بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:00:01
اما بعد فالحديث عما يقال عند الغضب والغضب هو غليان دم القلب وازدياد خفقانه طلبا لدفع امر مؤذ يتوقع الانسان حصوله او طلب الانتقام ممن حصل منه الاذى ويفضي في الغالب بالانسان الى اقوال سيئة والى افعال شنيعة - 00:00:18
وخاصة عند اشتداده فلا يملك كثير من الناس زمام انفسهم حينئذ فينطلق اللسان بالسب والفحش والبذاء وتنطلق الجوارح بالبطش والضرب والعدوان وهو من الخصال الذميمة التي جاء الاسلام بالنهي عنها - 00:00:42
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب رواه البخاري وعن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال - 00:01:06
قال رجل يا رسول الله اوصني قال لا تغضب قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فاذا الغضب يجمع الشر كله. رواه احمد وتأمل ما يجنيه الغضب على المرء - 00:01:26
من تصرفات هوجاء واعمال شنيعة واقوال بذيئة يندم المرء على فعلها غاية الندم عند ذهاب غضبه عنه لانه حال غضبه يتصرف تصرفا يشبه فيه بتصرف من به جنون ثم بعد انتهاء غضبه يندم - 00:01:44
ولهذا قيل في وصف الغضب اوله جنون واخره ندم وقول الصحابي ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فاذا الغضب يجمع الشر كله. يفيد ان الغضب جماع الشر - 00:02:07
قال جعفر بن محمد الغضب مفتاح كل شر وقيل لابن المبارك اجمع لنا حسن الخلق في كلمة. قال ترك الغضب ولهذا تعد هذه الوصية لا تغضب من جماع الوصايا وانفعها في باب الاخلاق - 00:02:26
قال اهل العلم وهذا يتضمن الوصية بامرين عظيمين لابد منهما الاول ان يدرب المسلم نفسه على الاخلاق الفاضلة والاداب الحسنة من الصبر والحلم والاناة والبعد عن العجلة الى غير ذلك من الاخلاق - 00:02:45
بحيث اذا ورد عليه وارد الغضب تلقاه بجميل خلقه وعظيم ادبه وحسن حلمه وطيب صبره والامر الثاني انه عند وقوع الغضب عليه ان يملك نفسه فلا يندفع وقت غضبه الى قول لا يحمد او فعل لا يليق - 00:03:04
بل عليه ان يملك نفسه في اقواله وافعاله عند غضبه فلا اقول كلمة ولا يفعل شيئا حتى تنطفئ جمرة الغضب قال الحافظ ابن رجب رحمه الله فقوله صلى الله عليه وسلم لمن استوصاه لا تغضب - 00:03:25
يحتمي الامرين احدهما ان يكون مراده الامر بالاسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الاذى والصفح والعفو وكظم الغيظ والطلاقة والبشر ونحو ذلك من الاخلاق الجميلة - 00:03:44
فان النفس اذا تخلقت بهذه الاخلاق وصارت لها عادة اوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول اسبابه والثاني ان يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب اذا حصل لك بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به - 00:04:06
فان الغضب اذا ملك ابن ادم كان كالامر والناهي له ولهذا المعنى قال الله عز وجل ولما سكت عن موسى الغضب فاذا لم يمتثل المرء ما يأمره به غضبه وجاهد نفسه على ذلك اندفع عنه شر الغضب - 00:04:28
وربما سكن غضبه وذهب عاجلا فكأنه حينئذ لم يغضب والى هذا المعنى وقعت الاشارة في القرآن بقوله عز وجل واذا ما غضبوا هم يغفرون وبقوله عز وجل والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - 00:04:49
وعليه في هذا المقام ان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لان الشيطان له نزغ عجيب ودخول على الانسان وقت غضبه يدفعه الى الافعال الشنيعة والاقوال الفظيعة لان الغضب من نزغ الشيطان - 00:05:09
والله يقول واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله فمن حصل له الغضب ينبغي له ان يبادر الى الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من الشيطان لان الشيطان يتمكن من الانسان حال الغضب تمكنا عجيبا - 00:05:27
فيدفعه الى السب والاذى والظلم والبغي فاذا استعاذ المسلم بالله حفظ ووقي وكفي باذن الله سبحانه وتعالى عن سليمان بن سرد رضي الله عنه قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس. واحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه - 00:05:46
او فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لاعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقالوا للرجل الا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم - 00:06:12
قال اني لست بمجنون. رواه البخاري ومسلم فالمسلم ينبغي عليه عند الغضب ان يبادر للاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وعليه ايضا الا يتكلم بغير الاستعاذة يستعيذ ويكتفي بها حتى يهدأ - 00:06:29
ويسكن غضبه قال النووي رحمه الله فيه ان الغضب في غير الله تعالى من نزغ الشيطان وانه ينبغي لصاحب الغضب ان يستعيذ فيقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانه سبب لزوال الغضب - 00:06:47
واما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه هل ترى بي من جنون فهو كلام من لم يفقه في دين الله ولم يتهذب بانوار الشريعة المكرمة وتوهم ان الاستعاذة مختصة بالمجنون - 00:07:05
ولم يعلم ان الغضب من نزغات الشيطان ولهذا يخرج به الانسان عن اعتدال حاله ويتكلم بالباطل ويفعل المذموم وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال له اوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب - 00:07:22
فلم يزده في الوصية على لا تغضب مع تكراره الطلب وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب وما ينشأ منه والكلام وقت الغضب لا يكون منضبطا ولهذا ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان الى السكوت وقت الغضب - 00:07:48
وايضا ارشده ان كان قائما ان يجلس وان كان جالسا ان يضطجع لانه اذا تباعد بالجلوس او الاضطجاع فانه باذن الله سبحانه وتعالى يسلم من افات الغضب قد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الى هذين الامرين العظيمين وعلى المسلم ان يتحلى بهما حال غضبه - 00:08:10
اما الاول ففي المسند للامام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا غضب احدكم فليسكت اي ليمنع نفسه من الكلام حال الغضب - 00:08:36
لانه ان تكلم وهو غضبان سيتكلم بما لا يحمد عاقبته لانه وقت الغضب قد يقول كلاما سيئا من لعن وشتم وبذاء فعليه ان يمسك عن الكلام فلا يتكلم ولا بكلمة واحدة حال غضبه. لانه في تلك الحال لا يدرك ما يقول - 00:08:50
ولا يعي ما يتكلم به. فاذا امتنع عن الكلام حتى تهدأ جمرة الغضب وتطفأ شدته فحين اذ سيكون الكلام سديدا وتكون العاقبة حميدة واما الثاني ففي المسند عن انس بن مالك رضي الله عنه - 00:09:13
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا غضب احدكم وهو قائم فليجلس فان ذهب عنه الغضب والا فليضطجع وعندما يكون الانسان في شدة غضبه وهو قائم ومن اغضبه امامه قريبا منه ربما لا يملك نفسه من الاضرار به - 00:09:32
فاذا تباعد عنه بالجلوس سكن غضبه وان احتاج الى ان يضطجع فعل فانه اكثر سكونا واهدأ للنفس والحاصل ان الغضبان حال الغضب لا ينبغي له ان يتصرف بما يملي عليه غضبه لا قولا ولا فعلا. حتى تنطفئ جمرة الغضب - 00:09:55
وهذه حقيقة القوة ان يملك المرء نفسه عند غضبه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب متفق عليه - 00:10:17
قوله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالسرعة المعروف عند الناس ان السرعة هو الشديد القوي الذي يصرع الناس فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان ينبههم ان الشدة والقوة حقا ليست هي هذه - 00:10:37
وانما هي ان يملك الانسان نفسه عند الغضب وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من جرعة اعظم اجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله - 00:10:55
رواه ابن ماجة وهذا فيه حث النبي صلى الله عليه وسلم على كظم الغيظ وان افضل جرعة يتجرعها العبد واعظمها ثوابا وارفعها درجة ان يحبس المرء نفسه من التشفي والانتقام قاصدا سلامة دينه ونيل ثواب ربه جل في علاه - 00:11:14
وعن انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التأني من الله والعجلة من الشيطان رواه ابو يعلى في مسنده. التأني من الله اي مما يرضاه ويثيب عليه جل وعلا - 00:11:40
والعجلة من الشيطان اي هو الحامل عليها. بوسوسته لان العجلة تمنع من التثبت والنظر في العواقب واهل الاناة اهل نظر في العواقب والمآلات وذلك ان خاصة العقل النظر في العواقب - 00:11:55
واما اهل العجلة فانهم يندفعون اندفاعا بلا تعقل ولا تأمل في العواقب ولهذا فان مثل النفس في عجلتها وطيشها ككرة من فخار وضعت على منحدر املس فلا تزال متدحرجة ولا يدرى في مآل امرها ونهاية حالها - 00:12:14
باي شيء ترتطم فكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول اليها امر اهل العجلة والطيس ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات وفي تعويد النفس على الاناة سلامة من عواقب الغضب عند وجوده - 00:12:38
والغضب يجعل الانسان يذهل عن الاخلاق الفاضلة وعن المعاملات الكريمة. ولهذا يصدر من الانسان في غضبه ما يندم عليه اشد الندم بعد ذلك لانه مع الغضب لا يتصرف تصرفا طيبا جميلا - 00:13:03
بل غضبه يغطي عليه فلا يحسن التصرف ومن الدعوات النبوية المباركة قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه واسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وهذا عزيز الا يقول الانسان الا الحق سواء غضب او رظي - 00:13:23
ومما يعين على تحقق السلامة من الغضب وعواقبه الوخيمة ان يحرص المسلم دوما على الرفق في الامور كلها. فان الرفق خصلة عظيمة يحبها الله جل وعلا من عباده عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة ان - 00:13:43
طه رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه. متفق عليه وعن جرير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - 00:14:08
من يحرم الرفق يحرم الخير. رواه مسلم وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الرفق لا يكون في شيء الا زانه - 00:14:23
لا ينزع من شيء الا شانه. رواه مسلم واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب - 00:14:37
والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:14:53
Transcription
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:00:01
اما بعد فالحديث عما يقال عند الغضب والغضب هو غليان دم القلب وازدياد خفقانه طلبا لدفع امر مؤذ يتوقع الانسان حصوله او طلب الانتقام ممن حصل منه الاذى ويفضي في الغالب بالانسان الى اقوال سيئة والى افعال شنيعة - 00:00:18
وخاصة عند اشتداده فلا يملك كثير من الناس زمام انفسهم حينئذ فينطلق اللسان بالسب والفحش والبذاء وتنطلق الجوارح بالبطش والضرب والعدوان وهو من الخصال الذميمة التي جاء الاسلام بالنهي عنها - 00:00:42
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب رواه البخاري وعن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال - 00:01:06
قال رجل يا رسول الله اوصني قال لا تغضب قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فاذا الغضب يجمع الشر كله. رواه احمد وتأمل ما يجنيه الغضب على المرء - 00:01:26
من تصرفات هوجاء واعمال شنيعة واقوال بذيئة يندم المرء على فعلها غاية الندم عند ذهاب غضبه عنه لانه حال غضبه يتصرف تصرفا يشبه فيه بتصرف من به جنون ثم بعد انتهاء غضبه يندم - 00:01:44
ولهذا قيل في وصف الغضب اوله جنون واخره ندم وقول الصحابي ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فاذا الغضب يجمع الشر كله. يفيد ان الغضب جماع الشر - 00:02:07
قال جعفر بن محمد الغضب مفتاح كل شر وقيل لابن المبارك اجمع لنا حسن الخلق في كلمة. قال ترك الغضب ولهذا تعد هذه الوصية لا تغضب من جماع الوصايا وانفعها في باب الاخلاق - 00:02:26
قال اهل العلم وهذا يتضمن الوصية بامرين عظيمين لابد منهما الاول ان يدرب المسلم نفسه على الاخلاق الفاضلة والاداب الحسنة من الصبر والحلم والاناة والبعد عن العجلة الى غير ذلك من الاخلاق - 00:02:45
بحيث اذا ورد عليه وارد الغضب تلقاه بجميل خلقه وعظيم ادبه وحسن حلمه وطيب صبره والامر الثاني انه عند وقوع الغضب عليه ان يملك نفسه فلا يندفع وقت غضبه الى قول لا يحمد او فعل لا يليق - 00:03:04
بل عليه ان يملك نفسه في اقواله وافعاله عند غضبه فلا اقول كلمة ولا يفعل شيئا حتى تنطفئ جمرة الغضب قال الحافظ ابن رجب رحمه الله فقوله صلى الله عليه وسلم لمن استوصاه لا تغضب - 00:03:25
يحتمي الامرين احدهما ان يكون مراده الامر بالاسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الاذى والصفح والعفو وكظم الغيظ والطلاقة والبشر ونحو ذلك من الاخلاق الجميلة - 00:03:44
فان النفس اذا تخلقت بهذه الاخلاق وصارت لها عادة اوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول اسبابه والثاني ان يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب اذا حصل لك بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به - 00:04:06
فان الغضب اذا ملك ابن ادم كان كالامر والناهي له ولهذا المعنى قال الله عز وجل ولما سكت عن موسى الغضب فاذا لم يمتثل المرء ما يأمره به غضبه وجاهد نفسه على ذلك اندفع عنه شر الغضب - 00:04:28
وربما سكن غضبه وذهب عاجلا فكأنه حينئذ لم يغضب والى هذا المعنى وقعت الاشارة في القرآن بقوله عز وجل واذا ما غضبوا هم يغفرون وبقوله عز وجل والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - 00:04:49
وعليه في هذا المقام ان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لان الشيطان له نزغ عجيب ودخول على الانسان وقت غضبه يدفعه الى الافعال الشنيعة والاقوال الفظيعة لان الغضب من نزغ الشيطان - 00:05:09
والله يقول واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله فمن حصل له الغضب ينبغي له ان يبادر الى الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من الشيطان لان الشيطان يتمكن من الانسان حال الغضب تمكنا عجيبا - 00:05:27
فيدفعه الى السب والاذى والظلم والبغي فاذا استعاذ المسلم بالله حفظ ووقي وكفي باذن الله سبحانه وتعالى عن سليمان بن سرد رضي الله عنه قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس. واحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه - 00:05:46
او فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لاعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقالوا للرجل الا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم - 00:06:12
قال اني لست بمجنون. رواه البخاري ومسلم فالمسلم ينبغي عليه عند الغضب ان يبادر للاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وعليه ايضا الا يتكلم بغير الاستعاذة يستعيذ ويكتفي بها حتى يهدأ - 00:06:29
ويسكن غضبه قال النووي رحمه الله فيه ان الغضب في غير الله تعالى من نزغ الشيطان وانه ينبغي لصاحب الغضب ان يستعيذ فيقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانه سبب لزوال الغضب - 00:06:47
واما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه هل ترى بي من جنون فهو كلام من لم يفقه في دين الله ولم يتهذب بانوار الشريعة المكرمة وتوهم ان الاستعاذة مختصة بالمجنون - 00:07:05
ولم يعلم ان الغضب من نزغات الشيطان ولهذا يخرج به الانسان عن اعتدال حاله ويتكلم بالباطل ويفعل المذموم وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال له اوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب - 00:07:22
فلم يزده في الوصية على لا تغضب مع تكراره الطلب وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب وما ينشأ منه والكلام وقت الغضب لا يكون منضبطا ولهذا ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان الى السكوت وقت الغضب - 00:07:48
وايضا ارشده ان كان قائما ان يجلس وان كان جالسا ان يضطجع لانه اذا تباعد بالجلوس او الاضطجاع فانه باذن الله سبحانه وتعالى يسلم من افات الغضب قد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الى هذين الامرين العظيمين وعلى المسلم ان يتحلى بهما حال غضبه - 00:08:10
اما الاول ففي المسند للامام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا غضب احدكم فليسكت اي ليمنع نفسه من الكلام حال الغضب - 00:08:36
لانه ان تكلم وهو غضبان سيتكلم بما لا يحمد عاقبته لانه وقت الغضب قد يقول كلاما سيئا من لعن وشتم وبذاء فعليه ان يمسك عن الكلام فلا يتكلم ولا بكلمة واحدة حال غضبه. لانه في تلك الحال لا يدرك ما يقول - 00:08:50
ولا يعي ما يتكلم به. فاذا امتنع عن الكلام حتى تهدأ جمرة الغضب وتطفأ شدته فحين اذ سيكون الكلام سديدا وتكون العاقبة حميدة واما الثاني ففي المسند عن انس بن مالك رضي الله عنه - 00:09:13
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا غضب احدكم وهو قائم فليجلس فان ذهب عنه الغضب والا فليضطجع وعندما يكون الانسان في شدة غضبه وهو قائم ومن اغضبه امامه قريبا منه ربما لا يملك نفسه من الاضرار به - 00:09:32
فاذا تباعد عنه بالجلوس سكن غضبه وان احتاج الى ان يضطجع فعل فانه اكثر سكونا واهدأ للنفس والحاصل ان الغضبان حال الغضب لا ينبغي له ان يتصرف بما يملي عليه غضبه لا قولا ولا فعلا. حتى تنطفئ جمرة الغضب - 00:09:55
وهذه حقيقة القوة ان يملك المرء نفسه عند غضبه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب متفق عليه - 00:10:17
قوله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالسرعة المعروف عند الناس ان السرعة هو الشديد القوي الذي يصرع الناس فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان ينبههم ان الشدة والقوة حقا ليست هي هذه - 00:10:37
وانما هي ان يملك الانسان نفسه عند الغضب وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من جرعة اعظم اجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله - 00:10:55
رواه ابن ماجة وهذا فيه حث النبي صلى الله عليه وسلم على كظم الغيظ وان افضل جرعة يتجرعها العبد واعظمها ثوابا وارفعها درجة ان يحبس المرء نفسه من التشفي والانتقام قاصدا سلامة دينه ونيل ثواب ربه جل في علاه - 00:11:14
وعن انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التأني من الله والعجلة من الشيطان رواه ابو يعلى في مسنده. التأني من الله اي مما يرضاه ويثيب عليه جل وعلا - 00:11:40
والعجلة من الشيطان اي هو الحامل عليها. بوسوسته لان العجلة تمنع من التثبت والنظر في العواقب واهل الاناة اهل نظر في العواقب والمآلات وذلك ان خاصة العقل النظر في العواقب - 00:11:55
واما اهل العجلة فانهم يندفعون اندفاعا بلا تعقل ولا تأمل في العواقب ولهذا فان مثل النفس في عجلتها وطيشها ككرة من فخار وضعت على منحدر املس فلا تزال متدحرجة ولا يدرى في مآل امرها ونهاية حالها - 00:12:14
باي شيء ترتطم فكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول اليها امر اهل العجلة والطيس ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات وفي تعويد النفس على الاناة سلامة من عواقب الغضب عند وجوده - 00:12:38
والغضب يجعل الانسان يذهل عن الاخلاق الفاضلة وعن المعاملات الكريمة. ولهذا يصدر من الانسان في غضبه ما يندم عليه اشد الندم بعد ذلك لانه مع الغضب لا يتصرف تصرفا طيبا جميلا - 00:13:03
بل غضبه يغطي عليه فلا يحسن التصرف ومن الدعوات النبوية المباركة قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه واسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وهذا عزيز الا يقول الانسان الا الحق سواء غضب او رظي - 00:13:23
ومما يعين على تحقق السلامة من الغضب وعواقبه الوخيمة ان يحرص المسلم دوما على الرفق في الامور كلها. فان الرفق خصلة عظيمة يحبها الله جل وعلا من عباده عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة ان - 00:13:43
طه رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه. متفق عليه وعن جرير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - 00:14:08
من يحرم الرفق يحرم الخير. رواه مسلم وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الرفق لا يكون في شيء الا زانه - 00:14:23
لا ينزع من شيء الا شانه. رواه مسلم واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب - 00:14:37
والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:14:53