بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين تعينوا بالله ونبتدأ المجلس الثالث والعشرين من مجالس القراءة المقاصدية لكتاب مدارج السالكين مع التعليق على بعض المواضع - 00:00:00
اه عندنا اليوم منزلة الحياة او باب الحياة قال رحمه الله تعالى فصل قال صاحب المنازل باب الحياة قال الله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه تشهده بهذه الاية في هذا الباب ظاهر جدا. فان المراد بها من كان ميت القلب بعدم رح العلم والهدى والايمان - 00:00:18
فاحياه الرب تعالى بروح اخرى غير الروح التي احيا بها بدنه وهي روح معرفته وتوحيده والا فهي في جملة الاموات. ولهذا وصف الله تعالى من عدم ذلك بالموت فقال اومن كان ميتا فاحييناه. وقال تعالى انك لا تسمع الموتى - 00:00:40
ولا تسمعوا الصم الدعاء وسمى وحيه روحا بما يحصل به من حياة القلوب والارواح فقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فاخبر انه روح - 00:01:00
تحصل به الحياة وانه نور يحصل به الاضاءة. وقال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذر انه لا اله الا انا فاتقون وقال تعالى رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق - 00:01:20
بالوحي حياة الروح كما ان الروح حياة البدن ولهذا من فقد هذه الروح فقد فقد الحياة النافعة في الدنيا والاخرة. اما في الدنيا فحياته حياة البهائم وله المعيشة الضنك واما في الاخرة فله جهنم لا يموت فيها - 00:01:41
ولا يحيى وقد جعل الله الحياة الطيبة لاهل معرفته ومحبته وعبادته فقال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون - 00:01:59
وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب انها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالايمان ومعرفته بالله ومحبته والانابة اليه والتوكل عليه فانه لا حياة اطيب من حياة صاحبها - 00:02:16
ولا نعيم فوق نعيمه الا نعيم الجنة كما كان بعض العارفين يقول انه لتمر بي اوقات اقول فيها ان كان اهل الجنة في مثل هذا انهم لفي عيش طيب. وقال غيره انه ليمر بالقلب اوقات يرقص فيها طربا - 00:02:37
واذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فانه ملكها ولهذا جعل الله المعيشة الضنك لمن اعرض عن ذكره وهي عكس الحياة الطيبة وهذه الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاث. اعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار والمعيشة الضنك ايضا تكون في الدور الثلاث - 00:02:54
فالابرار في النعيم هنا وهنالك والفجار في الجحيم هنا وهنالك قال الله تعالى للذين احسنوا الحسنى للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولدار الاخرة خير. وقال تعالى وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا الى اجر مسمى - 00:03:17
ويؤتي كل ذي فضل فضله. فذكر الله سبحانه وتعالى. ومحبته وطاعته والاقبال عليه ضامن لاطيب الحياة في الدنيا والاخرة. والاعراض عنه هو الغفلة ومعصيته كفيل بالحياة المنغصة والمعيشة الضنك في الدنيا - 00:03:38
والاخرة هذا الكلام يعني له علاقة بكلام امس الذي كان من اهم ما قاله في مدارج السالكين على الاطلاق في قضية قيام الشواهد بقلب العبد. الشواهد حين تقوم بقلب العبد فانه يرى - 00:03:56
بعين بصيرته ما لا يراه الاخرون. فانت ترى الانسان بعين بصرك تراه مركبا من اعضاء وتراه يعني اه يعني ترى ما يتماس معه من امور دنيوية ولكن بعين البصيرة تستطيع ان ترى حقيقة ما عليه الانسان والغاية التي وجد لاجلها او هل هو محقق لهذه الغاية او لا؟ وما الذي يستحق ان - 00:04:16
اليه وما الذي يستحق ان يفرح بي وما الذي يستحق ان يحزن لاجله الى اخره هنا بهذا المعنى يعني وهو معنى القرآني من من حيث تشبيه الانسان وان كان يتنفس - 00:04:40
لكن بعض البشر يوصفون بانهم اموات وهم احياء احياء من الناحية البيولوجية ولكن هم اموات حقيقة من حيث المعنى وهذا الامر في غاية الخطورة وفي غاية الاهمية يجب ان يتفطن اليه دائما - 00:04:54
الان ابن القيم سينتقل الى درجات الحياة او مراتب الحياة آآ ذكر تقريبا تسع مراتب او نحو ذلك وهي مهمة جدا فيتدرج من الحياة الاقل الى الحياة الاعلى ثم يعني يجيب عن سؤال انه اذا كانت - 00:05:10
تلك المرتبة التاسعة والعاشر اعلى حياة. فلماذا يعني هناك غفلة عنها ما السبب انه الانسان يغفل عن عن ان يتعلق بالحياة التي في تلك المرتبة؟ على اية حال هو سيبدأ بمراتب الحياة الان. المرتبة الاولى - 00:05:28
والثالثة والرابعة ان يتكلم عن الحياة الحسية وليس عن الحياة المعنوية اه وفي المرتبة الاولى قال حياة الارض بالنبات والمرتبة الثانية حياة النمو والابتداء والمرتبة الثالثة حياة الحيوان المغتدي بقدر زائد على نموه - 00:05:43
ابتدائه وهي احساسه وحركته والمرتبة الرابعة حياة الحيوان الذي لا يغتذي بالطعام والشراب كحياة الملائكة وحياة الارواح بعد مفارقتها لابدانها فان حياتها اكمل من حياة الحيوان المغتدي المرتبة الخامسة من هنا نحن سنبدأ نقرأ قراءة تفصيلية قال المرتبة الخامسة - 00:06:00
الحياة التي اشار اليها المصنف وهي حياة العلم من موت الجهل فان الجهل موت لاصحابه كما قيل وفي الجهل قبل الموت موت لاهله واجسامهم قبل القبور قبور وارواحهم في وحشة من جسومهم فليس لهم حتى النشور نشور - 00:06:21
فان الجاهل ميت القلب والروح. وان كان حي البدن فجسده قبر يمشي به على وجه الارض قال الله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس في خارج منها. وقال تعالى ان هو الا ذكر وقرآن مبين لينجي - 00:06:41
من كان حيا وقال تعالى انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وقال تعالى ان الله يسمع من يشاء وما انت بمسمع من في القبور وشبههم في موت قلوبهم باهل القبور فانهم قد ماتت ارواحهم. وصارت اجسامهم قبورا لهم فكما انه لا يسمع لا يسمع اصحاب القبور - 00:06:58
لا يسمع هؤلاء واذا كانت الحياة هي الحس والحركة وملزومهما فهذه القلوب لم لما لم تحس بالعلم والايمان ولم تتحرك له كانت ميتة ميتة حقيقة وليس هذا تشبيها لموتها بموت البدن بل ذلك موت القلب والروح - 00:07:18
وقد ذكر الامام احمد في كتاب الزهد من كلام لقمان انه قال لابنه يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فان الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الارض بوابل القطر - 00:07:39
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه تعلم العلم فان تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لاهله قربى لانه معالم الحلال والحرام ومنار سبل اهل الجنة. وهو الانيس في الوحشة والصاحب في الغربة. والمحدث في الخلوة - 00:07:54
دليل على السراء والضراء والسلاح على الاعداء والزين عند الاخلاء اه يرفع الله به اقواما فيجعلهم في الخير قادة وائمة تختص اثارهم ويقتدى بافعالهم وينتهى الى رأيهم. ترغب الملائكة في خلتهم وباجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس - 00:08:20
وحيتان البحر البحر وهوامه وسباع البر وانعامه لان العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الابصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل اخيار والدرجات العلى من في الدنيا والاخرة التفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام توصل به الارحام وبه يعرف الحلال من الحرام - 00:08:41
وهو امام العمل والعمل تابع له يلهمه السعداء يلهمه السعداء ويحرمه الاشقياء فرواه الطبراني وابن عبد البر وغيرهما وقد روي مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم والوقف اصح والمقصود قوله لان العلم حياة القلوب من الجهل فالقلب ميت وحياته بالعلم والايمان. طبعا العلم - 00:09:01
ليس المقصود مطلق العلم يعني ليس المقصود العلم ان وجود المعلومات وليس القصد انه اي علم من العلوم يصح عليه مثل هذا المعنى. وانه يكون حياة آآ اولى واهم واعظم ما يدخل في هذا وقد يكون هو الوحيد - 00:09:27
آآ وان كان قد يدخل غيره من باب الوسيلة وليس من باب الغاية هو العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم شبه العلم الذي جاء به بالغيث الذي يحيي الارض - 00:09:50
وهنا يتكلم عن ماذا؟ عن الحياة فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير اصاب ارضا. شف مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم - 00:10:04
كبد الغيث الكثير اصاب ارضا فكان منها وذكر انواع الاراضي اللي هي شبهت بالقلوب وما تحمله طيب المرتبة السادسة قال حياة الارادة والهمة وضعف الارادة والطلب من ضعف حياة القلب وكلما كان القلب - 00:10:16
اتم حياة كانت همته اعلى ومحبته وارادته اقوى فان الارادة والمحبة تتبع الشعور بالمراد المحبوب وسلامة القلب من الافة التي تحول بينه وبين طلبه وارادته وضعف الطلب وفتور الهمة اما من نقصان الشعور والاحساس واما من وجود الافة المضعفة للحياة - 00:10:30
فقوة الشعور وقوة الارادة دليل على قوة الحياة وضعفهما دليل على ضعفها. وكما ان علو الهمة وصدق الارادة والطلب من كمال الحياة فهو سبب الى حصولها باكمل الحياة واطيبها فان الحياة الطيبة انما تنال بالهمة العالية - 00:10:51
والمحبة الصادقة والارادة الخالصة. فعلى قدر ذلك تكون الحياة الطيبة واخس الناس حياة اخسهم همة واضعفهم محبة وطلبا. وحياة البهائم خير من حياته. كما قيل نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم وتكدح فيما سوف تنكر غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم - 00:11:07
تسر بما يفنى وتفرح بالمناكمة غر باللذات في النوم حالم والمقصود ان حياة القلب بالعلم والارادة والهمة والناس اذا شاهدوا ذلك من الرجل قالوا هو حي القلب وحياة القلب بدوام الذكر وترك الذنوب كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله - 00:11:31
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل ادمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها وهل افسد الدين الا الملوك واحبى رسول ورهبانها وباعوا النفوس ولم يربحوا ولم يغلوا في البيع اثمانها فقد رتع - 00:11:53
مفيدة قصرانها فسمعت الشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول من واظب على يا حي يا قيوم لا اله الا انت كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر اربعين مرة - 00:12:13
احيا الله بها قلبه هذا طبعا النقل ورد في يمكن في المجلد الاول او الثاني وتكلمنا عن في تلك في ذلك الموضع عن قضية التجربة والذكر وما الى ذلك وكما ان الله سبحانه جعل حياة البدن بالطعام والشراب فحياة القلوب بدوام الذكر والانابة الى الله وترك الذنوب - 00:12:24
والغفلة الجاثمة على القلب والتعلق بالرذائل والشهوات المنقطعة عن قريب يضعف هذه الحياة ولا يزال الضعف يتوالى عليه حتى يموت. وعلامة موته هذي مهمة وعلامة موته انه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا - 00:12:45
كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه اتدرون من ميت القلب الذي قيل فيه ليس من مات فاستراح بميت انما الميت ميت الاحياء قالوا ومن هو؟ قال الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا - 00:13:05
الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا هذي مهمة هذي الان معايير هذي معايير المعلومات التي تنتمي الى فضاء المعايير هي من اهم ما يمكن ان يكون. فالذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا هذا ميت - 00:13:23
هذا ميت والرجل هو الذي يخاف موت قلبه لا موت بدنه. اذ اكثر هؤلاء الخلق يخافون موتى ابدانهم ولا يبالون بموت قلوبهم ولا يعرفون من الحياة الا الحياة الطبيعية وذلك من موت القلوب والروح فان هذه الحياة الطبيعية شبيهة بالظل الزائل والنبات السريع الجفاف والمنام الذي يخيل كأنه حقيقة - 00:13:39
فاذا استيقظ عرف انه كان خيالا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو ان الحياة الدنيا من اولها الى اخرها اوتيها رجل واحد ثم جاءه الموت لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ فاذا ليس في يده شيء - 00:14:04
وقد قيل ان الموت موتان موت ارادي وموت طبيعي فمن امات نفسه موتا اراديا كان موته الطبيعي حياة له ومعنى هذا ان الموت الارادي هو قمع الشهوات المردية واخماد نيرانها المحرقة وتسكين هواجها المتلفة - 00:14:21
فحين اذ يتفرغ القلب والروح للتفكر فيما فيه كمال العبد ومعرفته والاشتغال به ويرى حينئذ ان ايثار الظل الزائل عن قريب على العيش الذي في الدائم اخسر الخسران فاما اذا كانت الشهوات وافدة - 00:14:39
واللذات مؤثرة والعوائد غالبة والطبيعة حاكمة. فالقلب حينئذ اما ان يكون اسيرا ذليلا او مهزوما مخرجا عن وطنه ومستقره الذي لا قرار له الا فيه او قتيل ميتا وما لجرح به ايلام - 00:14:54
واحسن احواله ان يكون في حرب يدان له فيها مرة ويدال عليه مرة فاذا مات العبد موته الطبيعي كانت بعده حياة روحه بتلك العلوم النافعة والاعمال الصالحة والاحوال الفاضلة التي حصلت له وباماتة نفسه - 00:15:12
فتكون حياته ها هنا على حسب موته الارادي في هذه الدار وهذا موضع لا يفهمه الا الباء الناس وعقلاؤهم ولا يعمل بمقتضاه الا اهل الهمم العلية والنفوس الزكية الابية ثم انتقل الى المرتبة السابعة من مراتب الحياة لاحظوا يتدرج. قال حياة الاخلاق والصفات المحمودة التي هي حياة راسخة للموصوف بها - 00:15:27
فهو لا يتكلف الترقي في درجات الكمال ولا يشق عليه لاقتضاء اخلاقه وصفاته لذلك بحيث لو فارقه ذلك لفارق ما هو من طبيعته وسجيته فحياة من قد طبع على الحياء والعفة والجود والسخاء والمروءة والصدق والوفاء ونحوها - 00:15:55
اتم من حياة من يقهر نفسه ويغالب طبعه حتى يكون كذلك فان هذا بمنزلة من تعارضه اسباب الداء وهو يعالجها ويقهرها باضدادها وذلك بمنزلة من قد عوفي من ذلك. وكلما كانت هذه الاخلاق - 00:16:13
بصاحبها اكمل كانت حياته اقوى واتم ولهذا كان خلق الحياء مشتقا من الحياة اسما وحقيقة فاكمل الناس حياة اكملهم حياء ونقصان حياء المرء من نقصان حياته فان الروح اذا ماتت لم تحس بما يؤلمها من القبائح فلا تستحي منها - 00:16:28
فاذا كانت صحيحة الحياة احست بذلك فاستحيت منه وكذلك سائر الاخلاق الفاضلة والصفات الممدوحة تابعة لقوة الحياة وضدها من نقصان الحياة. ولهذا كانت حياة الشجاع اكمل من حياة الجبان. وحياة السخي اكمل من حياة البخيل. وحياة الفطن الذكي اكمل من حياة الفدم البليد - 00:16:50
ولهذا لما كان الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اكمل الناس حياة حتى ان قوة حياتهم تمنع الارض من ان من ان تبلي اجسامهم كانوا اكمل الناس في هذه الاخلاق ثم الامثل فالامثل من اتباعهم - 00:17:09
فانظر الان الى حياتي حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد اثيم. عتل بعد ذلك زنيم وحياتي جواد شجاع بر عدل عفيف محسن. تجد الاول ميتا بالنسبة الى الثاني - 00:17:25
ولله در القائل وما للمرء خير في حياة اذا ما عد من سقط المتاع المرتبة الثامنة من مراتب الحياة حياة الفرح والسرور وقرة العين بالله وهذه الحياة انما تكون بعد الظفر بالمطلوب الذي تقر به العيون الذي تقر به عيون طالبه - 00:17:40
فلا حياة نافعة له بدونه وحول هذه الحياة يدندن الناس كلهم وكلهم قد اخطأ طريقها وسلك طرقا لا تفضي اليها بل تقطعه عنها الا اقل القليل فدار طلب الكل حول هذه الحياة وحرمها اكثرهم - 00:18:01
وسبب حرمانهم اياها ضعف العقل والتمييز والبصيرة وضعف الهمة والارادة فان مادتها بصيرة وقادة وهمة نقادة والبصيرة كالبصر تكون عمى وعورا وعمشا ورمدا وتامة النور والضياء وهذه الافات قد تكون لها بالخلقة في الاصل وقد تحدث فيها بالعوارض الكسبية والمقصود - 00:18:18
ان هذه المرتبة من مراتب الحياة هي اعلى مراتبها. ولكن كيف يصل اليها من عقله نسبي في بلاد الشهوات وامله موقوف على اجتناب اللذات وسيرته جارية على اسوأ العادات ودينه مستهلك بالمعاصي والمخالفات - 00:18:43
وهمته واقفة مع السفليات وعقيدته غير متلقاة من من مشكاة النبوات فهو في الشبهات المنغمس فهو في الشهوات منغمس وفي الشبهات منتكس وعن الناصح معرض وعن المرشد معترض وعن السراء نائم وقلبه في كل واد هائم فلو انه - 00:19:03
وتجرد من نفسه ورغب عن مشاركة ابناء جنسه وخرج من ضيق الجهل الى فضاء العلم ومن سجن الهوى الى ساحة الهدى ومن نجاسة النفس الى طهارة القدس لرأى الالفة الذي نشأ بنشأته وزاد بزيادته وقوي بقوته وشرف عند نفسه وابناء جنسه بحصوله - 00:19:24
وصدق ذا في عين بصيرته وشجن في حلق حلق ايمانه ومرضا متراميا الى هلاكه. فان قلت قد اشرت الى حياة غير معهودة بين اموات الاحياء فهل يمكنك وصف طريقها لاصل الى شيء من اذواقها - 00:19:43
فقد بال لي ان ما نحن فيه من الحياة حياة بهيمية ربما زادت علينا فيها البهائم بخلوها عن المنكرات والمنغصات وسلامة العاقبة قلت لعمر الله ان اشتياقك الى هذه الحياة وطلب علمها ومعرفتها لدليل على حياتك وانك لست من جملة الاموات - 00:19:58
نقطة مهمة جدا كونك تبحث عن حياة القلب هذا اول دليل على حياة قلبك انك انت ساعد لكن اذا كان الانسان نزع منه فتيل الهمة والارادة وارادة الحياة حياة القلب فهو ميت - 00:20:18
لكن طالما انه الانسان يشعر ويحس وضميره يؤنبه ويريد ويسعى ويطمح ويأمل ويجتهد فهذا اول دليل على الحياة فاول طريقة طريقها ان تعرف الله وتهدف تهتدي اليه طريقا يوصلك اليه ويحرق ظلمات الطبع باشعة البصيرة - 00:20:34
فيقوم بقلبه من شاهد من شواهد الاخرة مرة اخرى من لم يحضر امس درس الشواهد فمن المهم جدا ان يتابع المقطع لانه قضية الشواهد هذي مركزية قال فيقوم بقلبه شاهد من شواهد الاخرة فينجذب اليها بكليته ويزهد في التعلقات الفانية. ويذهب في تصحيح التوبة والقيام والقيام - 00:20:54
مراد الظاهرة والباطنة وترك المنهيات الظاهرة والباطنة ثم يقوم او يقوي محارسا على قلبه فلا يسامحه بخطرة يكرهها الله ولا بخطرة فضول لا تنفعه في صفو بذلك قلبها عن حديث النفس ووسواسها فيفدى من اسرها - 00:21:17
يصير طليقا فحين اذ يخلو قلبه بذكر ربه ومحبته والانابة اليه ويخرج من بين بيوت طبعه ونفسه الى فضائل الخلوة بربه وذكره كما واخرج من بين البيوت لعلني احدث عنك النفس في السر خالية - 00:21:32
فحين اذ يجتمع قلبه وخواطره وحديث نفسه على ارادة ربه وطلبه والشوق اليه طبعا هنا اه يعني في قضية مهمة في قضية انه صفاء القلب من الخواطر والوساوس هذه القضية آآ - 00:21:47
يعني يجب ان تفهم ايضا على وجهها وسياقها يعني ليست على اطلاقها يعني ليس من علامات حياة القلب انه لا تأتي فيه الخواطر والوساوس والاذى الشيطاني وما الى ذلك اه ولان هذا يعني من جملة الصراع بين الانسان والشيطان وحدث لخيار عباد الله - 00:22:04
من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعلمون في الاحاديث الصحيحة. آآ وكذلك السلف الصالح من العباد المعروفين انه يعني اه انه الانسان يظل يخاف ويظل الى اخره. اه لكن هو يعني نستطيع ان نقول بشكل عام - 00:22:26
ان الانسان اه خرج من ان يكون من ان تكون حياته مجرد صراعات مع النفس الى حياة اه صافية مستقرة وهذي الحياة الصافية مستقرة هي في الجملة ولكن تعرض لها الاشكالات وتعرظ لها الحروب والصراعات وما الى ذلك - 00:22:43
قال فحين اذ يجتمع قلبه وخواطره وحديث نفسه على ارادة ربه وطلبه والشوق اليه لاحظ يعني هنا يعني ايضا تنبيه انه الاهم هو اجتماع القلب على ارادة الله سبحانه وتعالى - 00:23:00
ففي الطريق بعد ان يجتمع القلب على ارادة الله قد تحدث عوارظ تؤذي تعيق اشتت تجعل الهم والغم ولكن هو قد جمع قلبه على الله فهو متوجه حتى ولو وردت هذه الواردات وعرظت هذه - 00:23:13
عوارض قال فاذا صدق في ذلك رزق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واستولت روحانيته على قلبه فجعله امامه ومعلمه واستاذه وشيخه وقدوته كما جعل الله نبيه رسوله رسوله كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديا اليه - 00:23:28
فيطالع سيرته ومبادئ امره وكيفية نزول الوحي عليه ويعرف صفاته صفاته واخلاقه وادابه او ادابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لاهله واصحابه حتى يصير كانه معه من بعض اصحابه - 00:23:47
فاذا رسخ قلبه في ذلك فتح عليه او فتح عليه بفهم الوحي المنزل عليه من ربه. بحيث لو قرأ السورة شاهد قلبه ما انزلت فيه وما اريد بها وحظه المختص به منها - 00:24:02
وشاهد حظه المختص به منها من الصفات والاخلاق والافعال المذمومة. فيجتهد في التخلص منها كما يجتهد في الشفاء من المرض المخوف وشاهد حظه من والافعال الممدوحة فيجتهد في تكميلها واتمامها - 00:24:18
فاذا تمكن من ذلك انفتح في قلبه عين اخرى يشاهد بها صفات الرب جل جلاله حتى تصير لقلبه بمنزلة المرء لعينه فيشهد علو الرب سبحانه فوق وخلقه واستواءه على عرشه - 00:24:32
ونزول الامر ونزول الامر من عنده بتدبير مملكته وتكليمه بالوحي وتكليمه لعبده جبريل به وارساله الى وارساله الى من يشاء بما يشاء وصعود الامور اليه وعرضها عليه فيشاهد قلبه ربا قاهرا فوق عباده امرا ناهيا باعثا لرسله - 00:24:44
منزلا لكتبه معبودا مطاعا لا شريك له ولا مثيل ولا عدل له ليس لاحد معه من الامر شيء بل الامر كله له فيشهد ربه سبحانه قائم بالملك والتدبير فلا حركة ولا سكون ولا نفع ولا ضر - 00:25:06
ولا عطاء ولا منه ولا قبض ولا بسط الا بقدرته وتدبيره فيشهد قيام الكون كله به وقيامه سبحانه بنفسه فهو القائم بنفسه المقيم لكل ما سواه فاذا رسخ قلبه في ذلك شهد الصفة المصححة لجميع صفات الكمال وهي الحياء - 00:25:20
التي كمالها يستلزم كمال السمع والبصر والقدرة والارادة والكمال والكلام وسائر الصفات الكمال وصفة القيومية الصحيحة المصحح لجميع الافعال في الحي القيوم من له كل صفة كمال وهو الفعال لما يريد. فاذا رسخ قلبه في ذلك فتح له مشهد القرب والمعية - 00:25:37
فيشهده سبحانه معه غير غائب عنه قريبا غير بعيد مع كونه فوق سماواته على عرشه بائنا من خلقه قائما بالصنع والتدبير والخلق والامر فيحصل له مع التعظيم والاجلال الانس بهذه الصفة - 00:25:59
فيانس به بعد ان كان مستوحشا ويقوى به بعد ان كان ضعيفا ويفرح به بعد ان كان حزينا ويجد بعد ان كان فاقدا. فحين اذ يجد طعم قوله ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. ويده التي - 00:26:13
بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه فاطيب الحياة على الاطلاق حياة هذا العبد فانه محب محبوب. متقرب الى ربه وربه قريب منه قد صار له حبيبه لفرط او حبيبه لفرط استيلائه على قلبه - 00:26:33
ولهجه بذكره وعكوفهم همته على مرضاته بمنزلة سمعه وبصره ويده ورجله. وهذه الات ادراكه وعمله وسعيه فان سمع سمع به حبيبه وان ابصر ابصر به وان بطش بطش به وان مشى - 00:26:52
مشى به فان صعب عليك فهم هذا المعنى وكون المحب الكامل المحبة يسمع ويبصر ويبطش ويمشي بمحبوبه وذاته غائبة عنه فاضرب عنه طفحا وخلي هذا الشأن لاهله خلي الهوى لاناس يعرفون به قد كابدوا الحب حتى لانا اصعبهم - 00:27:06
فان السالك الى ربه لا تزال همته عاكفة على امرين استفراغ القلب بصدق الحب وبذل الجهد في امتثال الامر فلا يزال كذلك حتى يبدو على سره شواهد معرفته واثار صفاته واسمائه ولكن يتوارى عنه ذلك احيانا ويبدو احيانا يبدو من - 00:27:25
الجود ويتوارى بحكم الفترة والفترات امر لازم للعبد فلكل عامل شر ولكل شرة فترة فاعلاها فترة الوحي وهي للانبياء وفترة الحال الخاص للعارفين وفترة الهمة للمريدين وفترة العمل للعابدين وفي هذه الفترات انواع من الحكمة والرحمة والتعرفات الالهية وتعريف قدر النعمة وتجديد الشوق اليها ومحض التواجد - 00:27:45
اليها وغير ذلك ولا تزال تلك الشواهد تتكرر وتتزايد حتى تستقر فان صبغ بها قلبه وتصير الفترة غير قاطعة له بل تكون نعمة عليه. راحة له وترويحا وتنفيسا عنه فهمة المحب اذا تعلقت روحه بحبيبه - 00:28:05
عاكفا على مزيد محبته واسباب قوتها فهو يعمل على هذا ثم يترقى منه الى طلب محبة حبيبه له ويعمل على حصول ذلك ولا يعدم الطلب الاول ولا يفارقه البتة بل يندرج في هذا الطلب الثاني فتتعلق همته بالامرين جميعا فانه انما يحصل له منزلة كنت سمعه الذي يسمع - 00:28:23
به وبصره الذي يبصر به بهذا الامر الثاني وهو كونه محبوبا لحبيبه كما قال في الحديث فاذا احببته كنت سمعه وبصره الى اخره فهو يتقرب الى ربه حفظا لمحبته له واستدعاء لمحبة ربه له - 00:28:41
فحينئذ يسد مئزر الجد في طلب محبة حبيبه له بانواع التقرب اليه فقلبه للمحبة والانابة والتوكل والخوف والرجاء ولسانه للذكر وتلاوة كلام حبيبه وجوارحه للطاعات فهو لا يفتر عن التقرب من حبيبه وهذا هو السير المفضي الى هذه الغاية التي لا تناله - 00:28:58
الا به ولا يتوصل اليها الا من هذا الباب وهذه الطريق. وحينئذ تجمع له في سيره جميع متفرقات السلوك من الحضور والهيبة المراقبة ونفي الخواطر وتخلية الباطن ثم اه انتقل الى - 00:29:23
المرتبة التالية ننتقل يعني الى المرتبة التالية لكن دعونا بس فقط نختم هذي هذي المرتبة اه في مئة واثنين وخمسين اخر شي قال فهذه الحياة هي حياة الدنيا ونعيمها في الحقيقة فمن فقدها ففقده لحياته الطبيعية اولى به - 00:29:45
فهذه الحياة هي حياة الدنيا ونعيمها في الحقيقة فمن فقدها ففقده لحياته الطبيعية اولى به هذه حياة الفتاة فان فقدت ففقده للحياة اليق به فلا يعيش الا عيش المحبين الذين قرت اعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم اليه واطمأنت قلوبهم اليه واستأنسوا بقربه وتنعموا بحبه ففي القلب - 00:30:10
لا يسدها الا محبة الله والاقبال عليه والانابة اليه ولا يلم شعثه ولا يلم شعثه بغير ذلك البتة ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم والام وحسرات فانه ان كان ذا همة عالية تقطعت نفسه على الدنيا حسرات فان همته لا ترضى فيها بالدون وان كان - 00:30:34
انا مهينا خسيسا فاعيشه كاي شي اخسس الحيوانات فلا تقر العيون الا بمحبة الحبيب الاول نقل فؤادك حيث شئت من الهوى. ما الحب الا للحبيب الاول. كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول - 00:30:54
اول منزلي المرتبة التاسعة من مراتب الحياة حياة الارواح بعد مفارقتها الابدان وخلاصها من هذا السجن وضيقه. فان من ورائه فضاء وروحا وريحانا وراحة نسبة اذ نسبة هذه الدار اليها - 00:31:11
نسبة بطن الام الى هذه الدار او ادنى من ذلك. قال بعض العارفين لتكن مبادرتك الى الخروج من الدنيا كمبادرتك الى الخروج من السجن الضيق الى احبتك والاجتماع بهم في البساتين المونقة - 00:31:28
قال الله تعالى في هذه الحياة فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم. ويكفي في طيب هذه الحياة مرافقة الرفيق الاعلى ومفارقة الرفيق المؤذي المنكد او المنكد الذي - 00:31:41
تنغص رؤيته ومشاهدته الحياة فضلا عن مخالطته وعشرته الى الرفيق الاعلى الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. في جوار الرب الرحمن الرحيم قد قلت - 00:31:56
اذ مدحوا الحياة فاسرفوا في الموت الف فضيلة لا تعرف منها امان لقائه بلقائه فراق كل معاشر لا ينصفه. ولو لم يكن في الموت من الخير الا انه باب الدخول الى هذه الحياة وجسر يعبر به منه اليها لكفى به تحفة - 00:32:14
للمؤمن جزى الله عنا الموت خيرا فانه ابر بنا من كل بر والطف يعجل تخليص النفوس من الاذى ويدني الى الدار التي هي اشرف. فالاجتهاد في هذا العمر القصير والمدة القليلة والسعي والكدح وتحمل الاثقال والتعب والمشقة انما هو لهذه الحياة - 00:32:31
والعلوم والاعمال وسيلة اليها وهي يقظة وما قبلها من الحياة نوم وهي عين وما قبلها اثر. وهي حياة جامعة بين فقد المكروه وحصول المحبوب في مقام الانس. وحضرة القدس. حيث لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب - 00:32:46
من حيث الطمأنينة والراحة والبهجة والسرور حيث لا عبارة للعبد عن حقيقة كنهها لانها في بلد لا عهد لنا به ولا الفة بيننا وبين ساكنه بل نفسه لالفها لهذا السجن الضيق النكد - 00:33:01
زمانا طويلا تكره الانتقال منه الى ذلك البلد وتستوحش واذا استشعرت مفارقته وحصول العلم بهذه الحياة انما وصل الينا بخبر الهي على يد اكمل الخلق واعلمهم وانصحهم صلى الله عليه وسلم فقامت شواهدها في قلوب اهل الايمان. حتى صارت لهم بمنزلة العيان - 00:33:17
ففرت نفوسهم من هذا الظل الزائل والخيال المضمحل والعيش الفاني المشهور بالتنغيص وانواع القصص رغبة في هذه الحياة وشوقا الى ذلك الملكوت ووجدا لهذه السرور وطربا على هذا الحد واشتياقا لهذا النسيم الوارد من محل النعيم المقيم - 00:33:36
والامر الله ان من سافر الى بلد العدل والخصب والامن والسرور صبر في طريقه على كل مشقة واعواز وجد وفارق المتخلفين احوج ما كان اليهم واجاب المنادي اذا نادى به حي على الفلاح وبذل نفسه في الوصول بذل المحب بالرضا السماح - 00:33:51
المحب بالرضا السماح وواصل السير بالغدو والرواح فحمد عند الوصول مسراه وانما يحمد المسافر السرى عند الصباح عند الصباح يحمد القوم السرى وفي الممات يحمد القوم اللقاء وما هذا والله بالصعب ولا بالشديد مع هذا العمر القصير الذي هو بالنسبة الى تلك الدار كساعة من نهار - 00:34:09
كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها - 00:34:32
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة قال كم لبثتم في الارض عدد سنين؟ قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين. قال ان لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون - 00:34:47
فلو ان احدنا يجر على وجهه يتقي به الشوك والحجارة الى هذه الحياة لم يكن ذلك كثيرا ولا غبنا بجنبي ما يوقع فو حسرتاه على بصيرة شاهدت هاتين الحياتين على ما هما عليه وعلى همة تؤثر الادنى على الاعلى وما ذاك - 00:34:59
بتوفيق من ازمة الامور بيديه ومنه ابتداء كل شيء وانتهاء اليه اقعد نفوس من غلبت عليهم الشقاوة عن السفر الى هذه الدار وجذب قلوب من سبقت لهم منه الحسنى واقامهم في الطريق. وسهل عليهم ركوب الاخطار - 00:35:18
واضاع اولئك مراحل مراحل اعمالهم مع المتخلفين وقطع هؤلاء مراحل اعمارهم مع السائرين وعقدت الغبرة وثار او عقدت الغبرة وثار العجاج فتوارى عنه السائرون والمتخلفون وسينجلي عن قريب فيفوز العاملون - 00:35:35
ويخسر المبطلون ومن طيب هذه الحياة ولذتها قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها ان ترجع الى الدنيا وان لها الدنيا وما فيها الا الشهيد - 00:35:53
فانه يتمنى الرجوع الى الدنيا لما يرى من كرامة الله له يعني ليقتل فيه مرة اخرى طيب ثم في صفحتين نتجاوزها فيها استطراد آآ يعني نوعا ما قال في اخر مئة وخمسين قال واما خبر تلك الارواح - 00:36:10
وما صارت اليه فسلوا عنها كتب رب العالمين ورسله الصادقين وخلفاؤهم الوارثين. سلوا القرآن فعنده الخبر اليقين وسلوا من جاء به فهو بذلك اعرف العارفين وسلوا العلم والايمان فهما الشاهدان المقبولون وسلوا العقول والفطر فعندها حقيقة الخبر ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم وممات - 00:36:31
مماتهم ساء ما يحكمون تعالى الله احكم الحاكمين عن هذا الظن والحسبان الذي لا يليق الا باجهل الجاهلين. ثم قال الناظر في هذا الباب رجلان رجل ينظر الى الاشياء ورجل ينظر في الاشياء. فالاول يحار فيها فان صورها واشكالها وتخاطيطها - 00:36:53
تستفرغ ذهنه وحسه وتبدد فكره وقلبه فنظره اليها بعين حسه لا يفيد منها ثمرة الاعتبار ولا زبدة الاختبار لانه لما فقد الاعتبار اولا انه فقد الاختيار ثانيا واما الناظر في الاشياء فان نظره يبعثه على العبور من صورها الى حقائقها والمراد بها - 00:37:11
ومقتضى وجودها من الحكمة البالغة والعلم التام فيفيده هذا النظر تمييز مراتبها ومعرفة نافعها من ضارها وصحيحها من سقيم او باقيها من فأنها وقشرها من لبها ويميز بين الوسيلة والغاية - 00:37:30
وبين وسيلة الشيء ووسيلة ضده فيعرف حينئذ ان الدنيا قصر والاخرة لبه وان الدنيا محل الزرع والاخرة وقت الحصاد وان الدنيا معبر وممر والاخرة دار مستقر واذا عرف ان الدنيا طريق وممر وكان حريا بتهيئة الزاد لقراره - 00:37:44
ويعلم حينئذ انه لم ينشأ في هذه الدار للاستيطان والخلود ولكن للجواز الى مكان اخر هو المنزل والمتبوأ وان الانسان دعي الى ذلك بكل شريعة. وعلى لسان كل نبي وبكل اشارة ودليل. ونصب له على ذلك علم - 00:38:02
وضرب لاجله كل مثل ونبه عليه بنشأته الاولى ومبادئه وسائر احواله واحوال طعامه وشرابه وارضه وسمائه بحيث ازلت عنه الشبهة واوضحت له المحجة واقيمت عليه الحجة واعذر اليه غاية الاعذار - 00:38:19
وامهل اتم الامهال فاستبان ذي العقل الصحيح والفطرة السليمة ان الطعن عن هذا المكان ضروري والانتقال عنه حق لا مرية فيه وان له محلا اخر له قد انشئ ولاجله قد خلق وله هيئ - 00:38:35
فمصيره اليه وقدومه بلا ريب عليه وان هذه الدار وان داره هذه منزل وعبور لا منزل قرار. وبالجملة من نظر في الموجودات ولم يقنع مجرد النظر اليها وحدها وجدها دالة على ان وراء هذه الحياة حياة اخرى - 00:38:52
اكمل منها. وان هذه الحياة بالنسبة لي كالمنالي بالنسبة لليقظة وكالظل بالنسبة الى الشخص وسمعها كلها تنادي بما نادى به ربها وخالقها وفاطرها يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. وتنادي بلسان الحال بما نادى به - 00:39:07
ربها بصريح المقال واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرة. وقال تعالى انما مثل الحياة الدنيا كماء. انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام. حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن - 00:39:27
اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نفسر الايات لقوم يتفكرون. وقال تعالى اعلموا ان من الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث - 00:39:47
كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراهم اصفرا ثم يكون حطامه وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان. وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. ثم ندبهم الى المسابقة الى الدار الاخرة الباقية التي لا زوال الا فقال سابقوا - 00:40:04
الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض. اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وسمع بعض العارفين منشدا ينشد عن بعض الزنادقة عند موته لعمري ما ادري وقد آآ اذن البلا بعاجل ترحال الى اين ترحالي واين محل الروح بعد خروجه عن - 00:40:19
هيكل المنحل والجسد البالي فقالوا ما علينا من جهله اذا لم يدري اين ترحاله ولكننا ندري الى اين ترحالنا وترحاله واما ترحاله فالى دار الاشقياء ومحل المنكرين لقدرة الله والمكذبين وبما اتفقت عليه كلمة المرسلين عن ربهم اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون - 00:40:38
واما ترحالنا ايها المسلمون المصدقون بلقاء ربهم وكتبه ورسله فالى نعيم دائم وخلود متصل ومقام كريم وجنة عرضها السماوات والارض في جوار رب العالمين وارحم الراحمين واقدر القادرين واحكم الحاكمين الذي له الخلق والامر بيده النفع والضر الاول بالحق الموجود بالضرورة المعروفة بالفترة الذي اقرت به العقول ودلت عليه كل الموجودات وشهدت بوحدانيته - 00:40:59
وربوبيته جميع المخلوقات واقرت بها الفطر المشهود واقرت بها الفطر المشهود آآ وجوده وقيمته بقيوميته وبكل حركة وسكون المشهود وجوده وقيوميته بكل حركة وسكون بكل ما كان وما هو كائن وما سيكون. الذي خلق السماوات والارض - 00:41:21
انزل من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة من انواع النباتات وبث به في الارض جميع الحيوانات امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل نهارا وجعل بين البحرين حاجزا الذي يجيب المضطر اذا دعاه ويغيث الملهوف اذا ناداه ويكشف السوء ويفرج الكربات ويقيل العثرات الذي يهدي خلقه في ظلمات - 00:41:41
البر والبحر ويوسع الرياح بشرا بين يدي رحمته فيحيي الارض بوابين القطر الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ويرزق من في السماوات والارض من خلقه وعبيده الذي يملك السمع والابصار صارونه في ايدته يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويدبر الامر. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه. الذي له ملك السماوات والارض - 00:42:01
ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا. المستعان به على كل نائبة وفادحة والمعهود منه كل بر وكرامة الذي كانت له الوجوه وخشعت له الاصوات وسبحت بحمده الارض والسماوات وجميع الموجودات. الذي لا تسكن الارواح الا بحبه ولا تطمئن القلوب الا بذكره ولا تزكو العقول الا بمعرفة - 00:42:21
به ولا يدرك النجاح الا بتوفيقه ولا تحيا القلوب الا بنسيم لطفه وقربه. ولا يقع امر الا باذنه ولا يهتدي ضال الا بهدايته ولا يستقيم ذو اود الا تقويمه ولا يفهم احد الا بتفهيمه ولا يتخلص من مكروه الا برحمته ولا يحفظ شيء الا بكلاءته ولا يفتتح امر الا باسمه ولا يتم الا بحمده ولا - 00:42:41
مأمول الا بتيسيره ولا تنال سعادة الا بطاعته ولا حياة الا بذكره ومحبته ومعرفته ولا طابت الجنة الا بسماع خطابه ورؤيته الذي وسع كل شيء رحمة وعلما واوسع كل مخلوق فضلا وبرا فهو الاله الحق والرب الحق والملك الحق والمنفرد بالكمال المطلق من كل الوجوه المبرأ عن النقائص والعيوب من كل - 00:43:01
كل الوجوه لا يبلغ المثنون وان استوعبوا جميع الاوقات بكل انواع الثناء ثناء عليه. بل ثناؤه اعظم من ذلك فهو كما اثنى على نفسه هذا الجار واما الدار فلا تعلم نفس - 00:43:21
حسنها وبهاءها وسعتها ونعيمها وبهجتها وروحها وراحتها فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين. الاعين فهي الجامعة بجميع انواع الافراح والمسرات الخالية من جميع المنكدات والمنغصات وريحانة - 00:43:36
وقصر مشيد وزوجة حسناء وفاكهة نضيجة فترحالنا ايها الصادقون المصدقون الى هذه الدار باذن ربنا ضيقه واحسانه وترحال الكاذبين المكذبين الى الدار التي اعدت لمن كفر بالله ولقائه وكتبه ورسله ولن يجمع الله - 00:43:56
من الموحدين له المطالبين لمرضاته الساعين في طاعته الدائمين في خدمته المجاهدين في سبيله وبين الملحدين الساعين في مساخطه الدائمين في معصيته المستفرغين جهدهم في اهوائهم وشهواتهم في دار واحدة. الا على سبيل الجواز والعبور كما جمع بينهما في - 00:44:16
هذه الدنيا ويجمع بينهم في موقف القيامة فحاشاه من هذا الظن السيء الذي لا يليق بكماله وحكمته فصلنا في هذه المرتبة تعلم حياة الشهداء وانهم عند ربهم يرزقون وانها اكمل من حياتهم في هذه الدنيا واتم واطيب. وان كانت اجسادهم متلاشية ولحومهم متمزقة واوصالهم متفرقة وعظامهم نخرة - 00:44:36
فليس العمل على الطلل انما الشأن في الساكن قال الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. وقال تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون - 00:44:57
واذا كان الشهداء انما نالوا هذه الحياة بمتابعة الرسل وعلى ايديهم فما الظن بحياة الرسل في البرزخ ولقد احسن القائل ما شاء فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري. فللرسل والشهداء والصديقين من هذه الحياة التي هي يقظة من نوم الدنيا اكملها - 00:45:09
او اتمها وعلى قدر حياة العبد في هذا العالم يكون شوقه الى هذه الحياة وسعيه وحرصه على الظفر بها والله المستعان فصل المرتبة العاشرة من مراتب الحياة الحياة الدائمة الباقية بعد طي هذا العالم. وذهاب الدنيا واهلها في دار الحيوان وهي الحياة - 00:45:30
التي شمر اليها المشمرون وسابق اليها المتسابقون ونافس فيها المتنافسون وهي التي اجرينا الكلام اليها ونادت الكتب السماوية ورسل الله جميعهم وهي التي يقول من فاته الاستعداد لها اذا دكت الارض دكا دكا وجاء ربك - 00:45:48
والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان ان له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي. فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وتقع احد وهي التي قال الله عز وجل فيها وما هذه الحياة الدنيا الا له ولعب وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون - 00:46:03
والحياة المتقدمة كالنوم بالنسبة اليها وكل ما تقدم من وصف السير ومنازله واحوال السائلين وعبوديته بالظاهر وباطنة فوسيلة الى هذه الحياة وانما الحياة الدنيا الدنيا بالنسبة اليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الاخرة الا كما يدخل احدكم اصبعه في اليم - 00:46:22
فلينظر بما ترجع فان قلت ما سبب تخلف النفس عن طلب هذه الحياة التي لا خطر لها وما الذي زهدها فيها وما سبب رغبتها في هذه الحياة الفانية المضمحلة التي هي كالخيال والمنام. افساد في تصورها وشعورها ام تكذيب بتلك الحياة - 00:46:38
ام لافة في العقل وعمن هناك؟ ام ايثار للحاضر المشهود بالعيان على الغائب المعلوم بالايمان؟ قيل بل ذلك لمجموع امور مركبة من ذلك كله واقوى الاسباب في ذلك ضعف الايمان - 00:46:59
فان الايمان هو رح الاعمال وهو الباعث عليها والامر باحسنها والناهي عن اقباحها وعلى قدر قوة الايمان يكون امره ونهيه لصاحبه وائتمار صاحبه وانتهاؤه قال الله تعالى قل بئس ما يأمركم به ايمانكم ان كنتم مؤمنين. وبالجملة - 00:47:12
فاذا قوي الايمان وقوي الشوق الى هذه الحياة واشتد طلبه واشتد طلب صاحبه لها اه السبب الثاني جثوم الغفلة على القلب فان الغفلة نوم القلب ولهذا تجد كثيرا من الايقاظ في الحس نياما في الواقع - 00:47:27
فتحسبهم ايقاظا وهم رقود ضد حال من يكونوا يقظان القلب وهو نائم فان القلب اذا قويت فيه الحياة لا ينام واذا نام البدن وكمال هذه الحياة كان لنبينا صلى الله عليه وسلم ولمن احيا الله قلبه بمحبته واتباع رسالته على بصيرة - 00:47:47
من ذلك بحسب نصيبه منها فالغفلة واليقظة يكونان في الحس والعقل والقلب. فمستيقظ القلب وغافله كمستيقظ كمستيقظ البدن ونائمه وكما ان يقظة الحس على نوعين فكذلك يقظة القلب على نوعين فالنوع الاول من يقظة الحس ان صاحبها - 00:48:02
ينفذ في الامور الحسية ويتوغل فيها بكسبه وفطانته واحتياله وحسن تأتيه والنوع الثاني ان يقبل على نفسه وقلبه وذاته فيعتني بتحصيل كماله فيلحظ عوان الامور وسفسافها فيؤثر الاعلى على الادنى ويقدم ويقدم خير الخيرين بتفويت ادناهما ويتحلل من مكارم الاخلاق ومعاني الشيم فيكون ظاهره جميلا وباطنه اجمل من ظاهره وسررته خيرا من العلانية - 00:48:26
فيزاحموا اصحاب المعالي عليها كما يتزاحم اهل الدينار والدرهم عليها فبهذه اليقظة يستعد للنوعين الاخرين منهما احدهما يقظة تبعثه على اقتباس الحياة الدائمة الباقية التي لا خطر لها من هذه الحياة الزائدة الفانية التي لا قيمة لها - 00:48:48
فان قلت مثل لي كيف تقتبس الحياة الدائمة من الحياة الفانية وكيف يكون هذا؟ فاني لا افهمه؟ قلت وهذا ايضا من نوم القلب بل من موته وهل تقتبس الحياة الدائمة الا من وهل تكتبس الحياة الدائمة الا من هذه الحياة الزائلة - 00:49:05
وانت قد تشعل سراجك من سراج اخر قد اشفع الانطفاء فيتقد الثاني ويضيء غاية الاضاءة ويتصل ضوءه وينطفئ الاول والمقتبس لحياته الدائمة من حياته المنقطعة انما ينتقل من دار منقطعة الى دار باقية وقد توسط الموت بين الدارين. فهو قنطرة لا يعبر الى تلك الدار الا عليها وباب لا يدخل اليها الا - 00:49:21
فهما حياتان في دارين بينهما موت. وكما ان النور تلك الدار مقتبس من نور هذه الدار فحياتها كذلك مقتبسة من حياتها فعلى قدر نور الايمان في هذه الدار يكون نور العبد في تلك الدار وعلى قدر حياته في هذه الدار تكون حياته هناك. نعم هذا النور والحياة الذي يقتبس منه ذلك النور - 00:49:41
الحياة لا ينقطع بالوضوء والعبد في البرزخ وفي موقف القيامة وعلى الصراط هذا احد نوعي يقظة القلب. النوع الثاني يقظة تبعث على حياة لا تكدرها العبارة ولا ينالها التوهم ولا يطابق فيها اللفظ لمعناه البتة - 00:50:00
والذي يشار به اليها حياة المحب مع حبيبه الذي لا قوام لقلبه وروحه وحياته الا به ولا غناء له عنه طرفة عين ولا قرة العين ولا طمأنينة لقلبه ولا سكون لروحه الا به فهو احوج اليه من سمعه وبصره - 00:50:14
وقوته بل ومن حياته فان حياته بدون بدونه عذاب والام وهموم واحزان الى اخره. والمقصود ان الغفلة هي نوم القلب عن طلب هذه الحياة. وهي حجاب عليه. فاذا كشف هذا الحجاب بالذكر - 00:50:30
والا تكاثف حتى يصير حجاب بطالة ولعب واشتغال بما لا يفيد فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى يصير حجاب معاص وذنوب وذنوب صغار تبعده عن الله فان بادر الى كشفه والا تكاثف شوفوا لاحظوا هو جالس يأتي الحجب اللي امس ذكرناها - 00:50:47
ولكن الان بالعكس امس بدأ من الحجاب الاكبر الى الاصغر الان من الاصغر الاكبر قال فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى يصير حجاب كبائر توجب مقتل رب تعالى له وغضبه ولعنته فان بادر الى كشفه والا تكاثف - 00:51:09
حتى صار حجاب بدع عملي يعذب يعذب العامل فيها نفسه ولا تجدي عليه شيئا فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى صار حجاب بدع قولية اعتقادية تتضمن الكذب على الله ورسوله - 00:51:26
والتكذيب بالحق الذي جاء به الرسول فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى صار حجاب شك وتكذيب يقدح في اصول الايمان الخمسة. وهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه فاللي غلظي - 00:51:39
حجابه وكثافته وظلمته وسواده لا يرى حقائق الايمان ويتمكن منه الشيطان يعده ويمنيه والنفس الامارة بالسوء تهوى وتشتهي وسلطان الطبع قد ظفر بسلطان الايمان فاسره فسجنه ان لم يهلكه وتولى تدبير المملكة واستخدم جنود الشهوات واقطعها العوائد التي جرى عليها العمل واغلق باب اليقظة واقام عليه بواب - 00:51:53
غفلة وقال اياك ان نؤتى من قبلك واتخذ حجابا من الهوى وقال اياك ان تمكن احدا يدخل عليه الا معك فامر هذه المملكة قد صار اليك والى البواب فيا بواب الغفلة - 00:52:19
ويا حجاب الهوى ليلزم كل منكما ثغره. فان اخليتما فسد امر مملكتنا. وعادت الدولة لغيرنا وسامنا سلطان الايمان شر الخزي والهوان ولا نفرح بهذه المدينة ابدا. فلا اله الا الله اذا اجتمعت على القلب هذه العساكر مع رقة الايمان وقلة الاعوان والاعراض - 00:52:32
عن ذكر الرحمن والانخراط في سلك ابناء الزمان وطول الامر المفسد للانسان ان اثر العاجلا الحاضر على الغائب الموعود به بعد طي هذه الاكوان فالله المستعان وعليه التكلان فهذا فصل مختصر نافع في ذكر الحياة وانواعها والتشويق الى - 00:52:52
واطيبها فمن صادف من قلبه حياة انتفع به والا فخوض تزف الى ضرير مقعد فلنرجع الى شرح كلام صاحب المنازل وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:53:12
Transcription
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين تعينوا بالله ونبتدأ المجلس الثالث والعشرين من مجالس القراءة المقاصدية لكتاب مدارج السالكين مع التعليق على بعض المواضع - 00:00:00
اه عندنا اليوم منزلة الحياة او باب الحياة قال رحمه الله تعالى فصل قال صاحب المنازل باب الحياة قال الله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه تشهده بهذه الاية في هذا الباب ظاهر جدا. فان المراد بها من كان ميت القلب بعدم رح العلم والهدى والايمان - 00:00:18
فاحياه الرب تعالى بروح اخرى غير الروح التي احيا بها بدنه وهي روح معرفته وتوحيده والا فهي في جملة الاموات. ولهذا وصف الله تعالى من عدم ذلك بالموت فقال اومن كان ميتا فاحييناه. وقال تعالى انك لا تسمع الموتى - 00:00:40
ولا تسمعوا الصم الدعاء وسمى وحيه روحا بما يحصل به من حياة القلوب والارواح فقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فاخبر انه روح - 00:01:00
تحصل به الحياة وانه نور يحصل به الاضاءة. وقال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذر انه لا اله الا انا فاتقون وقال تعالى رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق - 00:01:20
بالوحي حياة الروح كما ان الروح حياة البدن ولهذا من فقد هذه الروح فقد فقد الحياة النافعة في الدنيا والاخرة. اما في الدنيا فحياته حياة البهائم وله المعيشة الضنك واما في الاخرة فله جهنم لا يموت فيها - 00:01:41
ولا يحيى وقد جعل الله الحياة الطيبة لاهل معرفته ومحبته وعبادته فقال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون - 00:01:59
وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب انها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالايمان ومعرفته بالله ومحبته والانابة اليه والتوكل عليه فانه لا حياة اطيب من حياة صاحبها - 00:02:16
ولا نعيم فوق نعيمه الا نعيم الجنة كما كان بعض العارفين يقول انه لتمر بي اوقات اقول فيها ان كان اهل الجنة في مثل هذا انهم لفي عيش طيب. وقال غيره انه ليمر بالقلب اوقات يرقص فيها طربا - 00:02:37
واذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فانه ملكها ولهذا جعل الله المعيشة الضنك لمن اعرض عن ذكره وهي عكس الحياة الطيبة وهذه الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاث. اعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار والمعيشة الضنك ايضا تكون في الدور الثلاث - 00:02:54
فالابرار في النعيم هنا وهنالك والفجار في الجحيم هنا وهنالك قال الله تعالى للذين احسنوا الحسنى للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولدار الاخرة خير. وقال تعالى وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا الى اجر مسمى - 00:03:17
ويؤتي كل ذي فضل فضله. فذكر الله سبحانه وتعالى. ومحبته وطاعته والاقبال عليه ضامن لاطيب الحياة في الدنيا والاخرة. والاعراض عنه هو الغفلة ومعصيته كفيل بالحياة المنغصة والمعيشة الضنك في الدنيا - 00:03:38
والاخرة هذا الكلام يعني له علاقة بكلام امس الذي كان من اهم ما قاله في مدارج السالكين على الاطلاق في قضية قيام الشواهد بقلب العبد. الشواهد حين تقوم بقلب العبد فانه يرى - 00:03:56
بعين بصيرته ما لا يراه الاخرون. فانت ترى الانسان بعين بصرك تراه مركبا من اعضاء وتراه يعني اه يعني ترى ما يتماس معه من امور دنيوية ولكن بعين البصيرة تستطيع ان ترى حقيقة ما عليه الانسان والغاية التي وجد لاجلها او هل هو محقق لهذه الغاية او لا؟ وما الذي يستحق ان - 00:04:16
اليه وما الذي يستحق ان يفرح بي وما الذي يستحق ان يحزن لاجله الى اخره هنا بهذا المعنى يعني وهو معنى القرآني من من حيث تشبيه الانسان وان كان يتنفس - 00:04:40
لكن بعض البشر يوصفون بانهم اموات وهم احياء احياء من الناحية البيولوجية ولكن هم اموات حقيقة من حيث المعنى وهذا الامر في غاية الخطورة وفي غاية الاهمية يجب ان يتفطن اليه دائما - 00:04:54
الان ابن القيم سينتقل الى درجات الحياة او مراتب الحياة آآ ذكر تقريبا تسع مراتب او نحو ذلك وهي مهمة جدا فيتدرج من الحياة الاقل الى الحياة الاعلى ثم يعني يجيب عن سؤال انه اذا كانت - 00:05:10
تلك المرتبة التاسعة والعاشر اعلى حياة. فلماذا يعني هناك غفلة عنها ما السبب انه الانسان يغفل عن عن ان يتعلق بالحياة التي في تلك المرتبة؟ على اية حال هو سيبدأ بمراتب الحياة الان. المرتبة الاولى - 00:05:28
والثالثة والرابعة ان يتكلم عن الحياة الحسية وليس عن الحياة المعنوية اه وفي المرتبة الاولى قال حياة الارض بالنبات والمرتبة الثانية حياة النمو والابتداء والمرتبة الثالثة حياة الحيوان المغتدي بقدر زائد على نموه - 00:05:43
ابتدائه وهي احساسه وحركته والمرتبة الرابعة حياة الحيوان الذي لا يغتذي بالطعام والشراب كحياة الملائكة وحياة الارواح بعد مفارقتها لابدانها فان حياتها اكمل من حياة الحيوان المغتدي المرتبة الخامسة من هنا نحن سنبدأ نقرأ قراءة تفصيلية قال المرتبة الخامسة - 00:06:00
الحياة التي اشار اليها المصنف وهي حياة العلم من موت الجهل فان الجهل موت لاصحابه كما قيل وفي الجهل قبل الموت موت لاهله واجسامهم قبل القبور قبور وارواحهم في وحشة من جسومهم فليس لهم حتى النشور نشور - 00:06:21
فان الجاهل ميت القلب والروح. وان كان حي البدن فجسده قبر يمشي به على وجه الارض قال الله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس في خارج منها. وقال تعالى ان هو الا ذكر وقرآن مبين لينجي - 00:06:41
من كان حيا وقال تعالى انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وقال تعالى ان الله يسمع من يشاء وما انت بمسمع من في القبور وشبههم في موت قلوبهم باهل القبور فانهم قد ماتت ارواحهم. وصارت اجسامهم قبورا لهم فكما انه لا يسمع لا يسمع اصحاب القبور - 00:06:58
لا يسمع هؤلاء واذا كانت الحياة هي الحس والحركة وملزومهما فهذه القلوب لم لما لم تحس بالعلم والايمان ولم تتحرك له كانت ميتة ميتة حقيقة وليس هذا تشبيها لموتها بموت البدن بل ذلك موت القلب والروح - 00:07:18
وقد ذكر الامام احمد في كتاب الزهد من كلام لقمان انه قال لابنه يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فان الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الارض بوابل القطر - 00:07:39
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه تعلم العلم فان تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لاهله قربى لانه معالم الحلال والحرام ومنار سبل اهل الجنة. وهو الانيس في الوحشة والصاحب في الغربة. والمحدث في الخلوة - 00:07:54
دليل على السراء والضراء والسلاح على الاعداء والزين عند الاخلاء اه يرفع الله به اقواما فيجعلهم في الخير قادة وائمة تختص اثارهم ويقتدى بافعالهم وينتهى الى رأيهم. ترغب الملائكة في خلتهم وباجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس - 00:08:20
وحيتان البحر البحر وهوامه وسباع البر وانعامه لان العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الابصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل اخيار والدرجات العلى من في الدنيا والاخرة التفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام توصل به الارحام وبه يعرف الحلال من الحرام - 00:08:41
وهو امام العمل والعمل تابع له يلهمه السعداء يلهمه السعداء ويحرمه الاشقياء فرواه الطبراني وابن عبد البر وغيرهما وقد روي مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم والوقف اصح والمقصود قوله لان العلم حياة القلوب من الجهل فالقلب ميت وحياته بالعلم والايمان. طبعا العلم - 00:09:01
ليس المقصود مطلق العلم يعني ليس المقصود العلم ان وجود المعلومات وليس القصد انه اي علم من العلوم يصح عليه مثل هذا المعنى. وانه يكون حياة آآ اولى واهم واعظم ما يدخل في هذا وقد يكون هو الوحيد - 00:09:27
آآ وان كان قد يدخل غيره من باب الوسيلة وليس من باب الغاية هو العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم شبه العلم الذي جاء به بالغيث الذي يحيي الارض - 00:09:50
وهنا يتكلم عن ماذا؟ عن الحياة فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير اصاب ارضا. شف مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم - 00:10:04
كبد الغيث الكثير اصاب ارضا فكان منها وذكر انواع الاراضي اللي هي شبهت بالقلوب وما تحمله طيب المرتبة السادسة قال حياة الارادة والهمة وضعف الارادة والطلب من ضعف حياة القلب وكلما كان القلب - 00:10:16
اتم حياة كانت همته اعلى ومحبته وارادته اقوى فان الارادة والمحبة تتبع الشعور بالمراد المحبوب وسلامة القلب من الافة التي تحول بينه وبين طلبه وارادته وضعف الطلب وفتور الهمة اما من نقصان الشعور والاحساس واما من وجود الافة المضعفة للحياة - 00:10:30
فقوة الشعور وقوة الارادة دليل على قوة الحياة وضعفهما دليل على ضعفها. وكما ان علو الهمة وصدق الارادة والطلب من كمال الحياة فهو سبب الى حصولها باكمل الحياة واطيبها فان الحياة الطيبة انما تنال بالهمة العالية - 00:10:51
والمحبة الصادقة والارادة الخالصة. فعلى قدر ذلك تكون الحياة الطيبة واخس الناس حياة اخسهم همة واضعفهم محبة وطلبا. وحياة البهائم خير من حياته. كما قيل نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم وتكدح فيما سوف تنكر غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم - 00:11:07
تسر بما يفنى وتفرح بالمناكمة غر باللذات في النوم حالم والمقصود ان حياة القلب بالعلم والارادة والهمة والناس اذا شاهدوا ذلك من الرجل قالوا هو حي القلب وحياة القلب بدوام الذكر وترك الذنوب كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله - 00:11:31
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل ادمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها وهل افسد الدين الا الملوك واحبى رسول ورهبانها وباعوا النفوس ولم يربحوا ولم يغلوا في البيع اثمانها فقد رتع - 00:11:53
مفيدة قصرانها فسمعت الشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول من واظب على يا حي يا قيوم لا اله الا انت كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر اربعين مرة - 00:12:13
احيا الله بها قلبه هذا طبعا النقل ورد في يمكن في المجلد الاول او الثاني وتكلمنا عن في تلك في ذلك الموضع عن قضية التجربة والذكر وما الى ذلك وكما ان الله سبحانه جعل حياة البدن بالطعام والشراب فحياة القلوب بدوام الذكر والانابة الى الله وترك الذنوب - 00:12:24
والغفلة الجاثمة على القلب والتعلق بالرذائل والشهوات المنقطعة عن قريب يضعف هذه الحياة ولا يزال الضعف يتوالى عليه حتى يموت. وعلامة موته هذي مهمة وعلامة موته انه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا - 00:12:45
كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه اتدرون من ميت القلب الذي قيل فيه ليس من مات فاستراح بميت انما الميت ميت الاحياء قالوا ومن هو؟ قال الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا - 00:13:05
الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا هذي مهمة هذي الان معايير هذي معايير المعلومات التي تنتمي الى فضاء المعايير هي من اهم ما يمكن ان يكون. فالذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا هذا ميت - 00:13:23
هذا ميت والرجل هو الذي يخاف موت قلبه لا موت بدنه. اذ اكثر هؤلاء الخلق يخافون موتى ابدانهم ولا يبالون بموت قلوبهم ولا يعرفون من الحياة الا الحياة الطبيعية وذلك من موت القلوب والروح فان هذه الحياة الطبيعية شبيهة بالظل الزائل والنبات السريع الجفاف والمنام الذي يخيل كأنه حقيقة - 00:13:39
فاذا استيقظ عرف انه كان خيالا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو ان الحياة الدنيا من اولها الى اخرها اوتيها رجل واحد ثم جاءه الموت لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ فاذا ليس في يده شيء - 00:14:04
وقد قيل ان الموت موتان موت ارادي وموت طبيعي فمن امات نفسه موتا اراديا كان موته الطبيعي حياة له ومعنى هذا ان الموت الارادي هو قمع الشهوات المردية واخماد نيرانها المحرقة وتسكين هواجها المتلفة - 00:14:21
فحين اذ يتفرغ القلب والروح للتفكر فيما فيه كمال العبد ومعرفته والاشتغال به ويرى حينئذ ان ايثار الظل الزائل عن قريب على العيش الذي في الدائم اخسر الخسران فاما اذا كانت الشهوات وافدة - 00:14:39
واللذات مؤثرة والعوائد غالبة والطبيعة حاكمة. فالقلب حينئذ اما ان يكون اسيرا ذليلا او مهزوما مخرجا عن وطنه ومستقره الذي لا قرار له الا فيه او قتيل ميتا وما لجرح به ايلام - 00:14:54
واحسن احواله ان يكون في حرب يدان له فيها مرة ويدال عليه مرة فاذا مات العبد موته الطبيعي كانت بعده حياة روحه بتلك العلوم النافعة والاعمال الصالحة والاحوال الفاضلة التي حصلت له وباماتة نفسه - 00:15:12
فتكون حياته ها هنا على حسب موته الارادي في هذه الدار وهذا موضع لا يفهمه الا الباء الناس وعقلاؤهم ولا يعمل بمقتضاه الا اهل الهمم العلية والنفوس الزكية الابية ثم انتقل الى المرتبة السابعة من مراتب الحياة لاحظوا يتدرج. قال حياة الاخلاق والصفات المحمودة التي هي حياة راسخة للموصوف بها - 00:15:27
فهو لا يتكلف الترقي في درجات الكمال ولا يشق عليه لاقتضاء اخلاقه وصفاته لذلك بحيث لو فارقه ذلك لفارق ما هو من طبيعته وسجيته فحياة من قد طبع على الحياء والعفة والجود والسخاء والمروءة والصدق والوفاء ونحوها - 00:15:55
اتم من حياة من يقهر نفسه ويغالب طبعه حتى يكون كذلك فان هذا بمنزلة من تعارضه اسباب الداء وهو يعالجها ويقهرها باضدادها وذلك بمنزلة من قد عوفي من ذلك. وكلما كانت هذه الاخلاق - 00:16:13
بصاحبها اكمل كانت حياته اقوى واتم ولهذا كان خلق الحياء مشتقا من الحياة اسما وحقيقة فاكمل الناس حياة اكملهم حياء ونقصان حياء المرء من نقصان حياته فان الروح اذا ماتت لم تحس بما يؤلمها من القبائح فلا تستحي منها - 00:16:28
فاذا كانت صحيحة الحياة احست بذلك فاستحيت منه وكذلك سائر الاخلاق الفاضلة والصفات الممدوحة تابعة لقوة الحياة وضدها من نقصان الحياة. ولهذا كانت حياة الشجاع اكمل من حياة الجبان. وحياة السخي اكمل من حياة البخيل. وحياة الفطن الذكي اكمل من حياة الفدم البليد - 00:16:50
ولهذا لما كان الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اكمل الناس حياة حتى ان قوة حياتهم تمنع الارض من ان من ان تبلي اجسامهم كانوا اكمل الناس في هذه الاخلاق ثم الامثل فالامثل من اتباعهم - 00:17:09
فانظر الان الى حياتي حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد اثيم. عتل بعد ذلك زنيم وحياتي جواد شجاع بر عدل عفيف محسن. تجد الاول ميتا بالنسبة الى الثاني - 00:17:25
ولله در القائل وما للمرء خير في حياة اذا ما عد من سقط المتاع المرتبة الثامنة من مراتب الحياة حياة الفرح والسرور وقرة العين بالله وهذه الحياة انما تكون بعد الظفر بالمطلوب الذي تقر به العيون الذي تقر به عيون طالبه - 00:17:40
فلا حياة نافعة له بدونه وحول هذه الحياة يدندن الناس كلهم وكلهم قد اخطأ طريقها وسلك طرقا لا تفضي اليها بل تقطعه عنها الا اقل القليل فدار طلب الكل حول هذه الحياة وحرمها اكثرهم - 00:18:01
وسبب حرمانهم اياها ضعف العقل والتمييز والبصيرة وضعف الهمة والارادة فان مادتها بصيرة وقادة وهمة نقادة والبصيرة كالبصر تكون عمى وعورا وعمشا ورمدا وتامة النور والضياء وهذه الافات قد تكون لها بالخلقة في الاصل وقد تحدث فيها بالعوارض الكسبية والمقصود - 00:18:18
ان هذه المرتبة من مراتب الحياة هي اعلى مراتبها. ولكن كيف يصل اليها من عقله نسبي في بلاد الشهوات وامله موقوف على اجتناب اللذات وسيرته جارية على اسوأ العادات ودينه مستهلك بالمعاصي والمخالفات - 00:18:43
وهمته واقفة مع السفليات وعقيدته غير متلقاة من من مشكاة النبوات فهو في الشبهات المنغمس فهو في الشهوات منغمس وفي الشبهات منتكس وعن الناصح معرض وعن المرشد معترض وعن السراء نائم وقلبه في كل واد هائم فلو انه - 00:19:03
وتجرد من نفسه ورغب عن مشاركة ابناء جنسه وخرج من ضيق الجهل الى فضاء العلم ومن سجن الهوى الى ساحة الهدى ومن نجاسة النفس الى طهارة القدس لرأى الالفة الذي نشأ بنشأته وزاد بزيادته وقوي بقوته وشرف عند نفسه وابناء جنسه بحصوله - 00:19:24
وصدق ذا في عين بصيرته وشجن في حلق حلق ايمانه ومرضا متراميا الى هلاكه. فان قلت قد اشرت الى حياة غير معهودة بين اموات الاحياء فهل يمكنك وصف طريقها لاصل الى شيء من اذواقها - 00:19:43
فقد بال لي ان ما نحن فيه من الحياة حياة بهيمية ربما زادت علينا فيها البهائم بخلوها عن المنكرات والمنغصات وسلامة العاقبة قلت لعمر الله ان اشتياقك الى هذه الحياة وطلب علمها ومعرفتها لدليل على حياتك وانك لست من جملة الاموات - 00:19:58
نقطة مهمة جدا كونك تبحث عن حياة القلب هذا اول دليل على حياة قلبك انك انت ساعد لكن اذا كان الانسان نزع منه فتيل الهمة والارادة وارادة الحياة حياة القلب فهو ميت - 00:20:18
لكن طالما انه الانسان يشعر ويحس وضميره يؤنبه ويريد ويسعى ويطمح ويأمل ويجتهد فهذا اول دليل على الحياة فاول طريقة طريقها ان تعرف الله وتهدف تهتدي اليه طريقا يوصلك اليه ويحرق ظلمات الطبع باشعة البصيرة - 00:20:34
فيقوم بقلبه من شاهد من شواهد الاخرة مرة اخرى من لم يحضر امس درس الشواهد فمن المهم جدا ان يتابع المقطع لانه قضية الشواهد هذي مركزية قال فيقوم بقلبه شاهد من شواهد الاخرة فينجذب اليها بكليته ويزهد في التعلقات الفانية. ويذهب في تصحيح التوبة والقيام والقيام - 00:20:54
مراد الظاهرة والباطنة وترك المنهيات الظاهرة والباطنة ثم يقوم او يقوي محارسا على قلبه فلا يسامحه بخطرة يكرهها الله ولا بخطرة فضول لا تنفعه في صفو بذلك قلبها عن حديث النفس ووسواسها فيفدى من اسرها - 00:21:17
يصير طليقا فحين اذ يخلو قلبه بذكر ربه ومحبته والانابة اليه ويخرج من بين بيوت طبعه ونفسه الى فضائل الخلوة بربه وذكره كما واخرج من بين البيوت لعلني احدث عنك النفس في السر خالية - 00:21:32
فحين اذ يجتمع قلبه وخواطره وحديث نفسه على ارادة ربه وطلبه والشوق اليه طبعا هنا اه يعني في قضية مهمة في قضية انه صفاء القلب من الخواطر والوساوس هذه القضية آآ - 00:21:47
يعني يجب ان تفهم ايضا على وجهها وسياقها يعني ليست على اطلاقها يعني ليس من علامات حياة القلب انه لا تأتي فيه الخواطر والوساوس والاذى الشيطاني وما الى ذلك اه ولان هذا يعني من جملة الصراع بين الانسان والشيطان وحدث لخيار عباد الله - 00:22:04
من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعلمون في الاحاديث الصحيحة. آآ وكذلك السلف الصالح من العباد المعروفين انه يعني اه انه الانسان يظل يخاف ويظل الى اخره. اه لكن هو يعني نستطيع ان نقول بشكل عام - 00:22:26
ان الانسان اه خرج من ان يكون من ان تكون حياته مجرد صراعات مع النفس الى حياة اه صافية مستقرة وهذي الحياة الصافية مستقرة هي في الجملة ولكن تعرض لها الاشكالات وتعرظ لها الحروب والصراعات وما الى ذلك - 00:22:43
قال فحين اذ يجتمع قلبه وخواطره وحديث نفسه على ارادة ربه وطلبه والشوق اليه لاحظ يعني هنا يعني ايضا تنبيه انه الاهم هو اجتماع القلب على ارادة الله سبحانه وتعالى - 00:23:00
ففي الطريق بعد ان يجتمع القلب على ارادة الله قد تحدث عوارظ تؤذي تعيق اشتت تجعل الهم والغم ولكن هو قد جمع قلبه على الله فهو متوجه حتى ولو وردت هذه الواردات وعرظت هذه - 00:23:13
عوارض قال فاذا صدق في ذلك رزق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واستولت روحانيته على قلبه فجعله امامه ومعلمه واستاذه وشيخه وقدوته كما جعل الله نبيه رسوله رسوله كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديا اليه - 00:23:28
فيطالع سيرته ومبادئ امره وكيفية نزول الوحي عليه ويعرف صفاته صفاته واخلاقه وادابه او ادابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لاهله واصحابه حتى يصير كانه معه من بعض اصحابه - 00:23:47
فاذا رسخ قلبه في ذلك فتح عليه او فتح عليه بفهم الوحي المنزل عليه من ربه. بحيث لو قرأ السورة شاهد قلبه ما انزلت فيه وما اريد بها وحظه المختص به منها - 00:24:02
وشاهد حظه المختص به منها من الصفات والاخلاق والافعال المذمومة. فيجتهد في التخلص منها كما يجتهد في الشفاء من المرض المخوف وشاهد حظه من والافعال الممدوحة فيجتهد في تكميلها واتمامها - 00:24:18
فاذا تمكن من ذلك انفتح في قلبه عين اخرى يشاهد بها صفات الرب جل جلاله حتى تصير لقلبه بمنزلة المرء لعينه فيشهد علو الرب سبحانه فوق وخلقه واستواءه على عرشه - 00:24:32
ونزول الامر ونزول الامر من عنده بتدبير مملكته وتكليمه بالوحي وتكليمه لعبده جبريل به وارساله الى وارساله الى من يشاء بما يشاء وصعود الامور اليه وعرضها عليه فيشاهد قلبه ربا قاهرا فوق عباده امرا ناهيا باعثا لرسله - 00:24:44
منزلا لكتبه معبودا مطاعا لا شريك له ولا مثيل ولا عدل له ليس لاحد معه من الامر شيء بل الامر كله له فيشهد ربه سبحانه قائم بالملك والتدبير فلا حركة ولا سكون ولا نفع ولا ضر - 00:25:06
ولا عطاء ولا منه ولا قبض ولا بسط الا بقدرته وتدبيره فيشهد قيام الكون كله به وقيامه سبحانه بنفسه فهو القائم بنفسه المقيم لكل ما سواه فاذا رسخ قلبه في ذلك شهد الصفة المصححة لجميع صفات الكمال وهي الحياء - 00:25:20
التي كمالها يستلزم كمال السمع والبصر والقدرة والارادة والكمال والكلام وسائر الصفات الكمال وصفة القيومية الصحيحة المصحح لجميع الافعال في الحي القيوم من له كل صفة كمال وهو الفعال لما يريد. فاذا رسخ قلبه في ذلك فتح له مشهد القرب والمعية - 00:25:37
فيشهده سبحانه معه غير غائب عنه قريبا غير بعيد مع كونه فوق سماواته على عرشه بائنا من خلقه قائما بالصنع والتدبير والخلق والامر فيحصل له مع التعظيم والاجلال الانس بهذه الصفة - 00:25:59
فيانس به بعد ان كان مستوحشا ويقوى به بعد ان كان ضعيفا ويفرح به بعد ان كان حزينا ويجد بعد ان كان فاقدا. فحين اذ يجد طعم قوله ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. ويده التي - 00:26:13
بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه فاطيب الحياة على الاطلاق حياة هذا العبد فانه محب محبوب. متقرب الى ربه وربه قريب منه قد صار له حبيبه لفرط او حبيبه لفرط استيلائه على قلبه - 00:26:33
ولهجه بذكره وعكوفهم همته على مرضاته بمنزلة سمعه وبصره ويده ورجله. وهذه الات ادراكه وعمله وسعيه فان سمع سمع به حبيبه وان ابصر ابصر به وان بطش بطش به وان مشى - 00:26:52
مشى به فان صعب عليك فهم هذا المعنى وكون المحب الكامل المحبة يسمع ويبصر ويبطش ويمشي بمحبوبه وذاته غائبة عنه فاضرب عنه طفحا وخلي هذا الشأن لاهله خلي الهوى لاناس يعرفون به قد كابدوا الحب حتى لانا اصعبهم - 00:27:06
فان السالك الى ربه لا تزال همته عاكفة على امرين استفراغ القلب بصدق الحب وبذل الجهد في امتثال الامر فلا يزال كذلك حتى يبدو على سره شواهد معرفته واثار صفاته واسمائه ولكن يتوارى عنه ذلك احيانا ويبدو احيانا يبدو من - 00:27:25
الجود ويتوارى بحكم الفترة والفترات امر لازم للعبد فلكل عامل شر ولكل شرة فترة فاعلاها فترة الوحي وهي للانبياء وفترة الحال الخاص للعارفين وفترة الهمة للمريدين وفترة العمل للعابدين وفي هذه الفترات انواع من الحكمة والرحمة والتعرفات الالهية وتعريف قدر النعمة وتجديد الشوق اليها ومحض التواجد - 00:27:45
اليها وغير ذلك ولا تزال تلك الشواهد تتكرر وتتزايد حتى تستقر فان صبغ بها قلبه وتصير الفترة غير قاطعة له بل تكون نعمة عليه. راحة له وترويحا وتنفيسا عنه فهمة المحب اذا تعلقت روحه بحبيبه - 00:28:05
عاكفا على مزيد محبته واسباب قوتها فهو يعمل على هذا ثم يترقى منه الى طلب محبة حبيبه له ويعمل على حصول ذلك ولا يعدم الطلب الاول ولا يفارقه البتة بل يندرج في هذا الطلب الثاني فتتعلق همته بالامرين جميعا فانه انما يحصل له منزلة كنت سمعه الذي يسمع - 00:28:23
به وبصره الذي يبصر به بهذا الامر الثاني وهو كونه محبوبا لحبيبه كما قال في الحديث فاذا احببته كنت سمعه وبصره الى اخره فهو يتقرب الى ربه حفظا لمحبته له واستدعاء لمحبة ربه له - 00:28:41
فحينئذ يسد مئزر الجد في طلب محبة حبيبه له بانواع التقرب اليه فقلبه للمحبة والانابة والتوكل والخوف والرجاء ولسانه للذكر وتلاوة كلام حبيبه وجوارحه للطاعات فهو لا يفتر عن التقرب من حبيبه وهذا هو السير المفضي الى هذه الغاية التي لا تناله - 00:28:58
الا به ولا يتوصل اليها الا من هذا الباب وهذه الطريق. وحينئذ تجمع له في سيره جميع متفرقات السلوك من الحضور والهيبة المراقبة ونفي الخواطر وتخلية الباطن ثم اه انتقل الى - 00:29:23
المرتبة التالية ننتقل يعني الى المرتبة التالية لكن دعونا بس فقط نختم هذي هذي المرتبة اه في مئة واثنين وخمسين اخر شي قال فهذه الحياة هي حياة الدنيا ونعيمها في الحقيقة فمن فقدها ففقده لحياته الطبيعية اولى به - 00:29:45
فهذه الحياة هي حياة الدنيا ونعيمها في الحقيقة فمن فقدها ففقده لحياته الطبيعية اولى به هذه حياة الفتاة فان فقدت ففقده للحياة اليق به فلا يعيش الا عيش المحبين الذين قرت اعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم اليه واطمأنت قلوبهم اليه واستأنسوا بقربه وتنعموا بحبه ففي القلب - 00:30:10
لا يسدها الا محبة الله والاقبال عليه والانابة اليه ولا يلم شعثه ولا يلم شعثه بغير ذلك البتة ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم والام وحسرات فانه ان كان ذا همة عالية تقطعت نفسه على الدنيا حسرات فان همته لا ترضى فيها بالدون وان كان - 00:30:34
انا مهينا خسيسا فاعيشه كاي شي اخسس الحيوانات فلا تقر العيون الا بمحبة الحبيب الاول نقل فؤادك حيث شئت من الهوى. ما الحب الا للحبيب الاول. كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول - 00:30:54
اول منزلي المرتبة التاسعة من مراتب الحياة حياة الارواح بعد مفارقتها الابدان وخلاصها من هذا السجن وضيقه. فان من ورائه فضاء وروحا وريحانا وراحة نسبة اذ نسبة هذه الدار اليها - 00:31:11
نسبة بطن الام الى هذه الدار او ادنى من ذلك. قال بعض العارفين لتكن مبادرتك الى الخروج من الدنيا كمبادرتك الى الخروج من السجن الضيق الى احبتك والاجتماع بهم في البساتين المونقة - 00:31:28
قال الله تعالى في هذه الحياة فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم. ويكفي في طيب هذه الحياة مرافقة الرفيق الاعلى ومفارقة الرفيق المؤذي المنكد او المنكد الذي - 00:31:41
تنغص رؤيته ومشاهدته الحياة فضلا عن مخالطته وعشرته الى الرفيق الاعلى الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. في جوار الرب الرحمن الرحيم قد قلت - 00:31:56
اذ مدحوا الحياة فاسرفوا في الموت الف فضيلة لا تعرف منها امان لقائه بلقائه فراق كل معاشر لا ينصفه. ولو لم يكن في الموت من الخير الا انه باب الدخول الى هذه الحياة وجسر يعبر به منه اليها لكفى به تحفة - 00:32:14
للمؤمن جزى الله عنا الموت خيرا فانه ابر بنا من كل بر والطف يعجل تخليص النفوس من الاذى ويدني الى الدار التي هي اشرف. فالاجتهاد في هذا العمر القصير والمدة القليلة والسعي والكدح وتحمل الاثقال والتعب والمشقة انما هو لهذه الحياة - 00:32:31
والعلوم والاعمال وسيلة اليها وهي يقظة وما قبلها من الحياة نوم وهي عين وما قبلها اثر. وهي حياة جامعة بين فقد المكروه وحصول المحبوب في مقام الانس. وحضرة القدس. حيث لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب - 00:32:46
من حيث الطمأنينة والراحة والبهجة والسرور حيث لا عبارة للعبد عن حقيقة كنهها لانها في بلد لا عهد لنا به ولا الفة بيننا وبين ساكنه بل نفسه لالفها لهذا السجن الضيق النكد - 00:33:01
زمانا طويلا تكره الانتقال منه الى ذلك البلد وتستوحش واذا استشعرت مفارقته وحصول العلم بهذه الحياة انما وصل الينا بخبر الهي على يد اكمل الخلق واعلمهم وانصحهم صلى الله عليه وسلم فقامت شواهدها في قلوب اهل الايمان. حتى صارت لهم بمنزلة العيان - 00:33:17
ففرت نفوسهم من هذا الظل الزائل والخيال المضمحل والعيش الفاني المشهور بالتنغيص وانواع القصص رغبة في هذه الحياة وشوقا الى ذلك الملكوت ووجدا لهذه السرور وطربا على هذا الحد واشتياقا لهذا النسيم الوارد من محل النعيم المقيم - 00:33:36
والامر الله ان من سافر الى بلد العدل والخصب والامن والسرور صبر في طريقه على كل مشقة واعواز وجد وفارق المتخلفين احوج ما كان اليهم واجاب المنادي اذا نادى به حي على الفلاح وبذل نفسه في الوصول بذل المحب بالرضا السماح - 00:33:51
المحب بالرضا السماح وواصل السير بالغدو والرواح فحمد عند الوصول مسراه وانما يحمد المسافر السرى عند الصباح عند الصباح يحمد القوم السرى وفي الممات يحمد القوم اللقاء وما هذا والله بالصعب ولا بالشديد مع هذا العمر القصير الذي هو بالنسبة الى تلك الدار كساعة من نهار - 00:34:09
كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها - 00:34:32
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة قال كم لبثتم في الارض عدد سنين؟ قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين. قال ان لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون - 00:34:47
فلو ان احدنا يجر على وجهه يتقي به الشوك والحجارة الى هذه الحياة لم يكن ذلك كثيرا ولا غبنا بجنبي ما يوقع فو حسرتاه على بصيرة شاهدت هاتين الحياتين على ما هما عليه وعلى همة تؤثر الادنى على الاعلى وما ذاك - 00:34:59
بتوفيق من ازمة الامور بيديه ومنه ابتداء كل شيء وانتهاء اليه اقعد نفوس من غلبت عليهم الشقاوة عن السفر الى هذه الدار وجذب قلوب من سبقت لهم منه الحسنى واقامهم في الطريق. وسهل عليهم ركوب الاخطار - 00:35:18
واضاع اولئك مراحل مراحل اعمالهم مع المتخلفين وقطع هؤلاء مراحل اعمارهم مع السائرين وعقدت الغبرة وثار او عقدت الغبرة وثار العجاج فتوارى عنه السائرون والمتخلفون وسينجلي عن قريب فيفوز العاملون - 00:35:35
ويخسر المبطلون ومن طيب هذه الحياة ولذتها قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها ان ترجع الى الدنيا وان لها الدنيا وما فيها الا الشهيد - 00:35:53
فانه يتمنى الرجوع الى الدنيا لما يرى من كرامة الله له يعني ليقتل فيه مرة اخرى طيب ثم في صفحتين نتجاوزها فيها استطراد آآ يعني نوعا ما قال في اخر مئة وخمسين قال واما خبر تلك الارواح - 00:36:10
وما صارت اليه فسلوا عنها كتب رب العالمين ورسله الصادقين وخلفاؤهم الوارثين. سلوا القرآن فعنده الخبر اليقين وسلوا من جاء به فهو بذلك اعرف العارفين وسلوا العلم والايمان فهما الشاهدان المقبولون وسلوا العقول والفطر فعندها حقيقة الخبر ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم وممات - 00:36:31
مماتهم ساء ما يحكمون تعالى الله احكم الحاكمين عن هذا الظن والحسبان الذي لا يليق الا باجهل الجاهلين. ثم قال الناظر في هذا الباب رجلان رجل ينظر الى الاشياء ورجل ينظر في الاشياء. فالاول يحار فيها فان صورها واشكالها وتخاطيطها - 00:36:53
تستفرغ ذهنه وحسه وتبدد فكره وقلبه فنظره اليها بعين حسه لا يفيد منها ثمرة الاعتبار ولا زبدة الاختبار لانه لما فقد الاعتبار اولا انه فقد الاختيار ثانيا واما الناظر في الاشياء فان نظره يبعثه على العبور من صورها الى حقائقها والمراد بها - 00:37:11
ومقتضى وجودها من الحكمة البالغة والعلم التام فيفيده هذا النظر تمييز مراتبها ومعرفة نافعها من ضارها وصحيحها من سقيم او باقيها من فأنها وقشرها من لبها ويميز بين الوسيلة والغاية - 00:37:30
وبين وسيلة الشيء ووسيلة ضده فيعرف حينئذ ان الدنيا قصر والاخرة لبه وان الدنيا محل الزرع والاخرة وقت الحصاد وان الدنيا معبر وممر والاخرة دار مستقر واذا عرف ان الدنيا طريق وممر وكان حريا بتهيئة الزاد لقراره - 00:37:44
ويعلم حينئذ انه لم ينشأ في هذه الدار للاستيطان والخلود ولكن للجواز الى مكان اخر هو المنزل والمتبوأ وان الانسان دعي الى ذلك بكل شريعة. وعلى لسان كل نبي وبكل اشارة ودليل. ونصب له على ذلك علم - 00:38:02
وضرب لاجله كل مثل ونبه عليه بنشأته الاولى ومبادئه وسائر احواله واحوال طعامه وشرابه وارضه وسمائه بحيث ازلت عنه الشبهة واوضحت له المحجة واقيمت عليه الحجة واعذر اليه غاية الاعذار - 00:38:19
وامهل اتم الامهال فاستبان ذي العقل الصحيح والفطرة السليمة ان الطعن عن هذا المكان ضروري والانتقال عنه حق لا مرية فيه وان له محلا اخر له قد انشئ ولاجله قد خلق وله هيئ - 00:38:35
فمصيره اليه وقدومه بلا ريب عليه وان هذه الدار وان داره هذه منزل وعبور لا منزل قرار. وبالجملة من نظر في الموجودات ولم يقنع مجرد النظر اليها وحدها وجدها دالة على ان وراء هذه الحياة حياة اخرى - 00:38:52
اكمل منها. وان هذه الحياة بالنسبة لي كالمنالي بالنسبة لليقظة وكالظل بالنسبة الى الشخص وسمعها كلها تنادي بما نادى به ربها وخالقها وفاطرها يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. وتنادي بلسان الحال بما نادى به - 00:39:07
ربها بصريح المقال واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرة. وقال تعالى انما مثل الحياة الدنيا كماء. انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام. حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن - 00:39:27
اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نفسر الايات لقوم يتفكرون. وقال تعالى اعلموا ان من الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث - 00:39:47
كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراهم اصفرا ثم يكون حطامه وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان. وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. ثم ندبهم الى المسابقة الى الدار الاخرة الباقية التي لا زوال الا فقال سابقوا - 00:40:04
الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض. اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وسمع بعض العارفين منشدا ينشد عن بعض الزنادقة عند موته لعمري ما ادري وقد آآ اذن البلا بعاجل ترحال الى اين ترحالي واين محل الروح بعد خروجه عن - 00:40:19
هيكل المنحل والجسد البالي فقالوا ما علينا من جهله اذا لم يدري اين ترحاله ولكننا ندري الى اين ترحالنا وترحاله واما ترحاله فالى دار الاشقياء ومحل المنكرين لقدرة الله والمكذبين وبما اتفقت عليه كلمة المرسلين عن ربهم اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون - 00:40:38
واما ترحالنا ايها المسلمون المصدقون بلقاء ربهم وكتبه ورسله فالى نعيم دائم وخلود متصل ومقام كريم وجنة عرضها السماوات والارض في جوار رب العالمين وارحم الراحمين واقدر القادرين واحكم الحاكمين الذي له الخلق والامر بيده النفع والضر الاول بالحق الموجود بالضرورة المعروفة بالفترة الذي اقرت به العقول ودلت عليه كل الموجودات وشهدت بوحدانيته - 00:40:59
وربوبيته جميع المخلوقات واقرت بها الفطر المشهود واقرت بها الفطر المشهود آآ وجوده وقيمته بقيوميته وبكل حركة وسكون المشهود وجوده وقيوميته بكل حركة وسكون بكل ما كان وما هو كائن وما سيكون. الذي خلق السماوات والارض - 00:41:21
انزل من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة من انواع النباتات وبث به في الارض جميع الحيوانات امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل نهارا وجعل بين البحرين حاجزا الذي يجيب المضطر اذا دعاه ويغيث الملهوف اذا ناداه ويكشف السوء ويفرج الكربات ويقيل العثرات الذي يهدي خلقه في ظلمات - 00:41:41
البر والبحر ويوسع الرياح بشرا بين يدي رحمته فيحيي الارض بوابين القطر الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ويرزق من في السماوات والارض من خلقه وعبيده الذي يملك السمع والابصار صارونه في ايدته يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويدبر الامر. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه. الذي له ملك السماوات والارض - 00:42:01
ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا. المستعان به على كل نائبة وفادحة والمعهود منه كل بر وكرامة الذي كانت له الوجوه وخشعت له الاصوات وسبحت بحمده الارض والسماوات وجميع الموجودات. الذي لا تسكن الارواح الا بحبه ولا تطمئن القلوب الا بذكره ولا تزكو العقول الا بمعرفة - 00:42:21
به ولا يدرك النجاح الا بتوفيقه ولا تحيا القلوب الا بنسيم لطفه وقربه. ولا يقع امر الا باذنه ولا يهتدي ضال الا بهدايته ولا يستقيم ذو اود الا تقويمه ولا يفهم احد الا بتفهيمه ولا يتخلص من مكروه الا برحمته ولا يحفظ شيء الا بكلاءته ولا يفتتح امر الا باسمه ولا يتم الا بحمده ولا - 00:42:41
مأمول الا بتيسيره ولا تنال سعادة الا بطاعته ولا حياة الا بذكره ومحبته ومعرفته ولا طابت الجنة الا بسماع خطابه ورؤيته الذي وسع كل شيء رحمة وعلما واوسع كل مخلوق فضلا وبرا فهو الاله الحق والرب الحق والملك الحق والمنفرد بالكمال المطلق من كل الوجوه المبرأ عن النقائص والعيوب من كل - 00:43:01
كل الوجوه لا يبلغ المثنون وان استوعبوا جميع الاوقات بكل انواع الثناء ثناء عليه. بل ثناؤه اعظم من ذلك فهو كما اثنى على نفسه هذا الجار واما الدار فلا تعلم نفس - 00:43:21
حسنها وبهاءها وسعتها ونعيمها وبهجتها وروحها وراحتها فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين. الاعين فهي الجامعة بجميع انواع الافراح والمسرات الخالية من جميع المنكدات والمنغصات وريحانة - 00:43:36
وقصر مشيد وزوجة حسناء وفاكهة نضيجة فترحالنا ايها الصادقون المصدقون الى هذه الدار باذن ربنا ضيقه واحسانه وترحال الكاذبين المكذبين الى الدار التي اعدت لمن كفر بالله ولقائه وكتبه ورسله ولن يجمع الله - 00:43:56
من الموحدين له المطالبين لمرضاته الساعين في طاعته الدائمين في خدمته المجاهدين في سبيله وبين الملحدين الساعين في مساخطه الدائمين في معصيته المستفرغين جهدهم في اهوائهم وشهواتهم في دار واحدة. الا على سبيل الجواز والعبور كما جمع بينهما في - 00:44:16
هذه الدنيا ويجمع بينهم في موقف القيامة فحاشاه من هذا الظن السيء الذي لا يليق بكماله وحكمته فصلنا في هذه المرتبة تعلم حياة الشهداء وانهم عند ربهم يرزقون وانها اكمل من حياتهم في هذه الدنيا واتم واطيب. وان كانت اجسادهم متلاشية ولحومهم متمزقة واوصالهم متفرقة وعظامهم نخرة - 00:44:36
فليس العمل على الطلل انما الشأن في الساكن قال الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. وقال تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون - 00:44:57
واذا كان الشهداء انما نالوا هذه الحياة بمتابعة الرسل وعلى ايديهم فما الظن بحياة الرسل في البرزخ ولقد احسن القائل ما شاء فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري. فللرسل والشهداء والصديقين من هذه الحياة التي هي يقظة من نوم الدنيا اكملها - 00:45:09
او اتمها وعلى قدر حياة العبد في هذا العالم يكون شوقه الى هذه الحياة وسعيه وحرصه على الظفر بها والله المستعان فصل المرتبة العاشرة من مراتب الحياة الحياة الدائمة الباقية بعد طي هذا العالم. وذهاب الدنيا واهلها في دار الحيوان وهي الحياة - 00:45:30
التي شمر اليها المشمرون وسابق اليها المتسابقون ونافس فيها المتنافسون وهي التي اجرينا الكلام اليها ونادت الكتب السماوية ورسل الله جميعهم وهي التي يقول من فاته الاستعداد لها اذا دكت الارض دكا دكا وجاء ربك - 00:45:48
والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان ان له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي. فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وتقع احد وهي التي قال الله عز وجل فيها وما هذه الحياة الدنيا الا له ولعب وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون - 00:46:03
والحياة المتقدمة كالنوم بالنسبة اليها وكل ما تقدم من وصف السير ومنازله واحوال السائلين وعبوديته بالظاهر وباطنة فوسيلة الى هذه الحياة وانما الحياة الدنيا الدنيا بالنسبة اليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الاخرة الا كما يدخل احدكم اصبعه في اليم - 00:46:22
فلينظر بما ترجع فان قلت ما سبب تخلف النفس عن طلب هذه الحياة التي لا خطر لها وما الذي زهدها فيها وما سبب رغبتها في هذه الحياة الفانية المضمحلة التي هي كالخيال والمنام. افساد في تصورها وشعورها ام تكذيب بتلك الحياة - 00:46:38
ام لافة في العقل وعمن هناك؟ ام ايثار للحاضر المشهود بالعيان على الغائب المعلوم بالايمان؟ قيل بل ذلك لمجموع امور مركبة من ذلك كله واقوى الاسباب في ذلك ضعف الايمان - 00:46:59
فان الايمان هو رح الاعمال وهو الباعث عليها والامر باحسنها والناهي عن اقباحها وعلى قدر قوة الايمان يكون امره ونهيه لصاحبه وائتمار صاحبه وانتهاؤه قال الله تعالى قل بئس ما يأمركم به ايمانكم ان كنتم مؤمنين. وبالجملة - 00:47:12
فاذا قوي الايمان وقوي الشوق الى هذه الحياة واشتد طلبه واشتد طلب صاحبه لها اه السبب الثاني جثوم الغفلة على القلب فان الغفلة نوم القلب ولهذا تجد كثيرا من الايقاظ في الحس نياما في الواقع - 00:47:27
فتحسبهم ايقاظا وهم رقود ضد حال من يكونوا يقظان القلب وهو نائم فان القلب اذا قويت فيه الحياة لا ينام واذا نام البدن وكمال هذه الحياة كان لنبينا صلى الله عليه وسلم ولمن احيا الله قلبه بمحبته واتباع رسالته على بصيرة - 00:47:47
من ذلك بحسب نصيبه منها فالغفلة واليقظة يكونان في الحس والعقل والقلب. فمستيقظ القلب وغافله كمستيقظ كمستيقظ البدن ونائمه وكما ان يقظة الحس على نوعين فكذلك يقظة القلب على نوعين فالنوع الاول من يقظة الحس ان صاحبها - 00:48:02
ينفذ في الامور الحسية ويتوغل فيها بكسبه وفطانته واحتياله وحسن تأتيه والنوع الثاني ان يقبل على نفسه وقلبه وذاته فيعتني بتحصيل كماله فيلحظ عوان الامور وسفسافها فيؤثر الاعلى على الادنى ويقدم ويقدم خير الخيرين بتفويت ادناهما ويتحلل من مكارم الاخلاق ومعاني الشيم فيكون ظاهره جميلا وباطنه اجمل من ظاهره وسررته خيرا من العلانية - 00:48:26
فيزاحموا اصحاب المعالي عليها كما يتزاحم اهل الدينار والدرهم عليها فبهذه اليقظة يستعد للنوعين الاخرين منهما احدهما يقظة تبعثه على اقتباس الحياة الدائمة الباقية التي لا خطر لها من هذه الحياة الزائدة الفانية التي لا قيمة لها - 00:48:48
فان قلت مثل لي كيف تقتبس الحياة الدائمة من الحياة الفانية وكيف يكون هذا؟ فاني لا افهمه؟ قلت وهذا ايضا من نوم القلب بل من موته وهل تقتبس الحياة الدائمة الا من وهل تكتبس الحياة الدائمة الا من هذه الحياة الزائلة - 00:49:05
وانت قد تشعل سراجك من سراج اخر قد اشفع الانطفاء فيتقد الثاني ويضيء غاية الاضاءة ويتصل ضوءه وينطفئ الاول والمقتبس لحياته الدائمة من حياته المنقطعة انما ينتقل من دار منقطعة الى دار باقية وقد توسط الموت بين الدارين. فهو قنطرة لا يعبر الى تلك الدار الا عليها وباب لا يدخل اليها الا - 00:49:21
فهما حياتان في دارين بينهما موت. وكما ان النور تلك الدار مقتبس من نور هذه الدار فحياتها كذلك مقتبسة من حياتها فعلى قدر نور الايمان في هذه الدار يكون نور العبد في تلك الدار وعلى قدر حياته في هذه الدار تكون حياته هناك. نعم هذا النور والحياة الذي يقتبس منه ذلك النور - 00:49:41
الحياة لا ينقطع بالوضوء والعبد في البرزخ وفي موقف القيامة وعلى الصراط هذا احد نوعي يقظة القلب. النوع الثاني يقظة تبعث على حياة لا تكدرها العبارة ولا ينالها التوهم ولا يطابق فيها اللفظ لمعناه البتة - 00:50:00
والذي يشار به اليها حياة المحب مع حبيبه الذي لا قوام لقلبه وروحه وحياته الا به ولا غناء له عنه طرفة عين ولا قرة العين ولا طمأنينة لقلبه ولا سكون لروحه الا به فهو احوج اليه من سمعه وبصره - 00:50:14
وقوته بل ومن حياته فان حياته بدون بدونه عذاب والام وهموم واحزان الى اخره. والمقصود ان الغفلة هي نوم القلب عن طلب هذه الحياة. وهي حجاب عليه. فاذا كشف هذا الحجاب بالذكر - 00:50:30
والا تكاثف حتى يصير حجاب بطالة ولعب واشتغال بما لا يفيد فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى يصير حجاب معاص وذنوب وذنوب صغار تبعده عن الله فان بادر الى كشفه والا تكاثف شوفوا لاحظوا هو جالس يأتي الحجب اللي امس ذكرناها - 00:50:47
ولكن الان بالعكس امس بدأ من الحجاب الاكبر الى الاصغر الان من الاصغر الاكبر قال فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى يصير حجاب كبائر توجب مقتل رب تعالى له وغضبه ولعنته فان بادر الى كشفه والا تكاثف - 00:51:09
حتى صار حجاب بدع عملي يعذب يعذب العامل فيها نفسه ولا تجدي عليه شيئا فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى صار حجاب بدع قولية اعتقادية تتضمن الكذب على الله ورسوله - 00:51:26
والتكذيب بالحق الذي جاء به الرسول فان بادر الى كشفه والا تكاثف حتى صار حجاب شك وتكذيب يقدح في اصول الايمان الخمسة. وهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه فاللي غلظي - 00:51:39
حجابه وكثافته وظلمته وسواده لا يرى حقائق الايمان ويتمكن منه الشيطان يعده ويمنيه والنفس الامارة بالسوء تهوى وتشتهي وسلطان الطبع قد ظفر بسلطان الايمان فاسره فسجنه ان لم يهلكه وتولى تدبير المملكة واستخدم جنود الشهوات واقطعها العوائد التي جرى عليها العمل واغلق باب اليقظة واقام عليه بواب - 00:51:53
غفلة وقال اياك ان نؤتى من قبلك واتخذ حجابا من الهوى وقال اياك ان تمكن احدا يدخل عليه الا معك فامر هذه المملكة قد صار اليك والى البواب فيا بواب الغفلة - 00:52:19
ويا حجاب الهوى ليلزم كل منكما ثغره. فان اخليتما فسد امر مملكتنا. وعادت الدولة لغيرنا وسامنا سلطان الايمان شر الخزي والهوان ولا نفرح بهذه المدينة ابدا. فلا اله الا الله اذا اجتمعت على القلب هذه العساكر مع رقة الايمان وقلة الاعوان والاعراض - 00:52:32
عن ذكر الرحمن والانخراط في سلك ابناء الزمان وطول الامر المفسد للانسان ان اثر العاجلا الحاضر على الغائب الموعود به بعد طي هذه الاكوان فالله المستعان وعليه التكلان فهذا فصل مختصر نافع في ذكر الحياة وانواعها والتشويق الى - 00:52:52
واطيبها فمن صادف من قلبه حياة انتفع به والا فخوض تزف الى ضرير مقعد فلنرجع الى شرح كلام صاحب المنازل وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:53:12