مدارسة كتاب (معارج العلوم)

مدارسة كتاب معارج العلوم || تتمة المدخل || محمد بن محمد الأسطل || الحلقة (3)

محمد الأسطل

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن دعا بدعوته واستن بسنته الى يوم الدين اما بعد فهذا هو اللقاء الثالث من مدارسة كتاب معارج العلوم من الامية الى الامامة. وما زلنا في المدخل - 00:00:00ضَ

ايها الاخوة فنتممه في هذا الدرس ان شاء الله ونصل الى مسألة دقيقة جدا وهي ان مما ينبغي ان يعلم ان النفوس ليست على مرتبة واحدة في تلقي العلم وحمله وبثه وبذله الى الناس - 00:00:28ضَ

العلماء على درجات وعلى مراتب وعلى منازل بين النبي صلى الله عليه وسلم تفاوت الناس في ذلك بتمثيل عجيب يأخذ بالالباب. اخرج الامام البخاري ومسلم. عن ابي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - 00:00:48ضَ

ان مثل ما بعثني الله به عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث اصاب ارضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلى والعشب الكثير. اذا ارض هذه الارض طيبة - 00:01:08ضَ

اذا وضع عليها الماء تقبله واذا زرعتها تثمر ارض خصبة هذا النوع الاول من الارض وكان منها اجاذب امسكت الماء فنفع الله عز وجل بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا - 00:01:27ضَ

ارض اذا وضعت فيها الماء. الماء يبقى محفوظا لا ينزل لكنها لا تنبت الزرع واصاب طائفة منها اخرى انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلا. ارض لا تحفظ الماء ولا تنبت الزرع - 00:01:44ضَ

يقول النبي عليه الصلاة والسلام فذلك مثل من فقهها في دين الله. ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به. هنا شبه النبي عليه الصلاة والسلام بالعلم الذي بعث - 00:02:04ضَ

الله عز وجل به بالغيث العلم كالغيث لانه يحيي القلب الميت كما يحيي المطر البلد اليابس وقد كان الناس قبل بعثتهم متحيرين حتى اغاثهم الله بواب العلوم ثم بين ان الناس ثلاثة انواع كالارض. يعني يا اخوانا - 00:02:24ضَ

ارض النوع الاول ارض طيبة. تحفظ الماء وتنبت الزرع. النوع الثاني يحفظ الماء ولا ينبت الزرع. النوع الثالث لا يحفظ الماء ولا الزرع وعلى هذا اشكال الناس. قال فالنوع الاول من الارض ارض طيبة تنتفع بالماء فتنبت الكلأ وتحيا بعد ان كانت ميتة - 00:02:44ضَ

وينتفع الناس والدواب بالاكل منها وكذلك النوع الاول من الناس الذين بلغهم الله العلم فوعوه وفقهوه وحفظوه وعملوا به واحيوا قلوبهم به وعلموا فنفعوا بعد انتفعوا يدخل في هذه الطائفة دخولا اوليا المجتهدون. الذين يستنبطون الاحكام ويتصدون لنوازل الناس ومستجداتهم - 00:03:06ضَ

اذا الوحي ينزل الى قلوبهم فيثمر زرعا وانتاجا وخيرا يعني الله عز وجل رزقك علما من هذا العلم تفرع العلم وصارت له فروع وانت تصبح تنتج من مادة العلم لان صدرك كهذه الارض - 00:03:35ضَ

والنوع الثاني من الارض ارض صلبة. تمسك الماء. صلبة تحفظ الماء لكنها لا تنتفع به في نفسها فهي اجاذب لا تنبت الكلأ بينما ينتفع الناس والدواب منها وكذلك النوع الثاني من الناس. هؤلاء الحفظة - 00:03:54ضَ

لهم قلوب حافظة وذاكرة قوية يظنون على حرف واحد ان يضيع لكن ليست لهم افهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والاحكام يعني يأتيه النص من القرآن او من السنة لكن لا يستطيع ان يستفيد منه - 00:04:13ضَ

قد يدرك اصل معناه لكن لا يستطيع ان يستنبط منه ما تحتاجه الامة. فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش عندهم من العلم اهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به وينفع به. وسيأتينا غير قصة في الكتاب زي قصة يحيى بن معين مع المرأة. يعني كثير تجد - 00:04:34ضَ

رواة الحديث يحفظونه للناس ويبلغونه للفقهاء ومن يستنبط منه لكن هم غير قادرين على الاستنباط. لذلك ورد في كثير من الاحيان في مثلا يعني رجل للاعمش. يعني او الاعمش يسأل مثلا غيره. من اين استنبطت هذه المسألة؟ ومن الحديث الذي انت رويته - 00:04:55ضَ

قولي فيقول انتم ايها الفقهاء الاطباء ونحن الصيادلة. فهذا مثل من لم يرفع بالعلم رأسا وعدم رفع الرأس كناية عن عدم الانتفاع به لعدم العمل به. ويدخل في هذه الطائفة رواة العلم والحديث ممن ليس عندهم فقه. فمثلا كمثل - 00:05:15ضَ

فضيلة حفظت الماء واستقى الناس منها لكن الارض نفس لم تنبت. وهؤلاء يروون العلم والحديث وينقلونه لكن ليس عندهم فقه في ولا فاهم. لكن هذا في تكامل بين المشتغلين بالعلم. يعني هذا يحفظ السنة ويحفظ النص ويروي الحديث. ويؤدي اليك ولا يضيع حرفا واحدا - 00:05:40ضَ

سلم الى من يستنبط منه ومن يثوره وما الى ذلك. والنوع الثالث من الارض ارض قيعان تبتلع الماء ولا تنبت الكلأ فهي لا تنتفع بالماء في نفسها ولا تمسكه على السطح لينتفع به غيرها. وكذلك النوع الثالث من الناس - 00:06:00ضَ

ليس لهم قلوب حافظة ولا افهام واعية فاذا سمعوا العلم لا ينتفعون به. ولا يحفظونه لينتفع به غيرهم. فهذا مثل من لم يقبل هدى الله الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم. وولاء يا اخوانا هم مصدر تشغيب عادة في الناس. وردت الاشارة في - 00:06:18ضَ

قمنا الى تفاوت اهل العلم في انفسهم اخرج اصحاب السنن الا النسائي عن ابي الدرداء رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وان فضل العالم على العابد - 00:06:38ضَ

كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب. ابن القيم في كتاب مفتاح دار السعادة ومن اعظم الكتب التي تتكلم عن فضل العلم يعني قدر اهله يقول فان قيل كيف وقع تشبيه العالم بالقمر دون الشمس وهي اعظم نورا؟ يعني النبي عليه الصلاة والسلام شبه العالم بالقمر - 00:06:51ضَ

ولم يشبهه بالشمس مع اننا نعلم ان نور الشمس اكمل قال ابن القيم فيه فائدتان احداهما ان نور القمر لما كان مستفاد من الشمس. الان نور القمر من وين يؤخذ؟ من الشمس. قال كان تشبيه - 00:07:12ضَ

العالم الذي نور مستفاد من شمس الرسالة بالقمر اولى من تشبيه الشمس. يعني العلم الذي يأتي به العالم ليس ذاتيا هو مأخوذ من مصدر. كما نور القمر ليس مأخوذا من القمر وانما مأخوذ من مصدر - 00:07:28ضَ

والثانية ان الشمس لا يختلف حالها في نورها ولا يلحقها محاط ولا تفاوت في الاضاءة. الشمس شيء واحد. واما القمر فقد يقل نوره ويكثر ويمتلئ وينقص يعني درجات الى ان يصبح بدرا او محاقا. كما ان العلماء في العلم على مراتبهم من كثرة وقلة في فضل كل منهم في علمه بحسب كثرته وقلته - 00:07:42ضَ

والظهور وخفائه. كما يكون القمر كذلك. فعالم كالبدر ليلة التمام واخر دونه بليلة وثانية وثالثة وما بعدها الى اخر مراتبه وهم درجات عند الله وبنيت هذه المعارج على ذلك. انا بنيت الكتاب كله على فلسفة هذا الحديث - 00:08:07ضَ

وهذه الجزئية ايها الاخوة. فالتفقه مراحل ومنازل. هناك مرحلة للمبتدئ. هناك مرحلة للمتوسط ومرحلة ثالثة للمنتهي. من حصل الثلاث مراحل مرحلة المهتدين والمتوسطين والمنتهين كان ذا اهلية في العلم ويسمى المتأهل. وعندئذ يتبحر في الفن الذي يرغب ويسمى المتخصص - 00:08:29ضَ

فان شارك في بقية العلوم صار موسوعيا. اذا صار عندنا المبتدأ والمتوسط والمنتهي والمتأهل والمتخصص الموسوعي كل مصطلح يذهب الى ناحية. ومما يبشر بالخير ايها الاخوة ان سرعة النبوغ لعلها من خصال رجال هذه الامة - 00:08:49ضَ

والله عز وجل لما زكى الصحابة في سياق تربية بني اسرائيل قال ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوق يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار. هنا انتبهوا. تخيل - 00:09:09ضَ

يا اخواننا شجرة شجرة جذعها غليظ جاء فرع تمدد من هذه الشجرة هذا الفرع يعني كزرع اخرج شطه الشاطئ هو الفرع فازره يعني الجذع قوى الفرع فاستغرب صار الغصن الدقيق غليظا بعد ان كان دقيقا - 00:09:24ضَ

فاستوى على سوق يعجبه الزراع اصحاب الخبرة ليغيظ بهم الكفار. فهنا الغصن استقام وتكامل الى سيقانه التي يعلو عليها يعجب الخبراء بالزراعة لقوته وحسن هياته. وهذه هي صفة الشباب من هذه الامة. هذه صفتكم ايها الاخوة - 00:09:49ضَ

فان طالب العلم وكذلك الشاب يظهر ضعيفا كالغصن الدقيق ثم يغلظ ويتكامل حتى يعجب الناس ويغيظ الكفار وذلك في سنوات قليلة وهذه امارة سرعة النبوغ العقلي. يعني انت يمكن ان تصبح عالما في بضع سنين - 00:10:09ضَ

بالجد والهمة والجلد وهذا فتح من الله عز وجل. وقد فتح الله على كثير من علماء الامة وهم بلغوا يعني الشيخ الددو. الشيخ الطريفي كثير من العلماء صاروا علماء وفتح الله عز وجل عليهم وما زالوا في سن الشباب يوم ان كانوا علماء. ولهذا من كان ذا عزم من طلبة العلم - 00:10:25ضَ

تيسر له الترقي من رتبة الى التي فوقها بسرعة بالغة فيتأهل بذلك ليكون ممن عمهم قول النبي صلى الله الله عليه وسلم لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته. اخرجه ابن ماجة وحسنه الالباني - 00:10:45ضَ

فهلا تصديت لهذا الشرف بعد ذلك سنأخذ ايها الاخوة في منهج التلقي وبيان خارطة العلوم نقف عند بارك الله فيكم والحمد لله رب العالمين - 00:11:05ضَ