Transcription
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب وانزله في اوجز لفظ واعجز اسلوب اعيت بلاغته البلغاء وابكمت فصاحته الفصحاء واذهلت روعة الخطباء فهو الحجة البالغة والدلالة الدامغة والنعمة الباقية والعصمة الواقية - 00:00:00ضَ
هو شفاء الصدور والحكم العدل فيما احكم وتشابه من الامور واشهد ان لا اله الا الله العزيز الغفور. واشهد ان سيدنا محمدا عبد الله ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه - 00:00:23ضَ
وعلى اله واصحابه اجمعين وبعد فان العلوم وان تباينت اصولها وشرقت وغربت فصولها وتعددت وتنوعت ابوابها واحكامها انا لا اقلل من قدرها وشأنها. الا ان اعلاها قدرا واغلاها مهرا واقومها قيلا واوضحها سبيلا - 00:00:38ضَ
واصحها دليلا علم التفسير شمس ضحاها وبدر دجاهة ولم لا وشرف كل علم بشرف موضوعه. وموضوع علم التفسير كلام ربنا الملك القدير الذي هو منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة - 00:01:01ضَ
واصل الاصول وطريق الوصول الى السعادة والنجاة في الدنيا والاخرة بصحبة الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن الليلة بحول الله ومدده على موعد مع اللقاء السابع والخمسين بعد المائتين - 00:01:22ضَ
وهو اللقاء الثاني عشر اللقاءات تفسيرنا لسورة ال عمران توقفنا في اللقاء الماضي عند قول الكبير المتعال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم - 00:01:42ضَ
فمحبة الله جل وعلا لا تتحقق الا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنص القرآن فاذا اتبع العبد رسول الله واطاعه وامتثل امره واجتنب نهيه ووقف عند حده صار هذا العبد اهلا لمحبة الله - 00:02:03ضَ
فماذا لو احب الله عبدا من العباد قال جل جلاله في الحديث القدسي فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها - 00:02:24ضَ
ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه. ماذا يريد العبد بعد ذلك يسمع بسمع الله نبي يسمع وبي يبصر في رواية اخرى كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به - 00:02:44ضَ
ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه فمن اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم احبه الله عز وجل وغفر له ذنوبه لم يحبه الله فحسب - 00:03:03ضَ
بل يحبه الله ويغفر له ذنوبه. قال سبحانه ويغفر لكم ذنوبكم. والله غفور رحيم. وقد بينت قبل ذلك ان اصل المغفرة التغطية والستر والغفور جل جلاله الساتر لذنوبي عباده وعيوبهم وهو المتجاوز عن اخطائهم وزلاتهم - 00:03:26ضَ
قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى وهو الغفور فلو اتى بقرابها من غير شرك بل من العصيان لقاه بالغفران ملء قربها سبحانه هو واسع الاحسان كما قال جل جلاله في الحديث القدسي يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا - 00:03:54ضَ
ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة وهو الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء وبها يرحم عباده سبحانه وتعالى وقال جل جلاله انه بهم رؤوف رحيم وخص المؤمنين - 00:04:18ضَ
وقال سبحانه وكان بالمؤمنين رحيما ثم امر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم ان يأمر الناس بطاعة الله وطاعة رسوله وقال جل جلاله في الاية رقم اتنين وتلاتين - 00:04:41ضَ
قال قل اي قل يا رسول الله قل اطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين الطاعة هي الانقياد بامتثال الامر واجتناب النهي وقد جعل الله جل جلاله - 00:04:59ضَ
طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة له سبحانه وتعالى تدبروا هذا يا اخواني تدبروا هذا يا ابنائي ممن يقولون بانه لا سنة نكتفي بالقرآن ولا معنى للسنة مع القرآن بل ولا وجود لها اصلا - 00:05:24ضَ
اقول لقد جعل الله طاعة صلى الله عليه وسلم طاعة له جل جلاله تتدبر قل اطيعوا الله والرسول لم يقل قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول. او قل اطيعوا الله ثم الرسول - 00:05:50ضَ
وقد جعل الله جل وعلا طاعة صلى الله عليه وسلم طاعة له سبحانه وتعالى فاتى بحرف الواو الذي يدل على ذلك حرف الواو الذي يدل على الترتيب لم يقل سبحانه وتعالى - 00:06:12ضَ
واطيعوا الله ثم اطيعوا الرسول وانما قال واطيعوا الله والرسول لان طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به من عند الله جل وعلا انما هو طاعة لله سبحانه. كما قال جل جلاله - 00:06:33ضَ
ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله ولم يقل ثم رسوله لان هذا امر شرعي ديني لا يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بامر الرب العلي جل جلاله - 00:06:53ضَ
تدبر هذا كل امر شرعي للنبي صلى الله عليه وسلم انما هو امر لله الرب العليم فما امر به النبي الا طاعة منه لربه والا امتثالا منه لربه بالبلاغ للامة - 00:07:12ضَ
وان لم تفعل فما بلغت رسالته ورسول الله مبلغ عن الله وكل ما امر به فمن اطاعه فقد اطاع الله اما الامور القدرية الكونية التي لا دخل فيها لاحد مع الله جل جلاله كالمشيئة مثلا - 00:07:29ضَ
فلا يجوز فيها اطلاقا العطف بحرف الواو لانه اذا تم العطف بحرف الواو سنجعل مشيئة الله مضاهية ومساوية لمشيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم او لمشيئة العبد اما اذا عطفنا بحرف ثم فقد جعلنا حينئذ مشيئة رسول الله او مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله سبحانه - 00:07:53ضَ
ارجو ان تنتبهوا لهذه اللطيفة اللغوية الدقيقة في الحديث الصحيح اللي رواه الامام احمد والنسائي غيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما شاء الله وشئت - 00:08:22ضَ
انتبه قال له ما شاء الله وشئت يا رسول الله وقال عليه الصلاة والسلام اجعلتني لله ندا بل قل ما شاء الله وحده وفي رواية ابي داود بسند صحيح من حديث حذيفة بن اليمان. قال عليه الصلاة والسلام لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان - 00:08:39ضَ
حرف الواو هنا لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان. ولكن قولوا ما شاء الله ثم فلان قال سبحانه وما تشاؤون الا ان يشاء الله اذا قل اطيعوا الله والرسول - 00:09:04ضَ
لم يقل ثم الرسول لان الرسول مبلغ عن الله في كل امر ديني وطاعته طاعة للرب العليم. اما الامور الكونية القدرية التي لا يملكها رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن غيره من الخلق - 00:09:25ضَ
فلا يجوز ابدا ان يكون العطف فيها بحرف الواو انما بحرف ثم لانك لو عطفت بحرف الواو سويت وساويت اما ثم تفرق فيها بين مشيئة الله ومشيئة غيره من العباد والخلق - 00:09:43ضَ
ولو كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قل اطيعوا الله والرسول. والرسول الالف واللام هنا في كلمة والرسول للعهد وليست الاستغراق باتفاق المراد بالرسول هنا باتفاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قل اطيعوا الله والرسول - 00:10:07ضَ
ان تولوا ان الله لا يحب الكافرين اي ان اعرضوا عن طاعة الله وعن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم اعراضا كليا. ارجو ان تتدبروا كل لفظة اعراضا كليا ولم يحققوا الايمان بالله ولا برسول الله - 00:10:33ضَ
فهذا كفر اكبر مخرج من الملة باتفاق اهل الملة واهل العلم في الامة اكرر الله جل وعلا يقول قل اطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين اقول - 00:10:54ضَ
التولي والاعراض نوعان اعراض كلي واعراض جزئي فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين يعني ان كان الاعراض كليا فلن يحققوا الايمان بالله ولم يحققوا الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:11:13ضَ
فهذا كفر اكبر مخرج من الملة باتفاق اما ان كان كفرا مقيدا ببعض الامور والاوامر وليس توليا واعراضا كليا وهو كفر دون كفر كفر لا يخرج من الملة والميزان في ذلك ليس الهوى - 00:11:34ضَ
وليس العقل بل ولا حتى الفهم بل الميزان في ذلك كله نصوص القرآن والسنة كما دلت عليه النصوص القرآنية والنبوية على انه كفر مخرج من الملة كان التولي به كفرا مخرجا عن الملة - 00:12:00ضَ
وما دلت النصوص القرآنية النبوية على انه معصية وليس كفرا وهو كفر اصغر لا يخرج من الملة. فالكفر عند علماء اهل السنة والجماعة كفر اكبر مخرج من الملة وهو ما يناقض الايمان - 00:12:22ضَ
ويكون بالاعتقاد والقول والعمل ويكون بالاعتقاد والقول والعمل وكفر اصغر غير مخرج من الملة وهو ما لا يناقض اصل الايمان. وانما ينقص الايمان. ويضعف الايمان مثلا كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين - 00:12:42ضَ
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر اطلق النبي هنا لفظة كفر سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وكما في قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري اذا قال رجل لاخيه يا كافر - 00:13:06ضَ
وقد باء بها احدهما اما القائل واما من قيل له يا كافر ما وجه الاستشهاد بهذين الحديثين ان النبي صلى الله عليه وسلم سماه اخاه اذا قال رجل لاخيه سماه اخاه - 00:13:28ضَ
مع قوله الشنيع الذي قال له يا كافر فلو خرج احدهما القائل والمقول له من الاسلام بالكلية لم يكن اخاه تنتفي عنه صفة الاخوة وكما في قول رب البرية وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. فان بغت احداهما على الاخرى - 00:13:51ضَ
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله. فان فائت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا. ان الله يحب المقسطين فشهد لهم بالايمان مع اقتتالهم. وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الشاهد ان التولي - 00:14:19ضَ
والاعراب بالكلية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كان يحقق ذلك المعرض ايمانا بالله ولا ايمانا برسول الله ناهيك عن سائر الاعمال فهذا كفر يخرج صاحبه من الملة ولذا قال جل وعلا والله لا يحب الكافرين - 00:14:39ضَ
اما ان اقبلوا على رب العالمين تحققوا الايمان به والايمان برسوله صلى الله عليه وسلم فان الله جل وعلا يحبهم يحبه لايمانهم واقبالهم وان تولوا واعرضوا فان الله لا يحبهم لكفرهم وعراضهم - 00:15:05ضَ