كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي)

كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي) - حلقة (462) - فِرَاقٌ وَمَنْ فارَقْتُ غَيْرُ مُذَمَّمِ

أيمن العتوم

01:01:04
الشعر

ودخلَ يومًا أبو الطّيّب على كافورٍ الإخشيديّ، فلمّا نظر إليه وإلى قلّته في نفسِه، ونَقصِه في عقله، ولُؤمِ كَفِّه، وقُبحِ فِعْله، ثارَ الدَّمُ في وجهه حتّى ظهر ذلك فيه، فخرج فَرَكِب، فأتبَعه كافورٌ بعضَ القادة، وهو يرى أنْ أبا الطّيّب لا يفطن، فسايَره وسأله عن حاله، وقال له: أراكَ مُتغيِّرَ اللّون؟ فقال أبو الطّيّب: أصابَ فَرسِي اليوم جُرحٌ خِفْتُه عليه، وقلبي مشغولٌ به، وليسَ له خَلَفٌ إنْ تَلِف، فبلغَ معه إلى منزله، ثُمّ عادَ إلى كافور فأخبره، فأنفذَ إليه مُهرًا أدهم، فقال أبو الطّيّب يمدحه ويذكر أسفَ الحمدانيّين عليه، وأنشدها يوم الأحد لأربعَ عشرةَ ليلةً من شهر ربيع الآخِر، سنة 347ه:
1. فِرَاقٌ وَمَنْ فارَقْتُ غَيْرُ مُذَمَّمِ
وَأَمٌّ وَمَنْ يَمَّمْتُ خَيْرُ مُيَمَّمِ
2. وَمَا مَنْزِلُ اللَّذَّاتِ عِنْدِي بِمَنْزِلٍ
إِذَا لَمْ أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
3. سَجِيَّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُلِيْحَةً
مِنَ الضَّيْمِ مَرْمِيًّا بِهَا كُلُّ مَخْرَمِ
4. رَحَلْتُ فَكَمْ بَاكٍ بِأَجْفَانِ شَادِنٍ
عَلَيَّ وَكَمْ بَاكٍ بِأَجْفَانِ ضَيْغَمِ
5. وَمَا رَبَّةُ القُرْطِ المَلِيْحِ مَكَانُهُ
بِأَجْزَعَ مِنْ رَبِّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
6. فَلَو كَانَ مَا بِي مِنْ حَبِيْبٍ مُقَنَّعٍ
عَذَرْتُ وَلَكِنْ مِنْ حَبِيبٍ مُعَمَّمِ
7. رَمَى وَاتَّقَى رَمْيِي وَمِنْ دُونِ مَا اتَّقَى
هَوَى كَاسِرٌ كَفِّي وَقَوْسِي وَأَسْهُمِي
8. إِذَا سَاءَ فِعْلُ المَرْءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ
وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ
9. وَعَادَى مُحِبِّيهِ بِقَوْلِ عُدَاتِهِ
وَأَصْبَحَ فِي لَيْلٍ مِنَ الشَّكِّ مُظْلِمِ
10. أُصَادِقُ نَفْسَ المَرْءِ مِنْ قَبْلِ جِسْمِهِ
وَأَعْرِفُهَا فِي فِعْلِهِ وَالتَّكَلُّمِ
11. وَأَحْلُمُ عَنْ خِلِّي وَأَعْلَمُ أَنَّهُ
مَتَى أَجْزِهِ حِلْمًا عَلَى الجَهْلِ يَنْدَمِ
12. وَإِنْ بَذَلَ الإِنْسانُ لِي جُودَ عَابِسٍ
جَزَيْتُ بِجُودِ التَّارِكِ المُتَبَسِّمِ

Download transcription
Transcriptions Hadiths Shamela