سبعٍ وثلاثين وثلاثمئة، فنزلَها سيفَ الدولة يوم الأربعاء لاثنتي عشرة خلتْ من جُمادَى الآخِرة سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمئة، وبدأ في يومه فَخَطّ الأساس، وحفر أوّله بيده، ابتِغاءَ ما عند الله عزّ وجل، فلمّا كان يوم الجمعة نازَلَه ابنُ الفقاس (دُمُستُق النّصرانيّة) في نحوٍ من خمسين ألف فارس وراجِلٍ من جُمُوع الرّوم والأرمن والرُّوس والبلغار والصّقلب والخزر وأصناف رجاله، ووقعت المُصافّة يوم الاثنين انسِلاخ جمادى الآخرة من أوّل النّهار إلى وقت العصر، ثُمّ إنّ سيف الدّولة حَمَل عليه بنفسِه في نحوِ خمسمئةٍ من غلمانه وأصناف رِجاله، فقصد موكبه وهَزَمه، وأظفره الله تعالى به، وأسر (تودس) الأعور بطريق سمندو، وهو صهر الدُّمُسْتُق على ابنته، وأسرَ ابن ابنة الدُّمستق، وقتلَ نحو ثلاثة آلاف رجلٍ من مُقاتِلته، وأسرَ خلقًا كثيرًا من إسخلاراته وأراخنته (الأراخنة: جمع أرخون وهو رئيس وحدة يقودها إسخلار) فقتل أكثرهم واستبقى بعضهم، وأقام على الحدث إلى أنْ بناها، ووضع بيده آخر شرّافة منها يوم الثّلاثاء لأربعَ عشرة ليلةً خلتْ من شهر رجب من السّنة المذكورة، فقال أبو الطّيّب في ذلك، وأنشده إيّاها بعد الوقعة بالحدث:
1. عَلى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِي العَزَائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكارِمُ
2. وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُها
وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ العَظِيمِ العَظَائِمُ
3. يُكَلِّفُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ الجَيْشَ هَمَّهُ
وَقَدْ عَجَزَتْ عَنْهُ الجُيُوشُ الخَضَارِمُ
4. وَيَطْلُبُ عِنْدَ النَّاسِ مَا عِنْدَ نَفْسِهِ
وَذَلِكَ مَا لا تَدَّعِيهِ الضَّرَاغِمُ
5. يُفَدِّي أَتَمُّ الطَّيْرِ عُمْرًا سِلاحَهُ
نُسُورُ المَلا أَحْدَاثُها وَالقَشَاعِمُ
6. وَمَا ضَرَّهَا خَلْقٌ بِغَيْرِ مَخَالِبٍ
وَقَدْ خُلِقَتْ أَسْيَافُهُ وَالقَوَائِمُ
7. هَلِ الحَدَثُ الحَمْرَاءُ تَعْرِفُ لَوْنَهَا
وَتَعْلَمُ أَيُّ السَّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ؟!
8. سَقَتْها الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزُولِهِ
فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا سَقَتْهَا الجَمَاجِمُ
9. بَنَاهَا فَأَعْلَى وَالقَنَا تَقْرَعُ القَنَا
وَمَوْجُ المَنَايَا حَوْلَهَا مُتَلاطِمُ
10. وَكَانَ بِهَا مِثْلُ الجُنُونِ فَأَصْبَحَتْ
وَمِنْ جُثَثِ القَتْلَى عَلَيْهَا تَمَائِمُ

Download transcription
Transcriptions Hadiths Shamela